Uploaded by syrian_rami

book-234

advertisement
‫جامعة قاصدي مرباح – ورقمــة‪-‬‬
‫كمية الحقوق و العموم السياسية‬
‫قسم الحقوق‬
‫‪------------‬‬‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق‬
‫تخصص ‪ :‬قانون جنائي‬
‫بعنوان ‪:‬‬
‫المسؤولية الجنائية للشخص‬
‫المعنوي عن جريمة تلويث البيئة‬
‫من إعداد الطالب‪ :‬لقمان بامون‬
‫تحت إشراف الدكتور‪ :‬نصر الدين األخضري‬
‫نوقشت بتا ريخ ‪4404/42/42‬‬
‫أمام اللجنة المكونة من السادة‪:‬‬
‫الدكتور‪/‬محـمـد بـن محـمـد ( أستاذ محاضر ‪ -‬جامعة قاصدي مرباح ‪-‬ورقلة ‪)-‬‬
‫رئيسا‬
‫الدكتور‪ /‬نصر الدين األخضري (أستاذ محاضر ‪ -‬جامعة قاصدي مرباح ‪-‬ورقلة‪ )-‬مشرفا ومقررا‬
‫الدكتور‪ /‬بن مشري عبد الحليـم‬
‫الدكتور‪ /‬عـلي قـ صـيــر‬
‫(أستاذ محاضر ‪ -‬جامعة محمد خيضر ‪-‬بسكرة ‪)-‬‬
‫(أستاذ محاضر – جامعة الحاج لخضر –باتنة‪ )-‬منـاقشـا‬
‫السنة الجامعية ‪4400/4404‬‬
‫مناقشـا‬
‫بِس ِم ِ‬
‫الر ِحي ِم‬
‫الر ْحم ِن َّ‬
‫اهلل َّ‬
‫ْ‬
‫اد فِ ي الْبَـ ِّر َوالْبَ ْح ِر‬
‫ظَ َه َر الْ َف َس ُ‬
‫َّاس لِي ِ‬
‫ت أَي ِ‬
‫ِ‬
‫ض‬
‫ع‬
‫ـ‬
‫ب‬
‫م‬
‫ه‬
‫ق‬
‫ي‬
‫ذ‬
‫ن‬
‫ال‬
‫ي‬
‫د‬
‫َ‬
‫ُ ُ ْ َْ َ‬
‫بِ َما َك َسبَ ْ ْ‬
‫الَّ ِذي َع ِملُوا لَ َعل َُّ‬
‫م‬
‫ه‬
‫ْ ْ‬
‫ن ( ‪)20‬‬
‫يَـرِج ُعو َ‬
‫سورة الروم‬
‫ب ا ْشرح لِ‬
‫ص ْد ِري‬
‫ي‬
‫َ‬
‫َر ِّ َ ْ‬
‫وي ِّسر لِ‬
‫ِ‬
‫احلُ ْل ُع ْق َد ًة ِم ْن لِ َسانِي‬
‫و‬
‫*‬
‫ي‬
‫ر‬
‫َم‬
‫أ‬
‫ي‬
‫َ ْ‬
‫ْ‬
‫ََ ْ‬
‫يَـ ْف َق ُهوا قَـ ْولِي‬
‫اآليات ‪ 42 ،42 ،42 ،42‬من سورة طه‬
‫إلى أعز الناس و أغلى الناس‪ ،‬إلى من بفضلها بعد اهلل عز وجل وصلت إلى‬
‫ما وصلت إليه‪ ،‬إلى من كانت لي نورا في طريقي إلى من كان دعاؤها سر‬
‫نجاحي إلى أمي الغالية حفظها اهلل و جزاها عني خير الجزاء‪.‬‬
‫إلى من زرع في قلبي روح األمل والمثابرة إلى والدي العزيز‪.‬‬
‫إلى أمي الثانية التي كانت لي سندا إلى جدتي حفظها اهلل‪.‬‬
‫إلي أبي الثاني جدي حفظه اهلل‪.‬‬
‫إلى من أعتز بهم وأفخر بهم و أحملهم في قلب ي نقشا أزليا ال يزول إلى‬
‫إخوتي ( عبد الكريم‪ ،‬يوسف‪ ،‬محمد الطاهر‪ ،‬خديجة‪ ،‬مراد‪ ،‬خالد‪ ،‬عبد‬
‫الرؤوف‪ ،‬عبد الرحيم‪ ،‬إيمان‪ ،‬عماد)‪.‬‬
‫إلى كل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاز هذا البحث‪.‬‬
‫مصداقا لقوله ت عالى‪ (( :‬والن شكرتم ألزيدنكم ))‪.‬‬
‫يتوجب على اإلقرار بالشكر األول و األخير هلل عز وجل أن أعانني ووفقني لكتابة‬
‫هاته الرسالة‪.‬‬
‫ومن لم يشكر الناس لم يشكر اهلل‪ ،‬لذلك أتق دم بخالص شكري لمن يستحق الشكر‬
‫والتقدير إلى األستاذ المشرف الدكتور نصر الدين االخضري لقبوله اإل شراف على‬
‫هاته الرسالة وعلى ما قدمه لي من نصائح وتوجيهات علمية طيلة مدة إعداد الرسالة‪.‬‬
‫كما أتقدم بج زيل الشكر إلى الدكتور قوي بوحنية عميد كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية بجامعة ورقلة‪ ،‬و األستاذ عمران بوليفة رئيس قسم الحقوق‪ ،‬وكل أساتذة‬
‫القسم الذين لم يبخلوا في تقديم العلم و اإلرشاد‪ ،‬و الذين بفضلهم تمكنت من‬
‫إعداد هاته الرسالة‪.‬‬
‫كما أتوجه بالشكر إلي صديقي رضوان ش ريفي الذي كان معي يوم بيوم في إعداد‬
‫هاته الرسالة وشاركني عناها‪.‬‬
‫مـقـدمـة‬
‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫إف لكؿ عصر مف العصور قضية تطرح نفسيا وتشغؿ عقوؿ المفكريف‪ ،‬وال شؾ أف‬
‫قضية زمننا ىذا ىي قضية التموث البيئي‪ ،‬والمشاكؿ التي تمس البيئة‪ ،‬والتي تيدد اإلنساف‬
‫في حياتو حيت تعتبر البيئة الوسط الحيوي الذي ت عيش فيو المخموقات مف إنساف وحيواف‬
‫ونبات‪ ،‬وقد عمؿ البشر عمى االعتداء عمى الموارد الطبيعية لياتو البيئة وتكييؼ وتطويع‬
‫البيئة لرغباتيـ حتى تجاوزوا الحدود‪ ،‬وال يوجد اخطر مما يحدث اليوـ مف إتالؼ لمبيئة إلى‬
‫حد الذي جع ؿ مف الصعب إصالح ما تـ إفساده‪ ،‬وما مشكمة االحتباس الحراري إال مثاؿ‬
‫حي لذلؾ‪ ،‬وىو ما ييدد بأ ف تصبح الحياة قاسية عمى كوكبنا‪ ،‬فأصبحت ىاتو الظاىرة‬
‫تشكؿ مشكمة إنسانية وخاصة بعد التقدـ التكنولوجي اليائؿ الذي وصؿ لو اإلنساف والثورة‬
‫الصناعية التي ساىمت في رقي اإلنساف مف جية ومف جية أخرى انعكست بسمب عمى‬
‫بيئتو‪.‬‬
‫وموضوع حماية البيئة وضرورة الحفاظ عمييا وكيفية مواجية اآلثار الناجمة عف‬
‫التموث مف المواضيع التي تناؿ اىتماـ االتفاقيات الدولية وكذا التشريعات الوطنية‪ ،‬وكذلؾ‬
‫نالت اىتماـ فقياء القانوف في كافة فروعو حيت حظيت بالعديد مف الدراسا ت المختمفة مف‬
‫كافة الميتميف بالدراسات القانونية‪.‬‬
‫وازاء تطور ىذه الظاىرة وخطورة المشاكؿ البيئية زادت جيود الدوؿ مف أجؿ الحد مف‬
‫ىاتو الممارسا ت الضارة واألنشطة المدمرة لمبيئة‪ ،‬فانعقدت المؤت مرات الدولية الخاصة بالبيئة‬
‫كمؤتمر ستوكيولـ لسنة ‪ ،1972‬ثػـ مؤتمر ريػو بالب ارزيؿ لسنػة ‪ ،1993‬ومف ثـ عمدت جؿ‬
‫الدوؿ إلى سف التشريعات الالزمة لممحافظة عمى البيئة وحمايتيا عمى غرار المشرع الج زائري‬
‫فكاف أوؿ قانوف خاص بحماية البيئة ىو القانوف رقـ ‪ 03- 83‬المتعمػ ؽ بحماية البيئػة‪،‬‬
‫تدرجت بعػده القوانيف وصوال إلي القػانوف رقـ ‪.10- 03‬‬
‫‪2‬‬
‫وكانت نتيجة لذلؾ أف تضمنت ىاتو التشريعات أحكاما لمتصدي إلى مخالفة‬
‫االلتزامات والواجبات المتعمقة بحماية البيئة وتستوجب مساءلة المخالؼ‪ ،‬وىي المسؤولية عف‬
‫األ ضرار البيئية ومف بيف ىذه المسؤوليات المسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫تكمف أىمية الموضوع فيما يمي‪:‬‬
‫إف البحث ينتمي إلى األبحاث القانونيػة المتعمقة بحمايػة البيئة والمحافظة عمييػا‪ ،‬وىي‬
‫مف الموضوعات التي تحظى بأىمية بالغة في عصرنا‪ ،‬خاصة وبعد ارتفاع التموث في جميع‬
‫أنحاء العالـ‪ ،‬وازدياد المخاطر الناجمة عنو‪ ،‬الوضع الذي فرض عمى المجتمع الدولي‬
‫التكافؿ لمواجية التحديات البيئية التي أفرزتيا الحضارة الحديثة مف اجؿ سالمة البشرية مف‬
‫جانب وسالمة البيئة مف جانب أخر‪.‬‬
‫واف األمف البيئي وما يعنيو ىذا المصطمح مف بيئة أكثر أمنا واقؿ تموثا‪ - ،‬يعد‬
‫بحؽ ‪ -‬مف أىـ أسس بقاء المجتمع‪ ،‬إذ أف حياة اإلنساف وبقائو بؿ وحيػاة األجياؿ المقبمػة‪،‬‬
‫مرت بطة ارتباطا وثيقا بسالمة البيئة‪.‬‬
‫ومف ىنا ييتـ المشرع بالقواعد القا نونية التي تكفؿ صيانة البيئة ومكافحة جميع أنواع‬
‫التعدي عمى التوازف بيف مكونات النظاـ البيئي‪ ،‬فيحدد األعماؿ التي تؤدي إلى تموث المحيط‬
‫الحيوي بأجزائ و المائية واليوائية والبرية‪ ،‬كما يضع الوسائؿ القانونية لرصد تمؾ األعماؿ‬
‫ومساءلة مرتكبييا‪ ،‬و فرض العقوبة المناسبة عمى اقترافيا‪.‬‬
‫لذا فقد لوحظ في غياب ونقص فاعمية القوانيف والتشريعات البيئية أكبر األثر في تزايد‬
‫الدمار البيئي‪ ،‬وال شؾ أف فاعمية وكفاءة أنظمة حماية البيئة تعتمد بالدرجة األولى عمى‬
‫إمكانات وطاقات وحدود تطبيؽ وتنفيذ كافة التشري عات البيئية المختمفة بدقة و حزـ‪.‬‬
‫وىو ما جعؿ البعض ينادي بضرورة إقامة منظومة متكاممة‪ ،‬أحد مكوناتيا إنشاء‬
‫قاعدة بيانات لمتشريعات البيئية‪ ،‬بيدؼ الرصد والجمع والتخزيف واالسترجاع‪ ،‬بما يفيد‬
‫‪3‬‬
‫القائميف عمى شؤوف حماية البيئة في تحديد ومعرفة ال حقوؽ وتوقيػع الجزاء عمى المخالؼ‪،‬‬
‫ومف ثـ يزيد مف احتراـ تمؾ الحماية‪ ،‬ويشكؿ أخالقيات بيئية ووقائية لمواجية المخاطر‬
‫البيئية ‪.‬‬
‫واف كاف الق انوف الجنائي يقرر مسؤولية كؿ شخص عف مخالفتو إلحكاـ القوانيف‬
‫البيئية‪ ،‬فقد يمكف أف يكوف الشخص طبيعيا أو معنويا‪ ،‬والمالحظ أف األضرار التي يتسبب‬
‫فييا الشخص الطبيعي في ىذا المجاؿ ضئي مة بالمقارنة مع الشخص االعتباري‪ ،‬خاصة‬
‫الدوؿ الصناعية الكبرى وكذا الشركات الصناعية‪.‬‬
‫وأحكاـ ىا تو المسؤولية مف الموضوعات المعقدة والدقيقة التي لـ تستقر وتتضح بشكؿ‬
‫جمي إذ مازلت يشوبيا الكثير مف الغموض وعدـ التحديد‪ ،‬واتجيت غالبية السياسات الجنائية‬
‫المعاصرة إلي إقرار المس ؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية لمواجية التغيرات االجتماعية‬
‫واالقتصادية وطيور أبعاد جديدة عف سوء استخداـ لألنشطة الصناعية مف قبؿ‬
‫ىؤالء‬
‫األشخاص األمر الذي يترتب عميو الكثير مف اإلضرار في صحة الفرد والبيئة وخاصة تمؾ‬
‫الناتجة عف التموث الصناعي والكيميائي‪.‬‬
‫ولقد كاف ليذا الفكر أساس اجتماعي ىاـ‪ ،‬ذلؾ الف تقرير المسؤولية الجنائية‬
‫لمشخص المعنوي ىو الحؿ الحتمي الذي يسد النقص الناتج مف االكتفاء بالمسؤولية الفردية‪.‬‬
‫فالمسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي تمثؿ في عصرنا ىذا نقطة تحوؿ أخرى في‬
‫تطور القانوف الجنائي‪ ،‬والمسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي في جرائـ البيئة ىي أيضا‬
‫وليدة العصر‪ ،‬لما يشيده ىدا األخير مف تغيرات والتي تسبب بيا العالـ المتطور اليوـ وما‬
‫يسببو ىؤالء األشخاص مف إضرار عمى البيئ ة وما ترتكبو مف جرائـ ضد البيئة‪.‬‬
‫إشكالية الموضوع‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫تثير المعالجة القانونية لموضوع المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف جريمة‬
‫تمويث البيئة اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫إلى مف تسند المسؤولية الجنائية عف جريمة تمويث البيئة المرت كبة في إطار تسيير‬
‫الشخص المعنوي؟‬
‫إلى الشخص المعنوي بمعزؿ عف الشخص الطبيعي الذي يمثمو والذي يكوف قد‬
‫ارتكب الجريمة ؟ أـ تسند إلى الشخص الطبيعي وتتعدى إلى الشخص المعنوي‪ ،‬أي كمييما‬
‫معا‪.‬‬
‫ويتفرع عف ىذه اإلشكالية أسئمة فرعية ‪:‬‬
‫ىؿ المسؤولية الجنائية لمشخ ص المعنوي عف جريمة تمويث البيئة مطابقة لممسؤولية‬
‫في غيرىا مف الج رائـ التي يرتكبيا الشخص المعنوي؟ أـ أف ليا خصوصية نظ ار لخصوصية‬
‫جريمة تمويث البيئة؟‬
‫وفي الركف المادي وعف الصورة التي يمكف أف يتخذىا النشاط اإلجرامي في ىذه‬
‫الجريمة والسموؾ الذي يمكف أف تتحقؽ بو الجريمة‪ ،‬ىؿ يكتفى بالسموؾ المادي االيجابي‬
‫فقط أـ مف الممكف أف تقػ ع الجريمة باالمتناع؟‪ ،‬وما ىو اإلىماؿ الكافي لتكويف الجريمة؟‪،‬‬
‫وىؿ يجب أف يكوف االمتناع عف واجب قانوني محدد في القانوف أـ انو يكفي أف يكوف ىناؾ‬
‫امتناع يصمح الف يكوف ركنا ماديا طالما أنو يسبب ضرر؟‬
‫كما أف الركف المعنوي في ىده الجريمة صعب إثباتو ألنو ال ينطوي عمى الخطأ‬
‫بالمعنى المفيوـ في القانوف العاـ‪.‬‬
‫أسباب اختيار الموضوع ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫ىناؾ أسباب ذاتية و أخرى موضوعية الختيارنا لمموضوع‪.‬‬
‫فأما عف األسباب الذاتية فيعود اختيارنا ليذا الموضوع إلى رغبتنا وميولن ا لمبحث في‬
‫ىذا الموضوع ودراستو‪ ،‬وذل ؾ نظ ار لقمة األبحاث القانونية والدراسات األكاديمية التي تناولت‬
‫ىاتو الدراسة‪ ،‬و بالتالي المساىمة ولو بالجزء البسيط بإثراء المكتبة القانونية‪.‬‬
‫باإلضافة إلي التعارض الحاصؿ في يومنا ىذا بيف حؽ اإلنساف في أف يعيش في‬
‫بيئة مالئمة وفي نفس الوقت حقو في استعماؿ ثرواتو البيئية وتقدمو عمى الصعيد الصناعي‪،‬‬
‫وىو ما يالحظ في منطقتنا الصحراوية وباألخص منطقة حاسي مسعود وما تسببو اآلبار‬
‫النفطية والغازات المنبعثة منيا مف تموث لمبيئة‪ ،‬حيث تشير معطيات وتقرير أف خط ار بيئيا‬
‫ييدد ىاتو المنطقة جراء البقع النفطية المترتبة عف اآلبار القديمة حيث توجد في المنطقة‬
‫أكثر مف‪ 50‬شركة مف مختمؼ الجنسيات تستثمر في الماليير دوف مراعاة القواعد البيئية‬
‫عند مغادرتيا النشاط مثؿ ما تسببت بو شركة بيكتاؿ األمريكية مف تمويث حيث أحيؿ الممؼ‬
‫إلى العدالة واكتشؼ أف الشركة كانت تجمع نفايات مشعة تحت األرض وىو ما ييدد‬
‫اإلنساف في ىذه المنطقة حيث اكتشفت العديد مف األمراض الجمدية والتنفسية بوالية ورقمة‬
‫في المناطؽ القريبة مف اآلبار النفطية‪.‬‬
‫إف األسباب الموضوعية الختيار الموضوع ترجع إلى طبيعة مشكمة البيئة التي ىي‬
‫باألساس مشكمة سموكية وىو ما أفصح عنو القرآف في اآلية ‪ 41‬مف سورة الروـ بقولو تعالى‬
‫" ظ ير الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذقيـ بعض الذي عمموا لعميـ‬
‫يرجعوف "‪ ،‬لذلؾ فاف األمر يقتضي منا تعديؿ السموؾ البشري‪ ،‬ولف يتـ ذلؾ إال مف خالؿ‬
‫إبراز مالمح المصالح البيئة وزيادة الوعي البشري ومف ثـ اكتساب قيـ بيئية ايجابية‬
‫وسموكيا ت تستيدؼ رعاية البيئة و حمايتيا‪.‬‬
‫باإلض افة إلى حيوية الموضوع و حداثتو‪ ،‬حيث أف ىذا الموضوع لـ يمؽ اىتماما إال‬
‫في النصؼ الثاني مف القرف العشريف كم ا أف ظاىرة التموث البيئي ظاىرة خ طيرة تيدد حياة‬
‫اإلنساف في بيئتو‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫كذلؾ الرغبة لموقوؼ عمى الحماية الجنائية لمب يئة مف خالؿ المسؤولػيػة الجنائيػة‪،‬‬
‫والوقوؼ عمي أىـ ما وصمت لو التشريعات الحديثة وكذا الوقوؼ عمى النقائص التي تعاني‬
‫منيا ىذه التشريعات‪.‬‬
‫أهداف الدراسة ‪:‬‬
‫تيدؼ ىذه الدراسة إلى التعرؼ عمى مفيوـ جريمة التموث البيئي وأصناؼ التموث‬
‫باإلضافة إل ي األركاف المكونة لياتو الجريمة‪.‬‬
‫وكما تيدؼ إلى تحديد مسؤولية األشخاص المعنوية مف حيث نطاقيا وشروط قياميا‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تحديد الجزاءات الجنائية المطبقة عمى الشخص المعنوي‪ ،‬أي إسقاط المسؤولية‬
‫الجنائية لمشخص المعنوي عمي جريمة تمويث البيئة باإلضافة إلى التعرؼ عمى موانع ىاتو‬
‫المسؤولية‪.‬‬
‫المنهج المتبع‪:‬‬
‫المنيج األكثر استخداما في ىاتو الدراسة ىو المنيج التحميمي أو االستداللي‪ ،‬ذلؾ أف‬
‫االستدالؿ ىو عبارة عف تسمس ؿ منطقي في األفكار ينطمؽ الباحث مف معطيات أولية‬
‫وبديييات وصوال إلى نتائج ي ستخمصيا عف طريؽ التحميؿ العقمي‪ ،‬و ما يميز االستدالؿ‬
‫الدقة‪ ،‬إذ ال تدخؿ في عممية البرىنة سوى المعطيات التي يمكف تقديـ برىاف عمى صحتيا‪.‬‬
‫لذلؾ تعتمد الدراسة عمى المنيج التحميمي وذلؾ مف خالؿ تحميؿ النصوص القانونية‬
‫وتبيف مدى كفايتيا مف قصورىا‪ ،‬و كذلؾ تحميؿ اآلراء الفقيية‬
‫والتوفيؽ بينيا واعطاء‬
‫الحموؿ‪ ،‬باإلضافة إلى جمع المعم ومات المتعمقة بالدراسة وتحميميا‪.‬‬
‫كما تعتمد عمى المنيج المقارف مف خالؿ مقارنة التشريع الجزائري بالتشريعات‬
‫المقارنة فيما يخص ىاتو الدراسة واستخراج أوجو التشابو وأوجو االختالؼ فيما بينيا‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫الصعوبات‪:‬‬
‫صعوبة تحديد نطاؽ المصمحة محؿ الحمايػة نظ ار لصعوبة تحديد مػ اىية البيئػة‪،‬‬
‫ف مصطمح البيئة مصطمح مبيـ وغامض وغير واضح النطا ؽ‪ ،‬وغير واضح بصورة دقيقة‬
‫تسفر عف تحديد يتوافؽ مع القوانيف والذيف ال يتعامم وف إال مع التحديد الدقيؽ‪ ،‬وبخاصة‬
‫القانوف الجنائي‪.‬‬
‫كما توجد صعوبة أخرى تت مثؿ في تحديد مدلوؿ مصطمح التموث‪ ،‬فال يمكف حتى‬
‫اآلف الجزـ بالتوصؿ إلى مفيوـ جامع ومانع لمتموث البيئي بكيفية عممية ودقيقة و محددة‪.‬‬
‫حيث أف جرائـ تمويث البيئة أمر ال يخمو مف الصعوبة والدقة الف ىاتو الجرائـ عادة‬
‫ما تتـ باشتراؾ عدة مصادر ال يربط بينيا رابط مباشر‪.‬‬
‫فتموث اليواء مثال في منطقة معينة قد يكوف ناتج عف انبعاث أدخنة مف مصانع‬
‫ومنشآت موجودة في منطقة ما‪ ،‬أو نتيجة انبعاث أدخنة مف وسائؿ المواصالت أو بسبب‬
‫أجيزة التدفئة الموجودة في المباني‪ ،‬وىكذا ال يمكف تحديد أسباب التموث بشكؿ قاطع‪.‬‬
‫كذلؾ إف موضوع حماية البيئة مف الموضوعات التي لـ تمقى اىتماـ كبير إال في‬
‫العقود األخيرة‪ ،‬و فيما يخص موضوع المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي فاألمر أكثر‬
‫تعقيدا فالمشرع الجزائري لـ يرتب ىاتو المسؤولية إال بعد تعديؿ قانوف العقوبات في ‪،2004‬‬
‫لذلؾ مف أىـ الص عوبات التي تواجينا في بحثنا ىذا‪:‬‬
‫ نقص الدراسات الحديثة فيما يخص المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف جرائـ‬‫التمويث البيئي‪.‬‬
‫الخطة المتبعة‪:‬‬
‫سوؼ نتناوؿ الدراسة وفؽ الخطة التالية‪:‬‬
‫مقدمة‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫الفصؿ األوؿ ‪ :‬اإلطار القانوني لجريمة تمويث البيئة ‪.‬‬
‫وقسـ إلى مبحثيف‪:‬‬
‫المبح ث األوؿ‪:‬ماىية جريمة التمويث البيئي ‪.‬‬
‫المطمب األوؿ ‪:‬مفيوـ البيئة و التموث و أنواعو‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لجريمة التمويث البيئي ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أركاف جريمة تمويث البيئة ‪.‬‬
‫المطمب األوؿ ‪ :‬الركف المادي لمجريمة‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الركف المعنوي لمجريمة‪.‬‬
‫الفصؿ الثاني ‪ :‬أحكاـ المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف جريمة تمويث البيئة‪.‬‬
‫المبحث األوؿ‪ :‬اإلطار القانوني لمسؤولية الشخص المعنوي عف جرائـ تمويث البيئة‪.‬‬
‫المطمب األوؿ‪ :‬نطاؽ المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬شروط المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي‪.‬‬
‫المبح ث الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية لممصنفات المنشأة وممثمييا عف جرائـ تمويث‬
‫البيئة‪.‬‬
‫المطمب األوؿ‪ :‬مسؤولية ممثمي المنشأة عف جرائـ البيئة ‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة‪.‬‬
‫الخاتمة‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫تمهيد‬
‫يعتبر موضوع حماية البيئة مف الموضوعات المستجدة في النظـ القانونية العربية‬
‫وىو أيضا مف الموضوعات التي تعد حديثة التن ظيـ في النظـ القانونية المقارنة والتي القت‬
‫اىتماما كبي ار مف قبؿ الفقياء و رجاؿ القانوف باعتبار البيئة تراثا مشتركا لإلنسانية‪.‬‬
‫واف دراسة المسؤولية الج نائية لمشخص المعنوي عف جريمة تمويث البيئة كجزء مف‬
‫الد راسات المتعمقة بالحماية القانونية لمبيئة‪ ,‬تفرض عمينا الوقوؼ عند ىاتو الجريمة ومعرفتيا‬
‫بشكؿ دقيؽ مف حيث التعريؼ و كذا أىـ ما يميزىا لذلؾ‬
‫عنونا ىذا الفصؿ باإلطار‬
‫القانوني لجريمة تم ويث البيئة وقسمنو إلي مبحثيف‪.‬‬
‫المبحث األوؿ نتطرؽ فيو إلي ماىية جريمة تمويث البيئة ثـ نتعرض ألركاف الجريمة في‬
‫المبحث الثاني‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫المبحث األول‪:‬ماهية جريمة تمويث البيئة‪.‬‬
‫إف دراسة جريمة تمويث البيئة مف الناحية القانونية يتطمب تحديد مفيوـ البيئة وكذا‬
‫مفيوـ التموث باعتبارىـ وجييف لعممة واحدة‪ ،‬ولعؿ مف أىـ الصعوبات التي توجو ىذا النوع‬
‫مف الدراسات تحديد المعنى الدقيؽ لمبيئة وكذا التموث‪.‬‬
‫قسـ ىذا المبحث إلي مطمبيف األوؿ نتناوؿ فيو مفيوـ البيئة والتموث و أنواعو‪ ،‬في‬
‫حيف الثاني الطبيعة القانونية لجريمة تمويث البيئة‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬مفهوم البيئة و التموث و أنواعه‪.‬‬
‫وقسـ إلي فرعيف‪ ،‬األوؿ تعريؼ البيئة و الفرع الثاني‪ ،‬تعريؼ التموث و أنواعو‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف البيئة‪.‬‬
‫نتناوؿ تعريؼ البيئة مف خالؿ التعريؼ المغوي والتعريؼ القانوني ثـ التعريؼ‬
‫االصطالحي‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬المفيوـ المغوي لمبيئة‬
‫يرجع األصؿ المغوي لكممة بيئة في المغة العربية إلي الجذر "بوأ"‪ ,‬و الذي اشتؽ منو‬
‫الفعؿ الماضي "باء"‪ ،‬كما يقاؿ "بوأ"‪ :‬بمعنى الحموؿ و النزوؿ و اإلقامة‪.‬‬
‫واالسـ مف ىذا الفعؿ ىو البيئة‪.‬‬
‫فقد ورد في لساف العرب البف منظور ما يأتي‪:‬‬
‫بوأ ىـ منزال ‪:‬أي نزؿ بيـ إلي سند الجبؿ و أبات في المكاف ‪ :‬أقمت بو‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫و بوأتؾ منزال ‪،‬أي اتخذت لؾ بيتا‪.1‬‬
‫َّ ِ‬
‫ين‬
‫وقد ورد المعني المغوي لمبيئة في العديد مف اآليا ت القرآنية مثؿ قولو تعالى‪َ (( :‬والذ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫تَب َّوءوا الدَّار وا ِإلميَا َن ِم ن قَ ْبلِ ِه م ُُِيبُّو َن م ن َى ِ‬
‫اج ًة ِشلَّا أُوتُوا َويُ ْؤثُِرو َن‬
‫َْ َ‬
‫ْ‬
‫ص ُدوِرى ْم َح َ‬
‫اج َر إلَْي ِه ْم َوال ََي ُدو َن ِِف ُ‬
‫ْ‬
‫َ َ‬
‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫ِِ ِ‬
‫ِِ‬
‫ِ‬
‫حو َن‪ ،2))...‬بمعنى‬
‫اص ٌة َوَم ْن يُ َ‬
‫وق ُش َّح نَ ْفسو فَأ ُْولَئ َ‬
‫ك ُى ْم الْ ُم ْفل ُ‬
‫ص َ‬
‫َعلَى أَنْ ُفس ِه ْم َولَ ْو َكا َن ِب ْم َخ َ‬
‫الذيف أقاموا و توطنوا بالمدينة قبؿ ىجرة الرسوؿ صمى اهلل عميو و سمـ ‪ ،‬وقولو تعالى‬
‫((وَك َذلِ َّ ِ‬
‫ِ‬
‫ف ِِف األ َْر ِ‬
‫ث يَ َشاءُ‪ ،3))...‬أي يتخذ منيا منزال‪.‬‬
‫ض يَتَبَ َّوأُ مْن َها َحْي ُ‬
‫َ َ‬
‫وس َ‬
‫ك َمكنَّا ليُ ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫وقولو جؿ و عال ((‪...‬وب َّوأَ ُكم ِِف األَر ِ ِ‬
‫صوراً‪ ،4))...‬وكذلؾ قولو‬
‫ض تَتَّخ ُذو َن م ْن ُس ُهوذلَا قُ ُ‬
‫ْ‬
‫ََ ْ‬
‫ِ ِ ِِ‬
‫ِِ‬
‫ِ‬
‫صَر بُيُوتاً‪.5))...‬‬
‫وسى َوأَخيو أَ ْن تَبَ َّوأَا ل َق ْوم ُك َما ِب ْ‬
‫تعالى (( َوأ َْو َحْي نَا إ ََل ُم َ‬
‫وجاء في السنة النبوية المعنى المغوي لمبيئة وذلؾ في الحديث الشريؼ الذي رواه‬
‫مسمـ‪ ،‬أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ قاؿ‪ (( :‬من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار‬
‫))‪ ،‬أي ينزؿ منزلو مف النار‪.6‬‬
‫وكذلؾ ما ورد عف عبد اهلل بف عمر رضي اهلل عنيما أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو‬
‫وسمـ قاؿ‪ (( :‬أميا رجل قال ألخيو يا كافر فقد باء ِبا أحدمها ))‪.7‬‬
‫ولمبيئة عدة معاني لغوية أخرى‪ ،‬منيا الرجوع واالعتراؼ فيقاؿ باء بحقو أي اعترؼ‬
‫لو بحقو‪.‬‬
‫‪ - 1‬ابن منظور األنصاري ‪ :‬لسان العرب‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬دار الكتب العلمية الطبعة األوَل‪،2003 ،‬ص‪ 45‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪ - 2‬سورة احلشر‪ ،‬االية‪. 9‬‬
‫‪ - 3‬سورة يوسف‪ ،‬اآلية ‪.56‬‬
‫‪ - 4‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.74‬‬
‫‪ - 5‬سورة يونس‪ ،‬االية‪. 87‬‬
‫‪ - 6‬يحًس ع‪ٛ‬ظٗ انخزيذ٘‪ :‬طٍُ انخزيذ٘ ‪ ،‬زار انفكز‪ ،‬ب‪ٛ‬زٔث‪ ،‬نبُبٌ‪ ،‬انطبعت انثبَ‪ٛ‬ت‪ ، 1983 ،‬انحس‪ٚ‬ث رلى ‪. 2798‬‬
‫‪ - 7‬أب‪ ٙ‬عبس هللا يحًس بٍ إطًبع‪ٛ‬م انحبفظ (‪ :) ِ 256- ِ194‬ؿح‪ٛ‬ح انبربر٘‪ ،‬زار انحشو‪ ،‬ب‪ٛ‬زٔث‪ ،‬نبُبٌ‪ ،‬انطبعت األٔنٗ‪. 2003،‬‬
‫‪13‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫كذلؾ البيئ ة بمعنى الثقؿ‪ :‬فيقاؿ باء بذنبو أي ثقؿ بو‪ ،‬كما يعنى بالبيئة أيضا الحالة‪.‬‬
‫ومف خالؿ كؿ ما سبؽ يتبيف أف البيئة في المغة ىي النزوؿ والحموؿ و اإلقامة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمغة االنجميزية فيستعمؿ مصطمح "‪ "environment‬لمداللة عمى كافة‬
‫الظروؼ واألشياء المؤثرة والمحيطة بالحياة واإلنساف ‪ ،‬كما يستعمؿ ىذا المصطمح لمتعبير‬
‫عف الحالة‪ ،‬الماء واألرض واليواء والحيواف والنبات وكافة الظروؼ الطبيعية المحيطة‬
‫باإلنساف‪ ،‬كما تستعمؿ لتعبي ر عف الظروؼ المؤثرة عمى النمو والتنمية‪.8‬‬
‫أما في المغة الفرنسية فاف مصطمح "‪ "environnement‬يستعمؿ لمداللة عمى المحيط‬
‫أو الوسط الذي يعيش فيو الكائف الحي‪ ،‬وىي مجموعة العناصر الطبيعية والصناعية التي‬
‫تكوف إ طار حياة الفرد‪.9‬‬
‫كما تعرؼ بأنيا مجموعة األحواؿ والظروؼ التي تجد المخموقات نفسيا محاطة بيا‬
‫خالؿ حياتيا سواء كانت عضوية أو كيمائية أو ثقافية أو اجتماعية والقادرة عمى التأثير‬
‫عمييا مما ينعكس بصورة فورية عمى أنظمتيا العضوية والفكرية ‪.10‬‬
‫وقد عرؼ مجمس المغة الفرنسية البيئة بأنيا‪" :‬مجموعة العوامؿ المادية والكيمائية‬
‫والبيولوجية والعناصر االجتماعية القابمة في وقت معيف لتأثير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‬
‫حاليا أو في وقت الحؽ عمي الكائنات الحية والنشاط اإلنساني"‪.11‬‬
‫‪Longman dictionary of contemporary English, edition 1984, p367.‬‬
‫‪- LE PETITE LAROUSE ,LIBRAIRE LAROUSE,EDITION 1985, PAGE345‬‬
‫‪ - 10‬زلمد خالد مجال رستم‪ :‬التنظيم القانوين للبيئة ِف العامل‪ ،‬منشورات احلليب للحقوق‪، ،‬بريوت ‪،‬لبنان‪ ،‬ا لطبعة األوَل‪ ، 2006 ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ - 11‬ياسر زلمد فاروق ادلنياوي ‪ :‬ادلسؤولية ادلدنية الناشئة عن تلوث البيئة‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكند رية‪،‬طبعة‪ ، 2008‬ص‪.15‬‬
‫‪14‬‬
‫‪8‬‬
‫‪9‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وقد استعمؿ ىذا المصطمح ألوؿ مرة في مؤتمر األمـ المتحدة األوؿ لمبيئة المنعقد في‬
‫مدينة ستكوليـ‪ ،‬لسنة ‪ ،1972‬إذ كاف ىو البديؿ لمصطمح "الوسط البشري " أو الوسػط‬
‫اإلنساني "‪.12"milieu humane‬‬
‫ثانيا ‪:‬المفيوـ االصطالحي لمبيئة‪.‬‬
‫ا لمالحظ في ىذا الشأف اختالؼ الباحثيف في وضػ ع تعريػ ؼ محػدد ودقيؽ لمبيئة‪ ،‬حيث‬
‫تعددت التعريفات االصطالحية لمبيئة‪.‬‬
‫فتعرؼ البيئة اصطالحا بأنيا "المحيط الطبيعي أو الصناعي الذي يعيش فيو اإلنساف‬
‫بما يتضمف مف عناصر مف ماء وى واء وفضاء وتربة وكائنات حية و منشآت"‪.13‬‬
‫ويرى البعض أف البيئة ىي "الوسط أو المجاؿ المكاني الذي يعيش فيو اإلنساف بما‬
‫يتضمنو مف ظواىر طبيعية وبشرية‪ ،‬يتأثر بيا ويؤثر فييا بكؿ ما يشممو مف عناصر‬
‫ومعطيات سوى كانت طبيعية كالصخور بما تضمنو مف معادف ومصادر وطاقة وتربة‬
‫وموارد مائية‪ ،‬وعناصر مناخية مف ح اررة وضغط ورياح وأمطار ونباتات طبيعية وحيوانات‪،‬‬
‫أو معطيات بشرية ساىـ اإلنساف في وجودىا مف عمراف وطرؽ نقؿ ومواصالت ومزارع‬
‫ومصانع وسدود وغيرىا"‪.14‬‬
‫وقد ورد تعريؼ أخر لمبيئة بأنيا‪" :‬الوسط الذي يولد فيو اإلنساف وينشا فيو أو يعيش‬
‫فيو حتى نياية عمره‪ ،‬وتشمؿ البيئة جمي ع العوامؿ الطبيعية والبيولوجية واالجتماعية والثقافية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬وكؿ ما يؤثر عمى اإلنساف بطريؽ مباشر أو غير مباشر"‪.15‬‬
‫‪ - 12‬أمحد زلمد أمحد حشيش‪ :‬ادلفهوم القانوين للبيئة ِف ضوء أسلمة القانون ادلعاصر‪ ،‬القاىرة‪ ،2001 ،‬ص‪.8‬‬
‫‪ - 13‬عارف صاحل سل لف‪ :‬اإلدارة البيئية احلماية اإلدا رية للبيئة‪ ،‬دار البازوري العلمية ‪ ،‬عمان األردن‪ ، 2007،‬ص‪. 30‬‬
‫‪ - 14‬رائف زلمد لبيب ‪ :‬احلماية اإلجرائية للبيئة من ادلراقبة إَل احملاكمة دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة األوَل‪ ،2009 ،‬ص‪. 22‬‬
‫‪ 15‬نور الدين محشة‪ :‬احلماية اجلنائية للبيئة دراسة مقارنة بني الشريعة اإلسالمية و القانون الوضعي‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية والعلوم اإلسالمية‪ ،‬قسم الشريعة‪ ،‬جامعة‬
‫احلاج خلضر باتنة‪ ،‬السنة اجلامعية ‪. 2006/2005‬‬
‫‪15‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وىناؾ مف عرفيا بأنيا‪" :‬كؿ ما يثير سموؾ الفرد أو الجماعة ويؤثر فيو وكذا ىي‬
‫جممة الموارد المالية واالجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكاف ما إلشباع حاجات اإلنساف‬
‫وتطمعاتو"‪.‬‬
‫ويرى البعض أف ىناؾ فرؽ بيف المفيوـ اال صطالحي لمبيئة في مجاؿ القانوف‬
‫واالقتصاد ومفيوميا في مجاؿ العموـ االجتماعية‪ ،‬ففي ىذه األخيرة تعرؼ بأنيا‪" :‬مكونات‬
‫كؿ المصادر والعوامؿ الخارجية التي يستجيب ليا اإلنساف و يكوف ذو حساسية ليا"‪ ،‬أما في‬
‫المجاؿ القانوني واالقتصادي فيي‪" :‬مجموعة العوامؿ والظروؼ الفيزيائية واالقتصادية‬
‫والثقافية والجمالية واالجتماعية التي تحيط وتؤثر في رغبة وقيمة الممكية كما تؤثر في نوعية‬
‫الحياة"‪.16‬‬
‫وقد استخدـ مصطمح البيئة لدى العمماء المسمميف في القرف الثالث لميجري حيث كاف‬
‫ابف عبد ربو أقدـ مف تناوؿ المفيوـ االصطالحي لمبيئة في كتاب "الحجانة" إشارة إلى‬
‫"الوسط الطبيعي –الجغرافي و المكاف اإلحيائي – الذي يعيش فيو الكائف‪ ،‬بما في ذلؾ‬
‫اإلنساف‪ ،‬وأيضا لإلشارة إلى المناخ –االجتماعي والسياسي واألخالقي والفكري – المحيط‬
‫باإلنساف"‪.17‬‬
‫ومف خالؿ كؿ ما أوردناه مف تعاريؼ فإننا نجدىا تتفؽ في تكويف البيئة‪ ،‬حيث أنيا‬
‫تتكوف مف عنصريف‪:‬‬
‫أ ‪ -‬عنصر طبيعي‪ :‬وىو مف صنع الخالؽ ويتمثؿ في العناصر الطبيعية بكؿ ما فييا‬
‫مف موارد مختمفة حيث يستمزـ المحافظة عمييا الستم اررية الحياة ويشمؿ ىذا العنصر الماء‬
‫واليواء و التربة والنباتات والحيوانات‪.‬‬
‫‪ 16‬عادل ماىر األلفي‪ :‬احلماية اجلنائية للبيئة‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬ا إلسكندرية‪ ،2009 ،‬ص‪ 109‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪ - 17‬زلمد حسني عبد القوي‪ :‬احلماية اجلنائية للبيئة اذل وائية‪ ،‬دار النسر الذىيب للطباعة‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‪. 8‬‬
‫‪16‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ب ‪ -‬العنصر الصناعي‪ :‬وىو مف صنع اإلنساف ويشمؿ األدوات والوسائؿ التي صنعيا‬
‫اإلنساف‪ ،‬بغيت تمبية حاجاتو ومتطمباتو‪.18‬‬
‫ثالثا‪ :‬المفيوـ القانوني لمبيئة‬
‫ال بد أف نشير قبؿ الوصوؿ إلى المفيوـ القانوني لمبيئة إلى صعوبة وضع ىذا‬
‫المفيوـ نظ ار لدقة رجؿ القانوف وما يت طمبو ىذا المصطمح مف تحديد وتدقيؽ‪ ،‬فقد ذىب بعض‬
‫الفقياء إلى القوؿ بأف اصطالح البيئة صعب حيث ليس مف السيولة بمكاف إعطاء تعريؼ‬
‫محدد لو"‪.19‬‬
‫ومع ذلؾ سوؼ نحاوؿ الوصوؿ إلى تعريؼ قانوني لمبيئة مف خالؿ التعريفات الواردة‬
‫في االتفاقيات والمؤتمرات الدولية و كذا التشريعات المختمفة‪.‬‬
‫أ‪ -‬تعريؼ البيئة في المؤتمرات الدولية‬
‫عرؼ اإلعالف الصادر عف مؤتمر البيئة البشرية الذي انعقد في ستوكيولـ بالسويد‬
‫عاـ ‪ 1972‬البيئة بأنيا ‪" :‬كؿ شيء يحيط باإلنساف سوى كاف طبيعيا أو بشريا "‪.20‬‬
‫أما مؤتمر بمغراد عاـ ‪ ،1975‬عرفيا بأنيا ‪" :‬العالقة القائمة في العالـ الطبيعي‬
‫والبيوفيزيائي بينو وبيف العالـ االجتماعي السياسي الذي ىو مف صنع اإلنساف "‪.21‬‬
‫أما المؤتمر الدولي لمتربية البيئية الذي عقد بمدينة "تبميس" بجميورية جورجيا في‬
‫أكتوبر ‪ 1977‬عرؼ البيئة بأنيا ‪" :‬اإلطار الذي يعيش فيو اإلنساف ويحصؿ منو عمى‬
‫مقومات حياتو مف غداء وكساء ودواء وماء ويمارس فيو عالقتو مع إخوانو البشر"‪.22‬‬
‫وقد ورد في اقتراح وفد رومانيا بشاف مشروع الميثاؽ العالمي لمطبيعة‪ ،‬وىو مشروع‬
‫أعده االتحاد الدولي لصيانة الطبيعة والموارد الطبيعية لعاـ ‪ 1979‬تعريؼ لمبيئة بأنيا ‪:‬‬
‫‪ - 18‬مؤدتر إقليمي حول جرائم البيئة ِف الدول العربية‪ ،‬بريوت لبنان‪ 18/17 ،‬مارس ‪ 12:07 ،2010 /10/09 ، www.4 shared.com ،2008‬ص‪. 7‬‬
‫‪ - 19‬داود عبد الرزاق‪ :‬األساس الدستوري حلماية البيئة من التلوث ِف إطار ادلفهوم القانوين للبيئة و التلوث‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكند رية‪ ،‬طبعة ‪ ،2007‬ص‪. 34‬‬
‫‪ - 20‬رائف زلمد لبيب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 23‬‬
‫‪ - 21‬ابتسام سعيد ادللكاوي‪ :‬جرمية تلوث البيئة دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان األردن‪ ،‬الطبعة األوَل‪،2008 ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 22‬رائف زلمد لبيب‪ :‬ادلرجع ال سابق‪ ،‬ص‪. 23‬‬
‫‪17‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫"مجموع العوامؿ الطبيعية والعوامؿ التي أوجدتيا أنشطة اإلنساف والتي تؤثر في ترابط وثيؽ‬
‫عمى التوازف البيئي‪ ،‬وتحدد الظروؼ التي يعيش فييا اإلنساف‪ ،‬ويتطور المجتمع"‪.23‬‬
‫ب ‪ -‬تعريؼ البيئة في التشريعات‬
‫لقد اختمفت التشريعات في وضع تعريؼ لمبيئة‪ ،‬وانقسم ت إلى قسميف منيما مف أخد‬
‫بالمفيوـ الضيؽ لمب يئة فيحصرىا في العناصر الطبيعية‪ ،‬والقسـ األخر يأخذ بالمفيوـ الواسع‬
‫فيجعميا شاممة لمعناصر الطبيعية واإلنسانية‪ ،‬أي الطبيعية والحضرية‪.24‬‬
‫‪ - 1‬المفيوـ الضي ؽ لمبيئة‬
‫اتجيت بعض التشريعات إلى األخذ بالمعنى الضي ؽ لمبيئة‪ ،‬وذلؾ بقصرىا عمى‬
‫العناصر الطبيعية‪ ،‬التي ال دخؿ لإلنساف في وجودىا مثؿ الماء‪ ،‬اليواء والتربة‪.‬‬
‫ومف ىاتو التشريعات ‪:‬‬
‫التش ريع الميبي‪ ،‬حيث تنص المادة األولى مف القانوف الميبي لحماية البيئة رقـ ‪ 7‬لسنة ‪1982‬‬
‫عمى أف البيئة ىي‪ " :‬المحيط الذي يعيش فيو اإلنساف وجميع الكائنات الحية وتشمؿ اليواء‬
‫والماء والتربة والغداء‪.25"...‬‬
‫كذلؾ قانوف البيئة البولندي الصادر عاـ ‪ 1980‬في مادتو األولى جعؿ البيئة تتمثؿ في‬
‫العناصر الطبيعية مف أرض وتربة وىواء وثروة حيوانية ونباتية ومواقع طبيعية‪.‬‬
‫‪ - 2‬المفيوـ الموسع لمبيئة ‪:‬‬
‫لقد أخذ ت معظـ التشريعات المقارنة بالمفيوـ الموسع لمبيئة‪ ،‬حيث يشمؿ الوسط‬
‫الطبيعي‪ ،‬باإلضافة إلى الوسط االصطناعي المشيد بفعؿ اإلنساف‪.‬‬
‫‪ - 23‬رفعت رشوان‪ :‬اإلرىاب البيئي ِف قانون العقوبات دراسة حتليلية نقدية مقارنة‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬طبعة‪ ،2009‬ص‪. 19‬‬
‫‪ - 24‬نور الدين محشة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 23‬‬
