Загрузил umar fozilov

المجتمع 1

Реклама
‫العدد (‪ - )2119‬السنة (‪ )49‬شعبان ‪1439‬هـ ‪ 1 /‬مايو ‪2018‬م‬
‫بعد ‪ 4‬شهور على عضويتها‪..‬‬
‫نجاحات كويتية بمجلس األمن‬
‫رمضان‪..‬‬
‫إعداد وتربية‬
‫الشباب‪..‬‬
‫ومواقع‬
‫التواصل‬
‫االجتماعي‬
‫‪@mugtama‬‬
‫‪facebook.com/mugtama‬‬
‫‪www.mugtama.com‬‬
‫‪@mugtama‬‬
‫الكويت ‪ 750‬فل�س ًا ـ ال�سعودية ‪ 10‬رياالت ـ البحرين دينار بحريني ـ قطر ‪ 10‬رياالت ـ �سلطنة عمان ريال عماني ـ الأردن ‪1.750‬دينار �أردني ـ لبنان ‪ 4500‬ليرة ـ المغرب ‪ 23‬درهم ًا‬
‫‪USA $ 5 - Canada $ 6 - Australia AUD 6 - URB 3.5 - India INR 110 - Pakistan PRS 200 - Turkey TRY 7 - U.k £ 3‬‬
‫العدد (‪( - )2119‬السنة ‪)49‬‬
‫إسالمية أسبوعية تصدر شهري ًا مؤقت ًا‬
‫تأسست عام ‪ 1390‬هـ ‪1970‬م‬
‫جمعية اإلصالح االجتماعي ـ الكويت‬
‫رأس مجلس إدارتها‬
‫حتى ‪1427/8/10‬هـ ‪2006/9/3 -‬م‬
‫عبد اهلل علي المطوع‬
‫في‬
‫هذا‬
‫العدد‬
‫موضوع الغالف‬
‫رمضان‪..‬‬
‫إعداد وتربية‬
‫يرحمه اهلل‬
‫رئيس التحرير‬
‫مـحـمـد سالم الـراشد‬
‫سكرتير التحرير‬
‫• نجاحات كويتية في مجلس األمن ‪6 ...............................‬‬
‫• جمعية اإلصالح‪ ..‬شهر من العمل الخيري واإلغاثي ‪8 .............‬‬
‫جمال الشرقاوي‬
‫• وسائل التواصل االجتماعي‪ ..‬سالح جديد بيد الشباب ‪36 ..........‬‬
‫اإلخراج الفني‬
‫• تأثير مواقع التواصل على الشباب في دول «الربيع العربي» ‪42 ...‬‬
‫مصطفى عزالدين‬
‫• تركيا نحو االنتخابات المبكرة ‪48 ....................................‬‬
‫اآلراء املنشورة بـ«املجتمع» تعبر عن رأي‬
‫أصحابها وليست بالضرورة تعبر عن رأي املجلة‬
‫• مفتي القدس‪ :‬المقدسيون على العهد في الدفاع عن مقدساتهم ‪50 ...‬‬
‫المراســالت‬
‫•د‪ .‬جميل‪:‬دورمصرفيالقرناألفريقييتقلص‪ ..‬ودورإثيوبيايتوسع‪52 .....‬‬
‫العنوان البريدي ‪ :‬الكويت ص‪.‬ب (‪ )4850‬الصفـاة ـ‬
‫الرمـز البريدي (‪)13049‬‬
‫اﻟﺘﺤــﺮﻳﺮ‬
‫‪22519539 - 22514180‬‬
‫‪( 22513616‬داخلــي ‪.)205‬‬
‫‪[email protected]‬‬
‫‪[email protected]‬‬
‫• سجناء الجغرافيا‪ ..‬عشر خرائط تفسر كل شيء يتعلق بالعالم ‪55 ......‬‬
‫• أوضاع مصر قبل وبعد الحداثة ‪58 ...................................‬‬
‫• «هنري كورييل»‪ ..‬من الخيانة إلى االغتيال ‪60 ....................‬‬
‫اﻻﺷﺘﺮاﻛﺎت‪:‬‬
‫تليفاكس‪)00965( 22560525 :‬‬
‫‪[email protected]‬‬
‫الكويت‪ 10 :‬دنانير كويتية‬
‫الدول العربية‪ 17 :‬ديناراً كويتياً‬
‫الدول األجنبية‪ 25 :‬ديناراً كويتياً‬
‫للمؤسسات والشركات‪ 30 :‬ديناراً كويتياً‬
‫اﻟﻤﻮﻗﻊ ا‪4‬ﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ‬
‫تشمل عمولة التحويل‬
‫اﻻﺷﺘﺮاﻛﺎت واﻟﺘﻮزﻳﻊ‬
‫‪www.mugtama.com‬‬
‫ﻣﻮﻗﻊ ﺟﻤﻌﻴﺔ ا‪4‬ﺻﻼح‬
‫‪www.eslah.com‬‬
‫طبعت مبطابع «الهدف» التجارية‬
‫اإلعـــالنات ‪:‬‬
‫امتياز اإلعـــالن ‪ :‬مجلة المجتمع‬
‫ت‪ 22560526 - 22560525 :‬الكويت‪.‬‬
‫وﻛﻼء اﻟﺘﻮزﻳﻊ‪:‬‬
‫الكويت‪ :‬شركة باب الكويت للصحافة‪:‬‬
‫ت ‪ 22272733 :‬ف‪22272736 :‬‬
‫‪[email protected]‬‬
‫الســـعودية‪:‬الشركة الســعودية للتوزيع‪:‬‬
‫‪www.saudidistribution.com‬‬
‫اإلدارة العامة‪ :‬الرياض‪0096612128000‬‬
‫فرع الرياض‪0096612705837 :‬‬
‫فرع جدة‪0096626530909 :‬‬
‫فرع الدمام‪0096638473569 :‬‬
‫ادﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻊ‬
‫»اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ«‬
‫آية العدد‬
‫ﭽﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ‬
‫ﮫﮬﮭﮮ ﮯﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﯠﯡﯢﯣﯤ ﯥ‬
‫ﯦﯧﯨﯩﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ﯺﯻﯼﭼ‬
‫(سورة البقرة)‬
‫ملفات خاصة عن‬
‫استشارات أسرية‬
‫مقاالت‬
‫رمضان‪ ..‬وصناعة الوعي‬
‫د‪ .‬العامر البوسالمة ‪12‬‬
‫القرآن والطفولة اإلسالمية‬
‫د‪ .‬حسان عبداهلل ‪26‬‬
‫التفكير اإليجابي‬
‫د‪ .‬يوسف السند ‪66‬‬
‫قطــر ‪:‬‬
‫مكتبة الثقافة ت‪ / 4622182 :‬ف‪4621800 :‬‬
‫البحـــرين ‪:‬‬
‫مؤسســة األيام للصحافة والنشر والتوزيع‬
‫ت ‪ / 725111:‬ف ‪723763 :‬‬
‫المغـــــرب ‪:‬‬
‫الشركة العربية اإلفريقية للنشر والتوزيع‪ :‬الـــدار البيضـــاء‬
‫ص‪.‬ب ‪ 13008‬ـ الدار البيضاء الرئيسة‬
‫ت‪ 0021222249200 :‬فاكس‪0021222249214 :‬‬
‫‪U.K : UNIVERSAL PRESS DISTRIBUTION‬‬
‫‪LTD. - 11 Power Road, London W4 5PY‬‬
‫‪Tel: 0181- 742 3344 Fax: 0181- 742 1280‬‬
‫‪TURKIYE- DUNY SUPER DAGITIM‬‬
‫‪.Tel: (90 -1) 5120190 - Fax. (90- 1) 5140883‬‬
‫رأي‬
‫رﻣﻀﺎن‪ ..‬وﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﺼﻔﻮف‬
‫بعد أيــام يهل علينا شهر رمضان املــبــارك‪ ..‬شهر الصيام والــقــرآن‪ ..‬شهر اجلهاد‬
‫واالنتصارات والفتوحات‪ ..‬شهر اإلرادة والصبر‪ ..‬شهر العزة والفخر‪.‬‬
‫إن رمضان ُيقبل هذا العام‪ ،‬والعديد من شعوب األمة اإلسالمية ال يزال يقاسي‬
‫األهوال واحملن حتت االحتالل األجنبي الغاشم في فلسطني‪ ،‬وأفغانستان‪ ،‬والشيشان‪،‬‬
‫وسورية‪ ،‬كما يتعرض مسلمو بورما حلمالت القتل واإلبــادة‪ ،‬وما زال أهلنا في غزة‬
‫يعيشون حتت احلصار الظالم‪ ،‬ويعيش أهلنا في ليبيا واليمن حتت التشتت واالستنزاف‬
‫الدموي واملادي‪.‬‬
‫وإن املسلم مطالب في شهر اخلير أن ُيكثر من اخليرات‪ ،‬مبد يد العون واملساعدة‬
‫والنصرة إلخوة الدين والعقيدة‪ ،‬وأن يتذكرهم بالدعاء إلى اهلل في صالته وقيامه‬
‫ومين عليهم بالنصر واحلرية‪.‬‬
‫وعند إفطاره‪ ،‬أن يرفع عنهم البالء واالحتالل‪،‬‬
‫َّ‬
‫وإن املسلم احلق مطالب في كل أمره وعلى مدار العام بعدم التخلف عن نصرة إخوانه‬
‫الرازحني حتت نير االحتالل‪.‬‬
‫كما يأتي رمضان هذا العام‪ ،‬وهناك مظلومون شرفاء من أبناء األمة يعيشون في‬
‫األسر ظلم ًا وعدوان ًا‪ ،‬وإن رمضان بأيامه ولياليه سيكون شاهد ًا لهؤالء املظلومني‪ ،‬أمام‬
‫ْ‬
‫(و َما نَقَ ُموا ِمنْ ُه ْم ِإ َّال‬
‫اهلل سبحانه يوم القيامة‪ ،‬وشاهد ًا على أهل اجلور والظلم والعدوان؛ َ‬
‫يز ْ َ‬
‫يد {‪( )}8‬البروج)‪.‬‬
‫احل ِم ِ‬
‫َأن ُيؤْ ِمنُ وا ِب َّ ِ‬
‫اهلل ال َْع ِز ِ‬
‫وفي ظل ما تعيشه األمة اإلسالمية من نكبات وويــالت‪ ،‬وفرقة وشتات‪ ،‬وتسلط‬
‫لألعداء في بقاع كثيرة منها‪ ،‬ال شيء يوحّدها مثل شهر رمضان الكرمي‪ ،‬فاملسلمون في‬
‫مشارق األرض ومغاربها يتفقون على تعظيم هذا الشهر الفضيل‪ ،‬يجتمعون فيه على‬
‫العبادة والطاعة كما أمرهم املولى عز وجل وإن اختلفت مظاهر االحتفاء‪.‬‬
‫فرمضان يدعو إلى وحدة الصف‪ ،‬وتتجلى فيه تربية الصائمني على اخلشونة‬
‫والصبر وقوة اإلرادة واحتمال املتاعب‪ ،‬فال مجال للترف واإلسراف‪ ،‬بل سبيل الصائم‬
‫التقشف وضبط النفس‪ ،‬فتكتمل الوحدة على أساس متني من الدين‪.‬‬
‫ويوحد الصفوف‪،‬‬
‫القلوب‪،‬‬
‫إن رمضان بنسماته اإلميانية‪ ،‬وفيوضاته الربانية؛ يؤلف‬
‫ّ‬
‫وهو بذلك يعد مناسبة سنوية لوحدة األمــة‪ ،‬وحدة إميانية ربانية؛ صيام ًا وقيام ًا‬
‫ً‬
‫وتواصال وتراحم ًا‪ ،‬وتلك من نعم اهلل الكبرى على األمة اإلسالمية‪ ،‬ودعوة لها حكام ًا‬
‫ومحكومني أن يكونوا دائم ًا صف ًا واحد ًا وعلى قلب رجل واحد‪ ،‬فذلك هو الطريق نحو‬
‫القوة والعزة والنصر على كل مؤامرات ومكائد أعداء اهلل‪.‬‬
‫ال َتفَ ر ُقو ْا واذْ ُكرو ْا ِنعم َت ِهّ‬
‫ِهّ‬
‫اهلل َع َل ْيكُ ْم ِإذْ ُكنتُ ْم َأ ْع َداء‬
‫َ‬
‫ْ َ‬
‫(و ْ‬
‫َ ُ‬
‫اعتَ ِص ُمو ْا ِب َح ْب ِل اهلل َج ِميع ًا َو َ َّ‬
‫َ‬
‫َف َأل َ‬
‫وبكُ ْم َفأ ْص َب ْحتُ م ِب ِن ْع َم ِت ِه ِإ ْخ َوان ًا) (آل عمران‪>.)103 :‬‬
‫َّف َب ْ َ‬
‫ني ُق ُل ِ‬
‫ﺣﺮﻛﺔ »اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ« ﻓﻲ ﻓﻀﺎء ا‪4‬ﻋﻼم‬
‫ً‬
‫ً‬
‫شامال‬
‫متكامال‬
‫أمر اهلل سبحانه وتعالى املسلم أن يعيش حياته نسيج ًا واحد ًا‬
‫هلل عز وجــل‪ ،‬وأمــره أن يكون شعاره في احلياة ﭽﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﭼ (األنعام)‪.‬‬
‫وأراد اإلسالم من أتباعه أن يعيشوا حياتهم االجتماعية والسياسية والعلمية‬
‫والنفسية والتربوية واإلعالمية‪ ،‬وما شئت من أسماء ومسميات مرتبطة ارتباط ًا‬
‫وثيق ًا بعرى هذا الدين سواء بسواء‪ ،‬ومن هذا املنطلق القيمي تنطلق «املجتمع» في‬
‫فضاء اإلعالم‪ ،‬متخذة شمولية الرسالة اإلعالمية شعار ًا لها؛ فتجمع بني الشأن‬
‫الديني والتناول السياسي والتحليل االقتصادي والتوجيه األسري والتربوي‪>.‬‬
‫‪6‬‬
‫الكويت‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫خالل أول ‪ 4‬شهور من عضويتها بالمجلس‪..‬‬
‫نجاحات كويتية في مجلس األمن‬
‫في ‪ 14‬مايو ‪1963‬م أصدرت الجمعية‬
‫العامة ل��أم��م المتحدة ال��ق��رار رقم‬
‫(‪ )1872‬بقبول الكويت في عضوية‬
‫المنظمة‪ ،‬لتصبح بذلك العضو رقم‬
‫(‪ )111‬في األمم المتحدة‪ .‬وحينها قال‬
‫صاحب السمو الشيخ صباح األحمد‬
‫الجابر الصباح‪ ،‬أمير البالد‪ ،‬حفظه اهلل‬
‫ورع���اه‪ ،‬وك��ان وزي���راً للخارجية‪ ،‬في‬
‫كتب‪ :‬سعد النشوان‬
‫وبعد ‪ 15‬عاماً من قبول دولة‬
‫الكويت عضواً في األمم المتحدة‪،‬‬
‫اختيرت لتكون عضواً غير دائم‬
‫في مجلس األمن الدولي‪.‬‬
‫وبعد ‪ 40‬عاماً من التجربة‬
‫األولى للكويت في مجلس األمن‪،‬‬
‫استطاعت ‪-‬بفضل م��ن اهلل ثم‬
‫ال��س��ي��اس��ة الحكيمة ال��ت��ي نسج‬
‫خيوطها ص��اح��ب ال��س��م��و أمير‬
‫ال���ب���الد‪ -‬ك��س��ب اح���ت���رام العالم‬
‫أج��م��ع؛ ف��ح��ص��دت ف��ي تصويت‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫‪ 188‬صوتاً من أصل ‪ 192‬صوتاً‬
‫ل��ت��ف��وز ب��م��ق��ع��د غ��ي��ر دائ�����م في‬
‫مجلس األمن لمدة عامين (‪2018‬‬
‫و‪2019‬م)‪.‬‬
‫خطاب ل��ه ف��ي األم��م المتحدة‪ :‬إن‬
‫انتماء الكويت إلى النشاط الدولي‬
‫ي���دل ب��وض��وح ع��ل��ى أن االس��ت��ق��الل‬
‫والعضوية في األمم المتحدة ليسا‬
‫نهاية بحد ذاتها؛ بل هما وسيلتان‬
‫للمشاركة في المسؤولية لتحقيق‬
‫حياة أفضل لشعبها وشعوب دول‬
‫العالم‪.‬‬
‫وف��ي يناير ال��م��اض��ي‪ ،‬تسلم‬
‫ال��ش��ي��خ ص��ب��اح ال��خ��ال��د الحمد‬
‫الصباح‪ ،‬نائب رئيس الوزراء وزير‬
‫ال��خ��ارج��ي��ة‪ ،‬ك��رس��ي ال��ك��وي��ت في‬
‫مجلس األم��ن كعضو غير دائم‬
‫في المجلس لمدة عامين‪.‬‬
‫وب��ه��ذه المناسبة‪ ،‬ق��ال سمو‬
‫األم��ي��ر ال��ش��ي��خ ص��ب��اح األح��م��د‪:‬‬
‫إن ه����ذا ال���ف���وز ي��م��ث��ل ن��ج��اح �اً‬
‫للدبلوماسية الكويتية‪ ،‬وتعزيزاً‬
‫للمكانة المرموقة التي تحظى بها‬
‫الكويت على الصعيد الدولي‪.‬‬
‫أنشطة سياسية وحقوقية‬
‫وش��ه��د ش��ه��ر ي��ن��اي��ر نشاطاً‬
‫دبلوماسياً كويتياً مكثفاً‪ ،‬وخاصة‬
‫ف��ي دع��م القضية الفلسطينية؛‬
‫ف��ق��د ت��ق��دم��ت ال��ك��وي��ت بطلب‬
‫مناقشة وضع الشعب الفلسطيني‬
‫بعد مرور ‪ 50‬عاماً على االحتالل‬
‫«اإلسرائيلي» لألرض الفلسطينية‬
‫المحتلة‪.‬‬
‫وق������ال ال��س��ف��ي��ر م��ن��ص��ور‬
‫العتيبي‪ ،‬م��ن��دوب الكويت في‬
‫األم���م ال��م��ت��ح��دة‪ :‬نحن كدولة‬
‫عربية من واجبنا ومسؤوليتنا‬
‫اإلنسانية واألخالقية أن نسلط‬
‫الضوء على القضية الفلسطينية‬
‫في المجلس‪ ،‬والتأكيد على أنها‬
‫م���ازال���ت ع��ل��ى ج����دول أع��م��ال‬
‫مجلس األمن‪ ،‬ال سيما أن أهم‬
‫قضية عربية بمجلس األمن هي‬
‫الصراع العربي – «اإلسرائيلي»‪،‬‬
‫وال��ق��ض��ي��ة الفلسطينية هي‬
‫جوهر هذا الصراع‪.‬‬
‫وبخصوص األزم��ة السورية‪،‬‬
‫نجحت السياسة الكويتية في‬
‫استصدار قرار من مجلس األمن‬
‫ال��دول��ي بوقف إط��الق ال��ن��ار في‬
‫الغوطة الشرقية وسورية عموماً‪،‬‬
‫وك��ان رق��م ال��ق��رار (‪ )2401‬بعد‬
‫معركة دبلوماسية شرسة مع عدد‬
‫من أعضاء المجلس‪.‬‬
‫وقد تسلمت الكويت الرئاسة‬
‫ال���دوري���ة لمجلس األم���ن لشهر‬
‫فبراير ‪2018‬م خلفاً لكازاخستان‪،‬‬
‫وه��ي ال��م��رة الثانية التي تتولى‬
‫فيها الكويت رئاسة المجلس منذ‬
‫فبراير ‪1979‬م‪.‬‬
‫واس��ت��ث��م��رت ال��ك��وي��ت ه��ذه‬
‫ال���ف���رص���ة وت���ق���دم���ت ب��ط��ل��ب��ات‬
‫بخصوص القضية الفلسطينية‪،‬‬
‫ومنها طلب باستثناء المواضيع‬
‫التي تخص المطالبة بخصوص‬
‫حقوق اإلن��س��ان ومنها حقه في‬
‫العيش والكرامة من حق النقض‬
‫(الفيتو)‪.‬‬
‫كما تقدمت الكويت بمناقشة‬
‫أوض����اع األق��ل��ي��ة ال��م��س��ل��م��ة في‬
‫ميانمار‪ ،‬وواف���ق المجلس على‬
‫تشكيل وفد أممي لزيارة األراضي‬
‫البورمية وبنجالديش للوقوف‬
‫على الحقيقة في هذا الشأن‪.‬‬
‫إن النجاحات التي حققتها‬
‫السياسة الكويتية قائمة على‬
‫اح���ت���رام اإلن����س����ان‪ ،‬واح���ت���رام‬
‫المواثيق الدولية‪ ،‬وعدم التدخل‬
‫في األم��ور الخاصة بالشعوب‪،‬‬
‫وهذا النهج قامت عليه الكويت‬
‫منذ تأسيسها قبل ‪ 350‬عاماً‪،‬‬
‫وهو ما سار عليه حكام الكويت‬
‫المتعاقبون‪ ،‬وص��والً إل��ى حكيم‬
‫الدبلوماسية ف��ي العالم قائد‬
‫اإلنسانية صاحب السمو أمير‬
‫البالد حفظه اهلل ورعاه‪>.‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫«جوانا» خادمة فلبينية أثارت أزمة سياسية‪..‬‬
‫الكويت تطرد سفير الفلبين‬
‫بعد انتهاك سيادتها‬
‫«جوانا» خادمة فلبينية‪ ،‬أثار مقتلها‬
‫أزمة بين الكويت والفلبين بعد أن عثر‬
‫على جثتها وعليها آث��ار تعذيب مخبأة‬
‫في ثالجة مهجورة في الشعب بمنطقة‬
‫حولي‪ ،‬وكان قد مضى على اختفائها أكثر‬
‫من عام‪ ،‬واعتبرت الفلبين أن ما حدث لها‬
‫دليل على إهانة مواطنيها في الكويت‪،‬‬
‫وقررت ترحيل أي مواطن فلبيني يريد‬
‫مغادرة الكويت‪.‬‬
‫أم��ا ال��ك��وي��ت‪ ،‬فقد نفت أي إس��اءة‬
‫ممنهجة‪ ،‬خاصة أن التحقيقات التي‬
‫أجرتها الداخلية الكويتية سرعان ما‬
‫توصلت إلى الجناة بل ومعرفة أماكنهم‬
‫ومطالبة «اإلنتربول» بتسليمهم فوراً‪،‬‬
‫ف���«ج��وان��ا» ك��ان��ت تعمل ل���دى زوج��ي��ن‬
‫(لبناني وسورية)‪ ،‬وبحسب التحقيقات‬
‫فإن الزوجين قد خرجا من الكويت في‬
‫نوفمبر الماضي بعد أن ُوج��ه��ت لهما‬
‫العديد من القضايا‪.‬‬
‫وعلى إثر هذه األزمة‪ ،‬خرج العديد‬
‫م��ن ال��ت��ص��ري��ح��ات المسيئة م��ن دول��ة‬
‫الفلبين استدعت على إثرها الخارجية‬
‫الكويتية سفير ج��م��ه��وري��ة الفلبين‬
‫لدى البالد‪ ،‬حيث تم تسليمه مذكرتي‬
‫احتجاج تتعلقان بالتصريحات التي‬
‫صدرت من بعض المسؤولين الفلبينيين‬
‫التي تنطوي على إس��اءة بالغة لدولة‬
‫الكويت‪.‬‬
‫ولكن لم ينته األمر عند ذلك‪ ،‬فعلى‬
‫إث��ر قيام أعضاء من السفارة وآخرين‬
‫بتهريب عامالت منزليات من الجنسية‬
‫تحد سافر لقوانين الكويت‬
‫الفلبينية في ّ‬
‫ول��أع��راف والمواثيق الدولية‪ ،‬إضافة‬
‫إلى ما شكّ له ذلك من تدخل في الشؤون‬
‫الداخلية للدولة‪ ،‬وممارسة أعمال هي من‬
‫صميم عمل األجهزة األمنية في البالد‪،‬‬
‫بحسب بيان وزارة الداخلية الكويتية‪،‬‬
‫طلبت الكويت م��ن السفير الفلبيني‬
‫مغادرة أراضيها في مدة أقصاها أسبوع‬
‫وتستدعي سفيرها في الفلبين للتشاور‪.‬‬
‫واع��ت��ب��رت س��ف��ي��ر ال��ف��ل��ب��ي��ن ل��دى‬
‫الكويت شخص ًا غير مقبول به‪ ،‬استناد ًا‬
‫إل���ى ال���م���ادة (‪ )9‬م��ن ات��ف��اق��ي��ة فيينا‬
‫للعالقات الدبلوماسية للعام ‪1961‬م‪،‬‬
‫ومغادرة البالد في خالل فترة أقصاها‬
‫أس��ب��وع م��ن ت��اري��خ��ه‪ ،‬وج���ددت ال���وزارة‬
‫رفضها واستنكارها التامين لما أقدمت‬
‫عليه سفارة الفلبين ل��دى الكويت من‬
‫انتهاك صارخ ومخالفة جسيمة لضوابط‬
‫وقواعد العمل الدبلوماسي‪.‬‬
‫ه��ذا‪ ،‬وقد قدمت الفلبين اعتذار ًا‬
‫رسمي ًا بعد ت��داول مقاطع فيديو تظهر‬
‫موظفين في سفارة مانيال يساعدون في‬
‫تهريب عمال فلبينيين من أماكن عملهم‬
‫بالكويت‪ ،‬وقال وزير الخارجية الفلبيني‬
‫«أالن بيتر كيانتانو» بمؤتمر صحفي في‬
‫مانيال‪« :‬أعتذر لنظيري الكويتي‪ ،‬ونعتذر‬
‫لحكومة الكويت والشعب الكويتي وقادة‬
‫الكويت إذ أثارت بعض تصرفات موظفين‬
‫في سفارتنا بالكويت استياءهم»‪.‬‬
‫وأعلن الرئيس الفلبيني «رودريغو‬
‫دوتيرتي» حظر إرسال العمالة الفلبينية‬
‫إل��ى الكويت‪ ،‬وق��ال‪ :‬إن الحظر المؤقت‬
‫على سفر العمالة في ب��الده للعمل في‬
‫الكويت بات دائم ًا‪ ،‬وأض��اف «دوتيرتي»‪:‬‬
‫نريد مغادرة جميع العمال الفلبينيين‬
‫من الكويت والعودة إلى الوطن‪ ،‬لم نعد‬
‫قادرين على تحمل االنتهاكات ضدهم‪،‬‬
‫وق���ال الرئيس الفلبيني‪ :‬إن��ه بإمكان‬
‫العمال العائدين من الكويت الحصول‬
‫على وظائف كمدرسين في الصين‪.‬‬
‫م��ن جانبهم‪ ،‬أك��د ن��واب ومحامون‬
‫كويتيون أن سيادة الكويت خط أحمر‪،‬‬
‫وأن ال��ش��ع��ب الفلبيني ه��و المتضرر‬
‫األكبر من ق��رار رئيسهم‪ ،‬وق��ال النائب‬
‫علي الدقباسي‪ :‬إن األزم��ة من األساس‬
‫مفتعلة‪ ،‬وتصريحاتهم االستفزازية لم‬
‫تتوقف‪ ،‬وإج��راء الكويت جاء في إطار‬
‫حقها المشروع ووفق ًا لأطر الدبلوماسية‬
‫المتبعة وبناء على إق��راره��م بالخطأ‬
‫المرتكب بحقنا‪ ،‬ودع��وة رئيسهم فيها‬
‫ت��ك��س��ب ع��ل��ى ح��س��اب م��ص��ال��ح الشعب‬
‫الفلبيني‪ ،‬وغير مسؤولة!‬
‫واعتبر النائب د‪ .‬وليد الطبطبائي‬
‫أن المتضرر الوحيد من ق��رار الرئيس‬
‫الفلبيني ه��و شعبه‪ ،‬وق���ال‪ :‬العمالة‬
‫الفلبينية تحول من الكويت نحو مليار‬
‫دوالر في السنة إل��ى الفلبين‪ ،‬ولذلك‬
‫ال��م��ت��ض��رر األك��ب��ر م��ن ق����رار ال��رئ��ي��س‬
‫الفلبيني هو شعبه وب��الده التي تعتمد‬
‫ف��ي دخ��ل��ه��ا األس��اس��ي ع��ل��ى تحويالت‬
‫العمالة الفلبينية في الخارج‪.‬‬
‫وق����ال ال��م��ح��ام��ي م��ه��ن��د ال��س��اي��ر‪:‬‬
‫تحد كبير‪ ،‬وخاصة وزارة‬
‫الحكومة أمام‬
‫ّ‬
‫الخارجية‪ ،‬بعد طلب مغادرة الجالية‬
‫الفلبينية من رئيسهم وخاصة في وقت‬
‫حرج على مشارف شهر رمضان‪ ،‬وإم��ا أن‬
‫�اس وسرعة استبدال‬
‫يكون هناك رد ق� ٍ‬
‫جالية أخرى بهم‪ ،‬وإال سنبقى «ممشاشة‬
‫زف��ر» ل��ه��ؤالء‪ ،‬وأض���اف‪ :‬باعتقادي هذا‬
‫وق��ت مناسب لمعرفة قيمة تبرعاتنا‬
‫الخارجية‪>.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪8‬‬
‫الكويت‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫جمعية اإلصالح االجتماعي‪..‬‬
‫شهر من العمل الخيري واإلغاثي‬
‫حفلت أنشطة جمعية‬
‫اإلص�����الح االج��ت��م��اع��ي‪،‬‬
‫الشهر الماضي‪ ،‬بالعديد‬
‫من المشروعات الخيرية‬
‫واإلنسانية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إل������ى ال���م���ش���روع���ات‬
‫التوعوية؛ سواء في ذلك‬
‫األنشطة الداخلية من‬
‫خاللها «ن��م��اء للزكاة‬
‫المجتمعية»‬
‫والتنمية‬
‫كتب‪ :‬سامح أبو الحسن‬
‫«اإلصالح»‪ ..‬وصناعة الوعي‪:‬‬
‫أط��ل��ق��ت ج��م��ع��ي��ة اإلص���الح‬
‫االج��ت��م��اع��ي م��ه��رج��ان «ث��ق��اف��ة‬
‫أس����رة ‪– »43‬معرض ال��ك��ت��اب‬
‫اإلسالمي تحت شعار «صناعة‬
‫الوعي»‪ -‬الذي امتدت فعالياته‬
‫م���ن ‪ 28 - 21‬أب����ري����ل‪ ،‬وق��د‬
‫حضر افتتاح المهرجان الوكيل‬
‫المساعد للتخطيط والتطوير‬
‫ف��ي وزارة األوق����اف وال��ش��ؤون‬
‫اإلسالمية وليد العمار‪ ،‬نيابة عن‬
‫راعي المهرجان وزير العدل وزير‬
‫األوقاف والشؤون اإلسالمية د‪.‬‬
‫فهد العفاسي‪ ،‬بحضور رئيس‬
‫مجلس إدارة جمعية اإلص��الح‬
‫البرلماني السابق حمود حمد‬
‫ال�����روم�����ي‪ ،‬وأع����ض����اء م��ج��ل��س‬
‫الجمعية‪ ،‬باإلضافة إلى عدد من‬
‫الشخصيات الكويتية والعربية‪.‬‬
‫وأكد العمار في كلمة له أن‬
‫ال��م��ه��رج��ان يضيف إل��ى العمل‬
‫الخيري أبعاداً اجتماعية وفكرية‬
‫وثقافية‪ ،‬ويمنحه صفة الشمول‬
‫واالستيعاب لمختلف األنشطة‪،‬‬
‫وهو ما يقطع بأن فعل الخيرات‬
‫م��ث��ل ب��ع��ض األنشطة‬
‫التثقيفية والتوعوية‪ ،‬أم‬
‫المشروعات الخارجية‬
‫ال��ت��ن��م��وي��ة واإلغ��اث��ي��ة‬
‫ل���ذراع���ه���ا ال��خ��ارج��ي��ة‬
‫«الرحمة العالمية»‪.‬‬
‫وف���ي ه���ذه ال��س��ط��ور‬
‫نسلط الضوء على أبرز‬
‫إن��ج��ازات الجمعية خالل‬
‫شهر أبريل الماضي‪.‬‬
‫ال يقتصر ع��ل��ى ال��م��س��اع��دات‬
‫المادية لمن يحتاج إليها‪ ،‬بل هو‬
‫أعمق من ذل��ك؛ ألن��ه يستهدف‬
‫اإلن��س��ان وب��ن��اء عقله وثقافته‬
‫ليكون في النهاية إنساناً مبدعاً‬
‫ومبتكراً يفيد مجتمعه ووطنه‬
‫ومحيطه اإلنساني والبيئي‪.‬‬
‫وأض��اف أن المساهمة في‬
‫ال��ح��ف��اظ على ه��وي��ة المجتمع‬
‫وتقدمه تعتبر من أهم أهداف‬
‫وزارة األوق��������اف وال����ش����ؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬مشدداً على ضرورة‬
‫ال��ت��ف��اع��ل اإلي��ج��اب��ي ب��ي��ن أب��ن��اء‬
‫المجتمع وح��ض��ارة العصر من‬
‫خالل المشاركة في حركة تنمية‬
‫المجتمع ومعالجة مشكالته مع‬
‫الحفاظ على سالمته وأمنه‪.‬‬
‫الرومي‪ :‬تظاهرة ثقافية‬
‫مجتمعية‪:‬‬
‫ب������دوره‪ ،‬ق����ال ال��ع��م ح��م��ود‬
‫ال��روم��ي‪ ،‬رئ��ي��س مجلس إدارة‬
‫جمعية اإلصالح االجتماعي‪ :‬إن‬
‫المهرجان يعد تظاهرة ثقافية‬
‫مجتمعية مميزة دأب���ت عليها‬
‫جمعية اإلصالح منذ ‪ 43‬عاماً‪،‬‬
‫مضيفاً‪ :‬سعينا بكل م��ا نملك‬
‫‪ t‬العم حمود الللرومللي رئيس جمعية اإلصللاح االجتماعي وعلى يساره العم خالد‬
‫العيسى الوزير السابق وعلى يمينه الوكيل المساعد لوزارة الشؤون‬
‫من جهود وإحساس بالمسؤولية‬
‫إل���ى أن ن��ط��وره ون��ض��ي��ف إليه‬
‫حتى وصلنا بمعرض الكتاب‬
‫اإلسالمي التقليدي إلى مهرجان‬
‫ثقافي اجتماعي فكري شامل‪.‬‬
‫وذك������ر أن ه�����ذا ال���ح���دث‬
‫الثقافي السنوي الكبير‪ ،‬الذي‬
‫تنظمه الجمعية‪ ،‬يعتبر من أهم‬
‫الفعاليات على المستوى الثقافي‬
‫والفكري‪ ،‬لما له من نتائج طيبة‬
‫ع��ل��ى ك���ل أط���ي���اف ال��م��ج��ت��م��ع‪،‬‬
‫باإلضافة إلى حجم المشاركات‬
‫الكبير م��ن ق��ب��ل ج��ه��ات داخ��ل‬
‫الكويت وخارجها‪.‬‬
‫حجابي عبادة وسعادة‪:‬‬
‫وت����أك����ي����داً ع���ل���ى ف��ض��ي��ل��ة‬
‫ال���ح���ج���اب‪ ،‬أط���ل���ق���ت ج��م��ع��ي��ة‬
‫اإلصالح حملة إعالمية توعوية‬
‫في شوارع الكويت تحت عنوان‬
‫«حجابي عبادة وسعادة»‪ ،‬وأكدت‬
‫ف���ي ال��ح��م��ل��ة أن���ه ف���ي مستهل‬
‫ش��ه��ر ش��ع��ب��ان وب����وادر رم��ض��ان‬
‫المبارك‪ ،‬نبدأ حملة «حجابي‬
‫عبادة وسعادة» للتوعية بفضيلة‬
‫الحجاب ونشر قيم العفة‪.‬‬
‫وق���د الق���ت ال��ح��م��ل��ة ق��ب��والً‬
‫اﻟﻌﻤﺎر‪» :‬ﺛﻘﺎﻓﺔ أﺳﺮة‬
‫‪ «43‬ﻳﻀﻴﻒ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ‬
‫ً‬
‫أﺑﻌﺎدا اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬
‫اﻟﺨﻴﺮي‬
‫وﻓﻜﺮﻳﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ‬
‫وﻳﻤﻨﺤﻪ ﺻﻔﺔ اﻟﺸﻤﻮل‬
‫اﻟﺮوﻣﻲ‪ :‬وﺻﻠﻨﺎ ﺑﻤﻌﺮض‬
‫اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي إﻟﻰ ﻣﻬﺮﺟﺎن‬
‫ﺛﻘﺎﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻜﺮي‬
‫ﺷﺎﻣﻞ‬
‫اج��ت��م��اع��ي �اً وث���ن���اء م���ن بعض‬
‫الشخصيات المؤثرة ف��ي عدة‬
‫دوائر مختلفة؛ فقد أثنى النائب‬
‫د‪ .‬وليد الطبطبائي على الحملة‬
‫ق��ائ � ً‬
‫ال‪ :‬مجهود ي��ذك��ر فيُشكر‪،‬‬
‫جمعية اإلص����الح االجتماعي‬
‫تقوم بحملة إعالمية في شوارع‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫الكويت تحت ع��ن��وان «حجابي‬
‫عبادة وسعادة»‪.‬‬
‫وق��ال حمد األذي��ن��ة‪ ،‬رئيس‬
‫قسم اإلعالم في دائرة العالقات‬
‫واإلع�����الم ب��ال��خ��ط��وط ال��ج��وي��ة‬
‫الكويتية‪ :‬إع��الن��ات ذات قيمة‬
‫ورسائل تحكي العادات والتقاليد‬
‫والتمسك بالدين فكل الشكر‬
‫للقائمين على هذه الحمالت‪.‬‬
‫وأش��اد نائب رئيس مجلس‬
‫األمة عيسى الكندري بالحملة‪،‬‬
‫ق��ائ � ً‬
‫ال‪ :‬الحملة المباركة التي‬
‫ت���ق���وم ب��ه��ا ج��م��ع��ي��ة اإلص����الح‬
‫االج��ت��م��اع��ي للتوعية بفضيلة‬
‫ال��ح��ج��اب وش��رع��ي��ت��ه‪ ،‬وش��ع��ار‬
‫الحجاب عبادة وسعادة؛ جاءت‬
‫في توقيت مبارك بشهري الخير‬
‫وال��ط��اع��ة‪ ،‬وب��دورن��ا نشد على‬
‫أي��دي القائمين على الجمعية‬
‫لالستمرار ف��ي نشر مثل هذا‬
‫ال��وع��ي الشرعي‪ ،‬فجزاكم اهلل‬
‫كل خير‪.‬‬
‫تكريم الفائزين بمسابقة‬
‫القرآن‪:‬‬
‫وع��ل��ى صعيد آخ���ر‪ ،‬كرمت‬
‫جمعية اإلصالح الطلبة الفائزين‬
‫ف��ي مسابقة ال��ك��وي��ت الكبرى‬
‫لحفظ القرآن الكريم وتجويده‬
‫الحادية والعشرين عام ‪2017‬م‪،‬‬
‫ف��ي حفل ب��دأ ب��ت��الوة ع��دد من‬
‫الطلبة الفائزين القرآن الكريم‪.‬‬
‫وأع��رب راع��ي الحفل حسن‬
‫الهنيدي عن شكره لسمو أمير‬
‫ال���ب���الد‪ ،‬ح��ف��ظ��ه اهلل ورع�����اه‪،‬‬
‫على رعايته لمسابقات القرآن‬
‫الكريم؛ وه��ذا م��ن مآثر سموه‬
‫حفظه اهلل تعالى‪ ،‬وأتم له األجر‬
‫العظيم‪.‬‬
‫وخاطب الهنيدي أولياء أمور‬
‫الطلبة الفائزين مبشراً إياهم‬
‫ب�«تاج الوقار» الذي بشر به النبي‬
‫صلى اهلل عليه وس��ل��م‪ ،‬وشكر‬
‫المحفظين على م��ا ق��ام��وا به‬
‫من عمل عظيم له األجر الكبير‬
‫من اهلل تبارك وتعالى‪ ،‬وأوصى‬
‫ال��ط��ل��ب��ة ال��ف��ائ��زي��ن ب��ال��م��داوم��ة‬
‫على الحفظ والمراجعة والعمل‬
‫بالقرآن الكريم‪.‬‬
‫صقل ليخرج جوهره‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫إدخ���ال ال��س��رور والبهجة على‬
‫قلوب أيتامها‪.‬‬
‫تكريم األيتام المتفوقين‪:‬‬
‫كما نظمت نماء حفل تكريم‬
‫عطاء ممتد‪:‬‬
‫لأليتام المتفوقين تحت رعاية‬
‫ف��ي��م��ا أق�����ام م���رك���ز ع��ط��اء وزيرة الشؤون االجتماعية وزيرة‬
‫ل��ل��ش��راك��ة المجتمعية ملتقى الدولة للشؤون االقتصادية هند‬
‫العطاء الثالث ال��ذي جاء تحت الصبيح‪ ،‬وح��ض��ور عبدالعزيز‬
‫شعار «نحو بناء عمل تطوعي ش��ع��ي��ب‪ ،‬وق����ال رئ��ي��س مجلس‬
‫متميز»؛ إيماناً من الجمعية بأن إدارة ن��م��اء ح��س��ن ال��ه��ن��ي��دي‪:‬‬
‫عمل الخير ممتد‪.‬‬
‫إننا نولي مشروع كفالة األيتام‬
‫وبهذه المناسبة‪ ،‬أكد يوسف اهتماماً خاصاً حتى وصل عدد‬
‫عبدالرحيم‪ ،‬نائب رئيس جمعية األيتام الذين ترعاهم نماء إلى‬
‫اإلص������الح‪ ،‬أن ال���ح���رص على ‪ 1109‬أيتام خصصت لهم أكثر‬
‫الشباب وجهودهم يعكس حرص م��ن نصف مليون دي��ن��ار خالل‬
‫الجمعية على العمل التطوعي؛ ال��ع��ام الماضي فقط‪ ،‬وم��ا كان‬
‫ح��ي��ث ت��ق��وم ال��ج��م��ع��ي��ة بتعزيز ذل��ك اإلن��ج��از أن يتم ل��وال دعم‬
‫ال��ج��وه��ر ال��م��وج��ود أص� ً‬
‫��ال لدى متبرعينا الكرام وتفهمهم ألهمية‬
‫الشباب المسلم‪ ،‬لكن يحتاج إلى هذا المشروع الخيري في مركز‬
‫العمل اإلنساني‪.‬‬
‫وع��ل��ى صعيد آخ���ر‪ ،‬نظمت‬
‫نماء للزكاة والتنمية المجتمعية‬
‫رحلة ترفيهية شارك فيها ‪100‬‬
‫يتيم من مكفوليها إلى «كيدزانيا»‬
‫في مجمع األفنيوز‪ ،‬اشتملت على‬
‫»ﻧﻤﺎء« ﺗﻜﻔﻞ ‪ 1109‬أﻳﺘﺎم‬
‫أنشطة عدة منها فقرات طبية‬
‫ﺧﺼﺼﺖ ﻟﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫ٍ‬
‫ومطاف وعيادات أسنان‪ ،‬وتقوم‬
‫ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن دﻳﻨﺎر ﺧﻼل على توفير سبل العيش الكريم‬
‫وال��رع��اي��ة ال��دائ��م��ة ألك��ث��ر من‬
‫اﻟﻌﺎم اﻟﻤﺎﺿﻲ‬
‫‪ 1130‬يتيماً في كفالتها ورعايتها‬
‫داخل دولة الكويت مركز العمل‬
‫اإلنساني‪ ،‬وال تدخر جهداً في‬
‫يوم الصحة العالمي‪:‬‬
‫كما شاركت نماء في فعاليات‬
‫يوم الصحة العالمي الذي نظمته‬
‫وزارة ال��ص��ح��ة ب��ال��ت��ع��اون مع‬
‫جمعية صندوق إعانة المرضى‬
‫وال����ع����دي����د م����ن ال���م���ؤس���س���ات‬
‫الحكومية واألهلية الذي اشتمل‬
‫على الكثير من الفعاليات‪ ،‬منها‬
‫التبرع بالدم وقياس ضغط الدم‬
‫وق��ي��اس السكر وق��ي��اس الطول‬
‫والوزن وغيرها‪.‬‬
‫وت��ق��وم ن��م��اء ع��ل��ى ال��ع��دي��د‬
‫من المشروعات الصحية التي‬
‫أنجزتها خالل عام ‪2017‬م‪ ،‬منها‬
‫ع��الج مرضى السرطان؛ حيث‬
‫نظمت لها حملة «ف��زع��ة أم��ل»‬
‫لعالج مرضى السرطان‪ ،‬وجمعت‬
‫‪ 330‬أل��ف دي��ن��ار لمساعدة ‪12‬‬
‫مريضاً‪ ،‬ثم دخلت في شراكات‬
‫مكنتها من رف��ع ع��دد المرضى‬
‫المستفيدين إل��ى ‪ 97‬مريضاً‪،‬‬
‫وق��دم��ت مساعدة فعلية لعالج‬
‫‪ 25‬مريضاً بعدد ‪ 35‬جرعة‪.‬‬
‫وي����أت����ي ع���ل���ى رأس ت��ل��ك‬
‫المشروعات أيضاً عالج مرضى‬
‫التصلب العصبي (‪ )MS‬نظراً‬
‫الرتفاع واحتمال إصابة المريض‬
‫بالشلل ل��و ل��م يتلق ال��ع��الج في‬
‫ال��وق��ت المناسب‪ ،‬واستطاعت‬
‫تقديم مساعدة لعالج ‪ 37‬مريضاً‬
‫من خالل ‪ 488‬جرعة‪.‬‬
‫إغاثات طبية ألكثر من ‪1100‬‬
‫صومالي‪:‬‬
‫‪ t‬حسن الهنيدي ويوسف عبدالرحيم يكرمان ممثل وزارة الشؤون‬
‫أما على الصعيد الخارجي‪،‬‬
‫ف���س��� ّي���رت ال���رح���م���ة ال��ع��ال��م��ي��ة‬
‫ق��اف��ل��ت��ي��ن ط��ب��ي��ت��ي��ن إل����ى أرض‬
‫ال��ص��وم��ال إل��ى بعض المناطق‬
‫النائية التي يصعب وصول أهلها‬
‫إلى المستشفيات‪ ،‬حيث استفاد‬
‫منها أكثر من القافلة األولى ‪600‬‬
‫مريض‪ ،‬واشتملت على ‪ 9‬أطباء‬
‫في تخصصات الباطنة والنساء‬
‫‪10‬‬
‫الكويت‬
‫وال���ج���راح���ة وال���ع���ظ���ام وال��ف��م‬
‫واألس��ن��ان واألط��ف��ال والباطنة‪،‬‬
‫إض��اف��ة إل��ى أط��ب��اء الصيدلية‬
‫ال��ذي��ن يقومون بصرف ال��دواء‬
‫إلى المرضى‪.‬‬
‫فيما اس��ت��ف��اد م��ن القافلة‬
‫الثانية أكثر من ‪ 530‬مريضاً‪،‬‬
‫واش��ت��م��ل��ت ع��ل��ى ‪ 9‬أط��ب��اء في‬
‫تخصصات ال��ب��اط��ن��ة وال��ن��س��اء‬
‫وال��ج��راح��ة وال��ع��ي��ون واألط��ف��ال‬
‫والباطنة والجلدية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى ‪ 4‬أطباء للصيدلية يقومون‬
‫بصرف الدواء إلى المرضى‪.‬‬
‫وس���اه���م���ت ال���ق���اف���ل���ة ف��ي‬
‫ع��الج ‪ 350‬مريضاً؛ من بينهم‬
‫‪ 85‬ف���ي ت��خ��ص��ص األط���ف���ال‪،‬‬
‫و‪ 68‬ف��ي تخصص ال��ج��راح��ة‪،‬‬
‫و‪ 254‬ف��ي تخصص الباطنة‪،‬‬
‫و‪ 49‬ف��ي تخصص ال��رم��د‪ ،‬و‪8‬‬
‫عمليات للمياه البيضاء‪ ،‬و‪47‬‬
‫حالة ألمراض النساء‪ ،‬و‪ 27‬في‬
‫تخصص الجلدية‪ ،‬وإج��راء ‪13‬‬
‫عملية جراحية‪ ،‬كما تم تحويل‬
‫‪ 21‬م��ري��ض �اً إلج����راء عمليات‬
‫جراحية في مستشفى الرحمة‬
‫في هرجيسيا‪.‬‬
‫واس�����ت�����ف�����اد م������ن خ����الل‬
‫المستشفى الدولي في الصومال‬
‫التابع للرحمة العالمية أكثر من‬
‫‪ 175‬أل���ف م��ري��ض م��ن��ذ ب��داي��ة‬
‫عمله‪ ،‬بينهم أكثر ‪ 1360‬عملية‪.‬‬
‫حفل تخريج ‪ 83‬طالب ًا‬
‫كمبودي ًا‪:‬‬
‫وم���ن ج��ان��ب آخ���ر‪ ،‬أق��ام��ت‬
‫ال��رح��م��ة العالمية ف��ي مملكة‬
‫كمبوديا حف ً‬
‫ال لتخريج الدفعة‬
‫الثانية من طالب مركز التدريب‬
‫التعليمي (‪ ،)ETC‬وبحضور‬
‫مسؤول من وزارة التربية والتعليم‬
‫الكمبودية‪ ،‬وذلك بشهادة معتمدة‬
‫م��ن ال�����وزارة؛ حيث ت��م تخريج‬
‫‪ 83‬ط��ال��ب �اً وط��ال��ب��ة م��ن مركز‬
‫التدريب التعليمي والمتخصص‬
‫في ال��دورات التدريبية باللغات‬
‫العربية واإلنجليزية والصينية‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫اإلغاثة السورية‪:‬‬
‫‪ 175‬أﻟﻒ ﻣﺮﻳﺾ‬
‫اﺳﺘﻔﺎدوا ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ اﻟﺪوﻟﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﺼﻮﻣﺎل اﻟﺘﺎﺑﻊ‬
‫ﻟ‪»d‬اﻟﺮﺣﻤﺔ« ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ‬
‫ﻋﻤﻠﻪ‬
‫أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪ 1250‬أﺳﺮة‬
‫ﺳﻮرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ‬
‫ﻓﻲ اﻷردن وﻟﺒﻨﺎن‬
‫اﺳﺘﻔﺎدوا ﻣﻦ ﻗﺎﻓﻠﺘﻲ‬
‫إﻏﺎﺛﺔ ﻟ‪»d‬اﻟﺮﺣﻤﺔ«‬
‫ﺗﻢ ﻓﺤﺺ ‪ 2200‬ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﺮﺿﻰ اﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ‬
‫ﻗﺎﻓﻠﺔ ﻃﺒﻴﺔ ﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ‬
‫أﻣﺮاض اﻟﻌﻴﻮن ﺑﻌﺪن‬
‫وال��دورات الشرعية والكمبيوتر‬
‫ال��ت��اب��ع ل��ل��رح��م��ة ال��ع��ال��م��ي��ة في‬
‫ك��م��ب��ودي��ا‪ ،‬ف���ي ح��ف��ل ح��ض��ره‬
‫م��س��ؤول��ون م��ن وزارة التربية‬
‫والتعليم‪ ،‬اشتمل على العديد‬
‫من الفقرات التي شرحت رؤية‬
‫وأهداف المركز‪.‬‬
‫ف���ي���م���ا س����ي����رت ال���رح���م���ة‬
‫العالمية العديد م��ن القوافل‬
‫اإلغاثية إلى الالجئين السوريين‬
‫ف���ي ال�����دول ال��م��خ��ت��ل��ف��ة‪ ،‬كما‬
‫أغاثت المهجرين من الغوطة‬
‫الشرقية؛ فقد سيرت قافلتين‬
‫من المساعدات اإلغاثية إلى‬
‫الالجئين السوريين في األردن‪،‬‬
‫استفاد من القافلة األولى أكثر‬
‫من ‪ 250‬أسرة سورية‪ ،‬واشتملت‬
‫على ت��وزي��ع م��س��اع��دات نقدية‬
‫وط���رود غ��ذائ��ي��ة ودع���م نفسي‬
‫ودع��م دورات مهنية‪ ،‬واستفاد‬
‫م��ن القافلة الثانية أك��ث��ر من‬
‫‪ 270‬أس��رة س��وري��ة‪ ،‬واشتملت‬
‫على مساعدات نقدية وسالت‬
‫غذائية؛ حيث تم توزيع ‪ 270‬سلة‬
‫غذائية‪ ،‬و‪ 270‬كوبوناً غذائياً‪،‬‬
‫كما تم تقديم دعم نقدي لمراكز‬
‫األي���ت���ام‪ ،‬وق��دم��ت م��س��اع��دات‬
‫نقدية لعدد من األسر‪.‬‬
‫وس � َّي��رت الرحمة قافلتين‬
‫من المساعدات اإلغاثية إلى‬
‫الالجئين السوريين في لبنان؛‬
‫كانت األولى بالتعاون مع فريق‬
‫«عطاء الكويت»‪ ،‬وس��ارت على‬
‫مدار ثالثة أيام‪ ،‬واستفاد منها‬
‫أكثر من ‪ 1000‬أس��رة سورية‪،‬‬
‫اش��ت��م��ل��ت ع��ل��ى ت���وزي���ع ط���رود‬
‫غذائية ووق���ود للتدفئة‪ ،‬فيما‬
‫اس��ت��ف��اد م��ن ال��ق��اف��ل��ة الثانية‬
‫أك��ث��ر م��ن ‪ 400‬أس���رة س��وري��ة‪،‬‬
‫واش��ت��م��ل��ت ع��ل��ى ت��ق��دي��م ط��رود‬
‫غ��ذائ��ي��ة وم���س���اع���دات طبية‬
‫وم��ش��روع��ات للكسب الحالل؛‬
‫منها م��ك��ائ��ن للخياطة وب��ق��رة‬
‫ح��ل��وب‪ ،‬ب��اإلض��اف��ة إل��ى تقديم‬
‫م��س��اع��دات نقدية وتجهيزات‬
‫مطبخية لمراكز األيتام وإقامة‬
‫احتفالية لألطفال النازحين‪.‬‬
‫وأط���ل���ق���ت ق��اف��ل��ة إغ��اث��ي��ة‬
‫م��ك��ون��ة م���ن ‪ 28‬ش��اح��ن��ة‪ ،‬من‬
‫والية أنطاكيا التركية الحدودية‬
‫إل���ى ال��داخ��ل ال���س���وري‪ ،‬ضمن‬
‫هجري الغوطة‪،‬‬
‫حملة إغاثة ُم ّ‬
‫اش��ت��م��ل��ت ع��ل��ى ب��ع��ض ال��م��واد‬
‫الغذائية المتنوعة‪ ،‬ونحو ‪260‬‬
‫طناً من الطحين‪ ،‬و‪ 30‬طناً من‬
‫األرز‪ ،‬باإلضافة إل��ى أكثر من‬
‫‪ 21‬طناً ما بين ع��دس وبرغل‬
‫وزي��ت وم���واد أخ���رى؛ كالفُرش‬
‫والبطانيات والوسائد وغيرها‪.‬‬
‫قافلة طبية إلى اليمن‪:‬‬
‫كما سيرت الرحمة قافلة‬
‫طبية لمكافحة أمراض العيون‬
‫ف��ي ال��ع��اص��م��ة اليمنية ع��دن‪،‬‬
‫حملت رق��م (‪ )47‬تحت شعار‬
‫«أري����د أن أرى»‪ ،‬اس��ت��م��رت ‪5‬‬
‫أي���ام م��ت��واص��ل��ة‪ ،‬اس��ت��ف��اد منها‬
‫أكثر من ‪ 232‬مريضاً أجريت‬
‫لهم ال��ف��ح��وص��ات والمعاينات‬
‫ال��الزم��ة‪ ،‬كما أج��ري��ت خاللها‬
‫عمليات المياه البيضاء على‬
‫أي���دي متطوعين م��ن األط��ب��اء‬
‫االستشاريين وبتقنية أجهزة‬
‫«الفاكو» الحديثة إلزال��ة المياه‬
‫البيضاء وزراعة العدسات‪ ،‬حيث‬
‫تم تسجيل ومعاينة ‪ 2200‬حالة‬
‫من المرضى الذين اصطفوا في‬
‫طوابير طويلة منذ الصباح أمام‬
‫مركز الكويت الصحي بعدن‪،‬‬
‫وأج�����رى خ���الل ال��ح��م��ل��ة ‪232‬‬
‫عملية إلزال���ة المياه البيضاء‬
‫وزراع�����ة ال��ع��دس��ات للمرضى‬
‫من النساء والرجال وع��دد من‬
‫األطفال‪>.‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫رمضان‪ ..‬إعداد وتربية‬
‫يأتي شهر رمللضللان كللل عللام حللامل ً‬
‫ا معه‬
‫فيوضات ربانية‪ ،‬ونفحات إيمانية؛ حيث تهفو‬
‫القلوب إلى الخالق‪ ،‬وتميل النفوس إلى الخير‪،‬‬
‫وتمتلئ األرواح بعبق الطاعات واالنخاع من‬
‫دنس المعاصي واآلثام‪ ،‬فبيوت اهلل تعالى‬
‫ممتلئة بالمصلين والعاكفين‪ ،‬والشوارع‬
‫غاصة بفاعلي الخير والمتصدقين‪ ،‬والنفس‬
‫ّ‬
‫تتحرر من أسر البطن والفرج إلى فضاء الروح‬
‫والعقل؛ فينبعث فيها األمل في التغيير‪ ،‬كما‬
‫أن مظاهر اإلنسانية الشائهة تتوارى وتحل‬
‫مكانها مظاهر التراحم والتعاضد والتكافل؛‬
‫فتبعث في اليتيم والفقير والضعيف األمل‬
‫في إنسانية عادلة ترعى لهم حياة كريمة‬
‫آمنة مطمئنة‪.‬‬
‫ً‬
‫كذلك يأتي رمضان كل عللام حاما معه‬
‫ماحم مشرقة من عبق التاريخ اإلسامي‬
‫الوضاء الذي انتقلت فيه المعركة إلى آفاق‬
‫أبعد من النفس وشهواتها إلى أعداء األمة‬
‫الذين يتربصون بها الدوائر‪ ،‬وينصبون لها‬
‫شراك التخلف والرجعية؛ فتأتي االنتصارات‬
‫الحربية الرمضانية لتبعث في األمة كوامن‬
‫األملللل فللي تحقيق ريللادتللهللا الللمللنللشللودة‬
‫واستعادة عزها المفقود‪ ،‬والوصول لوحدتها‬
‫المأمولة‪.‬‬
‫وفللي هللذا العدد الللذي يتصادف مع بداية‬
‫شهر رمضان المعظم‪ ،‬تقدم «المجتمع» هذا‬
‫الملف الللذي تهدف من ورائلله إلى تحطيم‬
‫صخرة اإلحللبللاط واللليللأس التي خيمت على‬
‫بعض شباب األمة؛ حيث يحمل رسائل لبث‬
‫األمل في النفس بالتغيير‪ ،‬وفي اإلنسانية‬
‫المفقودة باالستعادة والتفعيل‪ ،‬وفي األمة‬
‫الممزقة بالوحدة والتحرير‪>.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪12‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫رمضان‪ ..‬وصناعة الوعي‬
‫لقد جاء نبينا [ برسللللالته السللللمحة بيضللللاء نقية‪،‬‬
‫ال يخالطهللللا دخللللن‪ ،‬وال يعتورها قصللللور‪ ،‬كيف ال!‬
‫وكلها وحي من اهلل جل وعا‪.‬‬
‫وفللللي أثنللللاء المسلللليرة المليئللللة بالخيللللرات‪ ،‬تظهر‬
‫مشكلة المشكات‪ ،‬في عدم الفهم السليم لقيم‬
‫اإلسللللام وقواعده وقوانينه‪ ،‬ألسللللباب كثيرة ليس‬
‫مجال بيانها في هذه المقالة‪.‬‬
‫وهنللللا كان دور العلماء أن يقومللللوا بواجب البيان‪،‬‬
‫فقعدوا القواعد‪ ،‬وضبطوا المسار‪،‬‬
‫لهذين األصلين‪،‬‬
‫ّ‬
‫وراقبللللوا األمللللر عن كثللللب واهتمللللام‪ ،‬وأبدعوا في‬
‫صناعة خرائط االجتهاد واالسللللتنباط واالسللللتنتاج‪،‬‬
‫حتى يبقللللى الناس علللللى طريق السللللامة‪ ،‬ينفون‬
‫عنلللله تحريف الغاليللللن‪ ،‬وانتحال المبطليللللن‪ ،‬وتأويل‬
‫الجاهلين‪.‬‬
‫ج������اء ه������ذا ال��ش��ه��ر‬
‫من محطات هذا المسار‬
‫ب��ف��ري��ض��ة ال��ص��ي��ام‪ ،‬وه��ي‬
‫ف��ي ال��ف��ه��م ال��ص��ح��ي��ح‪ ،‬شهر‬
‫ك���ف ع���ن ش��ه��وت��ي البطن‬
‫رمضان‪ ،‬هذا الشهر المبارك‪،‬‬
‫وال��ف��رج‪ ،‬م��ن ط��ل��وع الفجر‬
‫الذي اختاره اهلل ليكون معلم‬
‫إل���ى غ��ي��اب ال��ش��م��س‪ ،‬مع‬
‫خير‪ ،‬ومنارة فضيلة‪ ،‬وعنوان‬
‫النية واستحضار اإلخالص‬
‫استئناف للحياة على قيم‬
‫الرشد؛ َ‬
‫هلل تعالى (ف��اهلل غايتنا)‪،‬‬
‫(ش ْه ُر َر َم َضانَ ا َّل� ِ�ذ َي‬
‫وف���ي ه���ذا ص��ح��ة لإلنسان‬
‫ّ‬
‫ْقُ‬
‫َ‬
‫اس‬
‫لن‬
‫ل‬
‫ى‬
‫د‬
‫ه‬
‫آن‬
‫ر‬
‫ل‬
‫نز َل ِف ِ‬
‫ُأ ِ‬
‫يه ا ْ ُ ُ ً ِ ّ ِ‬
‫وعافية ل��ه‪ ،‬وش��ه��د أطباء‬
‫ات ِ ّم َن ال ُْه َدى َوالْفُ ْر َق ِان)‬
‫َو َب ِ ّينَ ٍ‬
‫ال��دن��ي��ا ع��ل��ى ص���دق ه��ذه‬
‫(البقرة‪.)185 :‬‬
‫الحقيقة؛ فالصيام جنة‪،‬‬
‫مشكلتنا ف��ي كثير من‬
‫وفالح وصالح‪ ،‬وهو قوة لروح‬
‫ع��ق��ول المسلمين ف��ي فهم‬
‫‪áeÓ°S ƒÑdG ôeÉY .O :º∏≤H‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬ودرب��ة على تقوى‬
‫رم��ض��ان وفقهه وم��ق��اص��ده‪،‬‬
‫اهلل‪ ،‬بمفهومها ال��ش��ام��ل‬
‫وم��ا فيه م��ن أح��ك��ام وحكم‪،‬‬
‫ال��ذي يتسع لكل مفردات‬
‫وأس��رار وفضائل‪ ،‬حتى صار هذا الشهر الكريم‪،‬‬
‫عند عامة الناس‪ ،‬في بعض ب��الد المسلمين‪ ،‬الحياة في السر والعلن‪ ،‬وفي المسجد والشارع‪،‬‬
‫عبارة عن موسم للطعام والشراب‪ ،‬والتفنن في في مكان العمل وفي البيت ومع األسرة واألوالد‪،‬‬
‫موائد رمضان‪ ،‬واالبتكار ألنواع الحلويات‪ ،‬ونصب مع الجيران ومع أبناء المجتمع‪ ،‬في السياسة‬
‫الزينات‪ ،‬والمبالغة في اإلض��اءات‪ ،‬مع االهتمام واالق��ت��ص��اد‪ ،‬ف��ي الجهاد وال��ك��ف��اح‪ ،‬ف��ي البحث‬
‫بالمسلسالت الرديئات‪ ،‬والمتابعات للمسليات ع��ن الحرية وم��ق��اوم��ة االس��ت��ب��داد‪ ،‬ت��ق��وى في‬
‫�ال م��ن الغافلين األمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪ ،‬في تقدير‬
‫ال��ت��ي ت��ج��ع��ل ف��ي األم����ة ج��ي� ً‬
‫والغافالت‪ ،‬والسهرات المهلكات‪ ،‬وذل��ك بسبب الموقف في كل قضية من قضايا الشأن العام‪،‬‬
‫غياب الوعي عن هذا الشهر المبارك‪ ،‬رغم أنه قربى هلل‪ ،‬وطاعة له‪.‬‬
‫إذن الصيام عبادة ندرك –من خالل فهمها‪-‬‬
‫جاء ليصنع الوعي في كل مفردة من مفرداته‪،‬‬
‫وف��ق��رة م��ن ف��ق��رات��ه‪ ،‬على مفاهيم الربانية‪ ،‬منهج العبودية‪ ،‬التي ه��ي اس��م جامع لكل ما‬
‫الجامعة لمنافع الدنيا واالستمتاع الحالل يحبه اهلل ويرضاه‪ ،‬من األقوال واألفعال؛ ُ‬
‫(ك ِت َب‬
‫ين ِمن َق ْب ِلكُ ْم‬
‫ام َك َما ُك ِت َب َع َلى ا َّل ِذ َ‬
‫الص َي ُ‬
‫َع َل ْيكُ ُم ِ ّ‬
‫بها‪ ،‬وعمارتها بمخططات الفعل الحضاري‪ ،‬مع‬
‫َل َع ّلَكُ ْم َت َّتقُ ونَ {‪( )}183‬البقرة)‪ ،‬فالعبادة هلل ال‬
‫التحقق بمعنى تحصيل رض��وان اهلل‪ ،‬فيسعد‬
‫المرء في الدنيا‪ ،‬ويكون من أهل النجاة يوم لقاء تقتصر على جانب –على أهمية هذا الجانب–‬
‫دون آخر‪ ،‬كما هو التصور عند الذين يريدون‬
‫اهلل‪.‬‬
‫تنحية اإلس��الم عن سلطان الدنيا‪ ،‬وفصله عن‬
‫أنظمة الحياة؛ فالصوم ‪-‬على مكانته العظمى–‬
‫ليس كل شيء في عالم الفروض‪ ،‬فجاء رمضان‬
‫ليؤكد ه��ذه الحقيقة‪ ،‬وليقول لنا‪ :‬إن الصوم‬
‫ج��زء من منظومة متكاملة‪ ،‬ال يجوز أن نؤمن‬
‫ببعضها ونكفر بالباقي؛ فكانت كل أنواع العبادات‬
‫متضمنة بصورة أو بأخرى‪ ،‬في هذه المدرسة‬
‫المباركة‪ ،‬م��درس��ة رم��ض��ان‪ ،‬وه��ذا م��ن صناعة‬
‫الوعي الطيب‪.‬‬
‫الوعي األخوي التراحمي‬
‫جراء االمتناع‬
‫هذا الصيام وما يالقيه المرء َّ‬
‫ع��ن الطعام‪ ،‬والشعور بعضة ال��ج��وع‪ ،‬وقرصة‬
‫العطش هو بدوره يصنع فينا وعي ًا‪ ،‬وهو ضرورة‬
‫اإلحساس بمشاعر اآلخرين‪ ،‬فتعيش –عملي ًا–‬
‫بما يعيشون‪ ،‬وتعاني مما يعانون‪ ،‬فيدفعك‬
‫هذا نحو منهج «العدالة االجتماعية»‪ ،‬ويزرع‬
‫فيك روح أال تكون لنفسك فقط‪ ،‬ولتكون إنسان ًا‬
‫جماعي ًا‪ ،‬ولست أناني ًا ال يعترف إال بنفسه‪.‬‬
‫بل يدرك معنى االهتمام بشأن المكلومين‬
‫وال��م��ج��روح��ي��ن‪ ،‬وال���ج���وع���ى‪ ،‬وال��م��ظ��ل��وم��ي��ن‬
‫والمقهورين‪ ،‬وال��ذي��ن يعانون م��ا يعانون من‬
‫الويل والضيم‪ ،‬في الحارة والبلدة والدولة‪ ،‬وفي‬
‫كل أصقاع الدنيا‪ ،‬إن شعر بهذا وأدى ما أدى‪ ،‬مما‬
‫عليه من واجب أن يقوم به‪ ،‬هذا في حال الجوع‪،‬‬
‫وكذا وقت اإلفطار‪ ،‬لما تكون أطايب الطعام‪ ،‬في‬
‫الفطور والعشاء والسحور‪ ،‬هنا يتذكر إخوة له‬
‫جوعى ال يجدون هذا الذي بين يديه‪ ،‬بل ربما‬
‫ال يعرفون طعمه‪ ،‬وال يشمون رائحته‪ ،‬بل ربما‬
‫كانوا في حصار‪ ،‬أو تحت براميل الموت‪ ،‬فيصنع‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫لديه وعي ًا بضرورة االهتمام بهؤالء اإلخ��وة‪،‬‬
‫الذين نجدهم في فلسطين وسورية وآراك��ان‬
‫واليمن‪ ،‬وبعض دول العالم‪.‬‬
‫يقول سيد قطب‪« :‬عندما نعيش لذواتنا‬
‫ولشهواتنا تبدو لنا الحياة قصيرة‪ ،‬تافهة‪،‬‬
‫ضئيلة‪ ،‬تبدأ من حيث بدأنا نعي‪ ،‬وتنتهي بانتهاء‬
‫عمرنا المحدود‪ ،‬أما عندما نعيش لغيرنا (أي‪:‬‬
‫عندما نعيش لفكرة) فإن الحياة تبدو طويلة‬
‫عميقة‪ ،‬تبدأ من حيث بدأت اإلنسانية‪ ،‬وتمتد‬
‫بعد مفارقتنا لوجه هذه األرض»‪.‬‬
‫معاني االرتقاء‬
‫وم��م��ا يعلمنا ه��ذا الشهر م��ن وع��ي ه��و أن‬
‫الصيام‪ ،‬بمفهومه الشرعي الذي ذكرناه‪ ،‬ال بد‬
‫أن يترك فينا معاني االرتقاء بالنفس‪ ،‬ويبني‬
‫فينا اإلرادة‪ ،‬التي تؤدي إلى أال نقول إال الحق‪ ،‬ال‬
‫نخشى إال اهلل‪ ،‬وال تأخذنا في اهلل لومة الئم‪ ،‬وال‬
‫نشهد الزور‪ ،‬بكل معانيه‪ ،‬وبسائر تفاصيله‪ ،‬نقول‬
‫الحق ولو على أنفسنا‪ ،‬نصدع بالحق بال مواربة‪،‬‬
‫ندوي بكلمة حق عند سلطان جائر‪ ،‬ولو كلفنا‬
‫ذلك قطع أعناقنا‪ ،‬كل ذلك مع الحكمة البالغة‪،‬‬
‫والدعوة بالتي هي أحسن‪ ،‬وإال فإن الصائم ليس‬
‫له من صومه إال الجوع والعطش‪ ،‬وهنا تكون‬
‫الكارثة‪ ،‬وتحصل المصيبة‪ ،‬وفي مثل هذا الوضع‬
‫تأتي أهمية الوعي الذي يصنعه رمضان لنا‪.‬‬
‫وفي الحديث الصحيح‪ ،‬عن أبي هريرة رضي‬
‫اهلل عنه ق��ال‪ :‬قال رس��ول اهلل [‪« :‬من لم يدع‬
‫قول الزور والعمل به فليس هلل حاجة في أن يدع‬
‫طعامه وشرابه»‪.‬‬
‫كما يعلمنا رمضان معنى الخلق الحسن‪،‬‬
‫وطبيعة التعامل م��ع اآلخ��ري��ن‪ ،‬والصبر على‬
‫أذاهم‪ ،‬وتحقيق معنى «السلم المجتمعي»‪ ،‬فال‬
‫تكون هناك ردود فعل مسيئة‪ ،‬ومن باب أولى أال‬
‫تكون هناك هنات مسبقة‪.‬‬
‫عن أب��ي هريرة رض��ي اهلل عنه ق��ال‪ :‬قال‬
‫النبي [‪« :‬قال اهلل عز وجل‪ :‬كل عمل ابن آدم‬
‫له إال الصيام فإنه لي وأنا أجزي به‪ ،‬والصيام‬
‫جنة‪ ،‬ف��إذا ك��ان ي��وم ص��وم أح��دك��م ف��ال يرفث‬
‫يومئذ وال يصخب (الخصام والصياح) فإن‬
‫سابه أح� ٌ�د أو قاتله‪ ،‬فليقل‪ :‬إني ام��رؤ صائم‪،‬‬
‫َّ‬
‫وال��ذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم‬
‫(الرائحة) أطيب عند اهلل يوم القيامة من ريح‬
‫المسك‪ ،‬وللصائم فرحتان يفرحهما‪ ،‬إذا أفطر‬
‫فرح بفطره‪ ،‬وإذا لقي ربه فرح بصومه» (رواه‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﺮﻣﻀﺎن وﻓﻘﻬﻪ‬
‫وﻣﻘﺎﺻﺪه وﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ أﺣﻜﺎم‬
‫وﺣﻜﻢ وأﺳﺮار وﻓﻀﺎﺋﻞ‬
‫اﻟﺼﻴﺎم ﻋﺒﺎدة ﻧﺪرك ﺑﻬﺎ ﻣﻨﻬﺞ‬
‫اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﺳﻢ ﺟﺎﻣﻊ‬
‫ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺒﻪ اﻟﻠﻪ وﻳﺮﺿﺎه ﻣﻦ‬
‫اﻷﻗﻮال واﻷﻓﻌﺎل‬
‫اﻟﺼﻴﺎم ﻳﺼﻨﻊ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﻤﺸﺎﻋﺮ‬
‫اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﻓﻴﺪﻓﻊ ذﻟﻚ‬
‫ﻧﺤﻮ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬
‫ﺷﻬﺮ اﻟﺼﺒﺮ واﻻﺣﺘﻤﺎل ﻟﻤﺸﺎق‬
‫اﻟﺤﻴﺎة واﻟﺠﻬﺎد واﻟﺒﺬل ﻓﻜﺜﻴﺮ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻐﺰوات ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ‬
‫البخاري ومسلم واللفظ له)‪.‬‬
‫جاء رمضان ليصنع فينا وعي ًا مميزاً‪ ،‬في أن‬
‫رمضان شهر الصبر‪ ،‬واالحتمال لمشاق الحياة‪ ،‬بل‬
‫شهر الجهاد‪ ،‬والبذل والفداء‪ ،‬فكثير من الغزوات‬
‫والمعارك‪ ،‬كانت في هذا الشهر المبارك‪ ،‬وكثير‬
‫من أبنية الخير تمت في هذا الشهر المبارك‪،‬‬
‫عبر التاريخ اإلسالمي في شهوده الحضاري‪،‬‬
‫وف��ي ه��ذه المحطة يحذرنا رم��ض��ان أال يكون‬
‫هذا الشهر شهر كسل ونوم ودعة وخمول‪ ،‬سهر‬
‫بالليل على فارغات األمور‪ ،‬ونوم بالنهار في أكثر‬
‫ساعاته‪ ،‬وفي صورة كهذه تبرز حقيقة ما يجب‬
‫أن يكون عليه المسلم في هذا الشهر الكريم‪ ،‬فال‬
‫تتوقف المصانع‪ ،‬وال تعطل الوظائف‪ ،‬وال تغلق‬
‫أبواب العمل‪ ،‬بل تبقى مشرعة في كل محتويات‬
‫ما فيها من أج��ر وث���واب‪ ،‬مع ص��وم نهار‪ ،‬وقيام‬
‫ليل‪ ،‬وصدقة ونفقة‪ ،‬وتفقد ألح��وال الضعفاء‬
‫والمحتاجين‪ ،‬مع قراءة قرآن‪ ،‬وحفظ ما تيسر‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫ومراجعة ما حفظ‪ ،‬مع مدارسة وفهم‪.‬‬
‫فرمضان شهر القرآن‪ ،‬وهو دستور المسلم‪،‬‬
‫فيه كل خير‪ ،‬وجامع لكل المناهج والمباهج‪،‬‬
‫وصانع الوعي فينا‪ ،‬فرمضان يحتم علينا العيش‬
‫في ظالل القرآن وتدبر معانيه‪ ،‬فالقرآن ورمضان‬
‫بينهما تالزم من جوانب متعددة‪ ،‬وال شك أن هذا‬
‫له حظه‪ ،‬في مناهج الفكر والعمل‪ ،‬ومن ركائزه‬
‫صناعة وعي المسلم على مفاهيم الطمأنينة‬
‫واالس��ت��ق��رار وال��ن��ج��اح وال��ف��الح‪ ،‬ك��ل ذل��ك في‬
‫مواجهة تحديات الفلسفات التي أهلكت الحرث‬
‫والنسل‪ ،‬وجعلت جزء ًا من البشرية في حالة تيه‬
‫وشرود‪.‬‬
‫تصحيح المسار‬
‫ومن صناعة الوعي في شهر رمضان أن هذا‬
‫الشهر المبارك دورة تمر علينا كل سنة‪ ،‬فرض‬
‫من اهلل في القرآن أنزله‪ ،‬وفي كل دورة سنوية‬
‫تكون المراجعات‪ ،‬مضى عام‪ ،‬وعام قادم‪ ،‬فتسرد‬
‫الحسابات‪ ،‬وتفتح الملفات‪ ،‬على مستوى الفرد‬
‫واألسرة والجماعة والمؤسسة‪ ،‬فردي ًا وجماعي ًا‪،‬‬
‫حتى نصحح المسار‪ ،‬ونضع أنفسنا أمام حقائق‬
‫األشياء كما هي‪ ،‬دون لف وال دوران‪ ،‬فنقول‪ :‬هنا‬
‫أصبنا‪ ،‬وهناك أخطأنا‪ ،‬هنا أذنبنا‪ ،‬وهناك كنا‬
‫موفقين بكذا وكذا‪ ،‬في هذه القضية لم يحالفنا‬
‫الصواب‪ ،‬وفي المسألة الفالنية نجحنا نسبي ًا‪،‬‬
‫وفي مكان آخر نسبة التوفيق مرتفعة‪.‬‬
‫وهكذا حتى نخرج بنتائج مهمة في هذا‬
‫ال��ب��اب‪ ،‬ف��إن ك��ان خير ًا حمدنا اهلل‪ ،‬وعلينا أن‬
‫نزيده ونكثر منه‪ ،‬وإن كان غير ذلك صححنا‪،‬‬
‫ورتبنا بيتنا من جديد‪ ،‬ونخطط لعام ق��ادم‪،‬‬
‫مليء بالحيوية واألداء الحسن الصالح‪ ،‬فإن‬
‫وجدنا في صحيفتنا ذنوب ًا استغفرنا اهلل وتبنا‬
‫إليه‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ومن لم يفعل هذا يكون في وعيه‬
‫نقص‪ ،‬وفي فهمه خلل‪ ،‬وفي تربيته ثغرات‪ ،‬يأتي‬
‫رمضان معلم ًا لنا هذا‪ ،‬فيعلو نصاب الوعي الحق‪،‬‬
‫وهو المقدمة لكل نجاح‪.‬‬
‫وفي الختام‪ ،‬قد يقول قائل‪ :‬هل تريدونها‬
‫مثالية مفرطة حتى ن��ح��رم م��ن المباحات‪،‬‬
‫ونحبس أنفسنا عن طيبات الرزق؟‬
‫نقول‪ :‬ومن قال هذا؟! بل نقول‪ :‬هذا الشهر‬
‫المبارك فيه من الفرحة واالستمتاع بالمباحات‬
‫واألشياء الجائزات‪ ،‬من خالل فهم سليم‪ ،‬ووعي‬
‫دقيق‪ ،‬وفي هذا يكون التوازن‪ ،‬وهو ما أردنا إثباته‬
‫في هذه المقالة‪ ،‬ورحم اهلل القائل‪« :‬ينبغي أن‬
‫يكون لنفوس المتقين استراحات ومباحات»‪>.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫رمضان‪ ..‬وروح‬
‫االختالف اإليجابي‬
‫تتعلللللق قلوب المؤمنيللللن دائم ًا‬
‫بطاعة الرحمن سبحانه‪ ،‬وترتقي‬
‫في فضللللاء القلوب التقية النقية‬
‫المتعلقللللة بربهللللا‪ ،‬فللللإذا عملت‬
‫الطاعللللات وأخلصت هلل صعدت‬
‫فللللي سللللماء الربانيللللة‪ ،‬فتصيللللر‬
‫الطاعة سللللهلة ميسللللورة على‬
‫لللم َتل ُ‬
‫ِين‬
‫من سللللهل اهلل للللله؛ ( ُثل َّ‬
‫لللم ِإ َلى ِذ ْ‬
‫ك ِر‬
‫هل ْ‬
‫هل ْ‬
‫لللم َو ُق ُلو ُب ُ‬
‫ود ُ‬
‫ُج ُل ُ‬
‫َّ‬
‫اهللِ) (الزمر‪.)23 :‬‬
‫عبده مصطفى دسوقي‬
‫إن األمة ابتليت ببعدها عن منهج ربها‪،‬‬
‫فترى البعض يبعد بقلبه من روح الصيام فا‬
‫يأخذ منه إال االس��م‪ ،‬لكنه تحت قوله «إني‬
‫صائم» يرتكب منكر االختافات والمشاحنات‬
‫مع اآلخرين‪ ،‬ويتناسى قول الرسول [‪ُ « :‬ر ّب‬
‫صائم ليس له من صيامه إال الجوع» (رواه أبو‬
‫ٍ‬
‫هريرة‪ ،‬في صحيح الجامع)‪.‬‬
‫لقد خلق اهلل ه��ذا ال��ك��ون م��ن مكونات‬
‫مختلفة‪ ،‬ك��م��ا خ��ل��ق اإلن��س��ان م��ن صلصال‬
‫مختلف حتى يتمايز الجميع؛ ففي طبائع‬
‫الناس اختاف‪ ،‬فمنهم الهين اللين‪ ،‬السهل‬
‫الرفيق‪ ،‬ومنهم الصعب الجامد‪ ،‬ومنهم ما‬
‫سوى ذلك‪ ،‬ومن الناس الطيب المؤمن‪ ،‬ومنهم‬
‫الخبيث الكافر‪.‬‬
‫واالخ��ت��اف ُسنة كونية‪ ،‬بينما التماثل‬
‫والتطابق استثناء للقاعدة‪ ،‬حيث إن التطابق‬
‫يجعل الحياة فاقدة لروح التجديد‪.‬‬
‫إن االختاف اإليجابي البناء هو أن يسعى‬
‫كل واحد لترويج مسلكه وإظهار سامة موقفه‬
‫وص��واب نظرته دون أن يحاول هدم مسالك‬
‫في رمضان تسللللمو هذه النفوس‬
‫واألرواح لمللللا حبللللاه اهلل من خصال‬
‫طيبللللة تتقللللارب بالطاعللللات مللللع‬
‫بعضها بعض ًا‪ ،‬وتتنافر وتختلف إذا‬
‫هبطت وبعدت عن مكارم األخاق‪،‬‬
‫فهو شللللهر له خصوصيللللات لدى‬
‫كل مسلللللم يروم رضا اهلل تعالى؛‬
‫فيعلللللو بهذا الرضا فللللي ملكوت‬
‫المسبحين‪ ،‬فا تراه إال راكع ًا‪ ،‬باكي ًا‪،‬‬
‫خاشع ًا‪ ،‬متواضع ًا هلل رب العالمين‪.‬‬
‫اآلخرين أو الطعن في وجهة نظرهم وإبطال‬
‫مسلكهم‪ ،‬بل يجب عليه السعي إلكمال النقص‬
‫ورأب ال��ص��دع واإلص����اح م��ا اس��ت��ط��اع إليه‬
‫سبي ً‬
‫ا‪.‬‬
‫أم��ا االخ��ت��اف السلبي فهو محاولة كل‬
‫طرف تخريب مسلك اآلخر وهدمه‪ ،‬ومبعث‬
‫ذلك الحقد والعداوة والضغينة‪.‬‬
‫ولعل شهر رمضان يكون فرصة لتعزيز‬
‫االختاف اإليجابي البناء ومعالجة االختاف‬
‫السلبي ال��ه��دام‪ ،‬تطبيقاً لقوله تعالى‪َ ( :‬والَ‬
‫تَ ُكونُوا ْ َكا ّلَذِ ي َن تَ َف َّر ُقوا ْ َواخْ تَلَفُوا ْ مِ ن بَ ْعدِ َما‬
‫َات) (آل عمران‪.)105 :‬‬
‫َجاء ُه ُم الْ َب ِ ّين ُ‬
‫أسباب الخالف‬
‫شهر رمضان شهر الحب والعطاء‪ ،‬وهو‬
‫شهر بناء الشخصية المسلمة التي تملك‬
‫إرادتها وشهواتها‪ ،‬وال تملكها الشهوة‪ ،‬وهو‬
‫شهر بناء العادات الصحيحة وه��دم عادات‬
‫قاتلة خ��اط��ئ��ة‪ ،‬وش��ه��ر اإلرادة ال��ح � ّرة التي‬
‫تحررت من جميع المعبودات وجمعت شتاتها‬
‫على معبود واح��د ح��قّ ‪ ،‬وه��و شهر اإلنصات‬
‫واإلصغاء لمراد اهلل منك في كتابه العزيز‬
‫ليرسم لك آفاق حياتك من جديد‪.‬‬
‫كما أنه شهر التجدد‪ ،‬وشهر الروح والعقل‪،‬‬
‫وشهر اإلقبال على األهم واألغلى واألجدى‬
‫واألث��م��ن ف��ي الحياة وترتيب األول��وي��ات بما‬
‫يحقق خيري الدنيا واآلخرة‪ ،‬كل هذه الخيرات‬
‫تجعله شهر نبذ الخاف‪ ،‬لكن البعض لديهم‬
‫قصور في فهم فلسفة الصوم فألصقوا به‬
‫بعض أسباب الخاف‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪ -1‬ضعف ثقافة الحوار‪:‬‬
‫ل��ق��د تملكت مجتمعاتنا ث��ق��اف��ة ال���رأي‬
‫الواحد واالستبداد وعدم سماع وجهات النظر‬
‫األخ���رى‪ ،‬وت���زداد أح��ي��ان�اً ف��ي شهر رمضان‬
‫لطبيعة الصيام عند البعض؛ وه��و ما أدى‬
‫النتشار مظاهر سيادة الرأي الواحد واللون‬
‫الواحد وطغيان االستبداد‪ ،‬واالنتهاك الواسع‬
‫للقانون وغياب العدالة‪.‬‬
‫‪ -2‬تدني مستوى التعليم وانتشار األمية‪:‬‬
‫من األسباب القوية التي ت��ؤدي للتناحر‬
‫وع��دم تقبل وجهات النظر ضيق األف��ق عند‬
‫بعض المتعلمين‪ ،‬فض ً‬
‫ا على انتشار األمية‬
‫وتدني مستوى التعليم عند البعض؛ ولذلك‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫اﻻﺧﺘﻼف ُﺳﻨﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ‬
‫اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ واﻟﺘﻄﺎﺑﻖ اﺳﺘﺜﻨﺎء‬
‫ﺣﻴﺚ ﻳﺠﻌﻼن اﻟﺤﻴﺎة ﻓﺎﻗﺪة‬
‫ﻟﺮوح اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ‬
‫ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺗﻤﻠﻜﺖ ﺛﻘﺎﻓﺔ‬
‫اﻟﺮأي اﻟﻮاﺣﺪ واﻻﺳﺘﺒﺪاد وﻋﺪم‬
‫ﺳﻤﺎع وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ اﻷﺧﺮى‬
‫اهلل صلَّى َّ‬
‫َ‬
‫اهللُ َعلَيْهِ َو َسلَّ َم‪« :‬فَقِ ي ٌه‬
‫قال َر ُسو ُل ّ ِ َ‬
‫أَ َش�� ّ ُد َعلَى َّ‬
‫الشيْ َطانِ مِ � ْن أَلْ� ِ‬
‫�ف َع��ا ِب� ٍ�د» (رواه‬
‫الترمذي)‪ ،‬فالفقيه يستطيع معرفة مسالك‬
‫الشيطان وكيف يسدها‪ ،‬وكيف يتعامل مع‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الكثير من األسباب األخرى‬
‫التي يضيق المقام عن تتبعها‪.‬‬
‫أثر االختالف على األمم والجماعات‪:‬‬
‫لقد خلق اهلل الناس أمماً لتتعاون فيما‬
‫بينها‪ ،‬ويسود الحب والرحمة بينهم‪ ،‬وحث‬
‫الشرع على الوحدة وعدم الفرقة الناتجة عن‬
‫االختاف الذميم الذي يفرق األمة ويشرذمها‪.‬‬
‫‪ -1‬الفرقة وال��ت��ش��رذم والفشل وذه��اب‬
‫ال���ق���وة؛ ف��م��ن أث����ر االخ���ت���اف ع��ل��ى األم���م‬
‫والجماعات وال��ح��رك��ات الفرقة والتشرذم‪،‬‬
‫ولقد ج��اءت النصوص الشرعية بالنهي عن‬
‫االختاف واالفتراق‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -2‬نزول البالء وهالك األم��م؛ وما نزلت‬
‫المشكات في بلد من بلدان الدنيا إال حينما‬
‫تنازع أهله واختلفوا‪ ،‬ونزغ الشيطان بينهم‪،‬‬
‫وحلت األه��واء بينهم‪ ،‬فنزل الباء بهم؛ «وال‬
‫تختلفوا‪ ،‬فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا»‪.‬‬
‫‪ -3‬زع��زع��ة ال��ث��ق��ة ب��اإلس��الم وم��ن��اه��ج‬
‫العاملين وال��داع��ي��ن إل��ي��ه؛ فقد ج��رت ع��ادة‬
‫الناس في الربط بين الداعي ودعوته نجاحاً‬
‫وفش ً‬
‫ا‪ ،‬ومن ثم إتاحة الفرصة لظهور تيارات‬
‫من التشكيك والدعوة لانساخ من الدين‪،‬‬
‫فانظر كم يجني أهل التنازع على األمة ودينها‬
‫ورسالتها!‬
‫‪ -4‬إتاحة الفرصة لألعداء لاستقطاب‬
‫وبث روح التنازع بين األمة الواحدة‪.‬‬
‫‪ -5‬إشاعة روح اليأس واإلح��ب��اط وسط‬
‫الصفوف المسلمة التي يحزنها النزاع والحرب‬
‫وتندلع بين األمة بل والجماعة المسلمة‪.‬‬
‫تهذيب االختالف‬
‫إذا ك��ان بعض قصيري النظر ي��رون في‬
‫رمضان أسباباً لاختاف‪ ،‬فعلينا أن نضع‬
‫األمر في نصابه الصحيح؛ بحيث نجعل من‬
‫رمضان فرصة لتهذيب األخاق المنطلقة من‬
‫تحقيق التقوى التي هي أهم مقاصد الصوم‪،‬‬
‫ِب‬
‫كما قال تعالى‪( :‬يَ��ا أَ ّيُ� َه��ا ا ّلَ��ذِ ي� َن آ َم�نُ��وا ْ ُكت َ‬
‫ِب َعلَى ا ّلَذِ ي َن مِ ن َقبْ ِل ُك ْم‬
‫الصيَا ُم َك َما ُكت َ‬
‫َعلَيْ ُك ُم ِ ّ‬
‫لَ َعلَّ ُك ْم تَ ّتَقُو َن {‪( )}183‬البقرة)‪.‬‬
‫وحتى يتحقق ذلك ال بد من‪:‬‬
‫‪ -1‬استحضار ال��ن��واي��ا؛ ق��ال رس���ول اهلل‬
‫[‪« :‬إنما األعمال بالنيات»‪ ،‬لذا ال بد من‬
‫أجل الوصول إلى حوار إيجابي الصدق في‬
‫النية مع اهلل حتى تصفو القلوب وتتجرد من‬
‫األه���واء‪ ،‬ولعل رمضان فرصة للتدرب على‬
‫تصحيح النيات وتحقيق التجرد واإلخاص‪.‬‬
‫‪ -2‬التواضع؛ لكي ينجح االختاف البناء‬
‫ال��ذي يبني األم��م والشعوب ال بد أن يسود‬
‫ال��ت��واض��ع وق��ب��ول وج��ه��ات ال��ن��ظ��ر األخ���رى‬
‫والتعرف عليها‪ ،‬فأنت يا من أثر فيك االمتناع‬
‫عن األكل والشرب بضع ساعات ال تغفل عن‬
‫حقيقة نفسك وطبيعتك؛ فتواضع لعباد اهلل‬
‫حتى يرفعك اهلل‪.‬‬
‫‪ -3‬نشر ثقافة ال��ح��وار المبنية على‬
‫التسليم بحقّ االختاف والتنوع؛ جميل أن‬
‫نتحاور دون إقصاء أو تهميش‪ ،‬واألجمل أن‬
‫نتبادل المعرفة والرأي دون ترهيب‪ ،‬والخطوة‬
‫األولى لتحقيق ذلك هي تأكيد حق االختاف‬
‫‪15‬‬
‫ليس على مستوى الكلمات أو ال��ش��ع��ارات‬
‫فحسب‪ ،‬بل على مستوى الممارسة الفعلية‪،‬‬
‫في كل موقع وكل مكان‪ ،‬ولعل شهر رمضان‬
‫فرصة لتحقيق هذا األمر مع تقييد الشياطين‬
‫وتضييق مجاريها بالجوع والعطش‪.‬‬
‫‪ -4‬اجعل االختالف طاقة إيجابية؛ إن‬
‫اإليمانيات التي ينشرها شهر رمضان على‬
‫األرواح تجعله شهر التقاء ال شهر اختاف‪،‬‬
‫ف��وج��ود أك��ث��ر م��ن وج��ه��ة نظر أو رأي حول‬
‫الموضوع الواحد ال يمكن تفسيره على أنه‬
‫حالة سلبية‪ ،‬بل العكس من ذلك‪ ،‬فإنها حالة‬
‫إيجابية مفيدة ال بد منها في أي نقاش يجري‬
‫بين مجموعة من األف��راد‪ ،‬لما في ذلك من‬
‫فوائد كثيرة وكبيرة‪ ،‬فأعقل الناس من جمع‬
‫إلى عقله عقول الناس‪.‬‬
‫‪ -5‬االل��ت��زام ب���آداب ال��ح��وار؛ كاإلنصات‬
‫وع��دم قطع الحوار بصوت مرتفع للسيطرة‬
‫على النقاش‪ ،‬بل يجب مراعاة التكلم بذوق‬
‫وأدب واختيار الكلمات المعبرة الجميلة‪.‬‬
‫المسلمون يد واحدة‪ ،‬وقلب واحد‪ ،‬وكيان‬
‫واح����د‪ ،‬وف���ي رم��ض��ان تظهر ه���ذه ال��وح��دة‬
‫العظيمة‪ ،‬فشهر واح��د وصيام واح��د وقبلة‬
‫واحدة ومنهج واحد‪ ،‬وهم متوجهون بقلوبهم‬
‫ل��رب واح���د‪ ،‬تلهج جميع األل��س��ن��ة ف��ي هذا‬
‫الشهر بكتاب واحد (القرآن الكريم)‪ ،‬ولهذا‬
‫جعلنا اهلل أمة واحدة‪ ،‬فلماذا بلغت بنا الحال‬
‫م��ن ه���ذا االخ���ت���اف؟ ف��ا ينبغي أن يكون‬
‫تف ّ ُرق المسلمين واختافهم في يوم صومهم‬
‫وفطرهم ناتجاً عن خافات سياسية ومذاهب‬
‫فكرية واعتقادات باطلة‪.‬‬
‫ل��ق��د ت��ج��رع��ت األم�����ة ح���ي���اة ال��ت��ش��رذم‬
‫واالختاف حتى أصبحنا كاأليتام على موائد‬
‫اللئام‪ ،‬فهل يكون رمضان الذي يمر العام تلو‬
‫العام سبباً لوحدتنا‪ ،‬ورفع الباء عن أمتنا‪ ،‬أم‬
‫نظل صرعى االختاف والتشرذم؟!>‬
‫المراجع‬
‫‪ -1‬جمال البنا‪ :‬التعددية في مجتمع إسامي‪ ،‬ص‬
‫‪ ،11 - 10‬دار الفكر اإلسامي‪.‬‬
‫‪ -2‬مجلة بشرى‪ ،‬العدد ‪ ،77‬المحرم ‪1424‬ه�‪.‬‬
‫‪ -3‬الصحوة اإلسامية من المراهقة إلى الرشد‪،‬‬
‫يوسف القرضاوي‪ ،‬الشروق‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪16‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫رمضان‪ ..‬فرصة الكتشاف الذات‬
‫ال أقللللدر‪ ..‬ال أسللللتطيع‪ ..‬عزيمتي ضعيفللللة‪ ..‬إمكاناتي‬
‫محللللدودة‪َ ..‬‬
‫نفسللللي قصير‪ ..‬ال طاقة بللللي على الصبر‪..‬‬
‫ال ُأحسللللن أن ُأصلللللي إال هكللللذا‪ ،‬تلك الصاة السللللريعة‬
‫الخالية من الخضوع والخشللللوع والمناجللللاة‪ ،‬ال تحدثني‬
‫عن أركانها وأوقاتها؛ فأنللللا أعرف هذا كله‪ ،‬لكني ال‬
‫أحسن غير هذا الذي ترى!‬
‫ُ‬
‫علي‬
‫أعرف أن إطاق النظر إلى الغاديات الرائحات‪ ،‬يجلب َّ‬
‫حامد العطار‬
‫آه‪ ..‬التدخين‪ ،‬بالطبع ال‪ ..‬ال أس���تطيع أن‬
‫أعي���ش بدونه‪ ،‬من حق���ك أال تدرك ضرورته‬
‫للمدخن؛ ألنك لست مبتلى به‪ ،‬أ َّما نحن فقد‬
‫اختل���ط بلحمنا وعظمن���ا‪ ،‬وال طاقة لنا عنه‪،‬‬
‫وما مثلنا ومثلك إال كما قال الشاعر‪:‬‬
‫الع���ذري معذرة‬
‫يا الئم���ي في الهوى‬
‫ّ‬
‫منّ���ي إلي���ك ول���و أنصف���ت ل���م تل���م‬
‫وم���ن قال ل���ك‪ :‬إنني ال أح���ب أن أغطي‬
‫ش���عري؟ أن���ا أعلم أنه أم���ر اهلل‪ ،‬فأنا أحفظ‬
‫���ن َعلَ���ى‬
‫قول���ه تعال���ى‪َ ( :‬ولْ َي ْ‬
‫ضرِ بْ��� َن ِبخُ ُمرِ ِه َّ‬
‫���ن) (النور‪ ،)31:‬وكم س���معت قوله [‬
‫ُجيُوبِهِ َّ‬
‫ألس���ماء‪ ،‬لكن اتخاذ ه���ذا القرار ليس باألمر‬
‫ﻳﺄﺗﻲ رﻣﻀﺎن ﻟﻴﻜﺸﻒ ﻟﻺﻧﺴﺎن‬
‫أن ﺑﺪاﺧﻠﻪ إﻣﻜﺎﻧﺎت ﺗﻤﻨﺤﻪ‬
‫اﻟﻘﻮة ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻧﻔﺴﻪ وﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ‬
‫ﻟﻸﻓﻀﻞ‬
‫‪..‬ﻓﻴﻜﺘﺸﻒ ذﻟﻚ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي‬
‫ﻛﺎن ﻳﺼﻠﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﻛﻴﻔﻤﺎ اﺗﻔﻖ‬
‫أﻧﻪ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﺠﺪ‬
‫من الضللللر اآلجل أكثر مما يجلب لي مللللن النفع العاجل‪،‬‬
‫ُأدرك أننللللي ال أجني من ورائه إال الحسللللرة واألماني التي‬
‫علي الرضللللا والقناعة بما‬
‫ال تللللدرك‪ ،‬وأعلم أنلللله ُي ّ‬
‫صعب َّ‬
‫قسمه اهلل لي‪ ،‬لكن ماذا أفعل؟ غض البصر ليس باألمر‬
‫السهل‪ ،‬أحاوله‪ ،‬فا أستطيعه‪ ،‬وأريده فأعجز عنه! لكم‬
‫تمنيت الخاص من إطاق نظري فما اسللللتطعت‪ ،‬هذه‬
‫هي قدراتي‪ ،‬ورحم اهلل امرءاً عرف قدر نفسه!‬
‫الهين‪ ،‬إنه قرار مصيري‪ ،‬يحتاج إلى إعدادات‬
‫كبي���رة‪ ،‬إع���دادات نفس���ية واجتماعية‪ ،‬وهذه‬
‫االستعدادات دونها تحديات كبيرة‪ ،‬أنا أتمنى‬
‫أن ت���زول كله���ا‪ ،‬وأن تأتي تل���ك اللحظة التي‬
‫أنتص���ر فيها على كل ه���ذه التحديات‪ ،‬لكنها‬
‫لألس���ف ل َّما ِ‬
‫تأت‪ ..‬وال أعرف متى س���تأتي‪،‬‬
‫هذا علمه عند اهلل‪.‬‬
‫قيام الليل‪ ..‬يا س���يدي م���اذا تقول؟ يبدو‬
‫أن���ك ال تعيش مطحن���ة الحياة الت���ي نعيش‪،‬‬
‫إنني بالكاد أعود إلى البيت‪ ،‬فأنام‪ ،‬ألبدأ في‬
‫الغد عنا ًء جديداً‪ ..‬وهكذا دواليك‪.‬‬
‫قي���ام الليل ه���ذا كان في وقت يعيش فيه‬
‫المسلمون على أُعطيات تأتيهم كل شهر دون‬
‫عن���اء‪ ،‬فتغنيه���م ع���ن التعب والنص���ب طوال‬
‫النه���ار‪ ،‬لق���د كان حوضهم مآلن���اً‪ ،‬وروضهم‬
‫أُنُفاً‪ ،‬أما نحن‪ ،‬فإنني أكون ابن تيمية عصري‬
‫إن أن���ا حافظت على الصل���وات الخمس في‬
‫مواعيدها!‬
‫رمضان يفضح األكاذيب‬
‫ه���ذه نماذج م���ن إجاب���ات كثيري���ن ممن‬
‫حولنا‪ ،‬ممن يريدون بح���ق أن يغيروا حياتهم‬
‫لألفضل‪ ،‬لكنهم يعتقدون أنهم ال يقدرون‪.‬‬
‫يأتي شهر رمضان الفضيل ليكشف زيف‬
‫هذه الرؤى‪ ،‬يأتي ليكشف لإلنسان أنه يقدِ ر‪،‬‬
‫وأن بداخل���ه إمكان���ات وق���درات كافية ليس‬
‫لتغييره هو لألفض���ل فقط‪ ،‬بل لتمنحه القوة‬
‫أن يغير ما حوله ومن حوله لألفضل‪.‬‬
‫يأتي ش���هر رمضان‪ ،‬فيكتش���ف المدخن‬
‫يحس���ب أن���ه ال يصب���ر على ترك‬
‫ال���ذي كان َ‬
‫التدخين س���اعة أو ساعتين‪ ،‬أنه هو هو الذي‬
‫يصبر اآلن أربع عش���رة ساعة متواصلة وهو‬
‫صائم‪.‬‬
‫نع���م‪ ،‬ه���و ه���و‪ ،‬دون أن يخض���ع لعملي���ة‬
‫جراحي���ة‪ ،‬وال إلى جلس���ات نفس���ية بين يدي‬
‫طبي���ب نفس���اني‪ ،‬إنه هو هو ال���ذي كان يظن‬
‫أن���ه عاجز ع���ن ذلك‪ ،‬فإذا بالق���درات تتفجر‬
‫بين جوانب���ه‪ ،‬ليتعرف على نفس���ه من جديد‬
‫أنه قادر ومس���تطيع‪ ،‬ولم يكن يمنعه إال س���وء‬
‫الظن في نفسه‪.‬‬
‫ل���م يكن يمنعه إال أنه ال يريد أن يجرب‪..‬‬
‫لم يكن يمنعه إال استس���امه لعادة‪ِ ،‬‬
‫حس���بها‬
‫طبع���اً ال يتغير‪ ،‬أو ِخلقة ال تتبدل‪ ،‬إنه لم يكن‬
‫عجزاً إذن‪ ،‬ولكنه كان ش���عوراً بالعجز‪ ،‬يذكيه‬
‫الش���يطان‪ ،‬وينميه استسهال الواقع وتسويغه‬
‫إلسكات صوت الضمير!‬
‫يأت���ي ش���هر رمض���ان‪ ،‬فيكتش���ف ذل���ك‬
‫الشخص الذي كان يصلي صاته كيفما اتفق‪،‬‬
‫أنه ق���ادر على الحفاظ عليها في جماعة في‬
‫المسجد‪ ،‬أن رجليه ال يزال بإمكانهما التوجه‬
‫إل���ى المس���جد‪ ،‬أن خطوات���ه ال ت���زال تعرف‬
‫الطريق إلى المس���جد‪ ،‬أن المس���جد لم يُغلق‬
‫دونه‪ ،‬أنه ال يزال له في المسجد مكان‪ ،‬يتوق‬
‫إليه‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬يكتشف أنه يستطيع أن يُحرز درجة‬
‫أعلى من تلك الدرجة الضعيفة الباهتة‪ ،‬قال‬
‫رس���ول اهلل [‪« :‬إن العب��� َد ليصلي الصاةَ؛‬
‫ما يُ ْكت َُب له منها إال ُع ْش��� ُرها‪ ،‬ت ُْس ُعها‪ ،‬ثُ ْمنُها‪،‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫ُس���بْ ُعها‪ُ ،‬س ْد ُس���ها‪ ،‬خُ ْمس���ها‪ُ ،‬ربْ ُعه���ا‪ ،‬ثُلْثُه���ا‪،‬‬
‫ِصفُه���ا» (رواه اب���ن المب���ارك ف���ي الزه���د‪،‬‬
‫ن ْ‬
‫وصحح���ه األلباني في صفة صاة النبي [‬
‫‪.)15 /1‬‬
‫يأت���ي ش���هر رمض���ان‪ ،‬فتغط���ي كثي���ر‬
‫م���ن المتبرج���ات ش���عورهن‪ ،‬لتع���رف أختن���ا‬
‫أن تل���ك التحدي���ات‪ ،‬وتل���ك العقب���ات‪ ،‬وتلك‬
‫االس���تعدادات‪ ،‬كانت من نسج خيال أوحى به‬
‫إليها الشيطان‪ ،‬وتسويغ الواقع إسكاتاً لتأنيب‬
‫الضمي���ر‪ ،‬ه���ا هي بكل س���هولة تج���ر غطاء‬
‫تغطي به شعرها‪ ،‬دون أن تتنكر لها الحياة‪.‬‬
‫الشعور الوهمي بالعجز‬
‫ولعلك اآلن تسأل عن صاحبنا الذي كان‬
‫ي���رى أن قيام الليل يحت���اج إلى أُعطيات بيت‬
‫المال؟ إنه اآلن هناك يصف قدميه في الصف‬
‫األول مع المس���لمين خل���ف اإلمام في صاة‬
‫التراوي���ح الطويلة‪ ،‬التي تس���تغرق س���اعتين‪،‬‬
‫وربما أكثر من ذلك‪ ،‬إنه هو الذي ييمم وجهه‬
‫نحو الفتات المس���جد بع���د الفراغ من صاة‬
‫التراوي���ح؛ ليتعرف إل���ى موعد التهجد‪ ،‬الذي‬
‫ربما يكون بعد ساعة أو ساعتين‪.‬‬
‫آه‪ ..‬لق���د ضاع عمر طوي���ل في االنخداع‬
‫أن أبا هريرة‬
‫بش���عور العجز‪ُ ،‬ح ّدث اب ُن عمر َّ‬
‫ٌ‬
‫قيراط»‪ ،‬فقال‪ :‬أكث َر‬
‫يقول‪َ « :‬من تَبع جناز ًة فله‬
‫أبو هريرة علينا‪ ،‬فص َّد َقت ‪-‬يعني عائشة‪ -‬أبا‬
‫س���معت رسول اهلل صلى اهلل‬
‫هريرة‪ ،‬وقالَت‪:‬‬
‫ُ‬
‫عليه وس���لَّم يقوله‪ ،‬فقال اب ُن عمر رضي اهلل‬
‫عنهما‪« :‬لقد ف َّرطنا في قراريط كثيرةٍ » (رواه‬
‫البخاري)‪.‬‬
‫يق���ول العام���ة اب���ن القي���م‪« :‬كم���ال كل‬
‫إنس���ان إنما يت���م بأمرين‪ :‬هم���ة ترقيه‪ ،‬وعلم‬
‫يبصره ويهديه‪ ،‬فإن مراتب الس���عادة والفاح‬
‫إنما تفوت العبد م���ن هاتين الجهتين‪ ،‬أو من‬
‫إحداهما؛ إما أال يكون له علم بها فا يتحرك‬
‫في طلبها‪ ،‬أو يكون عالماً بها وال تنهض همته‬
‫إليها‪ ،‬فا يزال في حضيض طبعه محبوساً‪،‬‬
‫وقلب���ه ع���ن كمال���ه الذي خل���ق له مص���دوداً‬
‫منكوس���اً‪ ،‬قد أسام نفس���ه مع األنعام‪ ،‬راعياً‬
‫مع الهمل‪ ،‬واس���تان فراش العجز والكس���ل‪،‬‬
‫ال كم���ن رفع له علم فش���مر إلي���ه‪ ،‬وبورك له‬
‫ف���ي تفرده في طري���ق طلبه فلزمه واس���تقام‬
‫علي���ه‪ ،‬ق���د أبت غلبات ش���وقه إال لهجرة إلى‬
‫اهلل ورس���وله‪ ،‬ومقتت نفس���ه الرفقاء إال ابن‬
‫سبيل يرافقه في سبيله»‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫لقد استعاذ النبي [ من شيئين‪ ،‬قرنهما‬
‫بعضهم���ا بعض���اً؛ العجز والكس���ل‪ ،‬وفي ذلك‬
‫يقول ابن القيم‪« :‬الْعجز والكسل قرينان‪ ،‬فإن‬
‫مصلحة ال َعبْد وكماله ولذته وس���روره‬
‫تخلف‬
‫َ‬
‫َعن���هُ‪ ،‬إما أن يكون مصدره ع���دم الْ ُق ْد َرة َف ُه َو‬
‫‪17‬‬
‫الْ َعجز‪ ،‬أ ْو يكون قادراً َعلَيْهِ ‪ ،‬لَكِ ن تخلف لعدم‬
‫إ َرا َدته َف ُه َو الكسل‪.‬‬
‫صاح���ب الكس���ل يُ���ام عيه َم���ا ال يام‬
‫َو َ‬
‫على الْ َعج���ز‪َ ،‬وقد يكون الْ َعجز ثَ َم َرة الكس���ل‬
‫فيام َعلَيْهِ أيضاً؛ فكثيراً َما يكسل الْ َم ْرء َعن‬
‫َّ‬
‫الش���يء ا ّلَذي ُه��� َو َقادر َعلَيْ���ه‪ ،‬وتضعف َعن ُه‬
‫إرادته فيفضي ب���ه إلى الْ َعجز َعنهُ‪َ ،‬و َه َذا ُه َو‬
‫الْ َعج���ز ا ّلَذي يل���وم اهلل َعلَيْه في َق���ول ال ّنَبي‬
‫[‪« :‬إن اهلل يل���وم على الْ َعجز»‪َ ،‬وإ َِّال فالعجز‬
‫ا ّلَ���ذِ ي لم تخلق لَ ُه قد َرة على َدفعه‪َ ،‬و َال ي ْدخل‬
‫معجوزه تَحت الْ ُق ْد َرة َال يام َعلَيْه»‪.‬‬
‫َق���ا َل بع���ض الْ ُح َك َماء ف���ي َوصيته‪« :‬إياك‬
‫والكس���ل والضجر‪ ،‬ف���إن الكس���ول َال ينْهض‬
‫���ض إليها َال يصبر‬
‫لمكرم���ة‪،‬‬
‫والضجر إذا نَ َه َ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫َعلَيْ َه���ا‪ ،‬والضجر متولد عن الكس���ل َوالعجز؛‬
‫الحدِ يث ِبلَفْ���ظ»‪( .‬مفتاح دار‬
‫َفلم يف���رده في َ‬
‫السعادة ‪.)113 /1‬‬
‫راقب نفسك‬
‫راقب نفس���ك ف���ي رمض���ان وكأنك تعيد‬
‫اكتشافها‪ ،‬فسوف تبهرك معرفتها من جديد‪،‬‬
‫سوف تتعرف على مكامن قدراتها وإمكاناتها‬
‫وإراداته���ا‪ ،‬س���وف تعرف أنك ل���م تكن تعرف‬
‫نفس���ك‪ ،‬وأنك كنت تظلمها بسوء الظن فيها‪،‬‬
‫وبإحس���انك الظن ف���ي أعدائه���ا الذين كانوا‬
‫يقبحونه���ا في عينك‪ ،‬ويظهرونها أمامك أنها‬
‫عاجزة‪ ،‬بل س���وف تفاجأ أنك كنت واحداً من‬
‫أعدائها‪.‬‬
‫وإذا وقف���ت بنفس���ك عل���ى قدراته���ا‬
‫وإمكاناتها‪ ،‬فا تعد بها إلى إحساس العجز‪،‬‬
‫وال إلى مدارج العجز‪ ،‬بل دعها تكمل س���يرها‬
‫دون أن تعيقه���ا‪ ،‬وأحس���ن إليه���ا بتش���جيعها‬
‫وحثه���ا لتص���ل بك إل���ى مرض���اة اهلل؛ فإنها‬
‫مطيتك إلى ذلك‪.‬‬
‫فج���ر فيها الطاق���ات اإليجابية‪ ،‬تعلم من‬
‫ّ‬
‫أبي مس���لم الخوالني حينما كان يفتر فيحث‬
‫نفسه ويحدثها قائ ً‬
‫ا‪« :‬أيظن أصحاب محمد‬
‫أن يس���تأثروا به دوننا؟ كا‪ ،‬واهلل لنزاحمنهم‬
‫علي���ه زحام���اً حت���ى يعلم���وا أنهم ق���د خلفوا‬
‫وراءهم رجاالً»‪>.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫محطات إيمانية في طريق التربية (‪)15‬‬
‫شهر التزكية‬
‫إنها رحلة التزكية السنوية التي ينتظرها المسلمون في‬
‫كل مكان‪ ،‬ويدعون اهلل تعالى أن يبلغهم إياها‪ ،‬إنهم‬
‫يعدون أنفسهم السلللتقبالها‪ ،‬فهم معها على موعد‬
‫كل عام حيث يضعلللون على أعتابهلللا أوزاراً أرهقتهم‪،‬‬
‫وذنوب ًا أثقلتهم‪ ،‬وأعما ًال تحتاج إلى تنقيح وتنقية‪ ،‬وما‬
‫إن يصلوا إليها أو تصل إليهم حتى يبدأ عملهم الدؤوب‬
‫فيها لتزكية األنفس واالرتقاء بها لتصبح نفوس ًا زكية‬
‫ِم ال وهي محطة رمضان للتطهير والتزكية‬
‫مطمئنة‪ ،‬ول َ‬
‫الجماعية والفردية‪ ،‬فيا لسلللعادة من يصل إليها فيزكو‬
‫قلبه‪ ،‬وتتزكى نفسه! فاللهم بلغنا رمضان‪.‬‬
‫إيمان مغازي الشرقاوي‬
‫التزكية مطلب مهم وض����روري لكل من‬
‫آم��ن ب��اهلل تعالى‪ ،‬وق��د طلبها نبينا إبراهيم‬
‫عليه السام في دعائه لذريته فقال‪َ ( :‬ر ّبَ�نَ��ا‬
‫َوابْ َعثْ فِ يهِ ْم َر ُس��والً ِ ّمنْ ُه ْم يَتْلُو َعلَيْهِ ْم آيَات َ‬
‫ِك‬
‫َاب َوالْ ِح ْك َم َة َويُ َز ِ ّكيهِ ْم ِإ ّنَ� َ‬
‫نت‬
‫�ك أَ َ‬
‫َويُ َع ِلّ ُم ُه ُم الْكِ ت َ‬
‫�ح��كِ ��ي� ُم {‪( )}129‬ال��ب��ق��رة‪،)129 :‬‬
‫ال � َع��زِ ي � ُز ال� َ‬
‫ق��ال القرطبي‪« :‬ال��زك��اة هي التطهير»‪ ،‬وقال‬
‫طنطاوي‪« :‬ويزكيهم‪ :‬أي يطهرهم من أرجاس‬
‫الشرك ومن كل ما ال يليق التلبس به ظاهراً‬
‫أو باطناً»‪ ،‬وذكر السعدي أن هذه التزكية من‬
‫اهلل تعالى لهم تكون بالتربية على األعمال‬
‫الصالحة والتبري من األعمال الردية التي ال‬
‫تزكي النفوس معها‪.‬‬
‫والتزكية م ّنَة من اهلل تعالى ينعم بها على‬
‫عباده ويهديهم إلى أسباب حصولها‪ ،‬فقد أرسل‬
‫رسوله [ من أجل تحقيقها في نفوس الناس‬
‫عامة‪ ،‬والمؤمنين خاصة‪ ،‬ق��ال تعالى‪( :‬لَ َق ْد‬
‫َم� َّ�ن ّ‬
‫اهللُ َعلَى الْ ُمؤمِ نِي َن ِإ ْذ بَ َعثَ فِ يهِ ْم َر ُس��والً‬
‫ِ ّم ْن أَنف ُِسهِ ْم يَتْلُو َعلَيْهِ ْم آيَاتِهِ َويُ َز ِ ّكيهِ ْم َويُ َع ِلّ ُم ُه ُم‬
‫ال‬
‫َاب َوالْ ِح ْك َم َة َوإِن َكانُواْ مِ ن َقبْ ُل لَفِ ي َض ٍ‬
‫الْكِ ت َ‬
‫ِين {‪( )}164‬آل عمران‪ ،)164 :‬فهي عملية‬
‫ّ ُمب ٍ‬
‫تطهير للنفس من كل ما يشوبها من أعمال أو‬
‫أقوال أو اعتقادات تخالف ما يريده اهلل لنا‪ ،‬أو‬
‫تؤخرنا عن طريقه المستقيم‪.‬‬
‫رمضان‪ ..‬وتزكية النفس‪:‬‬
‫وم���ن أه���م أس��ب��اب ال��ت��زك��ي��ة ح��ل��ول شهر‬
‫رمضان‪ ،‬حيث تتهيأ األجواء من أول ليلة فيه‬
‫بحصول السكينة التي تمهد للصائم أن يخوض‬
‫في بحار الطاعات التي تطهر نفسه‪ ،‬قال [‪:‬‬
‫ص ِ ّف َد ِت َّ‬
‫الشياطي ُن‬
‫«إذا كا َن أ َّو ُل ليلةٍ من رمضا َن ُ‬
‫مر َدةُ‬
‫أبواب ال ّنَارِ فلم يُفتَ ْح منها‬
‫الجن‪ ،‬و ُغ ِلّ َق ْت‬
‫ِّ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َةِ‬
‫ّ‬
‫باب‬
‫منها‬
‫ق‬
‫ل‬
‫غ‬
‫ي‬
‫م‬
‫ل‬
‫ف‬
‫ن‬
‫الج‬
‫أبواب‬
‫ت‬
‫ِح‬
‫ت‬
‫وف‬
‫باب‪،‬‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫باغي َّ‬
‫َونادى ُم ٍ‬
‫الش ِ ّر‬
‫باغي الخيرِ أقبل ويا‬
‫ناد يا‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫أقصر» (أخرجه البخاري)؛ فيبدأ المسلم في‬
‫التشمير عن ساعد الجد لخير العمل‪ ،‬وما‬
‫أكثر أع��م��ال رم��ض��ان المزكية للبدن وال��روح‬
‫معاً‪ ،‬وعلى رأسها صيام نهار رمضان‪ ،‬فإن أثره‬
‫عظيم ودروس التزكية فيه كثيرة‪ ،‬ونسبة النجاح‬
‫فيها عالية ومميزة‪ ،‬يخرج الصائم منها في‬
‫نهاية رمضان وقد غفر له‪ ،‬كما قال النبي [‪:‬‬
‫«من صام رمضا َن إيماناً واحتساباً‪ُ ،‬غفِ َر له ما‬
‫تق َّد َم من ذنبِه» (أخرجه البخاري)‪.‬‬
‫فالصيام أص��ل من أص��ول تزكية النفس‬
‫وتقوية إرادتها وتحملها مقتضيات طاعة اهلل‬
‫تعالى‪ ،‬وه��و كما ق��ال اب��ن القيم‪« :‬ه��و لرب‬
‫العالمين من بين سائر األعمال‪ ،‬فإن الصائم ال‬
‫يفعل شيئاً‪ ،‬وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه‬
‫من أجل معبوده‪ ،‬فهو ترك محبوبات النفس‬
‫وتلذذاتها إيثاراً لمحبة اهلل ومرضاته‪ ،‬وهو سر‬
‫بين العبد وربه ال يطلع عليه سواه‪ ،‬والعباد قد‬
‫يطلعون منه على ت��رك المفطرات الظاهرة‪،‬‬
‫وأم��ا كونه ت��رك طعامه وش��راب��ه وشهوته من‬
‫أجل معبوده‪ ،‬فهو أمر ال يطلع عليه بشر‪ ،‬وذلك‬
‫حقيقة الصوم» (زاد المعاد)‪.‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫ال���ص���وم م���درس���ة ال��ت��زك��ي��ة ال��روح��ي��ة‬
‫واألخالقية واالجتماعية‪:‬‬
‫إنها مدرسة التقوى التي ذكرها اهلل في‬
‫ِب َعلَيْ ُك ُم‬
‫كتابه فقال‪( :‬يَا أَ ّيُ َها ا ّلَذِ ي َن آ َمنُواْ ُكت َ‬
‫ِب َعلَى ا ّلَذِ ي َن مِ ن َقبْ ِل ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم‬
‫الصيَا ُم َك َما ُكت َ‬
‫ِّ‬
‫تَ ّتَقُو َن {‪( )}183‬البقرة)‪ ،‬وإن العلم الصحيح‬
‫ب��أح��ك��ام ال��ص��ي��ام وف��ض��ي��ل��ة رم���ض���ان‪ ،‬وأج��ر‬
‫العاملين‪ ،‬وج��زاء الصائمين‪ ،‬يدفع بالصائم‬
‫لطريق التزكية الصحيح والسلوك فيه به َّمة؛‬
‫كقوله [‪« :‬يقو ُل اهللُ ع َّز وج َّل‪ :‬ك ّ ُل ع َملِ ابنِ‬
‫آد َم له إال الصيا َم فهو لِي وأنا أجزِ ي ِبهِ إ ّنَ َما‬
‫يتْ ُر ُك طعا َم َه َ‬
‫أجلِي فصيا ُم ُه لَه وأنا‬
‫وش َرابَ ُه مِ ن ْ‬
‫أجزِ ي بِه ك ّ ُل حسنةٍ بعشرِ أمثا ِل َها إلى سبعمائِةِ‬
‫ٍ‬
‫ضعف إال الصيا َم فهو لِي وأنا أجزِ ي ِبهِ » (رواه‬
‫أحمد)‪ ،‬وقوله‪« :‬إ َّن في الج ّنَةِ با ًبا يُقا ُل له‪:‬‬
‫الصائمو َن يو َم القيا َمةِ ‪ ،‬ال‬
‫ال َّر ّيَا ُن‪ ،‬يَدخُ ُل مِ نه َّ‬
‫ُ‬
‫الصائمونَ؟‬
‫ن‬
‫أي‬
‫‪:‬‬
‫ل‬
‫قا‬
‫ي‬
‫م‪،‬‬
‫يَدخُ ُل مِ نه أَح ٌد غي ُر ُه ُ‬
‫َ َّ‬
‫فيَقومو َن ال يَدخُ ُل مِ نه أَح ٌد غي ُر ُهم‪ ،‬فإذا َد َخلوا‬
‫أُغ ِلقَ‪ ،‬فلن يَدخُ َل مِ نه أَح ٌد» (أخرجه البخاري)‪.‬‬
‫وإن إح��س��اس ال��ص��ائ��م ب��ال��ج��وع ويقينه‬
‫بحاجته للطعام وال��ش��راب ليشعره بالضعف‬
‫وال��ذل واالنكسار بين ي��دي رب��ه ال��ذي يطعمه‬
‫ويسقيه‪ ،‬فيزداد إيماناً به ويقيناً برحمته وحباً‬
‫له‪ ،‬وإذا تأدب الصائم بآداب الصيام فقد دخل‬
‫في حصن حصين‪ ،‬فزكت نفسه وسمت روحه‬
‫وحلق في آفاق رحبة من السكينة والقرب‪ ،‬وقد‬
‫ب َّين ذلك النبي [ في قوله‪« :‬الصيا ُم ُج ّنَ ٌة‪ ،‬وهو‬
‫ِح ْص ٌن مِ ْن حصونِ المؤمِ نِ » (صحيح الجامع)‪.‬‬
‫وحذر من أن يكون صيامنا صياماً شكلياً‬
‫خالياً من معانيه وأغراضه‪ ،‬فقال [‪« :‬من لم‬
‫يدع قول الزور والعمل به فليس هلل حاجة في‬
‫أن يدع طعامه وشرابه» (رواه البخاري)‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫يام الجو ُع وال َع َط ُ‬
‫ش»‬
‫«و ُر َّب صائ ٍِم َح ّ ُظ ُه مِ َن ِ ّ‬
‫الص ِ‬
‫(صحيح الترغيب)‪.‬‬
‫بل حث على أن يكون ألخاقنا نصيب من‬
‫الترقي في شهر رمضان فقال [‪« :‬إذا أصبَ َح‬
‫أح ُد ُكم يوماً صائماً‪ ،‬فا ير ُفثْ وال يج َه ْل‪ ،‬فإنِ‬
‫امر ٌؤ شات َم ُه أو قاتلَهُ‪ ،‬فلي ُق ْل‪ :‬إ ّنِي صائ ٌم‪ ،‬إ ّنِي‬
‫صائ ٌم» (رواه مسلم)‪ ،‬وقد فهم الصحابة ذلك‬
‫فيقول جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنه‪« :‬إذا‬
‫صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن‬
‫‪19‬‬
‫ال��ك��ذب وال��م��ح��ارم‪ ،‬ودع أذى ال��خ��ادم‪ ،‬وليكن‬
‫عليك وق��ار وسكينة ي��وم صيامك‪ ،‬وال تجعل‬
‫يوم فطرك وصومك سواء» (فضائل األوقات‬
‫للبيهقي)‪.‬‬
‫إن ص��ي��ام جميع المسلمين ف��ي مشارق‬
‫األرض ومغاربها في نهار رمضان‪ ،‬وتاصق‬
‫األك��ت��اف ب��األك��ت��اف م��ن ج��م��وع المصلين في‬
‫ق��ي��ام رم��ض��ان؛ لهو تربية على روح ال��وح��دة‬
‫واألخ � ّوة واالجتماع على طاعة اهلل عز وجل‪،‬‬
‫وإن إحساس الصائم بالجوع ليزيد من اللحمة‬
‫األخ��وي��ة بينه وبين الجائعين في شتى بقاع‬
‫األرض‪ ،‬وإن التفاف األسرة حول مائدة اإلفطار‬
‫في رمضان يجدد أواصر األلفة بين أفرادها‬
‫ويزيد من تآلفها‪ ،‬بل إن إهداء الجار طبقاً من‬
‫طعام الفطور لجاره أو تفطير بعض الصائمين‬
‫لَيقوي من العاقات بين أف��راد المجتمع بما‬
‫يعود عليه بالقوة والترابط‪ ،‬أفا تزكو النفس‬
‫وتشف بمثل هذه العبادات في رمضان؟!‬
‫إﺣﺴﺎس اﻟﺼﺎﺋﻢ ﺑﺎﻟﺠﻮع ﻳﺸﻌﺮه‬
‫ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ واﻻﻧﻜﺴﺎر ﺑﻴﻦ ﻳﺪي رﺑﻪ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وﻳﻘﻴﻨﺎ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ‬
‫إﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﻪ‬
‫ﻓﻴﺰداد‬
‫ اتباع ُسنة النبي [ وهديه في الصيام‪:‬‬‫فقد حث على السحور لنتقوى على العبادة‪،‬‬
‫�س��ح��ورِ بركة»‬
‫وق���ال‪« :‬ت��س� َّ‬
‫�ح��روا‪ ،‬ف��إن ف��ي ال� َّ‬
‫(رواه البخاري)‪ ،‬ودعانا لتعجيل الفطر فقال‪:‬‬
‫عجلوا الفط َر» (رواه‬
‫الناس‬
‫«ال يزا ُل‬
‫ٍ‬
‫بخير ما َّ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫البخاري)‪ ،‬ودلنا على ما ينفعنا فقال‪« :‬إذا أفط َر‬
‫أح ُدكم‪ ،‬فليُ ِ‬
‫َمر فإ ّنَ ُه بَ َر َك ٌة‪ ،‬فإ ْن لم‬
‫فط ْر علَى ت ٍ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫يَ ِجد تَمراً‪ ،‬فالماءُ فإ ّنَ ُه طهو ٌر» (رواه الترمذي)‪،‬‬
‫وك���ان يكثر ف��ي رم��ض��ان م��ن أن���واع العبادات‬
‫كالصدقة واإلحسان وت��اوة القرآن والصاة‬
‫والذكر واالعتكاف‪ ،‬وكل ذلك له أكبر األثر في‬
‫تزكية نفوسنا لو اتبعناه‪.‬‬
‫ ق��ي��ام ل��ي��ال��ي رم��ض��ان واغ��ت��ن��ام العشر‬‫األواخ����ر‪ :‬ف��إن إح��ي��اء ه��ذه الليالي بالصاة‬
‫وال��ق��رآن وال��دع��اء واالعتكاف إنما هو إحياء‬
‫للقلوب‪ ،‬حيث يهجر القائم نومه ويقف في‬
‫جموع المصلين داعياً راج��ي�اً‪ ،‬خائفاً وج� ً‬
‫ا‪،‬‬
‫أليس هذا من عوامل التزكية الماحية للذنوب‬
‫الساترة للعيوب‪ ،‬الموجبة للمغفرة بفضل اهلل‬
‫عز وجل؟ ألم يقل النبي [‪« :‬من قا َم رمضا َن‬
‫إيماناً واحتساباً ُغفر ل ُه ما تق َّدم من ذنبهِ »‬
‫(صحيح النسائي)‪ ،‬أما العشر ففيها ليلة العمر‬
‫التي قال اهلل عنها‪( :‬لَيْل َ ُة الْ َقدْرِ َخيْ ٌر ِ ّم ْن أَلْ ِف‬
‫َش ْه ٍر {‪( )}3‬القدر)‪ ،‬وقال عنها النبي [‪َ « :‬م ْن‬
‫ُحرِ َمها َف َق ْد ُحرِ َم الخي َر ُكلَّهُ‪َ ،‬‬
‫وال يُ ْح َر ُم خي َرها‬
‫َّإال محرو ٌم» (صحيح الجامع)‪.‬‬
‫ ت��اوة ال��ق��رآن الكريم‪ :‬فرمضان شهر‬‫القرآن‪ ،‬وبتاوته تطمئن القلوب‪ ،‬وبتدبره وفهم‬
‫معانيه يزيد اإليمان ويتحقق اليقين‪ ،‬وبصحبته‬
‫والعمل به تزكو النفوس‪ ،‬وصحبة القرآن آكد‬
‫وأشد في رمضان حيث تنزل فيه على الرسول‬
‫[‪ ،‬ق��ال تعالى‪َ :‬‬
‫(ش� ْه� ُر َر َم� َ‬
‫�ض��ا َن ا ّلَ���ذِ َي أُن��زِ َل‬
‫َاس َوبَ ِ ّين ٍَات ِ ّم� َن الْ ُه َدى‬
‫فِ يهِ الْ� ُق� ْرآ ُن ُه� ًدى ّلِل ّن ِ‬
‫َوالْ ُف ْر َقانِ ) (البقرة‪« ،)185 :‬وكان جبري ُل يلقاه‬
‫في ك ِ ّل ليلةٍ منه فيدارِ ُسه القرآنَ» كما روي عن‬
‫ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫فهذه الصلة القوية والدائمة بكتاب اهلل‬
‫تزكي النفس في الدنيا وتسعدها في اآلخرة‪،‬‬
‫«الصيا ُم والقرآ ُن يش َفعانِ‬
‫كما في الحديث‪:‬‬
‫ِّ‬
‫ُ‬
‫رب منعتُ ُه‬
‫الصيا ُم‪ :‬أي ِ ّ‬
‫للعبدِ يو َم القيامةِ ‪ ،‬يقول ِ ّ‬
‫َّ‬
‫الطعا َم َّ‬
‫والش ِ‬
‫هوات بال ّنَهارِ فش ِ ّفعني فيهِ ‪ ،‬ويقو ُل‬
‫القرآ ُن‪ :‬منعتُ ُه ال ّنَو َم باللَّيلِ فش ِ ّفعني فيهِ قالَ‬
‫ف ّ‬
‫َيشفَعانِ» (رواه أحمد)‪>.‬‬
‫اﻟﺘﺰﻛﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻄﻬﻴﺮ ﻟﻠﻨﻔﺲ‬
‫ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل‬
‫وأﻗﻮال واﻋﺘﻘﺎدات ﺗﺨﺎﻟﻒ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺮﻳﺪه اﻟﻠﻪ ﻟﻨﺎ‬
‫اﻟﺼﻴﺎم أﺻﻞ ﻣﻦ أﺻﻮل ﺗﺰﻛﻴﺔ‬
‫اﻟﻨﻔﺲ وﺗﻘﻮﻳﺔ إرادﺗﻬﺎ وﺗﺤﻤﻠﻬﺎ‬
‫ﻣﻘﺘﻀﻴﺎت ﻃﺎﻋﺔ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬
‫من وسائل التزكية في رمضان‪:‬‬
‫‪20‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫المرأة المسلمة‪..‬‬
‫ورمضان‬
‫ال شلللك أن النهوض اإلسلللامي المأمول يقوم على إصاح أمر النساء‬
‫كملللا يقوم على إصلللاح أمر الرجال؛ فا أمل فلللي نجاة مجتمع نصفه‬
‫مهمل‪ ،‬مهما تكن قوة النصف اآلخر‪ ،‬وال أمل في نجاح مجتمع المرأة‬