‫‪ - 25‬أمحد صادق اجلهاين ‪ :‬موقف القانون اللييب من مشكالت البيئة‪ ،‬حبث مقدم للمؤدتر السادس للجمعية ادلصرية للقانون اجلنائي ادلنعقد ِف‪ 28، 25‬أكتوبر ‪ ،1993‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ص‪. 229‬‬
‫‪18‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ومف التشريعات التي أخذت بالمفيوـ الموسع لمبيئة نجد القانوف الفرنسي الصادر في‬
‫‪10‬يوليو عاـ ‪ 1976‬بشأف حماية الطبيعة ‪ ،‬وكذلؾ القانوف االنجميزي الصادر عاـ ‪1990‬‬
‫بشأف حماية البيئة كما أخ ذ بنفس المفيوـ كؿ مف القانوف اليوناني رقـ ‪ 52‬لسنة ‪1986‬‬
‫الصادر بشأف تنظيـ اإلقميـ والقانوف البرتغالي لحماية البيئة ‪.26‬‬
‫كما أخذت معظـ التشريعات العربية بالمفيوـ الموسع‪.‬‬
‫حيث عرؼ المشرع األردني البيئة بأنيا‪" :‬المحي ط الذي يشمؿ الكائنات الحية وغير‬
‫الحية‪ ،‬وما تحويو مف مواد وما يحيط بو مف ىواء وماء و تربة وتفاعالت أي منيا وما يقيمو‬
‫اإلنساف مف منشآت"‪.27‬‬
‫وعرؼ المشرع السوري البيئة في المرسوـ التشريعي رقـ ‪ 16‬لعاـ ‪ 1994‬في المادة‬
‫األولى بأنيا ‪ ":‬الوسط الذي يعيش فيو اإلنساف واألحياء األخرى‪ ،‬ويستمدوف منو إيرادىـ‬
‫المادي والغير المادي‪ ،‬ويؤدوف فيو نشاطيـ"‪.‬‬
‫كذلؾ مف التشريعات التي أخذ ت بالمفيوـ الموسع التشريع المبناني رقـ ‪ 444‬لسنة‬
‫‪ 2002‬الذي عرؼ البيئة بأنيا‪ ":‬المحيط الطبيعي أي –الفيزيائي والكيمائي و البيولوجي–‬
‫واالجتماعي الذي تعيش فيو الكائنات الحية كافة ونظـ التفاعؿ داخؿ المحيط وداخؿ‬
‫الكائنات وبيف المحيط"‪.28‬‬
‫وجاء في التشريع الكويتي رقـ ‪ 21‬لسنة ‪ 1990‬تعريؼ لمبيئة بأنيا‪" :‬المحيط الحيوي‬
‫الذي يشمؿ الكائنات الحية مف إنساف وحيواف ونبات وكؿ ما يحيط بيا مف ىواء وماء وتربة‬
‫وما يحتويو مف مواد صمبة و سائمة أو غازية أو إشعاعات طبيعية‪ ،‬والثابتة والمتحركة التي‬
‫يقيميا اإلنساف "‪.29‬‬
‫‪ - 26‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 117،118‬‬
‫‪ - 27‬ابتسام ادللكاوي ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 29‬‬
‫‪ - 28‬زلمد خالد مجال رستم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 13‬‬
‫‪ - 29‬عا دل ماىر األلفي‪ :‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪. 120‬‬
‫‪19‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫كما عرفت المادة الثانية مف قانوف البيئة التونسي رقـ ‪ 91‬لسنة ‪ 1983‬البيئة أنيا‪:‬‬
‫"العالـ المادي بما فيو األرض واليواء والبحر والمياه الجوفية والسطحية واألودية والبحيرات‬
‫السائبة والسبخات وما شبو ذلؾ‪ ،‬وكذلؾ المساحات الطبيعية والمناظر الطبيعية والمواقع‬
‫المتميزة ومختمؼ أصناؼ الحيوانا ت والنباتات وبصفة عامة كؿ ما يشمؿ التراث الوطني"‪.30‬‬
‫وعرؼ المشرع العماني البيئة في المادة ال رابعة مف القانوف رقـ ‪ 10‬لسنة ‪1980‬‬
‫المتعمؽ بالبيئة بأنيا‪" :‬مجموعة العوامؿ والنظـ والموارد الطبيعية التي يتعامؿ معيا اإلنساف‬
‫سوى في موقع عممو أو معيشتو أو في األماكف السياحية أو الترفييية‪ ،‬فيتأثر بيا اإلنساف أو‬
‫يؤثر فييا كالماء واليواء والمواد الغذائية والكيمائية المختمفة ومصادر الطاقة والعوامؿ‬
‫االجتماعية المختمفة "‪.31‬‬
‫أما المشرع السعودي فقد عرؼ البيئة في المادة األولى مف المرسوـ الممكي رقـ ـ‪34/‬‬
‫بأنيا‪" :‬كؿ ما يحيط باإلنساف مف ماء وتربة وىواء و يابسة وفضاء خارجي‪ ،‬وكؿ ما تحتويو‬
‫ىاتو األوساط مف جماد ونبات وحيواف وأشكاؿ مختمفة مف طاقة ونظـ وعمميات طبيعية‬
‫وأنشطة بشرية "‪.32‬‬
‫وبالرجوع إلى القانوف المصري رقـ ‪ 04‬لسنة ‪ 1994‬المتعمؽ بحماية البيئة نجده يعرؼ‬
‫البيئة بأنيا‪" :‬المحيط الحيوي الذي يشمؿ الكائنات الحية وما يحويو مف موارد‪ ،‬وما يحيط بيا‬
‫مف ىواء وماء وتربة وما يقيمو اإلنساف مف منشآت"‪.33‬‬
‫والمشرع الجزائري بدوره تناوؿ تعريؼ البيئة في المادة الرابعة مف القانوف رقـ ‪10/03‬‬
‫المتعمؽ بحماية البيئة‪ ،‬البيئة تتكوف مف الموارد الطبيعية الالحيوية والحيوية كاليواء والجو‬
‫‪ - 30‬الطيب اللومي‪ :‬مشكالت ادلسؤولية اجلنائية و اجلزاءات ِف رلال اإلضرار بالبيئة باجلهورية التونسية‪ ،‬حبث مقدم للمؤدتر السادس للجمعية ادلصرية للقانون اجلنائي ادل نعقد‬
‫ِف‪ 25،28‬أكتوبر ‪ ،1993‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ص‪. 111،112‬‬
‫‪31‬‬
‫زلمد دلوسخ ‪:‬احلماية اجلنائية للبيئة ‪،‬دراسة مقارنة بني الشريعة اإلسالمية و القانون الوضعي ‪ ،‬أطروحة دكتورا ِف القانون اجلنائي ‪ ،‬جامعة زلمد خيضر بسكرة‪ ،‬كلية احلقوق و‬
‫العلوم السياسية ‪ ،‬قسم حقوق‪ ،‬سنة جامعية ‪ ، 2009/2008‬ص‪. 52‬‬
‫‪ - 32‬مجال خالد رستم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 14‬‬
‫‪ - 33‬القانون ادلصري رقم ‪ 04‬لسنة‪ 1994‬ادلتعلق حبماية البيئة‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫والماء واألرض وباطف األرض والنبا ت والحيواف بما في ذلؾ التراث الحيواني وأشكاؿ التفاعؿ‬
‫وكذا األماكف والمناظر و المعالـ الطبيعية "‪.34‬‬
‫يتضح مف خالؿ ىاتو المادة أف ما ذكره المشرع ال يعتبر مف قبيؿ التعريؼ المانع‬
‫الجامع‪ ،‬حيث لـ يعرؼ البيئة وانما ذكر العناصر المكونة لمبيئة‪.‬‬
‫نستخمص مف كؿ ما سبؽ أف مصطمح البيئة ىو مصطمح واسع حيث ال يمكف‬
‫درجو في تعريؼ جامع ومانع‪ ،‬وكؿ ما يمكف أف نقولو ىو أف لمبيئة عناصر مكونة ليا‬
‫إ ا‬
‫إحداىا طبيعية وأخرى اصطناعية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تعريف التموث و أنواعه‪.‬‬
‫يقتضي الوصوؿ إلى تعريؼ جريم ة تمويث البيئة المرور بتعريؼ التموث و كذا أنواعو‬
‫بعدما عرفنا معنى البيئة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريؼ التموث‬
‫يعد التموث البيئي جوىر الدراسات التي تتعمؽ بالبيئة‪ ،‬وذلؾ باعتبارىا المشكؿ األىـ‬
‫واألخطر في مجا ؿ حماية البيئة‪ ،‬حتى رسخ في ذىف الباحثيف أف التموث ىو المشكمة‬
‫الوحيدة التي تعاني منيا البيئة‪.35‬‬
‫نتناوؿ التمويث البيئي مف خالؿ المفيوـ المغوي ثـ االصطالحي وصوال إلى المفيوـ‬
‫القانوني‪.‬‬
‫أ ‪ -‬التعريؼ المغوي لمتموث‪:‬‬
‫التموث في المغة العربية بمعنى التمطخ‪ ،‬يقاؿ تموث الطيف بالتبف ‪ ،‬ولوث ثيابو بالطيف‬
‫أي لطخيا‪.‬‬
‫‪ - 34‬ادلادة رقم ‪ 04‬من القانون رقم ‪ 10/03‬ادلتعلق حبماية البيئة ‪،‬اجلريدة الرمسية اجلزائرية‪ ،‬العدد رقم ‪ 43‬ادلؤرخ ِف ‪ 20‬يوليو ‪. 2003‬‬
‫‪ - 35‬داود عبد الرزاق ‪ :‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 39‬‬
‫‪21‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫كما يعني التموث خمط الشيء بما ىو ليس منو‪ ،‬فيقاؿ لوث الشيء بالشيء‪ ،‬بمعني‬
‫خمطو بو‪ ،‬ولوث الماء أي كدره‪.36‬‬
‫والتموث في المغة العربية يشمؿ نوعيف ‪:‬‬
‫تموث مادي وىو اختالط أي شي غريب عف المادة بالمادة وتموث معنوي وىو ذلؾ‬
‫التغيير الذي ينتاب النفس‪ ،‬ي عني التغيير في الحالة النفسية إلى ما ىو أسوءا أو التغيير في‬
‫الفكر فيفسده‪.‬‬
‫فيقاؿ تموث بفالف رجاء منفعة منو ‪ ،‬وفالف بو لوثة أي جنوف‪.‬‬
‫والتموث بنوع يو المادي و المعنوي ىو فساد الشيء أو التغيير في خواصو‪.37‬‬
‫أما في الم غة االنجميزية فيعبر عف التموث بمصطمح ‪ pollution‬وىو إدخاؿ مواد‬
‫مموثة في الوسط البيئي‪.38‬‬
‫وفي المغة الفرنسية فقد جاء تعريؼ التموث بأنو مجموعة مف األفعاؿ المرتكبة بوعي‬
‫أو بغير وعي تضر بواحد أو أكثر مف العناصر الطبيعية التي ثـ تحديدىا أو يمكف تحديدىا‪،‬‬
‫فالتموث ىو إدخاؿ مواد بشكؿ مباشر أو غير مباشر في بيئة معينة‪ ،‬وقد يحدث ذلؾ بشكؿ‬
‫طبيعي أو مف نشاط اإلنساف‪.39‬‬
‫ب ‪-‬التعريؼ االصطالحي لمتموث ‪:‬‬
‫في ىذا الصدد تجدر اإلشارة أنو ثمة صعوبة بالغة لدى الباحثيف والمختصيف في‬
‫وضع تعريؼ اصطالحي دقيؽ لمتموث نظ ار إلي تعدد أنواع التموث باإلضافة إلى اختالؼ‬
‫مصادر ا لتموث إال أف ىذا لـ يحؿ دوف الوصوؿ إلي تعريؼ عاـ لمتموث‪.‬‬
‫فيناؾ مف يعرؼ التموث بأنو‪" :‬حدوث تغيير أو خمؿ في الحركة التوافقية التي تتـ‬
‫بيف العناصر المكونة لمنظاـ االيكولوجي بحيث تشؿ فاعمية ىذا النظاـ وتفقده القدرة عمى‬
‫‪ - 36‬ابن منظور األنصاري ‪:‬مرجع سابق‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص‪. 212‬‬
‫‪ - 37‬زلمد حسني عبد القوى ‪:‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 43‬‬
‫‪Longman dictionnary, op.cit, p291.‬‬
‫‪- Dictionnaire de l’environnement :afnor ,paris,2002,p10.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪38‬‬
‫‪39‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫أدى دوره الطبيعي في التخمص الذاتي مف المموثات ‪-‬وخاصة العضوية منيا ‪ -‬بالعمميات‬
‫الطبيعية"‪.40‬‬
‫كما يعرؼ أيضا بأنو‪ " :‬التغيير الكمي أو الكيفي في الصفات الكيمائية أو الفيزيائية‬
‫أو البيولوجية لمكائنات الحية مف إنساف ونبات و حيواف "‪.41‬‬
‫وىناؾ تعريؼ أخر لتموث بأنو "تغيير متعمد أو عفوي تمقائي في شكؿ البيئة ناتج‬
‫عف مخمفات اإلنسػػاف‪ ،‬أو التغير في الوسط الطبيعي عمى نحو يحمؿ معو نتائج خطيرة لكؿ‬
‫الكائنات الحية"‪.‬‬
‫ويعرؼ أيضا بأنو" إضافة اإلنساف لمواد أو طاقة عمي البيئة بكميات يمكف أف تؤدي‬
‫إلى إحداث نتائج ضارة ينجـ عنيا إلحاؽ األذى بالمواد الحية وصحة اإلنساف أو تعيؽ‬
‫بع ض أوج و النشاط االقتصادي أو تؤثر عمى اليواء أو األمطار أو الضباب الطبيعي أو‬
‫المناطؽ الجمدية"‪.42‬‬
‫ويرى البعض أف التموث ىو‪" :‬إدخاؿ م واد مموثة باألنشطة اإلنسانية إلى البيئة فينتج‬
‫عنو عدد مف التغيرات في اليواء الجو أو الماء أو األرض أو البيئة الصوتية"‪.43‬‬
‫كما يعرؼ التموث بأنو كؿ تغيير في أنظمة البيئة أو أحد عناصرىا‪ ،‬يؤدي بشكؿ‬
‫مباشر أو غير مباشر إلى أثار ضارة"‪.44‬‬
‫كما جاء تعريؼ أخر لمتموث بأنو‪" :‬الضرر الحاؿ أو المستقبمي الذي يناؿ مف أي‬
‫عنصر مف عناصر البيئة‪ ،‬والناجـ ع ف نشاط اإلنساف الطبيعي أو المعنوي أو فعؿ الطبيعة‬
‫والم تمثؿ في اإلخالؿ بالتوازف البيئي‪ ،‬سواء كاف صاد ار مف داخؿ البيئة المموثة أو ورد‬
‫عمييا"‪.45‬‬
‫‪ - 40‬رائ ف زلمد لبيب ‪ :‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 28‬‬
‫‪ - 41‬يونس إبراىيم أمحد مزيد ‪ :‬البيئة و التشريعات البيئة‪ ،‬دار احلامد للنشر و التوزيع‪ ،‬عم ان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األوَل‪ ،2008 ،‬ص‪. 21‬‬
‫‪ - 42‬داود عبد الرزاق‪:‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 53،54‬‬
‫‪ - 43‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪132‬و‪. 133‬‬
‫‪ - 44‬عادل ماىر األلفي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪. 133‬‬
‫‪ - 45‬أمحد زل مود سعد‪ :‬استقراء لقواعد ادلسؤولية ادلدنية ِف منازعات التلوث البيئي‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة األوَل‪ ،1994 ،‬ص‪. 74‬‬
‫‪23‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وجاء تعريؼ التموث في قاموس المصطمحات البيئية بأنو‪" :‬كؿ تغيير مباشر أو غير‬
‫مباشر فيزيائي أو حراري أو بيولوجي أو أي نشاط إشعاعي لخصائص كؿ جزء مف أجزاء‬
‫البيئة بطريقة ينتج عنيا مخاطر فعالة تؤثر عمى الصحة واألمف والرفاىية لكؿ الكائنات‬
‫الحية"‪.46‬‬
‫والمالحظ مف خالؿ جميع التعريفات التي أوردناىا اتفاقيا عمى أف التموث ىو إحداث‬
‫تغيير في عنصر مف عناصر البيئة ينجـ عنو ضرر بيئي‪.‬‬
‫وبالتال ي يمكننا تعريؼ التموث بأنو "كؿ تغيير في عناصر البيئة الطبيعية أو‬
‫االصطناعية يؤدي إلى اختالؿ التوازف البيئي ويمحؽ ضرر بالبيئة ينتج عنو صعوبة العيش‬
‫أو استحالتو"‪.‬‬
‫ويقصد بالتوازف البيئي‪ ،‬التوازف بيف اإلنساف والكائنات الحية‪ ،‬وتأثر اإلنساف مع‬
‫العناصر الطبيعية المحيطة بو وتأثيره فييا وتعاممو مع غيره مف الكائنات‪.47‬‬
‫ج‪-‬التعريؼ القانوني لمتموث‪:‬‬
‫سوؼ نتناوؿ التعريؼ القانوني لتموث مف خالؿ المعاىدات الدولية باإلضافة إلى‬
‫التش ريعات المختمفة التي حاولت أف تضع تعريفا قانونيا لمتموث‪.‬‬
‫‪ - 1‬تعريؼ التموث في االتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫جاء في تعريؼ تقرير المجمس االقتصادي واالجتماعي التابع لألمـ المتحدة عاـ‪1965‬‬
‫تعريؼ لمتموث بأنو‪" :‬التغيير ا لذي يحدث بفعؿ التأثير المباشر وغير مباشر لألنشطة‬
‫األساسية في تكويف أو في حالة الوسط عمى نحو يخؿ ببعض االستعماال ت أو األنشطة‬
‫التي كاف مف المستطاع القياـ بيا في الحالة الطبيعية لذلؾ الوسط"‪.48‬‬
‫‪ - 46‬زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ - 47‬امحد الن كالوي‪ :‬أساليب محاية البيئة العربية من التلوث‪ ،‬أكادميية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الطبعة األوَل‪ ،‬الرياض‪،1999 ،‬ص‪. 29‬‬
‫‪ - 48‬أمحد زلمود اجلمل‪:‬محاية البيئة البحرية من التلوث ِف ضوء التشريعات الوطنية و االتفاقيات اإلقليمية و ادلعاىدات الدولية‪ ،‬منشاة ادلعارف‪ ،‬اإلسكند رية ‪ ،‬ب ت ن‪ ،‬ص‪. 29‬‬
‫‪24‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وقد عرفتو االتفاقية ا لدولية المتعمقة بتموث اليواء المنعقدة في جنيؼ بتاريخ ‪13‬‬
‫نوفمبر‪ 1979‬في المادة األولى بأنو‪" :‬إدخاؿ اإلنساف بشكؿ مباشر أو غير مباشر لمواد أو‬
‫لطاقة في الجو أو اليواء يكوف لو مفعوؿ ضار يعرض صحة اإلنساف إلى الخطر‪ ،‬ويمحؽ‬
‫الضرر بالموارد الحيوية ونظـ البيئة‪ ،‬والفساد باألحواؿ الماديػة‪ ،‬ويمػس أو يضر كؿ مف‬
‫يتمتع بالبيئة أو باستخداماتيا المشروعة"‪.49‬‬
‫كما عرفت اتفاقية األمـ المتحدة لقانوف البحار لسنة ‪ 1982‬التموث البحري بأنو‪" :‬إدخاؿ‬
‫اإلنساف في البيئة البحرية بما في ذلؾ مصاب األنيار‪ ،‬بصورة مباشرة أو غيػر مػباشرة‪ ،‬مواد‬
‫أو ط اقة تنجـ عنيا أو يحتمؿ أف ين جـ عنيا أثار مؤذية‪ ،‬مثؿ اإلضرار بالمواد الحية والحياة‬
‫البحرية‪ ،‬وتعريض الصحة البشرية لألخطار واعاقة األنشطة البحرية‪ ،‬بما في ذلؾ صيد‬
‫األسماؾ وغيره مف أوجو االستخداـ المشروعة لمبحار والحط مف نوعية قابمية مياه البحر‬
‫لالستعماؿ واإلقالؿ مف الترويح "‪.50‬‬
‫وتعرفو منظمة التعاوف والتنمية االقتصادية‪ (ocde) 51‬بأنو‪" :‬إدخاؿ اإلنساف فػي البيئػ ة‪،‬‬
‫بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬مواد أو طاقة مف شأنيا إحداث نتائج ضارة تعرض صحة‬
‫اإلنساف لمخطر‪ ،‬أو تضر بالمصادر الحيوية أو النظـ البيئة‪ ،‬أو تخؿ باالستمتاع بالوسط‬
‫الطبيعي‪ ،‬أو تعرقؿ االستعالمات األخرى ليذا الوسط"‪.52‬‬
‫‪ -4‬تعريؼ التموث في التشريعات‪:‬‬
‫لقد عرفت المادة األولى مف قانوف البيئة المصري لسنة ‪ 1994‬التموث بأنو‪" :‬أي تغيير‬
‫في خواص البيئة مما قد يؤدي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى اإلضرار بالكائنات الحية‬
‫أو المنشآت أو يؤثر عمى ممارسة اإلنساف لحياتو الطبيعية"‪.53‬‬
‫‪ - 49‬رائف زلمد لبيب‪:‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 30‬‬
‫‪ - 50‬رائف زلمد لبيب‪ ،‬نفس ادلرجع‪،‬ص‪. 30‬‬
‫‪- Organisation de coopération et de développent économique‬‬
‫‪ - 52‬رياض صاحل أبو العطا ‪:‬محاية البيئة من منظور القانون الدويل‪،‬دار اجلامعة اجلديدة‪،‬اإلسكندرية‪ ،2009 ،‬ص ‪21‬‬
‫‪ - 53‬قانون مصري رقم ‪ 4‬لسنة ‪ 1994‬ادلتعلق حبماية البيئة‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪51‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫أما المشرع األردني فقد عرؼ التموث في المادة الثانية مف قانوف حماية البيئة رقـ ‪12‬‬
‫لسنة ‪ 1995‬بأنو‪" :‬وجود ما ي ضر بالبيئة ويؤثر عمى عناصرىا أو يخؿ بالتوازف الطبيعي‬
‫ليا"‪.54‬‬
‫وعرؼ المشرع الكويتي التموث في المادة األولى مف القانوف رقـ ‪ 21‬لسنة ‪1990‬‬
‫المتعمؽ بإنشاء الييئة العامة لمبيئة كما يمي‪" :‬أف يتواجد في البيئة أي مف المواد أو العوامؿ‬
‫المموثة بكميات أو صفات لمدة زمنية قد تؤدي بطريؽ مباشر أو غير مباشر وحدىا أو‬
‫بتفاعؿ مع غيرىا إلى اإلضرار بالصحة العامة أو القياـ بأعماؿ و أنشطة قد تؤدي إلى‬
‫تدىور النظاـ البيئي الطبيعي أو تعيؽ االستمتاع بالحياة و االستفادة مف المشكالت الخاصة‬
‫والعامة"‪.55‬‬
‫وانتيج المشرع السعودي نفس المنيج الذي سمكو المشرع الكويتي حيث عرؼ تموث‬
‫البيئة في المادة األولى الفقرة التاسعة مف النظاـ العاـ لمبيئة الص ادر بالمرسوـ الممكي رقـ‬
‫ـ‪ 34/‬في تاريخ ‪ 1422/07/28‬ىجري أنو‪ " :‬وجود مادة أو أكثر مف المواد أو العوامؿ بكميات‬
‫أو صفات أو لمدة زمنية تؤدي بطريؽ مباشر أو غير مباشر إلى اإلضرار بالصحة العامة‬
‫أو باإلحياء أو الموارد الطبيعية أو الممتمكات‪ ،‬أو تؤثر سمبيا عمى نوعية الحياة ورفاىية‬
‫اإلنساف"‪.56‬‬
‫أما المشرع الميبي فيو بدوره تناوؿ تعريؼ التموث في المادة األولى مف القانوف رقـ‬
‫‪ 07‬لسنة ‪ 1982‬الصادر بشأف حماية البيئة بأنو ‪" :‬حدوث أية حالة أو ظروؼ ينشأ عنو‬
‫تعرض صحة اإلنساف أو سالمة البيئة لمخطر نتيجة لتموث اليواء أو مياه البحر أو‬
‫المصادر المائية أو التربة أو اختالؿ توازف الكائنات الحية‪ ،‬بما في ذالؾ الضوضاء‬
‫‪ - 54‬قانون األردين رقم‪ 12‬لسنة ‪ 1995‬ادلتعلق حبماية البيئة‪.‬‬
‫‪ - 55‬مصطفى عبدا ا حلميد عدوى‪:‬أضواء على تشريعات محاية البيئة‪،‬ادلسؤولية القانونية‪ ،‬حبث مقدم إَل مؤدتر ضلو دور فاعل للقانون حلماية البيئة و تنميته ا ِف دولة اإلمارات العربية‬
‫ادلتحدة ‪ ،‬مايو‪.12:40 ،26/12/2010 ،www.4shared.com . 1999 ،‬‬
‫‪ - 56‬رائف زلمد لبيب ‪:‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪26‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫والضجيج واالىت اززات والروائح الكريية وأية مموثات أخرى تكوف ناتجة عف األنشطة‬
‫واألعماؿ التي يمارسيا الشخص الطبيعي أو المعنوي"‪.57‬‬
‫كما عرؼ المشرع التونسي التموث في المادة الثانية مف القانوف رقـ ‪ 91‬لسنة ‪1983‬‬
‫المتعمؽ بالبيئة بأنو‪ " :‬إدخاؿ أية مادة مموثة في المحيط بصفة مباشرة أو غير مباشرة سواء‬
‫كانت بيولوجية أو كيميائية أو مادية"‪.58‬‬
‫وقد عرؼ المشرع الجزائري التموث في المادة ‪ 04‬مف قانوف حماية البيئة رقـ ‪10/03‬‬
‫بأنو‪" :‬التموث كؿ تغير مباشر أو غير مباشر لمبيئة يتسبب فيو كؿ فعؿ يحدث أو قد يحدث‬
‫وضعية مضرة بالصحة أو سالمة اإلنساف والنبات والحيواف واليواء والجو والماء واألرض‬
‫والممتمكات الجماعية والفردية"‪.59‬‬
‫والمالحظ أف المشرع الجزائري لـ يخرج عف باقي التشريعات العربية المقارنة حيث‬
‫أنيا تناولت التموث الذي يكوف اإلنساف سبب فيو ولـ تشر إلى التموث الناجـ عف فعؿ‬
‫الطبيعة مثؿ ما تحدتو البراكيف كما اعتمد المشرع ثالث عناصر أساسية لحدوث التموث‬
‫وىي‪:‬‬
‫العنصر األوؿ‪ :‬حدوث تغيير في البيئة‪ ،‬وىذا ما أشار إليو المشرع صراحة في المادة الرابعة‬
‫بقوليا‪" :‬سوى كاف التغير مباشر أو غير مباشر"‪.‬‬
‫العنصر الثاني‪ :‬أف يكوف التغيير بفعؿ اإلنساف‪ ،‬حيث يخضع التموث لتجريـ إذا كاف مرتكب‬
‫مف فعؿ اإلنساف‪ ،‬وقد سبؽ و أف اشرنا إلى أنو ال يدخؿ التموث الناجـ عف فعؿ الطبيعة‬
‫ضمف ىذا التعريؼ‪.‬‬
‫العن صر الثالث‪ :‬حدوث ضرر بالبيئة‪ ،‬حيث يحدث ىذا التغير ضرر بالصحة العامة‬
‫لإلنساف والنبات والحيواف‪ ،‬وعناصر البيئة (اليواء‪ ،‬الماء‪ ،‬األرض)‪.‬‬
‫‪ - 57‬عادل ماىر األلفي ‪:‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫‪ - 58‬الطيب اللومي ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪، 112‬‬
‫وراجع منصور رلاجي‪ :‬ادلدلول العلمي وادلفهوم القانوين للتلوث البيئي‪ ،‬رللة ادلفكر‪ ،‬العدد اخلامس ‪،‬كلية احلقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة زلمد خيضر بسكرة‪ ،‬ص‪. 103‬‬
‫‪ - 59‬ادلادة ‪ 04‬ن قانون رقم ‪ 10/03‬ادلتعلق حبماية البيئة‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع التموث البيئي‬
‫ينقسـ التموث إلى عدة أنواع بالنظر إلى عدة معايير مختمفة منيا نوع المادة المموثة أو‬
‫طبيعة التموث الحادث‪ ،‬باإل ضافة إلى مصدر وكذا اآلثار المترتبة عمى التموث‪.‬‬
‫أ ‪ -‬أنواع التموث بالنظر إلي مصدره‪:‬‬
‫وينقسـ التموث بالنظر إلى مصدره إلى نوعيف‪:‬‬
‫‪ - 1‬التموث الطبيعي‪ :‬وىو التموث الذي يحدث بفعؿ الطبيعة‪ ،‬مثؿ ما تحدثو الب راكيف‬
‫والزالزؿ حيث ال دخؿ لإلنساف فيو‪ ،‬وىذا النوع مف التموث ال تشممو الحماية‬
‫القانونية‪.60‬‬
‫‪ - 2‬التموث الصناعي‪ :‬وىو التموث الحادث بفعؿ اإلنساف نتيجة ممارستو ألنشطة حياتو‬
‫المختمفة وىذا النوع مف التموث ىو الذي تشممو الحماية القانونية‪.61‬‬
‫ب ‪ -‬أنواع التموث بالنظر إلى نطاقو الجغرافي‪:‬‬
‫ينقسـ التموث بالنظر إلى نطاقو الجغرافي إلى نوعيف‪ ،‬تموث محدود وتموث غير محدود‪.‬‬
‫‪ - 1‬التموث المحدود‪ :‬وىو التموث الذي ال تتجاوز آثاره الحيز اإلقميمي لمكػاف صدوره‪،‬‬
‫بحيث ال تمتد آثاره خارج ىذا المكاف‪.62‬‬
‫‪ - 2‬التموث الغير محدود ‪ :‬ىو التموث الذي يكوف مصدره العضوي موجودا كميا أو جزئيا‬
‫في منطقة تخضع لالختصاص الوطني لدولة وتكوف لو آثار في منطقة خاضعة‬
‫لالختصاص الوطني لدولة أخرى‪.63‬‬
‫ج‪ -‬أنواع التموث بالنظر إلى آثاره‪:‬‬
‫‪ - 60‬أمحد مدحت سالمة‪ :‬التلوث مشكلة العصر‪ ،‬عامل ادلعرفة‪ ،1990 ،‬ص‪ ، 81‬وأنظر منصور رلاجي ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ - 61‬منصور رلاجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 107‬‬
‫‪ - 62‬ياسر زلمد فاروق ادليناوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 51‬‬
‫‪ - 63‬عارف صاحل سللف‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪..61- 60‬‬
‫‪28‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫تجدر اإلشارة إلى أف صور التموث ليست عمى درجة واحدة مف الخطورة والتأثير عمى‬
‫النظاـ البيئي وعمى سالمة اإلنساف‪ ،‬حيث نفرؽ بيف ثالثة درجات مف التموث‪:‬‬
‫التموث المعقوؿ‪ ،‬والتموث الخطر‪ ،‬والتموث المدمر‪.‬‬
‫‪ - 1‬التموث المعقوؿ‪:‬‬
‫كبير عمى البيئة‪ ،‬وىو درجة محددة مف درجات‬
‫ا‬
‫خطر‬
‫ا‬
‫ىذا النوع مف التموث ال يشكؿ‬
‫التموث ال يؤثر عمى التوازف البيئي‪ ،‬وىو منتشر في جميع أنحاء العالـ‪.64‬‬
‫‪ - 2‬التموث الخطر‪:‬‬
‫وفي ىذا النوع مف التموث تتجػاوز كمية ونوعية المواد المموثة خط األمػاف البيئػ ي‪ ،‬بحيث‬
‫يشكؿ خطر عمى عناصر البيئة ال طبيعة والصناعية والبشرية وبالتالي تؤثر عمى التوازف‬
‫البيئي وىو منتشر في الدوؿ الصناعية‪.65‬‬
‫‪ - 3‬التموث المدمر‪:‬‬
‫ىذا يعتبر أخطر أنواع التموث‪ ،‬حيث يتجاوز خط األمف البيئي ليصؿ إلى الحد المدمر‬
‫أو القاتؿ‪ ،‬وينيار النظاـ االيكولوجي‪ ،‬ويختؿ التوازف البيئي‪.66‬‬
‫ومف ذلؾ ما تحدث و التسريبات والقنابؿ النووية مف دمار لمطبيعة ولإلنساف‪.‬‬
‫د ‪ -‬أنواع التموث بالنظر إلى البيئة التي يحدث فييا‪:‬‬
‫ينقسـ ىذا التموث حسب البيئة التي يقع فييا إلى ثالثة أقساـ‪ ،‬تموث ىوائي وتموث مائي‬
‫وتموث التربة حيث يمثؿ ىذا النوع كافة أنواع التموث‪ ،‬لذلؾ ىو أكثر التقسيمات شيوعا‪:‬‬
‫‪ - 1‬التموث اليوائي‪:‬‬
‫‪ - 64‬منصور رلاجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 107‬‬
‫‪ - 65‬عارف صاحل سللف‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 62‬‬
‫‪ - 66‬عارف صاحل سللف‪ :‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪29‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫لقد عرفتو المادة الثانية مف القانوف الفرنسي ‪ ،1236/96‬الصػادر في ‪ 30‬ديسمبر ‪،1996‬‬
‫المتعمؽ بال جو واالستعماؿ العقالني لمطاقة‪ ،‬بأنو ‪" :‬إدخاؿ عف طريؽ اإلنساف بطريقة مباشرة‬
‫وغير مباشرة في الجو والفضاء المقفؿ المحصور مواد ذات عواقب ضارة مف المحتمؿ أف‬
‫تعرض لمخطر صحة اإلنساف‪ ،‬والحاؽ الضرر بالموارد الحية والنظـ االيكولوجية والحاؽ‬
‫أضرار بالممتمكات أو التسبب باإلزعاج بالرائحة المفرطة مع اليواء‪."...‬‬
‫في فرنسا حظيت الحماية القانونية لمجو بالعناية مف قبؿ المشرع قبؿ كؿ األوساط‬
‫الطبيعية األخرى‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ قانوف ‪ 1932‬الخاص بالدخاف الصناعي‪.67‬‬
‫ولـ يختمؼ المشرع الجزائري كثي ار عما أورده المشرع الفرنسي‪ ،‬حيث أورد تعريؼ التموث‬
‫اليوائي في المادة الرابعة مف القانوف ‪ 10- 03‬المتعمؽ بحماية البيئة بأنو‪" :‬إدخاؿ أية مادة في‬
‫اليواء أو الجو بسبب انبعاث غازات أو أبخرة أو أدخنة أو جزيئات سائمة أو صمبة مف شأنيا‬
‫التسبب في أ ضرار و أخطار عمى اإلطار المعيشي"‪.‬‬
‫ولقد حدد المشرع بعض النتائج التي تسببيا المواد كي تدخؿ في سياؽ التموث اليوائي‬
‫وذلؾ مف خالؿ المادة ‪ 14‬مف القانوف رقـ ‪ 10/03‬وتتمثؿ ىذه النتائج في‪:‬‬
‫ تشكيؿ خطر عمى اإلنساف‪.‬‬‫ التأثير عمى التغيرات المناخية أو إقفاؿ طبقة األزوف‪.‬‬‫ اإلضرار بالموارد البيولوجية واألنظمة البيئية‪.‬‬‫ تيديد األمف العمومي‪.‬‬‫ إزعاج السكاف‪.‬‬‫ إفراز روائح كريية شديدة‪.‬‬‫‪ -‬اإلضرار باإلنتاج الزراعي والمنتجات الزراعية الغذائية‪.‬‬
‫‪édition, 2001, P514.‬‬
‫‪Emme‬‬
‫‪- Michel Prieur : Droit de l’environnement, Dalloz, Paris, 4‬‬
‫‪30‬‬
‫‪67‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وفي اعتقادنا أف المشرع ذكر ىذه النتائج عمى سبيؿ المثاؿ وليس عمى سبيؿ‬
‫الحصر‪ ،‬ألنو ال يمكف حصر النتائج التي يسببيا التموث اليوائي‪ ،‬وحاوؿ اإلحاطة‬
‫بجميع النتائج التي قد تتسبب فييا ىاتو المواد المموثة‪.‬‬
‫‪ - 2‬التموث المائي‪:‬‬
‫لقد عرؼ المشرع الجزائري التموث المائي في المادة ‪ 04‬الفقرة العاشرة مف قانوف حماية‬
‫البيئة رقـ ‪ 10/03‬بأنو‪ " :‬إدخاؿ أية مادة في الوسط المائي مف شأنيا أف تغير الخصائص‬
‫الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية لمماء ويمس بجماؿ المواقع أو تعرقؿ أي استعماؿ‬
‫طبيعي آخر لممياه"‪.68‬‬
‫وقد ورد تعريؼ لتموث الماء مف قبؿ ىيئة الصحة العالمية عاـ ‪ 1961‬أنو‪ " :‬يعتبر‬
‫ال مجرى المائي مموثا عندما يتغير تركيب عناصره أو تغير حالتو بطريقة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة بسبب نشاط اإلنساف بحث تصبح ىذه المياه أقؿ صالحية لالستعماالت الطبيعية‬
‫المخصصة ليا‪ ،‬أو بعضيا‪.69‬‬
‫‪ - 3‬تموث التربة‪:‬‬
‫ويعرؼ بأنو إدخاؿ مواد أو م ركبات غريبة عف التربة البيئية ومكوناتيا‪ ،‬تتسبب في تغير‬
‫الخواص الفيزيائي ػ ة أو البيولوجية أو الكيمائية ليا والتي مف بينيا زيادة نسبة األمالح والتربة‬
‫عف الحد المعروؼ‪.70‬‬
‫ولـ يشر المشرع الجزائري إلى تعريؼ تموث التربة‪ ،‬غير أنو ذكر مقتضيات حماية التربة‬
‫مف التموث مف خالؿ ما أورده في الفصؿ الرابع مف الباب الثالث مف قانوف رقـ ‪10/03‬‬
‫وتحديدا في المواد ‪.62- 59‬‬
‫‪ - 68‬قانون رقم ‪ 10- 03‬ادلتعلق حبماية البيئة‪ ،‬ا جلريدة الرمسية اجلزائرية عدد ‪ 43‬لسنة ‪.2003‬‬
‫‪ - 69‬عادل ماىر األلفي‪ :،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫‪ - 70‬علي زلمد القحطاين‪ :‬التلوث البيئي الناتج عن زلطات الوقود ِف الدمام‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة نايف للعلوم األمنية‪ ،‬كلية الدراسات ال عليا‪ ،‬قسم العلوم الشرطية‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫بدون سنة ن شر‪ ،‬ص‪. 27‬‬
‫‪31‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ومف خالؿ ما ورد حوؿ تعريؼ البيئة و تعريؼ التموث وذكر عناصره يمكف وضع‬
‫تعريؼ لجريمة تمويث البيئة‪ ،‬حيث تعرؼ جريمة تمويث البيئة بأنيا كؿ سموؾ إيجابي أو‬
‫سمبي عمدي أو غير عمدي يصدر مف شخص طبيعي أو معنوي يضر أو يحاوؿ اإلضرار‬
‫بأحد عناصر البيئة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة"‪.71‬‬
‫وتعرؼ جريمة تموث البيئة بأنيا ‪" :‬ذلؾ السموؾ الذي يخالؼ بو مف يرتكبو تكميفا يحميو‬
‫المشرع بجزاء جنائي والذي يحدث تغيي ار في خواص البيئة بطريقة إرادية أو غير إرادية‬
‫مباشرة أو غير مباشرة ي ؤدي إلى اإلضرار بالكائنات الحية والموارد الحية أو غير الحية مما‬
‫يؤثر عمى ممارسة اإلنساف لحياتو الطبيعية"‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لجريمة تمويث البيئة‬
‫عند دراستنا لمطبيعة القانونية لجريمة تمويث البيئة وجب التفرقة بيف جرائـ الضرر‬
‫وجرائـ الخطر مف جية‪ ،‬واعتبارىا جريمة دولية مف جية أخرى‪ ،‬لذلؾ سوؼ نقسـ م طمبنا‬
‫إلى فرعيف‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬جريمة تمويث البيئة بين جرائم الضرر وجرائم الخطر‪.‬‬
‫قد يتطمب المشرع في بعض جرائـ تمويث البيئة تحقؽ الضرر لقياـ المسؤولية عف‬
‫ىا تو الجرائـ‪ ،‬و أحيانا أخرى يكتفي بمجرد التعريض لمخطر‪ ،‬فجريمة تمويث البيئة قد تكوف‬
‫مف جرائـ الضرر كما يمكف أف تكوف مف جرائـ الخطر‪.‬‬
‫أوال‪ :‬جريمة تمويث البيئة مف جرائـ الضرر‬
‫نشير في البداية إلى أف جرائـ الضرر ىي التي يتطمب القانوف لقياـ ركنيا المادي‬
‫حدوث ضرر‪ ،‬بمعنى تحقؽ نتيجة ضارة‪.‬‬
‫‪ - 71‬أشرف ىالل‪ :‬جرائم البيئة بني النظرية و التطبيق‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،2005 ،‬ص‪. 36‬‬
‫‪32‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ويتطمب القانوف لقياـ ىذا النوع مف الجرائـ سموكا إجراميا يتمثؿ في االعتداء عمى‬
‫مصمحة محمية قانونا‪ ،‬وينتج عف ىذا السموؾ إزالة أو إنقاص ماؿ قانوني‪ ،‬سواء كاف ماديا‬
‫أو معنويا أو مصمحة يحمييا القانوف ‪ ،‬وىي الجرائـ التي تعرؼ بالجرائـ ذات النتيجة‪.‬‬
‫ويتعيف عمى القاضي أف يتحقؽ مف وقوع النتيجة الضارة كي يكتمؿ الركف المادي‬
‫لمجريمة‪ ،‬ويستوي أف يكوف الضرر ماديا أو معنويا‪ ،‬ومف أمثمة الضرر المعنوي المساس‬
‫بشرؼ اإلنساف أو حقو في الحرية‪ ،‬ويشترط لقياـ الجريمة أف يكوف الضرر قد تحقؽ فعال‪،‬‬
‫ولػـ يقتصر األمر عمػ ى مجرد الخشية مف حدوثو‪ ،‬أو ما يعرؼ ب التعريض لمخطر‪ ،‬فيجب‬
‫التفرقة بيف الضرر الفعمي والضرر الذي يخشى وقوعو‪ ،‬وىو ما يعبر عنو الفقياء بخطر‬
‫الضرر‪.72‬‬
‫وبالنسبة لمضرر الفعمي ىو تحقيؽ نتيجة معينة وممموسة‪ ،‬تنتيؾ عف طريقيا‬
‫المصمحة المحمية مباشرة‪.‬‬
‫وجرائـ الضرر محددة كجرائـ السرقة المادة ‪ ،350‬جرائـ االعتداء عمى سالمة البدف‬
‫وجرائـ االعتداء عمى الماؿ ‪ ،‬والمتتبع لجرائـ تمويث البيئة يج د الكثير منيا يندرج ضمف جرائـ‬
‫الضرر‪.‬‬
‫وجريمة تمويث البيئة كنوع خاص مف أنواع الجرائـ فإف جؿ التشريعات تعالجيا في‬
‫قوانيف خاصة‪ ،‬حيث تتميز بدخوؿ الضرر في تكويف السموؾ المادي لمجريمة‪.73‬‬
‫فالمشرع الفرنسي اشترط لقياـ بعض جرائـ تمويث البيئة تحقؽ الضرر‪ ،‬حيث نص في‬
‫المادة ‪ 232‬فقرة ‪ 02‬مف القانوف الزراعي المعدؿ في ‪ 28‬أكتوبر ‪ 1989‬عمى تجريـ إلقاء أو‬
‫صرؼ أو تسريب مواد أي كانت في المجاري المائية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬مف‬
‫شأنيا ىالؾ األسماؾ أو اإلضرار بتغذيتيا أو تكاثرىا‪.‬‬
‫‪ - 72‬رمسيس ِبنام‪ :‬النظرية العامة للقانون اجلنائي‪،‬منشأة ادلعارف اإلسكند رية‪ ،‬ط‪ .1998 ،3‬ص ‪.567‬‬
‫‪ - 73‬ابتسام ادللكاوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪33‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫كذلؾ وفي نفس السياؽ ربط المشرع األردني توافر الضرر بقياـ بعض الجرائـ‬
‫البيئية‪ ،‬نذكر منيا عمى سبيؿ المثاؿ جريمة طرح أو سكب أو تفريغ أو إلقاء مواد مموثة أو‬
‫مضرة بالبيئة البحرية في المياه اإلقميمية ومنطقة الشا طئ‪.‬‬
‫حيث نصت المادة التاسعة مف قانوف حماية البيئة األردني رقـ ‪ 52‬لسنة ‪ 2006‬عمى‬
‫ما يمي‪" :‬يعاقب بالحبس مدة ال تقؿ عف سنة وال تزيد عف ثالث سنوات أو بغرامة ال تقؿ‬
‫عف عشرة آالؼ دينار أو بكمتا العقوبتيف رباف السفينة أو النقالة أو المركب الذي طرح أو‬
‫سكب مف أي منيما مواد مموثة‪ ،‬أو تفريغيا أو إلقائيا في المياه اإلقميمية لمممكة أو منطقة‬
‫الشاطئ"‪.‬‬
‫وكذلؾ المشرع المصري إذ نص عمى بعض جرائـ الضرر‪ ،‬ومف ىذا القبيؿ جريمة‬
‫تمويث البيئة المائية الواردة في المادة ستيف مف القانوف رقـ ‪ 04‬لسنة ‪ 1994‬المتعمؽ بالبيئة‪،‬‬
‫والتي نصت عمى ما يمي‪ " :‬يحضر عمى ناقالت المواد السائمة الض ارة إلقاء أو تصريؼ أية‬
‫مواد ضارة أو نفايات أو مخمفات بطريقة إرادية أو غير إرادية‪ ،‬مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬ينتج‬
‫عنيا ضرر بالبيئة المائية أو الصحة العامة أو االستخدامات األخرى المشروعة لمبحر"‪.74‬‬
‫أما التشريع الج زائري فيو بدوره سمؾ مسمؾ المشرع الفرنسي والتشريع ال مصري‪ ،‬حيث‬
‫ربط تجريـ الكثير مف جرائـ البيئة بالضرر الفعمي‪ ،‬فقد عرؼ القانوف رقـ ‪ 10/03‬المتعمؽ‬
‫بحماية البيئة تمويث البيئة في المادة ‪ 04‬بأنو‪" :‬التموث ىو كؿ تغير مباشر أو غير مباشر‬
‫يتسبب فيو كؿ فعؿ يحدث أو قد يحدث وضعية مضرة بالصحة‪."...‬‬
‫فنالحظ مف خالؿ ىذا التعريؼ‪ ،‬أف المشرع ربط تموث البيئة بتحقؽ ضرر‪ ،‬سواء‬