‫فيللله جاهلة بليدة بلللا وعي وال فهم وال عللللم وال عمل‪ ،‬مهما يكن‬
‫شأن رجاله وحالهم من العلم والعمل‪.‬‬
‫د‪ .‬نبيل فولي محمد‬
‫أستاذ العقيدة والفلسفة بالجامعة اإلسالمية العالمية‬
‫إن نقص حال المرأة هو نفسه نقص في‬
‫حال الرجل؛ ألن المسؤوليات االجتماعية‬
‫متعانقة متداخلة‪ ،‬ومتكاملة ك��ذل��ك‪ ،‬ولن‬
‫يكون الرجل –ولو كان من كبار الدعاة أو‬
‫العلماء‪ -‬على ما ي��رام وامرأته أو أخته أو‬
‫أمه أو ابنته تمثل عبئاً على مجتمعها بقلة‬
‫وعيها‪ ،‬وضعف همتها‪ ،‬وعجزها عن القيام‬
‫بواجبها تجاه اهلل وتجاه الجماعة اإلنسانية‬
‫التي تنتمي إليها‪.‬‬
‫ويقدم شهر رمضان مثاالً على التفاوت‬
‫الهائل بين ال��رج��ال وال��ن��س��اء ف��ي مستوى‬
‫االس��ت��ف��ادة م��ن م��واس��م الخير ومناسبات‬
‫الطاعة التي ت��زور المسلم م��ن وق��ت إلى‬
‫آخر‪ ،‬فما نعاينه في شهر رمضان عموماً هو‬
‫حدوث طفرة عامة في العبادة والطاعة لدى‬
‫نسبة كبيرة من الرجال‪ ،‬وأحسب أن لذلك‬
‫أثره الممتد في حياة كثير منهم‪ ،‬في حين‬
‫أن الطفرة النسائية في هذه الناحية تكون‬
‫أضعف بكثير مما لدى الرجال‪.‬‬
‫ولكي نتحدث عن هذه المسألة بوضوح‬
‫ال بد أن نخاطب بها المرأة أوالً‪ ،‬ثم نخاطب‬
‫بها الرجل بعدها‪ ،‬فماذا يمكن أن نقول لها؟‬
‫وماذا يمكن أن نقول له في هذه القضية؟‬
‫أنت مسؤولة‬
‫مهما قارن الناس بين الرجل والمرأة‪،‬‬
‫وتجادلوا في أمرهما‪ ،‬فهم متفقون على أنها‬
‫مخلوق مسؤول‪ ،‬مثلما أنه مخلوق مسؤول‪،‬‬
‫بل ال يخطئ من يجعل مسؤولية المرأة أدق‬
‫وأخطر من مسؤولية الرجل‪.‬‬
‫وإن بدا لبعض الناظرين أن المرأة ما‬
‫هي إال مكمل للرجل؛ تسد الثغرات التي‬
‫يتركها وراءه‪ ،‬وتجبر النقص ال��ذي ينشغل‬
‫عنه بمشاركاته في الحياة العامة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫ال ينفي أن م��ا تقوم ب��ه م��ن تعبئة العقول‬
‫الصغيرة بالمفاهيم األول��ى‪ ،‬وملء النفوس‬
‫الغضة بأسباب الطمأنينة‪ ،‬وإرشاد الصغار‬
‫خال ساعات طويلة من النهار والليل إلى ما‬
‫يصح وما ال يصح بهدوء وسكينة‪ ،‬هذا كله‬
‫أهم من جلب لقمة العيش الضرورية لبقاء‬
‫الحياة الجسمية!‬
‫لقد أثبت علماء التربية أن الطفل ال‬
‫يعيش حياة سوية إال في وجود ذكر وأنثى‬
‫كبيرين مختصين به وبرعايته ومتابعة نموه‬
‫العقلي والنفسي والجسمي‪ ،‬وهما وال��داه‬
‫ال��ل��ذان يتحقق بهما ال��ت��وازن في شخصية‬
‫الطفل إذا توازن وتكامل دورهما تجاهه‪.‬‬
‫مهما يكن‪ ،‬فإن المرأة المسلمة يجب أن‬
‫تعلم أنها راعية ومسؤولة‪ ،‬مثل زوجها وأبيها‬
‫وابنها وأخيها وعمها وخالها ‪-‬وإن اختلف‬
‫نوع المسؤولية‪ -‬وأن المسؤوليات ال تؤ َّدى إال‬
‫بزاد يعين النفس على الصبر والثبات تجاه‬
‫مغريات الركون والكسل‪ ،‬ويحبب إليها بذل‬
‫الجهد في الطريق إلى اهلل تعالى‪.‬‬
‫وال ش���ك أن ش��ه��ر رم���ض���ان ه���و من‬
‫مواسم العون اإللهي الكبرى التي ينبغي‬
‫أن نحشد لها قوانا‪ ،‬ونعد لها أنفسنا رجاالً‬
‫ونساء‪ ،‬مستعينين باهلل ثم بها على القيام‬
‫بمسؤولياتنا‪ ،‬ورعاية واجباتنا‪.‬‬
‫إن الصوم في ذاته إنجاز يحققه الرجل‬
‫كما تحققه المرأة‪ ،‬والشعور بهذا المعنى‬
‫ي��ق��رب إلينا ص���ورة المسؤولية المنوطة‬
‫بنا؛ فالمرأة ق��ادرة على تحمل مسؤولياتها‬
‫قدرتَها على الصوم‪ ،‬وهي تحتاج ألجل هذا‬
‫إلى الشعور بقداسة مسؤولياتها كما تشعر‬
‫بقداسة الصيام‪ ،‬وأنه كما ال ينبغي أن تبدو‬
‫ضعيفة فتضيع الصيام‪ ،‬كذلك ال ينبغي أن‬
‫تبدو ضعيفة فتضيع مسؤولياتها األخ��رى‬
‫التي ناطها اهلل بها في الحياة‪.‬‬
‫إن شهر رمضان موسم مفعم بالخير؛‬
‫ولكثرة خيره فهو أهل ألن يمتد تأثيره إلى‬
‫األزم��ن��ة األخ���رى ب��ع��ده‪ ،‬وأن يتسرب مسه‬
‫الطيب إلى طوايا النفوس‪ ،‬ويتعمق شخصية‬
‫الصائم والصائمة حتى يُ�� َرى ويُعايَن في‬
‫سيرتهما ومعاماتهما مع غيرهما‪.‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫انتفعت انتفعوا‬
‫إذا‬
‫ِ‬
‫من طبيعة المرأة‪ ،‬إن لم يصبها غبش في‬
‫فكرها‪ ،‬وال بادة في شعورها‪ ،‬أن تكون َحدِ بة‬
‫على أسرتها زوج��اً وأوالداً‪ ،‬حريصة على‬
‫خيرهم‪ ،‬وهي –مع ه��ذا‪ -‬وفي العادة أكثر‬
‫إماء لألوامر والتوجيهات على أطفالها‪.‬‬
‫ومن الوعي الازم للمسلمة أن تدرك أن‬
‫ذلك الحرص ال ينبغي أن يتركز على صحة‬
‫األوالد وال��زوج وحياتهم وهناءتهم الدنيوية‬
‫ف��ح��س��ب‪ ،‬ب��ل ينبغي أن ت��ت��ج��اوز ذل���ك إل��ى‬
‫الحرص على نجاتهم في اآلخرة كذلك‪ ،‬قال‬
‫اهلل تعالى‪( :‬يَا أَ ّيُ َها ا ّلَذِ ي َن آ َمنُوا ُقوا أَنف َُس ُك ْم‬
‫َاس َوالْ ِح َجا َرةُ َعلَيْ َها‬
‫َوأَ ْهلِي ُك ْم نَاراً َو ُقو ُد َها ال ّن ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫�ص��و َن اهلل َما‬
‫َم� َ�ا ِئ� َك� ٌة ِغ� َ��ا ٌظ ِش��� َدا ٌد َال يَ� ْع� ُ‬
‫أَ َم َر ُه ْم َويَ ْف َعلُو َن َما يُ ْؤ َم ُرو َن {‪( )}6‬التحريم)‪،‬‬
‫والخطاب في اآلية عام في الرجال والنساء‪،‬‬
‫فكما أن للرجال أهلين ينبغي أن يَقُوهم هذه‬
‫النار المخيفة‪ ،‬فللنساء أهلون كذلك‪.‬‬
‫وشهر رمضان مناسبة جيدة إلبداء تأثير‬
‫المرأة الرائع في أسرتها؛ خاصة أن البيوت‬
‫ف��ي ه��ذا الشهر ت��ك��ون ج��اذب��ة أو مج ّمعة‬
‫ألبنائها أكثر من الشهور األخرى‪ ،‬وذلك في‬
‫أغلب األقطار اإلسامية في العالم‪.‬‬
‫إن ال��م��رأة إذا انتفعت بشهر رمضان؛‬
‫صياماً حقيقياً وصاة وقراءة للقرآن وذكراً‬
‫هلل تعالى وانشغاالً بالمهم من األمور عن غير‬
‫المهم منها‪ ،‬انتفع برمضان البيت كله‪ ،‬خاصة‬
‫في زمننا الذي ال يتوقع فيه من المرأة إال‬
‫أن تنشغل بإعداد الطعام والشراب وبالنوم‬
‫اﻟﻄﻔﻞ ﻻ ﻳﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎة ﺳﻮﻳﺔ إﻻ‬
‫ﻓﻲ وﺟﻮد رﺟﻞ واﻣﺮأة ﻣﺨﺘﺼﻴﻦ‬
‫ﺑﻪ وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻧﻤﻮه‬
‫ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺮأة أن ﺗﺒﺪو ﺿﻌﻴﻔﺔ‬
‫ﻓﺘﻀﻴﻊ اﻟﺼﻴﺎم أو ﺗﻀﻴﻊ‬
‫ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻬﺎ اﻷﺧﺮى‬
‫وطول الحديث في الهاتف النقال ومشاهدة‬
‫التلفاز خال ساعات طويلة من ليل الشهر‬
‫المبارك ونهاره‪.‬‬
‫ً‬
‫لقد بات غريبا في زماننا هذا أن تُ َرى‬
‫ال��م��رأة مقيمة لليل‪ ،‬أو ق��ارئ��ة ل��ل��ق��رآن‪ ،‬أو‬
‫مهتمة بالعلم الشرعي اهتماماً عميقاً‪ ،‬أو‬
‫مبحرة بعمق مع شهر رمضان وخيره‪ ،‬فإذا‬
‫ب��دا م��ن أي مسلمة اهتمام ب��ه��ذه األم���ور‪،‬‬
‫وإقبال وحرص عليها؛ كان ذلك إحياء لمعان‬
‫في الحياة اإلسامية تكاد األيام تميتها‪ ،‬وكل‬
‫مسلمة تتبنى ذلك في بيئتها تكون كمن سن‬
‫ُسنة حسنة‪ ،‬له أجرها وأجر من عمل بها‪.‬‬
‫وأعنها‬
‫ذكّ رها ِ‬
‫وأما ما يخص الرجل من هذه السطور‪،‬‬
‫فإنه ال ينبغي له أن يحسب أن الجنة خلقت‬
‫ل��ه وح����ده‪ ،‬أو أن ال��ح��رص ع��ل��ى األع��م��ال‬
‫الصالحة واج��ب عليه وح���ده‪ ،‬وأن المرأة‬
‫في هذه الحياة كم مهمل‪ ،‬وبضاعة كاسدة‪،‬‬
‫ال تزيد على كونها خادمة لحاجات الرجل‪،‬‬
‫وملبية لمطالبه وشهواته‪.‬‬
‫ومن هنا لزمه أن يفهم أوالً أن المرأة‬
‫شريكة له في عبادة اهلل وطاعته‪ ،‬وأن النوع‬
‫اإلنساني بذكوره وإناثه معاً مش َّرف بأداء‬
‫مهمة االستخاف في أرض اهلل تعالى‪ ،‬وإن‬
‫من ألوان هذه الشركة أن يجتمع الرجل مع‬
‫امرأته وبنته‪ ،‬وإن استطاع فأخته وأمه‪ ،‬على‬
‫بعض الطاعات‪.‬‬
‫ولن يحقق الرجل هذا بطريق األوام��ر‬
‫الصارمة‪ ،‬وال اإلل��زام��ات القاسية‪ ،‬بل بأن‬
‫يكون هو قدوة لهم في الحرص على العمل‬
‫الصالح أوالً‪ ،‬ثم بالتذكير اللطيف الرفيق‬
‫ألهله والتشجيع لهم كلما وجد منهم توانياً أو‬
‫كس ً‬
‫ا‪ ،‬وبالمعونة والمساعدة كلما ألفى منهم‬
‫انشغاالً وانصرافاً‪.‬‬
‫ومن هنا لزمه كذلك أن يقتدي برسول‬
‫اهلل [ في أن يحث أهل بيته على العمل‬
‫الصالح دائماً‪ ،‬وفي شهر رمضان خاصة‪،‬‬
‫وفي أفضل أيامه ولياليه على وجه أخص‪،‬‬
‫ِش َة ر ِضي َّ‬
‫اهللُ‬
‫ففي صحيح البخاري َع ْن َعائ َ َ َ‬
‫ِي [ ِإ َذا َد َخ َل الْ َع ْش ُر‪،‬‬
‫َعنْ َها َقالَ ْت‪َ « :‬كا َن ال ّنَب ّ ُ‬
‫‪21‬‬
‫ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺮﺟﻞ أن ﻳﻈﻦ أن‬
‫اﻟﺠﻨﺔ ﺧﻠﻘﺖ ﻟﻪ وﺣﺪه أو أن‬
‫اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ واﺟﺒﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﻂ‬
‫ً‬
‫ﺻﻴﺎﻣﺎ‬
‫إذا اﻧﺘﻔﻌﺖ اﻟﻤﺮأة ﺑﺮﻣﻀﺎن‬
‫ً‬
‫وذﻛﺮا ﻟﻠﻪ‬
‫وﺻﻼة وﺗﻼوة ﻗﺮآن‬
‫اﻧﺘﻔﻊ ﺑﻪ اﻟﺒﻴﺖ ﻛﻠﻪ‬
‫َش َّد مِ ئْ َز َرهُ‪َ ،‬وأَ ْحيَا لَيْلَهُ‪َ ،‬وأَيْ َق َظ أَ ْهلَهُ»‪.‬‬
‫إال أن المرأة لو تُركت لواجباتها المنزلية‬
‫فستغرق فيها‪ ،‬وتنشغل بها ع��ن واج��ب��ات‬
‫أخرى يمكن أن تؤديها على صورة أرضى هلل‬
‫وأكمل‪ ،‬فتصبح صاتها –إن تخلينا عنها–‬
‫ن��ق��راً ي��ن��زع م��ن ال��ص��اة روح��ه��ا‪ ،‬وصيامها‬
‫مجرد تأخير لساعة اإلفطار الصباحي إلى‬
‫المساء‪ ،‬وحجها وعمرتها رحلة للخاص من‬
‫هموم الطبخ والغسل والتنظيف‪ ،‬ولن تجد‬
‫مسلياً تستريح معه بعد هذا العناء اليومي إال‬
‫الهاتف النقال والتلفاز بما فيهما من إضاعة‬
‫للعمر والمال!‬
‫لقد نهى رسول اهلل [ عن تكليف العبد‬
‫ما ال يطيق‪ ،‬وإن فعلنا ألز َمنا بأن نعينه‪ ،‬ففي‬
‫صحيح البخاري عن أبي ذر رضي اهلل عنه‬
‫قال‪ِ :‬إ ّني َسابَبْ ُت َر ُج ً‬
‫ا‪َ ،‬ف َش َكانِي ِإلَى ال ّنَب ِ ِّي‬
‫ِي [‪« :‬أَ َع َّي ْرتَ ُه ِبأُ ِ ّمهِ ؟! ثُ َّم‬
‫[‪َ ،‬ف َقا َل لِي ال ّنَب ّ ُ‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫َقا َل‪ :‬إ َِّن ِإخْ َوانَ ُك ْم َخ َولُ ُك ْم‪َ ،‬ج َعل َ ُه ْم اهلل ت َْح َت‬
‫أَيْدِ ي ُك ْم‪َ ،‬ف َم ْن َكا َن أَخُ وهُ ت َْح َت يَدِ هِ‪َ ،‬فلْيُ ْطعِ ْم ُه‬
‫س‪َ ،‬وال تُ َك ِلّفُو ُه ْم َما‬
‫ِس ُه مِ َّما يَلْبَ ُ‬
‫مِ َّما يَ ْأ ُك ُل‪َ ،‬ولْيُلْب ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫يَ ْغ ِلبُ ُه ْم‪َ ،‬ف ِإ ْن َكلَّ ْفتُ ُمو ُه ْم َما يَغلبُ ُه ْم فأعينُو ُه ْم»‪.‬‬
‫والمرأة أكرم على زوجها –وال شك– من‬
‫العبد على سيده‪ ،‬ومن أجل هذا فإن إعانتها‬
‫على شأن بيتها كرم كان ال يأنف منه نبينا‬
‫[ نفسه‪ ،‬فا يأنف منه أتباعه‪ ،‬مما يتيح‬
‫لها مساحة أكثر لرعاية واجبها الديني‪،‬‬
‫فتنتفع أسرتها بها نفعاً يمتد من الدار األولى‬
‫إلى اآلخرة‪ ،‬ومن الدنيا إلى الدين‪>.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫خواطر اقتصادية حول آيات الصيام‬
‫رمضلللان هلللو شلللهر نزول‬
‫القلللرآن وارتبلللاط السلللماء‬
‫باألرض‪ ،‬وفيللله ليلة خير من‬
‫أللللف شلللهر‪ ،‬ويمتللللك من‬
‫النفحات الربانيلللة والدروس‬
‫االقتصاديلللة ملللا هو ذكرى‬
‫لمن كان لللله قلب أو ألقى‬
‫السلللمع وهو شلللهيد‪ ،‬وقد‬
‫تنلللاول القلللرآن الكريلللم في‬
‫سورة «البقرة» آيات الصيام‬
‫بلللدءاً ملللن اآليلللة ‪ 183‬حتى‬
‫‪ ،187‬وتعكلللس هذه اآليات‬
‫البينلللات العديد من الجوانب‬
‫االقتصاديلللة للصيام بصورة‬
‫تبلللرز مكانتللله وأهميلللة‬
‫االقتصلللاد في واقلللع حياة‬
‫المسللللمين‪ ،‬وملللن هلللذه‬
‫الجوانب االقتصادية ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ج��ع��ل اهلل ت��ع��ال��ى ث��م��رة الصيام‬
‫بقلم‪ :‬د‪ .‬أشرف دوابه‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ﻣﻀﻴﺌﺎ‬
‫ﻧﻤﻮذﺟﺎ‬
‫ﻛﺎن اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‬
‫ﻟﻠﺼﺎﺋﻢ اﻟﻤﻨﺘﺞ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮا‬
‫ً‬
‫ﻃﺮﻳﻘﺎ وﻻ ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ‬
‫ﻟﻠﺨﻤﻮل‬
‫ً‬
‫ﺳﺒﻴﻼ‬
‫رﻣﻀﺎن ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ ﺑﺬل‬
‫اﻟﻤﺎل ﺑﻮﺟﻮه اﻟﺒﺮ اﻟﻤﺘﻌﺪدة‬
‫وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻜﻔﺎرات ﻓﻘﻂ‬
‫ِب‬
‫التقوى فقال تعالى‪( :‬يَا أَ ّيُ َها ا ّلَذِ ي َن آ َمنُوا ْ ُكت َ‬
‫ِب َعلَى ا ّلَذِ ي َن مِ ن َقبْ ِل ُك ْم‬
‫الصيَا ُم َك َما ُكت َ‬
‫َعلَيْ ُك ُم ِ ّ‬
‫لَ َعلَّ ُك ْم تَ ّتَقُو َن {‪( )}183‬البقرة)؛ وه��و ما‬
‫يعني التربية على الرقابة الذاتية التي تدفع‬
‫المسلم إلى بذل المزيد في عمله إخاصاً‬
‫وإنتاجاً وأمانة وإتقاناً‪ ،‬وهو ما يندرج إيجاباً‬
‫على اإلنتاجية واإلنتاج الذي أمتنا في أمس‬
‫الحاجة إليه في عالم تسيطر عليه القوة‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫إن رمضان فرصة إلق��رار وترسيخ تلك‬
‫القيم الربانية‪ ،‬والبعد كل البعد عن اتخاذ‬
‫شهر ال��ص��ي��ام وسيلة للتكاسل وال��ت��راخ��ي‬
‫واإلهمال والتواكل في إنجاز األعمال‪ ،‬وقد‬
‫كان صحابة رسول اهلل [ نموذجاً مضيئاً‬
‫للصائم المنتج‪ ،‬فلم يعرفوا للخمول طريقاً‪،‬‬
‫وال للبطالة سبي ً‬
‫ا‪ ،‬وال لاعتماد على غيرهم‬
‫في تلبية حاجاتهم منهجا‪ً.‬‬
‫يسر سبل التكافل‬
‫‪ -2‬إذا كان اإلسالم ّ‬
‫االجتماعي بين المسلمين على م��دار‬
‫ال��ع��ام‪ ،‬فإنها ف��ي ه��ذا الشهر الكريم أعم‬
‫وأشمل وأعظم‪ ،‬فأباح اإلفطار للشيخ الكبير‬
‫والمرأة العجوز والمريض الذي ال يُرجى برؤه‬
‫إذا لم يطيقوا الصيام‪ ،‬على أن يطعموا عن‬
‫كل يوم مسكيناً‪ ،‬ورخص للحامل والمرضع‬
‫إذا خافتا على أنفسهما كذلك‪ ،‬وهو ما يوثق‬
‫ع��رى التكافل بين المسلمين‪ ،‬ق��ال تعالى‪:‬‬
‫( َف َمن َكا َن مِ ن ُكم َّمرِ يضاً أَ ْو َعلَى َس َف ٍر فَعِ َّدةٌ‬
‫ِ ّم ْن أَ ّيَ ٍام أ ُ َخ َر َو َعلَى ا ّلَذِ ي َن يُ ِطيقُونَ ُه فِ ْديَ ٌة َط َعا ُم‬
‫مِ ْسكِ ٍين) (البقرة‪.)184 :‬‬
‫لذا فرمضان فرصة عظيمة ليس فقط‬
‫لبذل المال من خال الكفارات‪ ،‬بل للتوسع‬
‫في بذله في وجوه البر المتعددة‪ ،‬فكم من يتيم‬
‫يترقرق الدمع في عينيه وال يجد من يواسيه!‬
‫وكم من أرملة أقعدها الزمن ال تجد من يقف‬
‫بجانبها! وكم من أطفال يعيشون ذل الفقر‬
‫والمسألة وال يجدون ما يكفيهم! فما أحرى‬
‫بنا أن نرق آلالم هؤالء‪ ،‬وأن نحقق آمالهم بمد‬
‫يد العون والرعاية والبذل لهم؛ فما نقصت‬
‫صدقة من م��ال‪ ،‬والصدقة تقى من البايا‬
‫والكروب‪ ،‬وتشفي األرواح واألجساد‪ ،‬وتطفئ‬
‫الخطيئة وتزيد األرزاق وتبارك فيها‪.‬‬
‫ات»‪،‬‬
‫ود ٍ‬
‫‪ -3‬جعل اهلل الصيام « َأ َّيام ًا َم ْع ُد َ‬
‫ولكن هذه األيام فيها من البركة االقتصادية‬
‫م��ا ليس ف��ي غيرها م��ن الشهور األخ��رى؛‬
‫َصو ُموا ْ‬
‫( َف َمن ت ََط َّو َع َخيْراً َف ُه َو َخيْ ٌر ّلَ ُه َوأَن ت ُ‬
‫َخيْ ٌر ّلَ ُك ْم إِن ُكنتُ ْم تَ ْعل َ ُمو َن {‪ ،)}184‬ومن‬
‫البركات االقتصادية لهذا الشهر الكريم‬
‫أنه «شهر يزاد فيه رزق المؤمن» (رواه ابن‬
‫خزيمة)‪ ،‬وأن سحوره بركة؛ «تسحروا فإن‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫في السحور بركة) (رواه البخاري)‪ ،‬كما أن‬
‫ليلة القدر خير من ألف شهر‪ ،‬كما أن ثمرة‬
‫الصيام وه��ي التقوى من موجبات البركة‬
‫االقتصادية‪ ،‬فاهلل تعالى يقول‪َ ( :‬ولَ ْو أَ َّن أَ ْه َل‬
‫الْ ُق َرى آ َمنُوا ْ َوا ّتَ َقوا ْ لَ َفت َْحنَا َعلَيْهِ م بَ َر َك ٍ‬
‫ات ِ ّم َن‬
‫ض) (األعراف‪.)96 :‬‬
‫الس َماءِ َواألَ ْر ِ‬
‫َّ‬
‫‪ -4‬وصف اهلل تعالى شهر رمضان بقوله‬
‫سبحانه‪َ :‬‬
‫(ش ْه ُر َر َم َ‬
‫ضا َن ا ّلَذِ َي أُنزِ َل فِ يهِ الْ ُق ْرآ ُن‬
‫َاس َوبَ ِ ّين ٍَات ِ ّم َن الْ ُه َدى َوالْ ُف ْر َقانِ َف َمن‬
‫ُه ًدى ّلِل ّن ِ‬
‫ص ْم ُه َو َمن َكا َن َمرِ يضاً‬
‫َشهِ َد مِ ن ُك ُم َّ‬
‫الش ْه َر َفلْيَ ُ‬
‫أَو َعلَى س َف ٍر فَعِ َّدةٌ ِ ّم ْن أَ ّيَام أ ُ َخر يُرِ ي ُد ّ‬
‫اهللُ ِب ُك ُم‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫الْيُ ْس َر َوالَ يُرِ ي ُد ِب ُك ُم الْ ُع ْس َر َو ِلتُ ْكمِ لُوا ْ الْعِ َّدةَ‬
‫َو ِلتُ َك ِبروا ْ ّ َ‬
‫اهلل َعلَى َما َه َدا ُك ْم َولَ َعلَّ ُك ْم ت َْش ُك ُرو َن‬
‫ُّ‬
‫يب‬
‫{‪َ }185‬و ِإ َذا َس َألَ َك ِعبَادِ ي َع ّنِي َف ِإ ّنِي َقرِ ٌ‬
‫يب َد ْع�� َوةَ ال�� َّد ِاع ِإ َذا َد َع��انِ َفل ْ َي ْست َِجيبُوا ْ‬
‫أ ُ ِج ُ‬
‫لِي َولْيُؤْمِ نُوا ْ بِي لَ َعلَّ ُه ْم يَ� ْر ُش� ُدو َن {‪)}186‬‬
‫(البقرة)‪ ،‬وهدي القرآن وفرقانه يشمل كل‬
‫جوانب الحياة ومنها الجانب االقتصادي‪،‬‬
‫وه���ي دع���وة ل��ألخ��ذ بالمنهج ال��رب��ان��ي في‬
‫االقتصاد‪ ،‬والعض عليه بالنواجذ‪ ،‬كما أن في‬
‫هذه اآلية إقراراً لقيمة التيسير ال التعسير‬
‫والتكبير هلل والعبودية الخالصة له والشكر‬
‫لمنه وفضله‪ ،‬واللجوء إليه بالدعاء لتحقيق‬
‫الرشادة‪ ،‬وهذه األمور إذا التزم المسلم بها‬
‫علم يقيناً أن المال مال اهلل وهو مستخلف‬
‫فيه؛ ومن ثم يتخذه وسيلة ال غاية‪ ،‬ويجعله‬
‫معمراً ال مدمراً‪ ،‬ويستفيد منه ربحاً محموداً‬
‫ال جشعاً مذموماً‪.‬‬
‫‪ -5‬رمضان شهر تتجسد فيه الوحدة‬
‫اش َربُوا ْ‬
‫اإلسالمية في قوله تعالى‪َ ( :‬و ُكلُوا ْ َو ْ‬
‫َح ّتَى يَتَبَ َّي َن لَ ُك ُم الْ َخيْ ُ‬
‫ض مِ َن الْ َخيْ ِط‬
‫ط األَبْيَ ُ‬
‫األَ ْس َودِ مِ َن الْ َف ْجرِ ثُ َّم أَ ِت ّ ُموا ْ ِّ‬
‫الص َيا َم ِإلَى ا ّلَليْلِ )‬
‫(البقرة‪ ،)187 :‬فالمسلمون يلتزمون بوقت‬
‫واح��د لإلمساك منذ طلوع الفجر‪ ،‬ووقت‬
‫واحد لإلفطار مع غروب الشمس‪ ،‬فرمضان‬
‫شهر صيام واحد‪ ،‬ألمة لها رب واحد‪ ،‬وقبلة‬
‫واحدة‪ ،‬ومنهج واحد‪ ،‬فهو بذلك يجمع األمة‬
‫ويوحد صفوفها‪.‬‬
‫وم��ن ث��م ينبغي ل��ه��ذه األم���ة أن تشمر‬
‫عن سواعد الجد وتكون ي��داً واح��دة وقلباً‬
‫واح���داً وكياناً واح���داً‪ ،‬فتنتقل من التنافر‬
‫‪23‬‬
‫مفاهيم اقتصادية‬
‫خراج المقاسمة‬
‫الخراج هو ما يفرض على األرض التي‬
‫فتحها المسلمون عنوة أو صلحاً‪ ،‬ويرى أبو‬
‫يوسف أن الفيء هو الخراج استناداً إلى‬
‫قوله تعالى‪َ ( :‬ما أَ َفاء َّ‬
‫اهللُ َعلَى َر ُسولِهِ مِ ْن‬
‫ّ‬
‫أَ ْهلِ الْ ُق َرى َف ِللَّهِ َولِل َّر ُسولِ َو ِل��ذِ ي الْ ُق ْربَى‬
‫السبِيلِ َك ْي َال‬
‫َوالْيَتَا َمى َوالْ َم َساكِ ينِ َوابْنِ َّ‬
‫يَ ُكو َن ُدولَ ًة بَيْ َن ْاألَ ْغ ِن َياء مِ ن ُك ْم) (الحشر‪:‬‬
‫قسم الفقهاء ال��خ��راج باعتبار‬
‫‪ ،)7‬وق��د ّ‬
‫المأخوذ من األرض إل��ى نوعين‪ :‬خراج‬
‫المقاسمة‪ ،‬وخراج الوظيفة‪.‬‬
‫خراج المقاسمة‪ :‬وهو الخراج بمعناه‬
‫العام‪ ،‬الذي كان في عهد رسول اهلل [؛‬
‫وهو المقدار المحدد من ناتج األرض مثل‬
‫النصف أو الخمس أو ال��س��دس‪ ،‬وه��ذا‬
‫النّوع من الخراج يتعلّق بالخارج من األرض‬
‫ال بالتمكن‪ ،‬ويتك ّرر أخذه بتك ّرر الخارج من‬
‫األرض‪ ،‬ولو عطلت األرض فا خراج‪.‬‬
‫وقد فرض الرسول [ هذا النوع من‬
‫الخراج على األراضي التي فتحت صلحاً‬
‫أو عنوة‪ ،‬حيث أبقى [ اليهود على أرض‬
‫خيبر وفدك وقد فتحتا عنوة على أن له‬
‫نصف الناتج منهما‪ ،‬وكونه له [؛ أي‬
‫باعتباره رأس الدولة ينفقها في مصالحها‪،‬‬
‫ومن أهم مصالحها أن ينفق على نفسه‬
‫وعياله ومصالح المسلمين العامة‪.‬‬
‫وحينما تولى أبو بكر رضي اهلل عنه‬
‫الخافة كان متبعاً لرسول اهلل [ ورد‬
‫ال��خ��راج إل��ى مصالح المسلمين عامة‪،‬‬
‫وتكفل ب��إع��ال��ة م��ن ك��ان رس���ول اهلل [‬
‫يعولهم‪>.‬‬
‫الفردي إل�ى العمل الجماعي الوحدوي من‬
‫خال إقامة اتحاد اقتصادي إسامي‪ ،‬فلن‬
‫يجمع شتات المسلمين إال اإلس���ام‪ ،‬ولن‬
‫يؤاخي بينهم إال اإلس��ام‪ ،‬ولن يغنيهم عن‬
‫تلبية احتياجاتهم واعتمادهم على أنفسهم‬
‫إال الوحدة االقتصادية اإلسامية‪ ،‬فليكن‬
‫رمضان مصدر إلهام تحقيق هذه الوحدة‬
‫في عالم تسوده العولمة وتحركه التكتات‬
‫االق��ت��ص��ادي��ة‪ ،‬لتحقيق نهضة اقتصادية‬
‫إسامية شاملة‪ ،‬والخروج باألمة من نفق‬
‫التبعية إل��ى رح���اب االس��ت��ق��ال وال��وح��دة‬
‫اإلسامية الشاملة‪.‬‬
‫‪ -6‬إذا ك��ان اهلل تعالى ح��دد موعد‬
‫اإلمساك عن الطعام والشراب في رمضان‪،‬‬
‫فإنه سبحانه يأبى من حيث الكم أن تفرط‬
‫األم���ة ف��ي اس��ت��ه��اك��ه��ا‪ ،‬ف��رم��ض��ان فرصة‬
‫وم��ج��ال الم��ت��اك إرادة ال��ت��ص��دي لحالة‬
‫االستهاك الشرهة التي تنتاب المسلمين‬
‫ف��ي ه��ذا الشهر الكريم‪ ،‬وتحقيق التربية‬
‫االستهاكية م��ن خ��ال القاعدة القرآنية‬
‫اش � َربُ��وا ْ َوالَ‬
‫اإلرشادية المعروفة‪( :‬و ُك�لُ��وا ْ َو ْ‬
‫ت ُْسرِ ُفواْ) (األع��راف‪ ،)31 :‬هذه القاعدة ال‬
‫ش��ك ه��ي م��ي��دان الترشيد على المستوى‬
‫الفردي والمستوى العام‪.‬‬
‫وقد كان من هدي النبي [ أن يفطر‬
‫على رط��ب��ات إن وج��ده��ا‪ ،‬ف��إن ل��م يجدها‬
‫فعلى حسيات من م��اء‪ ،‬وه��ذا يدل على أن‬
‫النبي [ كان يتخذ رمضان ترويضاً وتربية‬
‫للنفس؛ فا مكان فيه إلسراف أو تبذير‪ ،‬بل‬
‫اقتصاد وترشيد‪.‬‬
‫‪ -7‬ليس من ف��راغ أن تأتي آية حاكمة‬
‫لالقتصاد بعد آي��ات الصيام‪َ ( :‬والَ تَ ْأ ُكلُوا ْ‬
‫أَ ْم� َوالَ� ُك��م بَيْنَ ُكم بِالْبَ ِ‬
‫اطلِ َوتُ � ْدلُ��وا ْ ِب َها ِإلَ��ى‬
‫َاس بِا ِإلثْ ِم‬
‫الْ ُح َّك ِام ِلتَ ْأ ُكلُوا ْ َفرِ يقاً ِ ّم ْن أَ ْم َوالِ ال ّن ِ‬
‫َوأَنتُ ْم تَ ْعل َ ُمو َن {‪( )}188‬البقرة)‪ ،‬فهذه دعوة‬
‫للبعد كل البعد عن أكل المال بالباطل‪ ،‬الذي‬
‫هو أساس تدمير االقتصاد بما يحمله من‬
‫ربا وغ��رر وغش وتدليس وخديعة وغصب‬
‫وسرقة ونحوها‪ ،‬وما ينتج عن ذلك من دمار‬
‫ثروات األمة البشرية والمادية‪.‬‬
‫وه��ذا يؤكد م��دى االرت��ب��اط الوثيق بين‬
‫الصيام واالقتصاد‪ ،‬إضافة إلى ما ذكرناه من‬
‫جوانب اقتصادية في شهر رمضان الكريم‪،‬‬
‫واهلل تعالى أعلم‪>.‬‬
‫‪24‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫كيف تستثمر رمضان‬
‫في تربية أبنائك؟‬
‫ياسر محمود‬
‫مللع حلول شهر رمللضللان المبارك‬
‫تفتح أبللواب الخيرات والطاعات‪،‬‬
‫وتنطلق فلليلله الللللروح فللي أجلللواء‬
‫إيمانية راقية‪ ،‬يشعر معها المرء‬
‫بخفة فللي الللعللبللادة وإقللبللال على‬
‫الطاعة دون عناء‪ ،‬فيسعى كثير‬
‫منا الستثمار هذه المنحة الربانية‬
‫بلللاالرتلللقلللاء بللعللبللاداتللهللم وتللربلليللة‬
‫نفوسهم وتهذيب أخاقهم‪.‬‬
‫وفي ظل هذا االنشغال بالنفس‪،‬‬
‫يغفل البعض عن استثمار أجللواء‬
‫رمضان المبارك في تربية أبنائهم‬
‫واالرتقاء بهم وغرس بعض المعاني‬
‫والقيم الطيبة في نفوسهم‪.‬‬
‫في السطور التالية‪ ،‬سنطرح بعض األفكار‬
‫والوسائل التربوية التي نرجو أن تساعدنا‬
‫على استثمار ه��ذه األج���واء الرمضانية في‬
‫تدريب األبناء على بعض العبادات واكتساب‬
‫بعض القيم‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬تدريب على الصيام‪:‬‬
‫من أولى العبادات التي من الضروري أن‬
‫تعتني بتدريب طفلك عليها خال رمضان هي‬
‫الصيام‪ ،‬وإليك بعض الخطوات العملية التي‬
‫تساعدك على ذلك‪.‬‬
‫‪ -1‬تحدث مع طفلك عن الصيام وأجر‬
‫الصائمين‪ ،‬بأسلوب جذاب ومشوق ومناسب‬
‫لعمره‪.‬‬
‫‪ -2‬يمكنك ال��ب��دء بتدريبه ب��أن يصوم‬
‫ابتدا ًء من السحور إلى الوقت الذي يستطيعه‪،‬‬
‫ثم ي��زداد هذا الوقت بشكل متدرج‪ ،‬بحسب‬
‫قدرته على الصيام‪ ،‬حتى يصل إلى صيام نهار‬
‫رمضان بأكمله‪.‬‬
‫ويمكن ‪-‬بطريقة أخ��رى‪ -‬البدء بتدريبه‬
‫على الصيام بتأخير تناوله إلفطاره اليومي‪،‬‬
‫فبدالً من تناوله في السابعة صباحاً مث ً‬
‫ا‬
‫يُ��ؤخ��ر إل��ى الثانية عشرة ظ��ه��راً‪ ،‬ث��م يصوم‬
‫بعدها الوقت الذي يستطيعه‪ ،‬وبشكل متدرج‬
‫يتم زيادة هذا الوقت‪ ،‬حتى يستطيع أن يصوم‬
‫اليوم كله‪.‬‬
‫‪ -3‬احرص على تأخير تناول السحور إلى‬
‫ما قبل أذان الفجر‪.‬‬
‫‪ -4‬اح��رص على اح��ت��واء السحور على‬
‫األطعمة التي تقلل شعوره بالعطش‪.‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫‪ -5‬انصحه بالتقليل من ب��ذل أي جهد‬
‫بدني كبير‪ ،‬يشعر معه باإلرهاق الشديد أثناء‬
‫صيامه‪.‬‬
‫‪ -6‬أشغله بشكل مفيد ومرح أثناء صيامه؛‬
‫ينصب تركيزه على الصيام والجوع‬
‫حتى ال‬
‫ّ‬
‫والعطش‪ ،‬خاصة قبل أذان المغرب‪.‬‬
‫‪ -7‬ابتعد ت��م��ام�اً ع��ن أس��ل��وب الضغط‬
‫والتخويف والعقاب أثناء تدريبه على الصيام؛‬
‫ألن ذل��ك رب��م��ا يدفعه إل��ى ال��ص��وم أمامك‬
‫ليحمي نفسه من العقاب‪ ،‬ثم يتناول الطعام‬
‫والمشروبات في الخفاء‪ ،‬كما أن ذلك يشعره‬
‫ب��أن الصيام مصدر لعقابه‪ ،‬فيجعله كارهاً‬
‫للصوم‪.‬‬
‫راع الفروق الفردية بين األطفال‪ ،‬وال‬
‫‪ِ -8‬‬
‫تقارنه بغيره‪ ،‬فلكل قدراته الخاصة‪.‬‬
‫‪ -9‬شجعه على الصيام بالثناء عليه‪،‬‬
‫وبتقديم بعض الهدايا العينية أو المكافآت‬
‫المادية غير المبالغ فيها عن كل يوم يصومه‬
‫أو حتى عن صيامه بعض الوقت‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬حب القرآن والتعلق به‪:‬‬
‫رمضان شهر القرآن‪ ،‬فيه أنزل على النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ويكثر الناس من تاوته‬
‫واالحتفاء به‪ ،‬لذا من الضروري أن تستثمر‬
‫ذلك في غرس حب القرآن واالرتباط به في‬
‫نفس طفلك‪ ،‬ويساعدك على ذلك‪.‬‬
‫‪ -1‬تحدث معه عن فضائل تاوة وحفظ‬
‫القرآن‪ ،‬التي ترغبه وتحببه في القرآن‪.‬‬
‫‪ -2‬ق���ص ب��ع��ض ال��ق��ص��ص ال��م��ت��ع��ل��ق��ة‬
‫باالحتفاء بالقرآن خال شهر رمضان‪ ،‬من‬
‫سير الصالحين‪ ،‬وكيف كانوا يتعاملون مع‬
‫القرآن في رمضان‪.‬‬
‫‪ -3‬تحدث معه عن ذكرياتك ومواقفك‬
‫الشخصية مع القرآن في رمضان‪.‬‬
‫‪ -4‬كن قدوة عملية له في تاوة القرآن‬
‫واالحتفاء به‪.‬‬
‫‪ -5‬احرص على أن تجلس مع طفلك وتفتح‬
‫المصحف وتقص عليه في كل مرة قصة من‬
‫قصص القرآن بطريقة تناسب عمره وقدرته‬
‫على االستيعاب؛ كقصة أصحاب الفيل‪ ،‬وقصة‬
‫موسى عليه السام وقصة الهدهد‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -6‬حثه على ق��راءة بعض آي��ات القرآن‬
‫بشكل يومي‪ ،‬بما يناسب عمره وقدرته على‬
‫التاوة‪.‬‬
‫‪ -7‬شجعه على حضور إح��دى حلقات‬
‫تعليم القرآن‪ ،‬التي تكثر في شهر رمضان‪.‬‬
‫‪ -8‬نظم مسابقة لحفظ ال��ق��رآن على‬
‫مستوى أسرتك تتناسب مع ق��درات األبناء‪،‬‬
‫مع منحهم جوائز على هذا الحفظ‪ ،‬وشجعهم‬
‫كذلك على المشاركة في مسابقات القرآن‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬صالة التراويح‪:‬‬
‫اح��رص على غرس حب صاة التراويح‬
‫ف��ي نفس طفلك ودرب���ه على االن��ت��ظ��ام في‬
‫أدائها‪ ،‬ويساعدك على ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬تحدث معه عن فضل صاة التراويح‬
‫بطريقة مناسبة له‪.‬‬
‫‪ -2‬اح���رص على اصطحابه معك في‬
‫صاة التراويح‪ ،‬واشترِ له بين الفترة واألخرى‬
‫شيئاً يحبه بعد أدائها مباشرة‪.‬‬
‫‪ -3‬اجعلها مناسبة تجتمع عليها األسرة‪،‬‬
‫وأتبعها بأجواء مبهجة‪ ،‬كأن تتناولوا بعدها‬
‫بعض المشروبات أو األطعمة التي يفضلها‬
‫طفلك‪.‬‬
‫‪ -4‬ح���اول التنسيق م��ع القائمين على‬
‫المسجد لتقديم بعض الحلوى أو الهدايا التي‬
‫يحبها األطفال‪.‬‬
‫‪ -5‬اجتهد في التنسيق مع إمام المسجد‬
‫لتنظيم مسابقة يومية للصغار الذين يحضرون‬
‫التراويح‪.‬‬
‫‪ -6‬شجع طفلك على أن يكون له دور في‬
‫خدمة المصلين أثناء الصاة‪ ،‬كأن يشارك في‬
‫تقديم المياه أو بعض المشروبات أو الحلوى‬
‫في وقت االستراحة بين الركعات‪.‬‬
‫رابع ًا‪ :‬عبادة الدعاء‪:‬‬
‫يعد رمضان فرصة كبيرة لتدريب طفلك‬
‫على عبادة الدعاء‪ ،‬ويمكنك ذلك بأن تجتمع‬
‫مع أبنائك قبل أذان المغرب على الدعاء‪ ،‬ثم‬
‫تشجع كل واحد منهم أن يدعو اهلل بما يحبه‬
‫ويرجو تحقيقه‪ ،‬كأن يدعو أحدهم أن يرزقه‬
‫اهلل بدراجة أو بمابس يحبها أو غير ذلك‬
‫‪25‬‬
‫ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺒﺪء ﺑﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻄﻔﻞ‬
‫اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ اﻟﺴﺤﻮر إﻟﻰ‬
‫ﺑﺎﻟﺼﻮم‬
‫ً‬
‫اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻪ ﺛﻢ ﻳﺰداد‬
‫ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺪرج‬
‫اﻟﻀﻐﻂ ﻗﺪ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻟﻠﺼﻮم أﻣﺎﻣﻚ‬
‫وﺗﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﺨﻔﺎء وﻗﺪ‬
‫ﻳﻜﺮه رﻣﻀﺎن ﺑﺴﺒﺐ ذﻟﻚ‬
‫اﺣﺮص ﻋﻠﻰ أن ﺗﺠﻠﺲ ﻣﻊ ﻃﻔﻠﻚ‬
‫وﺗﻔﺘﺢ اﻟﻤﺼﺤﻒ وﺗﻘﺺ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻛﻞ ﻣﺮة ﻗﺼﺔ ﻗﺮآﻧﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ‬
‫ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ‬
‫من احتياجاته المهمة بالنسبة له والمحببة‬
‫إلى نفسه‪ ،‬ففي ذلك صورة من صور الترابط‬
‫األسري الذي يمنح الطفل شعوراً باالستقرار‬
‫النفسي من ناحية‪ ،‬ويدربه على الدعاء وعلى‬
‫االرتباط باهلل تعالى من ناحية أخرى‪.‬‬
‫خ��ام��س�� ًا‪ :‬ف��ع��ل ال��خ��ي��ر وم��س��اع��دة‬
‫اآلخرين‪:‬‬
‫رم��ض��ان شهر ال��ج��ود وال��ك��رم‪ ،‬فاحرص‬
‫على استثماره في غرس حب الخير ومساعدة‬
‫اآلخ��ري��ن في نفس طفلك‪ ،‬ويساعدك على‬
‫ذلك األمور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬كن قدوة لطفلك في كرمك وعطائك‬
‫وأنت تتعامل مع من حولك‪ ،‬ورمضان فرص‬
‫كبيرة لذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬ت��ح��دث معه ع��ن فضل وم��ك��ان��ة من‬
‫يساعد الناس عند اهلل تعالى‪ ،‬بما يناسب‬
‫عمره وقدرته على االستيعاب‪.‬‬
‫‪ -3‬احرص على أن تغرس في نفسه أن‬
‫فعل الخير ال يضيع أب���داً‪ ،‬وأن��ه يعود على‬
‫صاحبه بالخير في الدنيا قبل اآلخرة‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫ﺷﺠﻊ ﻃﻔﻠﻚ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن‬
‫ﻟﻪ دور ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﺼﻠﻴﻦ‬
‫ﻛﺄن ﻳﺸﺎرك ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﻤﺸﺮوﺑﺎت‬
‫ﺣﻴﻦ ﻳﺸﺘﻜﻲ ﻣﻦ اﻟﺠﻮع أو‬
‫اﻟﻌﻄﺶ ﺗﺤﺪث ﻣﻌﻪ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ‬
‫ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﺠﺪون اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺸﺮاب‬
‫وأن ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ‬
‫‪ -4‬الفت انتباهه إلى احتياجات اآلخرين‪،‬‬
‫وعلمه كيف يفكر ويهتم بهم‪ ،‬فحين يشتكي‬
‫مث ً‬
‫ا م��ن ال��ج��وع أو العطش أث��ن��اء الصيام‪،‬‬
‫فتحدث معه بطريقة مناسبة له عن أن هناك‬
‫كثيراً ممن حولنا ال يجدون الطعام والشراب‬
‫والحاجات الضرورية‪ ،‬وأن علينا مساعدتهم‬
‫ودعمهم لنخفف آالمهم‪.‬‬
‫‪ -5‬حثه على االشتراك معك ولو بجزء‬
‫قليل من مصروفه في شراء بعض التمر أو‬
‫غيره‪ ،‬وتوزيعه أمام البيت أو المسجد على‬
‫من يمر به من الصائمين قبل أذان المغرب‪.‬‬
‫‪ -6‬أشركه في تعبئة بعض المشروبات‬
‫وتوزيعها على المارة قبل أذان المغرب‪.‬‬
‫شجعه على أن ي��ش��ارك ف��ي تعبئة‬
‫‪ّ -7‬‬
‫«حقائب رمضان» وتوزيعها على المحتاجين‪.‬‬
‫‪ -8‬شجعه على المشاركة ف��ي تجهيز‬
‫موائد اإلفطار العامة‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫‪ -9‬إذا رأي��ت فقيرا أو محتاجا أعطه‬
‫مبلغاً من المال واطلب منه أن يقدمه له‪ ،‬أو‬
‫إذا تناولت الطعام بمطعم وزاد هذا الطعام‬
‫اطلب منه ترتيبه وأخذه ليقدمه لمحتاج‪.‬‬
‫‪ -10‬شجعه على انتقاء المابس التي‬
‫توقف عن ارتدائها وم��ازال��ت بحالة جيدة‪،‬‬
‫وبعد تنظيفها وكيها يعطيها لمن يحتاجها‪.‬‬
‫سادس ًا‪ :‬صلة الرحم‪:‬‬
‫تكثر ف��ي رم��ض��ان ف��رص ال��ت��واص��ل بين‬
‫األهل واألقارب عن غيره من الشهور‪ ،‬فاغتنم‬
‫ذلك في غرس قيمة صلة الرحم لدى طفلك‪،‬‬
‫ويساعدك في ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬تحدث مع طفلك عن فضائل صلة‬
‫ال��رح��م‪ ،‬وم��ا أع��ده اهلل تعالى لمن يصلون‬
‫أرحامهم‪.‬‬
‫‪ -2‬ك��ن ن��م��وذج �اً ل��ه ف��ي ال��ت��واص��ل مع‬
‫األق��ارب وذوي األرح��ام‪ ،‬من خال التواصل‬
‫معهم هاتفياً‪ ،‬وزي��ارت��ه��م‪ ،‬ومشاركتهم في‬
‫أحزانهم وأفراحهم‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -3‬اح��رص على دع��وة األه��ل واألق��ارب‬
‫إلى تناول اإلفطار‪ ،‬مع إظهار السرور والبهجة‬
‫بذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬أش��رك��ه ف��ي ال��ت��خ��ط��ي��ط واإلع����داد‬
‫الستقبال األقارب عند دعوتهم‪.‬‬
‫‪ -5‬لَ ّب دعوة األه��ل‪ ،‬فتلبية دعوة األهل‬
‫واألق��ارب لإلفطار معهم تطبيق عملي يتعلم‬
‫الطفل من خاله أن يصل رحمه‪.‬‬
‫‪ -6‬اح��رص على إضفاء جو من البهجة‬
‫وال��س��ع��ادة عند ل��ق��اء الطفل ب��أق��ارب��ه‪ ،‬كأن‬
‫تنظم بعض األلعاب أو المسابقات لألطفال‪،‬‬
‫فهذه الخبرات تسعده وتجعله دائماً متشوقاً‬
‫لالتقاء بأقاربه‪.‬‬
‫سابع ًا‪ :‬احترام مشاعر اآلخرين‪:‬‬
‫وه��ي من القيم التي يعد شهر رمضان‬
‫فرصة كبيرة لغرسها لدى طفلك‪ ،‬ويساعدك‬
‫على ذلك‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -1‬إن ك��ان طفلك مفطرا ‪-‬لصغره أو‬
‫ألي سبب آخر‪ -‬فعليك أن توجهه إلى عدم‬
‫تناول أي مشروبات أو أطعمة أمام الصائمين‪،‬‬
‫مراعاة واحتراماً لمشاعرهم‪.‬‬
‫‪ -2‬لو كان طفلك صائماً وغيره مفطراً‬
‫سواء من الكبار أو الصغار لعذر‪ ،‬فا بد أن‬
‫تدعوه أال يعيب عليهم ذل��ك‪ ،‬وأن توضح له‬
‫سبب الفطر وعذره‪.‬‬
‫‪ -3‬اغتنم تلك األمور كمدخل للحديث مع‬
‫طفلك عن احترام مشاعر اآلخرين بشكل عام‪،‬‬
‫بما يناسب عمره وقدرته على االستيعاب‪>.‬‬
‫نحو استعادة الدور‬
‫والوظيفة في‬
‫المجتمع اإلسامي‬
‫المعاصر‪..‬‬
‫القرآن‬
‫والطفولة‬
‫اإلسالمية‬
‫د‪ .‬حسان عبداهلل‬
‫شهر رمضان هو شهر القرآن‪،‬‬
‫وهو أكثر الشهور إقبا ً‬
‫ال من‬
‫المسلمين على كتاب اهلل عز‬
‫وجل‪ ،‬وندعو في هذه المقالة‬
‫إللللى تجديد وتصويلللب عاقة‬
‫المسللللم بالقلللرآن ملللن خال‬
‫إعادة بناء تلك العاقة‪ ،‬بحيث‬
‫تكلللون مثمرة على مسلللتوى‬
‫الفرد‪ ،‬وعلى مستوى المجتمع‬
‫واألملللة‪ ،‬فالبحلللث في كيفية‬
‫اسلللتعادة اللللدور والوظيفلللة‬
‫للقرآن في المجتمع اإلسامي‬
‫المعاصلللر ملللن القضايلللا التي‬
‫ينبغي أن يكون لها األولوية‬
‫عنلللد الدعلللاة والمصلحيلللن‬
‫والتربويين عموم ًا‪.‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫ال يمك���ن النظر إلى اللحظ���ة الراهنة التي‬
‫تحياه���ا األم���ة دون تمرك���ز الق���رآن ف���ي تلك‬
‫النظ���رة‪ ،‬وهو ما يتطلب إعادة بناء العاقة بين‬
‫المس���لم والق���رآن‪ ،‬وهذا يتحقق عب���ر منهجية‬
‫تقوم على أمرين؛ األمر األول‪ :‬التخلي عن أوجه‬
‫القصور الحالي في تعاملنا مع القرآن‪ ،‬وأقصد‬
‫تحديداً تجاوز التعام���ل «التجاري» مع القرآن؛‬
‫أي ذل���ك التعامل الذي ي���رى في القرآن مخزناً‬
‫للحس���نات علين���ا أن ننهل منه���ا بصرف النظر‬
‫عن غايات القرآن م���ن القراءة ومقاصده التي‬
‫أن���زل من أجله���ا‪ ،‬ومقاصد الق���راءة ذاتها‪ ،‬وما‬
‫يتعلق بهذا األمر من موسمية القراءة وموسمية‬
‫اختيار السور وموسمية االهتمام والعناية‪.‬‬
‫واألم���ر الثان���ي ه���و االنتباه إل���ى القدرات‬
‫التفس���يرية الت���ي يمتلكه���ا القرآن ف���ي نظرته‬
‫لألحداث وتفسيره للحوادث‪ ،‬بما يمكن المسلم‬
‫من إدراك واجبه المجتمعي والحضاري‪.‬‬
‫إن ه���ذا كل���ه يس���تدعي إع���ادة التأمل في‬
‫عاقتن���ا بالق���رآن‪ ،‬وض���رورة تصوي���ب تل���ك‬
‫العاق���ة‪ ،‬وأن يبدأ ذل���ك التصويب والتصحيح‬
‫ببداية حركة اإلنسان وبداية وعيه وهي مرحلة‬
‫الطفولة‪.‬‬
‫عالقة األمة الراهنة بالقرآن‪:‬‬
‫صاح���ب التدهور الحض���اري الذي دخلت‬
‫فيه األمة منذ ما يزيد على القرنين من الزمان‬
‫تده���ور في عاقاتها بالق���رآن وفي طبيعة تلك‬
‫العاقة وش���كلها‪ ،‬وكان ه���ذا عام ً‬
‫ا من عوامل‬
‫التده���ور الحض���اري ال���ذي ش���هدته؛ فرغ���م‬
‫الحوادث التاريخي���ة العديدة التي تعرضت لها‬
‫األمة داخلياً وخارجياً منذ نشأة دولة المدينة‪،‬‬
‫فإن حالته���ا مع القرآن ظل���ت حافظة لقوامها‬
‫م���ن التده���ور والتراج���ع‪ ،‬وظلت أيض���اً عام ً‬
‫ا‬
‫دافعاً ألداء األمة رسالتها في الباغ الحضاري‬
‫للعالمين‪.‬‬
‫لقد م ّثَ���ل القرآن قوة دافعة لألمة ومحفزاً‬
‫لطاقته���ا الحيوية الفردي���ة والجماعية‪ ،‬ومنبعاً‬
‫لحرك���ة التحض���ر الواس���عة الت���ي ش���هدتها‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫ويرص����د عم����اد الدي����ن خلي����ل التحوالت‬
‫الت����ي أحدثه����ا الق����رآن ف����ي العق����ل البش����ري‬
‫في ث����اث نق����ات أساس����ية؛ األول����ى‪ :‬النقلة‬
‫التصوري����ة االعتقادي����ة‪ ،‬وتتضم����ن القي����م‬
‫التصوري����ة؛ كالرباني����ة والش����مولية‪ ،‬والتوازن‪،‬‬
‫والتوحي����د‪ ،‬والحركية‪ ،‬واإليجابي����ة‪ ،‬والواقعية‬
‫التي تداخلت مع بعضها وش����كلت نسقاً فكرياً‬
‫فري����داً‪ ،‬والثانية‪ :‬النقل����ة المعرفية‪ ،‬وتبدو في‬
‫التح����ول المعرف����ي للعقل بمده بم����ا يمكنه من‬
‫التعامل مع الكون والعال����م والوجود‪ ،‬والثالثة‪:‬‬
‫النقلة المنهجية‪ ،‬التي أتيح فيها للعقل المسلم‬
‫أن يتحق����ق به����ا‪ ،‬وأن يتش����كل وف����ق مقوالته����ا‬
‫رﻏﻢ اﻟﺤﻮادث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻬﺎ اﻷﻣﺔ ﻓﺈن اﻟﻘﺮآن‬
‫ً‬
‫ﺣﺎﻓﻈﺎ ﻟﻘﻮاﻣﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻫﻮر‬
‫ﻇﻞ‬
‫ﻓﻜﺮة »اﻟﺒﻴﻮت اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ« اﻟﺤﻞ‬
‫اﻟﺬي ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ ﻣﺄﺳﺴﺘﻪ‬
‫ً‬
‫اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ واﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ ﺿﺮورﺗﻪ‬
‫اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ‬
‫‪27‬‬
‫ومعطياتها التي امتدت باتجاهات ثاثة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫الس����ببية‪ ،‬والقانون التاريخ����ي‪ ،‬ومنهج البحث‬
‫الحسي (التجريبي)(‪.)1‬‬
‫وق���د كان لتوق���ف هذه الق���وة الدافعة عن‬
‫العم���ل في نفس اإلنس���ان المس���لم دور رئيس‬
‫في توقف نش���اطه وعطائه الحضاري‪ ،‬وحدث‬
‫ذلك التوقف عندما انفصل العقل المس���لم عن‬
‫االتص���ال بمص���در حركت���ه العل���وي (القرآن)‪،‬‬
‫فانطف���أت جذوت���ه المعرفي���ة والمنهجي���ة‬
‫والتصوري���ة‪ ،‬ومن ث���م غابت األمة عن الحضور‬
‫والش���هود‪ ،‬واضطرب���ت مفاهيمها وأصيبت في‬
‫رؤيتها الكلية‪ ،‬واستعارت مناهج فكرها وبرامج‬
‫بناء عقول أبنائها‪ ،‬وتحولت إلى فريس���ة سهلة‪،‬‬
‫مأسورة بكل وافد وجديد‪.‬‬
‫ومن ش���واهد تدهور عاقة األمة بالقرآن‪:‬‬
‫العج���ز ع���ن فهمه وتدب���ره واالكتف���اء بالحفظ‬
‫واالس���تظهار‪ ،‬وهو البديل النفس���ي التعويضي‬
‫الذي اخترعته األمة نتيجة اضطراب عاقتها‬
‫بالق���رآن وتش���وهها‪ ،‬كذلك االكتفاء بالش���روح‬
‫الكثيفة الموروثة‪ ،‬والتركيز على مسائل الكام‬
‫واإلع���راب والبيان دون االلتفات إلى المقاصد‬
‫القرآنية‪ ،‬وعدم االعتبار للتأمل في فهم النفس‬
‫والمجتمع وما آلت إليه األمة من واقع المشهد‬
‫القرآني‪.‬‬
‫كذلك أيضاً تم التعامل مع القرآن بطريقة‬
‫‪28‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫حرفي���ة لفظي���ة تقوم عل���ى اعتبار أنه وس���يلة‬
‫للوع���ظ الس���لبي والترهيب وطاع���ة الحكام ال‬
‫عل���ى أنه طريق لهداية الن���اس والعمران وبعث‬
‫المس���ؤولية الحضاري���ة للمس���لم‪« ،‬فالمجتم���ع‬
‫اإلسامي يتكلم تبعاً لمبادئ القرآن‪ ،‬وال يعيش‬
‫طبقاً لمبادئ القرآن‪ ،‬وذلك لعدم وجود المنطق‬
‫العملي في سلوكه اإلسامي‪.)2(»..‬‬
‫الطفولة مرتكز استعادة القرآن‪:‬‬
‫إن تعام���ل األم���ة «المقل���وب» م���ع الق���رآن‬
‫وانتقاله���ا م���ن التدب���ر إل���ى االس���تظهار‪ ،‬ومن‬
‫منطق العمل إلى منطق الكام‪ ،‬ومن المقاصد‬
‫إل���ى التجزؤ والتفت���ت‪ ،‬ال يمكن إعادة بناء ذلك‬
‫التعامل وتل���ك العاقة وتصويبها إال من خال‬
‫البداية الوجدانية والنفس���ية لإلنسان المسلم‪،‬‬
‫أي عبر بناء تربوي يبدأ من نقطة وعي اإلنسان‬
‫المسلم األولى‪ ،‬ومن تكوينه الوجداني والنفسي‬
‫والعقلي‪.‬‬
‫إن فك���رة «البيوت القرآنية» تظل هي الحل‬
‫الذي عل���ى األمة مأسس���ته اجتماعياً واالنتباه‬
‫إلي���ه وإل���ى ضرورت���ه الوجودي���ة والحضارية‪،‬‬
‫وتهدف هذه الفكرة إلى‪:‬‬
‫‪ -1‬اس���تعادة الق���رآن عل���ى مائدة األس���رة‬
‫المس���لمة‪ ،‬ونقص���د بالمائ���دة هن���ا المائ���دة‬
‫التربوي���ة والثقافية والنفس���ية‪ ،‬فيك���ون القرآن‬
‫مح���وراً الهتم���ام األس���رة بالتعلي���م وال���درس‬
‫والنق���اش والمداولة‪ ،‬بما يمنح���ه مكانة وقيمة‬
‫في نفوس النشء المس���لم‪ ،‬فالبيئة التي تحيط‬
‫بالطفل ليس���ت مجرد أش���ياء تتح���رك‪ ،‬ولكنها‬
‫رموز يتشكل بها وجدان النشء‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬كم���ا تعد اللغة عام ً‬
‫ا رئيس���ا في البناء‬
‫الوجدان���ي والثقاف���ي للطفل‪ ،‬واللغ���ة القرآنية‬
‫وس���يلة مهم���ة ف���ي هذا الس���بيل ال س���يما في‬
‫عص���ر االختاط الثقافي ومحو الخصوصيات‬
‫الثقافي���ة والحضاري���ة‪ ،‬وارتب���اط الطف���ل بلغة‬
‫القرآن يمنحه أفقاً أكثر اتساعاً للحياة القرآنية‬
‫بداخله‪ ،‬كما أن اللغة تؤدي دوراً رئيساً في بناء‬
‫المفاهيم وعالم أفكار الطفل وتكوينه الثقافي‪.‬‬
‫‪ -3‬بناء «ثقافة أسرية» قرآنية يكون القرآن‬
‫مدار حركتها ونش���اطها وتوجهه���ا ومرجعيتها‬
‫االجتماعية؛ بما يحقق فاعلية القرآن في واقع‬
‫اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﺎﻟﻄﻔﻞ ﻟﻴﺴﺖ‬
‫ﻣﺠﺮد أﺷﻴﺎء ﺗﺘﺤﺮك ﻟﻜﻨﻬﺎ رﻣﻮز‬
‫ﻳﺘﺸﻜﻞ ﺑﻬﺎ وﺟﺪان اﻟﻨﺶء‬
‫ﻳﺠﺐ إﻋﻄﺎء ﻣﺴﺎﺣﺔ أﻛﺒﺮ ﻟﻠﻘﺮآن‬
‫ﻓﻲ واﻗﻊ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ‬
‫اﻻرﺗﺒﺎط اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺸﺐ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻄﻔﻞ‬
‫األسرة الصغير‪.‬‬
‫‪ -4‬بن���اء «تاريخ قرآني» يبدأ بعاقة الطفل‬
‫بالقرآن ويسجل عبر مراحل حياته‪ ،‬بما يؤسس‬
‫لذاكرة قرآنية لإلنس���ان المس���لم تنمو مع نموه‬
‫العقلي والوجداني والفس���يولوجي‪ ،‬ويد َّون فيها‬
‫فعلياً سجل لحالة الطفل مع القرآن‪ ،‬بما يحقق‬
‫فعالية القرآن وربط الس���ماء باألرض‪ ،‬والغيب‬
‫بالشهود بما يحقق حالة االنسجام بين المسلم‬
‫والقرآن‪ ،‬وبين المسلم واإلسام‪.‬‬
‫‪ -5‬تربية «الضمي���ر القرآني» عند الطفل‪،‬‬
‫عبر تراكمات التعامل مع القرآن بما يسهم في‬
‫تكوي���ن ميزان الحكم ومي���زان العدالة القرآنية‬
‫مع النفس والمجتمع‪.‬‬
‫من وسائل بناء الدفعة القرآنية في‬
‫الطفولة‪:‬‬
‫وفي ظل العمل على بن���اء الدفعة القرآنية‬
‫ومعالجة الوهن في وجدان الش���خصية العربية‬
‫واإلس���امية وعقله���ا‪ ،‬فإن���ه ال ب���د أن نعط���ي‬
‫مس���احة أكبر للق���رآن في واق���ع الطفولة‪ ،‬من‬
‫أج���ل تحقي���ق االرتباط الوجداني الذي يش���ب‬
‫علي���ه الطف���ل‪ ،‬فتتحقق ب���ه ثمار نواة اإلنس���ان‬
‫المس���تخلف واإلنسان الرس���الي‪ ،‬ومما يساعد‬
‫في ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يحم���ل الطف���ل القرآن ف���ي حقيبته‬
‫المدرس���ية بص���ورة يومي���ة‪ ،‬ويك���ون ل���ه مكانه‬
‫الثاب���ت في تلك الحقيب���ة (بالطبع بعد أن يعلم‬
‫قداسته وضرورته العقدية بصورة تائم عمره‬
‫ومرحلة نموه)‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتحول القرآن إلى واقع غني للطفل‬
‫يج���د في���ه األش���جار واأللوان واألص���وات وكل‬
‫عناصر الجمال‪.‬‬
‫‪ -3‬أن نح���اول جاهدي���ن ص���رف الطف���ل‬
‫عن برامج التلفزي���ون واإلنترنت والهواتف وما‬
‫إلى ذل���ك‪ ،‬وذلك بالممارس���ة التطبيقية لكتابة‬
‫بعض آيات القرآن القصيرة (عن طريق الورقة‬
‫والقل���م)‪ ،‬وأن نجعلها نش���اطه الدائم بالرس���م‬
‫والتلوين لمش���اهد تلك اآليات وإطاق الخيال‬
‫للطف���ل ال���ذي هو أخص���ب ما يك���ون في هذه‬
‫المرحلة‪.‬‬
‫‪ -4‬إش���باع حاج���ة الطف���ل إل���ى س���ماع‬
‫الحكايات والقصص من قصص القرآن‪ ،‬ويكون‬
‫لها أوقاتها المميزة مثل قبل النوم‪ ،‬وتكون شبه‬
‫عادة يومية ولو دقائق معدودة‪.‬‬
‫ينبغ���ي أن تمتد ظال الق���رآن الكريم إلى‬
‫كافة مناش���ط الطف���ل‪ ،‬لتحتويه منزلي���اً‪ ،‬ومما‬
‫يمك���ن أن يفيد في ذلك تعليم أس���ماء الس���ور‪،‬‬
‫التي يمكن أن تكتب على جزء من لوحة ورقية‪،‬‬
‫ثم يرس���م على تلك اللوحة أهم محور للس���ورة‬
‫بداخله���ا ويعلق في حج���رة الطفل‪ ،‬ويتم تفهيم‬
‫الطف���ل بقدر نم���وه العقلي ه���ذا المحور الذي‬
‫تُبنى عليه الس���ورة‪ ،‬وكيف يمكن أن يستفيد به‬
‫في حياته ونشاطه‪.‬‬
‫وخاصة القول هنا‪ :‬إنه ال نجاة لهذه األمة‬
‫في هذه الموجات من الهزائم المادية والنفسية‬
‫إال بالتعليم المنزل���ي (البيوت القرآنية)‪ ،‬وذلك‬
‫م���ن أجل بن���اء نشء يتج���اوز عوام���ل اإلحباط‬
‫أو االنحط���اط الذي وقعت في���ه أجيال حالية‪،‬‬
‫والبدء دائماً بما بدأت به هذه األمة في البناء؛‬
‫«ال يصلح آخر هذه األمة إال بما صلح به أولها»‬
‫وه���و القرآن الكريم‪ ،‬ه���و الدفعة التي ال يمكن‬
‫ألي معوض آخر أن يحل محلها‪>.‬‬
‫الهامشان‬
‫(‪ )1‬خلي���ل‪ ،‬عم���اد الدين‪ .‬حول إعادة تش���كيل‬
‫العقل المسلم‪ ،‬ص‪( 60 – 47‬باختصار)‪.‬‬
‫(‪ )2‬بن نبي‪ ،‬مالك‪ .‬شروط النهضة‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫‪29‬‬
‫الحالل والحرام في صيام رمضان‬
‫رمضان فرصة عظيمة لكل مسلم‬
‫يؤمن باهلل ربللل ًا‪ ،‬وبمحمد صلى اهلل‬
‫عليه وسلم رسلللو ً‬
‫ال‪ ،‬وباإلسام دين ًا‪،‬‬
‫والواجب على كل مسللللم أن يفقه‬
‫أحكام الصيلللام في رمضان؛ فيعرف‬
‫ملللا يجب فيللله‪ ،‬وما يسلللتحب‪ ،‬وما‬
‫يحلللرم‪ ،‬وملللا يكره‪ ،‬وما يجلللوز‪ ،‬حتى‬
‫يكون عللللى بينة من دينه في هذا‬
‫الشهر الفضيل‪.‬‬
‫د‪ .‬مسعود صبري‬
‫دكتوراه في الشريعة اإلسالمية‬
‫ً‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟﻮاﺟﺒﺎت ﻓﻲ رﻣﻀﺎن‬
‫هناك أم��ور واجبة على المسلمين في‬
‫رمضان‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬صوم نهار رمضان‪:‬‬
‫فيجب على كل من توافرت فيه شروط‬
‫وج��وب صيام رمضان أن يصوم نهاره دون‬
‫ليله‪ ،‬فيجب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل‬
‫عالم بالوجوب‪ ،‬وهذه شروط عامة‪ ،‬وهناك‬
‫ش��روط خاصة ب��رم��ض��ان‪ ،‬وه��ي‪ :‬أن يكون‬
‫صحيحاً سليماً من المرض‪ ،‬وأن يكون مقيماً‬
‫غير مسافر‪ ،‬وأن ينوي الصيام‪ ،‬فإن أمسك‬
‫دون النية؛ لم يصح صومه‪ ،‬وخلو‬
‫ال��م��رأة من الحيض والنفاس؛‬
‫فإن صامت الحائض والنفساء؛‬
‫أثمت ولم يصح صومها‪ ،‬ووجب‬
‫عليها القضاء‪.‬‬
‫ودليل وجوب الصيام قوله‬
‫تعالى‪( :‬يَ��ا أَ ّيُ� َه��ا ا ّلَ��ذِ ي � َن آ َم�نُ��وا ْ‬
‫ِب‬
‫الص َيا ُم َك َما ُكت َ‬
‫ُكت َ‬
‫ِب َعلَيْ ُك ُم ِ ّ‬
‫َعلَى ا ّلَ��ذِ ي � َن مِ ��ن َقبْ ِل ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم‬
‫تَ ّتَقُو َن {‪( )}183‬البقرة)‪ ،‬ودليل‬
‫وج��وب الصيام في النهار‪ ،‬مع‬
‫إباحة الفطر في ليل رمضان‬
‫اش � َربُ��وا ْ‬
‫قوله تعالى‪َ ( :‬و ُك �لُ��وا ْ َو ْ‬
‫َح ّتَى يَتَبَ َّي َن لَ ُك ُم الْ َخيْ ُ‬
‫ض مِ َن الْ َخيْ ِط‬
‫ط األَبْيَ ُ‬
‫الص َيا َم ِإلَى ا ّلَليْلِ )‬
‫األَ ْس َودِ مِ َن الْ َف ْجرِ ثُ َّم أَ ِت ّ ُموا ْ ِ ّ‬
‫(البقرة‪ ،)187 :‬والمراد هنا بياض النهار‬
‫وظلمة الليل‪ ،‬وهذا الوجوب لغير أصحاب‬
‫األع����ذار كالمسافر وال��م��ري��ض وال��ح��ام��ل‬
‫والمرضع‪ ،‬وكل من يشق عليه الصيام بعذر‪،‬‬
‫كما ق��ال تعالى‪َ ( :‬ف َمن َشهِ َد مِ ن ُك ُم َّ‬
‫الش ْه َر‬
‫ص ْم ُه َو َمن َكا َن َمرِ يضاً أَ ْو َعلَى َس َف ٍر فَعِ َّدةٌ‬
‫َفل ْ َي ُ‬
‫ُ‬
‫ِ ّم ْن أَ ّيَ ٍام أ َخ َر) (البقرة‪.)185 :‬‬
‫‪ -2‬الصالة الواجبة‪:‬‬
‫ومن الواجبات الدائمة في حياة المسلم‬
‫ع��ام��ة المحافظة على ال��ص��اة‪ ،‬كما قال‬
‫والص َ‬
‫الصل َ َو ِ‬
‫ات‬
‫(حافِ ُظوا ْ َعلَى‬
‫ا ِة‬
‫تعالى‪َ :‬‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫ّ‬
‫الْ � ُو ْس� َ‬
‫�ط��ى َو ُق���و ُم���وا ْ ِ ِ‬
‫هلل َق��ا ِن� ِت��ي� َن {‪)}238‬‬
‫(ال��ب��ق��رة)‪ ،‬وإن كانت ال��ص��اة واج��ب��ة على‬
‫ال��دوام‪ ،‬فإنها أوجب في رمضان‪ ،‬بل اعتاد‬
‫كثير من المسلمين الذين يقصرون في أداء‬
‫الصاة أن يحافظوا عليها في رمضان‪.‬‬
‫‪ -3‬إيتاء الزكاة‪:‬‬
‫والزكاة واجبة على من بلغ ماله النصاب‬
‫وح��ال عليه ع��ام هجري ك��ام��ل‪ ،‬وال تتعلق‬
‫الزكاة بشهر رمضان‪ ،‬ألن بلوغ النصاب قد‬
‫يكون قبل رمضان‪ ،‬فيجب إخراجها قبله‪،‬‬
‫وقد تكون في رمضان‪ ،‬فيجب إخراجها فيه‪،‬‬
‫وق��د تكون بعد رم��ض��ان‪ ،‬فيجوز أن يعجل‬
‫إخراجها في رمضان؛ التماساً لبركة الشهر‪،‬‬
‫كما يجوز له أن يخرجها بعد رمضان إن كان‬
‫وقت إخراجها بعد رمضان‪.‬‬
‫ً‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬اﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺎت ﻓﻲ رﻣﻀﺎن‬
‫يستحب في رمضان اإلكثار من جميع‬
‫األع���م���ال ال��ص��ال��ح��ة‪ ،‬وال��ت��س��اب��ق ف��ي��ه إل��ى‬
‫الخيرات‪ ،‬قال الحسن البصري رحمه اهلل‪:‬‬
‫إن اهلل ج��ع��ل رم��ض��ان م��ض��م��اراً‬
‫ل��خ��ل��ق��ه‪ ،‬ي��س��ت��ب��ق��ون ف��ي��ه إل��ى‬
‫مرضاته‪ ،‬فسبق ق��وم ف��ف��ازوا‪،‬‬
‫وتخلف آخرون فخابوا‪ ،‬فالعجب‬
‫من الاعب الضاحك في اليوم‬
‫ال���ذي ي��ف��وز ف��ي��ه المحسنون‪،‬‬
‫ويخسر فيه المبطلون‪.‬‬
‫‪ -1‬استحباب الدعاء أن‬
‫يبلغنا اهلل تعالى رمضان‪:‬‬
‫فقد كان الصحابة يدعون‬
‫اهلل س��ت��ة أش��ه��ر أن يبلغهم‬
‫رمضان‪ ،‬ثم يدعونه ستة أشهر‬
‫أن يقبله منهم‪ ،‬كما نقل معلى‬
‫ب��ن ال��ف��ض��ل‪ ،‬وورد ع��ن يحيى‬
‫‪30‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫بن أبي كثير أنه كان يدعو‪« :‬اللهم سلمنا‬
‫إلى رمضان‪ ،‬وسلم لنا رمضان‪ ،‬وتسلمه منا‬
‫متقب ً‬
‫ا»‪.‬‬
‫‪ -2‬شكر اهلل على بلوغ رمضان‪:‬‬
‫يستحب لمن بلّغه اهلل رمضان أن يحمد‬
‫اهلل تعالى ويشكره على تلك النعمة‪ ،‬قال‬
‫اإلمام النووي في كتابه األذك��ار‪« :‬اعلم أنه‬
‫يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة‪ ،‬أو‬
‫اندفعت عنه نقمة ظاهرة‪ ،‬أن يسجد شكراً‬
‫هلل تعالى‪ ،‬وأن يحمد اهلل تعالى‪ ،‬أو يثني‬
‫عليه بما هو أهله»‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلكثار من قراءة القرآن‪:‬‬
‫يستحب في رمضان اإلكثار من قراءة‬
‫القرآن‪ ،‬فقد ورد في الحديث المتفق عليه‬
‫أن جبريل عليه السام ك��ان يلقى رسول‬
‫اهلل [ في كل ليلة في رمضان‪ ،‬فيدارسه‬
‫القرآن‪ ،‬فقد ورد عن اإلمام البخاري أنه كان‬
‫يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة‪،‬‬
‫ويقوم بعد التراويح كل ثاث ليال بختمة‪،‬‬
‫وك��ان سفيان ال��ث��وري رحمه اهلل إذا دخل‬
‫رمضان ت��رك جميع األع��م��ال‪ ،‬وأقبل على‬
‫قراءة القرآن‪.‬‬
‫‪ -4‬صالة التراويح‪:‬‬
‫يستحب للمسلم في رمضان أن يحافظ‬
‫على صاة التراويح‪ ،‬فهي ُسنة مؤكدة عن‬
‫رسول اهلل [‪ ،‬فيجوز أن يصليها جماعة‬
‫في المسجد‪ ،‬أو جماعة مع أهل بيته‪ ،‬أو‬
‫يصليها فرداً في بيته‪ ،‬أو في المسجد بعد‬
‫انقضاء الجماعة‪ ،‬ودليل مشروعيتها كما‬
‫في الحديث المتفق عليه‪« :‬من قام رمضان‬
‫إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»‪.‬‬
‫‪ -5‬اإلكثار من الصدقة‪:‬‬
‫يُستحب ف��ي رم��ض��ان خاصة أن يكثر‬
‫المسلم من الصدقة‪ ،‬ففي الصحيحين عن‬
‫اب��ن عباس رض��ي اهلل عنهما‪ ،‬ق��ال‪« :‬ك��ان‬
‫رسول اهلل [ أجود الناس‪ ،‬وكان أجود ما‬
‫يكون في رمضان‪ ،‬حين يلقاه جبريل»‪ ،‬وفي‬
‫رواية لإلمام أحمد‪« :‬ال يسأل عن شيء إال‬
‫أعطاه»‪ ،‬وكان بعض صالحي هذه األمة أكثر‬
‫ما ينفق في رمضان‪ ،‬قال اإلم��ام الذهبي‪:‬‬
‫«وبلغنا أن حماد بن أب��ي سليمان‪ ،‬ك��ان ذا‬
‫دنيا متسعة (يعني كان غنيا جداً)‪ ،‬وأنه كان‬
‫يفطر في شهر رمضان خمسمائة إنسان‪،‬‬
‫وأنه كان يعطيهم بعد العيد لكل واحد مائة‬
‫درهم»‪.‬‬
‫‪ -6‬تعجيل الفطر‪:‬‬
‫يُستحب أن يعجل بالفطر وال يؤخره‪،‬‬
‫للحديث المتفق عليه‪« :‬ال يزال الناس بخير‬
‫ما عجلوا الفطر»‪ ،‬وأن يفطر على رطب‪،‬‬
‫فإن لم يكن فعلى تمرات‪ ،‬فإن لم يكن حسا‬
‫حسوات من ماء؛ لفعل النبي [ ذلك‪.‬‬
‫ويُستحب أن يدعو عند اإلفطار‪ ،‬لحديث‬
‫ابن ماجة‪« :‬إن للصائم دعوة ال تُرد»‪ ،‬وفي‬
‫حديث أبي داود أن النبي [ كان إذا أفطر‬
‫ق��ال‪« :‬ذه��ب الظمأ‪ ،‬وابتلت العروق‪ ،‬وثبت‬
‫األجر إن شاء اهلل»‪.‬‬
‫‪ -7‬استحباب الدعاء‪:‬‬
‫يستحب للصائم أن يدعو حال صيامه‪،‬‬
‫وأن يدعو عند الفطر‪ ،‬لحديث ابن ماجة‪:‬‬
‫«ث��اث��ة ال تُ����ر ّ ُد دع��وت��ه��م‪ :‬اإلم���ام ال��ع��ادل‪،‬‬
‫وال��ص��ائ��م حتى يفطر (وف���ي رواي���ة‪ :‬حين‬
‫يفطر)‪.»..‬‬
‫‪ -8‬تفطير الصائمين‪:‬‬
‫يُستحب تفطير الصائمين ول��و كانوا‬
‫أغنياء‪ ،‬فا يشترط في تفطير الصائمين‬
‫أن يكونوا فقراء‪ ،‬وإن ك��ان إفطار الفقير‬
‫فطر صائماً‬
‫أولى‪ ،‬لحديث الترمذي‪« :‬من َّ‬
‫كان له مثل أجره‪ ،‬غير أنه ال ينقص من أجر‬
‫الصائم شيئاً»‪.‬‬
‫‪ -9‬السحور‪:‬‬
‫يُستحب أن ي��ت��ن��اول ط��ع��ام ال��س��ح��ور‪،‬‬
‫لقول النبي [ في الحديث المتفق عليه‪:‬‬
‫«ت��س��ح��روا ف��إن ف��ي ال��س��ح��ور ب��رك��ة»‪ ،‬كما‬
‫يستحب تأخير السحور؛ لفعل النبي [‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ -10‬اإلك��ث��ار م��ن ال��ذك��ر والعمل‬
‫الصالح‪:‬‬
‫فيستحب للصائم أن يكثر م��ن وج��وه‬
‫الخير‪ ،‬وأن يعمر أوقاته بطاعة اهلل سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬لحديث البخاري‪« :‬فإذا لقيه جبريل‬
‫كان رسول اهلل [ أجود بالخير من الريح‬
‫المرسلة»‪.‬‬
‫‪ -11‬االعتمار في رمضان‪:‬‬
‫العمرة مستحبة ف��ي ك��ل وق��ت‪ ،‬فليس‬
‫لها وق��ت م��ح��دد‪ ،‬لكن يستحب أن تكون‬
‫في رمضان‪ ،‬لحديث النبي [‪« :‬عمرة في‬
‫رمضان‪ ،‬تعدل حجة‪ ،‬وفي رواية‪ :‬تعدل حجة‬
‫معي»‪.‬‬
‫‪ -12‬االعتكاف‪:‬‬
‫يستحب اعتكاف العشر األواخ���ر في‬
‫رمضان‪ ،‬لفعل النبي [‪ ،‬وأنه كان يعتكف‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫العشر األواخر‪ ،‬فلما كان آخر عام له؛ اعتكف‬
‫عشرين يوماً‪ ،‬بل كانت زوجاته –رضي اهلل‬
‫عنهن‪ -‬يعتكفن‪ ،‬فاالعتكاف مستحب للرجال‬
‫والنساء‪.‬‬
‫ً‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬اﻟﻤﺤﺮﻣﺎت ﻓﻲ رﻣﻀﺎن‬
‫‪ -1‬األكل والشرب‪:‬‬
‫يحرم اإلفطار في نهار رمضان‪ ،‬سواء‬
‫كان هذا اإلفطار باألكل والشرب‪ ،‬وفي كل‬
‫م��ا ف��ي معنى الطعام وال��ش��راب‪ ،‬وه��و كل‬
‫مغذ يدخل إلى الجوف إن أكل عمداً‪ ،‬فإن‬
‫أكل ناسياً؛ لم يبطل صومه‪ ،‬وذلك لحديث‪:‬‬
‫«من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم‬
‫صومه‪ ،‬فإنما أطعمه اهلل وسقاه»‪ ،‬ولحديث‪:‬‬
‫«من أفطر ناسياً فا قضاء عليه وال كفارة»‪.‬‬
‫‪ -2‬جماع الزوجة في نهار رمضان‪:‬‬
‫كما يحرم على الصائم جماع الزوجة‪،‬‬
‫فمن جامع زوجته في نهار رمضان فسد‬
‫صومه‪ ،‬وعليه صيام ي��وم آخ��ر‪ ،‬مع وجوب‬
‫الكفارة‪ ،‬وه��ي كما في حديث أب��ي هريرة‬
‫بالترتيب‪ :‬عتق رقبة‪ ،‬فإن لم يستطع فيصوم‬
‫شهرين متتابعين‪ ،‬ف��إن لم يستطع فيطعم‬
‫ستين مسكيناً‪.‬‬
‫‪ -3‬جماع الزوجة في ليل رمضان إن‬
‫كان معتكف ًا‪:‬‬
‫األص���ل أن��ه ي��ج��وز للمسلم أن يجامع‬
‫زوج��ت��ه ف��ي ليل رم��ض��ان‪ ،‬ألن ال��واج��ب هو‬
‫صيام النهار ال الليل‪ ،‬لكن إن كان معتكفاً‪،‬‬
‫فمنع من جماع زوجته حال االعتكاف‪ ،‬لقوله‬
‫تعالى‪َ ( :‬والَ تُبَ ِ‬
‫اش ُرو ُه َّن َوأَنتُ ْم َعاكِ فُو َن فِ ي‬
‫اجدِ ) (البقرة‪.)187 :‬‬
‫الْ َم َس ِ‬
‫‪ -4‬السباب والفسوق والمعاصي‪:‬‬
‫يحرم على المسلم ارتكاب المعاصي‬
‫في نهار رمضان‪ ،‬وهي وإن كانت محرمة‬
‫ف��ي غير رم��ض��ان‪ ،‬فإنها أش��د ح��رم��ة في‬
‫رم��ض��ان‪ ،‬كما ف��ي الصحيحين أن رس��ول‬
‫اهلل [ قال‪« :‬قال اهلل تعالى‪ :‬كل عمل ابن‬
‫آدم له إال الصيام‪ ،‬فإنه لي وأنا أجزي به‪،‬‬
‫والصيام جنة‪ ،‬وإذا كان يوم صوم أحدكم‪،‬‬
‫فا يرفث‪ ،‬وال يصخب‪ ،‬فإن سابه أحد أو‬
‫قاتله‪ ،‬فليقل‪ :‬إني امرؤ صائم»‪ ،‬وفي صحيح‬
‫البخاري أن النبي [ قال‪« :‬من لم يدع قول‬
‫الزور والعمل به‪ ،‬فليس هلل حاجة في أن يدع‬
‫طعامه وشرابه»‪.‬‬
‫‪ -5‬قضاء الوطر والشهور من غير‬
‫جماع‪:‬‬
‫فيحرم على المسلم تعمد إنزال المني‬
‫بغير جماع‪ ،‬كاالستمناء ب��أي وسيلة‪ ،‬فإنه‬
‫يوجب القضاء دون الكفارة عند جمهور‬
‫الفقهاء‪ ،‬أو اإلن��زال بأي وسيلة‪ ،‬كالفكر أو‬
‫النظر‪.‬‬
‫‪ -6‬التقيؤ عمداً‪:‬‬
‫فيحرم على الصائم أن يتقيأ عمداً‪،‬‬
‫فإن تقيأ عمداً فقد بطل صومه‪ ،‬ومن غلبه‬
‫القيء؛ لم يفسد صومه؛ وذلك لحديث النبي‬
‫[‪« :‬من ذرعه القيء فا قضاء عليه‪ ،‬ومن‬
‫استقاء فليقض»‪.‬‬
‫ً‬
‫راﺑﻌﺎ‪ :‬اﻟﻤﻜﺮوﻫﺎت ﻓﻲ رﻣﻀﺎن‬
‫يكره للصائم عدد من األمور‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬ال��م��ب��ال��غ��ة ف���ي ال��م��ض��م��ض��ة‬
‫واالستنشاق‪ :‬وذلك لقول النبي [ للقيط‬
‫بن صبرة‪« :‬وبالغ في االستنشاق إال أن تكون‬
‫صائماً»‪.‬‬
‫‪ -2‬القُ بلة لمن تتحرك شهوته‬
‫عندها‪ :‬لحديث أبي داود عند حديث أبي‬
‫هريرة رضي اهلل عنه‪ ،‬أن رج ً‬
‫ا سأل النبي‬
‫[ عن المباشرة للصائم َّ‬
‫فرخص له‪ ،‬وأتاه‬
‫آخ��ر فسأله‪ ،‬فنهاه‪ ،‬ف��إذا ال��ذي رخّ ��ص له‬
‫شيخ‪ ،‬والذي نهاه شاب‪.‬‬
‫‪ -3‬المداعبة دون الجماع‪ :‬فتكره‬
‫لما فيها من تحريك الغرائز التي يخشى‬
‫معها الجماع أو اإلنزال‪ ،‬وقد كان النبي [‬
‫يداعب أهله وهو صائم‪ ،‬تقول عائشة‪« :‬وكان‬
‫أملككم إلربه»؛ أي لشهوته‪.‬‬
‫‪ -4‬ذوق الطعام لغيره حاجة‪:‬‬
‫خشية أن يصل إلى جوفه‪ ،‬أما إن كان‬
‫لحاجة كأن يكون طباخاً‪ ،‬أو المرأة تطبخ‬
‫ألهلها ف��ا ي��ك��ره‪ ،‬لكن تلفظ الطعام بعد‬
‫ذوقه‪ ،‬فإن بلعه فسد صيامه‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ -5‬وصال الصوم‪:‬‬
‫وهو أن يصوم وال يفطر حتى يجيء اليوم‬
‫الذي يليه فيصوم‪ ،‬لما في ذلك من المشقة‬
‫التي تحصل بالصيام‪ ،‬وإنما كان النبي [‬
‫يفعله لخصوصيته‪ ،‬وكان يقول‪« :‬إنما أبيت‬
‫عند ربي يطعمني ويسقين»‪ ،‬فاألفضل أن‬
‫يفطر الصائم عند غروب الشمس‪.‬‬
‫ً‬
‫ﺧﺎﻣﺴﺎ‪ :‬اﻟﻤﺒﺎﺣﺎت ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺎم‬
‫م���ا دون ال���واج���ب���ات وال��م��س��ت��ح��ب��ات‬
‫والمحرمات والمكروهات في الصيام فهو‬
‫جائز‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬ج��واز الغسل‪ :‬كما في سنن أبي‬
‫داود‪ ،‬يصب الماء على رأس��ه لشدة الحر‬
‫أو العطش وهو صائم‪ ،‬وجواز اإلدهان؛ لما‬
‫أخ��رج البخاري عن ابن مسعود رضي اهلل‬
‫عنه قال‪« :‬إذا كان يوم صوم أحدكم فليصبح‬
‫دهيناً مترج ً‬
‫ا»‪.‬‬
‫‪ -2‬الصيام ُجنُ ب ًا‪:‬‬
‫ً‬
‫وه��و أن ي��ك��ون ُج�نُ��ب�ا قبل خ���روج وقت‬
‫الصبح‪ ،‬وذلك لحديث البخاري ومسلم عند‬
‫عائشة وأم سلمة رض��ي اهلل عنهما‪« :‬أن‬
‫رسول اهلل [ كان يدركه الفجر وهو ُجنُب‬
‫من أهله ثم يغتسل ويصوم»‪ ،‬والمقصود أن‬
‫الجنابة ال تبطل الصيام‪.‬‬
‫‪ -3‬المضمضة واالس��ت��ن��ش��اق في‬
‫الوضوء والغسل‪:‬‬
‫فهي من األمور الجائزة في الصيام دون‬
‫مبالغة‪ ،‬لقول النبي [ للقيط ابن صبرة‪:‬‬
‫«أسبغ الوضوء‪ ،‬وخلّل بين األصابع‪ ،‬وبالغ في‬
‫االستنشاق إال أن تكون صائماً»‪.‬‬
‫‪ -4‬ذوق الطعام للحاجة‪:‬‬
‫ل��م��ا أخ���رج ال��ب��خ��اري ب��س��ن��ده ع��ن اب��ن‬
‫عباس أنه قال‪« :‬ال بأس أن تطعم القدر أو‬
‫الشيء»‪ ،‬وكذلك يجوز شم الروائح الطيبة‪،‬‬
‫إال أن��ه ال يستنشق دخ��ان البخور‪ ،‬وتحليل‬
‫الدم‪ ،‬واإلبر غير المغذية‪ ،‬والبخ في األنف‬
‫أو الفم ألصحاب الربو‪ ،‬فإنه ال بأس به عند‬
‫التحقيق‪ ،‬ويجوز تنظيف األسنان بالمعجون‬
‫ألنه كالسواك‪>.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫‪..»gh ..ÉfCG‬‬
‫‪¿É°†eQh‬‬
‫فمن تطوع‬
‫هذه المقاالت المشلللتركة تعبر عن حاالت زوجية رمضانية‪ ،‬تركنا‬
‫القلم بين أيدينا ليفصح كل منا عن مشلللاعره‪ ،‬ولتشهد الصفحة‬
‫الواحدة ذات الشقين المتعانقين مدى االندماج الزوجي الذي يرفع‬
‫شهر رمضان قدره ويزيد أثره‪.‬‬
‫د‪ .‬أحمد عيسى ‪ -‬إيمان مغازي الشرقاوي‬
‫أﻧﺎ‪..‬‬
‫الحظت ‪-‬يا زوجتي‪ -‬في آيات الصيام‬
‫�ط� َّو َع َخيْراً‬
‫األول��ى قول اهلل تعالى‪َ ( :‬ف َمن تَ� َ‬
‫َف ُه َو َخيْ ٌر) (البقرة‪ ،)184 :‬وفي سياق آيات‬
‫الحج‪َ ( :‬و َمن ت ََطو َع َخيراً َف ِإ َّن ّ َ‬
‫اهلل َشاكِ ٌر َعلِي ٌم‬
‫َّ ْ‬
‫{‪( )}158‬البقرة)‪ ،‬فما هذا التطوع؟ وهل‬
‫يمتد م��ن الشريعة وشعائرها إل��ى الحياة‬
‫ووظائفها؟‬
‫أم��ا ف��ي ال��ص��ي��ام‪ :‬ف��اب��ن ع��ب��اس يقول‪:‬‬
‫«فمن تطوع خيراً ف��زاد طعام مسكين آخر‬
‫فهو خير له»‪ ،‬ووافقه السدي حين قال‪« :‬فإن‬
‫أطعم مسكينين فهو خير ل��ه»‪ ،‬واهلل تعالى‬
‫لم يخصص بعض معاني الخير دون بعض‪،‬‬
‫فإن جمع الصوم مع الفدية من تطوع الخير‪،‬‬
‫وزي��ادة مسكين على جزاء الفدية من تطوع‬
‫الخير‪ ،‬وك��ل ذل��ك من تطوع الخير ونوافل‬
‫الفضل‪.‬‬
‫وهذا هو حكم الصيام على ما كان عليه‬
‫األم��ر في ابتداء اإلس��ام‪ ،‬أي أن المريض‬
‫والمسافر ال يصومان‪ ،‬أما الصحيح المقيم‬
‫فقد كان مخيراً بين الصيام واإلطعام‪ ،‬فإن‬
‫أطعم أكثر من مسكين عن كل يوم فهو خير‪،‬‬
‫وإن صام فهو أفضل من اإلطعام‪( .‬ابن كثير)‪.‬‬
‫وأم��ا في الحج فالقول ال��راج��ح‪« :‬ومن‬
‫ت��ط��وع بالحج وال��ع��م��رة بعد ق��ض��اء حجته‬
‫الواجبة عليه فإن اهلل شاكر له على تطوعه‬
‫له بما تطوع به من ذلك ابتغاء وجهه فمجازيه‬
‫به‪ ،‬عليم بما قصد وأراد» (الطبري)‪ ،‬وفي‬
‫أقوال العلماء‪ :‬من تطوع خيراً فاعتمر فإن‬
‫اهلل شاكر عليم‪ ،‬فالحج فريضة‪ ،‬والعمرة‬
‫تطوع‪.‬‬
‫���دت أن‬
‫مِ ���ن ت��دب��ر ه��ات��ي��ن اآلي��ت��ي��ن وج� ُ‬
‫اإلسام يحث على العمل التطوعي‪ ،‬بحيث‬
‫يكون الباعث له احتساب األج��ر عند اهلل‬
‫وح���ده‪ ،‬ف��إن أص��ل ال��ص��وم وال��ح��ج والعمرة‬
‫واإلط��ع��ام ه��و اإلخ���اص هلل‪ ،‬وفيها زي��ادة‬
‫أﻧﺎ‪:‬‬
‫ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺎم‪َ :‬‬
‫)ﻓ َﻤﻦ‬
‫َﺗ َﻄ َّﻮ َع َﺧ ْﻴ ًﺮا َﻓ ُﻬ َﻮ َﺧ ْﻴ ٌﺮ َﻟﻪ( ﻓﻬﻞ ﻳﻤﺘﺪ‬
‫اﻟﺘﻄﻮع إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة ووﻇﺎﺋﻔﻬﺎ؟‬
‫ﻟﻨﺎ ﻓﻲ اﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﻤﺜﻞ‪ ..‬أﻟﻢ ﻳﻜﻔﻞ‬
‫زﻛﺮﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ وﻳﺘﻄﻮع ﻳﻮﺳﻒ‬
‫ﻟﻮزارة اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ وﻳﺴﻖ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ﻟﻼﻣﺮأﺗﻴﻦ؟‬
‫اﻹﺳﻼم ﻳﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮع‬
‫ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﺒﺎﻋﺚ ﻟﻪ اﺣﺘﺴﺎب‬
‫اﻷﺟﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻓﺄﺻﻞ اﻟﻌﺒﺎدات‬
‫اﻹﺧﻼص ﻟﻠﻪ‬
‫ال��ع��م��ل‪ ،‬ف��إن ه��ن��اك وق��ت �اً يُ��ق��ض��ى‪ ،‬وج��ه��داً‬
‫يُبذل‪ ،‬وماالً يُنفق‪ ،‬وهذه هي عناصر التطوع‬
‫المجتمعي سوا ًء كان التطوع بدنياً أو فكرياً‬
‫أو مادياً‪ ،‬والشباب ذكراناً وإناثاً في حاجة‬
‫إل��ى االن��ض��م��ام للعمل التطوعي صاحاً‬
‫وإصاحاً للنفس والغير‪ ،‬أو رفعاً وارتفاعاً‬
‫للفرد والجماعة‪.‬‬
‫ولنا في األنبياء المثل والقدوة؛ ألم يكفل‬
‫زكريا مريم تطوعاً؟ ألم يتطوع يوسف ليكون‬
‫وزيراً للمالية‪ ،‬ألم يسقِ موسى لامرأتين في‬
‫مدين ابتغاء وجه اهلل؟ وانظري –زوجتي‪-‬‬
‫إلى عاقبة هذه األمثلة‪ ،‬فكانت كفالة زكريا‬
‫سبباً لمعرفة ق��درة اهلل ف��ي إرزاق مريم‪،‬‬
‫فدعا بالولد وحازه! أما يوسف فمكن اهلل له‬
‫في أرض مصر وجمع أهله واجتمع بأبويه!‬
‫وموسى كانت سقياه سبباً ألمانه وزواج��ه‬
‫وخبرته!‬
‫وفي اإلسام‪ ،‬كان نبينا صلى اهلل عليه‬
‫وس��ل��م ه��و ال��ق��دوة وال��م��ث��ال ال��خ��ال��د‪ ،‬قالت‬
‫خديجة ع��ن��ه‪« :‬ك��ا واهلل م��ا يخزيك اهلل‬
‫أبداً؛ إنك لتصل الرحم وتحمل ال َك ّل وتكسب‬
‫المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب‬
‫الحق» (رواه البخاري)‪.‬‬
‫من أمثلة عمله مشاركته صلى اهلل عليه‬
‫وسلم في بناء الكعبة‪ ،‬وحفر الخندق وبناء‬
‫المسجد‪ ،‬وزي���ارة المرضى‪ ،‬م��ع حثه على‬
‫كفالة اليتيم وتفريج الكرب ومساعدة األرامل‬
‫وإطعام الطعام‪.‬‬
‫كما كان أبو بكر يحلب للحي أغنامهم‪،‬‬
‫فلما بويع بالخافة قالت جارية من الحي‪:‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫اآلن ال تحلب لنا منائح دارن��ا‪ ،‬فسمعها أبو‬
‫بكر فقال‪ :‬بلى واهلل ألحلبنها لكم‪.‬‬
‫وجاء الخبر عن عمر بن الخطاب وزوجه‬
‫أم ك��ل��ث��وم ب��ن��ت ع��ل��ي ب��م��س��اع��دة ام����رأة في‬
‫المخاض‪ ،‬فأخذت معها ما يحتاج إليه الوليد‬
‫من ثياب وما تحتاج إليه المرأة وقدراً وحبوباً‬
‫وسمناً‪ ،‬فدخلت إلى المرأة وجلس هو مع‬
‫الرجل وأوقد النار وطبخ ما جاء به والرجل‬
‫جالس ال يعلم من هو‪.‬‬
‫ه��ذا م��ن الخير وال��ب��ر ال��ذي ذك��ره اهلل‬
‫وه ُك ْم قِ بَ َل‬
‫س الْ ِب َّر أَن تُ َو ّلُوا ْ ُو ُج َ‬
‫في قوله‪ّ ( :‬لَيْ َ‬
‫ِاهللّ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫الْ َم ْشرِ قِ َوالْ َم ْغرِ ِب َول�كِ َّن ال ِب َّر َم ْن آ َم َن ب ِ‬
‫ِ‬
‫َاب َوال ّنَ ِب ّيِي َن‬
‫َوالْ َي ْو ِم‬
‫اآلخ��رِ َوالْ َمآل ِئ َكةِ َوالْكِ ت ِ‬
‫َوآتَى الْ َما َل َعلَى ُح ِ ّبهِ َذوِ ي الْ ُق ْربَى َوالْيَتَا َمى‬
‫السآ ِئلِي َن َوفِ ي‬
‫السبِيلِ َو َّ‬
‫َوالْ َم َساكِ ي َن َوابْ � َن َّ‬
‫الصاةَ َوآتَى ال َّز َكاةَ َوالْ ُمو ُفو َن‬
‫ال ِ ّر َق ِ‬
‫اب َوأَ َقا َم َّ‬
‫الصابِرِ ي َن فِ ي الْبَ ْأ َساء‬
‫ِب َع ْهدِ ِه ْم ِإ َذا َع َ‬
‫اه ُدوا ْ َو َّ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫ْ‬
‫ذِ‬
‫َّ‬
‫ص َد ُقوا‬
‫ن‬
‫ي‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ِك‬
‫ئ‬
‫�‬
‫ل‬
‫و‬
‫أ‬
‫س‬
‫أ‬
‫ب‬
‫ل‬
‫ا‬
‫والض َّراء َو ِحي َن َ ِ‬
‫َ َ‬
‫َوأُولَ�ئ َ‬
‫ِك ُه ُم الْ ُم ّتَقُو َن {‪( )}177‬البقرة)‪.‬‬
‫وه���ذا رس��ول��ن��ا ص��ل��ى اهلل عليه وسلم‬
‫يقول‪« :‬على كل مسلم صدقة»‪ ،‬قيل‪ :‬أرأيت‬
‫إن لم يجد؟ قال‪« :‬يعتمل بيده فينفع نفسه‬
‫ويتصدق»‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت إن لم يستطع؟ قال‪:‬‬
‫«يعين ذا الحاجة الملهوف»‪ ،‬قيل له‪ :‬أرأيت إن‬
‫لم يستطع؟ قال‪« :‬يأمر بالمعروف أو الخير»‪،‬‬
‫قال‪ :‬أرأي��ت إن لم يفعل؟ قال‪« :‬يمسك عن‬
‫الشر فإنها صدقة» (رواه البخاري)‪.‬‬
‫فأبواب الخير متعددة مفتوحة تنتظر‬
‫المتطوعين والمتطوعات خاصة في أوقات‬
‫األزم����ات وم��ن��اط��ق ال��ن��زاع��ات م��ن خدمات‬
‫إنسانية وطبية وسكنية وتعليمية ومالية‪ ،‬وفي‬
‫رمضان يزداد األجر ويرتفع الثواب‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫ﻫﻲ‪..‬‬
‫لقد ذ َّكرنا شهر رمضان بهذه القضية‬
‫المهمة التي تطرقت إليها في حديثك عن‬
‫قوله تعالى‪َ ( :‬ف َمن ت ََط َّو َع َخيْراً َف ُه َو َخيْ ٌر لَه)؛‬
‫أال وه��ي التطوع بالخير‪ ،‬واآلي��ة وإن كانت‬
‫ج��اءت في سياق الحديث عن الصيام كما‬
‫أشرت‪ ،‬فإن كلمة «خيراً» تفتح أمامنا مجاالت‬
‫الخير المتنوعة‪ ،‬وتحثنا على التطوع المطلق‬
‫بصالح األعمال‪ ،‬وتؤكد فضيلة التطوع في‬
‫رمضان‪ ،‬وفي غير رمضان‪.‬‬
‫والتطوع –يا زوج��ي‪ -‬إنما يكون نابعاً‬
‫من رغبة اإلنسان في تقديم ما يقدر عليه‬
‫من نوافل العبادات والنفقات من المال أو‬
‫الصحة أو ال��ج��اه أو العلم أو النصح‪ ،‬أو‬
‫‪34‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫غير ذل��ك مما رزق��ه اهلل‪ ،‬وه��و من وسائل‬
‫تزكية النفس ويحتاج نية خالصة هلل؛ ( ِإ ّنَ َما‬
‫نُ ْطعِ ُم ُك ْم ِل َو ْجهِ َّ ِ‬
‫اهلل َال نُرِ ي ُد مِ ن ُك ْم َجزَاء َو َال‬
‫ُش ُكوراً {‪( )}9‬اإلنسان)‪ ،‬فاألجر إنما يكون‬
‫منه سبحانه وتعالى‪ ،‬وه��و شاكر لكل خير‬
‫عليم بنية صاحبه‪ ،‬لذا فقد نبهنا لهذا في‬
‫ِير ِ ّمن ّنَ ْج َوا ُه ْم ِإ ّالَ َم ْن‬
‫قوله‪ّ ( :‬الَ َخيْ َر فِ ي َكث ٍ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ِص َد َق ٍة أَ ْو َم ْع ُر ٍ‬
‫َاس‬
‫ِصا ٍح بَيْ َن ال ّن ِ‬
‫أَ َم َر ب َ‬
‫وف أ ْو إ ْ‬
‫ّ‬
‫َو َمن يَ ْف َع ْل َذل َ‬
‫ات ِ‬
‫ض ِ‬
‫ِك ابْتَ َغاء َم ْر َ‬
‫اهلل َف َس ْو َف‬
‫ً‬
‫نُ ْؤتِيهِ أَ ْجراً َع ِظيما {‪( )}114‬النساء)‪.‬‬
‫وح��ي��ن أذك���ر التطوع والمتطوعين في‬
‫وقتنا المعاصر يظهر أمامي شيخ المتطوعين‬
‫ال��دك��ت��ور ال��داع��ي��ة ال��ك��وي��ت��ي عبدالرحمن‬
‫السميط‪ ،‬رح��م��ه اهلل‪ ،‬ال���ذي ع��اش حياته‬
‫متنق ً‬
‫ا في القارة األفريقية‪ ،‬يقدم فيها جهده‬
‫ووقته وماله وصحته ودعوته‪ ،‬متمث ً‬
‫ا قوله‬
‫الناس إلى ا ِ‬
‫هلل‬
‫«أحب‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫ِ‬
‫ُّ‬
‫وأحب األعمالِ إلى ا ِ‬
‫هلل ع َّز‬
‫َاس‪،‬‬
‫أنْ َف ُع ُه ْم لِل ّن ِ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫مسلم‪ ،‬أ ْو يكشف عن ُه‬
‫وج َّل ُس ُرو ٌر ي ْدخل ُه على‬
‫ٍ‬
‫ُك ْربَ ًة‪ ،‬أ ْو يق ِْضي عن ُه َديْنًا‪ ،‬أ ْو ت َْط ُر ُد عن ُه ُجوعاً‪،‬‬
‫أحب ِإلَ َّي من‬
‫وأل ْن أَ ْم ِشي مع أَ ٍخ لي في َ‬
‫حاج ٍة ّ ُ‬
‫اعتَكِ َف في هذا المسجدِ ‪ ،‬يعني مسج َد‬
‫أ ْن ْ‬
‫ً‬
‫المدينةِ شهرا» (السلسلة الصحيحة)‪.‬‬
‫كما أتذكر زوجته الصابرة الوفية أم صهيب‬
‫التي أعانته على ذلك ورعت أوالده‪ ،‬ثم شاركته‬
‫مشاركة فعلية في عمله التطوعي وعاشت معه‬
‫حياة الزهد والتقشف والتنقل والقلق‪ ،‬ورغم‬
‫صعوبتها فإنها وجدت فيها لذة القرب من اهلل‬
‫بما يقومان به‪ ،‬فقالت لزوجها قولتها الرائعة‪:‬‬
‫«هل سنجد في الجنة طعم هذه السعادة كما‬
‫نجده هنا؟!»‪ ،‬فيا لها من زوجة!‬
‫وهنا يتبادر إلى ذهني أهمية دور المرأة‬
‫في العمل التطوعي بالمجاالت التي تصلح‬
‫لها كامرأة‪ ،‬مثل رعاية األيتام‪ ،‬واألرامل وكبار‬
‫ال��س��ن‪ ،‬ومساعدة األس��ر الفقيرة‪ ،‬والعمل‬
‫بالجمعيات الخيرية واإلغاثية واالهتمام‬
‫بقضايا المرأة ومشكات الفتيات والتوعية‬
‫وتصحيح المفاهيم الخاطئة‪ ،‬واألنشطة‬
‫التربوية للنشء‪ ،‬وكذلك تعليم العلم‪ ،‬وتحفيظ‬
‫ال���ق���رآن‪ ،‬وك���ل م��ا ف��ي��ه ص���اح لمجتمعها‪،‬‬
‫فدورها فيه ال يُن َكر‪ ،‬والمجتمع في حاجة‬
‫ﻫﻲ‪:‬‬
‫ً‬
‫»ﺧﻴﺮا« ﺗﻔﺘﺢ ﻣﺠﺎﻻت‬
‫ﻛﻠﻤﺔ‬
‫اﻟﺨﻴﺮ وﺗﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮع ﺑﺼﺎﻟﺢ‬
‫اﻷﻋﻤﺎل وﺗﺆﻛﺪ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ ﺑﺮﻣﻀﺎن‬
‫اﻟﺘﻄﻮع ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ رﻏﺒﺔ اﻹﻧﺴﺎن‬
‫ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺎ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﻮاﻓﻞ‬
‫اﻟﻌﺒﺎدات واﻟﻨﻔﻘﺎت واﻟﺘﻤﺎس‬
‫اﻷﺟﺮ ﻣﻨﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬
‫ُوﺟﺪ ﻓﻲ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﺷﻴﺦ‬
‫اﻟﻤﺘﻄﻮﻋﻴﻦ د‪ .‬ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ‬
‫اﻟﺴﻤﻴﻂ وﺗﻄﻮﻋﻪ ﺑﺄﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‬
‫وزوﺟﺘﻪ أم ﺻﻬﻴﺐ وإﻋﺎﻧﺘﻬﺎ ﻟﻪ‬
‫لجهدها‪ ،‬مع مراعاة الضوابط الشرعية في‬
‫كل ذلك‪.‬‬
‫إن التعاون على البر والتقوى من سمات‬
‫البيت المسلم‪ ،‬واألس��رة المسلمة‪ ،‬والحي‬
‫المسلم‪ ،‬والمجتمع المسلم‪ ،‬وق��د أم��ر اهلل‬
‫الجميع بذلك فقال‪َ ( :‬وتَ � َع��ا َونُ��وا ْ َعلَى الْب ِ ّر‬
‫َوال ّتَ ْق َوى) (المائدة‪ ،)2 :‬وإن مجتمعاً يتعاون‬
‫في وجوه البر ونشر الخير والشعور بالغير‪،‬‬
‫وي��ع��زز ثقافة العمل التطوعي ف��ي نفوس‬
‫أف���راده؛ لهو مجتمع راق نافع لمن حوله‪،‬‬
‫وإن من المؤسف أن يقف بعض األزواج في‬
‫االتجاه المعاكس تماماً‪ ،‬فيمنع الزوج زوجته‬
‫من أي عمل تطوعي كالدعوة إلى اهلل‪ ،‬أو‬
‫العمل ف��ي م��ج��ال التعليم أو ف��ي مجاالت‬
‫تطوعية يمكنها أن تقوم بها دون أن تفرط‬
‫في حق الزوج ورعاية الولد!‬
‫وعلى الطرف اآلخر نجد بعض النساء‬
‫تشارك مشكورة في األعمال الخيرية لكنها‬
‫تنفق فيها معظم وقتها إن لم يكن كله‪ ،‬فتهمل‬
‫ال��زوج وتضيع األوالد وتقصر في تربيتهم!‬
‫وهنا ال بد من نشر ثقافة العمل التطوعي‬
‫ال��م��ت��وازن‪ ،‬وتيسير ط���رق االن��ض��م��ام إليه‬
‫والمشاركة فيه دون إفراط أو تفريط‪.‬‬
‫وإن كان التطوع بنوافل العبادات مطلوباً‬
‫ال سيما ف��ي رم��ض��ان‪ ،‬ف��إن التطوع كذلك‬
‫بالسعي في حوائج الناس وال��ح��رص على‬
‫ما ينفعهم من األعمال أجرها في رمضان‬
‫عظيم‪ ،‬ولها قيمتها في الميزان عند اهلل‪،‬‬
‫وعليها يثيب ويجزل العطاء‪ ،‬فرمضان فرصة‬
‫لعمل كل خير‪ ،‬وما أعظم أن تجتمع األعمال‬
‫التطوعية التي تنفع الصائم وتزكي روحه من‬
‫ركوع وسجود وعبادات‪ ،‬فتتعانق مع أعمال‬
‫الخير النافعة للمجتمع وأف��راده‪ ،‬وقد قال‬
‫اس ُج ُدوا‬
‫تعالى‪( :‬يَا أَ ّيُ َها ا ّلَذِ ي َن آ َمنُوا ا ْر َك ُعوا َو ْ‬
‫اعبُ ُدوا َر ّبَ ُك ْم َوا ْف َعلُوا الْ َخيْ َر لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفل ُِحو َن‬
‫َو ْ‬
‫{‪( )}77‬الحج)‪>.‬‬
‫إﻓﻄﺎر اﻟﺼﺎﺋﻢ‬
‫‪ 1439‬ﻫـ ‪ 2018 -‬م‬
‫‪Ú`Jôe Ú`ªFÉ°üdG ô`LCG ∫É`f ø`Ÿ Ék `Ä«æg‬‬
‫ﺳﻌﺮ اﻟﻮﺟﺒﺔ‬
‫ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ‬
‫ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻠﺔ‬
‫‪250‬‬
‫‪30‬‬
‫ﻓﻠﺲ‬
‫د‪.‬ك‬
‫وﻗﻔﻴﺔ‬
‫إﻓﻄﺎر اﻟﺼﺎﺋﻢ‬
‫‪150‬‬
‫د‪.‬ك‬
‫أو إﺳﺘﻘﻄﺎع ‪ 10‬د‪.‬ك ﺷﻬﺮﻳ‪7‬‬
‫ﺣﺘﻰ اﻛﺘﻤﺎل اﻟﺴﻬﻢ‬
‫حولــي ‪ ،‬الســاملية ‪ ،‬ســلوى ‪ ،‬الفيحــاء ‪ ،‬الروضــة ‪ ،‬صبــاح السال ــم ‪ ،‬القريــن ‪ ،‬الصباحيــة ‪ ،‬الفحيحيــل‬
‫لولوهايبــر الضجي ــج ‪ ،‬صبـ ـ ــاح النــاص ـ ـ ـ ــر ‪ ،‬األنـ ــدلـ ـ ـ ــس ‪ ،‬الصليبيخــات ‪ ،‬اجلهــراء ‪ ،‬سع ــد العبــداهلل‬
‫‪@ kh air o n lin e‬‬
‫‪1 888 808‬‬
‫‪khaironline.net‬‬
‫‪36‬‬
‫الشباب‪ ..‬ومواقع‬
‫التواصل االجتماعي‬
‫شباب‬
‫وإعالميون‬
‫وحقوقيون‬
‫لـ«المجتمع»‪:‬‬
‫وسائل التواصل االجتماعي‪..‬‬
‫سالح جديد بيد الشباب‬
‫تحقيق‪:‬‬
‫عبد الباقي خليفة (تونس) ‪ -‬براء ماجد (مصر) ‪ -‬عمار حمو (سورية)‬
‫مها العواودة (فلسطين) ‪ -‬سيف باكير (األردن) ‪ -‬محمد سرحان (تركيا)‬
‫الشــــباب هم الفئــــة األكثر تفاع ً‬
‫ال مــــع كل ما هو‬
‫جديــــد؛ نظراً لما تتســــم به مرحلتهــــم العمرية من‬
‫حــــب التطلع والمعرفــــة‪ ،‬فض ً‬
‫ال عــــن روح المغامرة‬
‫والمخاطرة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬تأتي وسائل التواصل االجتماعي‬
‫التي تعد وســــيلة جديــــدة لعالم جديــــد ومتغير كل‬
‫لحظــــة‪ ،‬ل ُتوجد تحديــــ ًا من التحديــــات العصرية التي‬
‫يطوعها الشــــباب‪ ،‬وإما‬
‫تواجه الشــــباب؛ فإمــــا أن‬
‫ّ‬
‫ـــوع هي الشــــباب؛ فالعالقــــة تفاعلية في‬
‫أن تطـ ّ‬
‫االتجاهيــــن (التأثير والتأثــــر)‪ ،‬وتأثير هذه الوســــائل‬
‫المجتمعية أكثر من أن تحصى مظاهره هنا‪ ،‬لكن‬
‫نشــــير منها إلى تفاعالت «الربيــــع العربي» الذي ما‬
‫زالت ارتداداته مســــتمرة في أكثر مــــن دولة؛ حيث‬
‫كانت هذه الوسائل أحد مفجرات هذه الثورات‪.‬‬
‫في التحقيق التالي‪ ،‬سعت «المجتمع» إلى استطالع‬
‫آراء بعض الشباب والمختصين حول وسائل التواصل‬
‫االجتماعي والشباب‪ ،‬في بعض الدول المختلفة‪ ،‬مع‬
‫التركيز على بعض دول «الربيع العربي»‪.‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫ﺗﻮﻧﺲ‪..‬‬
‫الثورة تنزلت من «فيسبوك»‬
‫إلى األرض‪:‬‬
‫البداية كانت من تونس التي‬
‫ق���ادت ق��اط��رة ث����ورات «ال��رب��ي��ع‬
‫العربي»؛ حيث ساهمت مواقع‬
‫التواصل االجتماعي ‪-‬وال سيما‬
‫«فيسبوك»‪ ،‬األكثر استخداماً‬
‫في تونس‪ -‬في نجاح ثورة ‪17‬‬
‫ديسمبر‪ ،‬وك��ان إح��دى أهم‬
‫وسائل التواصل بين شباب‬
‫الثورة‪ ،‬ونقل األخبار‪ ،‬حتى‬
‫ق��ي��ل‪ :‬إن ال��ث��ورة اندلعت‬
‫ف���ي «ف��ي��س��ب��وك» قبل‬
‫أن تتنزّل في الواقع‬
‫الموضوعي‪.‬‬
‫وال ي�����������زال‬
‫«ف��ي��س��ب��وك» ي���ؤدي‬
‫دوره ب��ع��د ال��ث��ورة‪،‬‬
‫وي��دف��ع المناضلون‬
‫على مواقع التواصل‬
‫االجتماعي فاتورة‬
‫التعبير ال��ح��ر عن‬
‫ال������رأي‪ ،‬ال سيما‬
‫ب���ع���د ان��ت��خ��اب��ات‬
‫ع��ام ‪2014‬م وما‬
‫أفرزته من عودة‬
‫قوية لبعض رموز‬
‫النظام السابق‪،‬‬
‫ال���ذي���ن اح��ت��ل��وا‬
‫م���واق���ع متقدمة‬
‫في السلطة منها‬
‫رئ���اس���ة ال���دول���ة‪،‬‬
‫ورئ��اس��ة الحكومة‪،‬‬
‫ورئاسة البرلمان‪.‬‬
‫وب��اس��ت��ط��اع إح��دى‬
‫ال���م���ش���ارك���ات ف���ي ث���ورة‬
‫ال��ي��اس��م��ي��ن‪ ،‬ت��ؤك��د لمياء‬
‫ال���م���اج���ري‪ ،‬وه����ي م��دون��ة‬
‫ش���ارك���ت ف���ي ال����ث����ورة عبر‬
‫«ف��ي��س��ب��وك» وف���ي ال��م��ي��دان‪،‬‬
‫ل���«ال��م��ج��ت��م��ع»‪ ،‬أن ه��ن��اك من‬
‫ي���ري���د أن ي��ق��ل��ل م���ن أه��م��ي��ة‬
‫وس��ائ��ل االت��ص��ال الجماهيرية‬
‫أو ما يعرف بمواقع التواصل‬
‫االجتماعي‪ ،‬ويحاولون تمرير‬
‫ت��ل��ك ال��م��غ��ال��ط��ة ت��ح��ت أس��م��اء‬
‫براقة‪ ،‬كالدراسات التي يضعها‬
‫موظفون يعملون وفق مواصفات‬
‫تطلب منهم‪ ،‬وليس وف��ق أسس‬
‫علمية صحيحة‪.‬‬
‫وت��اب��ع��ت‪ :‬ي��م��ك��ن أن ن��دل��ل‬
‫على ذلك بما جرى قبل الثورة‬
‫اإلل��ك��ت��رون��ي��ة م���ن ان��ت��ف��اض��ات‬
‫وث����ورات ل��م يتسن ل��ه��ا ال��ب��روز‬
‫إعامياً‪ ،‬ولم تكن لها أعين وآذان‬
‫كالكاميرا والمسجل والصورة؛‬
‫وه��و ما يعني التلفاز والمذياع‬
‫وال��ص��ح��ي��ف��ة‪ ،‬وك����ان ذل����ك من‬
‫أسباب إخمادها‪ ،‬وضربها دون‬
‫تداعيات وارت����دادات‪ ،‬وبعضها‬
‫له مفعول سريع‪ ،‬واآلخر يختمر‬
‫ليعطي ثمره عبر الزمن‪.‬‬
‫أم������ا ال���ن���اش���ط���ة ف��اط��م��ة‬
‫تويي فتقول‪ :‬أدوات التواصل‬
‫االج���ت���م���اع���ي اإلل��ك��ت��رون��ي��ة‬
‫مثل «ف��ي��س��ب��وك» و«ت��وي��ت��ر»‬
‫وغيرهما مكنت الشعوب‬
‫وال���ث���ورات والمناضلين‬
‫م��ن س���اح ج��دي��د وأداة‬
‫جديدة‪ ،‬أوصلت منسوب‬
‫ال��غ��ض��ب وال���ث���ورة إل��ى‬
‫نصاب التغيير‪ ،‬وهذا‬
‫م��ا ح��ص��ل‪ ،‬وت��اب��ع��ت‪:‬‬
‫ال��دول��ة العميقة لها‬
‫مشكلة مع المدونين‪،‬‬
‫وتحاول االنتقام منهم‬
‫بعد الثورة‪.‬‬
‫ال���ف���ن���ان ال��ق��دي��ر‬
‫بلقاسم البريكي‪ ،‬وهو‬
‫م���ن أوائ�����ل م���ن أدخ��ل��وا‬
‫ال��ن��ش��اط ال��ف��ن��ي لمواقع‬
‫ال���ت���واص���ل االج��ت��م��اع��ي‬
‫ف��ي ت��ون��س‪ ،‬ح��ي��ث يعرض‬
‫أعماله «أل��وان منشو» على‬
‫«فيسبوك»‪ ،‬أكد ل�«المجتمع»‬
‫أن المستبدين وم��ن تلعب‬
‫برؤوسهم سكرات الخوف‬
‫م���رت���ع���ب���ون م����ن وس���ائ���ل‬
‫ال���ت���واص���ل االج��ت��م��اع��ي‪،‬‬
‫وم����ا ت��ت��ي��ح��ه م���ن ح��ري��ة‬
‫تعبير‪ ،‬فهي بحق وسائل‬
‫إع���ام شعبية انتصرت‬
‫ع��ل��ى ت���رس���ان���ة اإلع����ام‬
‫التي يمتلكها المستبدون‬
‫ورؤوس األموال‪.‬‬
‫وأردف‪ :‬ل��ق��د قتلوا‬
‫‪37‬‬
‫ﺑﺎﺣﺜﺔ ﺗﻮﻧﺴﻴﺔ‪ :‬ﻣﻮاﻗﻊ‬
‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬
‫ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ »دﻣﻘﺮﻃﺔ«‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ وﻛﺸﻒ‬
‫ﺟﻤﻴﻊ أﺷﻜﺎل اﻻﺳﺘﺒﺪاد‬
‫ﻓﻨﺎن ﺗﻮﻧﺴﻲ‪ :‬ﻣﻮاﻗﻊ‬
‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻫﻲ وﺳﺎﺋﻞ‬
‫إﻋﻼم ﺷﻌﺒﻴﺔ اﻧﺘﺼﺮت‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺳﺎﻧﺔ اﻹﻋﻼم اﻟﺘﻲ‬
‫ﻳﻤﺘﻠﻜﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﺒﺪون‬
‫ورؤوس اﻷﻣﻮال‬
‫ال��ك��ث��ي��ر م���ن ال��ن��اش��ط��ي��ن على‬
‫م��واق��ع ال��ت��واص��ل االج��ت��م��اع��ي‪،‬‬
‫ونحن نتذكر باستمرار الشهيد‬
‫زهير اليحياوي‪ ،‬ال��ذي ألهبت‬
‫دم��اؤه الشارع التونسي‪ ،‬وكانت‬
‫وق��وداً قدسياً للثورة‪ ،‬ثم بحثهم‬
‫ب��اس��ت��م��رار ع��ن كيفية إغ��اق‬
‫المواقع‪ ،‬وتجريم حرية التعبير‬
‫عبر مواقع التواصل االجتماعي‪،‬‬
‫واعتقال عدد آخر من الناشطين‬
‫ع��ل��ى ه���ذه ال��م��واق��ع ك��ال��دك��ت��ور‬
‫الصحبي ال��ع��م��ري‪ ،‬ومضايقة‬
‫آخرين مثل ماهر زيد‪ ،‬وآخرين‪،‬‬
‫وس��رق��ة ح��س��اب��ات الناشطين‪،‬‬
‫ووض��ع فيديوهات وص��ور غير‬
‫الئ��ق��ة ف��ي��ه��ا‪ ،‬أو إرس��ال��ه��ا إل��ى‬
‫أصدقائهم باسمهم‪ ،‬وغير ذلك‬
‫من ممارسات االنحطاط الذي‬
‫يمارسه المنحطون والوضيعون‪.‬‬
‫اختراق جدران التعتيم‬
‫ال���ب���اح���ث���ة ف����ي االق���ت���ص���اد‬
‫االجتماعي واإلع��ام جنات بن‬
‫عبداهلل‪ ،‬قالت ل�«المجتمع»‪ :‬مما‬
‫ال شك فيه أن شبكات التواصل‬
‫‪38‬‬
‫الشباب‪ ..‬ومواقع‬
‫التواصل االجتماعي‬
‫االجتماعي كان لها دور مهم في‬
‫الثورة من خال قدرتها الفائقة‬
‫ع��ل��ى اخ��ت��راق ج����دران وأس���وار‬
‫التعتيم وال��ص��م��ت والتضليل‬
‫اإلعامي الرسمي‪ ،‬وهي الصفة‬
‫ال��ازم��ة لكل ن��ظ��ام استبدادي‬
‫دكتاتوري‪.‬‬
‫وواص���ل���ت ح��دي��ث��ه��ا‪ :‬بفعل‬
‫ه��ذه الشبكات أص��ب��ح بإمكان‬
‫المعلومة أن تنشر في حينها‪،‬‬
‫وهو ما ساهم في إنجاح الثورة‪،‬‬
‫واستطردت‪ :‬ليس كل ما ينشر‬
‫له مصداقية؛ فالمعلومة ليست‬
‫دائ��م��اً صحيحة‪ ،‬وه���و م��ا ن��ود‬
‫الحرص على ذكره‪.‬‬
‫وتابعت‪ :‬االستبداد نجح في‬
‫احتكار وسائل اإلعام التقليدية‬
‫س�����واء ب���ال���ق���ان���ون أو ال���ف���راغ‬
‫القانوني‪ ،‬لكن مواقع التواصل‬
‫نجحت في «دمقرطة» المعلومة‪،‬‬
‫ونجحت في كشف جميع أشكال‬
‫االس��ت��ب��داد وآث����اره وت��داع��ي��ات��ه‪،‬‬
‫ورف���ع���ت ب���ذل���ك األق���ن���ع���ة عن‬
‫األنظمة المكيافيلية‪ ،‬وأسقطت‬
‫م��ق��والت��ه��ا ال��م��ت��ع��ددة‪ ،‬ونجحت‬
‫مواقع التواصل في رفع الغطاء‬
‫ع��ن حقائق ح��رص االس��ت��ب��داد‬
‫متعدد األوجه على حجبها‪.‬‬
‫ﻣﺼﺮ‪..‬‬
‫الوعي يواجه السلبيات‪:‬‬
‫أما المحطة الثانية لثورات‬
‫«الربيع العربي» فكانت جمهورية‬
‫مصر العربية؛ حيث اتفق نشطاء‬
‫على أن الشباب المصري كما‬
‫اس��ت��ف��اد م��ن إي��ج��اب��ي��ات م��واق��ع‬
‫التواصل في الحراك االجتماعي‬
‫والسياسي وم��ق��اوم��ة البطالة‪،‬‬