‫كاف ىذا الضرر متعمؽ بصحة اإلنساف أو النبات أو الحيواف أو العناصر الطبيعية لمبيئة‬
‫(ىواء‪ ،‬ماء‪ ،‬أرض)‪.‬‬
‫‪ - 74‬القانون ادلصري رقم ‪ 04‬سنة ‪.1994‬‬
‫‪34‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫كما حدد المشرع الجزائري الضرر البيئي الناجـ عمى تمويث البيئة اليوائية في تعريفو‬
‫ليذا النوع مف التموث في المادة ‪ 04‬الفقرة ‪ 09‬بقولو‪" :‬التموث الجوي إدخاؿ أية مادة في‬
‫اليواء أو الجو يسبب انبعاث غازات أو أبخرة أو أدخنة أو جزيئات سائمة أو صمبة‪ ،‬مف‬
‫شئنيا التسبب في أضرار أو أخطار عمى اإلطار المعيشي"‪.‬‬
‫ومف جرائـ الضرر التي وردت في التشريع الجزائري‪ ،‬جريمة إفراغ أو رمي أو ترؾ‬
‫تسربا في المياه السطحية أو الجوفية أو مياه البحر‪ ،‬والتي نص عمييا المشرع في المػادة‬
‫‪ 100‬مػف القانوف رقـ ‪ 10- 03‬المتعمؽ بحماية البيئة‪" :‬يعاقب بالحبس لمػدة سنتيف‪ ،‬وبغرامة‬
‫قدرىا خمسمائة ألؼ دينار جزائري (‪ 500,000‬دج) كؿ مف رمى أو أفرغ أو ترؾ تسربا في‬
‫المياه السط حية أو الجوفية أو في مياه البحر الخاضعة لمقضاء الجزائري‪ ،‬بصفة مباشرة أو‬
‫غير مباشرة لمادة أو مواد يتسبب مفعوليا أو تفاعميا في اإلضرار ولو مؤقتا بصحة اإلنساف‬
‫أو النبات أو الحيواف‪ ،‬أو يؤدي إلى تقميص استعماؿ مناطؽ السباحة‪.‬‬
‫والمالحظ مف خالؿ ىاتو المادة أف المشرع اشترط أف يكوف فعؿ إلقاء المواد في مياه‬
‫سطحية أو مياه البحر يؤدي إلى إضرار بصحة اإلنساف أو النبات‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 52‬مف نفس القانوف عمى أنو ‪" :‬مع مراعاة األحكاـ التشريعية‬
‫المعموؿ بيا المتعمقة بحماية البيئة البحرية يمنع داخؿ المياه البحرية الخاضعة لمقضاء‬
‫ال جزائري‪ ،‬كؿ صب أو غمر أو ترميد لمواد مف شأنيا‪:‬‬
‫ اإلضرار بالصحة العمومية و األنشطة البيئية البحرية‪.‬‬‫ عرقمة األنشطة البحرية بما في ذلؾ المالحة والتربية المائية و الصيد البحري‪.‬‬‫ التقميؿ مف القيمة الترفييية والجمالية لمبحر والمناطؽ السياحية والمساس بقدرتيا‬‫السياحية"‪.‬‬
‫فالمشرع ال يعػ اقب عمى السموؾ اإلجرامي المتمثؿ في الصب أو الغمر أو الترميد‪،‬‬
‫إال إذا أدى إلى إحداث أضرار بالبيئة البحرية‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫كذلؾ مف جرائـ البيئة التي يتطمب القانوف وقوع الضرر فييا‪ ،‬جرائـ االعتداء عمى األشجار‬
‫والغابات المنصوص عمييا في المادة ‪ 04/396‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬بحيث يعاقب بالسجف‬
‫لمدة تتراوح بيف ‪ 10‬و ‪ 20‬سنة كؿ شخص يتسبب عمدا في إبراـ النار في الغابات و‬
‫الحقوؿ‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى تموث البيئة اليوائية‪.‬‬
‫ونستخمص مف كؿ ىذا أف األثر المادي لجرائـ تمويث البيئة التي تتطمب تحقيؽ‬
‫نتيجة تشكؿ اضطرابا وخط ار عمى الت وازف البيئي‪ ،‬مما دفع المشرع إلى توفير الحماية‬
‫القانونية‪ ،‬مف خالؿ تجريـ السموؾ المادي المؤدي إلى نتائج ضارة‪ ،‬واكتماؿ أركاف الجريمة‬
‫بتوافر النتيجة الضارة وقياـ المسؤولية الجنائية عف ىذا السموؾ‪.75‬‬
‫ثانيا‪ :‬جريمة تمويث البيئة مف جرائـ التعريض لمخطر‬
‫إف جريمة التعريض لمخطر ال تتطمب تحقؽ نتيجة‪ ،‬وانما يكفي فييا التيديد بإىدار‬
‫مصمحة أو حؽ يحميو القانوف‪ ،‬مما يدفع المشرع إلى تجريـ التعريض لمخطر‪ ،‬خشية وقوع‬
‫ضرر‪.‬‬
‫يعرؼ األستاذ "أرتورو لوكو" » ‪ « Arturo Locco‬الخطر عمى أنو صالحية ظاىرة‬
‫معنية أو عوامؿ معينة ألنو ينتج منيا زواؿ أو نقصاف قيمة تشبع حاجة ما‪.‬‬
‫فالخطر يعتبر تعديال في الكوف الخارجي مما ينذر بوقوع ضرر‪.76‬‬
‫لذلؾ ال بد مف الوصوؿ إلى تعريؼ التعريض لمخطر‪ ،‬وكذا معرفة أنواعو‪.‬‬
‫أ ‪ -‬تعريؼ وأنواع التعريض لمخطر‪:‬‬
‫‪ - 75‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.228‬‬
‫‪ - 76‬رمسيس ِبنام ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.571- 570‬‬
‫‪36‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫التعريض لمخطر ىو سموؾ إنساني ينشأ عنو خطر والذي قد يؤدي إلى حدوث ضرر‬
‫بالمصمحة المحمية قانونا‪.77‬‬
‫ب ‪ -‬أنواع التعريض لمخطر‪:‬‬
‫ينقسـ التعريض لمخطر في جرائـ تمويث البيئة إلى عدة أنواع‪:‬‬
‫‪ - 1‬التعريض لمخطر القريب والتعريض لمخطر البعيد‬
‫وىذا التقسيـ يكوف بالنظر إلى مدى احتماؿ وقوع الضرر‪ ،‬فالتعريض لمخطر القريب ىو‬
‫الذي يكوف فيو احتماؿ وقوع الضرر ك بير بالمقارنة مع عدـ حدوثو‪ ،‬أما تعريض لمخطر‬
‫البعيد يكوف عدـ احتماؿ وقوع الضرر أكثر مف عدـ وقوعو‪.78‬‬
‫‪- 2‬الت عريض لمخطر المباشر و التعريض لمخطر غير المباشر‬
‫وىذا التقسيـ بالنظر إلى مدى توافر العناصر الداخمة في تكويف العالقة السببية بيف‬
‫الفعؿ والنتيجة‪ ،‬فالتعريض لمخطر المباشر (الفعمي)‪ ،‬ىو الذي تتوفر فيو جميع الظروؼ‬
‫والعوامؿ التي تؤدي إلى إحداث الضرر بالمصمحة المحمية قانونا ‪ ،‬فيو خطر يؤدي مباشرة‬
‫إلى نتائج ضارة‪ ،‬فيكوف الخطر عنصر في السموؾ المكوف لجريمة التعريض لمخطر‬
‫الفعمي‪.79‬‬
‫أما التعريض لمخطر غير المباشر (الحكمي) ىو الذي يتوقؼ تحقؽ الضرر عمى‬
‫حدوث ظرؼ آخر في المستقبؿ‪.‬‬
‫‪ - 3‬التعريض لمخطر الخاص و التعريض لمخطر العاـ‬
‫يقسـ التعريض لمخطر بالنظر لممصمحة أو الحؽ الذي ييدده الخطر إلى التعريض‬
‫لمخطر العاـ و التعريض لمخطر الخاص‪ ،‬فالتعريض لمخطر العاـ ىو الذي ييدد مجموعة‬
‫‪ - 77‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪ - 78‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.216- 215‬‬
‫‪ - 79‬حسن زلمدي بوادي‪ :‬اخلطر اجلنائي و مواجهتو تأثيما وجترميا‪ ،‬دار ادلطبوعات اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2008 ،‬ص‪.59‬‬
‫‪37‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫كبيرة م ف المصالح العامة بالضرر‪ ،‬وال ييدد أشخاص محددة‪ ،‬أما التعريض لمضرر الخاص‬
‫فيو الذي ييدد بالضرر أشخاص معينة أو مجموعة محددة‪.80‬‬
‫ج‪ -‬التعريض لمخطر المجرد‬
‫في ىذا النوع مف الجرائـ ال يعد الخطر عنص ار في السموؾ المكوف لمجريمة‪ ،‬حيث‬
‫ييتـ المشرع باتخاذ تدابير أولية لحم اية المصالح التي يراىا جديرة بالحماية‪.81‬‬
‫لقد أخذت جؿ التشريع ات بالتعريض لمخطر كأساس لتجريـ في كثير مف جرائـ‬
‫البيئة‪ ،‬وذلؾ لوضع حموؿ لعدة مشاكػؿ قانونية منيػا صعوبػة إثبػات الضػرر البيئي‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى صعوبة إثبات العالقة السبب ية بيف السموؾ المادي والنتيجة اإلجرامية‪.‬‬
‫ومف جرائـ تمويث البيئة التي تندرج ضمف جرائـ التعريض لمخطر نجد ما أورده‬
‫المشرع األردني في المادة ‪ 06‬مف قانوف حماية البيئة‪ ،‬وىي جريمة إدخاؿ مواد محضورة أو‬
‫نفايات خطرة أو أي مموثات لمبيئة إلى المممكة األردنية‪.‬‬
‫والركف المادي لياتو الجريمة يتمثؿ في إدخ اؿ مواد محضورة أو نفايات خطرة أو مواد‬
‫مضرة بالبيئة‪ ،‬ففعؿ اإلدخاؿ ىو محؿ التجريـ‪ ،‬بغض النظر عمى تحقؽ نتيجة ضارة أـ ال‪،‬‬
‫بحيث يشكؿ ىذا اإلدخاؿ خطر أو تيديد عمى البيئة‪ ، 82‬ونشير إلى أنو ال يتصور ارتكاب‬
‫ىاتو الجريمة بسموؾ سمبي ‪ ،‬فالبد أف يكوف السموؾ إيجابي‪.‬‬
‫كذلؾ مف جرائـ تمويث البيئة التي تقوـ بمجرد التعريض لمخطر في التشريعات العربية‬
‫ما أورده المشرع المصري في المادة األولى والثانية مف القانوف المصري رقـ ‪ 09‬لسنة ‪1960‬‬
‫المتعمؽ بتنظيـ العمؿ باإلشعاعات المؤذية والوقاية مف أخطارىا‪ ،‬حيث تحضر المادة األولى‬
‫استعماؿ اإلشعاعات المؤذية دوف ترخيص‪.‬‬
‫أما المادة الثانية فتحضر عدـ مراعاة التزامات الوقاية مف اإلشعاعات‪.‬‬
‫‪ - 80‬حسني زلمدي بوادي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ - 81‬زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ - 82‬عادل زلمد الدمريي‪ :‬احلماية اجلزائية للبيئة ِف التشريعات األردنية‪ ،‬رسالة ماجستري ِف القانون العام‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬قسم القانون العام‪ ،‬كلية احلقوق‪،2010 ،‬‬
‫ص‪. 30‬‬
‫‪38‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫كما نصت المادة الثانية مف القانوف المصري رقـ ‪ 48‬لسنة ‪ 1982‬المتعمؽ بحماية‬
‫نير النيؿ والمجاري المائية مف التموث‪ ،‬عمى أنو‪" :‬يحضر صرؼ أو إلقاء المخمفات الصمبة‬
‫أو السائمة أو الغازية مف العقارات والمجاؿ والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومف‬
‫عمميات الصرؼ الصحي وغيرىا في مجاري المياه عمى كامؿ أطواليا ومسطحاتيا إال بعد‬
‫الحصوؿ عمى ترخيص مف و ازرة الري"‪.83‬‬
‫ففي ىات و الجريمة يتمثؿ السموؾ المجرـ في عممية صرؼ أو إلقاء المخمفات في‬
‫الم جاري المائية‪ ،‬فالمشرع المصري لـ يتطمب تحقيؽ النتيجة الضارة لقياـ الجريمة وانما‬
‫اكتفى بالقياـ بالسموؾ المحضور‪.‬‬
‫كذلؾ ما ورد في المادة ‪ 32‬مف قانوف البيئة المصري لسنة‬
‫‪1994‬‬
‫التي تحضر استيراد‬
‫النفايات الخطرة والسماح بدخوليا إلى الدولة‪.‬‬
‫كما تجرـ المادة‬
‫‪49‬‬
‫مف نفس القانوف إلقاء الزيت أو المزج الزيتي في البحر اإلقميمي‬
‫أو المنطقة اإلقميمية الخالصة لجميورية مصر‪ ،‬كذلؾ المادة‬
‫‪52‬‬
‫مف ذات القانوف التي‬
‫تحضر عم ى الشركات والييئات الوطنية واألجنبية تصريؼ أية مادة مموثة ناتجة عف عممية‬
‫الحفر أو االستكشاؼ أو اختبار اآلبار أو إنتاج في البحر اإلقميمي أو المنطقة االقتصادية‬
‫الخالصة لجميورية مصر‪.84‬‬
‫وقد سار المشرع الجزائري في نفس المسار الذي سارت عمي و العديد مف التشريعات‪،‬‬
‫وأدخؿ العديد مف جرائـ تمويث البيئة في نطاؽ جرائـ التعريض لمخطر‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫‪87‬‬
‫مكرر مف قانوف العقوبات عمى تجريـ كؿ فعؿ إرىابي أو تخريبي يكوف الغرض منو‬
‫االعتداء عمى المحيط أو إدخاؿ مادة أو تسريبيا في الجو أو في باطف األرض أو إلقائيا‬
‫عمييا أو في الماء بما فييا المياه اإلقميمية والتي مف شئنيا جعؿ صحة اإلنساف أو الحيواف‬
‫أو البيئة الطبيعية في خطر‪.‬‬
‫‪ - 83‬عادل ماىر األل في‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.240‬‬
‫‪ - 84‬عادل ماىر األلفي‪ ،‬نفس ادلرجع‪ ،‬ص‪.242‬‬
‫‪39‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫والمالحظ أف المشرع أدرج ىا تو الجريمة ضمف الجرائـ الموصوفة باألفعاؿ اإلرىابية‬
‫أو تخريبية ‪ ،‬واكتفى المشرع بالسموؾ المادي المتكوف مف فعؿ االعتداء عمى المحيط أو‬
‫إدخاؿ مواد في البيئة الطبيعية مف شأنيا تعريض اإلنساف والكائنات الحية لمخطر‪ ،‬ولـ‬
‫يتطمب تحقؽ نتيجة ضارة‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 66‬مف قانوف ‪ 19- 01‬المتعمؽ بتسيير النفايات ومراقبتيا وازالتيا‬
‫عمى معاقبة كؿ مف يستورد النفايات الخاصة الخطرة أو تصديرىا‪ ،‬أو عمؿ عمى عبورىا‬
‫مخالفا أحكاـ ىذا القانوف بعقوبة السجف الذي يتراوح مدتو ما بيف خمسة و ثمػ انية سنوات‪،‬‬
‫وبغرامة ما بيف مميوف دينار وخمسة مالييف دينار جزائري‪ ،‬أو بإحدى ىاتيف العقوبتيف فقط‪.‬‬
‫كما تنص المادة ‪ 10‬مف نفس القانوف عمى حضر استعماؿ المنتوجات المرسكمة التي‬
‫يحتمؿ أف تش كؿ خطر عمى األشخاص في صناعة المخمفات المخصصة الحتواء مواد‬
‫غذائية مباشرة أو في صناعة األشياء المخصصة لألطفاؿ‪.‬‬
‫كما أورد قانوف حماية البيئة رقـ ‪ 10-03‬المتعمؽ بحماية البيئة‪ ،‬العديد مف جرائـ‬
‫التعريض لمخطر‪.‬‬
‫فقد نصت المادة ‪ 82‬عمى أنو‪" :‬يعاقب بغرامة مف عشرة آالؼ دينار جزائري إلى مائة‬
‫ألؼ دينار كؿ مف يشتغؿ دوف الحصوؿ عمى ترخيص المنصوص عميو في المادة ‪،43‬‬
‫مؤسسة لتربية حيوانات مف أصناؼ غير مألوفة ويقوـ ببيعيا أو عبورىا" ‪ ،‬فالمشرع عاقب‬
‫عمى ىا تو الجريمة لعدـ الحصوؿ عمى الترخيص وذلؾ الحتماؿ وقوع خطر جراء ىذا‬
‫االستغالؿ‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 57‬مف القانوف ‪ 10- 03‬التي نصت عمى أنو "يتعيف عمى كؿ رباف‬
‫سفينة تحمؿ بضائع خطيرة أو سامة أو مموثة وتعبر بالقرب مف المياه الخاضعة لمقضاء‬
‫الجزائري‪ ،‬أو داخميا أف يبمغ عف كؿ حادث مالحي يقع في مركبو ومف شأنو أف ييدد‬
‫بتمويث أو فساد الوسط البحري والمياه والسواحؿ الوطنية"‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ونستخمص أف المشرع الجزائري عمى غرار باقي التشريعات أخذ بالتعري ض لمخطر‬
‫كأسس لتجريـ في كثير مف جرائـ البيئة‪ ،‬وتوسع فييا وذلؾ لموقاية مف حدوث ضرر بيئي‬
‫يصعب إزالتو أو يشكؿ إضرار كبير بالبيئة‪ ،‬وحسننا ما فعؿ المشرع الجزائري مف خالؿ‬
‫نيجو ىذا المنيج الذي يفعؿ حماية البيئة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬جريمة تمويث البيئة جريمة دولية‬
‫قد تكوف جريمة تمويث البيئة وطنية‪ ،‬إذا ارتكبت في إقميـ معيف‪ ،‬بحيث تبقى آثارىا‬
‫محددة في ذلؾ اإلقميـ‪ ،‬ويسأؿ عنيا األشخاص الذيف ارتكبوىا‪ ،‬وقد تكوف جريمة دولية تسأؿ‬
‫عنيا الدولة وذلؾ بانتقاؿ المواد المموثة إلى بيئة دولة أخرى‪.85‬‬
‫فمثال دولتي السويد والنرويج وجدت درجة تموث ىوائي عالية أكبر مما تسببو‬
‫المموثات المحمية‪ ،‬حيث انتقمت إلييا المموثات نتيجة الرياح الغربية القادمة مف بريطانيا‬
‫والدوؿ األوروبية‪.86‬‬
‫وتعتبر جريمة تمويث البيئة الطبيعية إحدى أنماط الجرائـ الدولية‪ ،‬سواء كاف ىذا‬
‫االعتداء في زمف الحرب أو زمف السمـ‪ ،‬فقد ينظر إلى الجريمة البيئية عمى أنيا إحدى صور‬
‫جرائـ الحرب‪ ،‬عندما يعتدي عمى البيئة نتيجة استعماؿ القنابؿ النووية واألسمحة الكيميائية‬
‫والبيولوجية واإلشعاعات‪ ،‬وبالتالي تخضع إلى النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدولية‪.87‬‬
‫وىذا الرأي قد تبناه مشروع النموذج العربي بشأف الجريمة الدولية‪ ،‬حيث اعتبر جريمة‬
‫االعتداء عمى البيئة الطبيعية إحدى صور جرائـ الحرب‪ ،‬وب التالي فيي تعتبر جريمة دولية‪،‬‬
‫وتأكد ذلؾ في نص المادة ‪ 13‬مف ىذا المشروع‪ ،‬والمقدـ في إطار مذكرة تفاىـ بيف جامعة‬
‫الدوؿ العربية والمجنة الدولية لمصمي ب األحمر الموقعة بتاريخ ‪ 15‬نوفمبر ‪ 1990‬في الفقرة "ح"‬
‫‪ - 85‬علي سعدان‪ :‬محاية البيئة من التلوث بادلواد اإلشعاعية والكيميائية ِف القا نون اجلزائري‪ ،‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.311‬‬
‫‪ - 86‬داود عبد الرزاق‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ - 87‬أشرف زلمد الشني‪ ،‬جرائم البيئة‪ ،‬مركز اإلعالم األمين‪ ،‬ص‪.21:00 ،2010/04/07 ،www.policemc.gov.bh . 02‬‬
‫‪41‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫حيث اعتبرت إحداث ضرر واس ع النطاؽ وطويؿ األجؿ وشديد بالنسبة لمطبيعة جريمة‬
‫دولية‪.‬‬
‫ويكوف االعتداء عمى البيئة بشكؿ مباشر أو غير مباشر‪ ،‬فيكوف غير مباشر إذا‬
‫كانت البيئة ليست محال لميجوـ المباشر وانما يكوف فييا التعدي بشكؿ عرضي‪ ،‬ويكوف‬
‫االعتداء المباشر إذا كاف ب يدؼ اإلضرار بالبيئة كيدـ الجسور واشعاؿ النار و تمويث مياه‬
‫الشرب‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 55‬مف البروتوكوؿ اإلضافي التفاقية جنيؼ لعاـ ‪ 1949‬عمى تجريـ‬
‫استخداـ طرؽ ووسائؿ في الحرب تتسبب في دمار واسع بعيد المدى أو شديد عمى البيئة‬
‫الطبيعة‪.88‬‬
‫وقد استخدـ األمريكيوف أسمحة كيميائية في حربيـ ضد الفيتناـ مما أدى إلى القضاء‬
‫عمى أكثر مف ‪ % 50‬مف مساحات الغابات في الفيتناـ الجنوبية والحاؽ العجز الجزئي أو‬
‫الدائـ بأكثر مف ‪ % 20‬مف مساحة األراضي الزراعية‪.‬‬
‫وفيما يخص االتفاقية الدولية لحماية البيئة أثناء النزاعات المسمحة نجد ما نصت‬
‫عميو اتفاقيات القانوف الدولي اإلنساني وعمى رأسيا اتفاقية جنيؼ لعاـ ‪ ،1907‬حيث جرمت‬
‫التدمير المتعمد ومياجمة المنشآت والمباني العامة والغابات والمناطؽ الزراعية‪ ،‬كذلؾ‬
‫بروتوكوؿ جنيؼ لعاـ ‪ ، 1925‬الذي حضر استعماؿ الغازات السامة والوسائؿ الجرثومية في‬
‫الحروب‪ ،‬وأيضا ما ورد في اتفاقية حضر استخداـ تقني ات التغيير في البيئة ألغراض‬
‫عسكرية أو ألغراض عدائية لعاـ ‪.1976‬‬
‫ونصت المادة ‪ 35‬فقرة ‪ 03‬مف البروتوكوؿ اإلضافي األوؿ التفاقية جنيؼ لعاـ ‪1949‬‬
‫الصادر عاـ ‪ 1977‬عمى حضر استخداـ وسائؿ أو أساليب القتاؿ والذي يقصد بيا أو يتوقع‬
‫منيا أف تمحؽ بالبيئة الطبيعية أضرار واسعة‪.‬‬
‫‪ - 88‬أشرف زلمد الشني‪ ،‬ادلرجع ال سابق‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪42‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وأصدرت الجمعية العػامػ ة لألمـ المتحدة قرار رقـ ‪ 37-47‬في ‪ 23‬ديسمبر ‪،1991‬‬
‫بشأف حماية البيئة في أوقات النزاع المسمح‪ ،‬حيث جاء فيو أف تدمير البيئة يعد مخالفا‬
‫لمقانوف الدولي‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪()2(08‬ب)‪ 04‬مف النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدولية الدائمة‬
‫لسنة ‪ 1998‬عمى اعتبار جريمة تمويث البيئة جريمة دولية وذلؾ مف خالؿ اعتبار إلحاؽ‬
‫ضرر واسع النطاؽ و طويؿ األجؿ و شديد بالبيئة الطبيعة إحدى صور جرائـ الحرب‪.‬‬
‫أما في السمـ فجريمة تمويث البيئة تدخؿ تحت مظمة جرائـ ضد األمف و اإلنسانية‪.‬‬
‫فقد عقد مؤتمر مف أجؿ الحماية الجنائية لموسط الطبيعي في ىامبورج في سنة ‪1979‬‬
‫وخرج بجممة مف التوصيات أىميا تمؾ المتعمقة بالجرائـ عبر الوطنية‪ ،‬حيث اعتبرت أف‬
‫االعتداءات الخطرة عمى البيئة ينبغي إدخاليا ضمف الجرائـ الدولية والعقاب عمييا بطريقة‬
‫مالئمة‪.‬‬
‫كما أف الحماية تعتبر أمر ضروري عندما يكوف فعؿ االعتداء عمى البيئة مرتكب مف‬
‫دولة ضد دولة أخرى‪.‬‬
‫والمالحظ أنو ال تزاؿ الدوؿ النووية والصناعية الكبرى تشكؿ عبء كبير عمى البيئة‬
‫ضاربة بعرض الحائط بسالمة البيئة واتفاقياتيا الدولية‪ ،‬حيث تقوـ بتصدير نفاياتيا الذرية‬
‫الخطيرة لدفنيا في أراضي الدوؿ الفقيرة مقابؿ مب الغ زىيدة‪ ،‬كما رفضت الدوؿ الصناعية‬
‫الكبرى وضع قواعد حازمة لحماية البيئة وذلؾ لتفادي ارتفاع أسعار منتجاتيا الصناعية‪.89‬‬
‫والمالحظ كذلؾ أف القانوف الدولي ال يزاؿ يفتقد إلى الجزاء ال رادع والى السمطة‬
‫الدولية المييمنة ألف معظـ أعماؿ المؤتمرات الدولية تأخذ شكؿ توصيات غير ممزمة‬
‫وترفض الدوؿ الكبرى االلتزاـ بيا لتعارضيا مع مصالحيا االقتصادية‪ ،‬لذلؾ يجب إعادة‬
‫‪ - 89‬ماجد راغب احللو‪ :‬قانون محاية البيئة ِف ضوء الشريعة‪ ،‬منشأة ادلعارف‪ ،‬اإلسكند رية‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‪.26‬‬
‫‪43‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫النظر في إدراج جريمة تمويث البيئة كجريمة دولية يعاقب عمييا وفؽ القانوف الدولي‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫والمتتبع لمقانوف األساسي لممحكمة الجنائية الدولية يجد أف المادة ‪ 07‬المتضمنة‬
‫ا ألفعاؿ التي تدخؿ ضمف جرائـ ضد اإلنسانية ال يجد أي نص يؤكد إدراج االعتداء عمى‬
‫البيئة ضمف ىتو الجرائـ‪.90‬‬
‫في عاـ ‪ 1986‬اقترح المقرر الخاص لمجنة القانوف الدولي قائمة الجرائـ ضد اإلنسانية‬
‫وذلؾ في إطار إ عداد مشروع جرائـ ضد اإلنسانية وظير ذلؾ في التقرير الرابع ليصبح نص‬
‫المادة ‪" : 12‬األفعاؿ التي تشكؿ جرائـ ضد اإلنسانية‪:‬‬
‫[‪].....‬‬
‫ أي انتياؾ خطير لاللتزاـ دولي ذو أىمية دولية ضرورية لمحماية و الحفاظ عمى‬‫البيئة" ‪.‬‬
‫وعمؽ المقرر الخاص عمى مسؤولية الدولة بيذا الشأف‪.‬‬
‫بعدىا عممت لجنة القانوف الدولي في دورتيا السابعة و األربعوف لعاـ ‪ 1995‬عمى إنشاء‬
‫مجموعة عمؿ تجتمع في بداية الدورة الثامنة و األربعوف‪ ،‬و تنظر في إمكانية تعامؿ في‬
‫مدونة جرائـ ضد السالـ و أمف البشرية‪ ،‬والحاؽ األضرار عمى البيئة ضمف ىاتػو القائمة‪ ،‬إال‬
‫أنيا فشمت بعد ذلؾ في إعداد مشاريع المواد التي مف شأنيا أف تضع الضرر البيئ ي ضمف‬
‫الجرائـ ضد السمـ و أمف البشر‪.91‬‬
‫وتقود المحامية البريطانية "يولي ىيغين ر" حممة لجعؿ جريمة تمويث البيئة جريمة‬
‫دولية ال تختمؼ عف الجرائـ ضد اإلنسانية‪ ،‬حيث دعت األمـ المتحدة إلى إدراج تدمير البيئة‬
‫ضمف الجرائـ الدولية‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫‪-Amissi Melhai de Manirabouna: La responsabilité Pénale des société canadiennes, pour les crimes contre‬‬
‫‪l’environnement, survenu a l’étranger, thèse de doctorat, université de Montréal, Canada, Faculté du droit, 2009,‬‬
‫‪p231‬‬
‫‪91‬‬
‫‪- Christian Tomuschat: Document sur les crimes contre l’environnement, ILE(XLV III / DC / CRD), Projet de‬‬
‫‪code des crimes contre la paix de la sécurité de humanité, Par III, Extrait de l’annuaire de la CDI, 1996, Vol III,‬‬
‫‪P21.‬‬
‫‪44‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وقد نقمت صحيفة الغاردياف عف صاحبة الفك رة قوليا‪" :‬أف البيئة ىي نقيض لمحياة‬
‫وحيث يقع مثؿ ىذا التدمير تبعة ألعماؿ اإلنساف فإنو باإلمكاف أف يعد تدمير البيئة جريمة‬
‫دولية وتطالب ىيغين ر بإدراج جريمة البيئة خامسة عمى قائمة الجرائـ الدولية‪.‬‬
‫وتحظي ىيغينر في حممتيا بتأييد داخؿ أروقة األمـ المتحدة وفي مفوضية األوروبية‬
‫وبيف عمماء البيئة ومنظمات دولية أخرى‪.92‬‬
‫ونحف بدورنا نؤيد ىذه الفكرة ‪ ،‬إذ أف جريمة تمويث البيئة تندرج ضمف جرائـ ضد‬
‫اإلنسانية لما تخمفو ىا تو الجريمة مف ضرر وخطر عمى صحة اإلنساف والمخموقات‬
‫باإلضافة إلى األضرار التي تمحقيا بالطبيعة‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أركان جريمة تمويث البيئة‪.‬‬
‫يتعرض ىذا المبحث إلى أركاف جريمة تمويث البيئة‪ ،‬وسوؼ يتناوؿ الباحث فيو‬
‫مطمبيف‪ ،‬األوؿ الركف المادي والثاني الركف المعنوي‪ ،‬إذ ال تقوـ الجريمة إال بتوافر ىذيف‬
‫الركنيف‪.‬‬
‫يضاؼ إلى ىاذيف الركنيف وجود نص تجريمي يجرـ الفعؿ‪ ،‬حيث ال جريمة وال عقوبة‬
‫إال بنص وىذا ما يعرؼ بمبدأ الشرعيػة‪ ،‬لكف اختمؼ الفقو حوؿ النػ ص التجريمي‪ ،‬فيما إذا‬
‫كاف يعتبر ركف مف أركاف الجريمة أـ ال‪.‬‬
‫يرى جانب مف الفقػو الفرنسي منيـ الفقيػو " سطيفاني ولوفاسور وبولوؾ وصوبي"‪ ،‬أف‬
‫النص القانوني يعد ركنا مف أركاف الجريمة حيث ال تقوـ وال تكتمؿ أ ركانيا إال بتوافر الركف‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫وعمى خالؼ ذلؾ يرى جانب آخر مف الفقياء الفرنسييف ويؤيدىـ في ذلؾ جانب كبير‬
‫مف الفقو المصري‪ ،‬أف النص القانوني ليس ركنا لمجريمة‪ ،‬وانما ىو عامؿ ردع‪.93‬‬
‫‪ 92‬يُخسٖ انجشا ئز‪ٚ‬ت نهمبٌَٕ ٔانحمٕق‪. 22:25 ،1011/04/ 07، www.forum.law-dz.com ،‬‬
‫‪ - 93‬أحسن بوسقيعة‪ :‬الوج يز ِف شرح القانون اجلنائي العام‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬ط‪ ،4‬اجلزائر‪ ،2007،‬ص‪.48‬‬
‫‪45‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وبرروا ىذا الرأي ب أف اعتبار النص القانوني ركنا يتطمب ىذا عمـ الجاني بالنص‬
‫القانوني الذي يجرـ الفعؿ‪ ،‬وىو ما يتعارض مع افتراض العمـ بالقانوف وأف الجيؿ ليس‬
‫بعذر‪.94‬‬
‫ونحف نذىب إلى ما ذىب إليو أنصار الرأي الثاني‪ ،‬إذ أف النص القانوني يعتبر‬
‫القالب الذي يوضع فيو الشيء وليس جزء مف الشيء وبالتالي ال يدخؿ في أركاف الجريمة‪،‬‬
‫لذلؾ سوؼ نت ناوؿ ىذا المبحث في مطمبيف‪ ،‬األوؿ نخصو لمركف المادي والثاني لمركف‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬الركن المادي لمجريمة‬
‫يعتبر الركف المادي النشاط الخارجي الذي يقوـ بو اإلنساف‪ ،‬والذي يعاقب عميو‬
‫القانوف الجنائي‪.‬‬
‫حيث أف قانوف العقوبات ال يع اقب عمى النوايا ميما كانت سيئة إال إذا تجسدت في فعؿ‬
‫خارجي‪.‬‬
‫ويقوـ الركف المادي عمى ثالث عناصر ىي السموؾ اإلجرامي والنتيجة المترتبة عنو‪،‬‬
‫باإلضافة إلى العالقة السببية بيف ىذا السموؾ والنتيجة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬السموك اإلجرامي‬
‫السموؾ اإلجرامي ىو كؿ حركة أو عدة حركات عضمية تصدر مف جانب الجاني تؤدي إلى‬
‫اإلضرار بالمصالح المراد حمايتيا أو تعريضيا لمخطر‪.95‬‬
‫وفي جرائـ تمويث البيئة يتحقؽ السموؾ اإلجرامي في فعؿ التمويث‪ ،‬ويكوف ذلؾ بإدخاؿ مواد‬
‫في وسط بيئي معيف‪ ،‬وىذا يعني أف التموث يتحقؽ بفعؿ اإلضافة أو إلق اء أو تسريب مواد‬
‫‪ - 94‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.248‬‬
‫‪ - 95‬زلمد حسني عبد القوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪46‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫مموثة أو امتناع يترتب عميو اإلضرار بأحد عناصر البيئة‪ ،‬سواء كانت ىاتو المواد موجودة‬
‫في الوسط الطبيعي أـ ال‪.96‬‬
‫ويقصد بالتمويث عمى ضوء ما نص عميو قانوف حماية البيئة رقـ ‪ 10- 03‬ىو التغيير‬
‫المباشر أو غير المباشر لمبيئة يتسبب فيو كؿ فعؿ يحدث أو قد يحدث وضعية مضرة‬
‫بالصحة وسالمة اإلنساف والنباتات وال حيوانات واليواء والماء واألرض والممتمكات الجماعية‬
‫أو الفردية‪.97‬‬
‫والمالحظ أف المشرع توسع في مفيوـ التموث‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ الوصؼ الفضفاض‬
‫لمصطمح التغيير في البيئة‪ ،‬كما نالحظ أف المشرع في تعريفو لمتموث حصره في سموؾ‬
‫إيجابي وىو الفعؿ‪ ،‬دوف أف ينص عمى التموث باالمتناع‪ ،‬عمى خالؼ ما ذىب إليو المشرع‬
‫المصري الذي عرؼ التموث بأنو‪ " :‬إدخاؿ أو تسريب مواد مموثة أو االمتناع عف إضافة أو‬
‫إدخاؿ مواد أو عناصر حيوية في وسط بيئي محمي قانونا وىذا مف شأنو اإلضرار بيذا‬
‫الوسط أو تيديده بالضرر"‪ ،‬ففعؿ التموث يكوف بإضافة مواد في البيئة تؤدي إلى اإلخالؿ‬
‫بالتوازف الطبيعي‪ ،‬أو باالمتناع بإضافة مادة ليذا الوسط‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ منع دخوؿ أو تجديد‬
‫اليواء في األماكف المغمقة مما يؤدي إلى تموث ىوائي‪.‬‬
‫كما يؤخذ عمى المشرع الجزائري في تعريفو لمتموث الجوي و التموث المائي‪ ،‬أنو ق صر‬
‫فعؿ التمويث عمى إدخاؿ المواد المموثة ولـ يشر إلى فعؿ تحريؾ ‪ ،‬ألنو قد يحدث التموث‬
‫بتحريؾ بعض المواد الموجودة أصال في الوسط البيئي‪.‬‬
‫وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بتحقؽ الركف المادي في جريمة تمويث مياه النير‬
‫بتحريؾ مواد موجودة في النير رغـ إثبات المتيـ بأنو لـ يمقي مواد ضارة فيو‪ ،‬إال أنو قاـ‬
‫بتحريؾ ىا تو المواد الضارة التي ىي موجودة في النير أصال‪.98‬‬
‫‪ - 96‬زلمد حسن الكندري ‪:‬ادلسؤولية اجلنائية عن التلوث البيئي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،2006 ،‬ص‪.62‬‬
‫‪ - 97‬ادلادة الرابعة من قانون محاية البيئة رقم ‪.10- 03‬‬
‫‪- Crim,23 Juin 1986, J.C.P.G, II.N020667.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪98‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وتعد المواد المموثة الموضوع المادي لمسموؾ اإلجرامي في جريمػة تمػ ويث البيئة‪ ،‬وذلؾ‬
‫معناه أف الفاعؿ قد أضاؼ أو ألقى أو أدخؿ مواد مموثة أو امتناع عف إضافة أو إدخاؿ‬
‫مواد إلى الوسط البيئي‪.99‬‬
‫ولـ يشترط المشرع الجزائري أسوة بالمشرع المصري مواد مموثة ذات طبيعة خاصة أو‬
‫مف نوع معيف أو ذات مواصفات محددة‪ ،‬وانما استخدـ النصوص المفتوحة الحتواء كؿ‬
‫المواد والعناصر التي تؤدي إلى تمويث البيئة‪.‬‬
‫ونالحظ أف المشرع لـ يشترط وسيمة معينة إذ أف فعؿ التمويث يتحقؽ بأي وسيمة ما‬
‫دامت تؤدي إلى نتيجة إجرامية أو تعريض البيئة لمخطر‪.‬‬
‫ولكي يتحقؽ السموؾ اإلجرامي في جريمة تمويث البيئة يجب أف يحدث فعؿ التمويث‬
‫في الوسط البيئي وىو محؿ ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫وقد سمؾ المشرع المصري منيجيف لتحديد الوسط البيئي‪.‬‬
‫فالمنيج األوؿ حدد فيو الوسط البيئي محؿ الحم اية تحديد دقيقا بحيث ال تقوـ الجريمة‬
‫إال إذا ارتكب الفعؿ في وسط معيف دوف غيره مف األوساط البيئية‪ ،‬وقد سار المشرع الفرنسي‬
‫في نفس المنيج‪.‬‬
‫والمنيج الثاني ال يحدد فيو المشرع الوسط البيئي محؿ الحماية‪ ،‬بحيث يكوف النص‬
‫عاـ دوف تحديد الوسط البيئي‪ ،‬مثاؿ ما نصت عميو المادة ‪ 38‬مف قانوف حماية البيئة‬
‫المصري التي حضرت استخداـ مبيدات أو مركبات كيميائية أخرى‪ ،‬بما يكفؿ عدـ تعرض‬
‫اإلنساف والحيواف والنباتات وسائر مكونات البيئة إلى ضرر‪. 100‬‬
‫أما المشرع الجزائري فقد اتبع أسموبا يختمؼ عف باقي التشريعات عندما نص عمى‬
‫عناصر البيئة و أطم ؽ عمييا مصطمح مقتضيات حماية البيئة‪ ،‬ونص عمى مقتضيات حماية‬
‫‪ - 99‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.259‬‬
‫‪ - 100‬عادل ماىر األلفي‪ :‬ادلرجع السابق ص ‪.264- 263‬‬
‫‪48‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫البيئة اليوائية‪ ،‬ومقتضيات حماي ة المياه‪ ،‬باإلضافة إلى مقتضيات حماية األرض وبػاطنيا‪،‬‬
‫أي البيئة الترابية‪.101‬‬
‫ويأخذ ال سموؾ اإلجرامي في جريمة تمويث البيئة إحد ى صورتيف بحيث تتحقؽ‬
‫الجريمة بنشاط مادي سواء كاف إيجابي أو سمبي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬السموؾ اإليجابي‬
‫يتحقؽ السموؾ اإليجابي في جرائـ تمويث البيئة بفعؿ إيجابي أي نشاط مادي خارجي‬
‫يصدر عف الجاني بخرقو لمقانوف‪. 102‬‬
‫وفي التشريعات البيئية نجد ارتكاب جريمة تمويث البيئة بسموؾ ايجابي ىي السمة‬
‫الغالبة‪.103‬‬
‫ومف قبيؿ ىاتو الجرائـ ف ي التشريع الفرنسي جريمة إلغاء أو رمي مواد مف شأنيا‬
‫اإلضرار باألسماؾ في مياه األنيار‪.104‬‬
‫ومثاؿ ذلؾ في التشريع الجزائري نجد المادة ‪ 51‬مف قانوف ‪ 10- 03‬التي تمنع صب‬
‫أو طرح لممياه المستعممة أو رمي النفايات ميما كانت طبيعتيا في المياه المخصصة إلعادة‬
‫تزويد طبقات المياه الجوفية وفي اآلبار‪.‬‬
‫أما في التشريع األردن ي قد نصت المادة ‪ 09‬مف قانوف حماية البيئة األردني عمى‬
‫جريمة منع طرح أو سكب أو تفريغ أو إلقاء السفف لمواد مموثة أو مضرة بالبيئة البحرية في‬
‫المياه اإلقميمية لممممكة األردنية‪. 105‬‬
‫‪ - 101‬زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ - 102‬نور الدين ىنداوي‪ :‬احلماية اجلنائية للبيئة‪ ،‬دار ا لنهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1985 ،‬ص‪.86‬‬
‫‪ - 103‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪ - 104‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.260‬‬
‫‪ - 105‬عادل زلمد الدميريي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪49‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وفي التشريع المصري ما ورد في المادة ‪ 49‬مف القانوف رقـ ‪ 04‬لسنة ‪ 1994‬المتعمؽ‬
‫بتجريـ إلقاء الزيت والمزيج ال زيتي مف السفف في البحر اإلقميمي لجميورية مصر‪.106‬‬
‫ثانيا‪ :‬السموؾ السمبي‬
‫يتحقؽ السموؾ السمبي في جريمة تمويث البيئة باالمتناع عف القياـ بعمؿ يفرضو‬
‫القانوف‪. 107‬‬
‫ففي جرائـ البيئة السمبية ال يت طمب القان وف تحقؽ نتيجة إجرامية‪ ،‬وانما يكتفي بمجرد‬
‫االمتناع عف واجب قانوني‪.‬‬
‫ففي التشريع الفرنسي نجد العديد مف جرائـ تمويث البيئة السمبية ونذكر منيا عمى‬
‫سبيؿ المثاؿ ما نص عميو القانوف رقـ ‪ 633‬لسنة ‪ 1975‬الصادر بشأف النفايات والمعدؿ في‬
‫‪ 30‬ديسمبر عاـ ‪ ، 1985‬تجريـ عدـ اال لتزاـ بالتعميمات و الشروط لمحصوؿ عمى تصاريح‬
‫مسبقة مف الجيات المختصة فيما يخص معالجة أو نقؿ أو تخزيف النفايات والتخمص منيا‪.‬‬
‫ويعد مف جرائـ تمويث البيئة التي ترتكب ب سموؾ سمبي في التشريع الجزائري ما ورد‬
‫في المادة ‪ 102‬مف قانوف ‪ 10- 03‬المتعمؽ بحماية البيئة بحيث ت عاقب كؿ شخص يستغؿ‬
‫منشأة دوف أف يحصؿ عمى ترخيص‪.‬‬
‫ويالحظ مف خالؿ ىا تو النصوص أف التشريعات البيئية حرصت عمى حماية البيئة‬
‫وذلؾ مف خالؿ توسع المشرع البيئي في مجاؿ التجريـ‪ ،‬حيث فرض عمى األشخاص‬
‫والمنشآت التزامات يجب القياـ بيا‪ ،‬باإلضافة إلى اتخاذ تدابير محددة‪ ،‬وذلؾ لما تقتضيو‬
‫البيئة مف حماية ضد التموث والوقاية مف المخاطر ال تي تيدد البيئة دوف النظر إلى تحقؽ‬
‫النتيجة ونحف بدورنا نثمف ىذا المسمؾ لما يوفره مف حماية لمبيئة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬النتيجة اإلجرامية‬
‫‪ - 106‬ادلادة ‪ 49‬من القانون ادلصري رقم ‪ 04‬لسنة ‪ 1994‬ادلتعلق حبماية البيئة‪.‬‬
‫‪ - 107‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق ص‪.65‬‬
‫‪50‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫قد يؤدي السموؾ اإلجرامي إلى إحداث نتيجة مادية محددة لكي يكتمؿ الركف المادي‬
‫لجريمة تمويث البيئة‪ ،‬فقد يشرط المشرع أف يحدث السموؾ المادي اإلجرامي نتيجة إجرامية‬
‫محددة‪ ،‬لذلؾ عنونا ىذا الفرع تحت عنواف النتيجة اإلجرامية‪ ،‬وقسمنػاه إلى أوال‪ ،‬النتائج‬
‫اإلجرامية الضارة والنتائج اإلجرامية الخطرة‪ ،‬وثانيا النطاؽ المكاني والزمني لمنتيجة‬
‫اإلجرامية‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬النتائج اإلجرامية الضارة والنتائج اإلجرامية الخطرة‪.‬‬
‫كما تقسـ جرائـ تمويث البيئة إلى جرائـ ضرر‪ ،‬وجرائـ تعريض لمخطر كذلؾ النتيجة‬