‫سقط في براثن سلبياته سواء‬
‫في العنف أو األعمال المنافية‬
‫ل��أخ��اق‪ ،‬مشيرين إل��ى أهمية‬
‫ت��واص��ل التوعية ون��ش��ر الوعي‬
‫بمحاسن التواصل وتعظيمها‪.‬‬
‫حيث يرى اإلعامي الشاب‬
‫أده�����م ح��س��ان��ي��ن أن ل��م��واق��ع‬
‫التواصل االجتماعي تأثيرات‬
‫إﻋﻼﻣﻲ ﻣﺼﺮي‪:‬‬
‫اﻟﻤﺨﺎﺑﺮات اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ‬
‫ﺗﺴﺘﻐﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺨﺮﻳﺐ‬
‫اﻟﻌﻘﻮل ﻛ‪»c‬داﻋﺶ«‬
‫واﻷﺧﻼق ﻛﺘﺮوﻳﺞ دﻋﺎرة‬
‫»اﻟﺴﻮﺷﻴﺎل ﻣﻴﺪﻳﺎ«‬
‫ﺣﻘﻮﻗﻲ ﻣﺼﺮي‪ :‬اﻟﻘﻤﻊ‬
‫اﻷﻣﻨﻲ ﺟﻌﻞ اﻻﺳﺘﺨﺪام‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‬
‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻷﻛﺜﺮ ﺑﻴﻦ‬
‫اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻷﺧﺮى‬
‫متباينة‪ ،‬أفضلها م��ا ك���ان مع‬
‫بداية التأثير الفعلي مع هبات‬
‫الثورات العربية بداية من تونس‬
‫إلى مصر واليمن وليبيا وسورية‪،‬‬
‫ون��ق��ل أح��داث��ه��ا إل���ى الشريحة‬
‫العريضة من الجمهور المسيطر‬
‫عليه الشباب‪ ،‬ولحقه الباقي من‬
‫الفئات العمرية‪.‬‬
‫وي��ش��ي��ر إل����ى أن ال��ت��أث��ي��ر‬
‫اإلي���ج���اب���ي ف���ي «ال��س��وش��ي��ال‬
‫ميديا» هو خلق نوع من التفاعل‬
‫م��ع األح�����داث‪ ،‬وس��رع��ة ت���داول‬
‫المعلومات‪ ،‬وتطبيق مقولة‪« :‬إن‬
‫ال��ع��ال��م أص��ب��ح ق��ري��ة صغيرة»‪،‬‬
‫وخلق عاقات اجتماعية‪.‬‬
‫وأض�������������اف أن إح�������دى‬
‫اإليجابيات قياس ال��رأي العام‪،‬‬
‫والتفاعل مع هموم الوطن‪ ،‬أما‬
‫على المستوى اإلع��ان��ي فيرى‬
‫أن «السوشيال ميديا» وضعت‬
‫أق��دام��ه��ا ع��ل��ى ق��م��ة التسويق‬
‫اإللكتروني م��ن حيث الوصول‬
‫لشرائح عالية من الناس‪.‬‬
‫أم���ا ع��ن وس��ائ��ل ال��ت��واص��ل‬
‫والشباب‪ ،‬فإن الشباب ‪-‬بحسب‬
‫حسانين‪ -‬يدينون ل�«السوشيال‬
‫ميديا» بنقل أفكارهم وحراكهم‬
‫إلى العالم في الثورات العربية‬
‫التي غيرت ت��اري��خ وج��ه العالم‬
‫ال���ع���رب���ي‪ ،‬وأص���ب���ح���ت وس��ائ��ل‬
‫ال���ت���واص���ل م��ن��ص��ات ل��ل��وص��ول‬
‫لشرائح جماهيرية مختلفة‪.‬‬
‫وع��ن االس��ت��خ��دام السلبي‪،‬‬
‫ف��ي��ؤك��د أن����ه ي��ت��م��ث��ل ب��ت��وج��ي��ه‬
‫المخابرات العالمية للشباب في‬
‫م��ش��روع تخريب العقول أمثال‬
‫«داعش»‪ ،‬الذي يرى أنه صناعة‬
‫م��خ��اب��رات��ي��ة‪ ،‬ب���اإلض���اف���ة إل��ى‬
‫تخريب األخاق من ترويج دعارة‬
‫«السوشيال ميديا» وغيرها من‬
‫األمور المماثلة‪.‬‬
‫أم����ا ال��ح��ق��وق��ي ال��م��ص��ري‬
‫الشاب عاء عبدالمنصف‪ ،‬فمن‬
‫جانبه يقول‪ :‬تبقى لكل مرحلة‬
‫زمنية أدواتها‪ ،‬التي تُجبر الجميع‬
‫على استخدامها‪ ،‬هذا هو حال‬
‫وس��ائ��ل ال��ت��واص��ل االجتماعي‬
‫المختلفة‪ ،‬التي ظهرت في القرن‬
‫الحادي والعشرين نتيجة التطور‬
‫التكنولوجي‪ ،‬وحاجة المجتمع‬
‫ل��ط��رق ج��دي��دة ل��ل��ت��واص��ل بها‪،‬‬
‫وأصبح «العالم قرية صغيرة»‪.‬‬
‫ع��ب��دال��م��ن��ص��ف ي�����رى أن‬
‫ت��ن��وع االس��ت��خ��دام��ات ل��وس��ائ��ل‬
‫التواصل جاء مع تطورها؛ فمنها‬
‫االجتماعي والرياضي والثقافي‪،‬‬
‫ومنها أي��ض �اً السياسي‪ ،‬ال��ذي‬
‫أصبح المحطة الرئيسة لكثير‬
‫م���ن ب���ل���دان ال���ش���رق األوس����ط‪،‬‬
‫وخ���ص���وص���اً ب���ل���دان «ال��رب��ي��ع‬
‫العربي» ولشباب مصر‪ ،‬وأصبح‬
‫االستخدام السياسي المحطة‬
‫األك��ث��ر استخداماً م��ن شريحة‬
‫الشباب في هذه البلدان‪ ،‬ولعل‬
‫اتساع االستخدام لتلك الشريحة‬
‫كان بسبب ضيق األفق السياسي‬
‫ف���ي ال�����دول ال��ع��رب��ي��ة‪ ،‬وح��ال��ة‬
‫القمع األمني التي تُصاحب من‬
‫يستخدم حقه في التعبير عن‬
‫رأيه بكامل إرادته‪.‬‬
‫وي��ؤك��د ال��ح��ق��وق��ي ال��ش��اب‪،‬‬
‫ال��ذي يستخدم مواقع التواصل‬
‫ف��ي عمله الحقوقي بالمنظمة‬
‫ال��س��وي��س��ري��ة ل��ح��م��اي��ة ح��ق��وق‬
‫اإلنسان كبديل لتعتيم السلطات‬
‫المصرية على عملهم؛ أن اتجاه‬
‫الشباب إل��ى وس��ائ��ل التواصل‬
‫باعتبارها منفذاً لهم للتعبير عن‬
‫آرائ��ه��م بطرق أكثر حرية؛ كان‬
‫نتاج محاوالت االستخدام الجيد‬
‫لها‪ ،‬وأكبر مثال على ذلك ثورات‬
‫«الربيع العربي»‪ ،‬التي انطلقت‬
‫من وسائل التواصل االجتماعي‪،‬‬
‫تعبيراً ع��ن رف��ض حالة القمع‬
‫ال��س��ي��اس��ي‪ ،‬وم���ا يُ��ص��اح��ب��ه من‬
‫ان��ت��ه��اك��ات ال��ح��ري��ة وال��ك��رام��ة‬
‫اإلنسانية والعدالة االجتماعية‪.‬‬
‫من األم��ور التي اتفق عليها‬
‫معظم من التقيناهم ‪-‬رغم تباين‬
‫دول��ه��م وب��ي��ئ��ات��ه��م‪ -‬أن وس��ائ��ل‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫التواصل االجتماعي س��اح ذو‬
‫حدين؛ أحدهما إيجابي واآلخر‬
‫س��ل��ب��ي؛ وف����ي ال���س���ي���اق يشير‬
‫عبدالمنصف إلى أن لكل أداة‬
‫جانبين‪ ،‬جانباً إيجابياً وآخ��ر‬
‫سلبياً؛ فقد استخدمت وسائل‬
‫التواصل إلحداث شرخ مجتمعي‬
‫ك��ب��ي��ر ب��ي��ن ش���رائ���ح المجتمع‬
‫ال��واح��د‪ ،‬كما ح��دث ف��ي مصر‬
‫خاصة بين جيل الشباب والكبار‬
‫م��ن جهة‪ ،‬والسلطات م��ن جهة‬
‫ثانية‪ ،‬قائ ً‬
‫ا‪ :‬مهما كان‪ ،‬سيظل‬
‫الحوار المباشر أكثر نجاعة في‬
‫توصيل وج��ه��ات النظر بشكل‬
‫صحيح‪ ،‬دون ت��أوي��ات متعددة‬
‫تمنع من حدوث التفاوت الفكري‬
‫بين االتجاهات المختلفة‪ ،‬ناهيك‬
‫ع��ن تعمد اس��ت��خ��دام األنظمة‬
‫القمعية لوسائل التواصل كأداة‬
‫لتفريق المجتمع وتشتيته‪ ،‬وفي‬
‫ه��ذا ال��م��ق��ام ك��ام كثير يطول‬
‫شرحه‪.‬‬
‫وف����ي ه����ذا ال���س���ي���اق‪ ،‬ت��رى‬
‫الناشطة المصرية آي��ة حسني‬
‫أن التواصل االجتماعي أحياناً‬
‫ي��ك��ون م��ن��ص��ات ل��أع��م��ال غير‬
‫القانونية التي يصعب تواجدها‬
‫على أمر الواقع؛ وبالتالي تكون‬
‫مواقع التواصل فرصة للهروب‬
‫من الرقابة وال��ق��ان��ون؛ وه��و ما‬
‫يسقط فيه كثير م��ن الشباب‬
‫ك��ال��ت��ج��ن��ي��د ف����ي ال��ج��م��اع��ات‬
‫اإلرهابية وعصابات المخدرات‬
‫والدعارة‪ ،‬لكن ترى أن الشباب‬
‫نجح في تعظيم محاسن التواصل‬
‫االجتماعي عن طريق اعتبارها‬
‫نافذة للتعارف والمعرفة‪ ،‬بحيث‬
‫بات الشباب أكثر انفتاحاً على‬
‫الثقافات واألفكار بطريقة تخلق‬
‫ن��وع�اً م��ن ال��ح��راك االجتماعي‬
‫والسياسي‪.‬‬
‫وتضيف حسني أن وسائل‬
‫ال��ت��واص��ل تمكنت م��ن ممارسة‬
‫دور ال��م��ح��رك ف���ي األح����داث‬
‫السياسية واالج��ت��م��اع��ي��ة‪ ،‬كما‬
‫حدث في الثورات‪ ،‬وهو ما دفع‬
‫بعض الحكومات إلى فرض قيود‬
‫عليها لتحجيم مساحات الحرية‬
‫التي غالباً تكشف الكثير من‬
‫أخطائها‪.‬‬
‫ﺳﻮرﻳﺔ‪..‬‬
‫حل لكثير من مشكالتنا‪:‬‬
‫أم���ا ال��ث��ورة ال��س��وري��ة التي‬
‫ال يزال فتيلها ملتهباً؛ فلم تكن‬
‫ب��ع��ي��دة ع��ن ه���ذا األم����ر؛ حيث‬
‫ت���ؤدي وس��ائ��ل ال��ت��واص��ل دوراً‬
‫مهماً فيها؛ فتقول الرا شاهين‪،‬‬
‫ن��اش��ط��ة س���وري���ة ف���ي األردن‪،‬‬
‫وم��دي��رة منظمة تهتم بتشغيل‬
‫األيدي العاملة السورية‪ :‬وسائل‬
‫التواصل أوجدت ح ً‬
‫ا لكثير من‬
‫مشكاتنا نحن السوريين في‬
‫التواصل بين الداخل والخارج‬
‫السوري‪ ،‬كما أنها ساهمت بشكل‬
‫كبير في توصيل صوت الناس‪.‬‬
‫وتضيف‪ :‬من ناحية أخرى‪،‬‬
‫ن��ح��ن ‪-‬ن��س��اء س��وري��ة ف��ي دول‬
‫ﻧﺎﺷﻂ ﺳﻮري‪ :‬ﻣﻮاﻗﻊ‬
‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ‬
‫دور ﻣﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ أﺣﺪاث اﻟﻐﻮﻃﺔ‬
‫اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ‬
‫الجوار‪ -‬كنا نعاني من صعوبات‬
‫ع���دة‪ ،‬م��ن ح��ي��ث ال��وص��ول إل��ى‬
‫المشافي وال��م��راك��ز التعليمية‬
‫والصحية‪ ،‬والمراكز التي تساعد‬
‫األيتام‪ ،‬فسهلت مواقع التواصل‬
‫الوصول السريع لهذه المراكز‬
‫والمنظمات‪ ،‬وبدون هذه الوسائل‬
‫كنا سنضطر إلى أن ننتقل من‬
‫مكان إلى آخر عبر المواصات‬
‫العامة بحثاً عن مركز أو جهة‬
‫م��ا‪ ،‬أم��ا اآلن فمن بيتك تتابع‬
‫وتعرف النشاطات والفعاليات‪،‬‬
‫وبإمكانك أن تحدد م��اذا تريد‬
‫ومع من تريد التواصل‪.‬‬
‫وتستطرد الناشطة السورية‪:‬‬
‫تمكنت‬
‫على صعيد شخصي‪،‬‬
‫ُ‬
‫م���ن خ����ال وس���ائ���ل ال��ت��واص��ل‬
‫م���ن ال���وص���ول إل���ى ك���ل ال��ن��اس‬
‫المهتمة بالمشاريع اإلنتاجية؛‬
‫فمن خالها تمكنت من تسويق‬
‫منتجي‪ ،‬وال��ت��واص��ل م��ع الناس‬
‫خارج األردن لبيع المنتج‪ ،‬وفي‬
‫المقابل وصلت أعداد كبيرة من‬
‫المهتمين بمشروعي من خال‬
‫صفحات «فيسبوك» و«تويتر»‬
‫و«تيليجرام»؛ فعلى سبيل المثال‪،‬‬
‫الناس الذين يبحثون عن منظمة‬
‫توظف أي��دي عاملة سورية في‬
‫األردن بإمكانهم بسهولة الوصول‬
‫إل���ى منظمتي ع��ب��ر ال��ت��واص��ل‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫أم���ا ف���راس ال��م��رح��وم (‪27‬‬
‫ع���ام���اً)‪ ،‬م��ن م��دي��ن��ة دوم����ا في‬
‫الغوطة الشرقية ومقيم فيها‪،‬‬
‫‪39‬‬
‫وه��و مدير مكتب هيئة اإلغاثة‬
‫اإلنسانية الدولية (‪ )IHR‬في‬
‫ال��غ��وط��ة ال��ش��رق��ي��ة‪ ،‬فيضيف‪:‬‬
‫في التجربة السورية وتحديداً‬
‫الغوطة الشرقية‪ ،‬وعلى صعيد‬
‫شخصي‪ ،‬ف��إن مواقع التواصل‬
‫االج��ت��م��اع��ي ك��ان لها دور مهم‬
‫ج��داً ف��ي التأثير على أح��داث‬
‫وم��ج��ري��ات ال��غ��وط��ة الشرقية؛‬
‫فكان نقل ال��ح��دث ف��ي لحظته‬
‫ألكبر شريحة ممكنة من األهالي‬
‫خصوصاً فيما يتعلق بالقصف؛‬
‫مما يعني أنه تخفيف لأخطار‬
‫لدى األهالي بناء على معرفتهم‬
‫بما يجري‪ ،‬كما أنه في أثناء وقت‬
‫القصف وقلة الحركة النسبية‬
‫ف��ي ال��غ��وط��ة ت��ك��ون المنصات‬
‫االف��ت��راض��ي��ة ه��ي ال��ب��دي��ل عن‬
‫المنصات الواقعية في التسويق‬
‫للمنتجات‪ ،‬وتنفيذ العديد من‬
‫المهام اليومية‪ ،‬وإي��ج��اد فرص‬
‫عمل افتراضية ف��ي ظ��ل نسبة‬
‫بطالة تجاوزت ‪.%80‬‬
‫ً‬
‫وي��ض��ي��ف أي���ض���ا أن����ه في‬
‫القطاع التعليمي أتاحت وسائل‬
‫ال��ت��واص��ل ف��رص��ة ل��ل��ت��ع��ل��م في‬
‫الجامعات حول العالم عبر نظام‬
‫التعليم االف��ت��راض��ي؛ مما أ ّم��ن‬
‫ف��رص��ة متابعة التعليم لمئات‬
‫الشباب رغم الظروف القاسية‬
‫لديهم فض ً‬
‫ا عن الحصار‪.‬‬
‫ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ‪..‬‬
‫ركيزة التفاعل بين الشباب‪:‬‬
‫وق��ري��ب �اً م��ن دول «ال��رب��ي��ع‬
‫ال��ع��رب��ي»‪ ،‬ي��أت��ي الفلسطينيون‬
‫ال���ذي���ن ي��ع��ان��ون م���ن االح��ت��ال‬
‫الصهيوني وت��أث��ي��رات��ه السلبية‬
‫ع��ل��ى ال��م��ج��ت��م��ع ك���ل���ه‪ ،‬خ��اص��ة‬
‫ال���ش���ب���اب؛ ح��ي��ث ت��ع��د وس��ائ��ل‬
‫التواصل ركيزة مهمة للتفاعل‬
‫ب��ي��ن أف����راد ال��م��ج��ت��م��ع‪ ،‬خاصة‬
‫شريحة الشباب‪.‬‬
‫وف���ي ه���ذا ال��س��ي��اق‪ ،‬يقول‬
‫محمد سالم‪ ،‬أستاذ اإلعام في‬
‫جامعات غ��زة‪ :‬مواقع التواصل‬
‫‪40‬‬
‫الشباب‪ ..‬ومواقع‬
‫التواصل االجتماعي‬
‫االجتماعي باتت ركيزة التواصل‬
‫األولى بين كافة فئات المجتمع؛‬
‫بل إنها أضحت المحرك األساس‬
‫لكل الظواهر والعادات والتقاليد‬
‫الموجودة من خال ظهور هذه‬
‫ال��م��واق��ع ال��ت��ي ف��ت��ح��ت ف��ض��اء‬
‫واسعاً عند الشباب بشكل عام‪،‬‬
‫بل ال نبالغ إذا قلنا‪ :‬إن مواقع‬
‫التواصل باتت المصدر األساس‬
‫للكثير من العادات واألحداث في‬
‫المجتمعات‪.‬‬
‫وأض����اف‪ :‬أص��ب��ح��ت م��واق��ع‬
‫التواصل منصة مهمة لتقديم‬
‫ال��ت��ه��ان��ي وال���ت���ع���ازي‪ ،‬ودع����وات‬
‫ح��ض��ور األف�����راح‪ ،‬ب��ل ال يمكن‬
‫أن نبالغ أن��ه��ا ط���ورت صحافة‬
‫ال��خ��دم��ات ب��ش��ك��ل ك��ب��ي��ر وغير‬
‫متوقع‪.‬‬
‫لكنه أش��ار إل��ى أن من أهم‬
‫سلبياتها التهويل في األخبار‪،‬‬
‫وع��دم وج��ود رقيب على عملية‬
‫النشر؛ بما تجعل من المصداقية‬
‫المطلقة محل شك كبير‪ ،‬وكذلك‬
‫تعد منبراً النتشار اإلش��اع��ات‬
‫وإثارة المشكات‪.‬‬
‫مصدر للحرب النفسية‬
‫ب����������دوره‪ ،‬ق������ال ال���ن���اش���ط‬
‫واإلع��ام��ي الفلسطيني مثنى‬
‫النجار‪ :‬مواقع التواصل تؤدي‬
‫دوراً نضالياً خاصة في القضية‬
‫الفلسطينية‪ ،‬لذلك فهناك آالف‬
‫الناشطين ‪-‬خاصة من الشباب‪-‬‬
‫ي��ج��ن��دون م��واق��ع ال��ت��واص��ل من‬
‫أجل فضح ممارسات االحتال‬
‫ضد الشعب الفلسطيني وأرضه‬
‫ومقدساته‪.‬‬
‫وف���ي ه���ذا ال��س��ي��اق‪ ،‬يشير‬
‫إلى أن إدارة «فيسبوك» أغلقت‬
‫صفحات الكثير م��ن النشطاء‬
‫الفلسطينيين ال ل��س��ب��ب غير‬
‫أنهم يفضحون االح��ت��ال على‬
‫جرائمه‪.‬‬
‫وح������ول س��ل��ب��ي��ات وس���ائ���ل‬
‫التواصل‪ ،‬يرى الناشط السياسي‬
‫أس��ام��ة مرتجى أن��ه��ا أصبحت‬
‫لأسف مع قلة الوعي مصدراً‬
‫ل��ل��ح��رب ال��ن��ف��س��ي��ة وال��دع��اي��ة‬
‫الكاذبة؛ مما قد ينشر البلبلة‬
‫ف��ي المجتمع‪ ،‬وأش���ار مرتجى‬
‫إلى أن من أهم سلبيات مواقع‬
‫التواصل انعدام الرقابة عليها‪،‬‬
‫وكذلك سوء استخدام الشباب‬
‫ل��ه��ذه ال��وس��ائ��ل‪ ،‬وي��ض��اف إل��ى‬
‫ذل��ك أن االح��ت��ال الصهيوني‬
‫يستغل ه��ذه ال��م��واق��ع لتحقيق‬
‫أه���داف م��ت��ع��ددة م��ن المجتمع‬
‫الفلسطيني‪ ،‬م��س��ت��ش��ه��داً ب��أن‬
‫االحتال ينشر صفحات خاصة‬
‫ب��ه على م��واق��ع التواصل تدعو‬
‫الشباب الفلسطيني للتطبيع‪،‬‬
‫وتجميل صورة االحتال‪.‬‬
‫اﻷردن‪..‬‬
‫الشباب عنصر تغيير مؤثر‪:‬‬
‫وم���ن ال���ج���وار الفلسطيني‬
‫إل��ى األردن؛ حيث أش��ار بعض‬
‫ال��ن��اش��ط��ي��ن ف���ي ح��دي��ث��ه��م مع‬
‫«ال��م��ج��ت��م��ع» إل���ى أن ال��ش��ب��اب‬
‫اس���ت���ط���اع أن ي��ب��ره��ن ل��ل��ع��ال��م‬
‫اس��ت��ث��م��اره ل��ش��ب��ك��ات ال��ت��واص��ل‬
‫االجتماعي للتعبير ع��ن آرائ��ه‬
‫ومواقفه السياسية واالجتماعية‬
‫لمجريات األح����داث‪ ،‬وتوظيف‬
‫تلك الشبكات اإللكترونية للتعبير‬
‫عن ذواته وإنجازاته ومبادراته؛‬
‫فكانت تلك الشبكات التواصلية‬
‫نقطة انطاق وتحول لمستقبل‬
‫الكثيرين منهم نحو األفضل‪.‬‬
‫وف���ي ه���ذا ال��س��ي��اق‪ ،‬يقول‬
‫أحمد العكايلة‪ ،‬مهندس مدني‪:‬‬
‫ه���ذه ال��ط��ف��رة ال��دي��م��وج��راف��ي��ة‬
‫تتسلح بقيم تحررية وتتحالف‬
‫م��ع ال��ث��ورة التكنولوجية التي‬
‫ت��وف��ر للشباب ف��رص �اً للتعبير‬
‫ع��ن قيمهم وم��ط��ال��ب��ه��م خ��ارج‬
‫ق��درة السلطة األب��وي��ة بشقيها‬
‫ال��س��ي��اس��ي واالج��ت��م��اع��ي على‬
‫أﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ‪:‬‬
‫ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﺎﺗﺖ‬
‫اﻟﻤﺼﺪر اﻷﺳﺎس‬
‫ﻟﻠﻜﺜﻴ‪cc‬ﺮ ﻣﻦ اﻷﺣ‪c‬ﺪاث‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت‬
‫إﻋﻼﻣﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ‪:‬‬
‫إدارة »ﻓﻴﺴﺒﻮك« أﻏﻠﻘﺖ‬
‫ﺻﻔﺤﺎت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﺸﻄﺎء اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ‬
‫ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻔﻀﺤﻮن ﺟﺮاﺋﻢ‬
‫اﻻﺣﺘﻼل!‬
‫ضبطها‪ ،‬موضحاً أن الشباب من‬
‫خال وسائل التواصل ق��ادرون‬
‫ع��ل��ى إي��ج��اد ح��واض��ن ج��دي��دة‬
‫تتمتع بسيولة الحركة والمرونة‪،‬‬
‫وهو ما يفرض على المجتمعات‬
‫وال����دول ض���رورة االل��ت��ف��ات إلى‬
‫هذا التغير الكوني ومراعاته‪ ،‬بل‬
‫وأخذه كمعيار رئيس في صياغة‬
‫وهندسة السياسات العامة‪.‬‬
‫وي��رى أحمد س��م��ارة‪ ،‬يعمل‬
‫ف��ي م��ج��ال ري���ادة األع��م��ال‪ ،‬أن‬
‫ال��ت��ط��ور ال��ت��ك��ن��ول��وج��ي ك���ان له‬
‫األثر البالغ على الشباب اليوم‪،‬‬
‫مبيناً أن سهولة الحصول على‬
‫المعلومة والتواصل بين األفراد‪،‬‬
‫وب��ن��اء ال��ع��اق��ات؛ س��اه��م��ا في‬
‫نشأة صفات ومظاهر مجتمعية‬
‫ب���ارزة‪ ،‬م��ن أهمها التمرد على‬
‫ال���س���ائ���د وال����ق����دي����م‪ ،‬ووج�����ود‬
‫فجوة بين جيل اآلب��اء واألبناء‪،‬‬
‫وع���اق���ات م��ج��ت��م��ع��ي��ة واس��ع��ة‬
‫تمتاز بأنها سطحية وضعيفة‬
‫ال���ت���راب���ط‪ ،‬وارت����ف����اع م��س��ت��وى‬
‫ال��وع��ي واالن���خ���راط ف��ي العمل‬
‫المجتمعي‪ ،‬وك��ث��رة ال��م��ب��ادرات‬
‫والمشاريع الشبابية المجتمعية‬
‫غير السياسية‪ -‬ب��ال��ذات بين‬‫ط���اب ال��ج��ام��ع��ات‪ ،‬وم���ن أه��م‬
‫تجلياتها الجمعيات وال��ن��دوات‬
‫ومجموعات القراءة‪.‬‬
‫ودع����ا ال��ك��ات��ب ع��م��ر ن��م��ر‪،‬‬
‫أردن��ي مقيم في السعودية‪ ،‬إلى‬
‫ضرورة العمل على توعية األفراد‬
‫والجماهير بالتعاطي السليم‬
‫م��ع تلك ال��وس��ائ��ل الكتساب ما‬
‫وفرته من إيجابيات وتجنب أو‬
‫تقليل اآلث���ار السلبية‪ ،‬خاصة‬
‫أن كثرة المعلومات والبيانات‬
‫وس��رع��ة ت��وارده��ا على ال��ف��رد‪،‬‬
‫ال تمنحه فرصة التحقق منها‪،‬‬
‫فيصبح عرضة لقبول الشائعات‬
‫والخزعبات واألخبار الكاذبة‪،‬‬
‫بل وقد يتعدى ذلك ليعمل على‬
‫نشرها والترويج لها دون إدراك‬
‫لحقيقتها‪ ،‬وال��وق��وع ف��ي وحل‬
‫الشكوك المتعلقة بالوجوديات‪،‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫وأساليب الحياة ونظم العاقات‬
‫بين البشر‬
‫تجارب ومبادرات‬
‫ه���ن���اك ب��ع��ض ال���م���ب���ادرات‬
‫والتجارب التي وظفت وسائل‬
‫ال��ت��واص��ل االجتماعي لتحقيق‬
‫أهدافها؛ حيث تقول اإلعامية‬
‫األردن��ي��ة ف��ي ق��ن��اة «ال��ي��رم��وك»‬
‫س����ام ف��ري��ت��خ ل���«ال��م��ج��ت��م��ع»‪:‬‬
‫اإلعام االجتماعي غ ّير طريقة‬
‫التواصل الجماهيري‪ ،‬فأصبح‬
‫ال���ش���اب ق������ادراً ع��ل��ى إي��ص��ال‬
‫رس��ال��ت��ه إل���ى ال��ع��ال��م م��ن بيته‬
‫ع��ب��ر «أن��س��ت��ج��رام» أو «س��ن��اب‬
‫شات»‪ ،‬وأصبح بإمكانه مشاركة‬
‫يومياته وقصصه ومبادراته إلى‬
‫الناس؛ فبذلك يسهم في صناعة‬
‫ال��م��ح��ت��وى ال��م��ؤث��ر واإلي��ج��اب��ي‪،‬‬
‫وه������ذا م����ا ي��س��م��ى ب���ال���ع���دوى‬
‫اإللكترونية اإليجابية‪.‬‬
‫وق���ال���ت‪ :‬ال��ش��ب��اب ال��ع��رب��ي‬
‫ع���م���وم���اً وال���ش���ب���اب األردن�����ي‬
‫خ��اص��ة ق��دم��وا ن��م��اذج مشرفة‬
‫من المبادرات المجتمعية التي‬
‫ق��ام��وا بالترويج لها ع��ن طريق‬
‫«السوشيال ميديا» التي لوال ذلك‬
‫ما سمعنا عنها‪ ،‬وم��ا استطعنا‬
‫ال��ت��س��ل��ي��ط اإلع���ام���ي عليها؛‬
‫مثل‪ :‬مبادرة فريق «نسمة خير»‬
‫الشبابية التي تهتم بتقديم جميع‬
‫أن��واع الدعم المعنوي والمادي‬
‫لأيتام ومرضى السرطان وذوي‬
‫االحتياجات الخاصة من خال‬
‫أنشطة وفعاليات مميزة‪ ،‬وفريق‬
‫«نعنع أخضر» الذي يضم العديد‬
‫من المواهب الشابة‪ ،‬مثل الرسم‬
‫والحرف اليدوية للمشاركة في‬
‫العديد من الفعاليات‪ ،‬وهو فريق‬
‫شبابي تطوعي خ��ي��ري يذهب‬
‫جزء من أرباحه لكفالة األيتام‪،‬‬
‫وك��ذل��ك م��ب��ادرة «وط��ن للتعليم»‬
‫التي تستهدف فئة الشباب غير‬
‫ال��ق��ادري��ن على دف��ع األق��س��اط‬
‫الجامعية كنوع من أنواع التكافل‬
‫المجتمعي‪.‬‬
‫خبير إعالمي‪:‬‬
‫نحتاج لترشيد سبل التعامل‪:‬‬
‫ب��م��ا أن وس���ائ���ل ال��ت��واص��ل‬
‫االج���ت���م���اع���ي أص��ب��ح��ت أم����راً‬
‫واقعاً في الحياة اليومية‪ ،‬وهي‬
‫ش��أن��ه��ا ش���أن ك��ل ال��ص��ن��اع��ات‪،‬‬
‫لها إيجابيات وأيضاً سلبيات؛‬
‫فلم يعد ي��ج��دي معها ال��س��ؤال‬
‫العام والفضفاض ال��ذي يسأل‬
‫ع��ن ت��أث��ي��رات وس��ائ��ل التواصل‬
‫سلبياً وإيجابياً‪ ،‬وإنما ال بد أن‬
‫ي��دور النقاش في سياق كيفية‬
‫االس��ت��ف��ادة م��ن إيجابيات هذه‬
‫التطبيقات وتنميتها‪ ،‬والحد من‬
‫تأثيراتها السلبية على اإلنسان‬
‫والمجتمع‪ ،‬فهي أصبحت واقعاً‬
‫يومياً معيشاً‪ ،‬ولسنا ف��ي طور‬
‫كونها رفاهية يمكن االستغناء‬
‫عنها أو الفكاك منها‪.‬‬
‫وح����ول ك��ي��ف��ي��ة االس��ت��ف��ادة‬
‫من إيجابيات ه��ذه التطبيقات‬
‫وتنميتها‪ ،‬والحد من تأثيراتها‬
‫السلبية على اإلنسان والمجتمع‪،‬‬
‫يشير الخبير اإلعامي حسام‬
‫شاكر‪ ،‬المقيم في بروكسل‪ ،‬إلى‬
‫ﻧﺎﺷﻂ أردﻧﻲ‪ :‬ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻻﻟﺘﻔﺎت‬
‫إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴﺮ اﻟﻜﻮﻧﻲ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫رﺋﻴﺴﺎ‬
‫ﻣﻌﻴﺎرا‬
‫وأﺧﺬه‬
‫ﻓﻲ ﻫﻨﺪﺳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺧﺒﻴﺮ إﻋﻼﻣﻲ‪ :‬ﻟﻢ ﻳﻌﺪ‬
‫ﻳﺠﺪي ﻣﻊ وﺳﺎﺋﻞ‬
‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺴﺆال‬
‫اﻟﻔﻀﻔﺎض اﻟﺬي ﻳﺴﺄل‬
‫ً‬
‫ﺳﻠﺒﻴﺎ‬
‫ﻋﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ‬
‫ً‬
‫وإﻳﺠﺎﺑﻴﺎ‬
‫أن ذات ال��س��ؤال تم طرحه من‬
‫قبل مع بدايات ظهور التلفزيون؛‬
‫هل هو سلبي أم إيجابي؟ لكنه‬
‫فرض نفسه فيما بعد‪ ،‬وهذا هو‬
‫م��ا ح��دث م��ع وس��ائ��ل التواصل‬
‫التي فرضت نفسها‪ ،‬وإن كان‬
‫يمكن للشخص أن ي��خ��ت��ار إن‬
‫اس��ت��ط��اع ال��ت��خ��ل��ي ع��ن��ه��ا‪ ،‬لكن‬
‫المجتمعات ال تستطيع‪ ،‬وبالتالي‬
‫ال ب��د م��ن ال��م��ق��ارب��ة للحد من‬
‫ال��ت��أث��ي��رات ال��س��ل��ب��ي��ة ل��وس��ائ��ل‬
‫التواصل االجتماعي وتنمية ما‬
‫ه��و إي��ج��اب��ي‪ ،‬وه��ن��ا نحتاج إلى‬
‫ترشيد سبل التعامل م��ع هذه‬
‫التطبيقات‪.‬‬
‫وي��ض��ي��ف ش���اك���ر ل��م��راس��ل‬
‫«المجتمع» بتركيا‪ :‬بالطبع هناك‬
‫تأثيرات على المستوى الفردي‬
‫وال��ش��رائ��ح ال��ع��م��ري��ة ومستوى‬
‫المجتمعات‪ ،‬فمث ً‬
‫ا الشباب دون‬
‫العشرين ه��ن��اك إش��ك��ال يتعلق‬
‫باعتبار أن المتابعة واإلعجابات‬
‫ومشاركة المنشورات تعد مؤشراً‬
‫على قبول للشخص؛ وبالتالي‬
‫يصبح السعي وراء اإلعجابات‬
‫والمتابعة حاجة متأصلة لدى‬
‫الشخص‪ ،‬وفي حال نشر مادة لم‬
‫َ‬
‫تحظ بقدر ٍ‬
‫كاف من اإلعجابات‬
‫يترتب عليها خضوعه لضغط‬
‫ن��ف��س��ي وح���ال���ة م���ن األس��ئ��ل��ة‬
‫الوجودية‪ ،‬ويرى أنه أصبح غير‬
‫م��رغ��وب اجتماعياً‪ ،‬ولعل هذا‬
‫م��رده إلى أن نمط التفاعل في‬
‫وس��ائ��ل ال��ت��واص��ل االجتماعي‬
‫م��ؤش��ر على ال��ق��ب��ول والتقدير‬
‫العام وتلبي حاجة التعطش إلى‬
‫الثناء المجتمعي‪ ،‬كما أن بعض‬
‫من يحظون بشهرة واسعة على‬
‫وسائل التواصل قد يحدث لهم‬
‫تضخم في الشخصية‪.‬‬
‫وحول تأثيرها على المجتمع‬
‫ي���ق���ول ش���اك���ر‪ :‬أص���ب���ح داخ���ل‬
‫األس�����رة ال����واح����دة مجتمعات‬
‫ع����دة ب��ح��س��ب ع����دد األج���ه���زة‬
‫والحسابات العاملة في مواقع‬
‫التواصل االجتماعي بين أفراد‬
‫‪41‬‬
‫ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻳﺤﻈﻮن‬
‫ﺑﺸﻬﺮة واﺳﻌﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻗﺪ‬
‫ﻳﺤﺪث ﻟﻬﻢ ﺗﻀﺨﻢ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ‬
‫ه����ذه األس�������رة‪ ،‬وه���ن���ا أص��ب��ح‬
‫االج��ت��م��اع ال��وج��ودي والمكاني‬
‫ألف��راد األس��رة الواحدة ال يعني‬
‫اجتماعاً وجدانياً‪ ،‬فبالرغم من‬
‫االجتماع المكاني فإنه أصبح‬
‫ه��ن��اك اف��ت��راق وج��دان��ي‪ ،‬وه��ذا‬
‫إش��ك��ال أصبح يمس ك��ل أف��راد‬
‫األس��رة‪ ،‬وأصبحت هذه األسرة‬
‫موزعة بحسب عدد التطبيقات‬
‫وال��ح��س��اب��ات‪ ،‬ول��ع��ل خ��ي��اراً من‬
‫خ��ي��ارات التغلب على سلبيات‬
‫تشتيت األس��رة هو البحث عن‬
‫اهتمامات مشتركة بين أف��راد‬
‫األس����رة ال���واح���دة ع��ل��ى م��واق��ع‬
‫التواصل ولو جزئياً‪.‬‬
‫وي��ش��ي��ر الخبير اإلع��ام��ي‬
‫إلى أن وسائل التواصل والنقلة‬
‫ال��ت��ق��ن��ي��ة وال��ت��ك��ن��ول��وج��ي��ة ال��ت��ي‬
‫حصلت بعد عام ‪1995‬م‪ ،‬صنعت‬
‫فجوة معرفية كبيرة في تاريخ‬
‫البشر‪ ،‬واألجيال الجديدة هذه‬
‫التي تستخدم شبكات التواصل‬
‫وال��ت��ط��ب��ي��ق��ات ب���داي���ة يصعب‬
‫عليها تخيل العالم بغير وسائل‬
‫ال��ت��واص��ل االج��ت��م��اع��ي‪ ،‬وه��ذه‬
‫الفجوة ت��ؤدي إلى تبعات‪ ،‬منها‬
‫مث ً‬
‫ا الفجوة المعرفية العكسية‪،‬‬
‫ف��أص��ب��ح��ت األج���ي���ال ال��ج��دي��دة‬
‫والناشئة لديهم معرفة أكثر من‬
‫آب��ائ��ه��م وأمهاتهم ف��ي مجاالت‬
‫متعددة‪ ،‬وهو ما يمكن تشبيهه‬
‫بالقول‪ :‬أصبحت هناك سلطة‬
‫ما للجيل الصاعد‪>.‬‬
‫‪42‬‬
‫الشباب‪ ..‬ومواقع‬
‫التواصل االجتماعي‬
‫تأثير مواقع التواصل على الشباب‬
‫في دول «الربيع العربي»‬
‫تطورت بنيـــة مواقع التواصل االجتماعـــي وتأثيرها‬
‫علـــى جميع األوســـاط العمريـــة والنواحـــي الحياتية‬
‫بشـــكل متســـارع في العشـــرية األخيـــرة‪ ،‬وأصبحت‬
‫مـــن المحـــركات األساســـية للمتغيرات السياســـية‬
‫واالقتصاديـــة واالجتماعيـــة وليســـت مجرد وســـائل‬
‫للتواصل والتعارف‪.‬‬
‫مروان الدرقاش‬
‫كاتب ليبي‬
‫ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺳﺎﻫﻤﺖ‬
‫ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ‬
‫واﻟﻤﻬﻨﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬
‫ﺛﻮرات »اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ«‬
‫ﻛﺎﻧﺖ إﺣﺪى ﺛﻤﺮات ﻫﺬه‬
‫اﻟﻤﻮاﻗﻊ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ ﺗﺤﺸﻴﺪ‬
‫اﻟﺠﻬﻮد‬
‫لقد ساهمت مواقع التواصل‬
‫االج��ت��م��اع��ي ف��ي ص��ن��ع التغيير‬
‫في حياة الكثير من الناس على‬
‫ال��م��س��ت��وى ال��ع��اط��ف��ي وال��م��ه��ن��ي‬
‫واالج��ت��م��اع��ي وال��ع��ل��م��ي‪ ،‬وف��ي‬
‫م��ج��االت اكتساب الخبرة وبناء‬
‫ال�����ذات؛ ف��ب��ت��ح��وي��ل ال��ع��ال��م إل��ى‬
‫مجتمع واح���د استطاعت هذه‬
‫المواقع فتح قنوات متعددة لنقل‬
‫العلوم والخبرات وتبادل الثقافات‬
‫وزي��ادة م��دارك مرتاديها‪ ،‬وزادت‬
‫م��ن توثيق ثقافة ال��ح��وار وتقبل‬
‫اآلخ�����ر‪ ،‬وال��ب��ح��ث ع���ن األف��ض��ل‬
‫دائماً الذي يوجد عن اآلخرين وال‬
‫يوجد عندنا‪.‬‬
‫الربيع العربي‬
‫ثورات «الربيع العربي» كانت‬
‫إح����دى ث���م���رات ه���ذه ال��م��واق��ع‪،‬‬
‫ولعل فئة الشـــباب هي أكثر الفئات استخدام ًا وتأثراً‬
‫بهذه المواقع لمـــا تقدمه من اهتمام خاص بهذه‬
‫الفئة العمرية‪ ،‬وما تطرحه من خدمات وتســـهيالت‬
‫تستهوي الشـــباب‪ ،‬وتجعلهم أســـرى لها؛ وهو ما‬
‫جعـــل الكثير مـــن الدراســـات تهتم بهـــذه الظاهرة‬
‫وتوليها جانب ًا كبيراً من االهتمام والتركيز‪.‬‬
‫واتضح بشكل كبير تأثيرها على‬
‫ال��ش��ب��اب ف��ي تحشيد ال��ج��ه��ود‪،‬‬
‫وتوجيه الرسائل‪ ،‬وخلق قنوات‬
‫إع��ام��ي��ة م��ت��ع��ددة لنشر اآلراء‬
‫وإيصال الصوت والصورة‪ ،‬ونقل‬
‫م��ش��اه��د ح��ي��ة م��ن ال��م��ظ��اه��رات‬
‫والممارسات القمعية التي تمنع‬
‫السلطات ظهورها على شاشات‬
‫اإلع��ام الرسمي؛ وه��و ما جعل‬
‫ك���ل م���ش���ارك أو م���راق���ب ل��ه��ذه‬
‫ا إع��ام��ي�اً‬
‫ال��ت��ظ��اه��رات م��راس�� ً‬
‫أدات����ه ال��وح��ي��دة ك��ام��ي��را هاتفه‬
‫النقال وحسابه على «فيسبوك»‬
‫أو «تويتر»‪.‬‬
‫ه������ذا ال����زخ����م اإلع����ام����ي‬
‫والتوجيهي ال��ذي وف��رت��ه مواقع‬
‫التواصل االجتماعي في بداية‬
‫انطاق ث��ورات «الربيع العربي»‬
‫أع��ط��اه��ا رص���ي���داً ج���دي���داً من‬
‫االه��ت��م��ام ف��ي ع��ال��م��ن��ا ال��ع��رب��ي‬
‫ع��ل��ى وج����ه ال���خ���ص���وص؛ ففي‬
‫مصر على سبيل ال��م��ث��ال‪ ،‬كان‬
‫عدد مستخدمي «فيسبوك» في‬
‫يونيو ‪2011‬م حوالي ‪ 12‬مليوناً‪،‬‬
‫تضاعف ليصل إل��ى ‪ 27‬مليون‬
‫مشترك ف��ي ديسمبر ‪2015‬م‪،‬‬
‫‪ %52‬منهم دون س��ن ‪ 25‬عاماً‪،‬‬
‫حسب تقرير لشركة «إيماركتينج‬
‫إيجيبت» ال��م��ص��ري��ة‪ ،‬ث��م أصبح‬
‫في ع��ام ‪2017‬م نحو ‪ 33‬مليون‬
‫مستخدم‪.‬‬
‫أما في ليبيا‪ ،‬فتسجل سنوياً‬
‫نسبة زي��ادة في أع��داد مشتركي‬
‫«فيسبوك» تزيد على ‪ ،%100‬بينما‬
‫زاد عدد مستخدمي «فيسبوك»‬
‫في تونس مليوناً وأربعمائة ألف‬
‫مستخدم خال سنة واح��دة من‬
‫عام ‪ 2016‬إلى ‪2017‬م‪.‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫على مستوى العالم العربي‪،‬‬
‫كان عدد مستخدمي «فيسبوك»‬
‫ف��ي أغسطس ‪2011‬م نحو ‪32‬‬
‫مليون مستخدم‪ ،‬لكنه قفز ليصل‬
‫إل���ى ‪ 156‬م��ل��ي��ون مستخدم مع‬
‫بدايات عام ‪2017‬م‪ ،‬وهي زيادة‬
‫كبيرة جداً‪.‬‬
‫بالنسبة لليمن‪ ،‬تبقى مقدار‬
‫الزيادة في عدد المشتركين أقل‬
‫من ال��دول السابقة‪ ،‬وذلك يرجع‬
‫ألس��ب��اب اق��ت��ص��ادي��ة وس���وء أداء‬
‫المؤسسات ال��ت��ي تعتمد عليها‬
‫خدمة اإلنترنت‪.‬‬
‫أم��ا بالنسبة ل��س��وري��ة‪ ،‬فقد‬
‫ت��راج��ع ع��دد المشتركين نتيجة‬
‫حظر السلطات لموقع «فيسبوك»‬
‫في سورية؛ بسبب ادع��اءات بأنه‬
‫ي��ق��ف خ��ل��ف ك��ل األح����داث التي‬
‫ج���رت خ���ال ال��س��ن��وات السبع‬
‫الماضية‪.‬‬
‫حرية التعبير‬
‫ما زال تأثير مواقع التواصل‬
‫االج��ت��م��اع��ي ع��ل��ى المجتمعات‬
‫ال��ع��رب��ي��ة وخ��اص��ة ف��ئ��ة الشباب‬
‫ك��ب��ي��راً‪ ،‬ح��ت��ى ب��ع��د االس��ت��ق��رار‬
‫النسبي ال��ذي وصلت إليه بعض‬
‫ب��ل��دان «ال��رب��ي��ع ال��ع��رب��ي»‪ ،‬نتيجة‬
‫هامش حرية التعبير ال��ذي زاد‬
‫بعد هذه الثورات‪ ،‬وجعل الكثير‬
‫م��ن ص��ف��ح��ات م��واق��ع ال��ت��واص��ل‬
‫االج��ت��م��اع��ي ت��ت��ح��ول إل���ى منابر‬
‫إع��ام��ي��ة ل��ل��ت��روي��ج ال��س��ي��اس��ي‬
‫وللحوارات والنقاشات والجدال‬
‫بين التيارات المختلفة ومؤيديها‪.‬‬
‫ك��م��ا أن االن��ت��ش��ار ال��واس��ع‬
‫لهذه المواقع بين الناس جعلها‬
‫أداة ف���ي ك��ث��ي��ر م���ن األح���ي���ان‬
‫ل��ت��روي��ج ال��ش��ائ��ع��ات واألخ���ب���ار‬
‫الكاذبة والمضللة‪ ،‬نتيجة صعوبة‬
‫التأكد م��ن م��ص��ادر المعلومات‬
‫فيها‪ ،‬وق��درة كل مستخدم على‬
‫استخدام هذه المواقع لترويج ما‬
‫يشاء من أخبار؛ وهذا كان له أثر‬
‫سيئ على زي��ادة حدة الخافات‬
‫واالستقطاب السياسي والفئوي‪،‬‬
‫وأ ّث��ر سلباً في استقرار الحياة‬
‫ببعض الدول التي ما زالت تعاني‬
‫مخاضاً مريراً في تلمس طريقها‬
‫نحو االستقرار‪.‬‬
‫إال أن األث����ر ال��ك��ب��ي��ر ال��ذي‬
‫تركته مواقع التواصل االجتماعي‬
‫على حياة فئة الشباب على وجه‬
‫ال��خ��ص��وص ال يختص بالحياة‬
‫السياسية فقط‪ ،‬بل طال مناحي‬
‫أخرى؛ مثل التعليم والفن والعمل‬
‫اإلنساني واألهلي والعمل الخيري‬
‫واه��ت��م��ام��ات وه���واي���ات أخ���رى‬
‫وج��دت ف��ي ه��ذا ال��ب��راح الواسع‬
‫ً‬
‫ﺳﻨﻮﻳﺎ‬
‫ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺗﺴﺠﻞ‬
‫ﻧﺴﺒﺔ زﻳﺎدة ﻓﻲ أﻋﺪاد‬
‫ﻣﺸﺘﺮﻛﻲ »ﻓﻴﺴﺒﻮك«‬
‫ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ‪%100‬‬
‫اﻻﻧﺘﺸﺎر اﻟﻮاﺳﻊ‬
‫ﻟﻠﻤﻮاﻗﻊ ﺟﻌﻠﻬﺎ أداة‬
‫ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن‬
‫ﻟﺘﺮوﻳﺞ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت‬
‫واﻷﺧﺒﺎر اﻟﻜﺎذﺑﺔ‬
‫مساحة كافية لانطاق وكسر‬
‫القيود واجتياز الحدود للوصول‬
‫إلى كل ما يريده المستخدم دون‬
‫أي صعوبة وبتكلفة زهيدة وزمن‬
‫أقل‪.‬‬
‫العولمة‬
‫لقد أصبحت ه��ذه المواقع‬
‫شيئاً أساسياً في حياتنا‪ ،‬وأصبح‬
‫الحديث عن إهمالها أو تجاوزها‬
‫أو منعها شيئاً من الماضي الذي‬
‫يصعب الرجوع إليه أو العمل على‬
‫تحقيقه‪.‬‬
‫إن���ه���ا ال��ع��ول��م��ة ف���ي أج��ل��ى‬
‫صورها‪ ،‬وأعمق تجلياتها‪ ،‬دخلت‬
‫كل بيت وأسرت كل قلب‪.‬‬
‫وفيما يلي مقدار الزيادة في‬
‫أعداد مستخدمي «فيسبوك» بين‬
‫عامي ‪ 2016‬و‪2017‬م في البلدان‬
‫العربية‪:‬‬
‫‪ -1‬مصر زي��ادة بمقدار ‪14‬‬
‫مليون مستخدم‪.‬‬
‫‪ -2‬ال��ج��زائ��ر زي���ادة بمقدار‬
‫‪ 9.3‬مليون‪.‬‬
‫‪ -3‬العراق زيادة بمقدار ‪7.2‬‬
‫مليون‪.‬‬
‫‪ -4‬السعودية زي��ادة بمقدار‬
‫‪ 5.7‬مليون‪.‬‬
‫‪ -5‬ال��م��غ��رب زي���ادة بمقدار‬
‫‪ 5.3‬مليون‪.‬‬
‫‪ -6‬اإلم���ارات زي���ادة بمقدار‬
‫‪43‬‬
‫‪ 2.7‬مليون‪.‬‬
‫‪ -7‬األردن زيادة بمقدار ‪1.6‬‬
‫مليون‪.‬‬
‫‪ -8‬تونس زيادة بمقدار ‪1.4‬‬
‫مليون‪.‬‬
‫‪ -9‬ليبيا زي��ادة بمقدار ‪1.1‬‬
‫مليون‪.‬‬
‫‪ -10‬ل��ب��ن��ان زي����ادة ب��م��ق��دار‬
‫مليون‪.‬‬
‫‪ -11‬ق��ط��ر زي����ادة بمقدار‬
‫‪ 928‬ألفاً‪.‬‬
‫‪ -12‬السودان زي��ادة بمقدار‬
‫‪ 827‬ألفاً‪.‬‬
‫‪ -13‬الكويت زي���ادة بمقدار‬
‫‪ 782‬ألفاً‪.‬‬
‫‪ُ -14‬عمان زيادة بمقدار ‪671‬‬
‫ألفاً‪.‬‬
‫‪ -15‬الصومال زيادة بمقدار‬
‫‪ 558‬ألفاً‪.‬‬
‫‪ -16‬اليمن زيادة بمقدار ‪421‬‬
‫ألفاً‪.‬‬
‫‪ -17‬فلسطين زي��ادة بمقدار‬
‫‪ 314‬ألفاً‪.‬‬
‫‪ -18‬البحرين زي��ادة بمقدار‬
‫‪ 280‬ألفاً‪.‬‬
‫‪ -19‬موريتانيا زيادة بمقدار‬
‫‪ 185‬ألفاً‪.‬‬
‫‪ -20‬جيبوتي زي��ادة بمقدار‬
‫‪ 74‬ألفاً‪.‬‬
‫‪ -21‬جزر القمر زيادة بمقدار‬
‫‪ 32‬ألفاً‪>.‬‬
‫‪44‬‬
‫أقليات مسلمة‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫أقليات مسلمة‬
‫إعداد‪ :‬هاني صالح‬
‫الرئيس الجديد للرابطة اإلسالمية في بريطانيا لـ«المجتمع»‪:‬‬
‫أصبحنا قادرين على التعايش السلمي‬
‫والتواصل الحضاري مع الغرب‬
‫«المجتمع المسلم البريطاني‬
‫بات قادراً على أن يشكل جسراً‬
‫بين دوائــر صناعة القرار والتأثير‬
‫في بريطانيا والعالم اإلسالمي؛‬
‫لـــلـــوصـــول لــحــالــة الــتــعــايــش‬
‫السلمي والــتــواصــل الحضاري‬
‫ولتجنب التصارع والــتــحــارب»‪..‬‬
‫بهذا التوصيف‪ ،‬أكــد د‪ .‬أنس‬
‫التكريتي‪ ،‬الرئيس الجديد للرابطة‬
‫اإلسالمية في بريطانيا‪ ،‬في حوار‬
‫مع «المجتمع»‪ ،‬على تطور دور‬
‫وأداء مسلمي بريطانيا لمستوى‬
‫يمكنه من ممارسة دور إيجابي‬
‫فعال في التواصل بين بريطانيا‬
‫َّ‬
‫والعالم اإلسالمي؛ يدفع للسالم‪،‬‬
‫ويجنب الطرفين عوامل التحارب‬
‫والصدام‪.‬‬
‫دع�����ا د‪ .‬أن�����س ال��ت��ك��ري��ت��ي‬
‫م��س��ل��م��ي ب��ري��ط��ان��ي��ا إل����ى ب��ن��اء‬
‫المؤسسات الفكرية والبحثية‬
‫ومراكز الدراسات واإلحصاءات‬
‫واستطالعات ال���رأي‪ ،‬والتفكير‬
‫ف���ي ك��ي��ف��ي��ة اس��ت��ث��م��ار ال��ق��ط��اع‬
‫الخيري وموارده لتأسيس قدرات‬
‫وط��اق��ات مسلمة بريطانية في‬
‫مختلف ال��م��ج��االت‪ ،‬ك��م��ا دع��ا‬
‫إل����ى ض������رورة ت��أس��ي��س شبكة‬
‫للمؤسسات اإلسالمية الغربية‬
‫للبحث في التحديات المشتركة‬
‫وت���ب���ادل ال��خ��ب��رات وال��م��ع��ارف‬
‫واالستفادة مما عندها في أماكن‬
‫أخرى‪.‬‬
‫< نود نبذة تعريفية عنكم‪.‬‬
‫ أنس أسامة التكريتي‪ ،‬من‬‫مواليد العراق عام ‪1968‬م‪ ،‬أقيم‬
‫في بريطانيا منذ الطفولة‪ ،‬فقد‬
‫ترعرعت في المجتمع البريطاني‬
‫وتخرجت في مدارسه ومعاهده‬
‫وأتقنت لغته ربما أكثر من إتقاني‬
‫للغة العربية‪.‬‬
‫ح���ص���ل���ت ع����ل����ى ش����ه����ادة‬
‫البكالوريوس وكذلك الماجستير‬
‫في تخصص اللغويات والترجمة‬
‫ال��ف��وري��ة‪ ،‬أم��ا ال��دك��ت��وراه فكانت‬
‫في مجال العلوم السياسية من‬
‫جامعة وستمنستر بلندن‪.‬‬
‫< م��ت��ى ب���دأت���م نشاطكم‬
‫المجتمعي؟ وكيف تطور الحق ًا‬
‫حتى اليوم؟‬
‫‪ -‬كنت ناشطاً منذ أن كنت‬
‫ف��ي م��رح��ل��ة ال��ك��ل��ي��ة‪ ،‬واعتنيت‬
‫بقضية المسلمين في بريطانيا‬
‫وال��غ��رب بالعموم‪ ،‬ومشاركتهم‬
‫ال���ف���اع���ل���ة ف����ي م��ج��ت��م��ع��ات��ه��م‬
‫وحيازتهم على عوامل التأثير‬
‫ف�����ي ال������واق������ع االج���ت���م���اع���ي‬
‫والسياسي والفكري‪ ،‬وقدرتهم‬
‫على إي��ص��ال رسالتهم وقيمهم‬
‫ومفاهيمهم الدينية والفكرية‬
‫ومنظومة القيم ال��ت��ي يؤمنون‬
‫بها إلى مجتمعهم الكبير الذي‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫يعيشون فيه ويتفاعلون معه‪.‬‬
‫كنت أحد مؤسسي الرابطة‬
‫اإلس��الم��ي��ة ف��ي ب��ري��ط��ان��ي��ا ع��ام‬
‫‪1997‬م‪ ،‬وب��ع��ي��د أح������داث ‪11‬‬
‫سبتمبر ف��ي ال��والي��ات المتحدة‬
‫كنت أح��د ق��ادة حركة مناهضة‬
‫الحرب في بريطانيا وعبر العالم‪،‬‬
‫التي شهدت عشرات المظاهرات‬
‫المنددة بالحربين على أفغانستان‬
‫وال��ع��راق ع��ام ‪2003‬م‪ ،‬وف��ي ‪15‬‬
‫فبراير ‪2003‬م كنت أح��د ق��ادة‬
‫المظاهرة التاريخية ف��ي لندن‬
‫التي شارك فيها مليونا شخص‬
‫للتنديد ب��االس��ت��ع��دادات للحرب‬
‫ف��ي ال���ع���راق‪ ،‬ف��ك��ان��ت وال ت��زال‬
‫المظاهرة األك��ب��ر واألش��ه��ر في‬
‫تاريخ بريطانيا‪.‬‬
‫في يناير عام ‪2005‬م أسست‬
‫مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات‪،‬‬
‫وهي مؤسسة ب��ارزة في الساحة‬
‫البريطانية تهتم بشأن البحوث‬
‫وال��دراس��ات في قضية العالقة‬
‫بين الغرب والعالم المسلم‪ ،‬التي‬
‫تخدم غ��رض ال��ع��الق��ات العامة‬
‫والتأثير السياسي واإلع��الم��ي‬
‫وال��ف��ك��ري ألج���ل خ��دم��ة السلم‬
‫العالمي والتعايش والتفاهم بين‬
‫مختلف األط���راف المتخاصمة‬
‫والمتنازعة‪.‬‬
‫ب������دأت ف����ي ع�����ام ‪2006‬م‬
‫التخصص ف��ي عمل التفاوض‬
‫ألج����ل إط�����الق س�����راح ره��ائ��ن‬
‫وم������أس������وري������ن ف������ي م���ن���اط���ق‬
‫ال��ص��راع��ات‪ ،‬وق��د وفقت بفضل‬
‫اهلل تعالى حتى ه��ذا ال��ي��وم في‬
‫التفاوض إلطالق ‪ 19‬شخصاً من‬
‫مناطق صراعات مختلفة‪ ،‬وأحتل‬
‫ح��ال��ي�اً منصب رئ��ي��س ال��راب��ط��ة‬
‫اإلسالمية في بريطانيا‪.‬‬
‫< م���ن خ����ال ت��واج��دك��م‬
‫الطويل ف��ي بريطانيا‪ ،‬كيف‬
‫تصفونها للقارئ العربي؟‬
‫ تعتبر بريطانيا عاصمة‬‫السياسة الدولية ومقر صناعة‬
‫األزم��ات والصراعات والقضايا‬
‫ال��دول��ي��ة‪ ،‬وه��ي ف��ي ال��وق��ت ذات��ه‬
‫تعتبر مقر تناول تلك القضايا‬
‫وال��ع��م��ل ع��ل��ى حلها بشكل من‬
‫األش���ك���ال‪ ،‬ك��م��ا أن ل��ن��دن تعتبر‬
‫العاصمة المالية للعالم‪ ،‬ومن‬
‫بريطانيا انطلقت السفن والبعثات‬
‫الدينية وال��ت��ج��اري��ة والتعليمية‬
‫التي أرست دعائم اإلمبراطورية‬
‫البريطانية التي باتت في يوم من‬
‫األيام إمبراطورية ال تغيب عنها‬
‫الشمس‪.‬‬
‫وك��ان لالستعمار البريطاني‬
‫ل���ل���دول ال��ع��رب��ي��ة واإلس��الم��ي��ة‬
‫المختلفة ال��دور األكبر في نقل‬
‫الثقافة والمعرفة واللغة وربما‬
‫ال���ع���ادات وال��ط��ب��اع البريطانية‬
‫إل�����ى ت���ل���ك ال����ب����الد‪ ،‬وأث������ر ف��ي‬
‫م��ك��ون��ات��ه��ا ال��ف��ك��ري��ة ون��ظ��م��ه��ا‬
‫التعليمية ومنظوماتها السياسية‪،‬‬
‫واس��ت��ق��ب��ل��ت م���ن ب����ؤر ال���ص���راع‬
‫والقضايا الجاهزة للتفجير ما‬
‫استقبلت‪ ،‬وت��ع��ان��ي منها اليوم‬
‫وستبقى تعاني منها ما شاء اهلل‪.‬‬
‫ثم أ َفلَت تلك الحقبة وعانت‬
‫بريطانيا من انحسار على مختلف‬
‫األصعدة‪ ،‬غير أنها بقيت مركز‬
‫تأثير في األحداث حول العالم‪.‬‬
‫< كيف تتعامل بريطانيا مع‬
‫الوافدين إليها من أبناء الشعوب‬
‫األخرى خاصة المسلمة منها؟‬
‫ ت��ت��م��ي��ز ب��ري��ط��ان��ي��ا بأنها‬‫على مدار قرون عدة كانت قبلة‬
‫للمهاجرين والباحثين عن الحرية‬
‫وال��ع��م��ل وال��ك��س��ب وال��م��واط��ن��ة‬
‫وال����ت����رح����ال‪ ،‬ف���ك���ان أن أع��ل��ن‬
‫عمدة مدينة لندن السابق «كن‬
‫ليفتغستن» أن لندن ذات ال���‪11‬‬
‫مليون نسمة (خالل أيام العمل)‪،‬‬
‫ف��ي��ه��ا ك���ل األع������راق واإلث��ن��ي��ات‬
‫والعناصر الموجودة على وجه‬
‫األرض‪ ،‬ويُ��ن��ط��ق فيها بكل لغة‬
‫ولهجة يعرفها اإلنسان على مدار‬
‫كوكب األرض‪.‬‬
‫ً‬
‫تتميز بريطانيا أيضا بأنها‬
‫ك��ان��ت وج��ه��ة رئ��ي��س��ة ل��ه��ج��رات‬
‫م��ت��ع��ددة م��ن ال��ع��ال��م اإلس��الم��ي‬
‫وعلى مدار القرن العشرين‪ ،‬منها‬
‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻫﻨﺎ‬
‫ً‬
‫ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ‬
‫ﺑﺎت‬
‫ﺟﺴﺮ ﺑﻴﻦ دواﺋﺮ ﺻﻨﺎﻋﺔ‬
‫اﻟﻘﺮار ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‬
‫واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫أﺑﺮز ‪ 3‬ﺗﺤﺪﻳﺎت رﺋﻴﺴﺔ‬
‫ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ ﻣﺴﻠﻤﻮ‬
‫ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‪ :‬اﻟﻔﻜﺮ‬
‫واﻟﺨﻄﺎب واﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ‬
‫ه��ج��رات اق��ت��ص��ادي��ة وسياسية‬
‫وتعليمية أكاديمية‪ ،‬فانتهى األمر‬
‫إلى أن وصل عدد المسلمين في‬
‫بريطانيا‪ ،‬وف��ق إح��ص��اءات غير‬
‫رسمية‪ ،‬إلى ‪ 3.5‬مليون من بين‬
‫‪ 70‬مليون نسمة هم تعداد سكان‬
‫بريطانيا (‪ )%6 – 5‬أتوا من كل‬
‫أنحاء العالم‪.‬‬
‫كما تتميز بريطانيا بمجتمعها‬
‫المسلم ال��ذي ق��ام على تأسيس‬
‫مؤسساته الرئيسة‪ ،‬فأصبحت‬
‫اآلن بمثابة ال��دع��ائ��م ال��رك��ي��زة‬
‫للمجتمع ال��ب��ري��ط��ان��ي ع��م��وم�اً‪،‬‬
‫وليس المسلم حصراً‪ ،‬ومنها ما‬
‫يربو على ‪ 1600‬مسجد وجامع‪،‬‬
‫وأكثر من ‪ 3‬آالف مصلى ومئات‬
‫من ال��م��دارس بمختلف أنواعها‬
‫وم��ئ��ات م��ن الجمعيات الخيرية‬
‫بكل أشكالها‪ ،‬وبات اللحم الحالل‬
‫في كل مكان حتى في المطاعم‬
‫غ��ي��ر المسلمة وف���ي ال��م��دارس‬
‫ال��ع��ام��ة وف���ي خ��ط��وط ال��ط��ي��ران‬
‫وال��م��ب��ان��ي ال��ح��ك��وم��ي��ة‪ ،‬وب��ات��ت‬
‫صورة المرأة المسلمة المرتدية‬
‫ل��ل��ح��ج��اب اإلس���الم���ي منتشرة‬
‫للغاية وجزءاً من شكل المجتمع‬
‫البريطاني النمطي السائد‪.‬‬
‫ونجح المسلمون في احتالل‬
‫مواقع في كافة مناحي الحياة؛‬
‫‪45‬‬
‫ف��أص��ب��ح��وا أط��ب��اء ومهندسين‬
‫وعمال نظافة وصيانة وخبراء‬
‫ت��ق��ن��ي��ات ح��دي��ث��ة وس��ي��اس��ي��ي��ن‬
‫ومعلمين وفالسفة وإعالميين‬
‫وري��اض��ي��ي��ن وف��ن��ان��ي��ن بمختلف‬
‫ص����وره����م‪ ،‬وأص���ب���ح ال��ب��رل��م��ان‬
‫البريطاني (ب��م��ا فيه البرلمان‬
‫اإلسكتلندي) يضم ح��وال��ي ‪20‬‬
‫مسلماً‪ ،‬والحكومة فيها وزي��ران‬
‫م��س��ل��م��ان‪ ،‬وس��ب��ق لمسلمة أن‬
‫احتلت منصب رئيسة الحزب‬
‫الحاكم (المحافظين)‪ ،‬وعمدة‬
‫لندن الحالي مسلم‪ ،‬ويمكن أن‬
‫نسرد المواقع العليا التي يحتلها‬
‫ال��م��س��ل��م��ون ف��ي ك��ل ال��م��ج��االت‬
‫الحيوية عبر صفحات كثيرة‪.‬‬
‫وق����د س���اه���م ف���ي ذل����ك أن‬
‫المجتمع البريطاني ومنظومته‬
‫االجتماعية والفكرية يتقبل فكرة‬
‫«اآلخ��ر»‪ ،‬ويرى بعمومه مصلحة‬
‫ف��ي كسب الخبرات والمهارات‬
‫وال���ق���درات م��ن مختلف أن��ح��اء‬
‫العالم‪ ،‬بالطبع مع وجود ظواهر‬
‫العنصرية واالن��ع��زال والتقوقع‬
‫وكراهية اآلخر‪ ،‬كظواهر بشرية‬
‫طبيعية تتواجد في كل مجتمع‬
‫وتمتد وتنحسر وف��ق األح���داث‬
‫والمعطيات المختلفة عير فترات‬
‫زمنية مختلفة‪.‬‬
‫< م�����اذا ع���ن ال��خ��ري��ط��ة‬
‫ال���ع���رق���ي���ة واالج���ت���م���اع���ي���ة‬
‫والجغرافية لمسلمي بريطانيا؟‬
‫ المجتمع المسلم تعداده‬‫ال��رس��م��ي وف���ق إح��ص��ائ��ي��ة ع��ام‬
‫‪2011‬م بلغ ‪ 2.6‬مليون نسمة‪،‬‬
‫غير أن ال��ت��ع��داد غير الرسمي‬
‫وفق مؤشرات مختلفة تشير إلى‬
‫أن ع��دد المسلمين يبلغ حالياً‬
‫حوالي ‪ 3.5‬مليون نسمة‪.‬‬
‫والمسلمون من أصل آسيوي‬
‫(باكستاني أو هندي أو بنجالي أو‬
‫سيريالنكي) يبلغون حوالي ‪1.5‬‬
‫مليون نسمة‪ ،‬والذين من أصول‬
‫عربية حوالي ‪ 750‬ألفاً‪ ،‬والذين‬
‫أصولهم أفريقية ح��وال��ي ‪300‬‬
‫أل��ف‪ ،‬ثم الذين أصولهم بلقانية‬
‫‪46‬‬
‫أقليات مسلمة‬
‫أو ت��رك��ي��ة أو أوروب���ي���ة شرقية‬
‫حوالي ‪ 150‬ألفاً‪ ،‬والبريطانيون‬
‫األصليون بمثل ذلك ثم مختلف‬
‫األع��������راق اآلس���ي���وي���ة ال��دن��ي��ا‬
‫والشرقية والالتينية واألوروبية‬
‫الشمالية وغيرها‪.‬‬
‫وهؤالء يمثلون كافة المذاهب‬
‫وال���م���ش���ارب واألف���ك���ار وال��م��ل��ل‬
‫والجماعات المعروفة في العالم‬
‫اإلسالمي على اتساعه‪ ،‬ولديهم‬
‫مؤسساتهم ومراكزهم التي تمثل‬
‫ذل���ك ال��ط��ي��ف ال���واس���ع وال��ت��ن��وع‬
‫العريض‪.‬‬
‫وبينما هنالك أماكن تواجد‬
‫مكثف للمسلمين مثل مناطق شرق‬
‫لندن ومدن برمنجهام وبرادفورد‬
‫وم��ان��ش��س��ت��ر وش��ف��ي��ل��د وك����اردف‬
‫وغالسكو وغيرها العديد‪ ،‬إال‬
‫أن الذي يميز المجتمع المسلم‬
‫بالعموم هو قدرته على االندماج‬
‫في أي بيئة يسكنها‪ ،‬والتفاعل‬
‫مع مختلف المكونات المجتمعية‬
‫وتأسيس المحضن الذي يوفر له‬
‫احتياجاته الدينية والمعيشية‪،‬‬
‫وال يضطر للتقوقع في مناطق‬
‫للمسلمين حصراً‪ ،‬مما يعني أن‬
‫المسلمين البريطانيين متواجدون‬
‫في كل المدن والقرى واألنحاء‬
‫على اتساع الجزر البريطانية‪.‬‬
‫< م��ا أه���م أول��وي��ات��ك��م في‬
‫العمل الدعوي والمجتمعي؟‬
‫ األولوية األولى واألهم التي‬‫تشغل بال المؤسسات اإلسالمية‬
‫ال��ك��ب��رى ه���ي إي���ص���ال اإلس���الم‬
‫الناصع والخالي م��ن الشوائب‬
‫إل���ى المجتمع ال��ب��ري��ط��ان��ي من‬
‫خالل أفضل الطرق والوسائل‪،‬‬
‫وم��ن ذل��ك اإلج��اب��ة ع��ن األسئلة‬
‫الكبرى ال سيما نظرة اإلس��الم‬
‫لآلخر‪ ،‬وإسباغ المولى جل شأنه‬
‫صفة التكريم على البشر جميعاً‪،‬‬
‫ونظرة الشرع للتعايش مع اآلخر‬
‫والتفاعل معه والتعاون وإياه على‬
‫البر والتقوى واإلص��الح وإعمار‬
‫األرض‪ ،‬وت��ح��س��ي��ن األوض�����اع‬
‫ال��م��ع��ي��ش��ي��ة ل��ل��ج��م��ي��ع‪ ،‬وإع���ان���ة‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫اﻷوﻟﻮﻳﺔ اﻟﻜﺒﺮى‬
‫ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﻫﻲ إﻳﺼﺎل اﻹﺳﻼم‬
‫اﻟﻨﺎﺻﻊ إﻟﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬
‫اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ‬
‫ﻣﺴﻠﻤﻮ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‬
‫ﻣﻬﺘﻤﻮن ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ‬
‫اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت ﻟﺮﻓﻊ‬
‫ﻣﺴﺘﻮى ﻛﻔﺎءﺗﻬﻢ ﻓﻲ‬
‫إﺑﻼغ رﺳﺎﻟﺘﻬﻢ‬
‫الضعيف‪ ،‬وتحقيق األمن والسلم‬
‫األهلي‪ ،‬وبناء مقدرات المجتمع‬
‫بكل أط��ي��اف��ه‪ ،‬وذل���ك م��ن خالل‬
‫ترسيخ مفاهيم اإلنسانية الكبرى‪،‬‬
‫ونشر قيم الفضيلة واألخالق‪.‬‬
‫ب���ع���د ذل������ك‪ ،‬ف��ال��م��س��ل��م��ون‬
‫مهتمون بتأسيس المؤسسات‬
‫والمراكز والمنشآت التي ترفع‬
‫م��ن مستوى كفاءتهم ف��ي إب��الغ‬
‫رسالتهم وتواصلهم مع المجتمع‬
‫البريطاني ال��ع��ام‪ ،‬ويرفعون من‬
‫مستوى كفاءتهم وقدرتهم على‬
‫ت��ط��وي��ر ق��اب��ل��ي��ات��ه��م وق��درات��ه��م‬
‫وت��ع��زي��ز ث��ق��ت��ه��م ب��أن��ف��س��ه��م كي‬
‫يعبروا من خاللها عن حقيقتهم‬
‫وح��ق��ي��ق��ة رس��ال��ت��ه��م‪ ،‬وي��ق��دم��ون‬
‫الحلول للمعضالت التي يعاني‬
‫م��ن��ه��ا ال��م��ج��ت��م��ع ب��ش��ك��ل واض���ح‬
‫وص��ري��ح‪ ،‬وي��ع��ززون من مكانتهم‬
‫ودورهم في وسط الحوار الدائر‬
‫بين األطياف الدينية والفكرية‬
‫والعلمية والثقافية المكونة للوعي‬
‫الجمعي العام‪.‬‬
‫ضمن ذلك‪ ،‬فالمسلمون في‬
‫بريطانيا مهتمون بواقع العالم‬
‫اإلسالمي ال��ذي يشعرون بأنهم‬
‫متأثرون به بشكل مباشر‪ ،‬ال سيما‬
‫القضية الفلسطينية وال��ث��ورات‬
‫ال��ش��ع��ب��ي��ة وال���ح���روب الطاحنة‬
‫وال��ظ��ل��م واالس��ت��ب��داد وال��ف��س��اد‬
‫والمجازر التي تقع بحق مختلف‬
‫المجتمعات واألمم المسلمة عبر‬
‫ال��ع��ال��م‪ ،‬وه���ذه كلها تعبر عنها‬
‫خطابات المسلمين البريطانيين‬
‫الموجهة إلى حكومتهم في لندن‬
‫وإلى شعبهم وبشكل واضح‪.‬‬
‫< ما أب��رز التحديات التي‬
‫تواجهكم؟‬
‫ من التحديات الكبرى التي‬‫يواجهها المسلمون البريطانيون‬
‫ال��ت��ح��دي ال��ف��ك��ري ف��ي مواجهة‬
‫اإلل���ح���اد م���ن ج��ه��ة‪ ،‬وال��ت��ط��رف‬
‫واإلره��������اب م���ن ج��ه��ة أخ����رى‪،‬‬
‫وقضايا الهوية اإلسالمية ضمن‬
‫الواقع الغربي المعاصر‪.‬‬
‫وي��ب��ق��ى ت��ح��دي ال��ف��ك��ر هو‬
‫ال��ت��ح��دي األك��ب��ر‪ ،‬حيث صياغة‬
‫منظومة الفكر اإلسالمي لمجتمع‬
‫أقلية ضمن ال��غ��رب المعاصر‪،‬‬
‫والضوابط الشرعية والمفاهيم‬
‫الفقهية ضمن األطر المجتمعية‬
‫ال��ح��اك��م��ة وم��ن��ه��ا ال��س��ي��اس��ي��ة‬
‫والفكرية والثقافية‪.‬‬
‫ث���م ي��أت��ي ت��ح��دي ال��خ��ط��اب‬
‫وص���ي���اغ���ة األج������دى واألف���ض���ل‬
‫واألن���ف���ع م��م��ا ي��ع��ب��ر ع���ن واق���ع‬
‫المسلمين وينقله بشكل رصين‬
‫إلى المجتمع الواسع‪.‬‬
‫ثم يأتي تحدي المواطنة (وال‬
‫أق���ول االن���دم���اج)‪ ،‬وتبعات ذلك‬
‫ومترتباته على ال��ف��رد واألس��رة‬
‫والمجتمع المسلم‪ ،‬وما يلحقه من‬
‫تحديات خاصة وعامة يشترك‬
‫معه المجتمع البريطاني بعمومه‪،‬‬
‫مثل الموقف من القضايا العالمية‬
‫(السياسات الخارجية) واألفكار‬
‫ال���س���ائ���دة وال��ف��ش��ل ال��ح��ك��وم��ي‬
‫ف��ي معالجة ت��ح��دي��ات التعليم‬
‫والخدمات الصحية والخدمات‬
‫العامة واالقتصاد وغيرها‪.‬‬
‫< ما أب��رز اإلن��ج��ازات التي‬
‫تحققت حتى اليوم؟‬
‫ دور المسلمين في تشكيل‬‫المجتمع البريطاني المعاصر ال‬
‫ينكره أح��د‪ ،‬ال سيما أن الفرد‬
‫ال��م��س��ل��م ب���ات م���ؤث���راً ون��اج��ح �اً‬
‫وم��ع��ل��م �اً م���ن م��ع��ال��م المجتمع‬
‫البريطاني العام‪ ،‬وإذا ما أخذنا‬
‫مث ً‬
‫ال عدد المسلمين الرياضيين‪،‬‬
‫ً‬
‫ال��ذي��ن ب��ات��وا أب���ط���اال عالميين‬
‫معروفين حول العالم‪ ،‬ثم قطاع‬
‫ال��ع��م��ل ال��خ��ي��ري المسلم ال��ذي‬
‫وص��ف��ت��ه ال��ح��ك��وم��ة البريطانية‬
‫نفسها عام ‪2016‬م بأنه القطاع‬
‫األكثر سخاء بين كافة القطاعات‬
‫الخيرية البريطانية األخ��رى‪ ،‬ثم‬
‫قطاع المؤسسات التعليمية‪ ،‬ثم‬
‫المؤسسات الدينية من مساجد‬
‫وم���راك���ز إس��الم��ي��ة وم��ؤس��س��ات‬
‫توعوية ودعوية وتنموية‪.‬‬
‫ك���ل ذل����ك إذا م���ا أض��ف��ن��ا‬
‫عليه دور المسلمين ف��ي حركة‬
‫مناهضة الحرب وفي المشاركة‬
‫السياسية وتقديم نواب وممثلين‬
‫في البلديات المختلفة ورؤس��اء‬
‫لجان ومفوضيات وغيرها‪ ،‬فإن‬
‫اإلن��ج��ازات التي حققها مسلمو‬
‫بريطانيا تعد إنجازات رائعة بحق‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫وهلل الحمد والفضل والمنّة‪.‬‬
‫وأخيراً‪ ،‬فإن المجتمع المسلم‬
‫البريطاني ب��ات ق���ادراً على أن‬
‫يشكل جسراً بين دوائ��ر صناعة‬
‫القرار والتأثير في بريطانيا وبين‬
‫العالم اإلس��الم��ي والمجتمعات‬
‫المسلمة ه��ن��اك‪ ،‬لنقل األف��ك��ار‬
‫وال�����رؤى وال��م��واق��ف ول��ل��وص��ول‬
‫إلى حالة من التفاهم والتعارف‬
‫واالنسجام بين الطرفين‪ ،‬وصوالً‬
‫إل��ى حالة من التعايش السلمي‬
‫والتبادل والتواصل الحضاري‪.‬‬
‫< ل���ت���رس���ي���خ ال���ت���واج���د‬
‫اإلس��ام��ي بشكل إيجابي في‬
‫بريطانيا‪ ،‬ما أب��رز توصياتكم‬
‫المستقبلية؟‬
‫ ينبغي لمسلمي بريطانيا‬‫وربما في عموم الغرب التركيز‬
‫مستقب ً‬
‫ال على بناء المؤسسات‬
‫ال��ف��ك��ري��ة وال��ب��ح��ث��ي��ة وم���راك���ز‬
‫ال�������دراس�������ات واإلح������ص������اءات‬
‫واستطالعات ال��رأي‪ ،‬باإلضافة‬
‫إل��ى المعاهد العلمية الشرعية‬
‫ال��رص��ي��ن��ة ال��ت��ي ت��خ��رج العلماء‬
‫وال����دع����اة واألئ���م���ة ال��ن��اط��ق��ي��ن‬
‫باإلنجليزية التي تضاهي أفضل‬
‫مثيالتها في بريطانيا‪.‬‬
‫كما على المجتمع المسلم أن‬
‫ينظر في كيفية استثمار القطاع‬
‫الخيري وم���وارده الهائلة ألجل‬
‫تأسيس قدرات وطاقات مسلمة‬
‫بريطانية في مختلف المجاالت‪،‬‬
‫وكذلك إنشاء أوق��اف تسهم في‬
‫ق����درة ال��م��ج��ت��م��ع ال��م��س��ل��م على‬
‫االكتفاء بذاته دون االعتماد على‬
‫موارد تمويل خارجية‪.‬‬
‫ك��م��ا أرى ض����رورة تأسيس‬
‫شبكة للمؤسسات اإلس��الم��ي��ة‬
‫الغربية (خارج العالم اإلسالمية)‬
‫تستطيع م��ن خاللها التواصل‬
‫ألج���ل ال��ب��ح��ث ف���ي ال��ت��ح��دي��ات‬
‫ال��م��ش��ت��رك��ة وت���ب���ادل ال��خ��ب��رات‬
‫والمعارف واالستفادة مما عندها‬
‫ف��ي أم��اك��ن أخ��رى بحاجة لتلك‬
‫الخبرات‪>.‬‬
‫‪47‬‬
‫أخبار األقليات‬
‫أمريكا‪ :‬حقوق ممارسة الشعائر‬
‫الدينية في بث مباشر لـ«كير»‬
‫بمناسبة اقتراب ش���هر رمضان‪ ،‬وتحت عنوان‬
‫«اع���رف حقوق���ك‪ :‬الش���عائر الديني���ة ف���ي العمل‬
‫والمدرس���ة»‪ ،‬ق���ام مجل���س العالق���ات األمريكي���ة‬
‫اإلس���المية (كير)‪ ،‬في ‪ 18‬أبريل بتقديم بث مباشر‬
‫لحلقات عمل عن طريق الفيديو عبر موقع التواصل‬
‫االجتماعي‪ ،‬لمس���اعدة المواطنين المسلمين على‬
‫معرف���ة حقوقه���م القانوني���ة داخ���ل أماك���ن العمل‬
‫والدراسة فيما يتعلق بالصوم والعبادة‪.‬‬
‫وتناولت األمور والمس���ائل الشائعة للمسلمين‬
‫األمريكيي���ن‪ ،‬حيث يحاول���ون التوفيق والتوازن بين‬
‫واجباته���م والتزاماته���م كموظفي���ن وط���الب‪ ،‬م���ع‬
‫التزامه���م بأداء فريضة صوم ش���هر رمضان الذي‬
‫سيبدأ في منتصف شهر مايو‪.‬‬
‫وناقش وكالء «كير» الحقوق القانونية‪ ،‬وأفضل‬
‫الط���رق إلقام���ة الش���عائر الديني���ة مث���ل الص���الة‬
‫واإلفط���ار بع���د صي���ام ش���هر رمض���ان والحجاب‬
‫والعطالت‪.‬‬
‫يش���ار إل���ى أن «كير» هو أكب���ر منظمة للحقوق‬
‫المدنية ومناصرة المس���لمين ف���ي أمريكا‪ ،‬وتتبلور‬
‫رس���التها ف���ي ترس���يخ مفه���وم اإلس���الم‪ ،‬وحماية‬
‫الحقوق المدنية‪ ،‬وتعزيز العدالة‪>.‬‬
‫دورة ثقافية لـ‪ 70‬داعية بأوكرانيا‬
‫احتض���ن المرك���ز الثقاف���ي اإلس���المي ف���ي‬
‫العاصمة األوكرانية كييف‪ ،‬في ‪ 14‬أبريل‪ ،‬فعاليات‬
‫دورة ثقافية ش���رعية للدعاة‪ ،‬ش���ارك فيها نحو ‪70‬‬
‫داعي���ة من مختلف أنح���اء أوكرانيا‪ ،‬وفق���اً للموقع‬
‫اإللكتروني التحاد «الرائد» على اإلنترنت‪.‬‬
‫وتأتي الدورة في إطار برنامج س���نوي لتثقيف‬
‫وتنمي���ة مهارات الدع���اة‪ ،‬وزيادة وعيه���م بمختلف‬
‫القضاي���ا المهم���ة ف���ي حياته���م كدع���اة مس���لمين‬
‫ومواطنين‪.‬‬
‫وق���د رك���زت الدورة عل���ى قضايا رئيس���ة‪ ،‬من‬
‫أبرزه���ا الت���زود الدائم بالتق���وى قب���ل العطاء في‬
‫مج���ال التعري���ف باإلس���الم‪ ،‬وتهذي���ب النفس قبل‬
‫تهذيب األنفس األخرى‪ ،‬والتمس���ك بقيمة التعايش‬
‫في مجتمع أوكرانيا للحفاظ عليه‪.‬‬
‫وح���ول قيم���ة التعاي���ش‪ ،‬أك���د رئي���س اتح���اد‬
‫«الرائ���د» ف���ي أوكرانيا س���يران عريف���وف‪ ،‬خالل‬
‫محاضرت���ه بالدورة‪ ،‬أن اإلس���الم الحق يحث على‬
‫التعاي���ش مع الغير‪ ،‬واس���تدل بالتاريخ اإلس���المي‬
‫في إثبات أن التعايش بالحس���نى من أبرز وس���ائل‬
‫التعريف باإلسالم‪>.‬‬
‫انعقاد المؤتمر السنوي الحادي عشر‬
‫للمسلمين األلبان في إيطاليا‬
‫عل���ى م���دار ‪ 3‬أيام‪ ،‬عقد ف���ي إيطاليا المؤتمر‬
‫السنوي الحادي عشر التحاد المسلمين األلبان في‬
‫إيطالي���ا‪ ،‬في الفت���رة من ‪ 31‬مارس إل���ى ‪ 2‬أبريل‪،‬‬
‫وذلك بالقرية السياحية «بيال» المطلة على شاطئ‬
‫البح���ر األدرياتيك���ي بمش���اركة ‪ 360‬م���ن األلب���ان‬
‫المقيمين في إيطاليا مع أسرهم‪.‬‬
‫وحول أهمية هذا اللقاء‪ ،‬قال الناشط األلباني‬
‫م���ن مقدوني���ا حس���ن بافتي���اري‪ ،‬ف���ي تصريحات‬
‫ل�«المجتم���ع»‪ :‬يوج���د ف���ي إيطاليا نح���و ‪ 600‬ألف‬
‫مهاج���ر م���ن ألباني���ا كوس���وفا ومقدوني���ا والجبل‬
‫األس���ود‪ ،‬وه���ذا ما دفعنا لتأس���يس اتح���اد لجميع‬
‫األلبان ف���ي إيطاليا (‪ )UAMI‬ع���ام ‪2009‬م‪ ،‬من‬
‫قبل الجمعيات والمساجد واألفراد‪.‬‬
‫وتاب���ع‪ :‬يق���وم االتح���اد بعق���د مؤتمر س���نوي‪،‬‬
‫ويدعو إليه شخصيات عامة إسالمية من المناطق‬
‫األلباني���ة في غرب البلقان‪ ،‬وتتنوع فقرات المؤتمر‬
‫م���ا بين محاض���رات إلى أنش���طة متع���ددة ثقافية‬
‫وترفيهية ورياضية وغيرها‪.‬‬
‫وأض���اف خاتماً‪ :‬الهدف الرئيس من تأس���يس‬
‫االتح���اد األلباني ف���ي إيطاليا وكافة أنش���طته هو‬
‫تعزي���ز الهوي���ة اإلس���المية لأللب���ان العاملي���ن في‬
‫إيطاليا‪ ،‬ودعم وحدتهم وترابطهم فيما بينهم‪>.‬‬
‫‪48‬‬
‫حالة العالم اإلسالمي‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫تركيا نحو االنتخابات المبكرة‬
‫في أبريل ‪2017‬م أقرت تركيا باس����تفتاء ش����عبي‬
‫على تعديالت دس����تورية تحويل نظام الحكم في‬
‫البالد من برلماني إلى رئاس����ي بنسبة ‪ ،%51.4‬على‬
‫أن يبدأ تطبيقه مع االنتخابات الرئاسية والبرلمانية‬
‫المتزامنة في ‪ 3‬نوفمبر ‪2019‬م‪.‬‬
‫ومنذ ذل����ك الحي����ن تتداول األوس����اط السياس����ية‬
‫واإلعالمي����ة التركي����ة فك����رة تبكي����ر االنتخاب����ات‬
‫للعام الحالي‪ ،‬باعتبار أن الفت����رة االنتقالية طويلة‬
‫ومفتوح����ة عل����ى احتماالت ع����دة ف����ي الملفات‬
‫الداخلي����ة والسياس����ة الخارجي����ة‪ ،‬في حي����ن دأبت‬
‫أوس����اط الحكومة وح����زب العدال����ة والتنمية على‬
‫نفي النية بذلك‪.‬‬
‫د‪ .‬سعيد الحاج‬
‫»ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ« اﻷوﺿﺎع ﺧﻼل‬
‫اﻟﻔﺘﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺟﻌﻠﺖ‬
‫ً‬
‫ﺗﺎرﻳﺨﺎ‬
‫ﻣﻦ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ‪2019‬م‬
‫ً‬
‫ﺑﻌﻴﺪا ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺣﺼﻮل‬
‫ﺗﻄﻮرات داﺧﻠﻴﺔ‬
‫أو ﺧﺎرﺟﻴﺔ‬
‫بعد عدة تأكيدات على موعد‬
‫االنتخابات الرئاسية والبرلمانية‬
‫كما صاغها التعديل الدستوري‬
‫على ألسنة عدة مسؤولين أتراك‬
‫في مقدمتهم الرئيس «أردوغان»‪،‬‬
‫والناطق باسم العدالة والتنمية‬
‫«ماهر أونال»‪ ،‬فاجأ زعيم حزب‬
‫ال��ح��رك��ة ال��ق��وم��ي��ة ال��م��ت��ح��ال��ف‬
‫م���ع ال���ع���دال���ة وال��ت��ن��م��ي��ة دول���ت‬
‫بهجلي الجميع بدعوته إلج��راء‬
‫االنتخابات في أغسطس المقبل‪.‬‬
‫خ���ال أق���ل م��ن ‪ 24‬س��اع��ة‪،‬‬
‫اجتمع «أردوغ���ان» مع «بهجلي»‬
‫ث��م م��ع رئيس ال���وزراء «ب��ن علي‬
‫يلدريم» وأعضاء اللجنة المركزية‬
‫لحزب العدالة والتنمية‪ ،‬مصدراً‬
‫ق��راراً بالذهاب نحو االنتخابات‬
‫ال��م��ب��ك��رة ف��ي ال�����‪ 24‬م��ن يونيو‬
‫المقبل‪ ،‬أي بعد حوالي ‪ 67‬يوماً‬
‫فقط من اإلعان‪.‬‬
‫وخ�����ال أي�����ام ف���ق���ط‪ ،‬أق��ر‬
‫البرلمان التركي قرار االنتخابات‬
‫المبكرة‪ ،‬وب��دأ االستعداد لسن‬
‫«قوانين المواءمة»؛ وهي القوانين‬
‫الضرورية لانتقال من النظام‬
‫البرلماني ل��ل��رئ��اس��ي‪ ،‬م��ا وضع‬
‫تركيا بشكل نظري وفعلي على‬
‫سكة االنتخابات المبكرة‪.‬‬
‫في أسباب تبكير االنتخابات‪،‬‬
‫ي��م��ك��ن ال���ق���ول‪ :‬إن «ض��ب��اب��ي��ة»‬
‫األوضاع خال الفترة االنتقالية‬
‫جعلت من نوفمبر ‪2019‬م تاريخاً‬
‫ب��ع��ي��داً ن��س��ب��ي�اً يحتمل حصول‬
‫(أو اف��ت��ع��ال) ت��ط��ورات داخلية‬
‫أو خارجية يمكنها التأثير على‬
‫االقتصاد؛ وبالتالي على شعبية‬
‫ال��رئ��ي��س وال���ع���دال���ة وال��ت��ن��م��ي��ة‬
‫ع��ل��ى وج���ه ال��خ��ص��وص‪ ،‬األب��ع��اد‬
‫االقتصادية ألي تطورات محتملة‬
‫هي ما تضعها الحكومة التركية‬
‫ضمن أدوات الضغط على تركيا‬
‫أو محاوالت «تركيعها اقتصادياً»‬
‫وف��ق ما ص��در عن أن��ق��رة‪ ،‬حيث‬
‫ت��زام��ن ق��رار تبكير االنتخابات‬
‫م��ع ت��ده��ور الليرة التركية أم��ام‬
‫العمات األجنبية‪.‬‬
‫التطورات الخارجية ليست‬
‫أق��ل أهمية م��ن تلك الداخلية‬
‫ف���ي ه����ذا ال���س���ي���اق‪ ،‬ف��ال��ض��رب��ة‬
‫الثاثية الموجهة لنظام «األسد»‪،‬‬
‫وال��ق��ص��ف ال��م��ت��ب��ادل بين إي��ران‬
‫ودول���ة االح��ت��ال «اإلسرائيلي»‪،‬‬
‫واح��ت��م��االت ال��ت��وت��ر بين روسيا‬
‫وحلف «الناتو»‪ ،‬وأفكار استقدام‬
‫العبين إضافيين أو قوات عربية‬
‫للشمال السوري‪ ،‬كلها تطورات‬
‫تعني تحديات إضافية محتملة‬
‫ألنقرة وقواتها المتواجدة على‬
‫األراض�����ي ال��س��وري��ة؛ وب��ال��ت��ال��ي‬
‫تعقيد موقفها بين حلفاء األمس‬
‫في واشنطن وشركاء اليوم في‬
‫موسكو‪.‬‬
‫المتنافسون‬
‫بعد إق��رار البرلمان التركي‬
‫ل��م��وع��د االن��ت��خ��اب��ات الرئاسية‬
‫والبرلمانية (إضافة النتخابات‬
‫م��خ��ات��ي��ر األح���ي���اء) ف��ي ال��راب��ع‬
‫وال��ع��ش��ري��ن م��ن ي��ون��ي��و المقبل‪،‬‬
‫أعلنت اللجنة العليا لانتخابات‬
‫عن قائمة األحزاب التي استوفت‬
‫شروط المشاركة فيها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫ح����زب ال���ع���دال���ة وال��ت��ن��م��ي��ة‬
‫الحاكم‪ ،‬وحزب الشعب الجمهوري‬
‫(أكبر أحزاب المعارضة)‪ ،‬وحزب‬
‫الشعوب الديمقراطي (القومي‬
‫الكردي)‪ ،‬وحزب الحركة القومية‬
‫(القومي التركي)‪ ،‬والحزب الجيد‬
‫(حزب الخير وفق ترجمة أخرى)‬
‫المنشق ع��ن الحركة القومية‪،‬‬
‫وح�����زب ال���س���ع���ادة اإلس���ام���ي‪،‬‬
‫وحزب الوطن (اليساري القومي)‪،‬‬
‫وحزب االتحاد الكبير (اإلسامي‬
‫القومي)‪ ،‬والحزب الديمقراطي‪،‬‬
‫وحزب تركيا المستقلة‪.‬‬
‫وت��ن��ت��ظ��ر ال��ل��ج��ن��ة ال��ع��ل��ي��ا‬
‫ل��ان��ت��خ��اب��ات ص�����دور ق��وان��ي��ن‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫المواءمة ومن ضمنها ما يتعلق‬
‫باالنتخابات حتى تصدر برنامج‬
‫االنتخابات وجدولها الزمني‪ ،‬بما‬
‫يتضمن المواعيد النهائية لتقديم‬
‫األح����زاب مرشحيها للرئاسة‪،‬‬
‫وت��ق � ّ ُدم المرشحين المستقلين‬
‫بطلبات المشاركة‪ ،‬وتقديم قوائم‬
‫المرشحين للبرلمان‪ ،‬فض ً‬
‫ا عن‬
‫مواعيد الحمات االنتخابية وكل‬
‫تفاصيل العملية االنتخابية‪.‬‬
‫ويفترض أن تتقدم األحزاب‬
‫ل��ل��ج��ن��ة االن��ت��خ��اب��ات ب��م��ش��اري��ع‬
‫ال��ت��ح��ال��ف ‪-‬إن وج����دت‪ -‬خ��ال‬
‫‪ 7‬أي��ام فقط م��ن إع��ان اللجنة‬
‫للجدول الزمني‪ ،‬بينما يتوقع أن‬
‫تقبل طلبات مرشحي الرئاسة‬
‫حتى ‪ 15‬مايو المقبل‪ ،‬وقوائم‬
‫مرشحي البرلمان حتى ‪ 22‬منه‪،‬‬
‫وف���ق ت��وق��ع��ات وس��ائ��ل اإلع���ام‬
‫التركية بانتظار اإلعان الرسمي‬
‫من قبل اللجنة‪.‬‬
‫وج��دي��ر ب��ال��ق��ول‪ :‬إن إع��ان‬
‫«أردوغ���ان» قد حشر المعارضة‬
‫زمنياً ووضعها أمام تح ّد صعب‬
‫خ��ال أي���ام قليلة‪ ،‬على صعيد‬
‫بلورة تحالفات قوية‪ ،‬أو استكمال‬
‫عمليات االستشارة الداخلية في‬
‫كل ح��زب على ح��دة فيما يتعلق‬
‫بمرشحي الرئاسة والبرلمان‪ ،‬أو‬
‫توافق مختلف أحزاب المعارضة‬
‫ع��ل��ى م���رش���ح واح�����د ل��ل��رئ��اس��ة‬
‫لمنافسة مرشح ح��زب العدالة‬
‫ال��ق��وي الرئيس الحالي «رج��ب‬
‫طيب أردوغان»‪.‬‬
‫ولعل أكثر المتضررين من‬
‫تقديم م��وع��د االن��ت��خ��اب��ات كان‬
‫ال��ح��زب ال��ج��ي��د ب��ق��ي��ادة وزي���رة‬
‫الداخلية األسبق «ميرال أكشنار»‪،‬‬
‫باعتباره حديث التأسيس ولم‬
‫يستكمل بعد ش��روط المشاركة‬
‫في االنتخابات‪ ،‬ويبدو أن الحزب‬
‫قد عقد صفقة مع حزب الشعب‬
‫الجمهوري الذي استقال منه ‪15‬‬
‫نائباً انضموا له ليصبح له ‪20‬‬
‫نائباً في البرلمان يشكلون «كتلة‬
‫برلمانية» يحق لها المشاركة في‬
‫االنتخابات‪ ،‬وه��و ما ك��ان؛ حيث‬
‫ذكرته اللجنة العليا لانتخابات‬
‫ضمن األح����زاب ال��ت��ي يحق لها‬
‫المشاركة‪.‬‬
‫التوقعات‬
‫م����ا زال ال����وق����ت ب����اك����راً‬
‫ج�����داً ل��ل��ح��دي��ث ع���ن ت��وق��ع��ات‬
‫دقيقة بخصوص المنافستين‬
‫االن���ت���خ���اب���ي���ت���ي���ن؛ ال���رئ���اس���ي���ة‬
‫وال��ب��رل��م��ان��ي��ة‪ ،‬ح��ي��ث ل���م ت��ب��دأ‬
‫ال���ح���م���ات االن���ت���خ���اب���ي���ة‪ ،‬ول��م‬
‫تحدد األح��زاب المختلفة قوائم‬
‫مرشحيها‪ ،‬فض ً‬
‫ا عن أن يكون‬
‫هناك استطاعات رأي تعكس‬
‫واقع الناخب التركي‪.‬‬
‫ح��ت��ى ك��ت��اب��ة ه���ذه ال��س��ط��ور‪،‬‬
‫ث��م��ة م��رش��ح��ان رئ��ي��س��ان فقط‬
‫ل��ان��ت��خ��اب��ات ال��رئ��اس��ي��ة؛ هما‬
‫الرئيس التركي «أردوغ���ان» عن‬
‫«تحالف الشعب» المتكون من‬
‫حزبي العدالة والتنمية والحركة‬
‫ال��ق��وم��ي��ة‪ ،‬و«م���ي���رال أك��ش��ن��ار»‪،‬‬
‫رئ��ي��س ال���ح���زب ال��ج��ي��د‪ ،‬بينما‬
‫أع��ل��ن ع��دة أش��خ��اص م��ن حزب‬
‫الشعب الجمهوري عن رغبتهم‬
‫في الترشح‪ ،‬ولم تحسم األحزاب‬
‫األخرى رأيها بعد‪.‬‬
‫»ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺟﻞ« أﻋﻠﻦ‬
‫ﻋﺪم ﺗﺮﺷﺤﻪ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت‬
‫اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ‬
‫إﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ‬
‫ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺨﻨﺪق ﺧﻠﻒ‬
‫ﻣﺮﺷﺢ ﺗﻮاﻓﻘﻲ ﻗﻮي‬
‫أو ﺗﺮﺷﻴﺢ ﻛﻞ ﺣﺰب‬
‫ﻟﻤﺮﺷﺢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ‬
‫ﺻﻔﻮﻓﻪ‬
‫»اﻟﺤﺰب اﻟﺠﻴﺪ« أﻛﺜﺮ‬
‫اﻟﻤﺘﻀﺮرﻳﻦ ﻣﻦ ﺗﺒﻜﻴﺮ‬
‫اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره‬
‫ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ وﻟﻢ‬
‫ﻳﺴﺘﻜﻤﻞ ﺑﻌﺪ ﺷﺮوط‬
‫اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ‬
‫ً‬
‫ﺟﺪا اﻟﺤﺪﻳﺚ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺒﻜﺮ‬
‫ﻋﻦ اﺳﺘﺸﺮاف ﻧﺘﺎﺋﺞ‬
‫اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﻌﻘﺪ اﻟﻤﺸﻬﺪ‬
‫اﻟﺤﺰﺑﻲ ﺑﺎﻟﺒﻼد‬
‫ال����س����ؤال األب������رز ب��ال��ن��س��ب��ة‬
‫ل���ل���م���ع���ارض���ة ي���ت���م���ح���ور ح���ول‬
‫إستراتيجيتها ف��ي االنتخابات‬
‫الرئاسية‪ ،‬ما بين التخندق خلف‬
‫مرشح توافقي قوي أو ترشيح كل‬
‫ح��زب لمرشح من بين صفوفه‪،‬‬
‫م��ع اإلش����ارة إل��ى أن السيناريو‬
‫األول ي��ب��دو أوف���ر ح��ظ�اً بكثير‪،‬‬
‫م��ق��ارن��ة بالثاني ال���ذي سيفتت‬
‫أص��وات��ه��ا وي���رف���ع م���ن ح��ظ��وظ‬
‫الرئيس التركي صاحب الكاريزما‬
‫واإلنجازات والحضور القوي‪.‬‬
‫ومن بين األسماء التي كانت‬
‫ت��ت��ردد كمرشح توافقي محتمل‬
‫الرئيس السابق «عبداهلل جل»‪،‬‬
‫لكنه خ��رج ف��ي مؤتمر صحفي‬
‫وأع���ل���ن ع����دم ت��رش��ح��ه لفشل‬
‫ال��م��ع��ارض��ة ف��ي االج��ت��م��اع على‬
‫مرشح واحد‪ ،‬وأوضح في مؤتمره‬
‫أنه لم يكن يخطط لطرح نفسه‬
‫في االنتخابات‪ ،‬وذك��ر أنه وصل‬
‫إلى جميع المناصب في الدولة‪،‬‬
‫وال يطمح إلى منصب مرة أخرى‪،‬‬
‫وال توجد لديه رغبة في العودة‬
‫للحياة السياسية‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫وه���ن���اك اس���م م���ت���داول هو‬
‫مرشح الحزب الجيد «أكشنار»‪،‬‬
‫خ���ص���وص���اً إذا م���ا ات���ض���ح أن‬
‫الصفقة بينه وبين حزب الشعب‬
‫الجمهوري كانت أشمل من مجرد‬
‫مساعدته على ال��م��ش��ارك��ة في‬
‫االنتخابات‪ ،‬حيث يراهن األخير‬
‫على سحب «ال��م��رأة الحديدية»‬
‫م��ن أص����وات ال��ح��رك��ة القومية‬
‫تحديداً وبدرجة أقل من العدالة‬
‫والتنمية‪.‬‬
‫ال���ن���اط���ق ب���اس���م ال���ع���دال���ة‬
‫والتنمية «ماهر أونال» قال غداة‬
‫الدعوة لانتخابات المبكرة‪ :‬إن‬
‫آخر استطاع رأي أجراه الحزب‬
‫ي��ع��ط��ي ل��م��رش��ح��ه «أردوغ�������ان»‬
‫ح����وال����ي ‪ %55‬م����ن أص������وات‬
‫الناخبين‪ ،‬وهي نسبة تبدو مريحة‬
‫جداً ل�«أردوغان» قبل بدء الحملة‬
‫االنتخابية‪ ،‬وقد يكون ذلك أحد‬
‫أسباب تبكير االنتخابات‪ ،‬وفق‬
‫بعض المراقبين‪.‬‬
‫ب��ي��د أن ال��ص��ورة ل��ن تتضح‬
‫بشكل كامل قبل اكتمال قائمة‬
‫المرشحين لانتخابات الرئاسية‬
‫وع���رض برامجهم االنتخابية؛‬
‫ما سيتيح إمكانية التعرف على‬
‫فرصهم وحضورهم في الشارع‬
‫التركي؛ وبالتالي قدرتهم على‬
‫ال��م��ن��اف��س��ة وف���ق اس��ت��ط��اع��ات‬
‫الرأي التي ستجرى الحقاً‪.‬‬
‫وأم��ا االنتخابات البرلمانية‬
‫فمن المبكر ج��داً ج��داً الحديث‬
‫ع���ن أي إم��ك��ان��ي��ة الس��ت��ش��راف‬
‫النتائج إزاءه����ا‪ ،‬ف��ي ظ��ل تعقد‬
‫المشهد الحزبي في الباد بعد‬
‫أزمات الحركة القومية‪ ،‬وتأسيس‬
‫ال��ح��زب ال��ج��ي��د‪ ،‬وت��راج��ع حزب‬
‫الشعوب الديمقراطي؛ ما يحتم‬
‫انتظار عدة أسابيع قبل اتضاح‬
‫الرؤية بشكل تام‪ ،‬مع اإلشارة إلى‬
‫أن االنتخابات البرلمانية تفقد‬
‫شيئاً من أهميتها وحساسيتها في‬
‫ظل النظام الرئاسي الذي تتقدم‬
‫فيه مؤسسة الرئاسة وانتخاباتها‬
‫في األهمية بطبيعة الحال‪>.‬‬
‫‪50‬‬
‫حوار‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ‬
‫محمد حسين لـ«المجتمع»‪:‬‬
‫المقدسيون على العهد‬
‫في الدفاع عن مقدساتهم‬
‫قال الشـــيخ محمد حســـين‪ ،‬مفتي القدس والديار‬
‫ً‬
‫وقيادة وشـــعباً‬
‫الفلســـطينية‪ :‬إن الكويـــت أميراً‬
‫يشـــاركون الشـــعب الفلســـطيني فـــي الدفاع‬
‫عـــن القـــدس والمســـجد األقصـــى مـــن خـــال‬
‫تعزيـــز صمودهـــم ودعمهم‪ ،‬ولهـــم في قلوب‬
‫المقدسيين والشـــعب الفلسطيني مكانة كبيرة‪،‬‬
‫مشيراً إلى أن الكويت الشقيقة لم تبخل بأي شيء عن‬
‫مدينـــة القدس ودائم ًا في طليعة مـــن يدافع عنها في‬
‫كافة المحافل‪.‬‬
‫فلسطين المحتلة‪ :‬مها العواودة‬
‫أكد الشيخ محمد حسين في‬
‫حديثه ل�«المجتمع» أن االحتالل‬
‫ش���ي���د م���دي���ن���ة ت���ح���ت ال���ق���دس‬
‫المحتلة‪ ،‬من خ��الل الحفريات‬
‫ال��ت��ي ق���ام ب��ه��ا ت��ح��ت األح��ي��اء‬
‫العربية في المدينة المقدسة‬
‫التي باتت معرضة للدمار في‬
‫ح���ال ت��ع��رض��ه��ا ل���زل���زال أو أي‬
‫كوارث طبيعية‪.‬‬
‫وأشار الشيخ حسين إلى أن‬
‫إج��راءات االحتالل في القدس‬
‫لن تمنع الفلسطينيين من شد‬
‫الرحال للمسجد األقصى خالل‬
‫شهر رم��ض��ان ال��م��ب��ارك‪ ،‬ال��ذي‬
‫له روحانيات وطقوس إيمانية‬
‫مميزة خالل الشهر الفضيل‪.‬‬
‫«المجتمع» ح���اورت الشيخ‬
‫محمد حسين حول ما تتعرض‬
‫له القدس من مخططات تهويد‪،‬‬
‫وماذا قال عن قمة القدس التي‬
‫ع��ق��دت ف��ي المملكة العربية‬
‫السعودية التي اتخذت قرارات‬
‫مهمة‪ ،‬وكيف تبدو أج��واء شهر‬
‫رمضان المبارك في القدس وما‬
‫المطلوب عربياً وإسالمياً‪.‬‬
‫ً‬
‫وحكومة‬
‫< الكويت أم��ي��ر ًا‬
‫وشعب ًا سجلوا م��واق��ف نبيلة‬
‫ت��ج��اه القضية الفلسطينية‬
‫خ��اص��ة م��دي��ن��ة ال���ق���دس‪ ،‬لو‬
‫حدثتنا عن هذا الموضوع؟‬
‫ ب���داي���ة ن��ت��وج��ه بالشكر‬‫والتقدير للشعب الكويتي قيادة‬
‫اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ ﺷﺮﻳﻚ‬
‫ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ‬
‫ﻓﻲ ﺛﺒﺎﺗﻪ وﺻﺒﺮه‬
‫وﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻻﺣﺘﻼل‬
‫إﺟﺮاءات اﻻﺣﺘﻼل ﻟﻦ‬
‫ﺗﻤﻨﻊ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ‬
‫ﻣﻦ ﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎل‬
‫ﻟﻠﻤﺴﺠ‪M‬ﺪ اﻷﻗﺼ‪M‬ﻰ‬
‫ﺧﻼل رﻣﻀﺎن‬
‫وش���ع���ب���اً ع�����ل�����ى دع���م���ه���م‬
‫ال��م��ت��واص��ل ل��ل��ق��دس‪ ،‬والشعب‬
‫الكويتي الشقيق يحتضن القضية‬
‫الفلسطينية‪ ،‬والكويت في طليعة‬
‫من يساند قضيتنا خاصة القدس‬
‫في جميع المجاالت السياسية‬
‫واالق��ت��ص��ادي��ة‪ ،‬والدبلوماسية‬
‫وال��ق��ان��ون��ي��ة‪ ،‬ول��ل��ك��وي��ت مكانة‬
‫خاصة ف��ي قلوب أه��ل القدس‬
‫وفلسطين ب��وق��وف��ه��ا المشرف‬
‫إلى جانب الشعب الفلسطيني‪،‬‬
‫الشعب الكويتي ش��ري��ك كبير‬
‫للشعب الفلسطيني ف��ي ثباته‬
‫وص���ب���ره وم��ق��اوم��ة االح���ت���الل‪،‬‬
‫فهو يشاركنا في تعزيز قدراتنا‬
‫خ��اص��ة ب��ال��ق��دس ف��ي مواجهة‬
‫االحتالل‪.‬‬
‫< ما األوض��اع التي تعيشها‬
‫المدينة المقدسة ف��ي ظل‬
‫عمليات التهويد والتهجير‬
‫واالق���ت���ح���ام���ات ال��م��ت��واص��ل��ة‬
‫لألقصى؟‬
‫ األوضاع صعبة للغاية في‬‫مدينة القدس والمسجد األقصى‬
‫المبارك ال��ذي يخضع لحصار‬
‫م��ن قبل االح��ت��الل‪ ،‬حيث يمنع‬
‫الكثير من سكان الضفة الغربية‬
‫المحتلة م��ن دخ���ول المسجد‬
‫األقصى المبارك للصالة فيه‪،‬‬
‫وهناك قضية خطيرة مستمرة‬
‫تتمثل في عملية العربدة التي‬
‫يقوم بها المستوطنون من خالل‬
‫اقتحاماتهم العدوانية المتواصلة‬
‫ل��أق��ص��ى ب��ح��راس��ة وح��م��اس��ة‬
‫جنود االحتالل‪ ،‬حيث يدنسون‬
‫األقصى‪ ،‬ويستبيحون كل شيء‬
‫ف���ي���ه‪ ،‬وه�����ذا م���س���اس خطير‬
‫بمشاعر المسلمين والعرب حين‬
‫يرون هؤالء المستوطنين يدنسون‬
‫أقصاهم‪ ،‬رغم قلة اإلمكانيات‬
‫وه�����ذه ال���ع���رب���دة م���ن ق��ط��ع��ان‬
‫ال��م��س��ت��وط��ن��ي��ن م����ازال الشعب‬
‫الفلسطيني صابراً مرابطاً في‬
‫أقصاه يصدون ما باستطاعتهم‬
‫ع������دوان ال��م��س��ت��وط��ن��ي��ن على‬
‫األقصى‪ ،‬أهل القدس على العهد‬
‫بالحفاظ على قدسهم وتاريخهم‬
‫وعروبتهم‪ ،‬وه��م األوف��ي��اء لهذه‬
‫المدينة المقدسة العظيمة‪.‬‬
‫< كم عدد الكنس اليهودية‬
‫التي تم تشييدها خاصة في‬
‫م��ح��ي��ط ال��م��س��ج��د األق��ص��ى‪،‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫وعمليات التهويد والحفر التي‬
‫تتواصل ليل نهار؟‬
‫ ع��م��ل��ي��ات ال��ح��ف��ري��ات لم‬‫ت��ت��وق��ف م��ن��ذ اح��ت��الل ال��ق��دس‬
‫ع���ام ‪1967‬م‪ ،‬ه��ن��اك حفريات‬
‫ف��ي أس��ف��ل المدينة المقدسة‪،‬‬
‫وأسفل جدران األقصى‪ ،‬وتتركز‬
‫الحفريات «اإلسرائيلية» أسفل‬
‫األح���ي���اء ال��ع��رب��ي��ة ف���ي مدينة‬
‫ال���ق���دس‪ ،‬وال����داخ����ل ل��م��ن��اط��ق‬
‫الحفريات تحت القدس يشعر‬
‫أن ه���ن���اك م��دي��ن��ة أخ�����رى تم‬
‫تشيدها تحت القدس من قبل‬
‫االح���ت���الل‪ ،‬وه���ذا م��ا سيعرض‬
‫المدينة المقدس لخطر االنهيار‬
‫في أي لحظة إذا ما ح��دث أي‬
‫زل���زال أو م��ك��روه ال سمح اهلل‪،‬‬
‫وس��ي��ع��رض ال��م��دي��ن��ة المقدسة‬
‫للفناء والدمار‪.‬‬
‫أم������ا ب���خ���ص���وص ال��ك��ن��س‬
‫ال���ي���ه���ودي���ة‪ ،‬ف��ق��د ب��ن��ت دول���ة‬
‫االح��ت��الل أكثر من ‪ 100‬كنيس‬
‫ي���ه���ودي‪ ،‬وأغ��ل��ب ه���ذه الكنس‬
‫هي عبارة عن منازل وعقارات‬
‫للمقدسيين تم االستيالء عليها‬
‫في البلدة القديمة في القدس‪،‬‬
‫ومعظم هذه الكنس هي متاخمة‬
‫تماماً للمسجد األقصى بهدف‬
‫إحكام السيطرة عليه‪.‬‬
‫< «ق��م��ة ال���ق���دس» ال��ت��ي‬
‫ع��ق��دت م��ؤخ��ر ًا أق���رت دع��م� ًا‬
‫بقيمة ‪ 150‬مليون دوالر من‬
‫ق��ب��ل ال��س��ع��ودي��ة للمدينة‬
‫المقدسة‪ ،‬ورفضت كل القرارات‬
‫األمريكية بخصوص القدس‪،‬‬
‫كيف تنظرون لهذه الخطوة‬
‫العربية؟ وما وقعها عليكم؟‬
‫ ك��ل��ه��ا ج���ه���ود ب��االت��ج��اه‬‫ال���ص���ح���ي���ح ل����دع����م ال��م��دي��ن��ة‬
‫المقدسة‪ ،‬أن يطلق على القمة‬
‫ال��ع��رب��ي��ة ف��ي ال��س��ع��ودي��ة «قمة‬
‫القدس»‪ ،‬فهذا يعني أن القدس‬
‫ه���ي ال��ق��ض��ي��ة األول������ى ل��أم��ة‬
‫ال��ع��رب��ي��ة وم���ح���ور اه��ت��م��ام��ه��ا‪،‬‬
‫وال��ق��دس دائ��م�اً بالمناسبة هي‬
‫ف��ي ق��ل��وب ال��ع��رب والمسلمين‬
‫ف��ي ك��ل ب��ق��اع ال��ع��ال��م‪ ،‬والتأكيد‬
‫ف��ي ق����رارات ال��ق��م��ة بخصوص‬
‫رف��ض ق����رارات واش��ن��ط��ن حول‬
‫نقل سفارتها للقدس المحتلة‪،‬‬
‫واع���ت���ب���ار ال��رئ��ي��س األم��ري��ك��ي‬
‫«دونالد ترمب» القدس عاصمة‬
‫موحدة لالحتالل‪ ،‬وأنبه هنا أنه‬
‫يجب الحفاظ على كل القرارات‬
‫العربية التي ات��خ��ذت ف��ي قمم‬
‫سابقة ح��ول ما يتعلق بالقدس‬
‫وحمايتها‪ ،‬وأال تمر قرارات نقل‬
‫بعض ال��دول لسفاراتها للقدس‬
‫أس�����وة ب��واش��ن��ط��ن‪ ،‬وال���وق���وف‬
‫بمواقف عربية صلبة تكسر كل‬
‫من يحاول كسر حرمة القدس‪،‬‬
‫فهي مدينة محتلة‪ ،‬وتنطبق عليها‬
‫قرارات الشرعية الدولية‪ ،‬وقرار‬
‫نقل السفارات للقدس مخالف‬
‫للقوانين الدولية‪ ،‬والقدس هي‬
‫ع��اص��م��ة ال��دول��ة الفلسطينية‬
‫العتيدة‪.‬‬
‫< م���ا أه�����داف االح��ت��ال‬
‫م��ن تصعيد عمليات اإلبعاد‬
‫والتهجير بحق المقدسيين؟‬
‫ ه���ي م����ح����اوالت ت��ه��دف‬‫لتخويف وترويع أهالي القدس‪،‬‬
‫وم��ن��ع م��ق��اوم��ت��ه��م ل��الح��ت��الل‪،‬‬
‫خ��اص��ة م���ع ت��ص��اع��د م��ق��اوم��ة‬
‫المقدسيين إلجراءات االحتالل‬
‫ال��ت��ي ت��ه��دف لشطب المدينة‬
‫ال��م��ق��دس��ة‪ ،‬م��ن خ���الل تهجير‬
‫سكانها منها وتعزيز االستيطان‬
‫في المدينة المقدسة‪ ،‬كما أن‬
‫هناك عمليات رب��اط مستمرة‬
‫في المسجد األقصى من قبل‬
‫ال��م��ق��دس��ي��ي��ن والفلسطينيين‬
‫إلحباط محاوالت المستوطنين‬
‫اقتحام األقصى‪ ،‬وكل محاوالت‬
‫االحتالل بحق القدس من إبعاد‬
‫وتهجير ل��ن تثني سكانها عن‬
‫مواصلة صمودهم في القدس‬
‫واألقصى المبارك لحمايته من‬
‫ال��ت��ه��وي��د رغ���م اإلب��ع��اد وسحب‬
‫اإلق���ام���ات وال��ت��ه��دي��د بالقتل‪،‬‬
‫واالع��ت��ق��االت‪ ،‬وح��ت��م�اً سيرحل‬
‫االح���ت���الل ول����ن ي��ك��س��ر إرادة‬
‫‪51‬‬
‫المقدسة لتعيق حركة المصلين‬
‫والزوار لأقصى‪.‬‬
‫اﻻﺣﺘﻼل أﻧﺸﺄ أﻛﺜﺮ‬
‫ﻣﻦ ‪ ١٠٠‬ﻛﻨﻴﺲ ﻳﻬﻮدي‬
‫وأﻏﻠﺒﻬﺎ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ‬
‫ﻣﻨﺎزل ﻟﻠﻤﻘﺪﺳﻴﻴﻦ ﺗﻢ‬
‫اﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫»ﻗﻤﺔ اﻟﻘﺪس« ﺷﻜﻠﺖ‬
‫ً‬
‫درﻋﺎ واﻗﻴﺔ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ‬
‫اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ‪ ..‬واﻻﺣﺘﻼل‬
‫ﺷﻴﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺤﻔﺮﻳﺎت ﺗﺤﺘﻬﺎ‬
‫الصمود الفلسطينية‪.‬‬
‫< ك��ي��ف ت���ب���دو األوض�����اع‬
‫ف��ي ال��ق��دس قبل وأث��ن��اء شهر‬
‫رمضان؟‬
‫ رغ�����م ك����ل اإلج��������راءات‬‫ال��ع��دوان��ي��ة الشرطية واألمنية‬
‫وت���ح���وي���ل االح����ت����الل ل��ل��ق��دس‬
‫ومحيطها لثكنة عسكرية خالل‬
‫شهر رم��ض��ان ال��م��ب��ارك‪ ،‬ونشر‬
‫ال��ك��ام��ي��رات ف��ي ك��اف��ة ش���وارع‬
‫القدس‪ ،‬فإن الشعب الفلسطيني‬
‫ف���ي ال���ق���دس ي��س��ت��ق��ب��ل��ون ه��ذا‬
‫ال��ش��ه��ر ال��ف��ض��ي��ل ب��ك��ل همة‬
‫ونشاط‪ ،‬ي��ؤدون صالة التراويح‬
‫في باحاته‪ ،‬ولرمضان نفحات‬
‫خ��اص��ة ب��ه ف��ي م��دي��ن��ة ال��ق��دس‬
‫التي تتزين كل عام حين استقبال‬
‫الشهر ال��م��ب��ارك‪ ،‬وال��ك��ل يشد‬
‫ال��رح��ال لأقصى للصالة فيه‪،‬‬
‫وشد الرحال إليه هدفه تعزيز‬
‫ص��م��ود األق��ص��ى وال��ق��دس في‬
‫وجه االحتالل‪ ،‬والحصول على‬
‫األج���ر المضاعف ف��ي الصالة‬
‫في األقصى خالل شهر رمضان‬
‫ال���م���ب���ارك‪ ،‬رغ����م اإلج�������راءات‬
‫العسكرية التي تفرضها شرطة‬
‫االحتالل على مداخل المدينة‬
‫< لو تحدثنا عن القائمة‬
‫الذهبية في القدس؟‬
‫ ح��ق��ي��ق��ة‪ ،‬ه���ن���اك إخ���وة‬‫وأخ����وات م��ن ح���راس األق��ص��ى‬
‫واألوق���������������اف ف������ي ال����ق����دس‬
‫وال���م���راب���ط���ي���ن ف����ي األق���ص���ى‬
‫يدافعون عن القدس واألقصى‬
‫بكل م��ا يمكن أن يدافعوا عنه‬
‫من قوة وبسالة وشجاعة‪ ،‬هؤالء‬
‫يطلق عليهم القائمة الذهبية‪،‬‬
‫هم يشرفون األمة‪ ،‬على القائمة‬
‫البيضاء‪ ،‬يجب أن تكتب أسماء‬
‫ه��ؤالء ب��ح��روف م��ن ذه��ب‪ ،‬وقد‬
‫م��ن��ع��ه��م االح���ت���الل م���ن دخ���ول‬
‫القدس واألقصى‪ ،‬ووضعهم على‬
‫القائمة ال��س��وداء‪ ،‬وق��رر فرض‬
‫كثير من العقوبات بحقهم‪ ،‬هؤالء‬
‫هم شرف األمة وتحية لهم على‬
‫صمودهم‪.‬‬
‫< م��ا رس��ال��ت��ك��م لألمتين‬
‫العربية واإلسامية لمواجهة‬
‫مخططات االحتال للنيل من‬
‫القدس واألقصى؟‬
‫ ن���ق���ول‪ :‬ال���ق���دس أم��ان��ة‬‫العرب‪ ،‬وعهد في رقاب العرب‬
‫والمسلمين جميعاً‪ ،‬ورث��وا هذا‬
‫العهد منذ خالفة أمير المؤمنين‬
‫عمر بن الخطاب‪ ،‬حين استلم‬
‫مفاتيح القدس بعد فتحها‪ ،‬وعلى‬
‫ال��ك��ل ال��ع��رب��ي والمسلم خدمة‬
‫القدس كل في مكان مسؤوليته‪،‬‬
‫وآن األوان لتحمل المسلمين‬
‫مسؤوليتهم الدينية على القدس‪،‬‬
‫والحفاظ عليها ومقدساتها‪ ،‬وأال‬
‫يلحق بها أي ضرر‪ ،‬ودعمها في‬
‫المحافل الدولية الدبلوماسية‪،‬‬
‫وال��ق��ان��ون��ي��ة‪ ،‬وإرس�����ال رس��ال��ة‬
‫للعالم أجمع أن األم��ة العربية‬
‫ال تفرط في أقصاها وقدسها‪،‬‬
‫وأنها مدينة عربية محتلة يجب‬
‫دعمها م��ن أج��ل ال��خ��الص من‬
‫االح���ت���الل‪ ،‬وال��ت��أك��ي��د ف���ي كل‬
‫المحافل الدولية أنها عاصمة‬
‫الدولة الفلسطينية‪>.‬‬
‫‪52‬‬
‫حوار‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫المتخصص في شؤون القرن األفريقي د‪ .‬إدريس جميل لـ«المجتمع» (‪:)2 - 2‬‬
‫دور مصر بالقرن‬
‫األفريقي يتقلص‪..‬‬
‫ودور إثيوبيا‬
‫يتوسع‬
‫تركز حديثنا في العـــدد الماضي مع د‪ .‬إدريس جميل‪،‬‬
‫المتخصص في شـــؤون القرن األفريقي‪ ،‬على أهمية‬
‫منطقة القـــرن األفريقي اإلســـتراتيجية والـــدول التي‬
‫تؤثـــر فيها وتتأثر بهـــا‪ ،‬وعن ثرواتهـــا الطبيعية غير‬
‫المســـتغلة والعوائق التي تمنع دولها من االستفادة‬
‫من تلك المميزات الهائلة التي يمكن أن تحول دولها‬
‫إلى دول أغنى وأعمق تأثيراً في مجريات األحداث وفي‬
‫مصير العالم التي تقع منه فـــي هذا الموقع المتميز‬
‫وتحتل من ثروته هذا الكم الضخم‪.‬‬
‫أجرى الحوار‪ :‬جمال خطاب‬
‫< كم تبلغ نسبة المسلمين‬
‫في إثيوبيا؟‬
‫ النسبة غير متفق عليها‪،‬‬‫لكن المسلمين اإلثيوبيين يعتبرون‬
‫أنفسهم أنهم األكثرية‪ ،‬أما النسب‬
‫المعلنة فهي متضاربة‪ ،‬وهناك‬
‫من يقول‪ :‬إنها أق��ل بكثير مما‬
‫يعتقد المسلمون‪ ،‬على ك � ّل أنا‬
‫أقدر أن نسبة المسلمين ليست‬
‫بأقل من ‪ %50‬إن لم تكن أكثر‪.‬‬
‫< نظام الحكم في إثيوبيا‪،‬‬
‫هل هو طائفي أم عرقي؟‬
‫ ح��ك��م��ت إث��ي��وب��ي��ا تقريباً‬‫خ���ال ال������‪ 200‬س��ن��ة الماضية‬
‫ق��وم��ي��ت��ان م��س��ي��ح��ي��ت��ان؛ هما‬
‫ال��ت��ج��راي واألم���ه���را‪ ،‬أم���ا بقية‬
‫ال��ق��وم��ي��ات ب��م��ا ف��ي��ه��ا أوروم����و‬
‫الكبيرة فلم يكن لها ح��ظ في‬
‫الحكم‪ ،‬إ ّال أنها (أوروم����و) في‬
‫الوقت الحالي ظهرت كقوة مؤثرة‬
‫في المعادلة السياسية؛ حيث إنه‬
‫ألول مرة يأتي رئيس وزراء من‬
‫قومية أورومو في التاريخ‪ ،‬وذلك‬
‫ألن ن��ظ��ام اإلم��ب��راط��ور «هيلي‬
‫س���اس���ي» ك���ان ي��ح��ك��م إث��ي��وب��ي��ا‬
‫بالتحالف ال��ث��اث��ي (الكنيسة‪،‬‬
‫األس��رة المالكة‪ ،‬اإلقطاعيين)‪،‬‬
‫وعندما سيطر «منجستو هيلي‬
‫م��اري��ام» على حكم ال��ب��اد عزز‬
‫م���رك���زه ب��ق��وة ال���س���اح وال��ق��ه��ر‬
‫وال��ق��م��ع‪ ،‬ح��ي��ث ل���م ي��ف��رق بين‬
‫ال��ق��وم��ي��ات ك��أس��اف��ه‪ ،‬كما قام‬
‫ب��ف��ك االرت���ب���اط ب��ي��ن الكنيسة‬
‫القبطية وال���دول���ة م��ن ناحية‪،‬‬
‫واإلقطاعيين واألس���رة المالكة‬
‫من ناحية أخرى‪.‬‬
‫وتطرق الحديث أيض ًا إلى إريتريا‪ ،‬هذه الدولة األفريقية‬
‫التي تحتل موقع ًا إستراتيجي ًا عالمي ًا بارزاً‪ ،‬لكنها تعاني‬
‫من الفقر وعدم االستقرار‪.‬‬
‫وفي هذا العدد نتطرق للحديث عن دولة محورية‬
‫مهمة هي إثيوبيا‪ ،‬وأهميتها ودورها‪ ،‬ليس على‬
‫مســـتوى القرن األفريقي وحده لكن على مستوى‬
‫القـــارة األفريقيـــة كلهـــا‪ ،‬باإلضافة إلـــى بعض‬
‫القضايا والشـــؤون األخرى المؤثرة والمتأثرة بهذه‬
‫المنطقة‪.‬‬
‫ف��ب��إع��ان��ه ت��ل��ك اإلج����راءات‬
‫أصبحت تلك القوميات لها الحق‬
‫في الوظائف العامة؛ كالتعليم‬
‫والجندية والتمثيل في المجالس‬
‫ال��ن��ي��اب��ي��ة وغ���ي���ره���ا‪ ،‬وت��ح��ق��ق‬
‫ل��ه��ا أي��ض �اً م��ك��اس��ب ك��ب��ي��رة من‬
‫اإلص��اح الزراعي بعد تأميمها‬
‫من الكنيسة‪ ،‬واألس��رة المالكة‪،‬‬
‫واإلقطاعيين‪.‬‬
‫وت���دور ح��رك��ة ال��ت��اري��خ مرة‬
‫أخ��رى في ع��ام ‪1991‬م‪ ،‬وي��ؤول‬
‫ال��ح��ك��م ف��ي إث��ي��وب��ي��ا للتجراي‬
‫أصحاب مملكة أكسوم التاريخية‬
‫وحلفائهم من القوميات األخرى‪،‬‬
‫ويعلنون ميثاقاً ج��دي��داً للحكم‬
‫في إثيوبيا يؤكد ضمان حقوق‬
‫القوميات‪ ،‬وحل مشكاتها عبر‬
‫إق��ام��ة ح��ك��م ذات����ي (ف��ي��درال��ي��ة‬
‫إثنية) يمنح القوميات حق إدارة‬
‫ش��ؤون��ه��م وح��ق تقرير المصير‬