‫اإلجرامية في ىذا النوع مف الجرائـ تقسـ إلى نتيجة ضارة ونتيجة خطرة‪.‬‬
‫أ ‪ -‬النتيجة اإلجرامية الضارة‬
‫لقد حرص المشرع ا لجنائي في بعض جرائـ البيئة عمى تحديد النتائج الضارة وشرط‬
‫حصوؿ نتيجة مادية كأثر لمسموؾ اإلجرامي‪ ، 108‬وىذا ما يعرؼ بجرائـ الضرر‪.‬‬
‫ولقد سعت جؿ التشريعات البيئية إلى تحديد الضرر البيئي‪ ،‬فقد حدد المشرع‬
‫المصري الضرر البيئي حيث شمؿ كؿ ما ىو مضر بالكائنات الحية أو المنشآت أو الحياة‬
‫الطبيعية أو صحة اإلنساف وكؿ ما يستنزؼ موارد البيئة أو يغير مف مواصفات اليواء‬
‫وخصائصو أو يسبب الضوضاء‪.109‬‬
‫أما المشرع الميبي فقد عرؼ الضرر البيئي بأنو حالة أو ظرؼ ينشأ عنو تعرض‬
‫صحة اإلنساف أو سالمة البيئة لمخطر نتيجة تموث مياه البحر أو اليواء‪.110‬‬
‫وقد تناوؿ المشرع الجزائري الضرر البيئي عند تعريفو لمتموث البيئي وذلؾ مف خالؿ‬
‫تبيف أضرار التموث‪ ،‬إذ ىو كؿ تغير مباشر أو غير مباشر لمبيئة يتسب ب فيو كؿ فعؿ يحدث‬
‫أو قد يحدث وضعيتو مضرة بالصحة والنباتات والحيواف واليواء والجو والماء واألرض‬
‫‪ - 108‬نور الدين ىنداوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ - 109‬زلمد حسني عبد القوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 198‬‬
‫‪ - 110‬زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 126‬‬
‫‪51‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫والممتمكات الجماعية والفردية وبالتالي ف الضرر البيئي ىو كؿ ما مف شأنو أف يغير في‬
‫الخواص الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية لمماء أو إحداث وضعية مضرة بصحة اإلنساف‬
‫أو سالمتو أو يضر بالنباتات والحيوانات أو يمس بجماؿ المواقع أو عرقمة االستعماؿ‬
‫الطبيعي لممياه أو التسبب في انبعاث ات أبخرة أو غازات أو أدخنة سائمة أو صمبة مف شأنيا‬
‫التسبب في اإل ضرار اإلطار المعيشي‪.‬‬
‫ومف خالؿ ما ورد يتضح أف الضرر البيئي يمتاز بجممة مف الخصائص وىي‪:‬‬
‫ عمومية الضرر بمعنى أنو قد يصيب اإلنساف أو أي كائنات حية أخرى كما يصيب‬‫عناصر الطبيعة (الطبيعة االصطناعية)‪.‬‬
‫ صعوبة تحديد المصدر الحقيقي لمضرر وبالتالي ينتج عنو صعوبة تحديد السبب الذي‬‫أدى إلى حدوث النتيجة‪. 111‬‬
‫ الضرر البيئي قد يكوف ضرر مباشر وقد يكوف ضرر غير مباشر‪ ،‬حيث ال تظير‬‫أثاره فور وقوعو‪.112‬‬
‫ب ‪ -‬النتيجة اإلجرامية الخطرة‬
‫لقد اعتبر المشرع الخطر أمر واقعي ووضعو في ميزاف الحسباف‪ ،‬وذلؾ خشية الوقوع في‬
‫الضرر‪. 113‬‬
‫واىتـ المشرع بالنتيجة الخطرة التي مف المحتمؿ أف تحدث في المستقبؿ‪. 114‬‬
‫وىذا ما يعرؼ بجرائـ التعريض لمخطر فالنتيجة في ىذا النوع مف الجرائـ تتمثؿ في تيديد‬
‫المصمحة المحمية قانونا‪.‬‬
‫وقد سمؾ المشرع ىذا المسمؾ في جرائـ تمويث البيئة ‪ ،‬وذلؾ لصعوبة إثبات الضرر‬
‫في بعض الجرائـ البيئية‪. 115‬‬
‫‪ - 111‬زلمد دلوسخ‪ :‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪. 121‬‬
‫‪ - 112‬زلمد حسني يعقوب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ، 200‬أنظر زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 120‬‬
‫‪ - 113‬إبتسام ادلكاوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 72‬‬
‫‪ - 114‬نور الدين ىنداوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪52‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وتظير أىمية األخذ بالنتائج الخطرة في جرائـ تمويث البيئة فيما يمي‪:‬‬
‫ سيولة إثبات المسؤولية الجنائية في جرائـ التعريض لمخطر وذلؾ لصعوبة إثبات‬‫الضرر‪.‬‬
‫ وضع حؿ لمشكمة إثبات العالقة السببي ة بيف السموؾ المادي والنتي جة اإلجرامية في‬‫حالة ما إذا كاف مصدر الضرر البيئي غير محدد بدقة وذلؾ عندما تتعدد المصادر‬
‫التي تساىـ في تمويث البيئة مثؿ ما ىو الحاؿ في التمويث البعيد المدى‪.116‬‬
‫ إ ف األخذ بيذا النوع مف الجرائـ يوفر أكبر قدر ممكف مف الحماية البيئية خاصة وأف‬‫العديد مف جرائـ البي ئة يصعب إثبات الضرر فييا باإلضافة إلى ما تسببو ىذه الجرائـ‬
‫مف خسائر ىائمة يصعب عمى اإلنساف تداركيا‪.‬‬
‫لذلؾ دعت العديد مف المؤتمرات الدولية إلى ضرورة تجريـ النتائج الخطرة‪.‬‬
‫مثاؿ ذلؾ القرار ال رابع الصادر عف المؤتمر الثامف لألمـ المتحدة حوؿ منع الجريمة‬
‫ومعاممة المذنبيف المنعقد في ىافنا سنة ‪ 1990‬والذي قرر التزاـ الدوؿ األعضاء بأف تعزز‬
‫بموجب قوانيف جنائية وطنية حماية الطبيعة والبيئة مف إلقاء النفايات الخطرة أو غيرىا مف‬
‫المواد التي تعرض البيئة لمخطر وحماية البيئة مف تشغيؿ المنشآت الخطرة‪. 117‬‬
‫ولقد أخذت التشريعات بيذا النوع مف النتائج الخطرة‪ ،‬فنجد أف المشرع الميبي جرـ‬
‫مجرد إلقاء مواد مشعة أو سامة أو غازات أو مفرقع ات في المواني أو المياه اإلقميمية في‬
‫المادة ‪ 67‬مف القانوف الميبي رقـ ‪ 7‬لسنة ‪ 1982‬الخاص بحماية البيئة بصرؼ النظر عف‬
‫تحقؽ نتيجة ضارة ‪. 118‬‬
‫كذلؾ في التشريع المصري نجد العديد مف أمثمة ىذا النوع مف التجريـ‪.‬‬
‫‪ - 115‬مرفت البارودي‪ :‬ادلسؤولية اجلنائية لالستخدامات السلمية للطاقة النووية‪ ،‬رسالة دكتورا‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،1993 ،‬ص‪.296‬‬
‫‪ - 116‬زلمد احلسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪ - 117‬زلمد حسن عبد القوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 205‬‬
‫‪ - 118‬زلمد حسني عبد القوي‪ ،‬ادلرجع نفسو‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫فنجد المادة ‪ 31‬فقرة ‪ 1‬مف القانوف رقـ ‪ 4‬لسنة ‪ 1994‬الصادر بشأف البيئة والتي تجرـ‬
‫إقامة منشأة بغرض معالجة النفايات الخطرة بدوف ترخيص مف الجية اإلدارية المختصة‪. 119‬‬
‫وكذلؾ ما ورد في المادة ‪ 32‬مف نفس القانوف التي تحضر استيراد النفايات الخطرة أو‬
‫السماح بدخوليا أو مرورىا في أراضي جميورية مصر‪.120‬‬
‫كما أخذ المشرع الجزائري بالنتيجة اإلجرامية الخطرة وذلؾ مف خالؿ عدة نصوص‬
‫نذكر منيا ما ورد في المادة ‪ 19‬مف القانوف رقـ ‪ 19- 01‬المتعمؽ بتسيير النفايات ومراقبتيا‬
‫مف حضر إليداع وطمر النفايات الخا صة الخطرة في غير األماكف المخصصة ليا‪.‬‬
‫كما ألزـ المشرع المنتج والحائز لمواد خطرة بالحصوؿ عمى التصريح مف الجيات‬
‫اإلدارية المختصة وكذلؾ أخضع نقؿ ىاتو النفايات إلى الحصوؿ عمى ترخيص‪.121‬‬
‫وكذلؾ المادة ‪ 25‬مف قانوف حماية البيئة رقـ ‪ 10/03‬التي نصت عمى ما يمي‪" :‬عندما‬
‫ت نجـ عف استغالؿ منشأة غير واردة في قائمة المنشآت المنصفة أخطار أو أضرار تمس‬
‫بالمصالح المذكورة في المادة ‪ 18‬أعاله‪ ،‬وبناء عمى تقرير مف مصالح البيئة ينذر الوالي‬
‫المستغؿ ويحدد لو أجال التخاذ التدابير الضرورية إلزالة األخطار أو األضرار البيئية"‪.‬‬
‫وكذلؾ ما ورد في المادة ‪ 72‬مف نفس القانوف والتي تنص عمى‪ " :‬تيدؼ مقتضيات‬
‫الحماية البيئ ية مف األضرار السمعية إلى الوقاية أو القضاء أو الحد مف انبعاث وانتشار‬
‫األصوات أو الذبذبات التي قد تشكؿ أخطار وتضر بصحة األشخاص وتسبب ليـ اضطرابا‬
‫مفرطا أو مف شأنيا أف تمس بالبيئة"‪.‬‬
‫ييدؼ المشرع مف خالؿ ىذا النص إلى الوقاية مف األخطار المتوقعة في المستقبؿ‬
‫التي يسببيا التموث السمعي حتى دوف تحقؽ نتيجة ضارة‪.‬‬
‫‪ - 119‬ادلادة ‪ 31‬من القانون ادلصري رقم ‪ 4‬لسنة ‪ 1994‬ادلتعلق بالبيئة‪.‬‬
‫‪ - 120‬ادلادة ‪ 32‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 121‬ادلادة ‪ 21‬من القانون ‪ 19- 01‬ادلتعلق بتسيري النفايات و مراقبتها‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ونقوؿ أف ما س مكتو التشريعات في ىذا الشأف يعد مسمكا حميدا‪ ،‬وذلؾ لتوفير أكثر‬
‫قدر مف الحماية البيئية‪ ،‬مف خالؿ تجريـ النتائج الخطرة ألنو في كثير مف األحياف يصعب‬
‫تدارؾ الضرر البيئي‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬النطاؽ المكاني والزمني لمنتيجة اإلجرامية‬
‫قػد تختمؼ النتيجػ ة اإلجرامية في جريمة تمويث البيئة عف غيرىا مػف الجرائػـ‪ ،‬خاصة‬
‫مف حيث زماف ومكاف وقوعيا‪ ،‬ففي كثير مف األحياف يتراخى تحقؽ النتيجة‪ ،‬فتحدث في‬
‫مكاف وزماف يختم ؼ عف مكاف وزماف ارتكاب السموؾ المادي‪.122‬‬
‫أ ‪ -‬النتيجة اإلجرامية مف الناحية الزمنية‪:‬‬
‫يقع وأف يرتكب السموؾ اإلجرامي في فترة زمنية محددة ويؤدي ىذا السموؾ إلى نتيجة‬
‫إجرامية في فترة زمنية الحقة قد تطوؿ بعد ارتكابو‪.‬‬
‫حيث أف الضرر البيئي قد يكوف مباشر يظير بعد فترة زمنية قصيرة مثمما ىو الحاؿ‬
‫في تموث المياه بمواد سامة إثر إلقاء نفايات‪.‬‬
‫وقد يكوف غير مباشر بحيث ال يظير إال بعد فترة زمنية طويمة كما ىو الحاؿ في‬
‫التموث اإلشعاعي‪. 123‬‬
‫ويث ير اإلطار الزماني لمنتيجة اإلجرامية في ىذا النوع مف الجرائـ تساؤال ميما حوؿ‬
‫طبيعة الركف المادي‪ ،‬فنكوف بصدد جريمة وقتية عندما يستغرؽ فترة زمنية قصيػرة‪ ،‬أو جريمة‬
‫مستمرة عندما يستمر الركف المادي فترة مف الزمف‪.‬‬
‫‪ - 1‬جرائـ تمويث البيئة مف الجرائـ الوقتية‪:‬‬
‫‪ - 122‬نور الدين ىنداوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ - 123‬زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 134‬‬
‫‪55‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫إف معظـ جرائـ تموث البيئة تعتبر مف قبيؿ الجرائـ الوقتية حيث تحقؽ الجريمة بمجرد‬
‫ارتكاب الفعؿ دوف األخذ ب االعتبار ما ينشأ مف أثار تمتد لفترة مف الزمف‪ ،‬فجؿ التشريعات‬
‫البيئية ال تيتـ باألث ر بقدر اىتماميا بالسموؾ وخاصة إذا تعذر إثبات النتيجة‪. 124‬‬
‫فجريمة تمويث البيئة البحرية وكذا جرائـ التموث اليوائي والمائي وتموث األرض كميا‬
‫جرائـ وقتية رغـ احتماؿ تراخي ظيور ضرر التموث لمدة متفاوتة ‪ ،‬فالسموؾ اإلجرامي المكوف‬
‫لمجريمة المتمثؿ في فعؿ التمويث ينتيي بارتكابو‪ ،‬وما ينشأ عف ىذا الفعؿ مف بقاء التموث‬
‫لفترة زمنية يعتبر أثر مف آثار الجريمة وليس جزء مف الركف المادي فييا‪.125‬‬
‫ومف جرائـ البيئة التي تعتبر جرائـ وقتية تتـ وتنتيي بمجرد ارتكاب الفعؿ‪ ،‬جريمة‬
‫إقامة منشأة بغرض معالجة النفايات الخطرة دوف ترخيص مف الجية اإلدارية المختصة‪. 126‬‬
‫ومف جرائـ تمويث البيئة الوقتية في التشريع المصري نجد ما ورد في المادة ‪ 35‬مف‬
‫قانوف رقـ ‪ 04‬لسنة ‪ 1994‬المتعمؽ بالبيئة والتي تنص عمى أنو "تمزـ المنشآت الخاضعة‬
‫ألحك اـ ىذا القانوف في ممارستيا ألنشطتيا بعدـ انبعاث أو تسريب مموثات لميواء بما يجاوز‬
‫الحدود القصوى المسموح بيا في القوانيف والق اررات السارية وما تحدده الالئحة التنفيذية ليذا‬
‫القانوف"‪.127‬‬
‫كذلؾ ما ورد في المادة ‪ 69‬مف نفس القانوف‪" :‬يحضر عمى جميع المنشآت بما في‬
‫ذلؾ المحاؿ العامة والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية و الخدماتية تصريؼ أو إلقاء‬
‫أية مواد أو نفايات أو سوائؿ غير معالجة مف شأنيا إحداث تموث في الشواطئ المصرية أو‬
‫المياه المتاخمة ليا سواء تـ ذلؾ بطريقة إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬ويعتبر‬
‫كؿ يوـ مف استمرار التصريؼ المحظور‪ ،‬مخالفة منفصمة"‪.‬‬
‫‪ - 124‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 294‬‬
‫‪ - 125‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ - 126‬أشرف ىالل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 39‬‬
‫‪ - 127‬ادلادة ‪ 35‬من قانون محاية البيئة ادلصري لسنة ‪. 1994‬‬
‫‪56‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ومف خالؿ ىذا النص نالحظ أف المشرع المصري لـ يعتبر جريمة إلق اء النفايات في‬
‫الشاطئ جريمة مستمرة بؿ اعتبر كؿ يوـ يتـ فيو االستمرار في التصريؼ جريمة وقتية‬
‫منفصمة‪.128‬‬
‫‪ -4‬جرائـ تمويث مف الجرائـ المستمرة‪:‬‬
‫ىناؾ مف جرائـ البيئة المستمرة التي تستمر فترة مف الزمف‪ ،‬سواء اتخاذ السموؾ‬
‫اإلجرامي صورة إيجابية أو سمبية‪ ،‬وتتدخؿ إرادة الجاني في ىذا الفعؿ تدخال متتابعا‪. 129‬‬
‫مثؿ ذلؾ ما ورد في التشريع المصري في المادتيف ‪ 30‬و ‪ 85‬مف القانوف رقـ ‪04‬‬
‫لسنة ‪ 1994‬والمتعمؽ بتجريـ إدارة النفايات الخطرة بشكؿ مخالؼ لمقواعد واإلجراءات الواردة‬
‫بالالئحة التنفيذية لقانوف البيئة‪.‬‬
‫وىػو ما أورده المشػرع الجزائري في القانوف رقػـ ‪ 19- 01‬السيما المػواد ‪،19 ،18 ،17‬‬
‫‪ 20،21‬منو والمتعمقة بتجريـ إدارة النفايات الخطرة بمخالفة األحكاـ الواردة في ىذا القانوف‪.‬‬
‫ب ‪ -‬النتيجة اإلجرامية مف الناحية المكانية‪:‬‬
‫ينتج ع ف السموؾ اإلجرامي المتمثؿ في فعؿ التمويث نتيجة إجرامية قد تتحقؽ في‬
‫مكاف ارتكاب ىذا الفعؿ‪ ،‬وقد تتحقؽ في مكاف آخر‪.‬‬
‫ففي كثير مف األحياف يتعدى التموث حدود المكاف الذي ارتكب فيو‪ ،‬و ي صيب أماكف‬
‫بعيده عنو‪. 130‬‬
‫والتساؤؿ في ىذا المجاؿ يث ار عندما تتعدى النتيجة اإلجرامية حدود الدولة وتنتقؿ إلى‬
‫دولة أخرى‪ ،‬وىذا ما يعرؼ بعالمية التموث‪.‬‬
‫‪ - 128‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 296‬‬
‫‪ - 129‬علي سعدان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 313‬‬
‫‪ - 130‬زلمد حسن الكندري ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 703‬‬
‫‪57‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫فمثال ما تسرب مف إشعاعات نووية مف المفاعؿ النووي السوفياتي في تشرنبوؿ سنة‬
‫‪ ،1986‬حيث عممت الرياح الجنوبية الشرقية عمى نقؿ اإلشعاعات إلى أجواء ألمانيا الغربية‬
‫والسويد و فمندة والنرويج‪. 131‬‬
‫فعالمية التمويث تثير إشكاالت عديدة منيا‪:‬‬
‫ما ىو متعمؽ بالقانوف الواجب التطبيؽ عمى الجرائـ وكذا االختصاص القضائي في‬
‫ىذا النوع مف الجرائـ‪.‬‬
‫ولمواجية ىذا المشكؿ فقد نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 586‬مف قانوف العقوبات‬
‫عمى أنو تعد مرتكبة في اإلقميـ الجزائري كؿ جريمة يكوف عمؿ مف األعماؿ المميزة ألحد‬
‫أركانيا المكونة ليا قد تـ في الجزائر‪ ،‬فيتضح مف خالؿ نص المادة أنو إذ تـ ارتكاب‬
‫السموؾ اإلجرامي في إقميـ الدولة الجزائرية فإف القانوف الجزائري يكوف مختص حتى ولو‬
‫تحققت النتيجة في بمد آخر‪ ،‬وكذ لؾ إذا تحققت النتيجة في اإلقميـ الجزائري فإنو أيضا يكوف‬
‫القانوف الجزائري مختص وفقا لنص المادة حتى ولو كاف السموؾ قد ارتكب خارج إقميـ الدولة‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫وىذا ما نادت بو العديد مف االتفاقيات الدولية عمى غرار مؤتمر ريو دي جانيرو لسنة‬
‫‪1994‬‬
‫المنعقد مف أجؿ مكافحة الجريمة البيئية‪ ،‬ف الضرر البيئي أو الخطر الناتج عف‬
‫جريمة تمويث البيئة ذو الطبيعة العالمية يجب أف يكوف الفاعؿ فيو محؿ مالحقة سواء في‬
‫الدولة التي ارتكب فييا الفعؿ أو في الدولة التي تحققت فييا النتيجة‪.132‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬العالقة السببية في جريمة تمويث البيئة‬
‫تعتبر العالقة السببية العنصر الثالث الذي يضاؼ إلى السموؾ اإلجرامي والنتيجة‬
‫اإلجرامية ليكتمؿ الركف المادي لمجريمة‪.‬‬
‫‪ - 131‬داود عبد الرزاق‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 44‬‬
‫‪ - 132‬زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 141‬‬
‫‪58‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ولكي تقوـ جريمة تمويث البيئة ال بد مف توفر عالقة سببية بيف السموؾ اإلجرامي‬
‫والنتيجة اإلجرامية‪ ،‬حيث أف ارتكاب ىذا السموؾ قد يؤدي إلى حدوث نتيجة‪ ،‬وال وجود‬
‫لرابطة سببية في الجرائـ ذات السموؾ المحض‪ ،‬أو ما يعرؼ بالجرائـ الشكمية‪ ،‬ألف القانوف ال‬
‫يتطمب فييا حدوث نتيجة‪.‬‬
‫ففي جرائـ التعريض لمخطر تقوـ الجريمة بمجرد تحقؽ السموؾ اإلجرامي المتمثؿ في‬
‫ال تعريض لمخطر لحؽ محمي قانونا دوف حدوث نتيجة‪.‬‬
‫فالرابطة السببية ف ي جرائـ تمويث البيئة ت جد تطبيقيا في جرائـ الضرر التي يتطمب‬
‫فييا المشرع تحقيؽ نتيجة ضارة بالبيئة‪.‬‬
‫غير أف اإلشكاؿ الذي يثار في ىذا النوع مف الجرائـ ىو صعوبة تحديد السبب الذي‬
‫أدى إلى تحقيؽ النتيجة اإلجرامية عندما يتراخى تحقؽ النتيجة اإلجرامية بحيث تتحقؽ في‬
‫مك اف وزماف مختمؼ عف زماف ومكاف السموؾ اإلجرامي‪ ،‬مما يؤدي إلى تدخؿ أسباب أخرى‬
‫في تحقؽ النتيجة‪.133‬‬
‫وقد اختمؼ الفقو حوؿ تحديد معايير لحؿ ىا تو اإلشكالية وظيرت عدت نظريات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية السبب الفعاؿ‪:‬‬
‫ويرى أنصار ىاتو النظرية أنو لكي تقوـ العالقة السببية بيف السموؾ والنتيجة يجب‬
‫أف يكوف السبب ىو الذي قاـ بالدور األساسي لحدوث النتيجة وتعتبر بقية األسباب مجرد‬
‫ظروؼ سا عدت عمى تحقؽ النتيجة‪.‬‬
‫وانتقدت ىذه النظرية عمى أساس صعوبة تحديد السبب الفعاؿ الذي أدى إلى إحداث‬
‫النتيجة‪.134‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظرية تعادؿ األسباب‪:‬‬
‫‪ - 133‬مريفت زلمد البارودي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 318‬‬
‫‪ - 134‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪59‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫في ىذه النظرية تتعادؿ جميع األسباب المؤدية إلى تحقؽ النتيجة حيث تكوف عمى‬
‫قدر المساواة في إحداث النتيجة‪.‬‬
‫وانتقدت ىذه النظرية عمى أساس مجاف اتيا لمعدالة وذلؾ لتوسعيا في المسؤولية الجنائية‪. 135‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية السببية المالئمة‪:‬‬
‫تفرؽ ىات و النظرية بيف العوامؿ واألسباب التي تؤدي إلى إحداث النتيجة فالسبب‬
‫المالئـ ىو الذي يكوف وحده كافيا إلحداث النتيجة اإلجرامية وفقا لمجرى العادي لألمػور‪،‬‬
‫ويجب استبعاد كافة األسباب الشاذة التي ال تؤدي في العادة إلى إحداث النتيجة‪.‬‬
‫وفي جرائـ تمويث البيئة نجد أف نظرية السببي ة المالئمة تتوافؽ مع ىذه الجريمة في‬
‫تحديد العالقة السببي ة بيف السموؾ والنتيجة‪ ،‬بحيث يكوف السموؾ اإلجرامي ىو الذي أدى‬
‫وحده إلى حدوث النتيجة‪.‬‬
‫لذلؾ نجد أف جؿ التشريعات البيئية توسعت في األخذ بجرائـ الخطر ذلؾ لوقوعيا‬
‫بمجرد إثب ات السموؾ دوف تحقؽ نتيجة‪ ،‬مما يوفر أكبر قدر مف الحماية لمبيئة‪ ،‬ويضع حؿ‬
‫لصعوبة إثبات العالقة السببي ة بيف السموؾ اإلجرامي والنتيجة‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الركن المعنوي في جريمة تمويث البيئة‬
‫ال يكفي لقياـ الجريمة ارتكاب عمؿ مادي يعاقب عميو القانوف بؿ ال بد أف يصدر‬
‫عف إرادة الجاني وىي العالقة التي تربط بيف العمؿ المادي والفاعؿ وىو ما يعرؼ بالركف‬
‫المعنوي‪. 136‬‬
‫فالركف المعنوي أو الفكري لمجريمة ىو الخطأ العمدي الذي يستيمؾ ذنب الفاعؿ الذي ارتكب‬
‫الفعؿ المادي المجرـ ويبرر قمع الجريمة‪.137‬‬
‫‪ - 135‬زلمود صليب حسين‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العامة‪ ،‬دار النهضة العربية القاىرة‪ ،1996 ،‬ص‪. 289‬‬
‫‪ - 136‬أحسن بوسقيعة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 105‬‬
‫‪137‬‬
‫‪- Dominique guihal : droit répressif de l’environnement , préface de jaques-henri robert, economica , paris,‬‬
‫‪2eme édition, p90.‬‬
‫‪60‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ولمركف المعنوي صورتيف األولى تتمثؿ في القصد الجنائي والثانية في الخطأ غير‬
‫العمدي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القصد الجنائي‬
‫لـ يعرؼ ال مشرع الجزائري القصد الجنائي عمى غرار التشريعات الجزائية التي تركت‬
‫األمر لالجتيادات الفقيية‪ ،‬وقد انقسمت إلى مذىبيف‪:‬‬
‫‪ - 1‬مذىب تقميدي الذي يعرؼ القصد الجنائي بأنو انصراؼ إرادة الجاني إلى ارتكاب‬
‫الجريمة مع العمـ بأركانيا‪ ،‬كما يتطمبيا القانوف وبالتالي يتكوف القصد الجنائي‬
‫مف عنصريف‪:‬‬
‫اإلرادة‪ ،‬باإلضافة إلى العمـ بتوافر أركاف الجريمة كما يتطمبيا القانوف‪.‬‬
‫‪ - 2‬مذىب واقعي‪ :‬وىو يربط الركف المعنوي بالباعث أو السبب الذي أدى إلى ارتكاب‬
‫الفعؿ‪ ،‬ويرى أنصار ىذا المبدأ أف النية ليست إرادة مجردة‪ ،‬وانما ىي إرادة محددة‬
‫بسبب أو باعث‪.‬‬
‫وقد أخذ بيذا المذىب القانوف السويسري لسنة ‪.1937‬‬
‫أوال‪ :‬العمـ في جرائـ البيئة‬
‫لتوفر القصد الجنائي في جرائـ تمويث البيئة يجب أف يكوف الجاني محيطا بحقيقة‬
‫الواقعة اإلجرامية وذلؾ مف حيث الوقائع ومف حيث القانوف‪.‬‬
‫وعنصر العمـ في جريمة تمويث البيئة يثير عدة إشك االت مف حيث إثباتو وذلؾ‬
‫لمطبيعة الخاصة لياتو الجريمة‪.‬‬
‫أ ‪ -‬العمـ بالوقائع‪:‬‬
‫‪61‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫يتطمب القصد الجنائي في جرائـ تمويث البيئة عمـ الجاني بالوقائع التي يحددىا‬
‫النموذج القانوني لمجريمة‪ ،‬فالقصد الجنائي يقوـ عمى وجود عالقة بيف الوقائع التي يعمـ بيا‬
‫الجاني و نصوص التجريـ‪. 138‬‬
‫‪ -0‬العمـ بالحؽ المعتدى عميو‪:‬‬
‫يمزـ لت وافر القصد الجنائي إثبات أف الجاني قصد اإلضرار بأحد عناصر البيئة التي‬
‫يحمييا القانوف‪ ،‬فينبغي أف يعمـ الجاني بأف سموكو يؤدي إلى التعريض لمخطر أو اإلضرار‬
‫بالعناصر البيئية‪ ،‬المحددة في النصوص القانونية‪. 139‬‬
‫فمثال في المادة ‪ 57‬مف قانوف رقـ ‪ 10- 03‬المتعمؽ بحماية البيئة يسأؿ كؿ رباف‬
‫سفينة تحمؿ بضائع خطرة أو سامة أو مموثة وتعبر بالقرب مف المياه اإلقميمية‪.‬‬
‫فمقياـ القصد الجنائي في ىاتو الجريمة يجب أف يكوف رباف السفينة عمى عمـ بحممو‬
‫مواد تشكؿ خطر ومواد سامة أو مموثة‪ ،‬حيث ينتفى ال قصد إذا اعتقد أف فعمو وقع عمى مواد‬
‫أخرى غير مموثة‪.‬‬
‫غير أف العمـ ببعض المواد المموثة ال يتوافر في أغمب األحياف لألشخاص العاديػة‪،‬‬
‫ففي ىذه الحالة ت كوف ىناؾ إمكانية قبوؿ الدفع بالجيؿ بموضوع الحؽ المعتدى عميو‪ ،‬لذلؾ‬
‫بات مف الضروري أف تتطور فكرة العمـ في جرائـ تمويث البيئة وذلؾ مف خالؿ االعتماد‬
‫عمى وقائع أخرى كمكا ف وجود المواد المموثة‪ ،‬أو طريقة الحصوؿ عمييا وكذلؾ صفة‬
‫الشخص المستخدـ ليذه الم واد‪ ،‬ما إذا كاف مثال يعمؿ في إحدى المجاالت المرتبطة بيذه‬
‫المواد‪ ،‬فيذا يتيح لو العمـ بخصوصية ىاتو المواد‪. 140‬‬
‫‪ - 4‬العمـ بعناصر السموؾ اإلجرامي‪:‬‬
‫‪ - 138‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ، 84‬وراجع عبد الرؤوف مهدي‪ :‬ادلسؤولية اجلنائية عن اجلرائم االقتصادية‪ ،‬منشأة ادلعارف‪ ،‬اإلسكند رية‪ ،1976 ،‬ص‪.273‬‬
‫‪ - 139‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ، 84‬وراجع فرج صاحل اذلريش‪ :‬جرائم تلويث البيئة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ادلؤسسة الفنية للطباعة والنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص‪. 281‬‬
‫‪ - 140‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 223‬وما بعدىا‪ ،‬راج ع مريفت زلمد البارودي‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 344‬‬
‫‪62‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬يجب أف يعمـ الجاني بعناصر السموؾ اإلجرامي الذي يصدر‬
‫عنو باعتباره ركف مف أركاف الجريمة‪.‬‬
‫ف عناصر السموؾ اإلجرامي ىي كؿ ما تتطمبو الجريمة مف أركاف خاصة وما يقترف‬
‫بيا مػف ظروؼ قػ د تغير وصفيا القانوني فيجب أف يشمميا الجاني وقت مباشرة نشاطو‪ ،‬فإذا‬
‫جيؿ الجاني عنصر مف عناصر السموؾ انعدـ القصد الجنائي‪. 141‬‬
‫وقد يشرط المشرع في بعض جرائـ البيئة أف يتـ بوسيمة معينة حيث تعتبر عنص ار في‬
‫السموؾ اإلجرامي‪ ،‬فيتحقؽ القصد متى توفر عمـ الجاني بيذه الوسيمة‪ ،‬كأف يعمـ أف الوسيمة‬
‫المستخدمة في إحدا ث الضوضاء مصدرىا محركات أو أدوات المادة أو تجييزات‪.142‬‬
‫أو أف الوسيمة التي استخدميا في تمويث المياه مضرة بصحة اإلنساف أو النبات أو‬
‫الحيواف أو مموثة لمبيئة البحرية‪ ،‬ف إذا اعتقد الجاني أف الوسيمة المستخدمة في ارتكاب فعمو‬
‫غير مموثة ينتفي القصد الجاني لعدـ العمـ وال يسأؿ مرتكب الفعؿ عف جريمة تمويث بيئة‬
‫عمدية‪ ،‬ورغـ ذلؾ ال ينفي فعمو ىذا تعرضو لممسؤولية الجنائية‪ ،‬لكف ليس عمى أساس العمد‬
‫إنما عمى أساس الخطأ غير العمدي‪.‬‬
‫‪ - 3‬العمـ بخطورة الفعؿ‪:‬‬
‫يجب أف يعمـ الجاني‪ ،‬في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬أف الفعؿ الذي ارتكبو مف شأنو‬
‫االعتداء عمى عناصر البيئة أو تعري ضيا لمخطر‪.‬‬
‫فمثال ينتفي القصد في جريمة تداوؿ مواد أو نفايات خطرة بدوف ترخيص إذا كاف‬
‫الجاني يجيؿ طبيعة المواد الخطرة‪ ،‬أو يعتقد أف المواد غير مموثة‪.‬‬
‫فمف يمقي مواد سامة في مياه مخصصة لمشرب مخالفة لممادة ‪ 151‬مف قانوف المياه‬
‫يجب أف يعمـ بأف تصرفو قد يغير مف نوعية المياه أو يفسدىا‪.‬‬
‫‪ - 141‬زلمد عبد الرحيم الناغي‪ :‬احلماية اجلنائية ِف رلاالت الطاقة النووية السلمية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،2009 ،‬ص‪. 216‬‬
‫‪ - 142‬ادلادة ‪ 06‬من ادلرسوم التنفيذي رقم ‪ 184- 93‬مؤرخ ِف ‪ 20‬يوليو ‪ 93‬ادلنظم للضجيج‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫فمثال جرائـ تمويث البيئة السمعية ك جريمة إحداث الضجيج يجب أف يكوف الجاني‬
‫واعيا بفعؿ اإلقالؽ الذي يسببو لمجيراف‪ ،‬حتى عندما ال تتوافر عنده أي نية لإل ضرار‬
‫بيـ‪. 143‬‬
‫‪ - 4‬العمـ بمكاف ارتكاب الجريمة‪:‬‬
‫القاعدة العامة في قان وف العقوبات‪ ،‬عدـ االعتداد بمكاف وقوع الجريمة‪ ،144‬غير أنو‬
‫قد يخرج المشرع عف ىاتو القاعدة‪ ،‬ففي بعض جرائـ البيئة قد يشترط المشرع أف تقترؼ‬
‫الجريمة في مكاف محدد‪.‬‬
‫فمثال المادة ‪ 57‬مف قانوف حماية البيئة رقـ ‪ 10- 03‬التي تنص عمى ما يمي‪" :‬يتعيف‬
‫عمى رباف كؿ سفينة تحمؿ ب ضائع خطيرة أو سامة أو مموثة‪ ،‬وتعبر بالقرب مف المياه‬
‫الخاضعة لمقضاء الجزائري أو داخميا‪ ،‬أف يبمغ عف كؿ حادث مالحي يقع في مركبو ومف‬
‫شأنو أف ييدد بتمويث أو إفس اد الوسط البحري والمياه والسواحؿ الوطنية"‪ ،‬فاشترط المشرع‬
‫مكاف وقوع الجريمة وىو المياه الخاضعة لمقضاء الجزائري فيجب عمى الجاني أف يعمـ بيذا‬
‫المكاف المحدد في النموذج القانوني لمجريمة‪ ،‬لكي يكتمؿ القصد الجاني‪.‬‬
‫ويمجأ المشرع إلى تحديد المكاف التي تقع فيو الجريمة‪ ،‬إذ رأى أف المكاف جدير‬
‫بالحماية خاصة في مجاؿ البيئة ألف األوساط البيئية تتطمب ضرورة حمايتيا‪.‬‬
‫‪ - 5‬العمـ بالعناصر المتعمقة بالجاني‪:‬‬
‫غالبا ما تكوف شخصية الجاني محؿ اعتبار في العديد مف جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬ألنو‬
‫عادة ما تفرض التشريعات البيئية عمى بعض األشخاص بحكـ وظائفيـ التزامات معينة‬
‫بيدؼ حماية البيئة مف التمويث‪ ،‬فصفة الجاني عنصر مفترض في الجريمة البيئية‪ ،‬لكي‬
‫يكتمؿ البنياف المادي لمجريمة‪.‬‬
‫‪ - 143‬مجيل عبد الباق ي الصغري‪ :‬احلماية اجلنائية ضد التلوث السمعي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1998 ،‬ص‪. 56‬‬
‫‪ - 144‬رمسيس ِبنام‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.876‬‬
‫‪64‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وال تقوـ جريمة تمويث البيئة العمدية إال إذا توفرت ىذه الصفة‪ ،‬فيجب عمى الجاني‬
‫أف يعمـ بأنو الشخص المنوط بو تنفيذ االلتزامات المفروضة عميو بحكـ وظيفتو وذلؾ لحماية‬
‫البيئة مف التموث‪. 145‬‬
‫ففي المادة ‪ 57‬مف قانوف حماية البيئة رقـ ‪ 10- 03‬تعتب ر صفة الجاني المتمثمة في‬
‫رباف السفينة محؿ اعتبار عند تنفيذ الجريمة‪ ،‬وكذا المادة ‪ 58‬مف نفس القانوف التي تعتبر‬
‫صفة مالؾ السفينة محؿ اعتبار في المساءلة عف جريمة تمويث البيئة العمدية‪.‬‬
‫أما فيما يتعمؽ بعمـ الجاني بالعناصر المفترضة المتصمة بالمجني عميو‪ ،‬فاأل صؿ أف‬
‫المشرع يحمػ ي جميع األشخاص مف الجريمة ‪ ،‬وال تكوف صفة المجني عميو محؿ اعتبػار‪،‬‬
‫رغـ ذلؾ قد يشترط المشرع في جرائـ تمويث البيئة صفة معينة في المجني عميو‪ ،‬وتكوف‬
‫ىا تو الصفة عنص ار في الجريمة‪ ،‬مما يحتـ عمى الجاني عممو بياتو الصفة لتوافر القصد‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫مثاؿ ذلؾ أف يشترط المشرع أف يكوف التيديد واقعا عمى الحيوانات ونباتات ميددة‬
‫باالنقراض‪ ،‬وبالتالي يمنع صيدىا أو االتجار بيا‪ ،‬ومف ذلؾ ما نص عميو المشرع المصري‬
‫في المادة ‪ 24‬مف القانوف رقـ ‪ 04‬لسنة ‪ 1994‬المتعمؽ بالبيئة عمى صفة البرية في الحيوانات‬
‫التي يحضر اصطيادىا أو االتجار بيا‪.146‬‬
‫وىو أيضا ما نصت عميو المادة ‪ 40‬مف القانوف رقـ ‪ 10-03‬المتعمؽ بحماية البيئة‬
‫التي تتعمؽ بحماية التراث البيولوجي الوطني‪ ،‬وذلؾ لمحفاظ عمى فصائؿ حيوانية غير أليفة‬
‫وفصائؿ نباتية غير مزروعة‪.‬‬
‫ب ‪-‬العمـ بالقانوف‪:‬‬
‫‪ - 145‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ، 327 ،‬وراجع زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ، 89‬فرج صاحل اذلريش‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 584‬‬
‫‪ - 146‬زلمد حسن ا لكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪65‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫عمال بالقاعدة الدستورية‪" :‬ال اعتذار بجيؿ القانوف‪ ،"147‬إذ يفترض عمى جميع األفراد‬
‫العمـ بو‪ ،‬ومف ثـ عدـ قبوؿ االعتذار بجيؿ القانوف‪ ،‬فالجيؿ ال يسقط المسؤولية‪ ،‬سواء‬
‫في الجرائـ العمدية أو الجرائـ غير العمدية‪.‬‬
‫واذا ما قسمنا الجرائـ إلى جرائـ طبيعية و جرائـ قانونية والتي منيا جرائـ تمويث‬
‫البيئة‪ ،‬نجد اإلشك اؿ يثور حوؿ عمـ األفراد بالجرائـ القانونية‪. 148‬‬
‫‪ - 1‬مدى إمكانية استثناء قوانيف حماية البيئة مف قاعدة افتراض العمـ بالقانوف‪.‬‬
‫لكي يؤدي الجيؿ أو الغمط إلى نفي القصد الجنائي‪ ،‬فإنو يتعيف أف يرد عمى عنصر‬
‫مف عناصر الواقعة اإلجرامية التي يجب العمـ بيا‪.‬‬
‫ويرى جانب مف الفقو أنو في جرائـ تمويث البيئة يمكف تطيؽ قاعدة الجيؿ والغمط في‬
‫قانوف غير قانوف العقوبات‪ ،‬ألنيا جرائـ مستحدثة‪ ،‬وليست راسخة في ضمير المجتمع‪ ،‬وىي‬
‫عادة ما تكوف ذات طابع فني يصعب عمى األشخاص العادييف اإلحاطة بيا‪ ،‬وخاصة في‬
‫ظؿ التضخـ الكمي اليائؿ لألحكاـ والموائح التنفيذية الخاصة بالتشريعات البيئية‪.‬‬
‫كما يعتبروف أف الجيؿ أو الغمط في قوانيف حماية البيئة‪ ،‬ىو خميط مركب بيف الجيؿ‬
‫بالوقائع وعدـ العمـ بحكـ ليس مف أحكاـ قانوف العقوبات‪ ،‬وعميو ينتفي القصد الجنائي‪.‬‬
‫وىي قاعدة يسايرىا القضاء‪ ،‬فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنو يمكف لمجاني أف‬
‫يتمسؾ بالغمط القانوني الذي لـ يتمكف مف تفاديو‪.149‬‬
‫ويرى جانبا آخر أنو واف كانت جرائـ تمويث البيئػة مف الجرائـ القانونية المستحدثة‪ ،‬إال‬
‫أنو ال يجب القبوؿ بالعذر بالجيؿ أو الغمط في القانوف في ىذا النوع مف الجرائـ وذلؾ‬
‫ألسباب التالية‪:‬‬
‫ مسألة المحافظة عمى البيئة ىي مسألة دينية‪ ،‬حث عمييا الديف اإلسالمي‪.‬‬‫ الطابع العاـ لجرائـ تمويث البيئة بحيث تؤثر عمى جميع المخموقات دوف استثناء‪.‬‬‫‪ - 147‬انًبزة ‪ 60‬يٍ انسطخٕر انجشائز٘ نظُت ‪.1996‬‬
‫‪ - 148‬زلمد حسن عبد القوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ، 222- 219‬راجع أيضا زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪- Cass crim, 15 nsv.1995, Bull Letin.n.350.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪149‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ إف قوانيف البيئة و إف كانت متشعبة‪ ،‬فإنيا تنبع مف الضمير اإلنساني‪.150‬‬‫‪ - 2‬مدى إمكانية س رياف العمـ بالقانوف عمى مشغمي المنشآت الصن اعية والتجارب‬
‫والمتعامميف بالمواد الخطرة‪:‬‬
‫يجب التفرقػة بيف األشخاص العػادييف وبيف مشغمػ ي ومديري المنشآ ت وعاممييػا‪ ،‬فيؤالء‬
‫يقع عمييـ االلتزاـ بالشروط والواجبات المنصوص عمييا في قوانيف البيئة‪ ،‬فالعمـ بالقانوف‬
‫مفترض لدييـ‪ ،‬كما يكونوف ممزموف بوضع الشروط والواج بات في أماكف العمؿ وبذؿ الجيد‬
‫لمنع التموث‪. 151‬‬
‫وخالصة القوؿ أنو يمكف األخذ بالجيؿ أو الغمط في القانوف في جرائـ البيئة‬
‫باعتبارىا جرائـ مستحدثة يصعب ع مى األشخاص العادييف اإلحاطة بيا‪ ،‬وبالتالي انتفاء‬
‫المسؤولية الجنائية في حالة ما إذا أثبت الجاني أف تصرفو إثر غمط في القانوف ليس في‬
‫وسعو تجنبو‪ ،‬كما يجب التفرقة بيف األشخاص العادييف ومشغمي و مديرو وموظفي المنشأة‪،‬‬
‫فيؤالء مستثنوف في قاعدة الغمط و الجيؿ في القانوف ألنيـ ىـ المخاطبوف بياتو القواعد‬
‫القانونية ‪ ،‬فيفترض عمميـ بيا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلرادة في جرائـ البيئة‬
‫اإلرادة ىػ ي نشػاط نفسي يتـ بوسيمة محددة‪ ،‬وذلؾ بغػرض تحقيؽ غايػة ما‪ ، 152‬فاإلرادة‬
‫عنصر جوىري في القصد الجنائي‪ ،‬وىي التي تميز بيف الجرائـ العمدية والجرائـ غير‬
‫العمدية‪ ،‬ففي الجرائـ العمدية تقع اإلرادة عمى السموؾ اإلجرامي والنتيجة المعاقب عمييا‪ ،‬أما‬
‫في الجرائـ غير العمدية فتنصرؼ إلى النشاط دوف النتيجة‪. 153‬‬
‫‪ - 150‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 72‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪ - 151‬زلمد ح سن الكندري‪،‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪ 92‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪ - 152‬زلمود صليب حسين‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪ - 153‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ . 336‬وراجع أمحد شوقي عمر ابوخطوة‪ :‬شرح األحكام العامة لقانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاىرة‪، 2003،‬‬
‫ص ‪. 286- 285‬‬
‫‪67‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫والقاعدة العامة في تحقؽ الجريمة ب توافر القصد الجنائي وذلؾ بمجرد توافر اإلرادة‬
‫لمقياـ بعمؿ غير شرعي مما يستوجب تسميط العقوبة دوف النظر في الباعث أو السبب الذي‬
‫أدى إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬فالباعث ىو الذي يدفع الجاني إلى ارتكاب السموؾ‪ ،‬فيو قوة‬
‫نفسية تدفع اإلرادة إلى االتجاه نحو ارتكاب السموؾ المجرـ‪ ،‬ىو الحب أو الحقد أو الكراىية‪،‬‬
‫يختمؼ مف جريمة إلى أخرى‪ ،‬ويختمؼ مف شخص إلى آخر‪ ،‬وقد فصؿ المشرع الجزائري‬
‫اإلرادة عف الباعث عمى غرار المشرع الفرنسي‪ ،‬فالمشرع الجزائري يأخذ باإلرادة دوف النظر‬
‫في الباعث‪.‬‬
‫غير أنو ىنػاؾ حاالت استثنائية أخذىا المشػرع بالباعث كعنصر لقيػ اـ الجريمة‪ ،‬وذلؾ‬
‫فيما يتعمؽ بالجرائـ ضد أمف الدولة و الج رائـ اإلرىابية (المادة ‪ 87‬مكرر)‪ ،‬وكذلؾ جريمة‬
‫القذؼ الموجو إلى شخص ينتمي إل ى مجموعة دينية أو مذىبية أو عرقية ‪ ،‬إذا كاف الغرض‬
‫منو التحريض عمى الكراىية (المادة ‪ 298‬مكرر)‪.‬‬
‫كما اعتبر المشرع الباعث عذ ار مخففا لمعقوبة عمى سبيؿ االستثناء وذلؾ مف خالؿ‬
‫المادة ‪ 279‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬وذلؾ في جريمة القتؿ أو الجرح إذا ارتكب ت مف أحد‬
‫الزوجيف عمى اآلخر في المحظة الذي يفاجئو بيا في حالة التمبس بالزنا‪ ،‬وقد خص المشرع‬
‫البيئي أيضا الباعث في جرائـ تمويث البيئة بأحكاـ خاصة أيضا مف حيث اعتباره عنصر‬
‫في تكويف الركف المعنوي لمجريمة باإلضافة إلى اعتباره عذ ار مخففا لمعقوبة‪.‬‬
‫أ ‪ -‬دور الباعث كعنصر مف عناصر الركف المعنوي‪:‬‬
‫في بعض األحياف يشترط المشرع في جرائـ تمويث البيئة أف يكوف ارتكابيا لغاية‬
‫معينة‪ ،‬أو أف يكوف الدافع بيا باعث خاص‪.154‬‬
‫نصت المادة ‪ 63‬مف قانوف رقـ ‪ 19- 01‬المتعمؽ بتسيير النفايات ومعالجتيا عمى انو‪:‬‬
‫"يعاقب بالحبس مف ثمانية (‪ ) 8‬أشير إلى ثالث (‪ ) 3‬سنوات وبغرامة مالية مف خمسمائة ألؼ‬
‫‪ - 154‬زلمد حسني عبد ال قوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ، 223‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ، 337‬زلمد أمحد ادلنشاوي‪ :‬احلماية اجلنائية للبيئة البحرية‪ ،‬دراسة مقا رنة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،2005 ،‬ص‪. 245‬‬
‫‪68‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫دينار (‪ 500.000‬دج) إلى تسعمائة ألؼ دينار (‪ 900.000‬دج) أو بإحدى ىاتيف العقوبتيف‬
‫فقط كؿ مف استغؿ منشأة لمعالجة النفايات دوف التقيد بأحكاـ ىذا القانوف"‪.‬‬
‫مف خالؿ قراءة ىذه المادة يتضح أف المشرع لـ يكتفي لقياـ الجريمة ىنا ب إقامة منشأة‬
‫بدوف ترخيص فقط‪ ،‬وانما اشترط أف يكوف إقامة المنشأة بقصد معالجة النفايات‪.‬‬
‫ب ‪ -‬دور الباعث كعذر مبيح في جرائـ تمويث البيئة‪:‬‬
‫لقػ د جعمت جؿ القوانيف البيئية الباعث عذ ار مبيحا في بعض جرائـ تمػ ويث البيئة‪،‬‬
‫وأخذت ب الباعث كسبب لتجريد الواقعة مف صفتيا اإلجرامية‪ ،‬مما يترتب عميو انتفاء‬
‫المسؤولية الجنائية عف كؿ المساىميف في الجريمة سواء ب صفتيـ فاعميف أو شركاء‪.155‬‬
‫فال مشرع الجزائري بدوره جعؿ الباعث سببا مف أسباب اإلباحة في بعض جرائـ تمويث‬
‫البيئة‪ ،‬مثاؿ ذلؾ ما ورد في المادة ‪ 97‬فقرة ‪ 03‬مف القانوف رقـ ‪ 10- 03‬المتعمؽ بحماية البيئة‬
‫والتي نصت عمى ما يمي‪ " :‬يعاقب بغرامة مالية مف مائة ألؼ دينار (‪ 100.000‬دج) إلى‬
‫مميوف دينار ( ‪ 1.000.000‬دج) كؿ رباف تسبب سوء تصرفو أو رعونتو أو غفمتو أو إخاللو‬
‫بالقوانيف واألنظمة‪ ،‬في وقوع حادث مالحي ولـ يتحكـ فيو أو يتفاداه ونجـ عنو تدفؽ مواد‬
‫تموث المياه الخاضعة لمقضاء الجزائري‪...‬‬
‫‪ ...‬ال يعاقب بمقتضى ىذه المادة عند التدفؽ الذي بررتو تدابير اقتضتيا ضرورة تفادي‬
‫خطر جسيـ وعاجؿ ييدد أمف السفف أو حياة البشر أو البيئة"‪.‬‬
‫فالمشرع جرـ فعؿ تمويث المياه بإلقاء مواد مموثة في المياه الخاضعة لمقضاء‬
‫الجزائري‪ ،‬إال أنو أباح ىذا الفعؿ إذا اقتضت ضرورة المحافظة عمى سالمة اإلنساف أو‬
‫تأميف سالمة الس فينة أو الحفاظ عمى البيئة‪.‬‬
‫ومما ال شؾ فيو أف المشرع الجزائري قد وفؽ في تغميب المنفعة العامة والمصالح‬
‫األولى بالحماية عند ما اعتبر الباعث عمى ارتكاب جرائـ تمويث البيئة سببا مف أسباب‬
‫‪ - 155‬زلمد حسن عبد القوي‪ :‬مرجع سابق ص‪ ، 223‬وراجع فرج صاحل اذلريش ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،293‬وراجع زلمد أ محد ادلنشاوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ، 246‬وراجع زلمد دلوسخ‪:‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫‪69‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫اإلباحة‪ ،‬لكف ىػذا ال يمنع مػف حصوؿ المتضرر عمى التعويض عما لحقػو مػف ضرر‪،‬‬
‫وكذلؾ تحمؿ المتسبب في التموث إزالة اآلثار الناجمة عف التموث‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬صور القصد الجنائي في جرائـ تمويث البيئة‬
‫جريمة تمويث البيئة كغيرىا مف الجرائـ‪ ،‬يتخذ القصد الجنائي فييا صو ار متعددة‪:‬‬
‫‪ - 1‬القصد العاـ و القصد الخاص‪:‬‬
‫القصد العاـ يعني توجيو اإلرادة نحو ارتكاب الجريمة مع العمـ بعناصرىا القانونية‪ ،‬بغض‬
‫النظر عف الغاية التي يبغي الجاني تحقيقيا‪.‬‬
‫أما القصد الجنائي الخاص‪ ،‬فيو الذي يعتد بو المشرع بغاية معينة يتطمبيا الكتماؿ‬
‫الركف المعنوي‪.‬‬
‫ومثاؿ عف القصد الخاص في جرائـ تمويث البيئة المادة ‪ 87‬مف قانوف العقوبات‬
‫الجزائري‪ ،‬حيث يتطمب المشرع الرتكاب الجريمة اإلرىابية أو التخريبية‪ ،‬باإلضافة – إلى‬
‫إلحاؽ ضرر بالبيئة باالعتداء عمى المحيط أو إدخاؿ مادة تسربية في الجو أو إلقاء مود‬
‫سامة في المياه اإلقميمية – أف تتحقؽ غاية أبعد مف النتيجة اإلجرامية‪ ،‬أي أف تنصرؼ إرادة‬
‫الجاني إلى المساس بأف الدولة والوحدة الوطنية والسالمة الترابية لموطف وتعريضو لمخطر‪،‬‬
‫حيث يعد ىذا الباعث قصدا جنائيا خاصا لقياـ ىا تو الجريمة‪ ،‬وىو األمر الذي نصت عميو‬
‫المادة ‪ 86‬مف قانوف العقوبات المصري‪.‬‬
‫أما القصد العاـ فيو الصورة التي يتطمبيا القانوف في الجرائـ العمدية‪ ،‬فجميع جرائـ‬
‫تمويث البيئة العمدية تتطمب توفر القصد الجنائي العاـ ‪ ،‬بحيث يكتفي بعمـ الجاني بتوفر‬
‫أركاف الجريمة واتجاه إرادتو إلى ارتكاب الفعؿ و تحقيؽ النتيجة‪ ،‬دوف الحاجة إلى توافر غاية‬
‫ما‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫فنية اإلضرار بالبيئة ىي اإلرادة المتجية إلى إحداث التموث‪.156‬‬
‫‪ - 2‬القصد المحدد والقصد غير المحدد‪:‬‬
‫القصد المحدد ىو الذي يتعمد فيو الجاني تحقيؽ نتيجة معينة و معروفة‪ ،‬أما القصد غير‬
‫المحدد فيو اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعؿ إجرامي غير مبالي بشتى النتائج التي قد‬
‫تنتج عف فعمو وغير مبالي بيوية الضحية‪.157‬‬
‫وفي مجاؿ اإلجراـ البيئي قد يكوف القصد الجنائي محػدد وقػد يكوف غيػر محدد‪ ،‬لكف‬
‫نالحظ أف معظـ جرائـ تمويث البيئة العمدية غير محددة القصد‪ ،‬وذلؾ يرجع إلى الطابع‬
‫االنتشاري لمجريمة‪ ،‬والتي تنصب عمى العناص ر البيئية التي تتميز بالمرونة والحركة‪ ،‬األمر‬
‫الذي يساعد عمى امتداد آثارىا لتشمؿ قطاع واسع مف المجني عمييـ الذيف قد يصعب‬
‫تحديدىـ بدقة‪. 158‬‬
‫ومثاؿ ذالؾ جرائـ تمويث البيئة البحرية‪ ،‬حيث غالبا ما يكوف القصد فييا غير محدد‪،‬‬
‫حيث تشمؿ الجريمة العديد مف الدوؿ وىو ما يعرؼ بعالمية التموث‪.‬‬
‫‪ - 3‬القصد المباشر والقصد االحتمالي‪:‬‬
‫يكوف ىذا التقسيـ بالنظر إلى االتجاه المباشر إل رادة الجاني نحو النتيجة المحققة‪.‬‬
‫فالقصد المباشر ىو اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع عممو بتوافر أركانيا التي‬
‫يتطمبيا القانوف وىو يرغب في إحداثيا و يتوقعيا‪.‬‬
‫أما القصد االحتمالي فيو الذي تتجو فيو إرادة الجاني إلى الفعؿ مع عدـ إمكانية‬
‫توقع نتائج أخرى‪.‬‬
‫كما ىو الحاؿ في جريمة التمويث النفطي التي تتـ في عرض البحر‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫ىالؾ الثروة السمكية بالبقع النفطية‪ ،‬كما يؤدي أيضا إلى ىالؾ األحياء المائية‪ ،‬وىالؾ‬
‫‪ - 156‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.342‬‬
‫‪ - 157‬أحسن بوسقيعة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫‪ - 158‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.343‬‬
‫‪71‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫الطيور التي تتغذى عمى ىا تو األحياء المائية‪ ،‬كذلؾ في حالة ارتكاب جريمة تخريب‬
‫المنشآ ت النووية‪ ،‬بحي ث ال يمكف التح كـ في المواد المشعة التي تؤدي إلى ىالؾ اإلنساف‬
‫والعناصر البيئية األخرى‪.‬‬
‫ففكرة القصد االحتمالي في جرائـ تمويث البيئة ليا أىمية كبرى‪ ،‬وذلؾ نظ ار لمطبيعة‬
‫الخاصة لتمؾ الجرائـ‪ ،‬وما ترتبو مف أضرار يصعب تفادييا أو تداركيا‪ ،‬ألنو قد يرتكب‬
‫الجاني سموؾ مضر بالبيئة و تتحقؽ نتائج أخرى لـ يكف يسعى إلييا‪ ،‬غير أف تحققيا‬
‫محتمؿ بالنظر إلى ظروؼ ارتكاب الفعؿ‪.‬‬
‫فاألخذ بالقصد االحتمالي في نطاؽ جرائـ البيئة يكفؿ حماية فعالة لمبيئة‪ ،‬ذلؾ ألف‬
‫األخذ بو يعيد التوازف الذي يمكف معو مساء لة الجاني مسؤولية عمدية في الحاالت التي‬
‫يت وقع فييا الضرر البيئي كأثر محتمؿ‪ ،‬ومع ذلؾ يتخذ موقفا إيجابيا إزاء النتيجة‪ ،‬ىذا‬
‫يفترض قبولو بالنتيجة المحتممة‪.‬‬
‫فالجرائـ البيئية التي ترتكب مف قبؿ المختصيف في المنشآة و كذا األشخاص‬
‫المرخص ليـ باستخداـ المواد الخطرة‪ ،‬تجعؿ مف ىؤالء األشخاص يتوقعوف النتيجة المحتممة‬
‫الضارة‪ ،‬ومع ذلؾ ال يعبئوف بيا‪ ،‬فيستوي عندىـ حدوثيا أو عدـ حدوثيا‪.‬‬
‫فيتعيف عمى القاضي البحث في الحاالت المختمفة قصد الكشؼ عف التوقع الفعمي لمجريمة‬
‫بتحقؽ النتائج‪ ،‬وذلؾ وفؽ معيار الشخص العادي‪ ،‬وفي المجرى العادي لألمور‪ ،‬لكف مع‬
‫مراعاة درجة ثقافتو و مينتو و مدى تعاممو مع المواد و المعدات المموثة‪. 159‬‬
‫‪ - 4‬القصد البسيط والقصد مع سبؽ اإلصرار والترصد‪:‬‬
‫مناط ىذا التقسيـ ىو مدى اقتراف إرادة الجاني بعنصرّ إضافي يكشؼ الحالة النفسية‬
‫لمجاني‪ ،‬ومدى ىدوءه قبؿ تنفيذ الجريمة‪. 160‬‬
‫‪ - 159‬فرج صاحل اذلريش‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،. 299‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 348‬‬
‫‪ - 160‬زلمد عبد الرحيم الناغي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.235‬‬
‫‪72‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫فالقصد البسيط ىو الذي يقوـ فيو الجاني بمباشرة النشاط اإلجرامي بصورة فورية دوف‬
‫أي تفكير وتدبير مسبؽ‪.161‬‬
‫أما القصد مع سبؽ اإلصرار فيو الذي يسبؽ تفكير ىادئ في الجريمة‪ ،‬فيتخذ الجاني‬
‫ق ارره بعد تفكير وتدبير‪.‬‬
‫ولقد عرؼ المشرع الجزائري القصد مع سبؽ اإلصرار والترصد في المادة ‪ 256‬مف‬
‫قانوف العقوبات بقولو‪" :‬عقد العزـ قبؿ ارتكاب فعؿ االعتداء عمى شخص معيف أو حتى‬
‫عمى شخص يتصادؼ وجوده أو مقابمتو‪ ،‬حتى ولو كانت ىذه النية متوقفة عمى أي ظرؼ‬
‫أو شرط كاف"‪.‬‬
‫وقد جعؿ المشرع سبؽ اإلصرار والترصد ظرفا مشددا لمعقوبة في جرائـ االعتداء‬
‫عمى الحؽ في الحياة‪ ،‬والحؽ في سالمة الجسـ‪ ،‬وىي الحقوؽ المت عمقة بجرائـ القتؿ والجرح‬
‫واعطاء مواد ضارة‪ ،‬وىي جميعيا الحقوؽ المتصور أف يناليا االعتداء في جرائـ تمويث‬
‫البيئة‪ ،‬فيي تكشؼ عف شخصية إجرامية خطيرة لدى الجاني‪ ،‬ومف ثـ يجب تشديد العقوبة‬
‫عميو‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الخطأ غير العمدي‬
‫الخطأ غير العمدي ىو صورة الركف المعنوي في الجرائـ الغير عمدية‪ ،162‬وىو عدـ‬
‫مراعاة القواعد العامة أو الخاصة لمسموؾ والتي مف شأف مراعاتيا تجنب وقوع النتائج غير‬
‫المشروعة الض ارة بمصالح وحقوؽ اآلخريف المحمية جنائيا‪ ،‬أو تجنب الوقوع في غمط يؤدي‬
‫إلى تحقيؽ النتيجة طالما يمكف توقع تمؾ النتيجة وتجنبيا في الوقت ذاتو‪. 163‬‬
‫كما يعرؼ أنو المسمؾ الذىني لمجاني الذي يؤدي إلى نتائج إجرامية لـ يردىا وكاف‬
‫بوسعوّ أف يتوقعيا‪. 164‬‬
‫‪ - 161‬زلمد حسني عبد القوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.232‬‬
‫‪ - 162‬أمحد شوقي أبو خطوة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.324‬‬
‫‪ - 163‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.301‬‬
‫‪ - 164‬زلمد حسني عبد القوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.234‬‬
‫‪73‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وىناؾ مف يعرفو بأنو " إخالؿ الشخص عند تصرفو بواجبات الحيطة و الحذر التي‬
‫يفرضيا القانوف‪ ،‬مما يؤدي إلى إحداث نتيجة إجرامية لـ يتوقعيا‪ ،‬وكاف باستطاعتو ومف‬
‫واجبو توقعيا أو تجنبيا"‪.165‬‬
‫أوال‪ :‬صور الخطأ غير العمدي‪:‬‬
‫عدـ االحتياط والرعونة وعدـ احتراـ األنظمة والموائح‪ ،‬ىي صور لمخطأ غير‬
‫العمدي‪.166‬‬
‫أ ‪ -‬الرعونة‪:‬‬
‫يراد بيا سوء التقدير ‪ ،‬أو سوء تصرؼ‪ ،‬وتعرؼ أيضا بأنيا نقص في العناية‬
‫واالحتياط نتيجة لعدـ تبصر الفاعؿ رغـ االلتزاـ المفروض عميو بالحراسة والعناية‪.167‬‬
‫والرعونة إما تصرؼ بسموؾ م ادي ينطوي عمى خفة وسوء تصرؼ‪ ،‬مثاؿ ذلؾ صياد‬
‫يطمؽ النار عمى طائر في مكاف آىؿ فيصي ب أحد المارة‪ ،‬وقد تطير في واقعة معنوية‬
‫تنطوي عمى جيؿ وعدـ كفاءة‪ ،‬كالخطأ الذي يرتكبو الميندس المعماري عند ت صميمو بناء‬
‫فيتسبب في سقوط البناء وموت األشخاص‪.168‬‬
‫ومف أمثمة الرعونة في المجاؿ البيئي تداوؿ المواد والنفايات الخطرة بدوف ترخيص‬
‫مف الجية اإلدارية‪.169‬‬
‫ب ‪ -‬عدـ االحتياط‪:‬‬
‫يقصد بعدـ االحتياط عدـ التبصر بالعواقب‪ ،‬وفي ىذه الصورة يدرؾ الفاعؿ خطورة‬
‫ما قاـ بو و اآلثار الضارة الت ي تنجـ عنو مع ذلؾ يقدـ عمى نشاطو‪.‬‬
‫‪170‬‬
‫‪ - 165‬زلمد صليب حسين‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.637‬‬
‫‪- Dominique guihal ,préface de jaques-henri robert,op.cit., p94.‬‬
‫‪ - 167‬نور الدين محشة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 168‬أحسن بوسقيعة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫‪ - 169‬ادلادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 19- 01‬ادلتعلق بتسيري النفايات و مراقبتها‪.‬‬
‫‪ - 170‬أحسن بوسقيعة‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫‪74‬‬
‫‪166‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫مثاؿ ذلؾ مف يقوـ برش و استخداـ مبيدات أو مواد كيميائية أل غراض زراعية دوف‬
‫مراعاة الشروط والضوابط التي ت حددىا الموائح التنفيذية البيئية ‪.‬‬
‫ج‪ -‬اإلىماؿ وعدـ االنتباه‪:‬‬
‫ويقصد بياتيف الصورتاف اتخاذ الجاني موقعا سمبيا مف القياـ باإلجراءات‬
‫واالحتياطات الالزمة لتفادي وقوع الجريمة‪.‬‬
‫ومف أمثمة ذلؾ الشخص ال ذي يحدث حفرة في طريؽ عاـ ثـ يتركيػ ا دوف تغطيتيا‪ ،‬أو‬
‫وضع ما يدؿ عمى وجودىا أو الممرضة التي تحقف المريض دوف أف تجري لو خبرة‬
‫الحساسية‪ ،‬أو الطبيب الذي ينسى آلة في بطف المريض إثر عممية جراحية‪.‬‬
‫وفي مثاؿ ذلؾ في التشريع البيئي عدـ التزاـ الجيات و األفراد عند قياميـ بأعماؿ‬
‫التنقيب أو الحفر أو البناء أو اليدـ أو نقؿ ما ينتج عنيا مف مخالفات أو تربة وكذلؾ عدـ‬
‫اتخاذ االحتياطات لمتخزيف أو النقؿ مما يؤد ي إلى حدوث ضرر بيئي‪.171‬‬
‫د ‪ -‬عدـ مراعاة األنظمة‪:‬‬
‫وى و خطأ خاص ينص عميو القانوف سواء كاف سموؾ الجاني ايجابي أو سمبي يترتب‬
‫عنو مسؤولية جنائية‪.‬‬
‫وعبارة األنظمة ت أخذ بمفيوميا الواسع‪ ،‬سواء كانت قوانيف أو لوائح تنظيمية وحتى‬
‫أنظمة بعض الميف والحرؼ المنظمة‪ ،‬ويتمثؿ الخطأ في ىاتو الصورة في سموؾ الفاعؿ‬
‫سموكاً ال شرعيا‪ ،‬بحيث ال ينطبؽ مع ال مسمؾ المقرر في القواعد و التعميمات الصادرة عف‬
‫السمطات المختصة و ذلؾ لتنظيـ أمور معمومة‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ مخالفة االلتزامات التي تفرضيا‬
‫قوانيف األمف العاـ و األنظمة الصحية‪.172‬‬
‫‪ - 171‬نور الدين محشة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ - 172‬أحسن بوسقيعة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪75‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وفي مجاؿ البيئة يدخؿ في ىذه الصورة ع دـ االلتزاـ أو مخالفة الموائح والتنظيمات‬
‫البيئية التي تصدر مف الجيات اإلدارية المختصة في مجاؿ البيئة‪ ،‬ويسمى ىذا النوع مف‬
‫الجرائـ بالجرائـ الشكمية‪. 173‬‬
‫ومثاؿ ذلؾ نجد المادة رقـ‪ 21‬مف القانوف ‪ 19- 01‬والتي تمزـ المنتج الحائز لمنفايات‬
‫الخاصة الخطرة بالتصريح لموزير المكمؼ بالبيئة بكؿ المعمومات المتعمقة بيا‪ ،‬والمخالؼ‬
‫لذلؾ يعاقب بغرامة مالية تتراوح بيف خمسيف ألؼ إلى مائة ألؼ دينار و تضاعؼ العقوبة‬
‫في حالة العود‪.‬‬
‫وكذلؾ ما ورد في المادة ‪ 60‬مف نفس القانوف التي تعاقب كؿ مف أخؿ بأحكاـ المادة‬
‫‪ 09‬التي تحضر استعماؿ مخمفات المواد الكيميائية الحتواء مواد غذائية مباشرة بالحبس مف‬
‫تتروح ما بيف ألؼ دينار جزائري إلى أربعمائة ألؼ دينار‬
‫شيريف إلى سنة و بغرامة مالية ا‬
‫جزائري و تضاعؼ العقوبة في حاؿ العود‪.‬‬
‫كذلؾ المادة ‪ 102‬مف القانوف رقـ ‪ 10-03‬المتعمؽ بحماية البيئة التي تنص عمى انو‪:‬‬
‫"يعاقب بالح بس مف شيريف إلى سنة وبغرامة قدرىا خمسمائة ألؼ دينار ‪ 500.000‬كؿ مف‬
‫استغؿ منشأة دوف الحصوؿ عمى الترخيص المنصوص عميو في المادة ‪ 19‬أعاله"‪ ،‬كذلؾ ما‬
‫ورد في المادة ‪ 108‬ا لتي تعاقب كؿ مف مارس نشاط صاخب دوف الحصوؿ عمى ترخيص‬
‫المنصوص عميو في المادة ‪ 73‬أعاله‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نطاؽ الخطأ غير العمدي في جرائـ تمويث البيئة‬
‫قد ينص المشرع في بعض جرائـ تمويث البيئة صراحة عمى صورة الركف المعنوي‬
‫الذي تتطمبو الجريمة‪ ،‬سوى كانت تتطمب قصد جنائي أـ تكتفي باإلىماؿ‪.‬‬
‫‪ - 173‬زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.190‬‬
‫‪76‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫ولكف في الكثير مف األحياف نجد نصوص خالية مف تحديد صورة الركف المعنوي‬
‫الالزـ توافرىا لقياـ الجريمة‪ ،‬وىنا طرح التساؤؿ بصدد طبيعة الجريمة وما إذا كانت عمدية‬
‫أـ أنيا غير عمديو يكتفي فييا توافر الخطأ الغير عمدي‪.‬‬
‫‪ - 1‬موقؼ الفقو‪:‬‬
‫فقد اختمؼ الفقياء حوؿ ىا تو المسألة وانقسموا إلى قسميف‪.‬‬
‫االتجاه األوؿ‪ :‬قياـ الجريمة عمى أساس القصد‪.‬‬
‫يرى أنصار ىذا االتجاه ‪ ،‬تطبيؽ القواعد العامة في حالة سكوت المشرع عف تحديد صورة‬
‫الركف المعنوي في جريمة تمويث البيئة فالجاني ال يعاقب إال إذا تعمد ارتكاب الفعؿ فالقاعدة‬
‫ىي ضرورة توافر العمد واالستثناء ىو العقوبة عمى الخطأ الغير عمدي إذا نص القانوف‬
‫صراحة عمى ذلؾ‪.‬‬
‫االتجاه الثاني ‪ :‬المساواة بيف القصد والخطأ الغير عمدي‪.‬‬
‫يرى أنصار ىذا االتجاه أف القاعدة السابقة ال يمكف تطبيقيا في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬ألنو‬
‫غالبا ما تخموا التشريعات البيئية مف تحديد صورة الركف المعنوي‪ ،‬وىذا معناه المساواة بيف‬
‫العمد واإلىماؿ في قياـ الركف المعنوي‪ ،‬فالمشرع البيئي يميؿ إلى تقرير جزاء واحد عف‬
‫مخالفة القواعد البيئية سواء وقعت عمدا أو عف طريؽ اإلىماؿ‪. 174‬‬
‫‪ - 2‬موقؼ القضاء‪:‬‬
‫بالرجوع إلى ا لقضاء الجزائري ال نجد أحكاـ قضائية تفصؿ في المسألة‪ ،‬وذلؾ لقمة‬
‫القضايا البيئية الم طروحة أمامو‪ ،‬لذلؾ نتناوؿ ما وصؿ إلي و القضاء الفرنسي في ىاتو‬
‫المسألة‪.‬‬
‫فقد أكدت محكمة النقض الفرنسية أف جريمة تمويث مجاري المياه المنصوص عمييا‬
‫في المادة ‪ 434‬فقرة ‪ 01‬مف القانوف الزراعي ىي جريمة عمدية إال أنيا كانت ال تشترط توافر‬
‫‪ - 174‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،108‬وانظر عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 360‬‬
‫‪77‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫نية اإلض رار بالثروة السمكية أو النباتية بؿ تكتفي أف يكوف مرتكب الفعؿ مدركا لمطبيعة‬
‫ال مموثة لممواد المستعممة‪ ،‬وتدرج القضاء الفرنسي بعد ذلؾ ولـ يشرط القصد واكتفى بالخطأ‬
‫الغير عمدي‪ ،‬خاصة بالنسبة لألفعاؿ المرتكبة في مجاؿ األنشطة الصناعية‪.‬‬
‫بعدىا اكتفت المحكمة بأف الجاني قد سمح بإلق اء مواد مموثة مف شأنيا اإلضرار‬
‫بال بيئة المائية‪ ،‬حتى ولو كاف يجيؿ طبيعة المواد المموثة‪. 175‬‬
‫كما قضت محكمة النقض الفرنسية بعدـ اشتراط توفر القصد الجنائي مكتفي ًة بثبوت‬
‫قياـ الفعؿ عف طريؽ الخطأ‪ ،‬وقضت بمسؤولية رب العمؿ الذي تسبب مصنعو في تمويث‬
‫الماء الناتج عف سكب أحد العماؿ لمواد ضارة في الماء‪. 176‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬خصائص الخطأ غير العمدي في جرائـ تمويث البيئة‪:‬‬
‫يتميز الخطأ في جرائـ تمويث البيئة بجممة مف الخصائص ىي‪:‬‬
‫‪ - 1‬وحدة الخطأ الجنائي و الخطأ المدني‪:‬‬
‫لقد طرح التساؤؿ حوؿ صمة الخطأ المدني الذي يرتب التعويض عمى أساسو المادة‬
‫‪ 124‬مف القانوف المدني‪ ،‬والخطأ الجزائي المرتب لممسؤولية الجزائية‪.‬‬
‫وقد أخذ القضاء الفرنسي ب وحدة الخطأيف الجزائي والمدني وذلؾ في حكـ محكمة‬
‫النقض الف رنسية الصادر في ‪ 18‬ديسمبر ‪ ، 1771992‬وبعد ذلؾ كرست ىذا المبدأ الغرفة‬
‫الجزائية في ‪ 6‬يوليو ‪. 1781934‬‬
‫وقد اختمؼ الفقو المصري حوؿ ىا تو المسألة‪ ،‬فذىب فريؽ إلى فصؿ الخطأ الجزائي‬
‫عف الخ طأ المدني‪ ،‬وفريؽ آخر أخذ بوحد ة الخطأيف الجزائي والمدني‪ ،‬غير أف الرأي السائد‬
‫ىو وحدة الخطأ المدني و الخطأ الجزائي‪.‬‬
‫‪ - 175‬زلمد حسن الكندري‪ :‬ادلرجع ال سابق‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫‪ - 176‬زلمد دلوسخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.194‬‬
‫‪- Civ.19.12 1912 S, 1914 I, 249,‬‬
‫‪177‬‬
‫نقال عن أحسن ب وس قيعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ، 117‬وراجع زلمد حسني عبد القوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 238‬‬
‫‪- Crim 6-7, 1934, D.H, 1939, 446.‬‬
‫نقال عن أحسن بوس قيعة‪ ،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص‪. 117‬‬
‫‪78‬‬
‫‪178‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫وقد أخذ القضاء المصري بيذا الرأي األخير‪ ،‬فقضت محكمة النقض المصرية في‬
‫قرارىا الصادر في ‪ 08‬مارس ‪ ،1943‬والتي قضت ببراءة المتيـ مف الدعوى الجنائية لعدـ‬
‫ثبوت الخطأ‪ ،‬األمر الذي يستمزـ رفض الدعوى المدنية المؤسسة عمى ىذا الخطأ‪.‬‬
‫وقد أخذ القضاء الجزائري بيا تو القاعدة‪ ،‬إذ أنو مف يثبت في حقو الخطأ الجزائي يمزـ‬
‫بػ التعويض المدني‪ ،‬ومف جية أخرى فإف براءة المتيـ مػ ف الدعوى الجزائية لعػدـ ثبوت الخطأ‬
‫يمزـ الحكـ برفض طمب التعويض لعدـ التأسيس‪.179‬‬
‫‪ - 2‬وجوب توفر األىمية الجنائية في الجاني‪:‬‬
‫فيجب أف يكوف الجاني الذي يرتكب الخطأ متمتعا بالتمييز واإلرادة‪.‬‬
‫‪ - 3‬عدـ مساءلة المكره عف ارتكاب الخطأ في جرائـ تمويث البيئة أو في حالة توفر القوة‬
‫القاىرة‪:‬‬
‫مثاؿ ذلؾ ما نصت عميو المادة ‪ 97‬فقرة ‪ 03‬مف القانوف رقـ ‪ 10-03‬المتعمؽ بالبيئة‪:‬‬
‫"ال يعاقب بمقتضى ىا تو المادة عف التدفؽ الذي بررتو تدابير اقتضتيا ضرورة تفادي خطر‬
‫جسيـ وعاجؿ ييدد أمف السفينة أو حياة البشر أو البيئة‪.‬‬
‫‪ - 4‬ال شروع في جرائـ الخطأ‪:‬‬
‫فالشروع يتطمب انصراؼ نية الجاني لتحق يؽ نتيجة معينة جرميا القانوف‪ ،‬وبدأ الجاني‬
‫في تن فيذ الجريمة ثـ خاب أثرىا أو أوقؼ تنفيذىا بسبب ال دخؿ إلرادة الجاني فيو‪.180‬‬
‫‪ - 5‬ال اشتراؾ في جرائـ الخطأ‪:‬‬
‫ألف االشتراؾ يتطمػ ب المساىمة بإحدى صورىا كالمساعدة أو التحريض أو االتفاؽ‪،‬‬
‫ف يجب أف يكوف في الجريمة فاعؿ أصمي‪ ،‬وىذا ما يستمزـ توفر العمد في الجريمة‪. 181‬‬
‫‪ - 179‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫‪ - 180‬زلمد حسن عبد القوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،239‬وانظر زلمد دلوسخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫‪ - 181‬زلمد حسني عبد القوي‪ ،‬نفس ادلرجع‪ ،‬ص ‪. 239‬‬
‫‪79‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫رابع ًا ‪ :‬درجات الخطأ‬
‫يفرؽ الفقو بيف الخطأ الجسيـ و الخطأ اليسير‪ ،‬فالخطأ اليسير تقوـ بو المسؤولية‬
‫المدنية‪ ،‬حيث يمكف أف يقاس التعويض بقدر الضرر‪ ،‬وقد واجو الغالبية مف الفقو ىذا الرأي‬
‫بالقوؿ أف التفرقة بيف درجات الخطأ ال تستند ألسباب مقبولة‪ ،‬ألنو ال أىمية لياتو التفرقة في‬
‫القانوف الجنائي الذي ال يعترؼ سوى بمعيار واحد لمخطأ غير العمدي‪.‬‬
‫إال أنو في جرائـ تمويث البيئة يمكف التفرقة بيف ما يعد خطأ جسيـ و ما يعد خطأ‬
‫يسير‪ ،‬وأساس ىذه التفرقة يرجع إلى اختالؼ طبيعة األضرار واألخطار في مجاؿ التموث‬
‫البيئي مقارنة بما سواه مف أضرار وأخطار في مجاالت أخرى‪.‬‬
‫ففي الغالب الخطأ في مجاؿ تمويث البيئة يصدر مف شخص ذو ميارات و خبرات‬
‫ودراية بخطورة المواد المموثة‪ ،‬وليػ س مجرد شخص عادي الذي يسمؾ المسمؾ المعتػاد‪،‬‬
‫فإىماؿ الجاني قد يصادؼ ظرفا مشددا إذا عد إىماؿ جسيـ وكاف يمثؿ إىماؿ جسيـ بما‬
‫تفرضو عميو أصوؿ وظيفتو‪ ،‬إذ يترتب عميو نتائج أكثر خطورة كوفاة األشخاص نتيجة‬
‫التموث وىو ما يستمزـ تشديد العقوبة‪ ، 182‬ألنو قد َيشترط المشرع أحيانا لتكويف الركف المعنوي‬
‫أف يبمغ الخطأ درجة مف الجسامة‪ ،‬و تقدير جسامة الخطأ مسألة موضوعية يختص بيا‬
‫قاضي الموضوع تبعا لظروؼ ومالبسات كؿ قضية‪.‬‬
‫كما يفرؽ الفقو الحديث في المجاؿ البيئي بيف الخطأ غير العمدي والخطػأ التنظيمي‪،‬‬
‫حيث يشكؿ ىذا األخير أقؿ درجة في تدرج األخطاء‪ ،‬ومعنى الخطأ التنظيمي أف مسؤولية‬
‫المخالؼ لمتنظيمات البيئية تثبت بمجرد إسناد الفعؿ المادي لمجريمة دوف عبء إثبات‬
‫خطئو‪ ،‬ودوف الحاجة إلى افتراضو‪ ،‬حيث أف القانوف يمزـ األفراد باالمتثاؿ إلى القوانيف البيئية‬
‫‪ - 182‬زلمد عبد الرحيم الناغي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.248‬‬
‫‪80‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة‬
‫الفصل األول‬
‫واتخاذ الحيطة والحذر‪ ،‬باإلضافة إلى بذؿ أقصى جيد لتفادي مخالفة أوامره‪ ،‬فيذا النوع مف‬
‫الخطأ يعتبر صورة مف صور الركف المعنوي في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬وىو ال يتقرر إال في‬
‫ظؿ عدـ وجود القصد الجنائي وىو يختمؼ عف الخطأ العمدي‪.183‬‬
‫‪ - 183‬يحًس نًٕطد‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.164‬‬
‫‪81‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية‬
‫للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫الفصل الثاني‪ :‬األحكام الموضوعية لممسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عن جريمة‬
‫تمويث البيئة‬
‫عنصر ميما ورئيسيا في‬
‫ا‬
‫لقد أصبح الشخص المعنوي في ال مجتمعات الحديثة يمثؿ‬
‫الحياة اليومية‪ ،‬سواء في البيئة االقتصادية أو الصناعية أو االجتماعية‪ ،‬وكاف ليذا الدخوؿ‬
‫القوي في الحياة االجتماعية ب شكؿ تمقائي أثار ونتائج حتى في المجاؿ اإلجرامي مثمو مثؿ‬
‫الشخص الطبيعي‪ ، 184‬كما َشكؿ الشخص المعنوي خطورة إجرامية وخاصة في مجاؿ التموث‬
‫البيئي والمالحظ أف ما يرتكبو الشخص المعنوي مف جرائـ بيئية أخطر وأكبر بكثير مف مػا‬
‫يرتكبو الشخص الطبيعي سوى كػاف ذلؾ عمي الصعيد الوطني أو الػدولي‪ ،‬فجرائـ تمويث‬
‫البيئة‪ ،‬خاصة التموث اليوائي وتمويث المياه والتموث اإلشعاعي بالنفايات النووية يمكف أف‬
‫يرتكبيا أي فرد عادي إال أف ارتكابيا مف أشخاص معنوية يتسـ بخطورة خاصة‪ ،‬وذلؾ لتزايد‬
‫اإلضرار التي تنجـ عنو والتي تمس بقطاع كبير مف المجني عمييـ‪.‬‬
‫فكاف لزاما عمى التشريعات المختمفة أف تواكب ىذا‬
‫‪185‬‬
‫التطور و تدرج المسؤولية‬
‫الجنائية ليتو األشخاص في قوانينيا الع قابية ألنيا أصبحت حقيقة قانونية‪ ،‬لذلؾ يجب تحديد‬
‫ىاتو المسؤولية‪ ،‬وىذا ما سوؼ نتناولو مف خالؿ دراستنا لمفصؿ الثاني والذي قسمناه إلي‬
‫مبحثيف‪ :‬المبحث األوؿ اإلطار القانوني لممسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي‪ ،‬والمبحث‬
‫الثاني مسؤولية المصنفات المنشأة وممثمييا‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫‪- Geeroms Sofie. La responsabilité pénale de la personne morale : une étude comparative. In: Revue international de‬‬
‫‪droit compare. Vol. 48 N°3, Juillet-septembre 1996. Pp. 535‬‬
‫‪ - 185‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬انًظؤٔن‪ٛ‬ت انجُبئ‪ٛ‬ت نهؼرؾ انًعُٕ٘ زراطت يمبرَت‪ ،‬زار انُٓضت انعزب‪ٛ‬ت‪ ،‬انمبْزة‪ ،‬يـز‪ ،‬انطبعت األٔنٗ‪، 2005،‬‬
‫ؽ ‪.96‬‬
‫‪84‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫المبحث األول ‪ :‬اإلطار القانوني لممسؤولية الجنائية لم شخص المعنوي عن جرائم تمويث‬
‫البيئة‬
‫لقد سبقت اإلشارة إلى أف الم سؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عرفت جدال فقيي‬
‫كبير‪ ،‬فانقسـ الفقياء بيف مؤيد و معارض مما أدى إلى تأثر التشريعات المقارنة بيذا الجدؿ‬
‫ا‬
‫و انقسمت ىي أيضا بدورىا فمنيا مف اقرىا ومنيا مف استبعدىا‪ ،‬وحتى ب النسبة لتشريعات‬
‫التي أقرتيا طرح إشكاؿ‪ ،‬مف ىو الشخص المعنوي المسؤوؿ جنائيا ىؿ ىو الشخص المعنوي‬
‫العاـ أـ الخاص‪ ،‬كما أف القانوف وضع شروطا محددة لياتو المسؤولية وىذا ما سوؼ نناقشو‬
‫مف خالؿ ىذا المبحث الذي قسمناه إلى مطمبيف‪:‬‬
‫المطمب األوؿ نطاؽ الم سؤولية الجنائية لمشخص المعنوي والمطمب الثاني شروط المسؤولية‬
‫الجنائية لمشخص المعنوي‪.‬‬
‫المطمب األول ‪:‬نطاق المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي‬
‫سوؼ نتطرؽ مف خالؿ ىذا المبحث إلى إقرار ىاتو المسؤولية في التشريعات‬
‫المختمفة بعدىا نتطرؽ إلى تحديد األشخاص المسؤولة جنائيا‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إقرار المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عن جرائم البيئة في التشريعات‬
‫أوال‪ :‬إقرار المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي في التشريعات االنجموسكسونية‬
‫‪ - 1‬في التشريع البريطاني‪:‬‬
‫يعتبر التشريع البريطاني مف أقدـ التشريعات التي أخدت بالم سؤولية الجنائية لمشخص‬
‫المعنوي وكاف ذلؾ ناتج عف اتجاه قضائي اقر بيا تو المسؤولية حيث تعتبر المسؤولية‬
‫الجنائية لمشخص المع نوي في انجمت ار مف صنع القضاء وكاف بداية األمر حوؿ جرائـ‬
‫‪85‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫االمتناع‪ ، 186‬حيث صدر حكـ في ‪ 1715‬أدا ف أشخاص معنوية عامة بالفساد في‬
‫االنتخابات بعدىا بدأت تتدرج المسؤولية حيث صدر حكـ في ‪ 1842‬ضد شركة إلىماليا‬
‫في إصالح جسر بعدىا صدر حكـ سنة ‪ 1846‬ضد شركة أخرى عػف جريمة ايجابية‪،187‬‬
‫بعد ذلؾ استقر القضاء عمى مساءلة الشخص المعنوي عف جرائـ اإلزعاج واألمف العاـ وىي‬
‫جرائـ مادية ال يتطمب القانوف لوجودىا فكرة القصد الجنائي ‪ ،‬ومف أمثمة ذلؾ قياـ شركة بسد‬
‫مجرى احد األنيار‪ ،‬وكذا جرائـ التعريض لمخطر‪ ، 188‬ثـ تقررت المسؤولية الجنائية‬
‫لألشخاص المعنوية عف جرائـ تمويث البيئة والضارة بصحة العػامػة‪ ،‬فقرر القانوف االنجميزي‬
‫لحماية البيئة لسنة‪ 1981‬بشأف حماية البيئة البحرية مف التموث بالزيت مساءلة األشخاص‬
‫المعنوية جنائي ا في المادة الثالثة منو‪.189‬‬
‫‪ - 2‬في التشريع األمريكي‪:‬‬
‫عمى غرار القضاء االنجميزي ‪،‬كاف لمقضاء األمريكي دو ار كبي ار في إرساء قواعد‬
‫المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي حيث صدرت عدة أحكاـ تقرر ىاتو المسؤولية منيا‬
‫حكـ محكمة والية نيوجرسي في سنة ‪ 1852‬والتي أصدرت حكـ بالغ ارمة عمى شركة أقامت‬
‫طريقا فوؽ نير مالحي والذي أدى إلى تعطيؿ المالحة كذلؾ ما قضت بو محكمة نيويورؾ‬
‫في ‪ 18‬ماي ‪ 1928‬ضد شركة ‪ candien fertrappers‬وأدينت ىاتو الشركة بتيمة الخيانة‪.190‬‬
‫بعد ذلؾ تبنى المشرع ىاتو الفكرة و أ صدر عدة تشريعات تقرر صراحة المسؤولية‬
‫الجنائية لمشخص المعنوي‪ ،‬كالقانوف الخاص بحماية المستيمؾ‪ ،‬والتشريع المتعمؽ بتنظيـ‬
‫إنتاج وتداوؿ المواد الخطرة‪.‬‬
‫‪- Geeroms Sofie :op.cit.,p536.‬‬