‫ح��ت��ى االن��ف��ص��ال إذا هضمت‬
‫حقوقهم أو تم التنكر لها‪.‬‬
‫ه����ذا ال��ج��و م���ن ال��ح��ري��ات‬
‫واالنعتاق ال شك قد أفرز وضعاً‬
‫أفضل للقوميات اإلثيوبية مثل‬
‫أورومو‪ ،‬والصومال‪ ،‬والعفر‪ ،‬وبني‬
‫شنقول‪ ،‬وج��وراق��ي‪ ،‬واألدرى‪..‬‬
‫إلخ‪ ،‬لذا فإن قومية أورومو كأكبر‬
‫مك ّون اجتماعي في الباد متجهة‬
‫إل��ى أخ��ذ حجمها الحقيقي في‬
‫حكم إثيوبيا‪.‬‬
‫لكن دور المسلمين ما زال‬
‫< َّ‬
‫محدوداً‪ ،‬ما سبب ذلك؟‬
‫ رغ����م ك���ث���رة ال��ض��رب��ات‬‫ض����ده����م‪ ،‬ب���س���ب���ب ال����ظ����روف‬
‫التاريخية والحضارية والدينية‪،‬‬
‫ف����إن ال��م��س��ل��م��ي��ن ق���د ي��ص��ل��ون‬
‫إل��ى مقاليد الحكم عبر مركب‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫‪53‬‬
‫ينكمش‪ ،‬وبالمقابل ب��دأ تنامي‬
‫نفوذ دول أخرى في المنطقة‪.‬‬
‫ﻣﺴﻠﻤﻮ إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﻗﺪ‬
‫ﻳﺼﻠﻮن ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺮﻛﺐ اﻟﻘﻮﻣﻴﺎت‬
‫ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ اﻷﻛﺜﺮﻳﺔ‬
‫»ﻣﻨﺠﺴﺘﻮ« ﻗﺎم ﺑﻔﻚ‬
‫اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﻴﻦ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ‬
‫اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ واﻟﺪوﻟﺔ‬
‫ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ واﻹﻗﻄﺎع‬
‫واﻷﺳﺮة اﻟﻤﺎﻟﻜﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى‬
‫القوميات‪ ،‬باعتبارهم األكثرية‪،‬‬
‫وم���ن إي��ج��اب��ي��ات ال��ف��ي��درال��ي��ات‬
‫اإلثنية استطاع المسلمون أن‬
‫ي��ع�� ّب��روا ب���وض���وح ع���ن هويتهم‬
‫ال��دي��ن��ي��ة‪ ،‬وثقافاتهم المكبوتة‬
‫ف���ي دواخ��ل��ه��م ل���ق���رون م��ض��ت‪،‬‬
‫فأصبحت المظاهر اإلسامية‬
‫ف��ي إث��ي��وب��ي��ا م��أل��وف��ة؛ م��ن بناء‬
‫المساجد‪ ،‬ودور العلم‪ ،‬ومظاهر‬
‫األع���ي���اد اإلس��ام��ي��ة‪ ،‬ونشطت‬
‫حركة الدعاة‪ ،‬وانتشرت الكتب‬
‫اإلس���ام���ي���ة وت���ع���ددت وس��ائ��ل‬
‫ن��ش��ره��ا‪ ،‬ك��م��ا ازدادت ح��رك��ة‬
‫ال��م��س��ل��م��ي��ن ف���ي س����وق ال��م��ال‬
‫واألعمال‪.‬‬
‫أما من الناحية السياسية‪،‬‬
‫ف��ه��م ي��ن��ش��ط��ون ض��م��ن ن��ظ��ام‬
‫ال��ف��ي��درال��ي��ة اإلث��ن��ي��ة‪ ،‬ورغ���م أن‬
‫المسلمين ق��د ش��ه��دوا ت��ط��وراً‬
‫معقوالً ‪-‬إل��ى حد م��ا‪ -‬سياسياً‬
‫واق��ت��ص��ادي�اً وتعليمياً منذ عام‬
‫‪1991‬م إل��ى يومنا ه��ذا‪ ،‬فإنهم‬
‫لم يأخذوا حجمهم الحقيقي في‬
‫تاريخ وحضارة إثيوبيا العريقة‬
‫كأكبر مك ّون اجتماعي في الباد‪.‬‬
‫< ل���م���اذا ال��ج��ه��از اإلداري‬
‫للدولة به القليل من المسلمين؟‬
‫ وض�����ع ال��م��س��ل��م��ي��ن ف��ي‬‫إدارة ال���دول���ة اإلث��ي��وب��ي��ة ك��ان‬
‫ف��ي السابق يندر وج��وده��م في‬
‫المناصب الحساسة‪ ،‬لكن في‬
‫الوقت الحالي يعتقد أن هناك‬
‫تحسناً في هذا األم��ر‪ ،‬وخاصة‬
‫في الجهاز المدني بعد تطبيق‬
‫ال��ن��ظ��ام ال��ف��ي��درال��ي‪ ،‬ح��ي��ث إن‬
‫عددهم ليس بقليل‪.‬‬
‫< إذاً‪ ،‬تغيير نظم إدارة الحكم‬
‫خدم المسلمين‪ ،‬أليس كذلك؟‬
‫ ن��ع��م‪ ،‬س��اع��د المسلمين‬‫وك��ذل��ك ال��م��ج��م��وع��ات األخ���رى‬
‫المهمشة‪ ،‬على سبيل المثال؛‬
‫حين قام «منجستو» بإنهاء حكم‬
‫األس��رة المالكة وإبعاد الكنيسة‬
‫واإلقطاعيين من مؤسسة الحكم‪،‬‬
‫وقام باإلصاح الزراعي وتوزيع‬
‫األراض�����ي ع��ل��ى م��ن يصلحها‪،‬‬
‫بهذا يكون قد ساوى بين جميع‬
‫القوميات غرماً وغنماً‪ ،‬وعندما‬
‫ُطبقت الفيدرالية اإلثنية أفادت‬
‫ال��م��س��ل��م��ي��ن ك��غ��ي��ره��م‪ ،‬وع��ل��ى‬
‫الرغم من التحسن الكبير في‬
‫أوضاعهم‪ ،‬فإن تمثيلهم الحقيقي‬
‫في أجهزة الدولة العليا لم يصل‬
‫بعد‪.‬‬
‫< ه��ل أب��ن��اء قومية أوروم��و‬
‫كلهم مسلمون؟‬
‫ األغلبية منهم مسلمون‪،‬‬‫لكنهم اآلن يتحركون كقومية‪،‬‬
‫وم�����ؤخ�����راً ق����ام����وا ب���ح���رك���ات‬
‫اح��ت��ج��اج��ي��ة أج��ب��رت الحكومة‬
‫على التراجع عن بعض قراراتها‬
‫التي تمس حقوقهم في األراضي‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫< ه����ل ه���ن���اك م���ح���اوالت‬
‫لتوحيد دول القرن األفريقي؟‬
‫ منظمة «إيجاد» تعمل على‬‫ت��ك��ام��ل دول ال��ق��رن األف��ري��ق��ي‪،‬‬
‫لكن نشاطها تقلص بعد الحرب‬
‫اإلريترية اإلثيوبية‪ ،‬وكذلك بسبب‬
‫مشكات ال��ص��وم��ال وال��س��ودان‬
‫الداخلية‪ ،‬وتعتبر إثيوبيا دولة‬
‫محورية في هذه المنظمة‪.‬‬
‫< وأي��ن ال���دور المصري في‬
‫هذه المنطقة؟‬
‫ كان للدولة المصرية نفوذ‬‫ف��ي منطقة ال��ق��رن األف��ري��ق��ي‬
‫عبر التاريخ‪ ،‬ولكن ه��ذا ال��دور‬
‫بدأ ينكمش ويتقلص على األقل‬
‫م��ن��ذ ب��داي��ة ع��ه��د «ال���س���ادات»‪،‬‬
‫ول���م ت��ع��د م��ص��ر ت��ه��ت��م ب��ال��ق��ارة‬
‫األف���ري���ق���ي���ة وخ���ص���وص���اً ه��ذه‬
‫المنطقة اإلستراتيجية‪ ،‬وبدأت‬
‫تختفي بالتدريج قوتها الناعمة‬
‫المتمثلة في البعثات األزهرية‬
‫والطبية والشركات االستثمارية‬
‫والفعاليات المدنية والمجتمعية‬
‫األخ��رى‪ ،‬وب��دأ النفوذ المصري‬
‫< هل تتلقى إثيوبيا دعم ًا‬
‫ومساندة من الخارج من أجل ملء‬
‫هذا الفراغ؟‬
‫ إن ال��ت��ط � ّورات اإلثيوبية‬‫الحالية مسنودة بثاثة عوامل‪:‬‬
‫ال��ق��وة ال��ذات��ي��ة ال��ت��ي تتمثل في‬
‫الدبلوماسية العريقة المكتسبة‬
‫من ممارسات الدولة اإلثيوبية‬
‫الطويلة‪ ،‬مع أدائها االقتصادي‬
‫المعقول في الوقت الحالي الذي‬
‫جعلها قوة سياسية واقتصادية‬
‫ص��اع��دة ف��ي المنطقة‪ ،‬وأخ��رى‬
‫مكتسبة بحكم عضويتها في‬
‫المنظمات اإلقليمية والدولية‬
‫وخاصة منظمة الوحدة األفريقية‬
‫ال��ت��ي تحتضن م��ق��ره��ا‪ ،‬إضافة‬
‫إلى القبول المعنوي الذي تجده‬
‫إثيوبيا في الدول الغربية لعوامل‬
‫ت��اري��خ��ي��ة وح���ض���اري���ة‪ ،‬وأخ���رى‬
‫سياسية‪ ،‬لكل ذلك يتوقع تزايد‬
‫ن��ف��وذه��ا ف��ي المنطقة وخاصة‬
‫إذا نجحت في التنمية والتحول‬
‫الديمقراطي‪.‬‬
‫< ال��ع��اق��ات الصهيونية‬
‫م���ع ال��ح��ك��وم��ت��ي��ن اإلري��ت��ري��ة‬
‫ويعتقد أن‬
‫واإلثيوبية ق��وي��ة‪ُ ،‬‬
‫الكيان الصهيوني يدعم بناء‬
‫«سد النهضة» الذي سيضر مصر‪،‬‬
‫كيف تفسر ذلك؟‬
‫ إن الموقع اإلستراتيجي‬‫ل��دول ال��ق��رن األفريقي يكتسب‬
‫أه��م��ي��ة إس��ت��رات��ي��ج��ي��ة بالنسبة‬
‫ل��أم��ن ال��ق��وم��ي «اإلس��رائ��ي��ل��ي»‪،‬‬
‫وب��ن��اء عليه تسعى «إس��رائ��ي��ل»‬
‫إلي��ج��اد ع��م��ق إس��ت��رات��ي��ج��ي في‬
‫البحر األحمر من أج��ل تأمين‬
‫ماحتها التجارية والعسكرية‬
‫العابرة عبر باب المندب‪ ،‬ولفك‬
‫ال��ع��زل��ة ال��م��ف��روض��ة عليها من‬
‫ال��دول اإلسامية والعربية في‬
‫المنطقة‪ ،‬م��ن خ��ال االلتفاف‬
‫الخلفي عليها وتطويقها وخلق‬
‫ع���اق���ة وط����ي����دة م����ع إث��ي��وب��ي��ا‬
‫م��ن��ذ ع��ه��د اإلم��ب��راط��ور «هيلي‬
‫‪54‬‬
‫حوار‬
‫س��اس��ي» ال���ذي ك��ان ه��و نفسه‬
‫يرى أن إثيوبيا جزيرة مسيحية‬
‫تقع وس��ط بحر إس��ام��ي‪ ،‬وأن‬
‫كيانها مهدد بالتمدد اإلسامي‬
‫مثل الكيان «اإلسرائيلي»‪ ،‬وهنا‬
‫ت��ق��اط��ع��ت م��ف��اه��ي��م ال��دول��ت��ي��ن‬
‫ال��ج��ي��وس��ي��اس��ي��ة ف���ي المنطقة‬
‫آنذاك؛ وهي مواجهة السياسات‬
‫اإلستراتيجية العربية للبحر‬
‫األحمر وذل��ك للحيلولة دون أن‬
‫يكون بحيرة إسامية‪.‬‬
‫وب���ن���اء ع��ل��ى ذل�����ك‪ ،‬وق��ع��ت‬
‫الدولتان على اتفاقيات تجارية‬
‫وعسكرية وأمنية‪ ،‬وافتتحت أول‬
‫قنصلية «إسرائيلية» في أديس‬
‫أبابا عام ‪1956‬م‪ ،‬ومنذ البداية‬
‫أظهرت «إسرائيل» عداء للثورة‬
‫اإلري��ت��ري��ة‪ ،‬إال أن خطابها في‬
‫ال��ن��ه��اي��ة ت��ح��ول ب��س��رع��ة عندما‬
‫ت��أك��د لها أن ال��ث��ورة اإلري��ت��ري��ة‬
‫ت��ق��ت��رب م��ن االن��ت��ص��ار‪ ،‬ف��ا بد‬
‫م���ن ال���ت���واص���ل م��ع��ه��ا ح��ت��ى ال‬
‫تخسر ال��م��زاي��ا اإلستراتيجية‬
‫التي تتمتع بها إريتريا‪ ،‬وبالفعل‬
‫بعد استقالها تبادلت الدولتان‬
‫ال��ع��اق��ات الدبلوماسية‪ ،‬وق��ام‬
‫الرئيس اإلريتري بزيارة عاجية‬
‫ل����«إس���رائ���ي���ل»‪ ،‬ع��ل��ى ال��ع��م��وم‪،‬‬
‫ف��إن م��ح��ددات اإلستراتيجية‬
‫«اإلسرائيلية» في المنطقة تقوم‬
‫على اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬وجودها في تلك المنطقة‬
‫الحساسة جزء من أمنها القومي‪.‬‬
‫‪ -2‬خلق حزام خلفي لتطويق‬
‫نفوذ الدول المعادية ل�«إسرائيل»‬
‫في المنطقة‪.‬‬
‫‪ -3‬ت��أم��ي��ن ط���رق ماحتها‬
‫التجارية والعسكرية العابرة عبر‬
‫باب المندب‪.‬‬
‫‪ -4‬إيجاد عمق إستراتيجي‬
‫ف��ي البحر األح��م��ر يمكنها من‬
‫تسديد ضربة سريعة ف��ي باب‬
‫المندب في حالة تعرضها ألي‬
‫هجوم‪.‬‬
‫‪ -5‬ال����س����ع����ي إلض����ع����اف‬
‫التوجهات السياسية ذات التوجه‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫اإلسامي والعربي في المنطقة‪.‬‬
‫< م���اذا ع��ن ت��واج��د ال���دول‬
‫الكبرى وقوى إقليمية أخرى في‬
‫تلك المنطقة؟‬
‫ بالنسبة للواليات المتحدة‬‫األم���ري���ك���ي���ة‪ ،‬ف�����إن وج���وده���ا‬
‫ف��ي منطقة ال��ق��رن األف��ري��ق��ي‬
‫قديم‪ ،‬ول��م يحصل تغيير يُذكر‬
‫ف���ي إس��ت��رات��ي��ج��ي��ت��ه��ا‪ ،‬م��اع��دا‬
‫رب���ط ه���ذه ال��م��ن��ط��ق��ة بمنطقة‬
‫البحيرات العظمى بإستراتيجية‬
‫م��وح��دة؛ وذل���ك ل��اس��ت��ف��ادة من‬
‫ال���ث���روات الطبيعية‪ ،‬وم��ح��ارب��ة‬
‫األصولية والدول المتمردة على‬
‫إستراتيجيتها ف��ي المنطقة‪،‬‬
‫وت�����زاي�����د اه���ت���م���ام ال����والي����ات‬
‫المتحدة بالمنطقة خاصة بعد‬
‫استهداف سفارتيها في تنزانيا‬
‫وكينيا ع��ام ‪1998‬م‪ ،‬وأح���داث‬
‫‪ 11‬سبتمبر‪2001‬م‪ ،‬حيث تبنت‬
‫إستراتيجية التدخل المباشر‬
‫من قاعدتها في جيبوتي أو عبر‬
‫حلفائها في المنطقة‪.‬‬
‫كما فعلت الواليات المتحدة‪،‬‬
‫ف���إن ل��ف��رن��س��ا دوراً وام���ت���داداً‬
‫ف���ي ه����ذه ال��م��ن��ط��ق��ة‪ ،‬وك��ذل��ك‬
‫ال�����دور ال��ص��ي��ن��ي ال����ذي يتمثل‬
‫ف���ي االس���ت���ث���م���ارات ال��ض��خ��م��ة‬
‫والمشاريع اإلستراتيجية‪ ،‬أما‬
‫ع��ن وج��ود ق��وى إقليمية أخ��رى‬
‫متنام من‬
‫فإنه ياحظ اهتمام‬
‫ٍ‬
‫قبل تركيا وإيران‪.‬‬
‫< ك��ي��ف ت��ف��س��ر ل��ن��ا ال���دور‬
‫اإلي���ران���ي ف��ي منطقة ال��ق��رن‬
‫األفريقي؟‬
‫ ياحظ في اآلونة األخيرة‬‫ال���م���ح���اوالت ال��ح��ث��ي��ث��ة إلي����ران‬
‫ل��ل��ت��واج��د ف���ي ت��ل��ك ال��م��ن��ط��ق��ة‬
‫��س���اس���ة؛ ب���ه���دف ال��ض��غ��ط‬
‫ال���ح� ّ‬
‫على القوى العربية ذات النفوذ‬
‫ال��ت��ق��ل��ي��دي ف��ي��ه��ا‪ ،‬م��ث��ل مصر‬
‫والمملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫وك��ذل��ك تحجيم ال���دور التركي‬
‫المتصاعد حالياً‪ ،‬إض��اف��ة إلى‬
‫إرسال رسائل واضحة بأن تواجد‬
‫قطع أسطولها البحري في بحر‬
‫ﻛﺎن ﻟﻤﺼﺮ دور ﻓﺎﻋﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷزﻫﺮ‬
‫واﻟﺒﻌﺜﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ‬
‫وﺷﺮﻛﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر‬
‫وﻟﻜﻨﻪ ﺗﻘﻠﺺ ﺑﺸﺪة‬
‫اﻟﻜﻴﺎن اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ‬
‫ﻳﺴﻌﻰ ﻹﻳﺠﺎد ﻋﻤﻖ‬
‫إﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ‬
‫اﻷﺣﻤﺮ ﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﻣﻼﺣﺘﻪ‬
‫اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‬
‫ﻋﺒﺮ ﺑﺎب اﻟﻤﻨﺪب‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ‬
‫ﻓﻲ إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﺧﺪم‬
‫وﺣﺴﻦ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‬
‫َّ‬
‫وﺿﻌﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺎز‬
‫اﻟﻤﺪﻧﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ‬
‫العرب وخليج عدن وجنوب البحر‬
‫األحمر (باب المندب)؛ بإمكانه‬
‫تعطيل حركة الماحة في هذه‬
‫المنطقة في حالة تعرضها ألي‬
‫هجوم‪.‬‬
‫كما أن هذا التمدد سيسهل‬
‫إلي��ران دع��م األقليات الطائفية‬
‫الموجودة في اليمن ودول شرق‬
‫أفريقيا األخ��رى‪ ،‬ومحاولة خلق‬
‫بؤر طائفية أخرى وسط الكتلة‬
‫السنية كجماعة األح��ب��اش في‬
‫ُّ‬
‫إثيوبيا وغيرها‪ ،‬وكل هذا يحدث‬
‫ف��ي ظ��ل غ��ي��اب ال����دور العربي‬
‫بالمنطقة‪.‬‬
‫< م��ؤخ��راً‪ ،‬الحظنا تنامي‬
‫ال��وج��ود التركي ف��ي الصومال‬
‫وال��س��ودان‪ ،‬م��اذا يهدف األت��راك‬
‫من ذلك؟‬
‫ إن معرفة األتراك ألهمية‬‫منطقة ال��ق��رن األف��ري��ق��ي قديم‬
‫منذ عهد الدولة العثمانية التي‬
‫اهتمت بالتحكم ف��ي المداخل‬
‫والمخارج للبحر األحمر والخليج‬
‫ال��ع��رب��ي‪ ،‬وي���أت���ي ع��ل��ى رأس��ه��ا‬
‫السيطرة على الضفتين الشرقية‬
‫وال��غ��رب��ي��ة ل��ل��م��دخ��ل ال��ج��ن��وب��ي‬
‫للبحر األح���م���ر‪ ،‬وب��ع��د ت��راج��ع‬
‫دور الدولة العثمانية في العالم‬
‫وانسحابها من هذه المناطق لم‬
‫يكن ل��أت��راك دور يُ��ذك��ر فيها‪،‬‬
‫إلى أ ْن شهدت العاقات التركية‬
‫م��ع دول ال��ق��رن األف��ري��ق��ي في‬
‫السنوات القليلة الماضية تط ّوراً‬
‫ملحوظاً‪ ،‬وذلك باهتمامها بحل‬
‫المشكلة الصومالية إلخراجها‬
‫من الفوضى الغارقة فيه منذ ‪25‬‬
‫عاماً‪ ،‬والمساهمة في إعمارها‪،‬‬
‫كما قامت –بالتوازي‪ -‬بعاقات‬
‫دبلوماسية واستثمارات كبيرة في‬
‫مشاريع إستراتيجية في إثيوبيا‬
‫وجيبوتي والسودان‪ ،‬إضافة إلى‬
‫ذل��ك فإنها تسعى للتمركز في‬
‫مناطق إستراتيجية وحساسة في‬
‫المنطقة مثل سواكن وغيرها‪.‬‬
‫< «سد النهضة» في إثيوبيا‬
‫قضية تهم القارئ العربي‪ ،‬فما‬
‫رؤيتك لهذه القضية؟‬
‫ «سد النهضة» أصبح أمراً‬‫واق��ع��اً‪ ،‬وال ب��د م��ن دخ���ول دول‬
‫المنبع والمصب في مفاوضات‬
‫ت���ؤدي إل��ى ات��ف��اق يضمن ل��دول‬
‫المنبع تنمية مواردها المائية‪ ،‬مع‬
‫الحفاظ على حصة دول المصب‪،‬‬
‫وه����ذا م��م��ك��ن إذا ا ّتُ���ف���ق على‬
‫م��لء السد في البداية بطريقة‬
‫تدريجية‪ ،‬وبعد ملء السد ستعود‬
‫األمور إلى طبيعتها إذا أبعد هذا‬
‫الملف من المؤثرات األخرى‪.‬‬
‫< ما األبعاد المختلفة التي‬
‫ترتبط ببناء «سد النهضة»؟‬
‫ البعد االقتصادي بالطبع‪،‬‬‫وك���ذل���ك ال���ب���ع���دان ال��س��ي��اس��ي‬
‫واألم��ن��ي ح��اض��ران ب��ق��وة‪ ،‬وق��د‬
‫يُستخدم كساح في حالة حدوث‬
‫نزاعات بين هذه الدول‪>.‬‬
‫قراءة في كتاب‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫‪55‬‬
‫عرض ومناقشة‪ :‬محمود المنير‬
‫سجناء الجغرافيـا‪ ..‬عشر خرائط‬
‫تفسر كل شيء يتعلق بالعالم‬
‫بيانات الكتاب‪:‬‬
‫الكت���اب‪ :‬س���جناء الجغرافي���ا عش���ر‬
‫خرائط تفسر كل شيء يتعلق بالعالم‪.‬‬
‫تأليف‪ :‬تيم مارشال‪.‬‬
‫الناش���ر‪ :‬مؤسسة س���كربنر‪ ،‬نيويورك‪،‬‬
‫‪.2016‬‬
‫الطبعة األولى‪.2015 :‬‬
‫عدد الصفحات‪ 304 :‬صفحات‪.‬‬
‫نبذة عن المؤلف‪:‬‬
‫«تيم م��ارش��ال» كاتب صحفي إنجليزي‬
‫مخضرم‪ ،‬غطى مناطق ن��زاع في ‪ 30‬بلداً‪،‬‬
‫شملت أفغانستان ويوغوسالفيا السابقة‬
‫والعراق ومنطقة الشرق األوسط‪ ،‬يمتلك خبرة‬
‫واسعة بأحوال أقطار العالم شرقاً وغرباً‪ ،‬كما‬
‫عمل م��راس � ً‬
‫ال خ��ارج��ي�اً للعديد م��ن وسائل‬
‫اإلع���الم المطبوعة والمرئية‪ ،‬منها محطة‬
‫«سكاي نيوز» التلفزيونية‪ ،‬ومحطة «بي بي‬
‫سي»؛ مما ضاعف خبراته الصحفية‪ ،‬وأعطى‬
‫«مارشال» «الربيع العربي» اهتماماً خاصاً‪،‬‬
‫مما جعل منه زائراً دائماً إلى العديد من بؤر‬
‫الصراع في األقطار العربية مثل مصر وتونس‬
‫وليبيا وسورية‪ ،‬ورشحت مدونته «‪Foreign‬‬
‫‪ »Matters‬لجائزة «أوروي���ل ‪ 2010‬للكتابة‬
‫السياسية»‪.‬‬
‫هذا الكتاب‪:‬‬
‫في هذا الكتاب الذي بين أيدينا «سجناء‬
‫الجغرافيا‪ :‬عش ُر خرائط تشرح ك َّل شيء عن‬
‫العالم»‪ ،‬ق��دم المؤلف «تيم م��ارش��ال» رؤيته‬
‫الشاملة عن أثر المناخ والتضاريس الطبيعية‬
‫في فهم إستراتيجيات الجغرافيا السياسية‪،‬‬
‫بما تشمله من تأثير فكري وثقافي في مناطق‬
‫بالغة التعقيد من ه��ذا العالم ال��ذي يشهد‬
‫ت���ح���والت ج��ي��واس��ت��رات��ي��ج��ي��ة‬
‫م��ت��س��ارع��ة‪ ،‬ش��م��ل��ت‪ :‬روس��ي��ا‬
‫والصين وال��والي��ات المتحدة‬
‫وأم��ري��ك��ا الالتينية وال��ش��رق‬
‫األوس���ط وأف��ري��ق��ي��ا وأوروب���ا‬
‫واليابان وك��وري��ا‪ ،‬وجرينالند‬
‫والقطب الشمالي‪.‬‬
‫ي���ق���ول «م�����ارش�����ال»‪ :‬إن‬
‫الهدف من الكتاب هو محاولة‬
‫لفهم أح��داث العالم‪ ،‬وحيث‬
‫إن ال���دول مقيدة جغرافياً‪،‬‬
‫وخ��ي��ارات��ه��ا م��ح��دودة بسبب‬
‫الجبال واألنهار والبحار‪ ،‬فإن‬
‫ال��ن��ظ��رة التحليلية ألح��داث‬
‫ال��ع��ال��م غ��ال��ب�اً م��ا ت��رك��ز على‬
‫ال��ن��اس واألف��ك��ار والحركات‬
‫ال��س��ي��اس��ي��ة‪ ،‬وت��غ��ف��ل العامل‬
‫ال��ج��غ��راف��ي؛ وم���ن ث���� َّم تظل‬
‫ال��ص��ورة ناقصة‪ ،‬تمثل هذه‬
‫ال��خ��ص��ائ��ص ال��م��ادي��ة نقاط‬
‫ضعف أو قوة في هذه البلدان‪،‬‬
‫وتحدد قراراتها المصيرية؛‬
‫وفي سياق هذا الطرح يقدم‬
‫«مارشال» بعض األسئلة مثل‪:‬‬
‫ماذا يعني أ ْن يكون لروسيا أسطول بحري‪،‬‬
‫ف��ي حين أن موانيها متجمدة ستة أشهر‬
‫ف��ي ال��ع��ام؟ وكيف تؤثر ه��ذه ال��ظ��روف على‬
‫العمليات في أوكرانيا؟ ما مستقبل الصين‬
‫توحد‬
‫المق َّيدة جغرافياً؟ وم��ا أسباب ع��دم ّ ُ‬
‫أوروب���ا بشكل ك��ام��ل؟ وغيرها م��ن األسئلة‬
‫الصعبة التي تحسم سطوة الجغرافيا بطالقة‬
‫اإلجابة عنها!‬
‫حديث الخرائط‬
‫يكشف «مارشال» عن أسرار الجغرافيا‬
‫التي تحرك السياسات الخارجية لمعظم‬
‫الدول‪ ،‬واصفاً إياها بأنها «حديث الخرائط»‪،‬‬
‫ذلك ألنه بغير فهم الجغرافيا ال يمكن إدراك‬
‫الصورة الكاملة للتغيرات الجيواستراتيجية‬
‫في العالم‪ ،‬ومن ثم تفسير تحركات الكثير من‬
‫الدول وخيارات قادتها السياسية‪ ،‬فمن خالل‬
‫عشرة فصول‪ ،‬وعشر خرائط تغطي مناطق‬
‫القوى العالمية المؤثرة‪ ،‬يشرح ويعلل كيف‬
‫ش َّكلت الجغرافيا ليس فقط التاريخ في هذه‬
‫المنطقة‪ ،‬بل مصيرها أيضاً‪.‬‬
‫وينطلق «م���ارش���ال» م��ن ف��ك��رة محورية‬
‫تؤكد أن جغرافيات ال��دول –تاريخياً‪ -‬هي‬
‫التي حددت مسالكها لكثير من أجزاء العالم‪،‬‬
‫وال يزال هذا األمر حاكماً ثم لم تزل الدول‬
‫وساستها «أسرى ‪ -‬سجناء الجغرافيا»‪ ،‬ويعود‬
‫تيم م��ارش��ال ف��ي بحثه للتاريخ مقارناً بما‬
‫‪56‬‬
‫قراءة في كتاب‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫يحدث في عالمنا المعاصر‪ ،‬تارة‪ ،‬ويتوقف‪،‬‬
‫تارة أخرى‪ ،‬عند بعض التضاريس الجغرافية‬
‫المهمة من أنهار‪ ،‬وجبال‪ ،‬وبحار‪ ،‬ومضايق‬
‫وج���زر‪ ..‬إل���خ‪ ،‬ليلقي ال��ض��وء على أهميتها‬
‫في تحديد الجغرافيات الجديدة والنزوح‬
‫السكاني إليها ومنها عقب الحروب وأسباب‬
‫تلك التحركات‪.‬‬
‫ون��ظ��راً التساع مساحات البحث‪ ،‬فلقد‬
‫اختار «م��ارش��ال» أن يركز بحثه على القوى‬
‫العالمية الراهنة وعلى المناطق الحيوية في‬
‫عالمنا المعاصر‪ ،‬وليس على كل دول��ة على‬
‫حدة؛ لذا قسم كتابه إلى عشرة فصول مقارباً‬
‫القوى والمناطق التالية على الترتيب‪ :‬روسيا‪،‬‬
‫الصين‪ ،‬الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬أوروبا‬
‫الغربية‪ ،‬القارة األفريقية‪ ،‬الشرق األوسط‪،‬‬
‫الهند وباكستان‪ ،‬ك��وري��ا وال��ي��اب��ان‪ ،‬وأمريكا‬
‫الالتينية‪ ،‬ومنطقة القطب الشمالي‪.‬‬
‫البعد الجغرافي‬
‫ي��رك��ز «م����ارش����ال» ع��ل��ى أه��م��ي��ة البعد‬
‫الجغرافي ف��ي تشكيل حياة الشعوب وفي‬
‫التأثير عليها‪ ،‬وه��و ي��رى أن الجغرافيا هي‬
‫العامل الثابت والمستمر على مدار التاريخ‪،‬‬
‫فيما تتغير س��ائ��ر ال��ع��وام��ل األخ����رى تبعاً‬
‫للظروف واألح���داث العالمية‪ ،‬بما في ذلك‬
‫العوامل السياسية واإلستراتيجية والثقافية‪.‬‬
‫وي��ض��رب «م���ارش���ال» األم��ث��ل��ة على ذلك‬
‫كما في حالة روسيا التي يرى أن تضاريسها‬
‫الجغرافية تعاني من وجود السهول الممتدة‬
‫على حدودها الغربية مما يجعلها معرضة‬
‫لمشكالت تهدد أمنها‪ ،‬وهو ما يدفع قيادتها‬
‫السياسية إل��ى تمني وج��ود جبال على تلك‬
‫ال��ح��دود‪ ،‬بحيث تشكل حواجز طبيعية في‬
‫حاالت الخطر أو المواجهة‪.‬‬
‫ي��رى «م���ارش���ال» أن الجغرافيا قاهرة‬
‫للسياسات وتعلو اجتهادات وتحركات البشر‪،‬‬
‫ويروي في ذلك الصدد ما حدث في مستهل‬
‫الغزو األميركي ألفغانستان في أعقاب حادثة‬
‫المركز ال��ت��ج��اري ع��ام ‪2001‬م‪ ،‬حيث هبت‬
‫عاصفة رملية عاتية وأعقبتها أمطار غزيرة‪،‬‬
‫مما حال دون أي تقدم للقوات األمريكية إلى‬
‫العاصمة كابول‪ ،‬وحولت تكنولوجيا االتصال‬
‫باألقمار الصناعية إل��ى آالت ص ّماء بدون‬
‫فائدة‪ ،‬ومن ثم فقد فرضت جغرافية الطقس‬
‫تأثيرها على كل مجريات الخطط والعمليات‬
‫األمريكية‪.‬‬
‫اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﻫﻲ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻮﻏﻨﺎ وﺗﺸﻜﻞ ﻣﺴﺎر‬
‫ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار‬
‫ً‬
‫ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ وﺧﻴﺎراﺗﻬﺎ‬
‫اﻟﺪول ﻣﻘﻴﺪة‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺤﺪودة ﺑﺴﺒﺐ‬
‫اﻟﺠﺒﺎل واﻷﻧﻬﺎر واﻟﺒﺤﺎر‬
‫في عالم السياسة األوروبية المعاصرة‪،‬‬
‫ك���ان ال��زع��ي��م ال��ف��رن��س��ي ال��ش��ه��ي��ر ال��ج��ن��رال‬
‫«شارل ديجول» (‪1970 – 1890‬م) يتبع مبدأ‬
‫الجغرافيا‪ ،‬ومن ثم ذاعت دعوته إلى أن رجل‬
‫السياسة وصانع اإلستراتيجية ال بد أن يبدأ‬
‫مهامه بالنظر إل��ى الخريطة لكي يتدارس‬
‫البُعد الجغرافي للظاهرة التي يتعامل معها‪،‬‬
‫سواء كانت الظاهرة ترتبط بصراعات الحرب‬
‫أو بآمال السالم‪.‬‬
‫إدراك الحيز الجغرافي‬
‫يرى «مارشال» أن من واجب زعماء األمم‬
‫وقادة الدول أن يدركوا قيود الحيز الجغرافي‬
‫الذي يعيشون في داخله‪ ،‬بمعنى أن خياراتهم‬
‫السياسية وخططهم الهجومية والدفاعية‬
‫تظل م��ح��دودة ورهينة بما ف��ي ب��الده��م من‬
‫تضاريس وظواهر جغرافية من أنهار أو بحار‬
‫تمتلكها أو تطل عليها‪.‬‬
‫ويعيب «مارشال» على القيادة السياسية‬
‫ودوائ��ر التخطيط ووسائل اإلع��الم ومراكز‬
‫األب��ح��اث ف��ي ال����دول ودوائ����ر ص��ن��ع ال��ق��رار‬
‫ال��س��ي��اس��ي أن��ه��ا ت��ول��ي ج��� ّل ت��رك��ي��زه��ا على‬
‫البشر والخطط واإلستراتيجيات‪ ،‬دون أن‬
‫توجه االهتمام ال��واج��ب لتأثير الجغرافيا‬
‫وقوة نفوذها الغالب على البشر وإمكاناتهم‬
‫ال��م��ح��دودة‪ ،‬وه��و م��ا يحرمها م��ن استيعاب‬
‫ورؤية الصورة الكاملة عند اتخاذ القرار‪.‬‬
‫وبغير استيعاب أبعاد الصورة المذكورة‬
‫بشكل ك��ام��ل‪ ،‬ي��رى «م��ارش��ال» أن��ه ال سبيل‬
‫إل��ى الفهم المتعمق واالستيعاب المطلوب‬
‫ل��أط��راف ال��م��ؤث��رة وال��ف��اع��ل��ة ف��ي عالمنا‬
‫المعاصر ما بين روسيا والصين‪ ،‬إلى أمريكا‪،‬‬
‫وما بين أفريقيا إلى أمريكا الالتينية‪ ،‬وما بين‬
‫أوروبا إلى ساحات الشرق األوسط‪.‬‬
‫وي��ض��رب «م��ارش��ال» نموذجاً لذلك من‬
‫روسيا المعاصرة على هذه الفكرة المحورية‪،‬‬
‫م��ش��ي��راً إل��ى أزم���ة ال��ق��رار ال���ذي ص��در من‬
‫الكرملين بتطوير األسطول الروسي‪ ،‬بينما‬
‫تفرض قيود الجغرافيا على صانع القرار‬
‫الروسي حقيقة أن موانئ بالده تخضع لظاهرة‬
‫التجميد الجليدية على مدار ستة أشهر في‬
‫العام‪ ،‬ونفس هذا العنصر الجغرافي السلبي‬
‫على الخطط الروسية الرامية إلى تطويرها‬
‫أسطولها‪ ،‬يمكن أن يكون إيجابياً في دولة‬
‫أخ��رى مثل أمريكا التي حماها الجليد من‬
‫خطر الغزو القادم من خارج حدودها‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬يؤكد «مارشال» حقيقة‬
‫قد ال يدركها الكثير؛ وهي أن األرض التي‬
‫نعيش ف��وق��ه��ا ه��ي ال��ت��ي تصوغنا وتشكل‬
‫مسار حياتنا باستمرار‪ ،‬واألرض بتضاريسها‬
‫ومعالمها وجغرافيتها هي التي شكلت مسارات‬
‫الحرب والسياسة والتطور االجتماعي‪ ،‬وأ ّثرت‬
‫في حياة الشعوب ما بين استنارة االنفتاح إلى‬
‫عزلة االنغالق‪.‬‬
‫يرى «مارشال» أن القدر الجغرافي أي‬
‫واقع الجغرافيا وتضاريسها وسهولها وجبالها‬
‫وبحيراتها تكاد تشكل سجوناً تق ّيد قادة األمم‬
‫وزعماءها من كل جانب‪ ،‬فال تكاد تتيح لهم‬
‫من الخيارات سوى أقل القليل‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن‬
‫أن تفسح المجال أمامهم ولو بالحد األدنى‬
‫من المناورة السياسية أو التكتيكية‪ ،‬ووقائع‬
‫التاريخ خير شاهد على هذه الحقيقة‪ ،‬فهذا‬
‫السجن الجغرافي‪ ،‬كما يسميه «مارشال»‪ ،‬هو‬
‫ما يصدق على إمبراطوريات الزمان الغابر من‬
‫إمبراطورية أثينا إلى فارس وبابل وغيرها‪.‬‬
‫عوائق الجغرافيا‬
‫ويطرح «م��ارش��ال» أسئلة صعبة‪ ،‬ويقدم‬
‫إج��اب��ات قاطعة للداللة على قهر وسطوة‬
‫ال��ج��غ��راف��ي��ا وت��أث��ي��ره��ا ال��غ��ال��ب ف��ي مصير‬
‫وواق��ع األم��م وال��ح��ض��ارات‪ ،‬مثل‪ :‬لماذا تعج‬
‫أفريقيا وهي مهد الحضارة اإلنسانية بمثل‬
‫ه��ذه الفوضى؟ «هناك الكثير من المناطق‬
‫في العالم لم تزدهر‪ ،‬ولكن القليل منها مثل‬
‫أفريقيا! على ال��رغ��م م��ن م��ي��زة ن��ش��وء أول‬
‫إنسان عاقل بها قبل حوالي ‪ 200.000‬سنة»‪،‬‬
‫ويعزو «مارشال» األمر إلى سببين‪ ،‬هما‪ :‬عدم‬
‫وجود موانئ طبيعية‪ ،‬وانتشار الشالالت؛ ففي‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫أفريقيا العديد من األنهار الكبيرة‪ ،‬ولكنها‪،‬‬
‫كما يقول‪« :‬رديئة في نقل أي ش��يء» بسبب‬
‫وجود الشالالت المتتابعة‪.‬‬
‫ف��ي المقابل‪ ،‬نجد أ َّن نهر ال��راي��ن‪ ،‬وال‬
‫سيما عند اتصاله بنهر الدانوب‪ ،‬الذي يمر‬
‫عبر العديد من البلدان األوروبية‪ ،‬ساعد على‬
‫مر القرون في ازدهار أوروبا وتوحدها‪ ،‬في‬
‫حين أن األنهار الكبرى في أفريقيا مثل النيل‬
‫والنيجر والكونغو وزمبيزي غير متصلة‪ ،‬كما‬
‫أ َّن هناك مناطق يابسة شاسعة في أفريقيا‬
‫ُش ّكلت من خالل الصحراء الكبرى والمحيط‬
‫الهندي والمحيط األطلسي؛ مما يزيد من‬
‫عزلة المناطق المأهولة بالسكان عن تأثير‬
‫التكنولوجيا القادمة من الغرب‪ ،‬والتيارات‬
‫الفكرية‪ ،‬ومما يزيد الطين بلة في هذه العزلة‬
‫تركة االستعمار الكارثية عبر القرون‪.‬‬
‫تحليل «م���ارش���ال» ألس��ب��اب وت��داع��ي��ات‬
‫المشكالت السياسية ف��ي أفريقيا يمكن‬
‫أ ْن يُطبق حرفياً على الشرق األوس��ط؛ «إ َّن‬
‫الحروب األهلية اآلن ه��ي‪ -‬جزئياً‪ -‬بسبب‬
‫المستعمرين ال��ذي��ن أوع���زوا ل��دول مختلفة‬
‫بفكرة أنهم أم��ة واح���دة‪ ،‬ف��ي دول��ة واح��دة‪،‬‬
‫ثم بعد أ ْن يُط َردوا منها تظهر كتلة مهيمنة‬
‫تريد السيطرة على كل شيء؛ ومن ثم يستمر‬
‫العنف»‪.‬‬
‫فعندما يدمر الغرب ال��دول��ة المغلوبة‪،‬‬
‫ف��إن��ه يفشل ف��ي إق��ام��ة ك��ي��ان ب��دي��ل؛ عندما‬
‫غزَت الواليات المتحدة وحلفاؤها العراق عام‬
‫‪2003‬م‪ ،‬ك��ان األم��ر على الجانب العسكري‬
‫م��دروس �اً و ُم��خ� َّ‬
‫�ط��ط�اً بعناية‪ ،‬ولكنه ل��م يكن‬
‫كذلك فيما بعد‪ ،‬وفشل االئتالف في تعلُّم‬
‫درس انهيار الشيوعية ع��ام ‪1989‬م؛ «كلما‬
‫كان القمع الدكتاتوري قوياً؛ زاد العنف الذي‬
‫يتبع زواله»‪ ،‬في المقابل نجد أن المجر كانت‬
‫تُسمى «الثكنة األسعد»؛ بفضل الدكتاتورية‬
‫الليبرالية نسبياً‪ ،‬التي سمحت بانتقال سلمي‬
‫للديمقراطية‪.‬‬
‫ال حيلة للتكنولوجيا‬
‫يرى «مارشال» أن هناك شعوباً ناضلت‬
‫وم��ا زال��ت كي تستخدم التكنولوجيا لكسر‬
‫عزلتها التي فرضتها عليها الجغرافيا‪ ،‬أو‬
‫لتعويض سلبيات موقعها الجغرافي‪ ،‬إال أن‬
‫هذا لم ِ‬
‫ينف تأثير وسطوة الجغرافيا في حياة‬
‫تلك الشعوب‪.‬‬
‫ومهما استطاع ال��ق��ادة أو نظم الحكم‬
‫إحداث تغيير في مسار هنا أو اتجاه هناك‪،‬‬
‫ف��ي ه���ذه ال���دول���ة أو ت��ل��ك‪ ،‬وم��ه��م��ا نجحت‬
‫التكنولوجيا في تجسيد تلك التحوالت‪ ،‬إال‬
‫أن األم���ر يظل –وفقاً للمؤلف‪ -‬ف��ي حكم‬
‫المؤقت أو المرحلي؛ ألن كل جيل يتعين عليه‬
‫أن يواجه حقائق الجغرافيا‪ ،‬التي ال تقتصر‬
‫مؤثراتها على أشكال التضاريس الطبيعية‪،‬‬
‫أو على الموقع المكاني لأقطار المعنية‪،‬‬
‫إن هذه المؤثرات ال تلبث أن تتسع وتمتد‪،‬‬
‫فإذا بها تنطوي مث ً‬
‫ال على تغيرات وتحوالت‪،‬‬
‫وأحياناً على ثورات وغضبات تموج بها قوانين‬
‫الطبيعة‪ ،‬ومنها ما يتمثل في ثورات البراكين‪،‬‬
‫أو غضبات األعاصير‪ ،‬أو مواسم األمطار‪ ،‬ما‬
‫بين هطول يغرق الحرث والنسل إلى انحسار‬
‫تهدد ن��درت��ه ال��ح��رث والنسل‪ ،‬إل��ى تحوالت‬
‫غير مسبوقة في تجارب البشر‪ ،‬ومنها مث ً‬
‫ال‬
‫موجات التسونامي المحيطية الشهيرة‪ ،‬التي‬
‫أل ّمت بجغرافية األصقاع اآلسيوية الجنوبية‬
‫منذ سنوات ليست بالبعيدة‪.‬‬
‫وفي ضوء هذا كله‪ ،‬تصدق رؤية المؤلف‬
‫ال��ق��ائ��ل��ة‪ :‬إن األرض (ب��م��ع��ن��ى ال��ت��ض��اري��س‬
‫الجغرافية) التي نعيش عليها هي التي تشكلنا‬
‫باستمرار‪ ،‬وه��ذه حقيقة تؤكدها الحروب‬
‫التي اضطر البشر إلى خوضها‪ ،‬ابتداء من‬
‫ال��ح��روب على السيطرة على منابع المياه‪،‬‬
‫وليس انتهاء بحروب القصف ال��ذ ّري‪ ،‬وربما‬
‫تعود البشرية مجدداً في وقتنا الراهن إلى‬
‫خوض حروب حامية الوطيس بسبب المياه‬
‫ع��ل��ى ش��ك��ل ص���راع���ات ب��ات��ت اآلن موضعاً‬
‫للتحليل والتحذير كما في أزمة «سد النهضة»‬
‫الذي تشيده إثيوبيا على أحد منابع نهر النيل‪،‬‬
‫اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻫﻲ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﺑﺖ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺳﺎﺋﺮ‬
‫ً‬
‫ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻠﻈﺮوف‬
‫اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻷﺧﺮى‬
‫اﻷرض ﺑﺘﻀﺎرﻳﺴﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺷﻜﻠﺖ ﻣﺴﺎرات اﻟﺤﺮوب‬
‫واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﺘﻄﻮر اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬
‫‪57‬‬
‫حيث تتمحور تلك الصراعات المنذرة حول ما‬
‫أصبح يعرف بالتنافس على «الذهب األزرق»‪.‬‬
‫عالقات الجغرافيا‬
‫يرى «مارشال» أن العالقة الحيوية بين‬
‫تضاريس الجغرافيا وديموجرافيا السكان‪،‬‬
‫ومن ثم التشابكات مع المستويات واألحوال‬
‫الثقافية والمعرفية لهؤالء السكان‪ ،‬وهو ما‬
‫يشكل بالضرورة موقفهم من مظاهر ومكونات‬
‫الطبيعة وجغرافية الوسط المحيط‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يقرر «مارشال» بديهية‬
‫يقول فيها‪ :‬إن مثل هذه العوامل تستطيع في‬
‫مجموعها أن تخلّف أثراً مهماً على الكثير من‬
‫جوانب الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ما بين الجانب‬
‫السياسي‪ ،‬إلى اإلستراتيجي والعسكري‪ ،‬إلى‬
‫جوانب تنمية المجتمع اإلنساني‪ ،‬بما في ذلك‬
‫عوامل اللغة والتجارة والعقيدة الدينية‪ ،‬وما‬
‫إلى ذلك بسبيل‪.‬‬
‫وفيما تُعد مثل هذه العوامل ذات أهمية‬
‫حقيقية‪ ،‬إال أنها خاضعة بحكم التعريف‬
‫للتغير مع م��رور ال��زم��ن‪ ،‬تأمل مث ً‬
‫ال أح��وال‬
‫ال��ق��ادة وال��زع��م��اء‪ ،‬وت��ط��ورات األف��ك��ار وثمار‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬كلها عناصر لها أهميتها التي‬
‫ال تُنكر‪ ،‬ول��ه��ا أدوار بالغة القيمة أحياناً‬
‫ف��ي صياغة األح���داث ودف��ع التحوالت إلى‬
‫مساراتها‪ ،‬لكن ال��ع��وام��ل السابقة متحولة‬
‫ومرحلية بل ومؤقتة بحكم التعريف أيضاً‪،‬‬
‫يستوي في ذلك األفكار وخطط البشر‪ ،‬بقدر‬
‫ما يستوي البشر أنفسهم بطبيعة الحال‪.‬‬
‫يرى «مارشال» أن منطقتي الشرق األوسط‬
‫وأفريقيا «مفعول بهما»‪ ،‬فالالعبون من خارج‬
‫المنطقتين‪ ،‬الراغبون في تغيير خرائطها‬
‫كثيرون‪ ،‬فعلى الرغم من ري��اح التغيير التي‬
‫مرت بهما فإن الواقع مرير‪ ،‬ويشير «مارشال»‬
‫إلى أن اتفاقية «سايكس ‪ -‬بيكو» التي شكلت‬
‫خرائط المنطقة في مرحلة سابقة تاريخياً‬
‫قد انتهت‪ ،‬وأننا بصدد خرائط جديدة ترسم‬
‫للشرق األوسط من عدة أطراف دولية‪.‬‬
‫وعلى ال��رغ��م م��ن أن األح���داث الحالية‬
‫تشير إل��ى أن ال��ح��دود الجديدة ترسم بدم‬
‫الشعوب فإن «مارشال» ال يفقد األمل بقدرة‬
‫الشعوب في تغيير هذا الواقع المرير الذي‬
‫يشهده ع��دد م��ن دول المنطقة‪ ،‬فربما إذا‬
‫استنفرت اإلرادات الوطنية ق��د يكون لها‬
‫نصيب في رسم خرائطها المحلية ووقف هذا‬
‫العبث المتعمد بالخرائط‪>.‬‬
‫‪58‬‬
‫دراسة‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫بالرغم مما تعانيه الحداثة من نقد ش���ديد في البيئة‬
‫الفكرية الغربية‪ ،‬فإن بيئتنا العربية واإلسالمية تتعامل‬
‫معه���ا عموم ًا كأنها م���ن الثواب���ت الكونية ومن‬
‫الغايات العظيمة التي انتهى إليها التطور اإلنساني‪،‬‬
‫وأعني بالحداثة نمط وجود الدولة ذات المؤسس���ات‬
‫المتع���ددة المتدخلة في تفاصي���ل الناس من لحظة‬
‫المي���الد وحت���ى لحظة الوف���اة‪ ،‬فليس ثمة نش���اط‬
‫إنساني إال وهو ممكن بقدر ما تصرح به الدولة‪.‬‬
‫أضواء من مصادر جديدة‪..‬‬
‫أوضاع مصر قبل وبعد الحداثة‬
‫محمد إلهامي‬
‫ﺳﺎر إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ‬
‫اﻟﺤﺮام ﻋﺪد ﻣﻦ ﻏﻴﺮ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺮﻳﺪون‬
‫اﺳﺘﻜﺸﺎف أﻣﺮه‬
‫واﻛﺘﻨﺎه ﺳﺮه‬
‫ال ي��زال ه��ذا النمط جذاباً‬
‫ف��ي ع��ال��م��ن��ا ال��ع��رب��ي ك��م��ا ك��ان‬
‫ج���ذاب���اً ق��ب��ل ق��رن��ي��ن ب��ال��غ��رب‪،‬‬
‫وق��ل��ي��ل��ون ه��م م��ن ي��ف��ك��رون في‬
‫ت���ج���اوزه‪ ،‬ورغ���م ال��ول��ع بمتابعة‬
‫نشاط الفكر الغربي في وجوه‬
‫كثيرة‪ ،‬ف��إن ه��ذا ال��ول��ع يتوقف‬
‫ويخمد في المتابعة الجادة لنقد‬
‫نمط الحداثة‪ ،‬ومحاولة التحرر‬
‫من هيمنة ال��دول��ة التي صارت‬
‫«إلهاً» يتحكم في األمور الصغيرة‬
‫وال��ك��ب��ي��رة‪ ،‬وي���ق���دم ل��م��واط��ن��ي��ه‬
‫أفكارهم ونظامهم وحتى أنماط‬
‫رفاهيتهم وسلوكهم االستهالكي‬
‫واإلنتاجي وغيره‪ ،‬وهي الصورة‬
‫ال���ت���ي ي���ب���دو م��ع��ه��ا ال��ف��راع��ن��ة‬
‫والقياصرة واألك��اس��رة القدماء‬
‫مستبدين بائسين‪ ،‬إذ ل��م يكن‬
‫يستطيع أحدهم –مث ً‬
‫ال‪ -‬أن يلغي‬
‫ال��وج��ود الحقيقي لإلنسان من‬
‫رعيته‪ ،‬وهو األمر الذي تستطيعه‬
‫السلطة المعاصرة بمجرد سحب‬
‫الجنسية!‬
‫ف���ي ه����ذه ال��س��ل��س��ل��ة نلقي‬
‫الضوء على رحلة الحداثة في‬
‫مصر‪ ،‬وكيف كان أثرها ووقعها‬
‫على المجتمع‪ ،‬ولكن من خالل‬
‫م���ص���در ت��اري��خ��ي ج���دي���د وه��و‬
‫ال��م��دون��ات التي كتبها غربيون‬
‫وصلوا إلى البيت الحرام وسجلوا‬
‫مذكراتهم عن هذه الرحلة‪.‬‬
‫رح�������ات ال����ح����ج م��ص��در‬
‫تاريخي‪:‬‬
‫تركت الرحلة إلى الحج ثروة‬
‫تاريخية ال تقدر بثمن‪ ،‬وذلك من‬
‫ب��رك��ات ه��ذه الشعيرة المباركة‬
‫وثمراتها الغزيرة‪.‬‬
‫لقد أل��ق��ى اهلل محبة بيته‬
‫ال��ح��رام ف��ي القلوب‪ ،‬فاشتعلت‬
‫إليه شوقاً‪ ،‬فسارت الجموع منذ‬
‫لحظة نداء إبراهيم عليه السالم‬
‫(‪)1‬‬
‫إل��ي��ه رج����االً وع��ل��ى ك��ل ض��ام��ر‪،‬‬
‫وصنعت رح��ل��ة ال��ح��ج أوض��اع �اً‬
‫تاريخية وج��غ��راف��ي��ة أوس���ع من‬
‫ال���ح���ص���ر‪ ،‬وك���ت���ب ال��م��س��ل��م��ون‬
‫م��ؤل��ف��ات واس���ع���ة ف���ي رحلتهم‬
‫إلى بيت اهلل الحرام‪ ،‬فحفظوا‬
‫لنا تاريخاً عزيزاً وث��روة ما كان‬
‫باإلمكان التحصل عليها بغير‬
‫هذا السبيل‪.‬‬
‫ل��م ت��ك��ن أن��ظ��ار المسلمين‬
‫فقط‪ ،‬بل سار إلى البيت الحرام‬
‫عدد من غير المسلمين يريدون‬
‫استكشاف أم��ره واك��ت��ن��اه س��ره‪،‬‬
‫ف��ل��ق��د أح��ي��ط��ت م��ك��ة وال��ك��ع��ب��ة‬
‫بالكثير م��ن األس��اط��ي��ر كونها‬
‫المكان الذي انبعث منه اإلسالم‪،‬‬
‫و ُو ِل������د ف��ي��ه م��ح��م��د ص��ل��ى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬لقد كان القساوسة‬
‫األوروبيون في العصور الوسطى‬
‫يعتقدون أن المسلمين يحجون‬
‫إل����ى م��ك��ة ل���� َي���� َر ْوا ن��ب��ي��ه��م في‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫الهواء في وسط حلقة حديدية‬
‫موضوعة في نقطة اتزان وسط‬
‫قبة حجر مغناطيسي فيحسب‬
‫المسلمون أن نبيهم معلق في‬
‫الهواء وأنها من معجزاته(‪ ،)1‬وفي‬
‫عصور االستعمار بُعيْد انطالق‬
‫م���ا ي��س��م��ى ب��ع��ص��ر ال��ك��ش��وف‬
‫الجغرافية والرحالت كان بديهياً‬
‫أن تتطلع أنظار الرحالة الغربيين‬
‫إل����ى ال��م��دي��ن��ة األق������دس ل��دى‬
‫المسلمين وإلى الرحلة الفريدة‬
‫التي تجمع شتاتهم مرة في كل‬
‫عام(‪.)2‬‬
‫ن��ب��ح��ث ف��ي ه���ذه السلسلة‬
‫الجديدة في رحلتين من رحاالت‬
‫غ��ي��ر ال��م��س��ل��م��ي��ن إل����ى ال��ح��ج‪،‬‬
‫لتستكشف منهما صفحة من‬
‫التاريخ االجتماعي للمصريين‪،‬‬
‫باعتبار المجتمع المصري واحداً‬
‫م��ن أه��م المجتمعات المحلية‬
‫التي كانت مركزاً من مراكز عبور‬
‫الحجيج إل��ى مكة‪ ،‬ففيه تجلت‬
‫العديد م��ن ال��ص��ور؛ السياسية‬
‫واالق��ت��ص��ادي��ة وال��ث��ق��اف��ي��ة‪ ،‬لما‬
‫لمصر من موقع جغرافي وثقل‬
‫علمي ووفرة مالية وقوة بشرية‪.‬‬
‫وبهذا ص��ارت مصر مركزاً‬
‫شرقياً ل��م يفقد أهميته –في‬
‫أم����ر ال��ح��ج ورع���اي���ة الحجيج‬
‫والحرمين‪ -‬منذ دخله اإلسالم‬
‫وإل���ى وق��ت ق��ري��ب بعد اخ��ت��راع‬
‫ال��ط��ائ��رات وظ��ه��ور ال��ن��ف��ط في‬
‫الجزيرة العربية‪ ،‬ففي مصر ُربِط‬
‫الشرق اإلس��الم��ي بغربه علمياً‬
‫وثقافياً‪ ،‬وكان اقتصاد الحرمين‬
‫لزمان طويل فرعاً من االقتصاد‬
‫ال���م���ص���ري‪ ،‬وك���ان���ت ال��ه��ي��م��ن��ة‬
‫السياسية على الحرمين لزمن‬
‫ط��وي��ل هيمنة م��ص��ري��ة‪ ،‬كذلك‬
‫قصدت الورقة أن تفهم المجتمع‬
‫ال��م��ص��ري وت��رص��د ت��ط��وره من‬
‫خ��الل رحالتَيْن غربييْن وذل��ك‬
‫لقلة م��ا تعرض الباحثون لهذا‬
‫األم��ر مقارنة بتعرضهم له في‬
‫مؤلفات الرحلة العربية‪.‬‬
‫وقد وقع االختيار على رحلتي‬
‫‪ r‬ريتشارد بيرتون‬
‫«ج���وزي���ف ب���ت���س»‪ ،‬و«ري��ت��ش��ارد‬
‫بيرتون» ألسباب‪ ،‬أهمها‪ :‬أنهما‬
‫م��ن أه���م ال���رح���الت األوروب���ي���ة‬
‫للبيت ال��ح��رام؛ فرحلة «بتس»‬
‫من أوائل تلك الرحالت‪ ،‬ورحلة‬
‫«ب��ي��رت��ون» م��ن أوسعها وأكثرها‬
‫تفصي ً‬
‫ال‪ ،‬ويفصل بينهما قرنان‬
‫م��ن ال��زم��ان تغير فيهما الكثير‬
‫وبالذات في مصر التي دخلت في‬
‫طور الدولة الحديثة واندمجت‬
‫ب��ال��ن��م��وذج ال��غ��رب��ي‪ ،‬ف��ق��د كانت‬
‫رحلة «بتس» في عصر المماليك‬
‫تحت السيادة العثمانية‪ ،‬بينما‬
‫كانت رحلة «بيرتون» في أعقاب‬
‫اﻟﻘﺴﺎوﺳﺔ اﻷوروﺑﻴﻮن‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون أن‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺤﺠﻮن‬
‫ﻟﻴ َﺮ ْوا ﻧﺒﻴﻬﻢ‬
‫إﻟﻰ ﻣﻜﺔ َ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء‬
‫اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺤﺮﻣﻴﻦ ﻟﺰﻣﺎن‬
‫ً‬
‫ﻓﺮﻋﺎ ﻣﻦ‬
‫ﻃﻮﻳﻞ ﻛﺎن‬
‫اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻤﺼﺮي‬
‫واﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﺼﺮﻳﺔ‬
‫‪ r‬جوزيف بتس‬
‫وف���اة محمد ع��ل��ي ب��اش��ا ال��ذي‬
‫أسس حكماً مستق ً‬
‫ال في مصر‬
‫وأنشأ دولة على النمط الغربي‬
‫ف��ي المؤسسات واإلدارة‪ ،‬ومن‬
‫ث��م ظ��ه��رت ف���روق واض��ح��ة بين‬
‫ال��ع��ص��ري��ن تُ��� َم��� ّك���ن م���ن رص��د‬
‫تطورات فارقة‪.‬‬
‫الر ْحلتان‬
‫والرحالتان‪:‬‬
‫َّ‬
‫ّ‬
‫كان «جوزيف بيتس» (‪1663‬‬
‫– ‪1735‬م) ب���ح���اراً إن��ج��ل��ي��زي�اً‪،‬‬
‫وق��ع في أس��ر الجزائريين عند‬
‫السواحل اإلسبانية‪ ،‬وكان حينئذ‬
‫في الخامسة عشرة أو السادسة‬
‫عشرة من عمره‪ ،‬وظل عبداً في‬
‫الجزائر سنين ثم رافق سيده في‬
‫رحلة الحج (‪1091‬ه�‪1680 /‬م)‪،‬‬
‫وهي أول رحلة تصف طريق الحج‬
‫المصري في الشمال األفريقي‪.‬‬
‫سلك «بتس» طريق البحر من‬
‫الجزائر إلى اإلسكندرية‪ ،‬ثم منها‬
‫بحراً إلى رشيد‪ ،‬ثم نزل في النيل‬
‫إلى بوالق‪ ،‬ثم براً إلى السويس‪،‬‬
‫ثم بحراً إلى الطور‪ ،‬ثم إلى رابغ‬
‫وم��ن��ه��ا إل���ى ج���دة ث��م إل���ى مكة‪،‬‬
‫ثم إلى المدينة‪ ،‬ثم قفل راجعاً‬
‫إلى القاهرة ثم اإلسكندرية ثم‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫أم����ا «ري���ت���ش���ارد ب��ي��رت��ون»‬
‫(‪1890 – 1821‬م) فواحد من‬
‫أهم الرحالة األوروبيين‪ ،‬إذ نشر‬
‫رحالته في ثالثة وأربعين مجلداً‪،‬‬
‫وه��و مكتشف بحيرة تنجانيقا‪،‬‬
‫وترجم ثالثين كتاباً من العربية‬
‫‪59‬‬
‫والفارسية إلى اإلنجليزية‪ ،‬وكان‬
‫يتقن خمساً وعشرين لغة وأربعين‬
‫لهجة‪ ،‬وطاف شرقاً وغرباً؛ فزار‬
‫باكستان والهند ومصر والحجاز‬
‫وشرق أفريقيا وغربها والواليات‬
‫المتحدة‪ ،‬ورحلته ثرية تدل على‬
‫غزارة معارفه واتساع رحالته‪.‬‬
‫وك���ان���ت رح��ل��ت��ه إل���ى ال��ح��ج‬
‫ك����اآلت����ي‪ :‬رك����ب ال��س��ف��ي��ن��ة من‬
‫ساوثمبتون البريطانية مبحراً‬
‫إل��ى اإلسكندرية‪ ،‬ث��م ع��اش بها‬
‫ف��ت��رة‪ ،‬ث��م س��اف��ر إل��ى ال��ق��اه��رة‪،‬‬
‫ومنها براً إلى السويس‪ ،‬ثم إلى‬
‫البحر األحمر ون��زل بالطور ثم‬
‫إل��ى ينبع إل��ى المدينة المنورة‪،‬‬
‫فكان حجه في عام (‪1269‬ه���‪/‬‬
‫‪1853‬م)‪.‬‬
‫جاءت رحلة «بتس» مختصرة‬
‫وس��ري��ع��ة ُ‬