‫‪ - 187‬أمحد زل مد قائد مقبل ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 274‬‬
‫‪ - 188‬سليم صمودي‪ :‬ادلسؤولية اجلنائية للشخص ادلعنوي دراسة مقارنة بني التشريع اجلزائري و التشريع الفرنسي ‪ ،‬دار اذلدى ‪،‬اجلزائر ‪ ، 2006 ،‬ص‪. 20‬‬
‫‪ - 189‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 423‬‬
‫‪ - 190‬سليم صمودي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪. 21‬‬
‫‪86‬‬
‫‪186‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫وأقر المشرع األمريكي المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جرائـ تمويث البيئة‬
‫وذلؾ في قوانيف خاصة منيا القان وف الخاص بحماية الماء مف التموث‪ ،‬والقانوف الخاص‬
‫بحماية اليواء مف التموث وقرر الجمع بيف مسؤولية األشخاص المعنوية واألشخاص الطبيعية‬
‫في ارتكاب جريمة تمويث البيئة إذ ارتكبت الجريمة باسـ ولحساب الشخص المعنوي ‪. 191‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إقرار المسؤولية الجناية ألشخاص المعنوية في التشريعات الالتينية‪.‬‬
‫لقد اختمؼ األمر في التشريعات الال تينية عف نظيرتيا االنجموسكسونية‪ ،‬فمـ تقرر‬
‫المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي إال في العصر الحديث وعمى سبيؿ االستثناء‬
‫وبنصوص خاصة وفي جرائـ معينة ‪.192‬‬
‫‪ - 1‬التش ريع الفرنسي‪:‬‬
‫لـ ينص المشرع الفرنس ي في قانوف العقوبات لسنة ‪ 1811‬عف المسؤولية الجنائية‬
‫لمشخص المعنوي ‪ ،193‬إال انو كانت ىناؾ نصوص خاصة تقرر المسؤولية الجنائية‬
‫األ شخاص المعنوية عمى سيؿ االستثناء ‪ ،194‬كالقانوف الخاص بالجرائـ الضريبية الصادر‬
‫في ‪ 12‬نوفمبر‪ 1938‬والذي اقر مبدأ مسؤولية الشخص المعنوي في المادة الثامنة منو كذلؾ‬
‫القان وف الخاص بالرقابة عمى النقد الصادر في سبتمبر ‪ 1939‬حيث نص في المادة الرابعة‬
‫منو عمى مسؤولية الشخص المعنوي في حالة إخفاء ممتمكات خارج التراب الفرنسي ممموكة‬
‫لمشخص المعنوي‪ ،‬كما نص المرسوـ ‪ 1484- 45‬الصادر في ‪ 31‬جواف ‪ 1945‬الخاص‬
‫بالجرائـ االقتصادية الممغى بموجب المرسوـ الصادر في ‪ 1986/11/11‬في المادة التاسعة‬
‫واألربعوف الفقرة الثانية وفي المادة السادسة والخمسوف الفقرة الثالثة عمى عقوبة المنع المؤقت‬
‫‪ - 191‬عادل ماىر األلفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪432‬‬
‫أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪286‬‬
‫‪ - 192‬عبد الرؤوف مهدي ‪ :‬ادلسؤولية اجلنائية عن اجل رائم االقتصادية ِف القانون ادلقارن ‪ ،‬منشأة ادلعارف ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ، 1976،‬ص‪.433‬‬
‫‪193‬‬
‫‪- Bouloc Bernard. La responsabilité pénale des entreprises en droit français. In: Revue internationale de droit‬‬
‫‪comparé. Vol. 46 N°2, Avril-juin 1994. pp. 669.‬‬
‫‪Geeroms Sofie :op.cit.,p538.‬‬
‫‪87‬‬
‫‪194‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫والنيائي لألشخاص المعنوية مف ممارسة ال نشاط عندما ترتكب جرائـ تدخؿ في إ طار ىذا‬
‫القانوف‪.‬‬
‫كذلؾ المرسوـ الصادر في ‪ 15‬ماي ‪ 1945‬المتعمؽ بالمؤسسات الصحفية لمطباعة‬
‫واإلعالـ والنشر حي ث قررت المادة األولى مساءلة الشخص المعنوي‪ ،‬ونص القانوف الصادر‬
‫في ‪ 11‬جانفي ‪ 1991‬المتعمؽ بمكافحة التدخيف ومكافحة الكحوؿ عمي المسؤولية الجنائية‬
‫لمشخص المعنوي‪. 195‬‬
‫أما فيما يخص جرائـ تمويث البيئة فقد نص المشرع الفرنسي عمى مسؤولية الشخص‬
‫المعنوي في قوانيف خاصة‪ ،‬منيا القانوف الخاص بمكافحة التموث الجوي الصادر في ‪12‬‬
‫أوت ‪ 1961‬في المادة السابعة‪ ،‬كذلؾ القانوف الصادر في ‪ 15‬جويمية ‪ 1975‬الخاص بطرح‬
‫النفايات في المادة الرابعة و العشروف منو‪.‬‬
‫والقانوف الصادر في ‪ 13‬جانفي ‪ 1992‬المتعمؽ بالماء وذلؾ في المادة الثانية‬
‫والعشروف الفقرة الرابعة‬
‫‪196‬‬
‫‪.‬‬
‫وقد تضمف المشروع التمييدي لقانوف العقوبات لسنة ‪ 1983‬في المادة ‪ 31‬المسؤولية‬
‫الجنائية لمشخص المعنوي وكذا مشروع قانوف العقوبات لسنة ‪ 1986‬الذي عرض عمى‬
‫الب رلماف سنة ‪ 1989‬الذي كاف محؿ جذؿ في البرلماف حوؿ مساءلة األشخاص المعنوية‪،‬‬
‫ونظ ار لتأثير األشخاص المعنوية عمى الحياة اليومية وظيور الحاجة الممحة لألخذ بمبدأ‬
‫مساءلتيا‪ ،‬أ قر المشرع الفرنسي صراحة بيا تو المسؤولية في قانوف العقوبات الجديد الصادر‬
‫في ‪16‬ديسمبر ‪ 1992‬و الذي دخؿ حيز النفاد في األوؿ مف مارس لسنة ‪. 1971994‬‬
‫وقد أورد ىذا القانوف ال عديد مف الجرائـ التي يسأؿ عنيا الشخص المعنوي منيا‬
‫الجرائـ ضد اإلنسانية‪ ،‬كجرائـ اإلبادة وجرائـ والتعذيب (المادة ‪ 211‬الفقرة األولى و‪212‬‬
‫‪ - 195‬بشوش عائشة ‪:‬ادلسؤولية اجلنائية لألشخاص ادلعنوية‪ ،‬رسالة ماجستري ِف القانون اجلن ائي‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،2002/2001‬ص‪ 50‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪- Dominique guihal ,préface de jaques-henri robert,op.cit.,p113‬‬
‫‪- Bouloc Bernard :op.cit.,p671.‬‬
‫‪88‬‬
‫‪196‬‬
‫‪197‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫الفقرة األولى)‪ ،‬و جرائـ القتؿ العمدية والغير العمدية (المادة ‪ 221‬و‪ )222‬وكذلؾ جرائـ‬
‫تعريض حياة اإلنساف وسالمتو لمخطر (ـ‪ 223‬ؼ‪ ) 2‬وكذلؾ جرائـ السرقة (ـ‪ 311‬ؼ‪)16‬‬
‫وجرائـ النصب وخيانة األمانة وجرائـ االبتزاز‪ ،‬وجرائـ اإلرىاب (ـ‪ 422‬ؼ‪. 198)5‬‬
‫كما يعاقب الشخص المعنوي وفقا لمبدأ العينية في القانوف الفرنسي عف الجنايات‬
‫والجنح المرتكبة في الخارج‪ ،‬والتي تشكؿ اعتداء عمى المصالح األساسية لمدولة‪ ،‬مثؿ تزيؼ‬
‫أو تزوير عممة دولة أو ختميا ‪. 199‬‬
‫وبعد إقرار المشرع الفرنسي المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية في قانوف‬
‫العقوبات أصدر عدة قوانيف خاصة لتأكيد ىذا المبدأ فصدرت عدة قوانيف تقرر المسؤولية‬
‫الجنائية لياتو األشخاص عف جرائـ تمويت البيئة نذكر منيا‪:‬‬
‫القانوف الصادر في ‪ 26‬ديسمبر ‪ 1996‬المتعمؽ بجمع واستعماؿ جثت الحيوانات‬
‫وبقايا المسالخ‪.‬‬
‫القانوف الصادر في ‪ 31‬ديسمبر‪ 1996‬المتعمؽ بالجو واالستعماؿ العقالني لمطاقة‬
‫وكذلؾ القانوف رقـ ‪ 111- 95‬الصادر في ‪ 2‬فيفري ‪ 1995‬المتعمؽ بتعزيز حماية البيئة في‬
‫مادتو الواحد والثمانيف الت ي وسعت مف المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي كذلؾ قانوف‬
‫التوجيو الزراعي رقـ ‪ 574- 99‬الصادر في ‪ 19‬جويمية ‪. 2001999‬‬
‫‪ - 2‬التش ريع السويسري‪:‬‬
‫لـ ينص قانوف العقوبات السويسري عمى مسؤولية األشخاص المعنوية‪ ،‬إال انو وردت‬
‫في بعض القوانيف الخاصة نصوص تقرر المسؤولية الجنائية مني ا القانوف الصادر في ‪17‬‬
‫‪ - 198‬زلمد أبو العال عقيدة ‪:‬االجتاىات احلديثة ِف قانون العقوبات الفرنسي اجلديد ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاىرة ‪، 2004‬ص‪. 54‬‬
‫‪- Delmas martym : personnes morales étranges et françaises, revue des sociétés,1993,p256.‬‬
‫‪- Dominique guihal , préface de jaques-henri robert,op.cit.,p113‬‬
‫‪89‬‬
‫‪199‬‬
‫‪200‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫أكتوبر سنة ‪ 1983‬المتعمؽ بحماية البيئة‪ ،‬فجرائـ البيئة التي ترتكب مف الشخص المعنوي‬
‫يسأؿ عنيا جنائيا وفؽ ىذا القانوف ‪. 201‬‬
‫‪ - 3‬التش ريع االيطالي‪:‬‬
‫لـ يخرج المشرع االيطالي عف معظـ التشريعات الالتينية‪ ،‬فمـ يقرر المسؤولية‬
‫الجنائية لألشخاص المعنوية كأصؿ عػاـ‪ ،‬وانمػا أخد بيػ ا في قوانيف خاصػة كاستثناء‪،‬‬
‫فاألمر رقـ ‪ 231‬الصادر في ‪ 18‬جواف ‪ 2111‬أدخؿ في القانوف االيطالي شكؿ خاص‬
‫لممسؤولية اإلدارية المباشرة لألشخاص المعنوية (الشركات والجمعيات) عمى الجرائـ المرتكبة‬
‫مف ممثمييا‪.202‬‬
‫وتقرر المادة ‪ 219‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية أخد القضاء بعض التدابير الوقائية‬
‫والرادعة ضد المشاريع و شركات المساىمة وخاصة في مجاؿ تمويث البيئة ‪. 203‬‬
‫‪ - 4‬بع ض التشريعات العربية‬
‫أ ‪ -‬التشريع الميبي‪:‬‬
‫لقد أقر المشرع الميبي المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جرائـ البيئة في‬
‫القانوف رقـ ‪ 7‬لسنة ‪ 1982‬المتعمؽ بالبيئة‪ ،‬وكذا القانوف رقـ ‪ 22‬لسنة ‪ 1989‬المتعمؽ‬
‫بالتنظيـ الصناعي رغـ أف المشرع الميبي لـ يقرر مسؤولية األشخاص المعنوية جنائيا كأصؿ‬
‫عاـ‪ ،‬حيث نص في قانوف العقوبات في المادة التاسعة منو عمى أنو‪" :‬ال يسأؿ جنائيا إال مف‬
‫لو قوة شعور وارادة" ‪ ،‬مما يستدؿ منو عدـ مساءلة األشخاص المعنوية ‪.204‬‬
‫‪201‬‬
‫شريف سيد كامل ‪ :‬ادلسؤولية اجلنائية لألشخاص ادلعنوية دراسة مقارنة ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاىرة ‪،‬الطبعة األوَل ‪،1997،‬ص‪. 83‬‬
‫‪202‬‬
‫‪- Alessandro bernasconi :le droit pénale de l’environnement en Italie, revue pénitentiaire de droit pénale‬‬
‫‪,2005,p367.‬‬
‫‪ - 203‬أمحد زلمد قائد مقبل ‪:‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 162‬‬
‫‪ - 204‬أمحد زلمد قائد مقبل ‪ :‬مرجع نفسو ‪،‬ص ‪.224‬‬
‫‪90‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ب ‪ -‬التشريع التونسي‪:‬‬
‫لـ يختمؼ المشرع التونسي عف جؿ التشريعات الالتينية‪ ،‬حيث لـ يقرر المساءلة‬
‫الجنائية ل ألشخاص المعنوية كأصؿ عاـ‪ ،‬أما فيما يتعمؽ بجرائـ البيئة‪ ،‬فقد نص المشرع‬
‫التونسي عمى إمكانية مساءلة األشخاص المعنوية عن د ارتكابيـ لجرائـ ماسة بالبيئة‪ ،‬وقد أقر‬
‫المسؤولية المزدوجة لألشخاص الطبيعية والمعنوية معا‪. 205‬‬
‫ج‪ -‬التشريع المصري‪:‬‬
‫األصؿ أف المشرع المصري لـ يأخذ بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬غير‬
‫أنو نص عمى ىاتو المسؤولية في نصوص خاصة ‪. 206‬‬
‫وقد تبنى المشرع المصري مبدأ مساء لة الشخص المعنوي عف جراـ تمويث البيئػة‪،‬‬
‫وذلؾ مف خالؿ القانوف رقـ ‪ 4‬لسنة ‪ 1994‬المتعمؽ بالبيئة‪ ،‬وذلؾ في العديد مف المواد‪35 :‬‬
‫و ‪.97 ،93، 87،41‬‬
‫د ‪ -‬في التشريع الجزائري‪:‬‬
‫تطور موقؼ المشرع الجزائري في مساءلة األشخاص المعنوية و مر بمراحؿ‪:‬‬
‫‪ - 1‬مرحمة عدـ اإلقرار بال مسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪:‬‬
‫تأثر المشرع الجنائي الجزائري بنظيره الفرنسي‪ ،‬حيث لـ ينص عمى مسؤولية‬
‫األشخاص المعنوية في قانوف العقوبات الصادر سنة ‪ 1966‬أسوة بالقانوف الفرنسي لسنة‬
‫‪( 1811‬قانوف نابوليوف )‪ ،‬إال أف التشريع الجزائري لـ يخمو مف ىاتو المساءلة‪ ،‬وذلؾ في‬
‫قوانيف خاصة فأقر المشرع مسؤولية األشخاص المعنوية عمى سبيؿ االستثناء‪.‬‬
‫‪ - 205‬الطيب اللومي ‪:‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ 118‬وما بعدىا ‪.‬‬
‫‪ - 206‬عبد الرؤوف مهدي ‪:‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 477‬‬
‫وراجع عادل ماىر األلفي ‪ :‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.432‬‬
‫‪91‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فقد كرس قانوف العقوبات االقتصادي‪ ،207‬مسؤولية األشخاص المعنوية في العديد مف‬
‫النصوص نذكر منيا‪:‬‬
‫ األمر رقـ ‪ 37-75‬المؤرخ في ‪ 29‬ابريؿ سنة‪ 1975‬المتعمؽ باألسعار وقمع‬‫المخالفات الخاصة بتنظيـ األسعار الممغى بموجب األمر رقـ ‪ 12/89‬المؤرخ في‬
‫جويمية ‪ 1989‬المتعمؽ باألسعار‪ ،‬حيث نص في المادة ‪ 61‬منو عمى ما يمي‪" :‬عندما‬
‫تكوف المخالفة المتعمقة بأحكاـ ىذا األمر مرتكبة مف القائميف بإدارة الشخص المعنوي‬
‫أو مسيره أو مديره‪ ...‬باسـ ول حساب الشخص المعنوي‪ ،‬يالحؽ ىذا األخير بذاتو‬
‫وتصدر بحقو العقوبات المالية المنصوص عمييا في ىذا األمر فضال عف الممحقات‬
‫التي تجري بحؽ ىؤالء في حالة ارتكابيـ خطأً عمدي ًا"‪.208‬‬
‫ كما نص قانوف الضرائب رقـ ‪ 36- 91‬المؤرخ في ‪ 1991/12/ 31‬عمى المسؤولية‬‫الجزائية لمشخص المعنوي في المادة ‪ 313‬فقرة ‪ 19‬التي نصت عمى ما يمي‪" :‬يصدر‬
‫بالغرما ت الجزائية المستحقة ضد المتصرفيف أو الممثميف الشرعييف‪ ،‬وضد‬
‫ا‬
‫الحكػـ‬
‫بالغرمات الجبائية المنصوص‬
‫ا‬
‫الشخص المعنوي دوف اإلخالؿ فيما يخص ىذا األخير‬
‫عمى تطبيقيا"‪. 209‬‬
‫ كما أف القانوف رقـ ‪ 22- 96‬المؤرخ في ‪ 1996/17/19‬المتعمؽ بقمع مخالفة التشريع‬‫والتنظيـ الخاصيف بالصرؼ المعدؿ والمتمـ باألمر رقـ ‪ 11- 13‬المؤرخ في ‪ 19‬فبراير‬
‫سنة ‪ 2113‬فنصت المادة ‪ 15‬عمى ما يمي‪" :‬يعتبر الشخ ص المعنوي‬
‫الخاضع‬
‫لمقػانوف الخاص‪ ،‬دوف المسػاس بالمس ؤولية الجزائية لممثميػو الشرعييف‪ ،‬مسئوال عف‬
‫‪ - 207‬قانون العقوبات االقتصاد ‪ :‬ليس واردا ِف مدونة واحدة حيث يعرف بأنو رلموعة القواعد العقابية ادلتعلقة بكافة اجلرائم االقتصادية سوء وردت نصوصها ِف قانون العقوبات أو‬
‫ِف قوانني خاص ة مثل قوانني ادلالية ادلنظمة للبنوك و ادلؤسسات ادلالية ‪،‬أو قانون ا جلمارك أو الضرائب‪،‬انظر بشوش عائشة ‪:‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ - 208‬األمر رقم ‪ 37- 75‬ادلؤرخ ِف ‪ 29‬ابريل سنة ‪ 1975‬ادلتعلق باألسعار وقمع ادلخالفات اخلاصة بتنظيم األسعار ‪،‬جريدة رمسية عدد ‪ 38‬لسنة ‪.1975‬الغي بالقانون‬
‫رقم ‪ 12- 89‬الذي الغي بدوره ِبوجب األمر رقم ‪ 06- 95‬ادلؤرخ ِف‪ 1995 /01/25‬ادلتضمن قانون ادلنافسة و ألغى ىذا األخري ِبوجب األمر رقم ‪ 03- 03‬ادلؤرخ ِف‬
‫‪ 2003/07/19‬ادلتعلق بادلنافس ة‬
‫‪ - 209‬القانون رقم ‪ 36- 90‬ادلتعلق بالضرائب ادلباشرة ‪،‬اجلريدة الرمسية اجلزائرية ‪،‬العدد‪ 57‬سنة ‪. 1990‬‬
‫‪92‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫المخالفات المنصوص عمييا في المادتيف األولى والثانية مف ىذا األمر والمرتكبة‬
‫لحسابو مف قبؿ أجيزتو أو ممثميو الشرعييف"‪. 210‬‬
‫فالمشرع في ى ذا النص أخد بالمسؤولية المزدوجة‪ ،‬حيث يسأؿ الشخص المعنوي عف‬
‫الجرائـ المرتكبة لحسابو‪ ،‬باإلضافة إلى مسؤولية ممثميو‪.‬‬
‫أما عف جرائـ تمويث البيئة فقد نصت عدة قوانيف خاصة عمى مسؤولية الشخص‬
‫المعنوي عنيا‪ ،‬منيا ‪:‬‬
‫ القانوف رقـ ‪ 19- 11‬المؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر ‪ 2111‬المتعمؽ بتسيير النفايات‬‫ومراقبتيا‪ ،‬حيث نصت المادة السادسة والخمسوف منو عمى ‪" :‬يعاقب بغرامة مالية مف‬
‫عشرة أالؼ دينار (‪ 11111‬دج ) إلى خمسيف ألؼ دينار (‪ 51111‬دج ) كؿ شخص‬
‫طبي عي أو معنوي يمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو أي نشاط أخر‪ ،‬قاـ‬
‫برمي أو بإىماؿ النفايات المنزلية وما شابييا أو رفض استعماؿ نظاـ جمع النفايات‬
‫وفرزىا الموض وع تحت تصرفو مف طرؼ الييئات المعنية في المادة ‪ 32‬مف ىذا‬
‫القانوف ‪. 211"...‬‬
‫ كذلؾ ما ورد في القانوف رقـ ‪ 19- 13‬المؤرخ في ‪ 2113/17/19‬المتضمف قمع جرائـ‬‫مخالفة أحكاـ اتفاقية حظر استحداث وانتاج وتخزيف األسمحة الكيمائية‪ ،‬حيث نصت‬
‫المادة الثامنة عشر عمى ما يمي‪" :‬يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة‬
‫المنصوص عمييا في المادة التاسعة أعاله بغرامة مف ‪ 511111‬إلى ‪15111111‬‬
‫دج"‪.‬‬
‫‪ - 210‬أمر رقم ‪ ، 22- 96‬ادلؤرخ ِف ‪ 1996/09/ 07‬ادلتعلق بقمع سلالفات التشريع و التنظيم اخلاصني بالصرف‪ ،‬اجل ريدة رمسية العدد ‪ 43‬سنة‪. 1996‬‬
‫‪ - 211‬قانون رقم ‪ 19- 01‬ادلؤرخ ِف ‪ ، 2001/12/12‬ادلتعلق بتسيري النفايات و إزالتها‪ ،‬جريدة رمسية العدد ‪ 77‬لسنة ‪. 2001‬‬
‫‪93‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ يعاقب الشخص الذي يرتكب جريمة أو أكثر مف الجرائـ المنصوص عمييا في المواد‬‫‪11‬و‪11‬و‪12‬و‪13‬و‪14‬و‪15‬و‪ 17‬مف ىذا القانوف بغرامة مالية تعادؿ خمس مرات‬
‫الغرامة المقررة لشخص المعنوي"‪. 212‬‬
‫ بعدىا صدر القانوف رقـ ‪ 11- 13‬المتعمؽ بحماية البيئة حيث كرس مسؤولية الشخص‬‫المعنوي عف جراـ تمويث البيئة‪ ،‬حيث نصت المادة الثامنة منو عمى أنو تخضع ليذا‬
‫القانوف كؿ المصانع والورشات والمشاغؿ والمقالع والمناجـ وبصفة عامة المنشأة التي‬
‫يستغميا أو يممكيا كؿ شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬عمومي أو خاص والتي قد تتسبب‬
‫في أخطار عمى الصحة العمومية والنظافة واألمف والفالحة واألنظمة البيئة والموارد‬
‫الطبيعية والمواقع والمعالـ والمناطؽ السياحية‪ ،‬أو قد تسبب في المساس براحة الجوار‪،‬‬
‫كما نصت المادة الثانية والتسعوف فقرة الثالثة مف نفس القانوف عمى مسؤولية الشخص‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫‪ - 2‬إقرار المشرع الجزائري المسؤولية الجنائية ألشخاص المعنوية صراحة‪:‬‬
‫بعد تعديؿ المشرع لقانوف العقوبات بموجب القانوف رقـ ‪ 15-14‬المؤرخ في ‪11‬‬
‫نوفمبر ‪ ،2114‬أقر صراحة مسؤولية األشخاص المعنوية وذلؾ ف ي المادة الواحد والخمسيف‬
‫منو‪ ،‬والتي ن صت عمى ما يمي‪" :‬باستثناء الدولة والجماعات المحمية واألشخاص المعنوية‬
‫الخاضعة لمقانوف العاـ‪ ،‬يكوف الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عف الجرائـ التي ترتكب‬
‫لحسابو مف طرؼ أجيزتو وممثميو الشرعييف عندما ينص القانوف عمى ذلؾ‪.‬‬
‫إف المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي ال تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعؿ‬
‫أصمي أو شريؾ في نفس األفعاؿ"‪.‬‬
‫‪ - 212‬قانون رقم ‪ 09- 03‬ادلؤرخ ِف ‪ 2003/07/19‬ادلتعلق بقمع سلالفة أحكام اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وختزين واستعمال األسلحة الكيمائية وتدبري تلك األسلحة‪،‬‬
‫اجلريدة الرمسية العدد‪ 43‬لسنة ‪. 2003‬‬
‫‪94‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فيتضح مف خالؿ ىاتو الماد ة أف المشرع اقر بمسؤولية األشخاص المعنوية التي ال‬
‫تخضع لمقانوف العاـ كما أخد بالمسؤولية المزدوجة لمشخص الطبيعي و المعنوي‪.‬‬
‫فشكمت ىاتو المادة األساس القانوني لمسؤولية الشخص المعنوي في التشريع الجزائري‬
‫كم ا صدرت قوانيف أخرى تكرس ىا تو المسؤولية منيا قانوف رقـ ‪ 12- 15‬المؤرخ في‬
‫‪ 2115/18/14‬والمتعمؽ بالمياه وقرر المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية مف خالؿ‬
‫المادة ‪ 175‬منو‪.‬‬
‫والواقع أف التشريعات البيئة عرفت ىاتو المسؤولية بنطاؽ واسع إذا ما قارنيا بالقوانيف‬
‫العادية‪ ،‬ذلؾ أل ف عدد كبير مف جرائـ تمويث البيئة تتـ عف طريؽ األشخاص المعنوية أثناء‬
‫ممارستيا ألنشطتيا الصناعية أو الخدماتية أو الزراعية‪. 213‬‬
‫والمالحظ مف خالؿ كؿ ما أوردنو مف موقؼ التشريعات المقارنة حوؿ المسؤولية‬
‫الجنائية ألشخاص المعنوية سواء التي أخذت بيا كأصؿ أو التي أخذت بيا كاستثناء إقرارىا‬
‫بالمسؤولية الجنائية في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬وذلؾ ما يتالءـ مع السياسة الجنائية الفعالة‬
‫لحماية البيئة مف التموث‪ ،‬وقد أدرؾ المشرع ما ترتبو األشخاص المعنوية مف أفعاؿ خ طيرة‬
‫وضارة بالبيئة ما دفعو إلى إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية حوؿ جرائـ البيئة‬
‫في التشريعات البيئة المختمفة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تحديد األشخاص المعنوية المسؤولة جنائيا‬
‫تنقسـ األشخاص المعنوية إلى قسميف‪:‬‬
‫أشخاص معنوية عامة تخضع لمقانوف العاـ‪ ،‬وأشخاص معنوية خاصة تخضع لمقانوف‬
‫الخاص‪.214‬‬
‫‪ - 213‬زلمود امحد طو ‪:‬احلماية اجلنائية للبيئة من التلوث‪ ،‬منشاة ادلعارف‪ ،‬اإلسكند رية‪ ،2006،‬ص‪. 145‬‬
‫‪214‬‬
‫‪-Gridel Jean-Pierre. La personne morale en droit français. In: Revue internationale de droit comparé. Vol. 42 N°2, Avril‬‬‫‪juin 1990,p500.‬‬
‫‪95‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫وتنقسـ األشخاص المعنوية العامة بدورىا إلى قسميف‪:‬‬
‫أشخاص معنوية عامة إقميمية عمى رأسيا الد ولة والوحدات اإلدارية والمديريات والبمديات‬
‫وأشخاص معنوية مرفقيو كالمؤسسات العامة والييئات‪.215‬‬
‫لـ يثر أي خالؼ بالنسبة لألشخاص المعنوي الخاصة‪ ،‬فجؿ التشريعات الجنائية‬
‫أقرت بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية الخاصة‪. 216‬‬
‫عمى خالؼ ذلؾ فقد اختمؼ الفقو وكذا التشريعا ت المختمفة حوؿ إخضاع األشخاص‬
‫المعنوية العامة لممسؤولية الجنائية بيف مؤيد ومعارض‪ ،‬وىذا ما سوؼ نتناولو مف خالؿ ىذا‬
‫الفرع‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬األشخاص المعنوية العامة المسئولة جنائيا‬
‫يعتبر موضوع مساءلة األشخاص المعنوية العامة مف أىـ الموا ضيع التي أثارت‬
‫ير وطرحت إشكالية مدى خضوع األشخاص المعنوية العامة لممساءلة الجنائية‪.‬‬
‫جدال كب ا‬
‫سوؼ نناقش ذلؾ مف خالؿ موقؼ الفقو والقانوف مف مساءلة األشخاص المعنوية‬
‫العامة‪.‬‬
‫‪ -0‬موقؼ الفقو مف المساءلة الجنائية لألشخاص المعنوية العامة ‪:‬‬
‫يعارض بعض الفقو فكرة إخضاع األشخاص المعنوية العامة إلى المساءلة الجنائية ويقدموف‬
‫مجموعة مف الحجج المؤيدة لمعارضتيـ منيا‪:‬‬
‫‪ - 215‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 176‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫‪- Geeroms Sofie : op.cit.,p557.‬‬
‫‪96‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ منافاة مساء لة األشخاص المعنوية العامة لمبادئ القانوف العاـ و مبادئ العدالة‬‫الجنائية مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى يرى أصحاب ىذا االتجاه أف توقيع الجزاء عمى‬
‫األشخاص المعنوية العامة ي ؤدي إلى المساس بحقوقو وسمطاتو‪ ،‬ألف األشخاص‬
‫المعنوية العامة ت ضطمع بواحدة أو أكثر مف مياـ المرفؽ العاـ والذي لو دور كبير في‬
‫تمبية الحاجات العام ة التي تقتضييا المصمحة العامة والمنفعة االجتماعية‪.‬‬
‫فالمرفؽ العاـ يكفؿ مجموعة مف الحقوؽ األساسية‪ ،‬كالحؽ في التعميـ والحؽ في‬
‫الصحػة واألمف‪ ،‬فالمساس بالمرفؽ العػاـ يؤدي إلػى المساس واإلخالؿ بياتػو الحقوؽ‪،‬‬
‫وبالتالي المساس بالمنفعة االجتماعية العامة ‪.‬‬
‫كذلؾ يخضع المرفؽ العاـ إلى مبدأ آخر وىو ضرورة استم ارره‪.‬‬
‫فتسميط عقوبة الحؿ أو المنع عمى األشخاص المعنوية العامة يؤدي إلى عدـ‬
‫استم اررية عمؿ المرفؽ العاـ ‪ ،‬ومف ثـ تتأثر تمبية الحاجات العامة‪ ،‬فيذاف المبدآف يشكالف‬
‫مبدآف دستورياف‪ ،‬وت وقيع العقوبة عمى الشخص المعنوي يتنافى مع ىذاف المبدآف‪ ،‬فمثال‬
‫الغ رامة الموقعة عمى الشخص المعنوي ت ؤدي إلى زيادة األعباء عمى المرفؽ العاـ‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى التأثير عمى تمبية الحاجات العامة‪. 217‬‬
‫ الحجة الثانية التي أوردىا أنصار عمى ىذا االتجاه تتمثؿ في تنافي مسؤولية‬‫األشخاص المعنوية العامة مع العدالة ‪.‬‬
‫فمعاقبة الشخص المعنوي العاـ يؤدي إلى معاقبة أشخاص أبرياء‪ ،‬ألف عقوبة الشخص‬
‫المعنوي ستؤدي إلى الحد مف قدرتو عمى القياـ بميامو‪ ،‬و تؤدي بطريؽ مباشر إلى زيادة‬
‫نفقاتو‪ ،‬فتزداد أسعار الخدمة التي يقدميا‪ ،‬مما يؤدي إلى زيادة الضرائب التي سوؼ يتحمميا‬
‫المواطنوف‪.‬‬
‫‪ - 217‬أمحد زلمد ق ائد مقبل ‪ :‬مرجع سابق ‪،‬ص‪ 32‬وما بعدىا‪ ،‬وراجع شريف سيد كامل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 98‬‬
‫‪97‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ويضيؼ أنصار ىذا االتجاه أف مبدأ المساواة أماـ القانوف الذي استند ت إليو‬
‫التش ريعات فػي إقرار المسؤولية الجنائية ليس مبر ار لمساءلة األشخاص المعنوية العامػة‪،‬‬
‫فيناؾ فرؽ حقيقي وفعمي بيف األشخاص المعنوية العامة واألشخاص المعنوية الخاصة‪ ،‬إذ‬
‫ال يمكف المساواة بينيما‪ ،‬وذلؾ ألف األشخاص المعنوية العامة تيد ؼ إلى تحقيؽ المنفعة‬
‫العامة‪ ،‬أما الثانية تقوـ بأنشطتيا قصد تحقيؽ المنفعة الخاصة‪. 218‬‬
‫يضيؼ أيضا أنصار ىذا االتج اه حجة أخرى تتمثؿ في صعوبة تطبيؽ بعض‬
‫العقوبات عمى الشخص المعنوي‪.‬‬
‫أل ف بعض العقوبات التي تطبؽ عمى األشخاص المعنوية الخاصة‪ ،‬ال يمكف تطبيقيا‬
‫عمى األشخاص المعنوية العامة‪ ،‬مثؿ عقوبة الحؿ أو المنع أو الوضع تحت الرقابة‬
‫القضائية‪.‬‬
‫أما باقي العقوبات مثؿ الغرامة فقد ت ؤدي إلى تخفيض كمي أو جزئي لحقوؽ وسمطات‬
‫الشخص العاـ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬تقييـ ىذا الرأي‪ :‬فيمػ ا يخص منافاة المسؤولية الجنائية لممبادئ األساسية لمقانػوف‪ ،‬نرى‬
‫أنو ال يوجد أي مبدأ دستوري يبرر عدـ مساءلة األشخاص المعنوي العامة‪ ،‬بؿ‬
‫بالعكس وجود عدة مبادئ دستورية أساسية تبرر المسؤولي ة الجنائية لألشخاص‬
‫المعنوية العامة‪ ،‬منيا مبدأ المساواة أماـ القانوف‪ ،‬وكذلؾ مبدأ سيادة القانوف‪ ،‬فعدـ‬
‫إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية العامة يتعارض مع ىذاف المبدآف ‪.‬‬
‫ويظير في األعماؿ التحضيرية لمقانوف الفرنسي مف خالؿ موقؼ المجنة المشتركة‬
‫مف المجمسي ف التشريعيف أف إقرار المسؤولي ة الجنائية لألشخاص المعنوية ال تتعارض مع أي‬
‫مبدأ دستوري‪ ،‬وقد سبؽ ذلؾ القض اء والتشريع األنجموأمريكي‪.‬‬
‫‪ - 218‬شريف سيد كامل‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪98‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فالبد أف يحقؽ القانوف أىدافو في حماية المجتمع بوسيمة ردع فعالة‪ ،‬أال وىي الجزاء‬
‫الجنائي‪ ،‬فالجزاءات غير الجنائية ليست فعالة‪ ،‬خاصة في الجرائـ البيئية‪.‬‬
‫أما فيما يخص مسألة تنافي المساء لة الجنائية لألشخاص المعنوية العامة مع مبادئ‬
‫العدالة نرى عكس ذلؾ‪ ،‬فالعدالة ىي التي تفرض عمييا المساواة بيف األشخاص المعنوية‬
‫العامة واألشخاص المعنوية الخاصة‪ ،‬فما تممكو ىاتو األولى مف وسائؿ وامكانات ضخمػة‪،‬‬
‫تت سبب بو في أضرار ومخاطر كبيرة عمى الصحة العامة والبيئة‪ ،‬فكثي ار ما يتسبب التخمص‬
‫مف ال مواد المموثة في أضرار بالبيئة والمجتمع‪ ،‬فكيؼ ال تسأؿ ىاتو األشخاص المعنوية‬
‫العامة ؟ األمر الذي يدفعنا إلى التساؤؿ‪ :‬أيف العدالة‪.‬‬
‫فالعدالة الجنائية ال تتعارض مع مساءلة األشخا ص المعنوية‪ ،‬فالمساواة بيف‬
‫األشخاص المعنوية العامة واألشخاص المعنوية الخاصة ىو األقرب لروح القانوف‪.‬‬
‫أمػ ا فيما يخص صعوبػ ة تطبيؽ بعض العقوبات عمى األشخاص المعنوية العامػة‪،‬‬
‫فيجب وضع عقوبات تتالءـ مع طبيعة الشخص المعنوي العاـ‪ ،‬كالمنع مف مزاولة النشاط‬
‫الذي أدى إلى جريمة تموي ث البيئة فيجب تنظيـ المسألة بالشكؿ الذي يكافح الجريمة بالقدر‬
‫الضروري والمناسب وبالتالي حماية المجتمع‪.‬‬
‫وخالصة القوؿ أف الفقو الحديث يتجو إلى تحميؿ األشخاص المعنوية العامة‬
‫ا لمسؤولية الجنائية في جرائـ البيئة‪ ،‬أل ف معظـ حاالت التموث تتـ بسبب أنشطة األشخاص‬
‫المعنوية العامة‪ ،‬سوى كانت أنشطة صناعية أو خدماتية أو زراعية‪ ،‬فيي تتـ بواسطة منشأة‬
‫تابعة ألشخاص معنوية عامة‪ ،‬فقد ساىمت الكثير مف المدف برصيد وفير مف التموث‬
‫العاـ‪. 219‬‬
‫فميس مف العدؿ أف تتـ المتابعة الجزائية لمشخص المعنوي الخاص عف جريمة مف‬
‫جرائـ تمويث البيئة وال يتابع الشخص المعنوي العاـ عف نفس الجريمة الم رتكبة‪.‬‬
‫‪ - 219‬أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.309‬‬
‫‪99‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ب ‪ -‬االعتراضات عمى المساءلة الجنائية لمدولة‪:‬‬
‫يعارض الفقياء المساء لة الجنائية لمدوؿ منطمقيف مف فكرة مفادىا أف الدولة ال يمكف‬
‫أف تتحمؿ المسؤولية الجنائية وأسانيد ىذا الرأي يمكف حصرىا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ - 1‬سيادة الدولة‪:‬‬
‫يقوؿ أنصار ىذا االتجاه أف سيادة الدولة تجعميا ال تخضع ألي دولة‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يمكف أف يتصور في ظؿ ىا تو السيادة أف تسأؿ الدولة جنائيا أو أف تكوف محؿ لمعقوبة‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫‪ - 2‬شخصية العقوبة‪:‬‬
‫إف توقيع العقوبة الجنائية عمى الدولة إذا ت صور إمكانية توقيعيا يتنافى مع فكرة‬
‫شخصية العقوبة إذ سيتأثر الكثير مف مواطني ىذه الدولة بعقابيا‪ ،‬والذيف ىـ بشخصيـ لـ‬
‫يرتكبوا أي جريمة‪.‬‬
‫‪ -3‬الدولة ىي التي تممؾ سمطة العقاب‪:‬‬
‫ت ستبعد الدولة مف نطاؽ المسؤولية الجنائية باعتبارىا ىي الجية الوحيدة التي تحتكر‬
‫حؽ العقاب فيي تتولى حماية مصالح األفراد مف خالؿ مالحقة المجرميف ومكافحة اإلجراـ‪،‬‬
‫فمف غير المتصور منطقيا أف توقع الدولة العقاب عمى نفسيا‪.‬‬
‫‪220‬‬
‫‪ -4‬اختالؼ الوظائؼ و االختصاصات عمى أساس مساءلة الدولة جنائيا‪:‬‬
‫‪220‬‬
‫‪ -‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬انًزجع انظببك ؽ ‪. 311،312‬‬
‫‪100‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫يرى أنصار ىذا االتجاه أف ىناؾ خالفا بيف الدولة و األشخاص المعنوية األخرى‬
‫ف إذا قمنا بالمساواة بينيا في توقيع الجزاء قد ي ؤدي إلى اإلخالؿ بالمصالح العامة المختمفة‬
‫التي ىي مف اختصاص الدولة والتي تسعى لممحافظة عمييا‪.‬‬
‫ج‪ -‬تقييـ ىذا االتجاه‪:‬‬
‫بالنسبة لمفكرة السياد ة واعتبارىا مانع مف خضوع الدولة لسمطة أعمى منيا‪ ،‬ىذه الفكرة‬
‫مردودة ألف السي ادة ال يجب أف تتعارض مع تطبيؽ القانوف ولكف البد أف تخضع لو‪.‬‬
‫أما فيما يخص فكرة شخصية العقوبة‪ ،‬فإف تطبيؽ عقوبة مثالية أمر يكاد يكوف‬
‫مستحيؿ فحتى في القانوف الداخمي كثي ار ما تناؿ العقوبة ممف يحيطوف بمرتكب الجريمة‬
‫فتأثر عمييـ ماديا بغياب مف يعموىـ إذا كاف الجان ي ىو رب األسرة‪ ،‬أو أدبيا مما يصبيـ مف‬
‫وصمة عار وتموث لسمعتيـ‪ .‬ونفس المثاؿ ينطبؽ عمى الدولة وشعبيا الذي يتحمؿ ضرورة‬
‫آثار العقوبة الموقعة عمى الدولة‪.‬‬
‫وبالنسبة لفكرة عدـ وجود سمطة عميا توقع الجزاء‪ ،‬فطبيعة الجزاء و أوضاع تقريره‬
‫ومدى فعاليتو تختمؼ في القانوف الدولي الجنائي عنو في القانوف الداخمي‪.‬‬
‫إذا باعتبار جرائـ تمويث البيئة جريمة دولية تسأؿ عنيا الدولة التي ترتكبيا فال بد مف‬
‫الخضوع إلى المساء لة الجنائية لمدولة وفؽ قواعد القانوف الدولي الجنائي ولقد سبقت اإلشارة‬
‫إلى أف الدوؿ الصناعية الكبرى تجاوزت الحدود في مس ألة تموث البيئة ولـ يعد كافي انعقاد‬
‫المؤتمرات و االتفاقيات في ىذا المجاؿ بؿ البد مف وجود جزاء رادع فعاؿ‪.‬‬
‫وفي الحقيقة نصطدـ بمشكؿ سياسي وىو ما تمعبو الدوؿ الصناعية الكبرى مف دور‬
‫في األمـ المتحدة وخضوع الدوؿ الضعيفة ليا لكف ىذا ال يمنع مف السعي نحو حماية البيئة‬
‫عمى المستوى الدولي عف طريؽ المسؤولية الجنائية الدولية عف جرائـ تمويث البيئة‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ويؤيد المساء لة الجنائية لمدوؿ الكثير مف الفقياء البارزيف عمى رأسيـ األستاذ األلماني‬
‫أوغست و البمجيكي (جاف درف اف) والفرنسي (دونريوي فايرا)‪. 221‬‬
‫كما توجد بعض المؤتمرات القانونية الدولية تنادي بمساءلة الدولة جنائيا‪ ،‬مف ذلؾ ما‬
‫ذىب إليو مؤتمر الجمعية الدولية لمقانوف الجنائي المنعقد في بروكسؿ ‪ 1926‬والمؤتمر‬
‫الدولي لمقانوف الجنائي المنعقد في بوخارست ‪.1929‬‬
‫كذلؾ المؤتمر السادس ل مجمعية المصرية لمقانوف الجنائي المنعقد في أكتوبر ‪1993‬‬
‫الذي أوصى بامتداد المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية العامة‪.‬‬
‫وكذلؾ ما ورد مف توصيات في المؤتمر الخامس لمجمعية الدولية لمقانوف العقوبات‬
‫المنعقدة في ‪ 1994‬في ريوديجانيرو ب الب ارزيؿ الذي أوصى بما يمي‪:‬‬
‫" عندما يباشر شخص معنوي عاـ أو خاص نشاط ينطوي عمى خطر كبير عمى البيئة فإف‬
‫السمطات اإلدارية فيو يقػ ع عمى عاتقيا التزاـ بالمراقبة والتوجيو بكيفية تمنع وقوع الضرر‪،‬‬
‫ويجب تحمميا المسؤولية الجنائية إذا نتج ضرر جدي عف تقصيرىا في القياـ بواجباتيا في‬
‫المراقبة والتوجيو"‪.‬‬
‫وعندما تتسبب ىيئة عامة‪ ،‬أثناء قياميا بواجباتيا في إلحاؽ ضرر جدي لمبيئة أو‬
‫اإلنساف أو عندما تتسبب في حالة النص عمى ذلؾ في خطر حقيقي وشيؾ الوقوع بالبيئة‬
‫واإلنساف‪ ،‬ينبغي أف يكوف ممكنا مالحقة الشخص المعنوي العاـ جنائيا عف جريمة االعتداء‬
‫عمى البيئة‪.‬‬
‫‪ -4‬موقؼ التشريع مف مساءلة األشخاص المعنوية العامة‪:‬‬
‫نصت بعض التشريعات صراحة عمى عدـ جواز مساءلة األشخاص المعنوية واتجيت‬
‫تشريعات أخرى إلى االعتراؼ بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية العامة‪.‬‬
‫‪ -221‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ‪. 310‬‬
‫‪102‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فمف التشريعات التي استبعدت صراحة المساءلة الجن ائية لألشخاص المعنوية العامة‬
‫نجد القانوف العراقي الصادر سنة ‪ 1929‬حيث نصت المادة ‪ 80‬مف عمى أف "األشخاص‬
‫المعنوية فيما عدا مصالح الحكومة ودوائرىا الرسمية وشبو الرسمية مسؤولة جزائيا"‪.‬‬
‫فيتضح مف خالؿ ىات و المادة أف المشرع العراقي قصر المسؤولية الجزائية عمى‬
‫األشخ اص المعنوية الخاصة فقط دوف العامة ‪.‬‬
‫كما اتجو المشرع اإلماراتي إلى عدـ مساءلة األشخاص المعنوية العامة و ذلؾ مف‬
‫خالؿ المادة ‪ 65‬مف قانوف العقوبات اإلماراتي رقـ ‪ 03‬لسنة ‪. 2221987‬‬
‫أما التشريعات التي أقرت صراحة بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية العامة‬
‫نجد‪:‬‬
‫القانوف السوري وذلؾ طبقا لممادة ‪ 209‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬والتي تنص عمى أف‬
‫الييئات االعتبارية مسؤولة جزائيا عف أعماؿ مديرييا و أعضاء إدارتيا و عماليا عندما‬
‫يؤتوف ىذه األعماؿ باسـ الييئات المذكورة أو بإحدى وسائميا‪ ،‬وال يمكف الحكـ عمييا إال‬
‫بالغرامة والمصادرة و نشر الحكـ‪. 223‬‬
‫ويتضح مف خالؿ نص المادة أف المشرع السوري ذكر األشخاص المعنوية بصفة‬
‫عامة دوف تحديد‪ ،‬فيو لـ يستثني صراحة األشخاص المعنوية العامة مما يدؿ عمى أخذه‬
‫بمسؤوليتيـ‪.‬‬
‫وفي فرنسا أقر المشرع الفرنسي في قانوف العقوبات الجديد بالمسؤولية الجنائية‬
‫لألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانوف العاـ باستثناء الدولة‪. 224‬‬
‫‪ - 222‬شري ف سيد كامل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ - 223‬بؼٕع عبئؼت‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ ‪.93‬‬
‫‪- Dominique guihal , op.cit.,p111‬‬
‫‪103‬‬
‫‪224‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فنصت المادة ‪ 121‬فقرة ‪ 02‬مف قانوف العقوبات الجديد عمى أف جميع األشخاص‬
‫المعنوية العامة مسؤولة جزائيا‪ ،‬حتى اإلقميمية منيا‪ ،‬مثؿ المحافظات واألقاليـ والمقاطعات‬
‫وتجمعاتيا باستثناء الدولة‪.‬‬
‫فيتضح مف خالؿ ىاتو المادة أف المشرع الفرنسي أخضع جميع األشخاص المعنوية‬
‫العامة لممسؤولية الجنائية ميما كاف شكميا القانوني‪ ،‬إال أنو استبعد بعض األنشطة التي تقوـ‬
‫بيا ىا تو األشخاص مف المسؤولية‪ ،‬وىي األنشطة التي تنطوي عمى امتيازات السمطة العامة‪،‬‬
‫فقصر المسؤولية الجنائية عمى الجرائـ التي تقع أثناء ممارستيا لنشاطيا التفاقيات تفويض‬
‫الخدمة العامة‪ ،‬بمعنى األنشطة التي يفوض فييا الشخص المعنوي المحمي غيره مف‬
‫أشخاص القانوف العاـ أو الخاص لمقياـ بيا‪.225‬‬
‫وبالتالي يجب توفر شرطيف لألخذ بمسؤولية األشخاص المعنوية العامة جنائيا في‬
‫القانوف الفرنسي‪:‬‬
‫ أف يكوف النشاط الذي تسأؿ عنو جنائيا نشاطا مرفقيا عاما‪.‬‬‫ أف يكوف النشاط مما يقبؿ التفويض بو لمغير وذلؾ عف طريؽ االتفاؽ‪ ،‬ألنو ىناؾ‬‫نشاطات ال يمكف تفويض الغير فييا مثؿ حفظ النظاـ العاـ‪ ،‬أما النشاطات األخرى‬
‫مثؿ جمع النفايات و إزالتيا فيجوز فييا التفويض‪.‬‬
‫وما يالحظ أف ا لمشرع الفرنسي أخضع األشخاص المعنوية العامة لممساءلة الجنائية‬
‫المخففة‪ ،‬حيث أنو ال يجوز أف يوقع عمييا عقوبة الحؿ وال عقوبة الوضع تحت الرقابة‬
‫القضائية‪.‬‬
‫‪ - 225‬زلمد أبو العالء عقيدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .96‬وزلمد أمحد قائد مقبل‪ :‬مرجع سابق‪.318 :‬‬
‫‪104‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫وفيما يخص جرائـ تمويث البيئة نجد المادة ‪ 434‬فقرة ‪ 10‬مف القانوف الزراعي‬
‫الفرنسي ال تعفي المقاطعات مف اتخاذ ت دابير الزمة لتفادي تمويث البيئة‪ ،‬وتنعقد المسؤولية‬
‫الجنائية لمسمطات العامة مع مسؤولية أصحاب المنشآت‪.226‬‬
‫أما المشرع الجزائري فقد خالؼ المشرع الفرنسي واستبعد األشخاص المعنوية‬
‫الخاضعة لمقانوف العاـ مف المساء لة الجنائية‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ نص المادة ‪ 51‬مكرر مف‬
‫قانوف العقوبات‪ ،‬والتي نصت عمى ما يمي‪" :‬باستثناء الدولة والجماعات المحمية واألشخاص‬
‫المعنوية الخاضعة لمقانوف العاـ‪ ،‬يكوف الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عف الجرائـ التي‬
‫ترتكب لحسابو مف طرؼ أجيزتو أو ممثميو عندما ينص القانوف عمى ذلؾ"‪.‬‬
‫فقد نص القانوف صراحة عمى عدـ مساءلة الدولة‪ ،‬و يقصد بيا اإلدارة المركزيػة‪،‬‬
‫رئاسة الحكومة والو ازرات ومصالحيا الخارجية‪.‬‬
‫كما اس تثنى المشرع الجماعات المحمية‪ ،‬وىي الوالية والبمدية‪ ،‬واستثنى كذلؾ‬
‫األشخاص المعنوية العامة الخاضعة لمقانوف العاـ‪ ،‬وىي المؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫اإلداري‪ ،‬و المؤسسا ت ال عمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري‪ ،‬والمؤسس ات العمومية ذات‬
‫الطابع العممي والثقافي والميني‪.‬‬
‫أما المشرع البيئي فقد أورد المادة ‪ 18‬مف قانوف حماية البيئة التي تنص عمى ما‬
‫يمي‪ " :‬يخضع ألحكاـ ىذا القانوف المصالح والورشات والمشاغؿ ومقالع الحجارة والمنازؿ‬
‫وبصفة عامة المنشآت التي يستغميا أو يممكيا كؿ شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو‬
‫خاص‪ ،‬والتي قد تتسبب في أخطار عمى الصحة العمومية والنظافة واألمف والفالحة‬
‫واألنظمة البيئية والموارد الطبيعية والمواقع والمعالـ والمناطؽ السياحية‪ ،‬أو قد تتسبب في‬
‫المساس براحة الجوار"‪.‬‬
‫‪ - 226‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪105‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فالمشرع أخضع المنشآت التي يستغميا الشخص المعنوي العمومي والتي قد ترتكب جرائـ‬
‫منصوص عمييا في قانوف حماية البيئة إلى المساءلة الجنائية‪.‬‬
‫كما يتضح مف خالؿ ما أوردناه أف المشرع استبعد األشخاص المعنوية العامة مف‬
‫نطاؽ المسؤولية الجنائية مثؿ الدولة والجماعات المحمية واألشخاص المعنوية التابعة لمقانوف‬
‫العاـ‪ ،‬وأماـ ىذا الوضع نتساءؿ عف األسباب التي دفعت المشرع إلى استبعاد الجماعات‬
‫المحمية واألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانوف العاـ مف المساءلة‪ ،‬وىو ما يخالؼ مبدأ‬
‫المساواة أماـ العدالة‪ ،‬ألنو قد يحدث أف ترتكب ىذه األشخاص جرائـ ماسة بالبيئة‪ ،‬فمف غير‬
‫المعقوؿ أال تسأؿ جنائيا عف أفعاؿ التمويث‪ ،‬بينما تسأؿ األشخاص المعنوية الخاصة عف‬
‫نفس األفعاؿ‪.‬‬
‫ونستخمص في األخير أف جؿ التشريعات استبعدت المسؤولية الجنائية لمدولة‪ ،‬بينما‬
‫اختمفت في مساءلة األشخاص المعنوية األخرى بيف مؤيد ومعارض‪.‬‬
‫ونح ف بدورنا نؤيد فكرة مساءلة األشخاص المعنوية العامة في مجاؿ جرائـ تمويث‬
‫البيئة لما يوفره مف حماية لمبيئة‪ ،‬لذلؾ البد عمى المشرع الجزائري أف يعيد النظر في مسألة‬
‫استبعاد األشخاص المعنوية العامة مف نطاؽ المسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬المساءلة الجنائية لألشخاص المعنوية الخاصة‬
‫ال خالؼ في إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوي الخاصة‪ ،‬فجؿ التشريعات‬
‫قد أقرت بيذا المبدأ‪ ،‬وذلؾ أيا كاف الشكؿ الذي تتخذه ىذه األشخاص‪ ،‬و أيا كاف الغرض‬
‫مف إنشاءىا‪ ،‬سواء كانت تيدؼ إلى الربح كالشركات التجارية و المدنية‪ ،‬أو ال تسعى إلى‬
‫تحقيؽ الربح كالجمعيات‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫وقد حدد ت المادة ‪ 49‬مف القانوف المدني األشخاص المعنوية الخاصة‪ ، 227‬حيث‬
‫أوردىا المشرع عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر‪ ،‬ووفقا لممادة ‪ 51‬مكرر مف قانوف العقوبات‬
‫الجزائري فإف جميع األشخاص المعنوية الخاصة تسأؿ جنائيا عف الجرائـ المرتبكة في‬
‫الحاالت التي ينص عمييا القانوف‪.‬‬
‫فتكس ب الشركات المدنية الشخصية المعنوية مف تاريخ استكماؿ إجراءات الشير‬
‫بالنسبة لمغير‪ ،‬ومػ ف تاريخ تكوينيا بالنسبة لألطراؼ وفقا لممادة ‪ 417‬مف القانوف المػدني‪ ،‬أما‬
‫الشركات التجارية‪ ،‬فإف المادة ‪ 549‬مف القانوف التجاري تنص عمى أنو تتمتع الشركة‬
‫بالشخصية المعنوية مف تاريخ قيدىا في السجؿ التجاري‪.‬‬
‫وانطالقا مف ذلؾ فال مسؤولية جزائية عمى األشخاص التي ال تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية وىو ما يثير خالؼ حوؿ إمكانية خضوع التجمعات أو الشركات التي ال تتمتع‬
‫بالشخصية المعنوية لممساءلة الجنائية‪ ،‬وكذا ما مدى مسؤولية األشخاص المعنوية في مرحمة‬
‫التأسيس و مرحمة التصفية؟‪.‬‬
‫بالنسبة إلمكانية خضوع التجمعات التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية لممساءلة‬
‫الجنائية‪ ،‬اختمفت التشريعات في ىذا الشأف و انقسم ت إلى ثالث اتجاىات‪.‬‬
‫اتجاه أوؿ وىو ما قرره المشرع االنجميزي عف إمكانية مساءلة ىاتو التجمعات في بعض‬
‫الجرائـ ا لمنصوص عمييا في القانوف المكتوب‪ ،‬بينما ال تخضع لممسؤولية الجنائية في‬
‫القانوف العاـ‪. 228‬‬
‫واتجاه ثاني يقر بالمسؤولية الجنائية ليا تو التجمعات‪ ،‬مثاؿ ذلؾ ما ذىب إليو قانوف‬
‫العقوبات اليولنػدي في المػادة ‪.51‬‬
‫‪ - 227‬راجع انًبزة ‪ 49‬يٍ انمبٌَٕ انًسَ‪ ٙ‬انجشائز٘ رلى ‪ 05/07‬انًؤرخ ف‪ 13 ٙ‬يب‪ ، 2007 ٕٚ‬جز‪ٚ‬سة رطً‪ٛ‬ت رلى ‪ 31‬يؤرذت ف‪ 13 ٙ‬يب‪.2007 ٕٚ‬‬
‫انًعسل ٔ انًخًى نأليز رلى ‪ 58/ 75‬انًؤرخ ف‪ 26 ٙ‬طبخًبز ‪ 1975‬انًخضًٍ انمبٌَٕ انًسَ‪ ،ٙ‬انجز‪ٚ‬سة انزطً‪ٛ‬ت رلى ‪ 78‬انًؤرذت ف‪ 30 ٙ‬طبخًبز‬
‫‪.1975‬‬
‫‪ - 228‬شريف سيد كامل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫‪107‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫واتجاه ثالث وىو السائد‪ ،‬حيث ال يقر بالمسؤولية الجنائية إال إذا كانت ىاتو‬
‫التجمعات تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬وبالتالي إذا وقع ت منيا الجريمة فال يسأؿ سوى‬
‫األشخاص الطبيعييف‪ ،‬وىو ما ذىب إليو المشرع الفرنسي و المشرع الجزائري‪ ،‬وىو أمر‬
‫منطقي‪ ،‬إذ ال يعقؿ األخذ بالمسؤولية الجنائية ألشخاص تفتقد لموجود القانوني‪ ،‬إذ ليس ليا‬
‫ذ مة مالية مستقمة‪ ،‬فعمى ماذا تنصب العقوبة‪.‬‬
‫أما في ما يخص مسؤولية الشركة في مرحمة التأسيس‪ ،‬فيسأؿ عف الجرائـ المرتكبة‬
‫في ىاتو المرحمة األشخاص الطبيعيوف المؤسسوف ألف الشركة لـ تكتسب بعد الشخصية‬
‫القانونية ومناط المسؤولية ىو توفر الشخصية المعنوية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمرحم ة التصفية فإف الشركة تبقى متمتعة بالشخصية المعنوية حسب ما‬
‫نصت عميو المادة ‪ 766‬فقرة ‪ 02‬مف القانوف التجاري‪ ،‬وبالتالي تسأؿ الشركة عف الجرائـ‬
‫البيئية وغيرىا مف الجرائـ التي تقع في ىاتو المرحمة‪.‬‬
‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 18‬مف القانوف ‪ 10- 03‬المتعمؽ بحماية البيئة نجد أف‬
‫المشرع قد حدد األشخاص المعنوية الخاصة التي تسأؿ عف الجرائـ المنصوص عمييا في‬
‫ىذا القانوف‪ ،‬وىي المؤسسات والمصانع والورشات والمشاغؿ ومقالع الحجارة والمناجـ‬
‫وبصفة عامة كؿ المنشآ ت التي يممكيا الشخص الطبيعي أو المعنوي الخاص‪ ،‬والتي تسبب‬
‫أضرار أو أخطار عمى البيئة‪ ،‬والمشرع الجزائري قسـ المنشآت إلى درجتيف‪ :‬منشآت خاضعة‬
‫لمترخيص‪ ،‬و منشآت خاضعة لمتصريح‪.229‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬شروط قيام المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‬
‫‪ - 229‬زلمد مزوايل ‪ :‬ادلسؤولية اجلنائية لألشخاص ادلعنوية عن جرائم البيئة‪ ،‬أعمال ادللتقى الوطين الثاين بيئة و حقوق اإلنسان‪ِ ،‬ف ‪ 26‬و ‪ 27‬يناير ‪ ، 2009‬ادلركز اجلامعي الوادي‪،‬‬
‫غري منشور‪ ،‬ص‪. 05‬‬
‫‪108‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫لقياـ المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جرائـ البيئة‪ ،‬يجب توفر ثالثة‬
‫شروط نص عمييا المشرع الج ازئري في المادة ‪ 51‬مكرر مف قانوف العقوبات‪ ،‬ونص المشرع‬
‫الفرنسي أيضا في المادة ‪ 121‬فقرة ‪ 02‬مف قانوف العقوبات الفرنسي الجديد عمى شرطيف‬
‫لقياـ ىاتو المسؤولية‪.230‬‬
‫وتطالب المادة ‪ 09‬مف االتفاقية األوروبية لحماية البيئة مف خالؿ القانوف الجنائي الدوؿ‬
‫األعضاء بالتصديؽ عمى المقاييس واإلجراءات الالزمة لوضع عقوبات جنائية وادارية‬
‫لألشخاص المعنوية المدانيف بارتكاب جرائـ تمويث البيئة‪. 231‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ارتكاب إحدى جرائم البيئة المنصوص عميها في التشريع البيئي‬
‫يتضح مف خالؿ نص المادة ‪ 51‬مكرر مف قانوف العقوبات الجزائري أف المشرع حدد‬
‫ال مسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف الجرائـ المنصوص عمييا في قانوف العقوبات أو‬
‫القوانيف الخاصة عمى سبيؿ الحصر‪ ،‬ومنيا قانوف حماية البيئة وقانوف تسيير ومراقبة و إزالة‬
‫النفايات وقانوف المياه ‪...‬الخ‪.‬‬
‫فيجب أف يكوف النص الجنائي المجرـ لالعتداء عمى البيئة واضح ودقيؽ‪ ،‬بحيث‬
‫تكوف ميمة القاضي سيمة في تحديد نوع الجريمة البيئية و العقوبة المقررة ليا‪. 232‬‬
‫والمالحظ أف النصوص الردعية البيئية متفرقة بيف عدة قوانيف و لوائح تنظيمية‪ ،‬مما‬
‫يصعب اإلحاطة بيا جميعا‪ ،‬ألف المشرع وسع مف مبدأ شرعية التجريـ وذلؾ مف خالؿ إق ارره‬
‫بمبدأ الحيط ة‪ ،‬والذي مفاده توفير الحماية الجنائية لمبيئة بصفة مسبقة وذلؾ بالرغـ مف غياب‬
‫النص الجزائي‪ ،‬خاصة عند وجود احتماؿ الخطر أو عند وقوع ضرر بيئي‪ ،‬الذي غالبا ما‬
‫‪230‬‬
‫‪- Jean.(P), Philippe.(C), françoi (L( La responsabilité Pénale des cadres et des dirigeants dans le monde des‬‬
‫‪affaires, Dalloz, Paris, 1996, P25.‬‬
‫‪ - 231‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.172‬‬
‫‪ - 232‬زلمد مزوايل‪ :‬ادلرجع ال سابق‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪109‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫يكوف ضر ار مستمرا‪ ،‬بحيث يجعؿ مف النص العقابي البيئي الصادر في المستقبؿ ساريا بأثر‬
‫رجعي بغرض قمع االعتداء عمى البيئة وعدـ تمكيف الجاني مف اإلفالت مف العقاب‪. 233‬‬
‫وقد ظير ىذا المبدأ عندما عرؼ القانوف الدولي لمبيئة تطو ار ممحوظا منذ السبعينات‪،‬‬
‫لمسايرة مختمؼ األخطار التي تمحؽ بالبيئة‪ ،‬فبعدما كاف ىذا القانوف يتخذ في حاالت‬
‫االستعجاؿ في مواجية الكوارث‪ ،‬أصبح بعد ذلؾ قانونا موجيا نحو المستقبؿ في إطار‬
‫التنمية المستدامة‪.‬‬
‫بموجب ىذا المبدأ يجب عمى الدولة أف تتخذ جميع اإلجراءات والتدابير الالزمة لمحد‬
‫مف تدىور البيئة‪ ،‬حتى في حالة غياب اليقيف العممي القاطع حوؿ اآلثار الضارة الناجمة عف‬
‫األنشطة المزمع القياـ بيا‪ ،‬فيذا المبدأ موجو نحو المستقبؿ‪.‬‬
‫فيجب العمؿ بو قبؿ الحصوؿ عمى أي دليؿ حوؿ احتماؿ تحقؽ الضرر‪ ،‬فيذا المبدأ‬
‫وفقا لما سبؽ قادر عمى تحسيف األمف البيئي مف جية‪ ،‬فيو يعتبر أساسا ىاما لمتنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬وىو حاجز لمتجاوزات التي قد تحدث وتسبب مستقبال أضرار بيئية يصعب‬
‫تداركيا في المستقبؿ ‪ ،‬وبالمقابؿ يواجو ىذا المبدأ انتقادات عمى أساس أنو حاجز لمتطور‬
‫ومعطؿ لنشاط المؤسسات‪. 234‬‬
‫وقد لقي ىذا المبدأ اىتماـ كبير ضمف أغمب الممتقيات الدولية وكرستو العديد مف‬
‫االتفاقيات‪ ،‬منيا‪:‬‬
‫اتفاقية جنيؼ المنعقدة بتاريخ ‪ 13‬نوفمبر ‪ 1979‬حوؿ التموث الجوي‪ ،‬التي عقدت مف‬
‫طرؼ المجنة االقتصادية لألمـ المتحدة ألوروبا‪.‬‬
‫كما نصت عميو اتفاقية قانوف البحار المؤرخة في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1982‬حوؿ الحماية‬
‫والحفاظ عمى الوسط البحري‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 206‬منيا عمى أنو‪" :‬عندما تكوف لدى‬
‫‪ - 233‬زلمد مزوايل‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪ - 234‬فريدة تكاريل‪ :‬مبدأ احليطة ِف القانون الدويل للبيئة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ما جستري ِف القانون الدويل‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬كلية احلقوق‪،‬بن عكنون‪ ،‬جانفي ‪ ،2005‬ص‪. 12‬‬
‫‪110‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫الدوؿ أسباب معقولة لالعتقاد بأف أنشطة يعتزـ القياـ بيا تحت واليتيا أو رقابتيا قد تسبب‬
‫تموثا كبي ار لمبيئة البحرية أو تغييرات ىامة و ضارة فييا‪ ،‬تعتمد ىذه الدولة إلى أقصى حد‬
‫ممكنا عمميا‪ ،‬إلى تقييـ اآلثار المحتممة لمثؿ ىذه األنشطة عمى البيئة البحرية"‪.‬‬
‫كذلؾ المؤتمر الدولي الثاني حوؿ حماية بحر الشماؿ المنظـ بمندف يومي ‪ 24‬و‪25‬‬
‫نوفمبر ‪ ، 1987‬حيث أقر بضرورة اتخاذ تدابير لمراقبة تصريؼ المواد السامة حتى في حالة‬
‫غياب اليقيف العممي القاطع حوؿ العالقة السببية بيف تصريؼ المواد الخطيرة وبيف اآلثار‬
‫الضارة التي قد تتسبب فييا لبحر الشماؿ‪ ،‬والوقاية مف التموث بسبب البواخر والمواد الخطرة‪.‬‬
‫كذلؾ اتفاقية باماكو المنعقدة في ‪ 20‬جانفي ‪ ، 1991‬فيي اتفاقية متعمقة بمنع استيراد‬
‫النفايات الخطيرة و مراقبة حركتيا العابرة لمحدود اإلفريقية‪.‬‬
‫وأخي ار جاء إعالف ريو المؤرخ في ‪ 13‬جواف ‪ ، 1992‬الذي نص في مبدأه الخامس‬
‫عشر عمى ما يمي‪ " :‬مف أجؿ حماية البيئة تتخذ الدوؿ عمى نط اؽ واسع تدابير احتياطية‬
‫حسب قدرتيا‪ ،‬وفي حالت ظيور أخطار ضرر جسيـ أو أخطار ضرر ال سبيؿ إلى عكس‬
‫اتجاىو‪ ،‬ال يستخدـ االفتقار لميقيف العممي الكامؿ سببا لتأجيؿ اتخاذ تدابير تتسـ بفعالية لمنع‬
‫تدىور البيئة"‪.235‬‬
‫وقد تجسد ىذا المبدأ في التشريع البيئي الجزائري مف خالؿ إدراجو في المادة ‪ 03‬مف‬
‫قانوف حماية البيئة رقـ ‪ ،10- 03‬إال أنو يجب تحديد درجة معينة مف الخطر لتفادي امتداد‬
‫وتوسع مبدأ الحيطة عمى عدد كبير مف األنشطة أكثر مما ىو محدد‪ ،‬لذلؾ يجب أف يتعمؽ‬
‫المبدأ باألخطار التي تؤدي إلى أضرار ىامة و جسيمة‪ ،‬وفي أرينا أف ىذا المبدأ الذي يوسع‬
‫مف نطاؽ الشرعية الجنائية يعتبر حماية لمبيئة مف األخطار الجسيمة التي يصعب إصالحيا‬
‫عند وقوعيا‪ ،‬لذلؾ كاف البد مف وضع ىذه اآللية لمحد مف األخطار و األضرار البيئية‪ ،‬رغـ‬
‫‪ - 235‬فريدة تكاريل‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪. 23‬‬
‫‪111‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫كوف وجود النص البيئي المجرـ لمفعؿ شرط ضروري لقياـ المسؤولية الجنائية عف جرائـ‬
‫تمويث البيئة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ارتكاب الجريمة من شخص طبيعي له حق التعبير عن إرادة الشخص‬
‫المعنوي‬
‫تعتبر المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي مسؤولية غير مباشرة‪ ،‬ألف الجريمة ال‬
‫يمكف أف ترتكب إال مف الشخص الطبيعي باعتبار أف الشخص المعنوي كائف غير مجسػـ‪،‬‬
‫وليس لو إرادة حرة‪ ،‬كما أف ىا تو المسؤولية ىي مسؤولية مشروطة ال يمكف حدوثيا إال بتوفر‬
‫شروط‪.‬‬
‫وقد اختمفت التشريعات في تحديد األشخاص الطبيعييف الذيف يسأؿ الشخص المعنوي‬
‫عف سموكيـ اإلجرامي‪ ،‬فاقتصر البعض منيا عمى تصرفات أعضاء وممثمي الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬في حيف ذىبت تشريعات أخرى إلى مساء لتو عف جميع تصرفات صغار موظفيو‬
‫وتابعيو‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬االتجاه المضيؽ‬
‫وىذا االتجاه يضيؽ مف نطاؽ األشخاص الطبيعية التي يسأؿ عف أفعاليا الشخص‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫ومف التشريعات التي أخذت بمسؤولية الشخص المعنوي عف ارتكاب جريمة التعدي‬
‫عمى البيئة مف قبؿ ممثميو وأعضاءه نجد‪:‬‬
‫‪ - 1‬التش ريع اإلنجميزي‪:‬‬
‫لقد حدد القانوف اإلنجميزي األشخاص الذيف تسند سموكاتيـ اإلجرامية إلى الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬وىـ األشخاص المنوط بيـ اتخاذ الق اررات باسـ الشخص المعنوي‪ ،‬وىذا الرأي أكده‬
‫‪112‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫القضاء اإلنجميزي في عدة أحكاـ نذكر منيا حكـ المورد باكر في قضية ورد فييا أنو يتعيف‬
‫التفرقة بيف أشخاص يمثموف عقؿ الشركة‪ ،‬مثؿ المدير و بيف غيرىـ ممف يعدوف مجرد‬
‫تابعيف‪. 236‬‬
‫وكذلؾ حكـ صادر في سنة ‪ 1964‬حيث قضى أنو تصح مساءلة األشخاص‬
‫المعنوية جنائيا إذا كانت السمطة التي استند إلييا األمر محؿ المساءلة صادر مف سمطة‬
‫عميا والتي تصدر ق اررات خاصة بالش خص المعنوي‪ ،‬دوف الحاجة لمرجوع إلى سمطات‬
‫أعمى‪. 237‬‬
‫كذلؾ مف أبرز األحكاـ التي كرست ىذا الشرط ما صدر في قضية ‪« Weatherf‬‬
‫» ‪ " : Andreus‬أنو ليس كؿ مسؤوؿ سواء كاف وكيال أو مف الفئة العميا لممديريف أو مف‬
‫ال وكالء الذيف يعمموف لحساب الشركة تترتب عف أفعاليـ مسؤولية الشركة‪ ،‬بؿ أنو يمزـ أيضا‬
‫أف تنعقد ليـ الصفة بحسب الموائح األساسية لمشركة واالختصاصات التي تسمح باعتبار‬
‫الفعؿ وكأنو صادر عف الشركة ذاتيا"‪.‬‬
‫وبالتالي يترتب عف ذلؾ أف لكؿ مؤسسة شخص طبيعي أو عدة أشخاص طبيعييف‬
‫فاألفعاؿ التي ترتكب مف‬
‫محددوف يتولوف اإلدارة واإلشراؼ عمى نشاط المؤسسة أو المنشأة‪ّ ،‬‬
‫قبؿ ىؤالء األشخاص وتسبب أضرار أو أخطار عف البيئة تعتبر أفعاؿ صادرة عف الشخص‬
‫ال معنوي‪ ،‬واشترط المشرع اإلنجميزي لتوفر ىذا الشرط أف يقع الفعؿ بصورة إيجابية فال مجاؿ‬
‫إلعماؿ ىذا الشرط في جرائـ االمتناع‪ ،‬ألف جرائـ الترؾ تعتبر صادرة مف شخص معنوي‬
‫يستوي في ذلؾ إذا ارتكبت مف أعضاءه أو ممثميو أو غيرىـ مف العماؿ و الموظفيف‪ ،‬وىذا‬
‫ما جسده الحكـ الصادر مف محكمة » ‪ « Queens Bench‬في ‪.2381988/05/28‬‬
‫‪ - 2‬التش ريع الفرنسي‪:‬‬
‫‪ - 236‬أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 347‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪ - 237‬أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪.347‬‬
‫‪ - 238‬أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.348‬‬
‫‪113‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫لقد نصت المادة ‪ 121‬فقرة ‪ 02‬مف قانوف العقوبات الفرنسي الجديد عمى أنو يكوف‬
‫الشخص المعن وي مسؤوال جزائيا عندما ينص القانوف أو التنظيـ عمى ذلؾ‪ ،‬عند ارتكاب‬
‫جرائـ لحسابو مف طرؼ أجيزتو وممثميو‪.239‬‬
‫فالقانوف الفرنسي حصر األشخاص الطبيعية الذيف يسأؿ عف أعماليـ الشخص‬
‫المعنوي في طائفتيف‪:‬‬
‫الطائفة األولى ىي أعضاء الشخص المعنوي‪ ،‬الطائفة الثانية ىي ممثمي الشخص‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫فأعضاء الشخص المعنوي ىـ األشخاص المؤىموف قانونا ووفقا لمقانوف األساسي‬
‫لمتصرؼ أو التعاقد باسمو‪ ،‬وممكف لألعضاء أف يكونوا مجموعة كييئة مجمس اإلدارة أو‬
‫جمعية المساىميف أو مكتب الجماعي إلدارة المجمس البمدي‪ ،‬وقد يكوف العضو شخص وحيد‬
‫مثؿ المسيير أو المدير العاـ‪.240‬‬
‫أما ممثؿ الشخص المعنوي فيو الذي يممؾ سمطة ممارسة نشاط ىذا الشخص باسمو‬
‫كممثؿ القضاء‪ ،‬أو المصفي أو المعيف قانونا مف أجؿ تصفية الشركة‪.‬‬
‫ونشير إلى أف الفصؿ بيف الممثميف واألعضاء غير مطمؽ‪ ،‬ألنو قد يختمطوف أحيانا ألف‬
‫أعضاء مجمس اإلدارة ىـ ممثموف أيضا‪.‬‬
‫ويترتب عمى ىذا الشرط أف الجريمة التي ترتكب مف الشخص العادي الذي يكوف‬
‫موظؼ أو عامؿ لدى الشخص المعنوي‪ ،‬ال يسأؿ جنائيا عنيا ىذا األخير‪ ،‬إال استثناءا‬
‫عندما يكوف ىؤالء األشخاص مفوضوف مف قبؿ الشخص المعنوي‪ ،‬لمتصرؼ باسمو‬
‫ولحسابو‪.‬‬
‫‪- Bernard Bouloc, Op.cit, P672.‬‬
‫‪ - 240‬سليم صمودي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪114‬‬
‫‪239‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫وقد صدرت عدة أحكاـ قضائية جسدت ىذا الشرط منيا حكـ نقض فرنسي في‬
‫‪ ، 2000/01/18‬حيث نقضت المحكمة الحكـ ألنو لـ يبيف أف ا رتكاب الجريمة تـ مف قبؿ‬
‫أعضاء وممثمي الشركة‪ ،‬فالحكـ أشار إلى ارتكاب الجريمة مف قبؿ ميندسيف ومسؤوليف‬
‫محمييف دوف تحديد صفتيـ أعضاء أو ممثميف‪.‬‬
‫كما رفضت محكمة النقض الطعف ضد حكمي ف صادريف مف محكمة استئناؼ "جرونوبؿ"‬
‫و"باريس"‪ ،‬المذاف حكما بالمسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي نتيجة لجرائـ ارتكبت بواسطة‬
‫المستفيديف مف التفويض‪. 241‬‬
‫‪ - 3‬التش ريع الجزائري‪:‬‬
‫لقد نصت المادة ‪ 51‬مكرر مف قانوف العقوبات عمى أنو‪" :‬يكوف الشخص المعنوي‬
‫مسؤوال جزائيا عف الجرائـ التػ ي ترتكب لحسابو مػ ف طرؼ أجيزتو أو ممثميو الشرعييف‪ ،‬عندما‬
‫ينص القانوف عمى ذلؾ"‪.‬‬
‫يتبيف مف خالؿ ىا تو المادة أف المشرع الجزائري أخذ بالتحديد الضيؽ لألشخاص‬
‫الطبيعية الذيف يسأؿ عنيـ الشخص المعنوي‪ ،‬فال تقوـ مسؤولية المنشأة إال عف طريؽ‬
‫األشخاص الطبيعييف المحدد يف قانونا‪ ،‬وىـ األشخاص الذيف يمثموف أىمية كبيرة في المنشأة‪،‬‬
‫حيث يكوف منوط إلييـ ال تسيير واإلشراؼ عمى المنشأة‪ ،‬بحيث يتوقؼ استمرار نشاط المنشأة‬
‫عمى إدارتيـ‪ ،‬فالسموؾ المادي الذي يقوـ بو الشخص الطبيعي الذي يعتبر عضو أو ممثؿ‬
‫لمشخص المعنوي‪ ،‬يعد ركنا مف أركاف الجريمة البيئية المسندة لمشخص المعنوي‪ ،‬واذا قاـ‬
‫الشخص المعنوي بتوكيؿ شخص طبيعي لمقياـ بعمؿ ما وارتكب الوكيؿ جريمة تمويث البيئة‬
‫لحساب ىذا الشخص المعنوي‪ ،‬فإف ىذا األخير يسأؿ عف ىاتو الجريمة ألف ىذا الوكيؿ يعد‬
‫بمثابة الممثؿ القانوني لمشخص المعنوي‪.242‬‬
‫‪ - 241‬أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.349‬‬
‫‪ - 242‬زلمد حسن الكندري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.174‬‬
‫‪115‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ثانياً‪ :‬االتجاه الموسع‬
‫يوسع ىذا االتجاه مف نطاؽ األشخاص الطبيعييف الذيف يسأؿ الشخص المعنوي‬
‫جنائيا عف أنشطتيـ‪ ،‬بحيث ال تقتصر عمى األعضاء والممثميف‪ ،‬بؿ تمتد لتشمؿ الموظفيف‬
‫والعماؿ التابعيف ليـ‪ ،‬ومف أمثمت التشريعات التي أخذت بيذا االتجاه نجد‪:‬‬
‫‪ - 1‬القانوف اليولندي‪:‬‬
‫لـ يحدد ال مشرع اليولندي في المادة ‪ 51‬مف قانوف العقوبات األشخاص الطبيعييف‬
‫الذيف يسأؿ جنائيا الشخص المعنوي عف أفعاليـ‪ ،‬ألف النص جاء عاما‪ ،‬إال أف القضاء‬
‫اليولندي أخذ بمسؤولية الشخص المعنوي عف الجرائـ التي ترتكب مف موظفيو أو أحد‬
‫العامميف لديو‪ ،‬وذلؾ عمى أساس معيار السمطة والقبوؿ‪ ،‬ومعنى ذلؾ أنو ماداـ لمشخص‬
‫المعنوي سمطة عمى الموظؼ وخاصة عندما يرتكب الموظؼ سموؾ يدخؿ ضمف األعماؿ‬
‫التي يمارسيا الموظؼ لدى الشخص المعنوي‪ ،‬فيسأؿ ىذا األخير عف ىذا السموؾ‪. 243‬‬
‫‪ - 2‬القانوف المبناني‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 210‬مف قانوف العقوبات المبناني عمى ما يمي‪ " :‬إف الييئات المعنوية‬
‫مسؤولة جزائيا عف أعماؿ مديرييا وأعضاء إدارتيا وممثمييا وعماليا‪ ،‬عندما يأتوف ىذه‬
‫األعماؿ باسـ الييئات المذكورة أو بإحدى وسائميا"‪. 244‬‬
‫فالقانوف المبناني يشترط لقياـ المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية أف تكوف‬
‫الجريمة مرتكبة مف أعضاء إدارة الشخص المعنوي أو ممثميو أو العماؿ الذيف يعمموف لديو‪،‬‬
‫فقد وسع مف نطاؽ األشخاص الطبيعييف الذيف يسأؿ عف أعماليـ الشخص المعنوي‪.‬‬
‫‪ - 3‬القانوف السوري‪:‬‬
‫‪ - 243‬شريف السيد كامل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.118‬‬
‫‪ - 244‬أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،350‬وانظر بشوش عائشة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.107‬‬
‫‪116‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫تنص المادة ‪ 209‬مف قانوف العقوبات السوري ما يمي‪ " :‬إف الييئات االعتبارية‬
‫مسؤولة جزائيا عف أعماؿ مديرييا وأعضاء إدارتيا وم مثمييا وعماليا‪ ،‬عندما يأتوف ىذه‬
‫األعماؿ باسـ الييئات المذكورة أو بإحدى وسائميا"‪.‬‬
‫وىي نفس صياغة المادة ‪ 201‬مف القانوف المبناني‪ ،‬فالمشرع السوري بدوره أخذ‬
‫بمسؤولية الشخص المعنوي ولو ارتكب الجريمة عامؿ بسيط‪.‬‬
‫ومف أحكاـ القضاء السوري التي كرست ىذه النصوص‪ ،‬حكـ محكمة النقض السورية‬
‫الصادر في ‪ ، 1965‬حيث جاء فيو ما يمي‪ " :‬أف الشارع أقر بمبدأ أىمية الشخصية االعتبارية‬
‫لممسؤولية الجنائية عف الجرائـ التي يقوـ بيا مديرييا أو أعضاء إدارتيا وممثموىا أو عماليا‬
‫باسميا أو بإحدى وسائميا‪ ،...‬فاقتضى األمر مآخذتيا زيادة عف مآخذة مديرييا وأعضاء‬
‫إدارتيا وممثمييا الذيف يرتكبوف عمال إجراميا"‪.245‬‬
‫ونحف بدورنا نؤيد االتجاه الموسع لنطاؽ المسؤولية الجنائية لألشخاص الطبيعية‬
‫الذيف يرتكبوف الجرائـ باسـ ولحساب الشخص المعنوي ‪ ،‬فميس ىناؾ مانع مف مساءلة‬
‫الشخص المعنوي عف جرائـ تمويث البيئة مف طرؼ العماؿ أو موظفيف باسـ أو لحساب‬
‫الشخص المعنوي أو بإحدى وسائمو‪ ،‬ألف مف شأف ىذا األمر أف يوفر حماية أكبر لمبيئة‪.‬‬
‫فتسند الجريمة البيئية لمشخص المعنوي عندما ترتكب الجريمة عف طريؽ أعضاء أو‬
‫ممثمي الشخص المعنوي‪ ،‬لكف ىذا الشرط يثير عديد مف اإلشكاالت‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مدى إمكانية مساءلة األ شخاص المعنوية عف أعماؿ المسيير الفعمي‪.‬‬
‫قد يكوف تعييف أحد المديريف أو دعوة الجمعية العمومية باطال لسبب أو آلخر‪ ،‬ومع‬
‫ذلؾ يتصرؼ لحساب الشخص المعنوي ويرتكب جريمة مف جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬فيؿ يسأؿ‬
‫الشخص المعنوي عف األفعاؿ المرتكبة مف طرؼ العضو أو الممثؿ الواقعي؟‬
‫‪ - 245‬أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪. 251‬‬
‫‪117‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫بالعودة إلى القوانيف البيئية وكذلؾ قانوف العقوبات في المادة ‪ 51‬مكرر منو‪ ،‬ال نجد‬
‫إشارة ليا تو المسألة‪ ،‬وبالرجوع إلى الفقو نجده قد اختمؼ حوؿ مساءلة الشخص المعنوي عف‬
‫جرائـ العضو أو الممثؿ الفعمي‪.‬‬
‫و انقسموا إلى اتجاىيف‪:‬‬
‫االتجاه األوؿ يرفض مساءلة األشخاص المعن وية جنائيا عف الجرائـ التي ترتكب‬
‫بواسطػ ة المسير أو العضو الفعمي‪ ،‬فيذا األخير ليست لػو أي سمطػة تأسيسية أو قانونية‪،‬‬
‫فالشخص الم عنوي في ىذه الحالة يعتبر ضحية وليس المتيـ‪ ،‬كما أنو ال يجوز مساءلة‬
‫األشخاص المعنوية إال بالشروط وفي الحاالت المنصوص عمييا قانونا‪ ،‬والمشرع لـ ينص‬
‫عمى ىاتو الحالة‪.‬‬
‫وبالتالي ال يمكف قياس حالة المسيير الفعمي بالمسير القانوني‪ ،‬تطبيقا لمقاعدة‬
‫الجنائية التي تحضر القياس في المواد الجنائية‪.246‬‬
‫واتجاه ثاني يأخذ بالمساء لة الجنائية لألشخاص المعنوية عف الجرائـ التي ترتكب مف‬
‫المسيير الفعمي‪ ،‬فإذا كاف ىذا األخير يعبر فعال عف إرادة الجماعة وبالتالي عف إرادة‬
‫الشخص المعنوي فال مانع عف مساء لتو جنائيا‪ ،‬و يؤيد ىذا االتجاه القضاء الفرنسي‪ ،‬كما‬
‫يأخذ القانوف اإلنجميزي أيضا بيذا االتجاه‪.‬‬
‫ونحف بدورنا نؤيد ىذا االتجاه فإذا كاف العضو الممثؿ الفعمي يقوـ بميامو في وضع‬
‫شبو رسمي ومعموـ مف طرؼ المسيريف القانونييف وكاف يعبر عف إرادة الشخص المعنوي‬
‫فيسأؿ جنائيا ىذا األخير عف األفعاؿ التي يرتكبيا المسيير الفعمي‪ ،‬ويمكف لمقاضي أف يقدر‬
‫تصرؼ عضو الواقع مف خالؿ الوسائؿ التي استخدميا في الجريمة‪.‬‬
‫‪ - 246‬أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪ ، 353‬وراجع بشوش عائشة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 113‬‬
‫‪118‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ب ‪ -‬مدى إمكانية مساءلة الشخص المعنوي عف تجاوز ممثمو حدود اختصاصو‪.‬‬
‫قد يتجاوز العضو الممثؿ حدود اختصاصو و يتسبب بفعمػو ىذا في ارتكاب جريمػة بيئية‪،‬‬
‫فيؿ يترتب عمى ىذا التصرؼ المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي؟‬
‫ال نجد جواب عمى ىذا التساؤؿ في قانوف العقوبات وال في منظومة القوانيف البيئية‪،‬‬
‫أما في الفقو فقد ذىب اتجاه إلى عدـ مساء لة األشخاص المعنوية عند تجاوز ممثمييا أو‬
‫أعضاءىا حدود اختصاصاتيـ‪ ،‬فالشخص الطبيعي الممثؿ لمشخص المعنوي رسـ لو القانوف‬
‫حدود معينة‪ ،‬فإذا تجاوزت الحدود المرسومة لو‪ ،‬فإنو ال يمكف إسناد ىذه األفعاؿ إلى‬
‫الشخص المعنوي الذي ال يسأؿ جنائيا إال عف تصرؼ ممثميو التي تعتبر صحيحة‪ ،‬وذلؾ‬
‫في إطار القانوف األساسي المنظـ لو‪ ،‬وىو االتجاه الذي أخذ بو القانوف اإلنجميزي‪ ،‬حيث‬
‫نصت عمى ىذا الحكـ المادة ‪ 30‬مف مشروع قانوف العقوبات اإلنجميزي لعاـ ‪.2471939‬‬
‫ويؤيد جانب كبير مف الفقو مسؤولية الشخص المعنوي الجنائية عند تجاوز أعضائو‬
‫أو ممثميو حدود اختصاصاتو‪ ،‬ويستندوف في ذلؾ إلى أف حصر مساءلة الشخص المعنوي‬
‫الجنائية في مجاؿ اختصاص أعضاءه مف شأ نو أف يشكؿ مجاال واسعا لعدـ المساءلة‬
‫الجنائية بدوف مبرر‪ ،‬كما يبرروف ىذا الموقؼ بعدـ وجود أي نص قانوني صريح يستبعد‬
‫مسؤولية الشخص ال معنوي في حالة تجاوز ممثميو لحدود اختصاصيـ‪.‬‬
‫فنص المادة ‪ 131‬فقرة ‪ 39‬مػ ف قانوف العقوبات الفرنسي الجديد يدعـ ىذا االتجػاه‪،‬‬
‫حيث تنص عمى توسيع عقوبة الحؿ لمشخص المعنوي إذا وقعت الجريمة نتيجة لخروجو عف‬
‫الغرض الذي أنشئ ألجمو‪ ،‬حيث يتضمف ىذا النص خروج عف نطاؽ االخت صاص مف قبؿ‬
‫أعضاء أو ممثمي الشخص المعنوي‪.248‬‬
‫‪247‬‬
‫‪ -‬أمحد زلمد قائد مقبل‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪. 354‬‬
‫‪ - 248‬يحًس أبٕ انعالء عم‪ٛ‬سة‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.55‬‬
‫‪119‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫كما أيدت التوصية الصادرة عف المجمس الوزاري لمدوؿ األعضاء في االتحاد‬