‫وط � ِب��ع��ت ف��ي أق��ل من‬
‫م��ائ��ة صفحة‪ ،‬وت��ك��اد ك��ل فقرة‬
‫منها تمثل موضوعاً‪ ،‬إذ يندر أن‬
‫يشغل الموضوع أكثر من فقرة‪،‬‬
‫بينما بلغت رحلة «بيرتون» ثالثة‬
‫أجزاء‪ ،‬استغرق األول سفره من‬
‫بريطانيا وح��ي��ات��ه بمصر حتى‬
‫المدينة المنورة‪ ،‬ولهذا حفلت‬
‫رح��ل��ة الثاني بتفاصيل مطولة‬
‫وقضايا كثيرة لم يتطرق إليها‬
‫األول أو تطرق إليها في فقرة‬
‫واحدة ال أكثر‪.‬‬
‫في المقال ال��ق��ادم‪ ،‬إن شاء‬
‫اهلل ت��ع��ال��ى‪ ،‬ن��رى ال��ف��وارق بين‬
‫الرحلتين‪ ،‬وكيف رصد كل منهما‬
‫واق��ع المجتمع المصري لنرى‬
‫كيف تطورت األوضاع في مصر‬
‫بين هذين القرنيْن‪>.‬‬
‫الهامشان‬
‫(‪ )1‬أفوقاي األندلسي‪ ،‬رحلة أفوقاي‬
‫األن��دل��س��ي‪ ،‬ت��ح��ري��ر‪ :‬د‪ .‬محمد‬
‫رزوق‪ ،‬ط‪( 1‬ب��ي��روت‪ :‬المؤسسة‬
‫ال��ع��رب��ي��ة ل���ل���دراس���ات وال��ن��ش��ر‪،‬‬
‫‪2004‬م)‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫(‪ )2‬انظر في ه��ذا الموضوع‪ ،‬محمد‬
‫إلهامي‪ ،‬كيف نظر المستشرقون‬
‫والغربيون إلى الحج‪ ،‬عربي ‪،21‬‬
‫بتاريخ ‪ 8‬سبتمبر ‪.2016‬‬
‫‪60‬‬
‫فكر وثقافة‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫لم يكتف «هنري كورييل» بخيانة البلد الذي يزعم‬
‫حبه‪ ،‬ولكنه شارك في عملية خسيسة هي اغتيال‬
‫اللورد «موين»‪ ،‬وقد أش��ارت أصابع االتهام إلى‬
‫«كورييل» في اغتيال الوزير البريطاني بوصفه‬
‫المخطط والمشرف على العملية‪ ،‬فقد سلك‬
‫الجانيان اليهوديان األجنبيان المنتميان إلى عصابة‬
‫«شتيرن» اإلرهابية في فلسطين المحتلة شارع‬
‫فؤاد (‪ 26‬يوليو حالي ًا) القريب من قصر دانييل كورييل‬
‫في شارع حسن صبري بالزمالك في طريقهما‬
‫إلى كوبري أبو العال على مسافة قصيرة‪ ،‬واستغل‬
‫«كورييل» فترة المراقبة البوليسية المفروضة عليه‬
‫ليتبرأ من الجريمة‪ ،‬فقد كانت أمه تقوم برشوة‬
‫رجال الشرطة الذين يقومون بالمراقبة ويثبتون أنه‬
‫لم يغادر القصر‪ ،‬وهو ما أخذت به المحكمة التي‬
‫حكمت ببراءته وباإلعدام على الجانيين‪( .‬كفافي‪،‬‬
‫ص ‪.)105-104‬‬
‫اليهودي الغامض والنخبة‬
‫المعادية لإلسالم (‪)3 - 3‬‬
‫«هنري كورييل»‪ ..‬من الخيانة إلى االغتيال‬
‫بقلم‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬حلمي القاعود‬
‫اعتقل «هنري كورييل» ثاث‬
‫مرات أو أكثر‪ ،‬ولكنه كان اعتقال‬
‫مليونير ابن مليونير! فكان يعامل‬
‫أحسن معاملة في معتقله‪ ،‬وكان‬
‫يأمر فيُطاع‪ ،‬وكانت مصر مملكته‬
‫على كل حال؛ فالتسامح فيها مع‬
‫األج��ان��ب وغيرهم يبلغ ال��ذروة‬
‫عالمياً‪ ،‬بيد أنه كان يحب اليهود‪،‬‬
‫ويسعى العتراف الدول العربية‬
‫بكيانهم الغاصب‪ ،‬ف��واص��ل من‬
‫م��ي��ان��و بإيطاليا ب��ع��د ترحيله‬
‫من مصر العمل مع الرفاق في‬
‫«حدتو» بمصر‪ ،‬خاصة بعد أن‬
‫ان��ض��م إل��ي��ه م��ج��م��وع��ة سميت‬
‫ب�«مجموعة روما»‪.‬‬
‫وف����ي ال���وق���ت ن��ف��س��ه‪ ،‬ك��ان‬
‫يستعد ل��دخ��ول فرنسا والعمل‬
‫ع��ل��ى أرض���ه���ا‪ ،‬وال���ت���واص���ل مع‬
‫ال��ح��زب ال��ش��ي��وع��ي الفرنسي؛‬
‫ألن ه��ن��اك ع�����دداً م���ن ال��ي��ه��ود‬
‫الشيوعيين لهم ص��ات واسعة‬
‫ببعض الجهات‪ ،‬وق��د ساعدته‬
‫زوج��ت��ه «روزي����ت» بتزوير ج��واز‬
‫سفر مزيف باسمه حتى استطاع‬
‫ال���وص���ول إل����ى ب���اري���س‪ ،‬وك���ان‬
‫بيته في فرنسا محطاً لزوارها‬
‫الشيوعيين وغيرهم القادمين‬
‫من القاهرة وبيروت والخرطوم‬
‫والقدس والمغرب الكبير‪ ،‬مما‬
‫س��اع��ده على م��واص��ل��ة نشاطه‬
‫ال��ص��ه��ي��ون��ي ل��خ��دم��ة ال��ك��ي��ان‬
‫الصهيوني‪( .‬انظر‪ :‬كفافي‪ ،‬ص‬
‫‪ 184‬وما بعدها)‪.‬‬
‫ناصر واليهود‬
‫ي��اح��ظ أن���ه ك��ان��ت ت��ج��اور‬
‫أس��رة جمال عبدالناصر أسرة‬
‫يهودية مصرية‪ ،‬وك��ان اس��م رب‬
‫األس���رة ال��خ��واج��ة يعقوب فرج‬
‫شمويل‪ ،‬وعندما ماتت أم جمال‬
‫وت��رك��ت أرب��ع��ة أط��ف��ال ص��غ��ار؛‬
‫أكبرهم جمال وأصغرهم شوقي‬
‫وكان عمره عامين؛ مما اضطر‬
‫وال��ده��م إل���ى ال����زواج وازدادت‬
‫مصاعب األسرة؛ جاءت النجدة‬
‫م��ن جارتهم م��دام يعقوب فرج‬
‫ش��م��وي��ل ال��ت��ي ق��ام��ت ب��رع��اي��ة‬
‫األطفال وف��اء لجارتها الراحلة‬
‫فهيمة أم جمال‪.‬‬
‫بعد خمسة وعشرين عاماً‬
‫ذهبت السيدة شمويل بناء على‬
‫ق���رار مجلس وزراء ال��ع��دو من‬
‫أج��ل إنقاذ جاسوسين يهوديين‬
‫إل��ى جمال حاكم مصر لترجوه‬
‫تخفيف حكم اإلع����دام ع��ن د‪.‬‬
‫ليتو م���رزوق‪ ،‬وصموئيل ع��ازار‬
‫في قضية الجاسوسية المعروفة‬
‫عام ‪1954‬م‪ ،‬وقد وعدها جمال‬
‫بالتفكير ف��ي تخفيف الحكم‪،‬‬
‫ول��ك��ن اإلع����دام ت��م تنفيذه في‬
‫م��وع��ده ص��ب��اح ال��ي��وم ال��ت��ال��ي‪.‬‬
‫(كفافي‪ ،‬ص ‪.) 84‬‬
‫يذكر أن الطائفة اليهودية‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫اس��ت��ض��اف��ت ب��ي��ن ع��ام��ي ‪1934‬‬
‫و‪1937‬م ال��ط��ال��ب ج��م��ال عبد‬
‫الناصر ل��دى أس���رة م��ن اليهود‬
‫القرائين ف��ي منزل م��ن أم��اك‬
‫وقف الطائفة‪ .‬وهو المنزل رقم ‪3‬‬
‫حارة خميس العدس بالخرنفش‪،‬‬
‫ح���ي ال��ج��م��ال��ي��ة‪ ،‬وه���ي ال��ح��ارة‬
‫المعروفة بحارة اليهود‪ .‬وكانت‬
‫قريبة من مدرسة النهضة الثانوية‬
‫التي ي��درس فيها الطالب جمال‬
‫عبد الناصر ( كفافي‪ ،‬ص ‪.)85‬‬
‫مودة وهدايا‬
‫أث���ن���اء ح���ص���ار ال��ف��ال��وج��ا‬
‫ف��ي ح��رب ع��ام ‪1948‬م‪ ،‬التقى‬
‫ع��ب��دال��ن��اص��ر ببعض الضباط‬
‫ال��ي��ه��ود‪ ،‬وت��ب��ادل معهم ال��م��ودة‪،‬‬
‫وت��ل��ق��ى منهم ال��ه��داي��ا! وي��ؤك��د‬
‫الضابط «إي��ره��ارد كوهين» في‬
‫ع��دة مقاالت أن��ه التقى بجمال‬
‫ع��ب��دال��ن��اص��ر‪ ،‬وأن ال��م��وض��وع‬
‫الذي كان يطرقه معه هو كفاح‬
‫«إسرائيل» ضد اإلنجليز‪ ،‬وكيف‬
‫ن��ظ��م ال��ي��ه��ود ح��رك��ة المقاومة‬
‫السرية ضدهم ف��ي فلسطين‪،‬‬
‫وك��ي��ف اس��ت��ط��اع ال��ي��ه��ود تجنيد‬
‫الرأي العام وراءهم في كفاحهم‬
‫ضد اإلنجليز‪ ،‬مع أن اإلنجليز‬
‫هم الذين وعدوهم بوطن قومي‬
‫(ب��ل��ف��ور)‪ ،‬وف��ت��ح��وا ل��ه��م أب���واب‬
‫ف��ل��س��ط��ي��ن ع��ل��ى م��ص��راع��ي��ه��ا‪،‬‬
‫وس��ان��دوه��م معنوياً وم��ادي �اً في‬
‫طرد أصحاب الباد األصليين‬
‫وه���م الفلسطينيون بالمذابح‬
‫واإلرهاب والمطاردات‪.‬‬
‫لم ينف عبدالناصر عاقته‬
‫ب��ه��ذا ال��ض��اب��ط ال��ي��ه��ودي وال‬
‫غيره‪ ،‬وأش��ار في كتابه «فلسفة‬
‫ال��ث��ورة» إل��ى أن قضيته لم تكن‬
‫فلسطين‪ ،‬ولكن القضية كانت‬
‫االستعمار والخونة المصريين‬
‫الذين وصفهم بالذئاب‪( .‬كفافي‪،‬‬
‫ص ‪ ،165‬وش��ام��ل أب��اظ��ة خلق‬
‫األف��اع��ي‪ ،‬ص ‪ 51‬وم��ا بعدها‪،‬‬
‫وج��م��ال ع��ب��دال��ن��اص��ر‪ ،‬فلسفة‬
‫الثورة‪ ،‬ص ‪ 57‬وما بعدها)‪.‬‬
‫رجعت ال��ق��وات المحاصرة‬
‫ف��ي ال��ف��ال��وج��ا ي���وم ‪ 11‬م��ارس‬
‫‪1949‬م بعد حصار استمر أكثر‬
‫من مائة يوم‪ ،‬كان شعور الضباط‬
‫ال��ع��ائ��دي��ن ال��ذي��ن ت��أث��روا بفكر‬
‫«كورييل» هو حتمية السام مع‬
‫الكيان الصهيوني الغاصب‪ ،‬وال‬
‫داع��ي للكراهية المحتدمة بين‬
‫اليهود الغزاة والمصريين ليحل‬
‫محلها السام‪ ،‬لقد فقد الضباط‬
‫الشبان الثقة بكل ما هو مصري؛‬
‫الزعماء‪ ،‬األحزاب‪ ،‬الملك‪ ،‬وذلك‬
‫بتأثير «ح��دت��و» على الضباط‬
‫المنتمين إليها‪ ،‬وفي نهاية حصار‬
‫الفالوجا كان جمال عبدالناصر‬
‫مقتنعاً بفكرة السام مع اليهود‪،‬‬
‫وأن الحرب مع «إسرائيل» ظالمة‬
‫ال طائل من ورائها‪ ،‬وهي الفكرة‬
‫ال��ت��ي روج لها «ك��وري��ي��ل» ط��وال‬
‫نشاطه الحزبي بين أصدقائه‬
‫المصريين وتاميذه الحزبيين‪.‬‬
‫(كفافي‪ ،‬ص ‪ 174‬وما بعدها)‪.‬‬
‫الطرد من مصر‬
‫في ‪ 25‬يوليو ‪1950‬م أصدر‬
‫القضاء حكماً ببطان اكتساب‬
‫«ك��وري��ي��ل» جنسيته المصرية؛‬
‫ألنه رفض التخلي عن جنسيته‬
‫اإليطالية‪ ،‬وت��م تطبيق اتفاقية‬
‫رودس لطرده من مصر بوصفه‬
‫أجنبياً خطراً على األمن العام‪،‬‬
‫وت��م القبض عليه وترحيله في‬
‫حراسة مشددة إلى بورسعيد في‬
‫‪ 25‬أغسطس ‪1950‬م؛ أي بعد‬
‫شهر م��ن الحكم عليه‪ ،‬وهناك‬
‫ز ّوده قنصل إيطاليا باالتفاق‬
‫م��ع الداخلية المصرية بوثيقة‬
‫س��ف��ر إل���ى ال��ك��ي��ان الصهيوني‪،‬‬
‫ولكنه لم يذهب إليه‪ ،‬وفي اليوم‬
‫التالي استقل الباخرة سوريانتو‬
‫اإليطالية التي يعلم أن محطتها‬
‫األخيرة ستكون في إيطاليا‪ ،‬وقد‬
‫رفضت فرنسا قبوله حين رست‬
‫السفينة في مرسيليا‪ ،‬فاتجه إلى‬
‫إيطاليا وأجبر على النزول بالقوة‬
‫في جنوة‪ ،‬كما يقول «جيل بيرو»‬
‫اﻋﺘﻘ‪%%‬ﻞ ﺑﻤﺼ‪%‬ﺮ ‪ 3‬ﻣﺮات‬
‫أو أﻛﺜﺮ ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻣﻞ‬
‫أﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ!‬
‫ً‬
‫ﻣﺤﻄﺎ‬
‫ﻛﺎن ﺑﻴﺘﻪ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ‬
‫ﻟﺰوارﻫﺎ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻴﻦ‬
‫وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻤﺎ ﺳﺎﻋﺪه‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ ﻧﺸﺎﻃﻪ‬
‫ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻜﻴﺎن‬
‫اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ‬
‫اﺳﺘﻀﺎﻓﺖ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ‬
‫‪ 1934‬و‪1937‬م اﻟﻄﺎﻟﺐ‬
‫ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪاﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﺪى‬
‫أﺳﺮة ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫اﻟﻘﺮاﺋﻴﻦ‬
‫في كتابه «هنري كورييل رجل من‬
‫نسيج خاص»‪.‬‬
‫ل��ق��د ش��ع��ر «ك���وري���ي���ل» أن‬
‫البوليس المصري خانه بعد أن‬
‫كان يدعي أنه وضعه في جيبه‪،‬‬
‫وأن التعاون بينهما كان صادقاً‬
‫وح��م��ي��م�اً‪( .‬ان��ظ��ر‪ :‬ك��ف��اف��ي‪ ،‬ص‬
‫‪ 181‬وما بعدها‪ ،‬ورءوف عباس‪،‬‬
‫ص ‪.)45‬‬
‫ف����ي ب����اري����س ل����م ي��س��ت��ط��ع‬
‫«ك��وري��ي��ل» أن يجد ت��ج��اوب�اً من‬
‫الشيوعيين الفرنسيين أو الحزب‬
‫الشيوعي الفرنسي‪ ،‬وصار مثل‬
‫الجمل األج��رب ال��ذي يتحاشاه‬
‫الجميع‪ ،‬وهو ما يثير سؤاالً مهماً‪:‬‬
‫هل هناك ما أخ��ذه الشيوعيون‬
‫الفرنسيون على «كورييل»؟ وهل‬
‫كان في مسلكه ما يفرض عليهم‬
‫االبتعاد عنه؟ لم يجب أحد عن‬
‫ذلك‪.‬‬
‫بيد أن الشيوعيين اليهود‬
‫‪61‬‬
‫ال���ذي���ن ان��ت��ق��ل��وا إل����ى ال��ك��ي��ان‬
‫ال��ص��ه��ي��ون��ي غ�����ادروه‪ ،‬وانتقلوا‬
‫إل���ى ب��اري��س رب��م��ا إلحساسهم‬
‫باالغتراب وعدم تفاعلهم مع بيئة‬
‫تختلف عن ثقافتهم الفرنسية‪،‬‬
‫وال��وط��ن السابق (م��ص��ر) ال��ذي‬
‫عاشوا فيه‪ ،‬فذهبوا إلى باريس‬
‫وعملوا مع «كورييل» ومجموعة‬
‫روما في نشاط محموم يصلهم‬
‫ب���«ح��دت��و» ف��ي م��ص��ر‪ ،‬ب��ع��د أن‬
‫ان��ت��خ��ب��وا ل��ج��ن��ة ق��ي��ادي��ة تضم‬
‫«ك���وري���ي���ل» وزوج�����ه «روزي������ت»‪،‬‬
‫و«ريمون أجيون» وزوجه «والفرد‬
‫كوهين»‪ ،‬و«ريمون إستانبولي»‪،‬‬
‫و«أرم��������ان س���ي���ف���ون»‪ ،‬و«داود‬
‫يوسف»‪ ،‬واستطاع «كورييل» أن‬
‫يعيد التماسك إلى «حدتو» التي‬
‫تداعت بعد رحيله‪ ،‬وكادت تنتهي‬
‫بسبب اع��ت��زال ال��رج��ل الثاني‬
‫(كمال شعبان)‪ ،‬فتراسل «كورييل»‬
‫مع األعضاء في مصر والحركة‬
‫الشيوعية بالسودان‪ ،‬وكان يوجه‬
‫بتوسيع نشاط الحركة واالنتشار‬
‫بين الجماهير واالهتمام بالخايا‬
‫السرية وتبسيط أساليب العمل‬
‫واالهتمام بقسم النشر‪( .‬كفافي‪،‬‬
‫ص ‪ ،196-191‬رءوف عباس‪،‬‬
‫ص ‪.)47‬‬
‫سالمة التوجهات‬
‫عندما ح��دث ان��ق��اب عام‬
‫‪1952‬م طالب «كورييل» الكوادر‬
‫الشيوعية بالنزول إلى الشوارع‬
‫لتأييده‪ ،‬وتأييد «حدتو» المؤيدة‬
‫لانقاب‪ ،‬وف��ي مواجهة نظرة‬
‫االرت��ي��اب التي كانت تنظر بها‬
‫ال��ش��ي��وع��ي��ة ال��ع��ال��م��ي��ة ل��ح��رك��ة‬
‫الجيش المصري العتقادها أن‬
‫المخابرات األمريكية وراءه��ا؛‬
‫كان «كورييل» ينفي أي شبهة بين‬
‫االن��ق��اب وال��س��ف��ارة األمريكية‬
‫والمخابرات األمريكية عموماً‪.‬‬
‫وك��ان «كورييل» مطمئناً إلى‬
‫سامة توجهات ضباط االنقاب‬
‫من الشيوعيين وخاصة يوسف‬
‫صديق‪ ،‬وث��روت عكاشة‪ ،‬وخالد‬
‫‪62‬‬
‫فكر وثقافة‬
‫محيي الدين‪ ،‬وأحمد حمروش‪،‬‬
‫والقاضي أحمد فؤاد الذي كان‬
‫على صلة وثيقة بجماعة جمال‬
‫عبدالناصر‪ ،‬وك��ان ب���دوره على‬
‫صلة اجتماعية وثيقة قديمة‬
‫وحميمة ب�«كورييل»‪( .‬كفافي‪ ،‬ص‬
‫‪.)201‬‬
‫قام «كورييل» ب��دور أساسي‬
‫في المصالحة بين خالد محيي‬
‫ال���دي���ن‪ ،‬وج��م��ال ع��ب��دال��ن��اص��ر‪،‬‬
‫وك��ان األخير قد نفى األول إلى‬
‫سويسرا وأح��ال��ه إل��ى التقاعد‬
‫م��ن ال���ق���وات ال��م��س��ل��ح��ة‪ ،‬وب��ن��اء‬
‫ع��ل��ى نصيحة «ك��وري��ي��ل» يعود‬
‫خالد إلى مصر وي��زداد معاشه‬
‫ويتولى مسؤولية تحرير جريدة‬
‫«المساء» التي أنشأها االنقاب‪،‬‬
‫وف��ي وق��ت الح��ق يتولى رئاسة‬
‫مجلس «أخ��ب��ار ال��ي��وم» (ان��ظ��ر‪:‬‬
‫خالد محيي الدين‪ ،‬اآلن أتكلم‪،‬‬
‫مركز األه��رام للترجمة والنشر‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ص ‪ ،247 ،69‬كفافي‪،‬‬
‫ص ‪.)216-202‬‬
‫قام «كورييل» ب��دور ملحوظ‬
‫بالنسبة للجزائر وهو في باريس‪،‬‬
‫وت���ب���ادل م���ع ص��دي��ق��ه «أن���دري���ه‬
‫مارتي» الذي استضافه من قبل‬
‫في القاهرة اآلراء ح��ول تنفيذ‬
‫المخطط الصهيوني للسيطرة‬
‫على القارة األفريقية وثرواتها‬
‫بوصفها خزانة العالم‪ ،‬عن طريق‬
‫إشعال ال��ث��ورات واالضطرابات‬
‫وال����ق����اق����ل‪ ،‬وال���ت���م���ك���ن م��ن��ه��ا‬
‫ب��ح��ك��وم��ات ع��س��ك��ري��ة ت��خ��دم‬
‫المصلحة الصهيونية العالمية‬
‫وال��ك��ي��ان الصهيوني‪ ،‬واستطاع‬
‫إقناع من حوله من المناضلين‬
‫الشيوعيين في باريس أن رجاله‬
‫ه���م ال���ذي���ن ق���ام���وا ب��االن��ق��اب‬
‫العسكري في مصر عام ‪1952‬م‪،‬‬
‫وتمكن م��ن اكتساب ثقة بعض‬
‫عناصر ال��ث��ورة ال��ج��زائ��ري��ة عن‬
‫طريق «أندريه مارتي»‪ ،‬واستطاع‬
‫أن ي���ك���ون ج���س���راً ب��ي��ن مصر‬
‫وال���ج���زائ���ر م���ن خ���ال منظمة‬
‫«تضامن»‪ ،‬و«مؤتمر باندونج»‪،‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫ﻋﺒﺪاﻟﻨﺎﺻﺮ اﻋﺘﺮف ﻓﻲ‬
‫ﻛﺘﺎﺑﻪ أن ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻟﻢ‬
‫ﺗﻜﻦ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺑﻞ‬
‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻟﺨﻮﻧﺔ‬
‫اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺪث اﻧﻘﻼب‬
‫‪1952‬م ﻃﺎﻟﺐ »ﻛﻮرﻳﻴﻞ«‬
‫اﻟﻜﻮادر اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺰول إﻟﻰ اﻟﺸﻮارع‬
‫ﻟﺘﺄﻳﻴﺪه وﺗﺄﻳﻴﺪ »ﺣﺪﺗﻮ«‬
‫وأن يكتسب ث��ق��ة ال��م��خ��اب��رات‬
‫المصرية وعمائها لنقل الساح‬
‫إلى الجزائريين عن طريق ليبيا‬
‫عبر البحر‪.‬‬
‫استطاع «كورييل» أن يكون‬
‫مستشاراً ألح��م��د ب��ن ب��ل��ة‪ ،‬أول‬
‫رئ��ي��س ل��ل��ج��زائ��ر‪ ،‬وأن تربطه‬
‫عاقات وثيقة قبل االستقال‬
‫بأبرز رجال المقاومة الجزائرية‬
‫ال��ذي��ن وص��ل��وا فيما بعد لسدة‬
‫الحكم؛ ه��واري بومدين‪ ،‬محمد‬
‫ب��وض��ي��اف‪ ،‬حسين آي���ة أح��م��د‪،‬‬
‫وغيرهم‪ ،‬كما استطاع عن طريق‬
‫منظمة «تضامن» أن يخترق عدداً‬
‫من الحركات واألح��زاب الثورية‬
‫األفريقية‪ ،‬وأن يكون تأثيره قوياً‬
‫على زعمائها وعناصرها‪ ،‬وقد‬
‫ارت��ب��ط ب��ع��اق��ة ق��وي��ة بالزعيم‬
‫المغربي المعارض المهدي بن‬
‫بركة ال��ذي قتل في فرنسا عام‬
‫‪1965‬م‪ ،‬وأس���ه���م ف���ي تعريفه‬
‫بالحركات ال��ث��وري��ة ف��ي أمريكا‬
‫ال��ات��ي��ن��ي��ة وزوده بالمعلومات‬
‫الكافية عن كوبا وغيرها ليؤدي‬
‫دوره من خال منظمة «تضامن»‬
‫بحكم أنه رئيس مؤتمر القارات‬
‫الثاث‪ ،‬كما ساعد على توثيق‬
‫عاقته بالجنرال «شارل ديجول»‪،‬‬
‫فض ً‬
‫ا عن توفير الحماية له في‬
‫سويسرا عند إقامته بها‪.‬‬
‫تبرع «كورييل» بقصر والده‬
‫ليكون سفارة للجزائر في مصر‪،‬‬
‫وك����ان ي��ط��م��ح م��ن وراء خدمة‬
‫الثوار الجزائريين تحقيق السام‬
‫بين ال��ع��رب واليهود ال��غ��زاة في‬
‫فلسطين‪ ،‬وأن تكون الجزائر أول‬
‫م��ن يعترف بحكومة ال��ع��دو في‬
‫تل أبيب‪ ،‬بيد أنه مع ذلك وضع‬
‫بذور الفتنة في الجزائر فيما بين‬
‫العسكر (اليسار واألصوليين) من‬
‫جهة‪ ،‬والعرب والبربر من جهة‬
‫أخ��رى‪ ،‬وه��و ما تعانيه الجزائر‬
‫منذ بداية االستقال حتى اآلن!‬
‫(راجع‪ :‬كفافي‪ ،‬ص ‪،241 -219‬‬
‫حسن ف���ؤاد‪ ،‬مقتل المهدي بن‬
‫بركة‪ ،‬األهرام‪2001/7/10 ،‬م)‪.‬‬
‫تكللت جهود «ك��وري��ي��ل» في‬
‫أواخ����ر ح��ي��ات��ه ب��ال��ن��ج��اح‪ ،‬فقد‬
‫اس��ت��ط��اع م��ن خ���ال مراساته‬
‫الكثيرة مع المقربين من جمال‬
‫عبدالناصر‪ ،‬وأن���ور ال��س��ادات‪،‬‬
‫أن يتوجه حسن التهامي إلى‬
‫ال��رب��اط إل��ى ل��ق��اء م��ع «موشيه‬
‫دي�����ان»‪ ،‬وأح��م��د ح��م��روش إل��ى‬
‫باريس لمقابلة «هنري كورييل»‪،‬‬
‫لتبدأ بعد ذل��ك م��ب��ادرة السادة‬
‫وتوقيع اتفاقيات «كامب ديفيد»‬
‫ال��ت��ي ح��ق��ق��ت االع����ت����راف بما‬
‫اغتصبه ال��ي��ه��ود ف��ي فلسطين‬
‫دول���ة ذات س��ي��ادة‪ ،‬وأن تتبادل‬
‫أك��ب��ر ال���دول العربية السفراء‬
‫مع الكيان الصهيوني‪ ،‬وأن تكر‬
‫حبات المسبحة بعد ذلك سراً‬
‫وعلناً‪ ،‬وأن يتم توقيع اتفاقية‬
‫م��ش��اب��ه��ة ب��ي��ن األردن وال��ع��دو‬
‫(وادي عربة)‪ ،‬واتفاقية «أوسلو»‬
‫بين الفلسطينيين وال��غ��زاة‪ ،‬ولم‬
‫ي��ك��ن غ��ري��ب �اً أن ي��ك��ون معظم‬
‫المفاوضين الفلسطينيين من‬
‫الشيوعيين‪ ،‬الذين مهدوا لهم من‬
‫الشيوعيين المصريين! (راجع‪:‬‬
‫أحمد حمروش‪ ،‬هل كان هنري‬
‫كورييل إره��اب��ي�اً؟ أخ��ب��ار اليوم‪،‬‬
‫‪1994/8/17‬م)‪.‬‬
‫اإلرهاب واالغتيال‬
‫ف��ي ‪ 21‬يونيو ‪1976‬م نشر‬
‫«ج��ورج سوفير» في مجلة «‪Le‬‬
‫‪ »Point‬الفرنسية مقالة وصف‬
‫فيها «ك��وري��ي��ل» كزعيم منظمة‬
‫تدعم اإلرهاب‪ ،‬مرتبطة ب�«الكي‬
‫جي ب��ي»‪ ،‬فوضع تحت اإلقامة‬
‫المنزلية الجبرية ف��ي ديجون‬
‫بفرنسا في إج��راء إداري‪ ،‬رفع‬
‫بعدها الحظر لعدم إثبات التهم‪.‬‬
‫وقد اغتيل «هنري كورييل»‬
‫في ‪ 4‬مايو ‪1978‬م‪ ،‬حيث عثر‬
‫عليه مضرجاً بالدماء في مصعد‬
‫منزله بباريس‪ ،‬وتبنت جماعة‬
‫يمينية متطرفة المسؤولية‪ ،‬لكن‬
‫القضية لم تكشف جوانبها بعد‪،‬‬
‫حيث تحوم شبهات ح��ول ثاث‬
‫جهات أساسية قد تكون متورطة‬
‫في اغتياله‪:‬‬
‫‪« -1‬ج�����ان ب���ي���ار م���اي���ون»‪،‬‬
‫وه��و فرنسي ذو سجل جنائي‬
‫مرتبط بمنظمة الجيش السري‬
‫(‪ ،)OAS‬ومنظمة «‪،»SDECE‬‬
‫ول����ه����ا ن���ش���اط���ات ت��ج��س��س��ي��ة‬
‫وعسكرية في عدة جهات‪ ،‬منها‬
‫قمع الثورة الجزائرية‪ ،‬وقد عمل‬
‫مخبراً ل�«لوشيان إيمي بانك»‪،‬‬
‫ولعله أيضاً من المتورطين في‬
‫قتل «كورييل» نيابة عن «مجموعة‬
‫الموت اإلسبانية» (‪.)GAL‬‬
‫‪ -2‬م��ن��ظ��م��ة أب�����و ن��ض��ال‬
‫الفلسطينية‪ ،‬التي ادع��ت أنها‬
‫قتلت عصام سرطاوي‪ ،‬وقيل‪ :‬إن‬
‫لها عاقة ب�«الكي جي بي»‪.‬‬
‫‪ -3‬م��ك��ت��ب أم�����ن ال���دول���ة‬
‫الجنوب أفريقي «األبارتايدي»‬
‫(االستخبارات الجنوب أفريقية)‪.‬‬
‫وب����ع����د‪ ..‬م���ن ح���ق «ه��ن��ري‬
‫كورييل» أن يهنأ في قبره‪ ،‬وأن‬
‫يشكر الشيوعيين المصريين‬
‫وال���ع���رب ع��ل��ى م���ا ق���دم���وه من‬
‫خدمات سياسية وفكرية جليلة‬
‫ل��ل��ي��ه��ود ال���غ���زاة ف���ي فلسطين‬
‫المحتلة!>‬
‫استشارات أسرية‬
‫أ‪.‬د‪ .‬يحيى عثمان‬
‫يمكنك إرسال استشارتك على أحد‬
‫العنوانين البريدين التاليين‪:‬‬
‫‪[email protected]‬‬
‫‪[email protected]‬‬
‫أستاذي الكريم‪ ،‬سام اهلل عليكم ورحمته‬
‫وبركاته‪..‬‬
‫لدي مشكلة‪،‬‬
‫ليس‬
‫هلل‬
‫الحمد‬
‫الواقع‬
‫في‬
‫ّ‬
‫ول� �ك ��ن ه� ��و ت � �خ � � ّوف م� ��ن م ��واج� �ه ��ة م�ش�ك�ل��ة‬
‫مستقبلية‪ ،‬هي ليست مشكلة عادية يمكن أن‬
‫تحل برأي في جلسة حوارية‪ ،‬لكن من واقع‬
‫�دي م��ن معلومات م��ن أصدقائي‬
‫م��ا ت��راك��م ل� ّ‬
‫أو م��ا أعايشه م��ع أق��ارب��ي تمثل ب��ؤرة مولّدة‬
‫ل�ل�ع��دي��د م��ن ال �م �ش �ك��ات؛ أال وه ��ي ال�ع��اق��ة‬
‫�وج�س��ي بل‬
‫المالية بين ال��زوج �ي��ن‪ ،‬وس�ب��ب ت� ّ‬
‫وترقّ بي لحدوثها ورعبي من أن تدمر حياتي‬
‫ال��زوج�ي��ة أن�ن��ي على يقين م��ن ك��ل التجارب‬
‫دخ��ل الزوجة س��واء أك��ان من‬
‫التي أمامي أن ْ‬
‫ال�ع�م��ل أو م��ن ال �م �ي��راث أو ال�ه�ب��ة إذا ك��ان��ت‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫‪63‬‬
‫العالقة المالية‬
‫بزوجتي تؤرقني‬
‫�وض��ح ك�ي��ف س�ت�ت�ص��رف م��ال �ي � ًا؟ وم��ا م�ق��دار‬
‫ت� ّ‬
‫م�س��اه�م�ت�ه��ا ف��ي ال �ح �ي��اة ال��زوج �ي��ة‪ ،‬أم أت��رك‬
‫األم ��ور دون ح�س��م‪ ،‬ومستقب ًا ي�ح��دث بيننا‬
‫صدام‪ ،‬خاصة أن الوقت المستغرق في العمل‬
‫مستقطع من وقت البيت‪ ،‬وعليها أن تع ّوض‬
‫ذلك مادي ًا؟‬
‫أستاذي الفاضل‪ ،‬هذا ما يدور في ذهني‬
‫م��ن أف �ك��ار‪ ،‬وأن ��ا منتظر رأي �ك��م‪ ،‬وج��زاك��م اهلل‬
‫خيراً‪.‬‬
‫التحليل‬
‫ال ت�ع�م��ل س �ب��ب رئ �ي��س ل�ف�ش��ل ال � ��زواج س��واء‬
‫ب��االن �ف �ص��ال ال�ف�ع�ل��ي ب��ال �ط��اق أو االن �ع��زال‬
‫النفسي وفقدان المودة الزوجية‪.‬‬
‫وبعد هذه المقدمة التي توضح تصوري‬
‫ل�ع��اق��ة ل��م ت�ب��دأ ب�ع��د‪ ،‬ح�ي��ث أن��ا ش��اب أشغل‬
‫منصب ًا يوفر لي دخ ًا ال بأس به‪ُ ،‬عقد قراني‬
‫على فتاة من أسرة طيبة واألمور والحمد هلل‬
‫تسير على ما يرام‪ ،‬وهي تعمل وتحصل على‬
‫راتب طيب يفوق راتبي بقليل‪ ،‬وأنا لم أسألها‬
‫عن قيمة الراتب‪ ،‬وهي لم تقل صراحة‪ ،‬ولكن‬
‫ه��ذا م��ا يبدو ل��ي‪ ،‬ول��م نتناقش م��ن قريب أو‬
‫ً‬
‫بعيد تلميح ًا أو تصريح ًا عن تنظيم عاقتنا‬
‫أوال‪ :‬أود بداية أن أوض��ح أن مستوى‬
‫المالية بعد الزواج‪ ،‬وأنا متحرج أن أفاتحها‪ .‬ونوعية البيئة الثقافية التي نعيشها تساهم‬
‫ل�ك��ن س �ي��دي‪ ،‬أال ت��رى م�ع��ي أن عليها أن في صياغة طريقة تفكيرنا ومعايير التقييم‬
‫‪64‬‬
‫استشارات أسرية‬
‫والحكم على ما نواجهه من مواقف‪ ،‬وقبل‬
‫عصر اإلنترنت كانت الطبقة االجتماعية‬
‫هي التي تشكل اإلط��ار والمعين الثقافي‬
‫للعائالت التي تنتمي لكل طبقة اجتماعية‪،‬‬
‫وك��ان��ت ال��س��م��ات الثقافية ه��ي الفيصل‬
‫وليست السمات المادية رغ��م تأثيرها‪،‬‬
‫أما في عصر اإلنترنت واالنفتاح على كل‬
‫الثقافات؛ فأصبح كل إنسان إلى حد كبير‬
‫يمتلك القرار في اختيار ثقافته وصياغة‬
‫عالمه االفتراضي ال��ذي يرتضيه لذاته‪،‬‬
‫وبما يتناسب ورغباته وتوافقه النفسي‪.‬‬
‫أوضحت هذه المقدمة ألن ابننا العزيز‬
‫وكثيرين غيره يختارون نموذجاً ثقافياً سيئاً‬
‫يستمدونه من معارفهم‪ ،‬ثم يهيئون أنفسهم‬
‫الستقبال نفس المشكلة ال��ت��ي عايشها‬
‫غيرهم بسلبية أفكارهم‪ ،‬بل ويجذبونها‬
‫ج��ذب�اً ف��ي واقعهم بعد أن عايشوها في‬
‫عقولهم وأنفسهم‪.‬‬
‫إن الفهم الخاطئ للتعامل م��ع نعمة‬
‫المولى ع��ز وج��ل ه��و ال���ذي يح ّولها إلى‬
‫نقمة‪ ،‬فمال الزوجة نعمة وفضل من اهلل‪،‬‬
‫ولكن إذا تعاملنا معه بمفاهيم وقيم مغلوطة‬
‫سندمر حياتنا الزوجية بل وكل حياتنا‪ ،‬وإن‬
‫لم نتب سيكون وباالً علينا في اآلخرة‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬إن ال��ش��يء اإلي��ج��اب��ي الوحيد‬
‫ف��ي رس��ال��ة ابننا ه��و سعيه لمعرفة كيف‬
‫يتعرف‪ ،‬وعرضه لما يدور في ذهنه‪ ،‬بدالً‬
‫من االنغالق على التراث‪ ،‬والتصرف بناء‬
‫على مفاهيم خاطئة‪ ،‬ثم نفاجأ وقد تعقدت‬
‫األمور وأصبح ثمن اإلصالح غالياً‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬أود أن أوض��ح أن��ي لن أتناول‬
‫المسألة المالية في العالقات الزوجية من‬
‫الجانب الشرعي‪ ،‬فهناك علماء أفاضل‬
‫تناولوا ذلك‪ ،‬ولكن سأتناولها من الجانب‬
‫الوجداني واآلثار النفسية للعالقات المادية‬
‫بين الزوجين‪.‬‬
‫نقول بعد حمد اهلل‪ :‬إنه من المستقر‬
‫شرعاً انفصال الذمة المالية للزوجة عن‬
‫ال���زوج‪ ،‬وال يحق لنا أن نستحل م��ال أي‬
‫إنسان إال بطيب نفس بمن فيهم الزوجات‪،‬‬
‫ص ُد َقاتِهِ َّن‬
‫وقد قال عز وجل‪َ ( :‬وآتُوا ْ ال ّن ََساء َ‬
‫ِحل َ ًة َف ِإن ِطبْ َن لَ ُك ْم َعن َش ْي ٍء ِ ّمنْ ُه نَفْساً َف ُكلُوهُ‬
‫ن ْ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫َهنِيئا َّمرِ يئا {‪( )}4‬النساء)‪ ،‬كما ال يحل لنا‬
‫أن ندفعهن ‪-‬دون أمر مباشر‪ -‬أن ينفقن‬
‫م��ن أموالهن التي ق��د أعطيناهن إياها‪،‬‬
‫ك��أن نغلظ الحديث‪ ،‬أو نحجم عن إب��داء‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫رغبتنا العاطفية لهن‪ ،‬أو نتجاهل حقوقهن‬
‫الشرعية الخاصة‪ ،‬فإن أنفقن نبدي لهن ما‬
‫يس ّر قلوبهن‪ ،‬وكأن العاطفة وحسن المعشر‬
‫مقابل ما ينفقن‪ ،‬وقد قال العليم الحكم‪:‬‬
‫(يَا أَ ّيُ َها ا ّلَذِ ي َن آ َمنُوا ْ الَ يَ ِح ّ ُل لَ ُك ْم أَن تَرِ ثُوا ْ‬
‫ض‬
‫ِساء َك ْرهاً َوالَ تَ ْع ُ‬
‫ضلُو ُه َّن ِلتَ ْذ َهبُوا ْ ِب َب ْع ِ‬
‫ال ّن َ‬
‫َ‬
‫َما آتَيْتُ ُمو ُه َّن ِإ ّ‬
‫الَ أن يَ ْأتِي َن ِب َف ِ‬
‫اح َش ٍة ّ ُمبَ ِ ّين ٍَة‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫�ن بِال َم ْع ُر ِ‬
‫َو َع� ِ‬
‫وف ف� ِإن كرِ ْهتُ ُمو ُه َّن‬
‫�اش� ُرو ُه� َّ‬
‫َف َعسى أَن تَ ْكر ُهوا ْ َشيئاً َويَج َع َل ّ‬
‫اهللُ فِ يهِ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َخيْراً َكثِيراً {‪( )}19‬النساء)؛ فإنفاقهن‬
‫أﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺘﺠﺎرب أن‬
‫ْ‬
‫دﺧﻞ اﻟﺰوﺟﺔ ﺳﺒﺐ رﺋﻴﺲ ﻟﻔﺸﻞ‬
‫اﻟﺰواج ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎل أو اﻻﻧﻌﺰال‬
‫اﻟﻨﻔﺴﻲ!‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ‬
‫ﻧﻤﻮذﺟﺎ‬
‫اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺨﺘﺎر‬
‫ً‬
‫ﺳﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺎرﻓﻬﻢ ﺛﻢ ﻳﻬﻴﺌﻮن‬
‫أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‬
‫ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻳﺸﻬﺎ ﻏﻴﺮﻫﻢ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﻬﺎء أﻓﺘﻮا ﺑﻤﺴﺎﻫﻤﺔ‬
‫اﻟﺰوﺟﺔ ﻓﻲ اﻷﻋﺒﺎء اﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ‬
‫ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻣﺤﺪدة ﻧﻈﻴﺮ اﺳﺘﻘﻄﺎع‬
‫وﻗﺖ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻣﻦ وﻗﺖ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ‬
‫في هذه الحالة يكون كرهاً وجبراً وإن لم‬
‫يكن نتيجة أمر مباشر من الزوج‪ ،‬ولكن هو‬
‫ربط معاملته الطيبة لزوجته بإنفاقها‪ ،‬وقد‬
‫ورد في الحديث‪َ :‬‬
‫«ال يَ ِح ّ ُل َما ُل ا ْمرِ ٍئ ُم ْسل ٍِم‬
‫يب نَف ٍْس مِ نْهُ»» (أخرجه البيهقي في‬
‫إ َِّال ب ِِط ِ‬
‫شعب اإليمان‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫ومع علمي أن بعض الفقهاء أفتوا بأنه‬
‫على الزوجة العائلة أن تساهم في األعباء‬
‫المنزلية بنسبة محددة من دخلها نظير‬
‫استقطاع وقت عملها من وقت العائلة؛ مما‬
‫سيؤثر على كفاءة أداء أعبائها العائلية‪،‬‬
‫وكما أوضحت أنا لن أناقش حجية الرأي‬
‫الفقهي‪ ،‬فلذلك رج��ال��ه‪ ،‬ولكن أن��ا فقط‬
‫سأتعرض للحالة النفسية لعائلة تقوم‬
‫العالقة المالية فيها بين الزوجين على‬
‫االتفاقات بالدفع والقبض وكأننا في شركة‬
‫إلنتاج األوالد‪ ،‬يفقد فيها الزوجان أج ّل ما‬
‫في العالقة وهو االحتواء من جانب الزوج‬
‫لزوجته‪ ،‬وإحساسها بطعم جميل يشعرها‬
‫بقيمة قوامة زوجها وقد غض الطرف عن‬
‫مالها‪ ،‬ثم هل من حق الزوج في هذه الحالة‬
‫أن يحصل منها على النسبة المتفق عليها؟‬
‫وإذا ما اتفقا واحتاج األوالد إلى تكثيف‬
‫الدروس فمن يتحملها؟‬
‫ح��ق��ي��ق��ة م���ن واق����ع م���ا ع��اي��ش��ت من‬
‫المشكالت المالية الزوجية أجد أنها ال‬
‫تفقد فقط الزوجة الطعم الجميل لسمو‬
‫العالقة الزوجية التي يجب أن تجنبها هذا‬
‫الهراء حول المال‪ ،‬بل أيضاً تدخلها في‬
‫متاهة من التعقيدات تنتهي لألسف بأن‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫يكون عين كل منهما على كشف حساب‬
‫البنك الخاص باآلخر‪.‬‬
‫وقد أس� ّر لي أحد األزواج أن زوجته‬
‫ال تحبه‪ ،‬ولن يفاجأ إذا ما خلعته! وعندما‬
‫س��أل��ت��ه‪ :‬ه��ل ه��ي مقصرة ف��ي واجباتها‬
‫المنزلية؟ أج���اب بالعكس ه��ي تتفانى!‬
‫هل هي مقصرة في عالقتها العاطفية‬
‫أو الخاصة؟ أجاب بتردد‪« :‬ال»‪ ،‬فتعجبت‬
‫واستفسرت مندهشاً‪ :‬إذاً كيف استنتجت‬
‫ع��دم ح ّبها ل��ك؟! ق��ال‪ :‬نحن اتفقنا على‬
‫وتدخر الباقي‬
‫أن تدفع ‪ %25‬من دخلها ّ‬
‫كله‪ ،‬وأنا أقوم بكل طلبات البيت وأساعد‬
‫أهلي وال أدخر إال القليل‪ ،‬سألته عن آخر‬
‫هدية أهداها لزوجته؛ فنظر لي مستنكراً‪:‬‬
‫هدية؟! لماذا؟ إن لها راتباً!‬
‫أنا أعلم أن بعضهم قد يستنكر كلية‬
‫ما أقول‪ ،‬ولكن لألسف أن بعضهم يعيش‬
‫ما أق��ول‪ ،‬ل��ذا فإنني أرى ‪-‬حفاظاً على‬
‫قدسية العالقة الزوجية‪ ،‬وأال يقع الزوج‬
‫في الحرام أو الحرج الشرعي‪ -‬أن يلتزم‬
‫كلية وطبقاً لطاقاته ( ِليُنفِ ْق ُذو َس َع ٍة ِ ّمن‬
‫َس َعتِهِ ) (الطالق‪ )7 :‬بكل التزاماته المادية‬
‫والمعنوية تجاه زوجته‪ ،‬وحتى يشعر بلذة‬
‫وسعادة اإلنفاق ويُشعر زوجته بلذة وسعادة‬
‫التزامه بها‪.‬‬
‫اآلثار‬
‫إذا ما اتفق ال��زوج��ان على نسبة ما‬
‫تدفعها ال��زوج��ة من دخلها‪ ،‬أو التزامها‬
‫بدفع بعض بنود اإلنفاق األس��ري‪ ،‬فهذا‬
‫ليس معناه حل المعضلة المالية بينهما‪،‬‬
‫فكثيراً ما يحدث أن تأتي مواقف يجد فيها‬
‫الزوج أن على زوجته االلتزام بالمساهمة‬
‫المالية فيها‪ ،‬وترى الزوجة أنها غير ملزمة‬
‫بذلك‪ ،‬وإن لم ينفرج الموقف وأرغم أحد‬
‫الزوجين؛ فسيترك ذلك في نفسه شيئاً‪،‬‬
‫ومع المواقف سينفصالن نفسياً وتطغى‬
‫التصرفات المالية على المشاعر الجميلة‪،‬‬
‫ويفقدان المودة والرحمة‪.‬‬
‫وفي المقابل أيضاً‪ ،‬إذا لم يتفقا وترك‬
‫كل منهما األمر حسب الموقف؛ فعادة ما‬
‫تكون التوقعات أعلى بكثير من الواقع‪،‬‬
‫ويصبح لكل موقف معركة‪ ،‬ويقعان في‬
‫الدوائر الشريرة‪.‬‬
‫إذاً ف��ي ك��ل األح�����وال‪ ،‬ف���إن اعتماد‬
‫الزوج على دخل زوجته حتى وإن أظهرت‬
‫اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺰوج ﻋﻠﻰ دﺧﻞ زوﺟﺘﻪ‬
‫ﺣﺘﻰ وإن أﻇﻬﺮت ﻣﻮاﻓﻘﺘﻬﺎ‬
‫ﻟﻪ أﺛﺮ ﺳﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ دفء اﻟﻌﻼﻗﺔ‬
‫اﻟﺰوﺟﻴﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺰوج أن ﻳﺆﺳﺲ ﺑﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺎ رزﻗﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻘﻂ وﻻ ﻳُ ﺪﺧﻞ ﻓﻲ‬
‫ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻪ أي دﺧﻞ ﻣﻦ زوﺟﺘﻪ‬
‫اﻟﺰوﺟﺔ اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ إذا ﺷﻌﺮت‬
‫ﺑﺎﻷﻣﺎن ﻓﻠﻦ ﺗﺒﺨﻞ ﺑﻤﺎﻟﻬﺎ‬
‫وﺟﻬﺪﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺘﻬﺎ‬
‫اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺰوﺟﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن‬
‫ﺗﺘﺤﻘ‪u‬ﻖ ﺑﺎﻟﺤﻘ‪uu‬ﻮق واﻟﻮاﺟﺒ‪uu‬ﺎت‬
‫ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ واﻟﻔﻀﻞ‬
‫موافقتها له أثر سلبي على دفء العالقة‬
‫ال��زوج��ي��ة‪ ،‬ويفقدها ل��ذة الشعور بإنفاق‬
‫الزوج‪ ،‬واالعتماد عليه في كفالة احتياجات‬
‫زوجته‪ ،‬وهو شعور ال يُسعد فقط الزوجة‬
‫لكن يقوي عالقتها بزوجها‪.‬‬
‫الحل‬
‫أرى أنه على الزوج أن يؤسس بيته على‬
‫ما رزقه اهلل من رزقه هو فقط‪ ،‬وال يُدخل‬
‫في حساباته مطلقاً أي دخل من زوجته‪،‬‬
‫ويحذر أن يربط عالقته بزوجته على ما‬
‫قد تبديه من فضل مالها؛ حتى ال يرتبط‬
‫لديها أنها تتحكم في عطاءاته العاطفية‬
‫وسلوكه معها بناء على ما تنفقه من مالها‬
‫الخاص‪ ،‬بمعنى أن يوزع دخله على ميزانية‬
‫التزاماته والموازنة المناسبة بين عناصر‬
‫اإلنفاق المختلفة دون إس��راف أو تقتير‪،‬‬
‫وأي�اً كان دخل زوجته؛ فعليه أن يخصص‬
‫الجزء المناسب لإلنفاق عليها‪ ،‬وأن يهديها‬
‫تيسر‪ ،‬مصداقاً‬
‫الهدايا كل حين حسب ما ّ‬
‫لقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬تهادوا‬
‫‪65‬‬
‫تحابوا» (رواه البخاري في األدب المفرد)‪،‬‬
‫وال يخطط ميزانيته على أن الزوجة سوف‬
‫تساهم بشيء م��ا‪ ،‬ف��إن فعلت ع��ن طيب‬
‫نفس فجزاها اهلل خيراً‪ ،‬ولكن يجب أال‬
‫تكون مساهمتها جزءاً أساسياً يعتمد عليه‬
‫في ميزانية البيت‪ ،‬ولكن يمكن اعتبارها‬
‫جزءاً تكميلياً أو تحسيناً لمستوى المعيشة‬
‫المنزلية‪ ،‬فمث ً‬
‫ال إن كانت إمكانيات الزوج‬
‫تسمح فقط بشراء مالبس في حدود ‪500‬‬
‫دينار سنوياً لألسرة‪ ،‬وأضافت الزوجة بعد‬
‫ذلك ما أضافت فال حرج في هذا‪.‬‬
‫وه��ن��ا أود أن أذ ّك���ر ب��اآلي��ة الكريمة‪:‬‬
‫( َوإِن َطلَّ ْقتُ ُمو ُه َّن مِ ن َقبْلِ أَن تَ َم ّ ُسو ُه َّن َو َق ْد‬
‫الَ‬
‫ضتُ ْم إَ ّ‬
‫ِص ُ‬
‫ضتُ ْم لَ ُه َّن َفرِ َ‬
‫ف َما َف َر ْ‬
‫َف َر ْ‬
‫يض ًة َفن ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫دِ‬
‫ذِ‬
‫ّ‬
‫اح‬
‫ك‬
‫ن‬
‫ال‬
‫ة‬
‫د‬
‫ق‬
‫ع‬
‫ه‬
‫ي‬
‫ب‬
‫ي‬
‫ل‬
‫ا‬
‫و‬
‫ف‬
‫ع‬
‫ي‬
‫و‬
‫أ‬
‫ن‬
‫ُو‬
‫ف‬
‫ع‬
‫َِ ُ َ‬
‫أَن يَ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ض َل‬
‫َنس ُوا ْ الْ َف ْ‬
‫َوأَن تَ ْعفُوا ْ أَ ْق َر ُب لِل ّتَ ْق َوى َوالَ ت َ‬
‫بَينَ ُكم إ َِّن ّ َ‬
‫اهلل ِب َما تَ ْع َملُو َن بَ ِصي ٌر {‪)}237‬‬
‫ْ ْ‬
‫(البقرة)‪ ،‬فرغم أن العالقة الزوجية قد‬
‫انفصلت ع��راه��ا ووق��ع ال��ط��الق؛ يذكرنا‬
‫المولى عز وجل بأال ننسى الفضل بيننا‪،‬‬
‫فما بالنا ونحن ما زلنا أزواجاً؟‬
‫إن الزوجة الفاضلة إذا شعرت باألمان‬
‫والطمأنينة في بيتها‪ ،‬ورأت من زوجها‬
‫الترفع عن الطمع في مالها‪ ،‬وأن��ه يبذل‬
‫الجهد للقيام بأعباء الزوجية‪ ،‬وال يعضلها‬
‫أو يحرجها أو يستغل حياءها؛ فإنها لن‬
‫بج ّل جهدها حتى‬
‫تبخل ليس بمالها بل ُ‬
‫تحافظ على بيتها‪.‬‬
‫ومن وجهة نظر أخرى‪ :‬على الزوج أن‬
‫يدرك أن أي مدخرات لزوجته سوف تعود‬
‫على أبنائهما‪ ..‬إذاً‪ ،‬فلماذا تدني النفس‬
‫بالطمع في مال الزوجة؟ ولماذا فتح باباً‬
‫من الشقاء بالحديث عن الحق في نسبة‬
‫من دخلها؛ ألنني سمحت لها بأن تعمل‪،‬‬
‫واستقطعت وقت العمل من وقت العائلة؟‬
‫إن السعادة الزوجية ال يمكن أن تتحقق‬
‫بالحقوق وال��واج��ب��ات؛ ألنها برغم النص‬
‫الشرعي الواضح عليها فإنها عملياً تختلف‬
‫من بيت آلخر‪ ،‬بل من وقت آلخر بالنسبة‬
‫لنفس البيت‪ ،‬ولكن على كل زوج أن يعرف‬
‫حقه وي��ع � ّود نفسه بالعفو ع��ن��ه‪ ،‬ويعرف‬
‫واجبه ويزيد بالفضل عليه؛ ( َو ّ‬
‫اهللُ يُ ِح ّ ُب‬
‫الْ ُم ْح ِسنِي َن {‪( )}134‬آل عمران)‪.‬‬
‫بهذا المعنى تتحقق المودة والرحمة‪،‬‬
‫ن���س���أل اهلل أن ي��دي��م��ه��ا ع���ل���ى ب��ي��وت‬
‫المسلمين‪>.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪w w w. m u g t a m a . c o m‬‬
‫األخيرة‬
‫ال��ق��رآن ال��ك��رمي يحفز اإلن��س��ان للتفكير‬
‫اإليجابي اجل��اد ال��ذي يعقبه فكر مستنير‬
‫وسلوك راق‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪ُ :‬‬
‫(ق��لْ ِإ مَّ َ‬
‫نا‬
‫ل َمثْ نَ ى َو ُف َر َادى ُث مَّم‬
‫وموا ِ مَّ ِ‬
‫َأ ِع ُظكُ م ِب َو ِ‬
‫اح َد ٍة َأن َتقُ ُ‬
‫ير‬
‫َتتَ فَ كمَّ ُروا َما ِب َص ِ‬
‫اح ِبكُ م ِّمن ِجنمَّ ٍة ِإ ْن ُه َو ِإ مَّل ن َِذ ٌ‬
‫يد {‪( )}46‬سبأ)‪.‬‬
‫ذ‬
‫لمَّكُ م َب ْ َ‬
‫اب َش ِد ٍ‬
‫ي َي َد ْي َع َ ٍ‬
‫يقول ال تبارك وتعالى‪ :‬قل يا محمد‬
‫لهؤلء الكافرين الزاعمي أنك مجنون‪(ِ :‬إ مَّ َ‬
‫نا‬
‫اح َد ٍة)؛ أي إنا آمركم بواحدة‪ ،‬وهي‬
‫َأ ِع ُظكُ م ِب َو ِ‬
‫مَّ‬
‫ل َمثْ نَ ى َو ُف َ��ر َادى ُث مَّم َتتَ فَ كمَّ ُروا َما‬
‫وموا ِ ِ‬
‫( َأن َتقُ ُ‬
‫اح ِبكُ م ِّمن ِجنمَّ ٍة)؛ أي تقوموا قيام ًا خالص ًا‬
‫ِب َص ِ‬
‫هّ‬
‫مَّ‬
‫ل عزمَّ‬
‫وجل من غير هوى ول عصبية‪ ،‬فيسأل‬
‫‪óæ°ùdG ∞°Sƒj .O :º∏≤H‬‬
‫المعايير‬
‫اإليمانية‬
‫والتربوية‬
‫للمؤسسة‬
‫الربانية‬
‫(‪)7‬‬
‫التفكير‬
‫اإليجابي‬
‫بعضكم بعض ًا‪ :‬هل مبحمد من جنون؟ فينصح‬
‫بعضكم بعض ًا ُ‬
‫(ث مَّم َتتَ فَ كمَّ ُروا)؛ أي ينظر الرجل‬
‫لنفسه في أم��ر محمد [‪ ،‬ويسأل غيره من‬
‫الناس عن شأنه إن أشكل عليه ويتفكر في ذلك‪.‬‬
‫(تفسير ابن كثير)‪.‬‬
‫وي َع مَّر ُف الفكر بأنه «إعمال العقل في املعلوم‬
‫ُ‬
‫للوصول إل��ى معرفة املجهول»‪( .‬احل��م��داوي‪،‬‬
‫العمل اإلسالمي بدائل وخيارات)‪.‬‬
‫وفي كل توجيهات الرسول صلى ال عليه‬
‫وآل��ه وسلم جند التوجيه الواضح اجللي نحو‬
‫التفكير اإليجابي‪ ،‬التي منها‪:‬‬
‫ التوجيه نحو العمل واإليجابية إلى‬‫أقصى حد ميلكه اإلن��س��ان‪ ،‬فيقول صلى ال‬
‫ُ‬
‫كم‬
‫قامت‬
‫يد ِ‬
‫الساعة وفي ِ‬
‫عليه وسلم‪ْ :‬‬
‫«إن َ‬
‫أحد ْ‬
‫َف ِس ٌ‬
‫غر َسها‬
‫أن ل‬
‫فإن‬
‫يلة‪ِ ،‬‬
‫استطاع ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫تقوم حتى َي ِ‬
‫ْيغر ْس َها»‪( .‬حديث صحيح)‪.‬‬
‫فل ِ‬
‫ ت��وج��ي��ه التفكير ن��ح��و إح��س��ان الظن‬‫باخلالق سبحانه وتعالى في قوله صلى ال‬
‫يحسن‬
‫ميوتن أحدكم إل وهو‬
‫عليه وسلم‪« :‬ل‬
‫ُ‬
‫مَّ‬
‫مَّ‬
‫بال عزمَّ‬
‫وجل»‪( .‬حديث صحيح)‪.‬‬
‫الظن‬
‫ِ‬
‫مَّ‬
‫ التفكير في استقبال القادم بخير وترك‬‫وأحب‬
‫خير‬
‫القوي‬
‫«املؤم ُن‬
‫التحسر على املاضي‪:‬‬
‫ِ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬
‫ٌ‬
‫عيف وفي ٍّ‬
‫املؤمن مَّ‬
‫احرص‬
‫من‬
‫ال َ‬
‫الض ِ‬
‫إلى مَّ ِ‬
‫خير ِ‬
‫ِ‬
‫كل ٌ‬
‫مَّ‬
‫تعجزْ فإن‬
‫ينفع َك‬
‫على ما‬
‫واستعن ب� ِ‬
‫ِ‬
‫�ال ول ِ‬
‫ُ‬
‫فعلت كذا َوكذا‬
‫�يء فال تقُ لْ لو أ ِّن��ي‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫أصابك ش� ٌ‬
‫ُ‬
‫مَّ‬
‫َ‬
‫تفتح‬
‫لو‬
‫فإن‬
‫فعل‬
‫شاء‬
‫وما‬
‫ال‬
‫ر‬
‫�د‬
‫�‬
‫ق‬
‫قل‬
‫كن‬
‫و َل‬
‫مَّ‬
‫ُ‬
‫مَّ َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫عمل مَّ‬
‫يطان»‪( .‬حديث حسن)‪.‬‬
‫الش‬
‫ِ‬
‫ التفكير اإليجابي باإلنفاق في سبيل‬‫ال‪ ،‬ويتمثل ذل��ك ف��ي س��ؤال��ه [ للصحابة‬
‫«أيكم ُ‬
‫إليه من‬
‫أحب ِ‬
‫مال ِ‬
‫رضي ال عنهم‪ُّ :‬‬
‫وارث ِه ُّ‬
‫مال ِه؟»‪ ،‬قالوا‪ :‬يا َر َ‬
‫أحد‪ ،‬مَّإل‬
‫سول مَّ ِ‬
‫ِ‬
‫ال‪ ،‬ما منمَّ ا من ٍ‬
‫مَّ‬
‫وارث ِه‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫ال‪:‬‬
‫قال‬
‫مال ُه‬
‫رسول ِ‬
‫مال ِ‬
‫أحب ِ‬
‫إليه من ِ‬
‫ُّ‬
‫َ‬
‫أحد مَّإل ُ‬
‫إنمَّ‬
‫وارث ِه‬
‫ه‬
‫موا‪،‬‬
‫ل‬
‫«اع‬
‫ُ‬
‫مال ِ‬
‫ليس منكم ِمن ٍ‬
‫َ‬
‫مال ِه‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫وارث َك‬
‫مت‪،‬‬
‫قد َ‬
‫مال َك ما مَّ‬
‫ومال ِ‬
‫إليه من ِ‬
‫أحب ِ‬
‫ُّ‬
‫أخ َ‬
‫ما مَّ‬
‫رت»‪( .‬حديث صحيح)‪.‬‬
‫ويكاد أن يكون التفاؤل احلسن هو التعريف‬
‫بي [‬
‫املختصر للتفكير اإليجابي؛ «ك��انَ النمَّ ُّ‬
‫ويكْ َر ُه ِّ‬
‫ُ‬
‫الطيرةَ »‪( .‬إسناده‬
‫الفأل‬
‫يعجب ُه‬
‫ُ‬
‫احلسن‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫صحيح)‪.‬‬
‫واملؤسسة الربانية مؤسسة تنشد احلكمة‬
‫واإلتقان والتميز في جميع أعمالها ومشاريعها‬
‫ومناشطها؛ لذا تهتم بالتفكير اإليجابي وتعرف‬
‫أهميته من حيث‪:‬‬
‫ التجديد واإلب���داع ف��ي املشاريع التي‬‫يحتاج إليها اإلنسان في كل إقليم ومكان مبا‬
‫يناسب حاجاته وظروفه وإمكاناته وقدراته‬
‫استخدام ًا واستثمار ًا وإنتاج ًا‪.‬‬
‫ التواصل البشري الفعال في املؤسسة‬‫الربانية القائم على اإلميان واألخوة والدعاء‬
‫وحب اخلير للغير وترك اللغو وكل ما يتنافى مع‬
‫الصفات اإلميانية‪.‬‬
‫ التقييم املستمر للخطط والتوجهات‬‫واإلستراتيجيات مب��رون��ة ذهنية وثقة في‬
‫التفكير وإبداع في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫ التفكير اإليجابي يدفع أعضاء املؤسسة‬‫لتقدمي أفضل ما لديهم من أفكار جتديدية‬
‫ومشاريع إبداعية مببادرات مدروسة دراسة‬
‫واق��ع��ي��ة وع��م��ي��ق��ة وع��اق��ل��ة ورؤى للحاضر‬
‫واملستقبل‪.‬‬
‫ إدخال تقنيات التخطيط والبرمجة في‬‫العمل املؤسسي حتى يكون في املؤسسة احلظ‬
‫األوفر من تكنولوجيا التعليم‪.‬‬
‫ تعزيز جانب املراجعة الفكرية ألهداف‬‫وقيم ووسائل املؤسسة‪« :‬ولذلك فإنه ل يحق‬
‫ألي حركة إسالمية ُتعلي من مرجعية التواصي‬
‫باحلق‪ ،‬أن تغتر بكونها قد بلغت النضج النهائي‪،‬‬
‫مبجرد أنها آمنت بالنتقال من التشدد إلى‬
‫الع��ت��دال‪ ،‬وم��ن التطرف إل��ى الوسطية‪ ،‬ومن‬
‫العنف إل��ى السلمية‪ ،‬وم��ن السر إل��ى العلن‪،‬‬
‫فتَ ْعتَ بر نفسها غير معنية بعد ذلك بقضية‬
‫مدعوةٌ دائم ًا‬
‫املراجعة والنقد الذاتي‪ ،‬بل هي‬
‫مَّ‬
‫إلى البحث عن األفضل واألحسن واألجود‪.»..‬‬
‫(احلمداوي‪ ،‬العمل اإلسالمي بدائل وخيارات)‪.‬‬
‫ توليد األفكار واحلكم عليها‪« :‬اإلب��داع‬‫ليس مجرد توليد أفكار فقط؛ ألنه يقتضي‬
‫أيض ًا احلكم على هذه األفكار‪ ،‬فالعملية تشمل‬
‫التوسع في األفكار األولية واختبارها وتنقيحها‬
‫وح��ت��ى رف��ض��ه��ا وت��ف��ض��ي��ل أف��ك��ار أخ�����رى‪.»..‬‬
‫(روبنسون‪ ،‬حرر أفكارك تعلهّم أسرار البتكار)‪.‬‬
‫واحلمد ل رب العاملي‪>.‬‬
Скачать