‫األوروبي رقـ ‪ 88/18‬لسنة ‪ 1988‬ىذا الرأي‪ ،‬حيث تبنت فكرة مساءلة الشخص المعنوي‬
‫عند تجاوز أعضاءه و ممثميو حدود اختصاصاتيـ‪. 249‬‬
‫ونحف بدورنا نرى أف ىذا ال أري ىو األجدر بالتأييد‪ ،‬فعندما يرتكب الشخص الطبيعي‬
‫الممثؿ لمشخص المعنوي أفعاؿ ‪-‬تتسبب في أضرار عمى البيئة أو تعريضيا لمخطر ‪ -‬خارج‬
‫عف حدود اختصاصو ال يمنع ىذا مف مساءل ة الشخص المعنوي‪ ،‬فيجب عدـ حصر‬
‫مسؤولية الشخص المعنوي في حدود اختصاص الشخص الطبيعي‪ ،‬ألنو عادة ما يتعدى ىذا‬
‫األخير حدود اختصاصو‪ ،‬وبالتالي وجود مساحة واسعة مف عدـ مسؤولية األشخاص‬
‫المعنوييف‪.‬‬
‫ج‪ -‬ما ىو أثر قياـ مسؤولية الشخص المعنوي عمى الشخص الطبيعي‪.‬‬
‫بما أف القانوف يشترط لقياـ مسؤولية ال شخص المعنوي أف تكوف الجريمة مرتكبة مف‬
‫طرؼ الشخص الطبيعي الممثؿ لمشخص المعنوي‪ ،‬فينا يطرح التساؤؿ حوؿ أثر قياـ‬
‫مسؤولية الشخص المعنوي عف ذات الجريمة‪.‬‬
‫تأخذ أغمبية التشريعات بازدواجية المسؤولية الجزائية لألشخاص الطبيعية واألشخاص‬
‫المعنوية‪ ،‬مف ىتو التشريعات التشريع الفرنسي‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 121‬فقرة ‪ 2‬مف قانوف‬
‫العقوبات الفرنسي الجديد‪ ،‬عمى أنو‪" :‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ال تنفي‬
‫المسؤولية الجنائية لألشخاص الطبيعييف‪ ،‬الفاعميف أو الشركاء المتعمقة بنفس الوقائع"‪.‬‬
‫وقد تناوؿ القضاء الفرنسي بدوره العديد مف قضايا تمويث البيئة التي أخذ فييا‬
‫بازدواجية المساءلة الجنائية‪ ،‬و نذكر عمى س بيؿ المثاؿ قضية تمويث أحد فروع نير السيف‪،‬‬
‫حيث اكتشفت الشرطة وجود ترسبات زيتية في أحد فروع نير السيف تسبب فييا أحد‬
‫‪249‬‬
‫‪- Geeroms (sofie) op.cit, p550.‬‬
‫‪120‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫المصانع‪ ،‬وقد حكمت المحكمة في ىتو القضية بإغالؽ المصنع و تغريـ صاحبو بمبمغ ‪20‬‬
‫ألؼ فرنؾ‪ ،‬و ‪ 250‬فرنؾ لممدير الفني لممصنع‪. 250‬‬
‫وفي إنجمت ار تنص الماد ة الثالثة مف قانوف حماية البيئة البحرية مف التموث بالزيت‬
‫لعاـ ‪ 1971‬عمى أف المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف فعؿ إلقاء الزيت في البحر ال‬
‫يمنع مف معاقبة كبار موظفي الشركة‪.‬‬
‫كما أخذ التشريع اليولندي والتش ريع األمريكي بازدواجية المسؤولية الجنائية لألشخاص‬
‫الطب يعية والمعنوية‪ ،‬ومف التشريعات العربية التي أخذت باالزدواجية التشريع اليمني والتشريع‬
‫المصري‪.‬‬
‫وأخذ المشرع الجزائري بدوره بازدواجية المساء لة الجنائية وذلؾ مف خالؿ نص المادة‬
‫‪ 51‬مكرر ‪ 2‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬حيث نصت عمى ما يمي‪" :‬إف المسؤولية الجزائية‬
‫لمشخص المعنوي ال تمنع مساء لة الشخص الطبيعي كفاعؿ أصمي أو شريؾ في نفس‬
‫األفعاؿ"‪.‬‬
‫وىذا ينطبؽ عمى جرائـ تمويث البيئة أيضا‪ ،‬حيث نص المشرع البيئي صراحة عمى‬
‫ازد واجية المسؤولية الجنائية‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 92‬مف قانوف حماية البيئة رقـ ‪ 10/03‬عمى‬
‫أنو‪ " :‬عندما يكوف المالؾ أو المستغؿ شخ صا معنويا تمقى المسؤولية المنصوص عمييا في‬
‫الفقرتيف أعاله عمى عاتؽ الشخص أو األشخاص الطبيعييف مف الممثميف الشرعييف أو‬
‫المسييريف الفعمييف الذيف يتولوف اإلشراؼ واإلدارة أو كؿ شخص آخر مفوض مف طرفيـ"‪.‬‬
‫وفي رأينا أف ما ذىب إليو المشرع الجنائي بخصوص الجمع بيف مسؤولية الشخص‬
‫الطبيعي والمعنوي يوفر حماية أكبر لمبيئة ألنو إذا اكتفينا بمسؤولية الشخص المعنوي لوحده‬
‫دوف األشخاص الطبيعية في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى إفالت الجنات‬
‫الحقيقييف مف العقاب وىـ الذيف ارتكبوا الجريمة‪.‬‬
‫‪ - 250‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ ‪.149- 148‬‬
‫‪121‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫الفرع الثالث‪ :‬ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي‬
‫لكي يسأؿ الشخص المعنوي عف الجرائـ التي يرتكبيا ممثموه أو أعضاءه البد مف‬
‫توافر شرط آخر وىو أف تكوف الجريمة التي ارتكبت مف طرؼ األعضاء أو الممثميف قد‬
‫وقعت لحساب الشخص المعنوي ‪ ،‬وبطبيعة الحاؿ ىذا معناه أنو تستبعد الجرائـ التي يرتكبيا‬
‫الشخص الطبيعي لحسابو الخاص‪ ،‬سواء كاف مسي ار أو عامؿ عادي‪.251‬‬
‫ويقصد بأف ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي أف يستفيد ىذا األخير مف‬
‫النشاط الذي قاـ بو الشخص الطبيعي‪ ، 252‬أي أف الجريمة ارتكبت بيدؼ تحقيؽ مصمحة لو‪،‬‬
‫كتحقيؽ ربح أو تجنب إلحاؽ ضرر بو‪ ،‬و يستوي أف تكوف المصمحة مادية أو معنوية‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪.253‬‬
‫وىناؾ مف يضيؼ أف الجريمة تقع عمى حساب الشخص المعنوي عندما ترتكب‬
‫األفعاؿ بغرض ضماف سير أعماؿ الش خص المعنوي وتحقيؽ أغراضو‪ ،‬حتى ولو لـ تحصؿ‬
‫أي فائدة‪. 254‬‬
‫وتطبيؽ ىذا الشرط ينجر عنو أنو حتى إذا توفي الشخص الطبيعي أو زال ت أجيزت‬
‫الشخص المعنوي ال تحوؿ دوف متابعة الشخص المعنوي عف الجريمة التي ارتكبيا الشخص‬
‫الطبيعي لحساب الشخص المعنوي‪ ،‬وقد صدر قرار الغرفة الجنائية بتاريخ ‪1997/12/02‬‬
‫لمحكمة النقض الفرنسية‪ ،‬أيف تمت متابعة الشخص المعنوي لوحده‪.255‬‬
‫واذا استحاؿ التعرؼ عمى الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة لحساب الشخص‬
‫المعنوي وخاصة في جرائـ االمتناع واإلىماؿ‪ ،‬وفي الجرائـ المادية التي ال تتطمب توفر‬
‫‪251‬‬
‫‪- Jean.(P), Philippe.(C), françoi (L), Op.cit, P26.‬‬
‫‪- Brigitte.Henry : la responsabilité pénal des personne moral,www.chear.defense.gouv.fr, le10/07/2011 a1 :5‬‬
‫‪p289.‬‬
‫‪252‬‬
‫‪- Brigitte.Henry: Op.cit, p289‬‬
‫‪ - 253‬ط‪ٛ‬س ػز‪ٚ‬ف كبيم‪ :‬يزجع طببكّ‪ ،‬ؽ‪.130‬‬
‫‪254‬‬
‫‪- Blouc(Bernard) : Op.cit, P674.‬‬
‫‪255‬‬
‫‪- Cass crime 02/12/1997.‬‬
‫‪122‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫النية‪ ،‬فتقوـ المسؤولية الجماعية ألعضاء الشخص المعنوي‪ ،‬ولقد أخذت جؿ التشريعات التي‬
‫أقرت بمسؤولية الشخص المعنوي بيذا الشرط ‪ ،‬ومف ىتو التشريعات نجد التشريع الفرنسي‪،‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 121‬فقرة ‪ 02‬مف قانوف العقوبات الجديد عمى أف‪" :‬يسأؿ الشخص‬
‫المعنوي في الحاالت التي حددىا القانوف أو الالئحة عف الجرائـ التي ترتكب لحسابو‪.256‬‬
‫وأقرت الجمعية الوطنية الفرنسية استبعاد المساءلة الجنائية لمشخص المعنوي في حالة‬
‫ارتكاب الجريمة لحس اب العضو الممثؿ‪ ،‬حيث في ىذه الحالة تنصرؼ المسؤولية إلى‬
‫الشخص الفاعؿ‪.‬‬
‫كمػ ا نص القانوف األمريكي عمػ ى ىذا الشرط في المادة ‪ 15‬مف قانوف العقوبػات‪ ،‬حيث‬
‫نصت عمى أف المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي ال تقوـ إال إذا ارتكبت الجريمة مف‬
‫طرؼ ممثميو‪ ،‬أو موظفيو أو عامميو في إطار مباشرة ميامو ولحساب الشخص المعنوي‪. 257‬‬
‫ويأخذ القضاء اليولندي بشرط أف ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي‪ ،‬رغـ أف‬
‫القانوف اليولندي لـ ينص صراحة عمى ىذا الشرط‪. 258‬‬
‫ومف التشريعات العربية التي أخذت بيذا الشرط نجد كؿ مف التشريع المصري وكذا‬
‫التش ريع العراقي في المادة ‪ 06‬مكرر ‪ ، 01‬وقد أخذ المشرع الج زائري أيضا بيذا الشرط بنصو‬
‫في المادة ‪ 51‬مكرر عمى ما يمي‪" :‬يكوف الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عف الجرائـ التي‬
‫ترتكب لحسابو مف طرؼ أجيزتو وممثميو الشرعييف عندما ينص القانوف عمى ذلؾ"‪.‬‬
‫فقد اشترط المشرع صراحة أف ترتكب الجريمة ل حساب الشخص المعنوي‪ ،‬و ىو أمر‬
‫منطقي‪ ،‬إذ ال يسأؿ الشخص المعنوي إذا ارتكبت الجريمة لحساب الشخص الطبيعي‪.‬‬
‫وتطبيؽ ىذا الشرط يطرح تساؤؿ فيما إذا كانت المنشأة و المؤسسة مكونة مف عدة‬
‫فروع ومؤسسة أـ‪ ،‬و ارتكبت الجريمة لحساب أحد الفروع‪ ،‬فيؿ يسأؿ الفرع أو المنشأة األـ؟‬
‫‪- Blouc(Bernard) : Op.cit, P673.‬‬
‫‪ - 257‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.356‬‬
‫‪ - 258‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬انًزجع َفظّ‪ ،‬ؽ‪. 357‬‬
‫‪123‬‬
‫‪256‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ىنا البد مف التمييز بيف حالتيف‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬إذا كانت المنشأة األـ ال تمارس أي نوع مف السيطرة أو تأثير عمى الفػرع‪،‬‬
‫فإف المسؤولية الجزائية تقع عمى ىذا األخير‪.‬‬
‫أما في الحالة الثانية وىي‪ :‬إذا كانت المؤسسة األـ ىي التي تسيطر و ترسـ اإلطار العاـ‬
‫لجميػ ع الفروع‪ ،‬بحيث تعتبر ىذه األخيرة مجرد أدوات تنفيذية إلستراتيجية الشركػة األـ‪،‬‬
‫فالمسؤولية الجزائية تقع عمى المؤسسة األـ‪. 259‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مسؤولية المصنفات المنشأة وممثميها عن جرائم البيئة‬
‫بعد أف تناولنا في المبحث المنصرـ إقرار المسؤولية الجزائية عف جرائـ تمويث البيئة‬
‫وشروط ىذه المسؤولية‪ ،‬نعرج في ىذا المبحث عمى مسؤولية المصنفات المنشأة وممثمييا‬
‫عف جرائـ البيئة بأكثر تفصيؿ‪ ،‬وذلؾ ألف قانوف حماية البيئة حدد مف ىو الشخص المعنوي‬
‫الذي يخضع ألحكاـ ىذا القانوف‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 18‬مف القانوف رقـ ‪ 10/03‬المتعمؽ‬
‫بحماية البيئة ما يمي‪ " :‬تخضع ألحكاـ ىذا القانوف المصانع والورشات والمصانع ومقالع‬
‫الحجارة والمناجـ‪ ،‬وبصفة عامة كؿ شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص والذي قد‬
‫ي تسبب في أخطار عمى الصحة العمومية كالنظافة واألمف والفالحة واألنظمة البيئية والموارد‬
‫الطبيعية والمواقع والمعالـ والم ناطؽ السياحية التي تتسبب في المساس براحة الجوار"‪.‬‬
‫المشرع الج زائري حدد الشخص المعنوي الخاضع لقانوف البيئة بكؿ منشأة صناعية أو‬
‫تجارية‪ ،‬لذلؾ سوؼ نتناوؿ في ىذا المبحث مسؤولية المصنفة المنشأة وممثمييا عف جرائـ‬
‫البيئة‪ ،‬حيث قسمناه إلى مطمبيف‪ ،‬األوؿ نعرج فيو عمى مسؤولية ممثمي المنشأة المصنفة‪ ،‬أما‬
‫الثاني فعنوناه بمسؤولية المصنفة المنشأة عف جرائـ تمويث البيئة‪.‬‬
‫‪ - 259‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ ‪ٔ .173- 172‬اَظز كذنك طه‪ٛ‬ى ؿًٕز٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 41‬‬
‫‪124‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫المطمب األول‪ :‬مسؤولية ممثمي المصنفة المنشأة عن جرائم تمويث البيئة‬
‫لقد أشار المشرع في المادة ‪ 18‬مف قانوف حماية البيئة إلى األشخاص المعنوية‬
‫المعنية بيذا القانوف ‪ ،‬وىي المصنفات المنشأة‪ ،‬فإذا ارتكبت جرائـ منصوص عمييا في قانوف‬
‫البيئة والقوانيف البيئة األخرى‪ ،‬تسأؿ جنائيا‪ ،‬وفقا ألحكاـ ىاتو القوانيف ‪ ،‬وأضافت المادة أنو‬
‫قػد يممؾ المنشأة شخص عػ اـ أو خاص‪ ،‬لذلؾ قسمنا ىذا المطمب إلػ ى فرعيف‪ ،‬نتناوؿ في‬
‫األوؿ مسؤولية الشخص المعن وي الخاص‪ ،‬والثاني مسؤولية ممثؿ الشخص المعنوي العاـ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مسؤولية مسيير المنشأة الخاصة‬
‫نجد في كثير مف األحياف أف القانوف البيئي يخاطب مسيير المنشأة باعتباره المناط‬
‫بتسيير المؤسسة التي تسبب أو قد تتسبب في أضرار بيئية‪ ،‬إذ أنو يقع عمى عاتقو ضماف‬
‫احتراـ وتنفيذ القوانيف والم وائح البيئية‪.‬‬
‫لـ يعرؼ المشرع الج زائري المسيير‪ ،‬فالمسيير قانونا قد يكوف ىو رئيس المؤسسة أو‬
‫المنشأة‪ ،‬أو أحد القائميف باإلدارة (رئيس مجمس اإلدارة)‪ ،‬أو المدير العػ اـ أو المصفػي‪،‬‬
‫فالمسيير ىو الشخص الطبيعي الذي يقوـ بتسيير أعماؿ وشؤوف الشخص المعنوي‪،‬‬
‫ومسؤولية المسيير تنقسـ إلى قسميف‪ ،‬مسؤولية شخصية وىي مسؤولية عف الخطأ الشخصي‪،‬‬
‫وأخرى مسؤولية غير مباشرة‪ ،‬و ىي مسؤولية عف أعماؿ تابعيو‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مسؤولية المسيير عف خطأه الشخصي‬
‫نتناوؿ في ىذا البند المسؤولية الجنائية لمسيير المنشأة عف خطأه الفردي المستقؿ‬
‫وىو الخطأ الذي يرتكبو الجاني وحده دوف مساىمة غيره‪ ،‬فيو يرتكب الركف المادي المكوف‬
‫لمجريمة‪ ،‬وبالتالي يعتبر فاعال لمجريمة ‪ ،‬فالمشرع يحدد األفعاؿ واألعماؿ التي تعتبر جريمة‪،‬‬
‫سواء كانت جناية أو جنحة‪ ،‬أو مخالفة‪ ،‬ويحدد العقوبات المقررة ليا‪ ،‬وقد يشترط المشرع‬
‫لقياـ الجريمة صفة معينة في الفاعؿ‪ ،‬فال تقع الجريمة إال إذا توافرت ىذه الصفة‪ ،‬مثاؿ ذلؾ‬
‫‪125‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫صفة المدير‪ ،‬أو رباف السفينة في تمويث المياه اإلقميمية‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 94‬مف قانوف حماية‬
‫البيئة رقـ ‪ ، 10/03‬أو مثال صفة مالؾ السفينة أو مستغؿ السفينة وفقا لممادة ‪ 92‬مف نفس‬
‫القانوف‪ ،‬وقػد يحدد القانػ وف المسؤوؿ دوف اشتراط صفة معينة فيػو‪ ،‬ولذلؾ يطبؽ النص عمى‬
‫المسيير وغير المسيير‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 51‬مكرر فقرة ‪ 02‬مف قانوف العقوبات الجزائري نجدىا‬
‫تنص عمى ما يمي‪ " :‬إف المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي ال تمنع مساءلة الشخص‬
‫الطبيعي كفاعؿ أصمي أو شريؾ في نفس الجريمة"‪.‬‬
‫فالمسيير وفقا لمقواعد العامة المنصوص عمييا في ىا تو المادة يسأؿ عف جرائـ البيئة‬
‫بصفتو فاعؿ أصمي أو شريؾ في الجريمة‪.‬‬
‫أ ‪ -‬المسيير كفاعؿ أصمي‪:‬‬
‫لقد عرؼ المشرع الجزائري الفاعؿ في المادة ‪ 41‬مف قانوف العقوبات بأنو ‪" :‬كؿ مف‬
‫ساىـ مساىمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض عمى ارتكاب الفعؿ باليبة أو الوعد أو‬
‫التيديد‪ ،‬أو إساءة استعماؿ السمطة أو الوالية أو التحايؿ أو التدليس اإلجرامي"‪.260‬‬
‫يعتبر فاعال كؿ مف قاـ شخصيا باألفعاؿ المادية التي تدخؿ في تكويف الجريمة أو‬
‫حرض عمى القياـ بتمؾ األفعاؿ‪ ،‬فالمسيي ر يكوف فاعؿ أصمي في ارتكابو إحدى جرائـ البيئة‬
‫وفقا لممادة ‪ 92‬مف قانوف البيئة التي تنص عمى أنو في حالة ما إذا كاف المالؾ أو المستغؿ‬
‫شخصا معنويا فإف المسؤولية الجنائية تمقى عمى عاتؽ المسيير أو الممثؿ الذي يتولى‬
‫اإلشراؼ واإلدارة‪ ،‬ففي ىذه الحالة تكوف مسؤولية المسيير بصفتو فاعؿ أصمي ويسأؿ‬
‫مسؤولية شخصية عف المخالفات المرتكبة إض ار ار بالبيئة‪ ،‬ذلؾ ألف المسيير أو المدير ناد ار‬
‫ما يكوف جاىال بالجرائـ التي ترتكب في المنشأة‪ ،‬وذلؾ بالنظر إلى سمطاتو الواسعة في‬
‫الرقابة واإلشراؼ العاـ عمى المنشأة‪.‬‬
‫‪260‬‬
‫‪ -‬انًبزة ‪ 41‬يٍ لبٌَٕ انعمٕببث انجشائز٘‬
‫‪126‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فيسأؿ المسيير عمى ارتكاب فع ؿ التمويث إذا ثبت اقترافو لمنشاط اإلجرامي‪ ،‬أو إىمالو‬
‫في اتخاذ التدابير التي تتطمبيا القوانيف والموائح البيئية‪ ،‬فتعاقب المواد ‪ 03‬و‪ 04‬و‪ 05‬و‪38‬‬
‫مف القانوف رقـ ‪ 07/88‬المتعمؽ بالوقاية الصحية واألمف وطب العمؿ في حالة مخالفة‬
‫المسيير لقواعد النظافة وشروط الوقاية ال صحية الضرورية لصحة العماؿ وأمنيػـ‪ ،‬السيما‬
‫حمايتيـ مف الغبار وتصريؼ المياه القذ رة والفضالت والدخاف واألبخرة الخطيرة‪ ،‬والغازات‬
‫السامة و الضجيج‪.261‬‬
‫وقد تسيير المنشأة بشكؿ فردي مف طرؼ المدير مثال‪ ،‬أو تسيير بشكؿ جماعي مثؿ‬
‫أعضاء مجمس اإلدارة في بعض شركات األشخاص‪ ،‬فتعمؿ ىاتو األ جيزة بشكؿ جماعي مف‬
‫خالؿ مناقشات ومداوالت‪ ،‬فعندما يرتكب ىؤالء الجماعة جريمة تمويث البيئة فيؿ يسأؿ‬
‫الجياز الجماعي أـ يسأؿ كؿ عضو عمى حدا ألنو قد يحدث وأف يتخذ القرار بشكؿ إجماع‬
‫أو أغمبية األعضاء دوف موافقة أعضاء آخريف‪ ،‬وفي ىذا تطبيؽ لنظرية المساىمة في جرائـ‬
‫تمويث البيئة‪ ،‬فتقوـ المساىمة عمى ركنيف تعدد الفاعميف ووحدة الجريمة‪ ،‬فتقوـ مسؤولية‬
‫جميع المديريف أو المسييريف الذيف يساىموف بالتساوي في ارتكاب الجريمة‪ ،‬ويعاقبوف بذات‬
‫العقوبة كمبدأ عاـ‪ ،‬كذلؾ عندما تتوفر ظروؼ شخصية خاصة بأحد الفاعميف فإف العقوبة‬
‫تختمؼ بالنسبة لمشخص الذي يتوفر لديو الظرؼ الخاص‪. 262‬‬
‫ويشترط لتحقيؽ المساىمة توفر الرابطة السببية بيف فعؿ كؿ مساىـ والجريمة‬
‫المرتكبة‪ ،‬لكف بالنسبة لجرائـ تمويث البيئة ىناؾ اختالؼ في تطبيؽ عنصر الوحدة المعنوية‬
‫عنو في القواعد العامة بحسب ما إذا كاف ىناؾ اتفا ؽ بيف ال مساىميف مف األعضاء أو‬
‫المسييريف‪ ،‬أو حالة عدـ اتفاقيـ‪.‬‬
‫‪ - 1‬حالة االتفاؽ‪:‬‬
‫‪ - 261‬راجع انًٕاز ‪ 38 ،05 ،04 ،03‬يٍ انمبٌَٕ رلى ‪ 07/88‬انًخعهك ببنٕلب‪ٚ‬ت انـح‪ٛ‬ت ٔ األيٍ ٔ طب انعًم‪ ،‬انـبزر ف‪ 26 ٙ‬جبَف‪،1988 ٙ‬‬
‫انجز‪ٚ‬سة انزطً‪ٛ‬ت عسز ‪ 04‬بخبر‪ٚ‬د ‪ُٚ 27‬ب‪ٚ‬ز ‪. 1988‬‬
‫‪ - 262‬عبس انزساق انًٕ اف‪ ٙ‬عبس انهط‪ٛ‬ف‪ :‬انًظؤٔن‪ٛ‬ت انجُبئ‪ٛ‬ت نًس‪ٚ‬ز انًُؼأة االلخـبز‪ٚ‬ت انربؿت‪ ،‬زراطت يمبرَت‪ ،‬زار انُ‪ٛ‬م نهطببعت‪ ،‬ط‪،1991 ،1‬‬
‫انمبْزة‪ ،‬يـز‪ ،‬ؽ ‪.90- 89‬‬
‫‪127‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫إذا حدث إجماع بيف المسييريف وتوافرت الوحدة المادية والمعنوية بيف المساىميف في‬
‫الجريمة‪ ،‬فإنو يسأؿ كؿ واحد منيـ بصفتو فاعؿ أصمي‪ ،‬فكؿ منيـ يكوف فاعال مع غيره‬
‫بتوافر الركف المادي والركف المعنوي في حقو‪. 263‬‬
‫‪ - 2‬حالة عدـ االتفاؽ بيف المساىميف‪:‬‬
‫يرى البعض قياـ مسؤولية جميع المسييريف في حالة تعددىـ حتى ولو رفض بعضيـ‬
‫ىذا السموؾ‪ ،‬ويبرروف ىذا الموقؼ بأف التركيز ينصب عمى النشاط المجرـ وليس عمى دور‬
‫كؿ مسيير في إحداث الجريمة‪ ، 264‬ونحف بدورنا ال نميؿ إلى ىذا الرأي‪ ،‬حيث أف المسيير‬
‫أو العضو الذي اعترض عمى القرار الذي انطوى عمى الجريمة ال تتوفر في حقو صفة‬
‫الفاعؿ وال حتى صفة الش ريؾ‪ ،‬فالمسيير أو العضو المعترض يجب أف يعفى مف المسؤولية‪،‬‬
‫فإذا ارتكبت جريمة التمويث داخؿ المنشأة‪ ،‬ولـ يحدث اتفاؽ بيف المسييريف عمى ارتكا ب ىذا‬
‫الفعؿ فال مساىمة بينيـ وينفرد كؿ منيـ بالمسؤولية عف جريمة مستقمػة‪ ،‬وقد أقر القضاء‬
‫الفرنسي بالمساىمة الجنائية لممسييريف‪ ،‬وذلؾ في حالة اعتياد مالؾ بعض العوامات والسفف‬
‫إلقاء المواد التي تسبب تموث في ضفاؼ النير وكذا في المياه الجارية‪. 265‬‬
‫ب ‪ -‬المسيير شريؾ في الجريمة‪:‬‬
‫االشتراؾ ىو شكؿ مف أشكاؿ المساىمة الجزائية‪ ،‬وقد نصت المادة ‪ 42‬مف قانوف‬
‫العقوبات عمى تعريؼ الشريؾ بأنو ‪" :‬يعتبر شريكا في الجريمة مف لـ يشترؾ اشتراكا مباش ار‬
‫ولكنو ساعد بكؿ الطرؽ وعاوف الفاعؿ أو الفاعميف عمى ارتكاب األفعاؿ التحضيرية أو‬
‫المسيمة أو المنفذة ليا مع عممو بذلؾ"‪.‬‬
‫‪ - 263‬عبس انزساق انًٕاف‪ ٙ‬عبس انهط‪ٛ‬ف‪ :‬ان ًزجع َفظّ ‪ ،‬ؽ ‪.140‬‬
‫‪ - 264‬عبس انزساق انًٕاف‪ ٙ‬عبس انهط‪ٛ‬ف‪ :‬ان ًزجع َفظّ‪ ،‬ؽ ‪. 157- 156‬‬
‫‪َٕ - 265‬ر انس‪ُْ ٍٚ‬سأ٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.110‬‬
‫‪128‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فالشريؾ ال يساىـ مساىمة مباشرة و إنما يكوف دوره ثانوي أو عرضي في ارتكاب‬
‫الجريمة‪. 266‬‬
‫وبالنسبة لمسيير المنشأة تطبؽ عميو القواعد العامة في المساىمة الجنائية بصفتو‬
‫شريؾ الف النصوص البيئية التي تنظـ مسؤوليتو لـ تتعرض ليذا‪ ،‬فنعتمد في ىذا عمى نص‬
‫المادة ‪ 42‬مف قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬وكذا ما ورد في المادة ‪ 121‬فقرة ‪ 07‬مف قانوف‬
‫العقوبات الفرنسي الجديد‪ ،‬فالمشرع الجزائري اشترط أربع شروط لقياـ مسؤولية الشريؾ‪ ،‬وىي‬
‫ارتباط نشاط الشركة بفعؿ أصمي معاقب عميو‪ ،‬والثاني صدور نشاط الشريؾ في صورة مف‬
‫الصور المنص وص عمييا في القانوف‪ ،‬والثالث وجود نية المساىمة في الفعؿ األصمي‪ ،‬و‬
‫أخي ار توافر رابطة سببية بيف فعؿ االشتراؾ وبيف وقوع الفعؿ األصمي‪ ،‬وىي الشروط التي‬
‫يجب أف تتوفر العتبار مسيير المنشأة شريكا في جريمة تمويث البيئة‪.‬‬
‫‪ - 1‬صدور فعؿ االشتراؾ مف المسيير‬
‫اشترط المشرع لق ياـ مسؤولية المسيير أف يكوف الفعؿ الذي يصدر منو في إطار ما‬
‫حدده المشرع في المادة ‪ 42‬مف قانوف العقوبات ويتمثؿ ىذا العمؿ في المساعدة أو المعاونة‬
‫عمى ارتكاب أفعاؿ تحضيرية‪ ،‬أو المسيمة أو المنفذة ليا‪ ،‬أما المشرع الفرنسي فنالحظ أنو‬
‫أضاؼ فعؿ التحريض الذي يعتبر مف أعماؿ الفاعؿ األصمي في التشريع الجزائري‪،‬‬
‫والمساعدة أو المعاونة ىما عبارتاف قريبتاف في المعنى‪ ،‬إال أف المعاونة تكوف أقوى مف‬
‫المساعدة‪ ،‬فيقصد بالمساعدة ت وفير الوسائؿ الرتكاب الجريمة‪ ،‬وتكوف عموما مادية أو‬
‫معنوية ‪ ،‬كتقديـ معمومات تساعد عمى ارتكاب الجريمة‪ ،‬أما المعاونة فيقصد بيا التواجد عمى‬
‫مسرح الجريمة‪.267‬‬
‫‪ - 266‬أحظٍ بٕطم‪ ٛ‬عت‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 159‬‬
‫‪ - 267‬أحظٍ بٕطم‪ٛ‬عت‪ :‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ ‪.167- 166‬‬
‫‪129‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فيكفي توافر إحدى الصورتيف لقياـ حالة االشتراؾ‪ ،‬وال يشترط القانوف توافرىما معا‪،‬‬
‫فإذا لـ يتوافر فعؿ االشتراؾ بالصورتيف المذكورتيف‪ ،‬فإف حالة االشتراؾ ال تقوـ وال يعتبر‬
‫المسيير شريكػ ا حتى لو كاف يعمـ بالجريمة‪ ،‬وكال ىاتيف الصورتيف عمػ ؿ إيجابي‪ ،‬حيث‬
‫قضت محكمة النقض الفرنسية بأف االشتراؾ ال يكوف إال باألعماؿ اإليجابية‪ ،‬وىو األمر‬
‫الذي ذىبت إليو محكمة النقض المصرية أيضا‪ ،‬إال أف المشرع الجزائري نص عمى صورة‬
‫سمبية لالشتراؾ‪ ،‬وذلؾ في المادة ‪ 92‬فقرة ‪ 02‬مف قانوف حماية البيئية رقـ ‪ 10/03‬حيث‬
‫جاء فييا ما يمي‪" :‬إذ لـ يعطي ىذا المالؾ أو المستغؿ أم ار كتابيا لرباف السفينة أو قائد‬
‫الطائرة أو الشخص المشرؼ عمى عمميات الغمر مف اآللية أو القاعدة العامة لالمتثاؿ‬
‫ألحكاـ ىذا القانوف المتعمقة بحماية البحر‪ ،‬يتابع بصفتو شريكا في ارتكاب المخالفات‬
‫المنصوص عمييا"‪.‬‬
‫يتضح مف خالؿ نص ىا تو المادة‪ ،‬أف القانوف يفرض عمى المالؾ أو المستغؿ الذي‬
‫يعتبر ىو المسيير التزاـ بضرورة تبميغ رباف السفينة أو قائد الطائرة أو المشرؼ عمى عمميات‬
‫الغمر تبميغا كتابيا باالمتثاؿ ألحكاـ القانوف‪ ،‬وفي حالة االمتناع عف القياـ بيذا االلتزاـ يتابع‬
‫بصفتو شريكا في الجريمة‪ ،‬فنستخمص مف المثاؿ السابؽ أف االمتناع الذي يكوف مقترنا‬
‫بالتزاـ قانوني يفرض عمى الممتنع أف يقوـ بو يعد اشتراكا‪.‬‬
‫‪ - 2‬ارتباط فعؿ االشتراؾ بفعؿ أصمي معاقب عميو‬
‫ال تتوفر صفة االشتراؾ مف جانب مسيير المنشأة إال إذا ارتكب فعؿ أصمي يعاقب‬
‫عميو القانوف‪ ،‬فالقانوف يشترط أف يكوف الفعؿ األصمي يعاقب عميو بصرؼ النظر عف‬
‫الفاعؿ األصمي الذي قد ال يعاقب النعداـ القصد لديو أو لتوافر مانع مف موانع المسؤوليػة‪،‬‬
‫فيي ال تؤثر عمى مسؤولية المسيير كشريؾ‪ ،‬ألف الفاعؿ األصمي ال تزوؿ عنو الصفة‬
‫اإلجرامية‪ ،‬أما إذ ا كاف المانع متوفر في المسيير الشريؾ فإنو ال يعاقب‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫‪ - 3‬توفر قصد االشتراؾ لدى المسيير‬
‫يقتضي ىذا الشرط أف يتوفر لدى المسيير قصد المساىمة في الفعؿ األصمي‪ ،‬وىذا‬
‫معناه أف يكوف المسيير عمى عمـ بعناصر جريمة التموث‪ ،‬وأف تتجو إرادتو لممساىمة في‬
‫التمويث وتحقيؽ النتيجة‪ ،‬فاالشتراؾ في جريمة تمويث البيئة ىو فعؿ عمدي‪ ،‬وال يتصور‬
‫اشتراؾ بدوف عمد‪ ،‬وىذا األمر ال يروؽ لبعض الفقياء‪ ،‬ألنو ال يسمح بتحقيؽ قدر كبير مف‬
‫الوقاية مف مخاطر المنشأة البيئية‪.‬‬
‫‪ - 4‬توفر الرابطة السببية بيف سموؾ المسيير والفعؿ األصمي‬
‫كذلؾ يمزـ لقياـ مسؤولية المسيير عف جرائـ البيئة بصفتو شريؾ توافر الرابطة السببية‬
‫بيف سموؾ المسيير وبيف الجريمة التي وقعت مف الفاعؿ األصمي‪ ،‬بمعنى أف سموؾ المسيير‬
‫أدى إلى تحقؽ النتيجة‪.268‬‬
‫ولكي تتوافر العالقة السببية يجب أف يسبؽ نشاط الشريؾ نشاط الفاعؿ‪ ،‬فإذا كاف‬
‫سموؾ الشريؾ متأخر عف سموؾ الف اعؿ لـ يكف سببا لو‪.‬‬
‫فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأف االشتراؾ في الجريمة ال يتحقؽ إال إذا كاف‬
‫سابقا عمى وقوعيا‪. 269‬‬
‫وخالصة القوؿ بأف المسيير أو العضو يسأؿ عف الجريمة التي يرتكبيا في المجاؿ‬
‫البيئي‪ ،‬وذلؾ إذا ارتكبت باسـ ولحساب المنشأة‪ ،‬حيث يسأؿ عف فعمو الشخصي ب صفتو‬
‫فاعؿ أصمي‪ ،‬ألف الكثير مف جرائـ التمويث تتـ بسبب عدـ قياـ المسيير بالواجبات التي‬
‫تممييا عميو القوانيف البيئية‪ ،‬كواجب تجييز المن شأة بالوسائؿ الالزمة لمسالمة‪ ،‬وأجيزة تنقية‬
‫اليواء واستخداـ وسائؿ تكنولوجية حديثة لتفادي األخطار البيئية‪ ،‬وىذا كمو يكمؼ صاحب‬
‫المنشأة أمواؿ باىضة‪ ،‬لذا عادة ما يتماطؿ في اتخاذ ىا تو التدابير‪ ،‬كما قد تكوف مسؤولية‬
‫‪ - 268‬عبس انزساق انًٕاف‪ ٙ‬عبس انهط‪ٛ‬ف‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.111‬‬
‫‪ - 269‬عبس انزساق انًٕاف‪ ٙ‬عبس انهط‪ٛ‬ف‪ :‬انًزجع َفظّ‪ ،‬ؽ ‪112‬‬
‫‪131‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫المسيير بصفتو شريؾ في ارتكاب الجريمة‪ ،‬وذلؾ بتوافر مجموعة مػف الشروط‪ ،‬وىي الشروط‬
‫التي تستمزميا القواعد العامة في قانوف العقوبات‪ ،‬لعدـ نص القوانيف البيئية التي تنظـ‬
‫مسؤولية ال مسيير عمى قواعد خاصة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مسؤولية المسيير عمى أعماؿ تابعيو‬
‫لقد تناولنا مسؤولية المسيير عف خطأه الشخصي وقد أرينا أنو يمكف أف يكوف فاعال‬
‫أصميا أو شريكا في ارتكاب الجريمة البيئية‪ ،‬وفي ىذه النقطة سوؼ نبحث في المسؤولية‬
‫الجنائية لمسيير المنشأة عف أعماؿ تابعيو‪ ،‬ففي ىذه الحالة ال يرتكب المسيير جريمة بصفتو‬
‫الشخصية‪ ،‬وانما يرتكبيا أحد العامميف في المنشأة‪ ،‬فيؿ نكوف بصدد مسؤولية عف فعؿ‬
‫الغير؟‪.‬‬
‫نشأت المسؤولية الجنائية عف فعؿ الغير في إطار المنشأة الصناعية التي تنظـ‬
‫أنشطتيا نصوص قانونية والئحية تيدؼ إلى ضماف األمف والسالمة فييا‪ ،‬وكذا المحافظة‬
‫عمى الصحة العامة‪ ،‬فتقوـ مسؤولية المسيير أو صاحب المنشأة أو المدير عف أية مخالفة‬
‫ألحكاـ النصوص القانونية سواء ارتكبت المخالفة منػ و أو بفعؿ أحد العامميف التابعيف لػو‪،‬‬
‫وتتجو القوانيف الجنائية إلى التوسع في األخذ بالمسؤولية الجنائية عف فعؿ الغير في مجاؿ‬
‫تمويث البيئة‪ ،‬وبصفة خاصة في التشريعات التي تأخذ بالمسؤولية الجنائية لألشخاص‬
‫المعنوية‪ ،‬واألمر نفسو بالنسبة لمقضاء‪ ،‬ففي فرنسا بالرغـ مف غياب مدير المؤسسة في فترة‬
‫العطمػ ة الصيفية‪ ،‬إال أنو اعتبػ ر المسؤوؿ عف تموث المسطح المائػ ي‪ ،‬وذلؾ عمػى أساس‬
‫تقصيره فػ ي أداء واجبو كمدير مؤسسة اتجػ اه المستخدميف‪ ،‬وبالخصوص اطالعو عمى‬
‫المعمومات‪.270‬‬
‫‪270‬‬
‫)‪- Jean François Carolt : La responsabilité des entreprises du fait des risque biologiques (www.Jurisques.com‬‬
‫‪23/01/2001 a 10h26.p21.‬‬
‫‪132‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫كما أكدت محكمة النقض الفرنسية ىذا األمر‪ ،‬حيث حممت المسيير المسؤولية‬
‫الجنائية الناجمة عف فعؿ تابعيو وذلؾ عمى أساس االلتزاـ الذي يقع عمى عاتؽ المسيير‬
‫باحتراـ الشروط والموائح واألنظمة‪. 271‬‬
‫كما قضت بمسؤولية رئيس مجمس اإلدارة إلحدى الشركات عف جريمة تمويث مياه‬
‫البحر نتيجة إىماؿ مرؤوسيو العناية بمخرج المياه المموثة ‪ ،‬رغـ أف ىذا األمر حدث في‬
‫غيابو‪ ،‬وكاف أساس ىا تو المسؤولية ىو إىمالو في الرقابة وعدـ قيامو باتخاذ التدابير الالزمة‬
‫لمحيمولة دوف وقوع التموث‪.272‬‬
‫كما أقرت محكمة النقض في قضية أخرى ب مسؤولية مدير مصنع بارتكاب جريمة‬
‫تمويث المياه في محمية طبيعية‪ ،‬حيث أضر بحيوانات المحمية‪ ،‬وأدى إلى موت األسمػاؾ‪،‬‬
‫وذلؾ بإلقاء المصنع بمواد ضارة في إحدى المجاري المائية العذبة‪ ،‬إذ اعتبر المدير مسؤوؿ‬
‫عف تصرفات العامميف في المصنع‪ ،‬وقد أسست ىذه المسؤولية عمى سوء اختيار المدير‬
‫لفريؽ العمؿ الذي تولى عممية التخمص مف النفايات‪.273‬‬
‫أما في التشريع فقد نصت المادة ‪ 24‬مف القانوف الفرنسي الصادر في ‪ 15‬يوليو‬
‫‪ 1975‬والمتعمؽ بالنفايات‪ ،‬عمى تطبيؽ العقوبات المقررة في القانوف عمى مدير المنشأة الذي‬
‫يترؾ عمدا أحد العامميف لديو يخالؼ النصوص القانونية المقررة في ىذا القانوف‪ ،‬أما القانوف‬
‫المصري رقـ ‪ 04‬لسنة ‪ 1994‬المتعمؽ بالبيئة‪ ،‬فقد نص في المادة ‪ 72‬منو عمى مسؤولية‬
‫المسيير أو ممثؿ الشخص المعنوي عف ما يقع مف مخالفة مف العامميف ألحكاـ قانوف البيئة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمتشريع السويسري‪ ،‬فقد نص عمى مسؤولية المسيير عف فعؿ الغير في‬
‫المادة ‪ 59‬أ مف الجزء الرابع مف قانوف البيئة الصادر في ‪ ، 1995/12/21‬وذلؾ عند قياـ‬
‫أحد العامميف بالمنشأة بتيديد أو اإلضرار بالبيئة‪ ،‬وكذلؾ المشرع اإلنجميزي‪ ،‬حيث ورد في‬
‫‪ - 271‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.385‬‬
‫‪ - 272‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 155‬‬
‫‪ - 273‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬ان ًزجع َفظّ‪ ،‬ؽ‪.115‬‬
‫‪133‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫القانوف الخاص بحماية مصادر المياه‪ ،‬أف صاحب المنشأة مسؤوؿ جنائيا إذا قاـ أحد عمالو‬
‫بتمويث المياه العذبة أو الجوفية‪. 274‬‬
‫وفي التشريع الجزائري نجد المادة ‪ 100‬مف قانوف حماية البيئة تعاقب كؿ مف تسبب‬
‫في عممية تمويث المياه السطحية أو الجوفية أو مياه البحر بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪،‬‬
‫وىذا ما يدؿ عمى إمكانية مساء لة مسيير المنشأة عندما يرتكب جرائـ بصفة غير مباشرة‪ ،‬أي‬
‫ترتكب الجريمة عف طريؽ تابعيو‪ ،‬كذلؾ نص المادة ‪ 92‬مف نفس القانوف التي تحمؿ‬
‫مسؤولية تمويث مياه البحر إلى المسيير أو مف يتولى اإلشراؼ‪.‬‬
‫ويتضح مف خالؿ ىذه النصوص أف المشرع الجزائري أدرج مساءلة مسيير المنشأة‬
‫عف أفعاؿ تابعيو في األحكاـ البيئية في إطار قاعدة شخصية العقوبة‪ ،‬ألف النصوص‬
‫الجزائية الخاصة بالتمويث جاءت في صورة مرنة‪ ،‬و باستخداـ عبارات واسعة تسمح بالعقاب‬
‫عمى أي شكؿ مف أشكاؿ التموث البيئي ألف القانوف يفرض عمى المسيير االلتزاـ بالمراقبة‬
‫واإلشراؼ عمى أعماؿ تابعيو‪ ،‬فاألخذ بالمسؤولية الجنائية لممسيير عف أعماؿ تابعيو تكتسي‬
‫أىمية كبيرة في المجاؿ البيئي‪ ،‬ولعؿ ما يبرر األخذ بيذا النوع مف المسؤولية ىو ضماف‬
‫تنفيذ القوانيف البيئية فضال عف اتساع نطاؽ التجريـ في مجاؿ التموث البيئي‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫جسامة اآلثار الناجمة عف جرائـ تمويث البيئة‪.‬‬
‫أ ‪ -‬مبررات مسؤولية مسيير المنشأة عف أفعاؿ تابعيو‪.‬‬
‫لقد شكؿ تمويث البيئة خط ار متزايد حيث شمؿ الكرة األرضية وأصبحت البشرية‬
‫بأكمميا ضحية لو‪ ،‬األمر الذي استدعى تقرير مسؤولية األشخاص المعنوية ومسيريو عف‬
‫ج ار ئـ التمويث‪ ،‬وذلؾ قصد توفير حماية جنائية فعالة بالبيئة‪ ،‬ومف مبررات األخذ بمسؤولية‬
‫المسيير عف أفعاؿ تابعيو نذكر‪:‬‬
‫‪ - 274‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ‪.159‬‬
‫‪134‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫‪ - 1‬ضماف تنفيذ آليات القوانيف البيئية‪:‬‬
‫إف التوسع في قاعدة المسؤولية الجنائية في المجاؿ البيئي يضمف أكبر تنفيذ ألحكاـ‬
‫النصوص القانونية والموائح البيئية ‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ التوسيع في دائرة األشخاص المسؤوليف‬
‫جنائيا‪ ،‬فصاحب المنشأة أو المسيير أو المدير ىو المستفيد مف عدـ تنفيذ القوانيف والموائح‬
‫البيئية التي تفرض عميو الت زامات ترىؽ كاىمو المالي‪ ،‬حيث أف إتباع ىاتو االلتزامات مف‬
‫توفير وسائؿ األمف وآالت تنقية اليواء يكمفو أمواؿ طائمة مما يجعمو يتيرب مف ىاتو‬
‫االلتزامات‪ ،‬كما أف الغرامات في المجاؿ البيئي باىضة يصعب عمى العامؿ أف يتحمميا‪،‬‬
‫لذلؾ يتحمميا المسيير باعتباره ىو المستفيد غالبا مف ارتكاب المخالفات البيئية‪. 275‬‬
‫‪ - 2‬اتساع مفيوـ النشاط المادي لمجريمة البيئية‪.‬‬
‫لقد تبنى الم شرع الصياغة المرنة لنصوص التجريـ في المجاؿ البيئي‪ ،‬والتي تسمع‬
‫بتجريـ كؿ صور االعتداء عمى البيئة‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ التوسع في مفيوـ السموؾ المػادي‪،‬‬
‫وقد ساير القضاء ىذا االتجاه حيث توسع في تفسير النصوص القانونية بالشكؿ الذي يؤدي‬
‫إلى تجريـ كؿ سموؾ مادي يمثؿ اعتداء عمى البيئة وىو ما نجـ عنو اتساع دائرة األشخاص‬
‫المسؤوليف جنائيا‪ ، 276‬فاتساع نطاؽ التجريـ في المجاؿ البيئي مف أىـ مبررات األخذ‬
‫بمسؤولية المسيير عف أفعاؿ تابعيو في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬وىو األمر الذي يوفر قدر كبير‬
‫مف الحماية لمبيئة‪.‬‬
‫‪ - 3‬جسامة اآلثار الناجمة عف جريمة تمويث البيئة‪.‬‬
‫لقد سبقت اإلشارة إلى أف جريمة تمويث البيئة ىي جريمة دولية‪ ،‬بمعنى أف آثارىا تتعدى‬
‫حدود الدولة لتشمؿ العالـ بأسره‪ ،‬فيي جريمة تيدد البشرية جمعاء‪ ،‬لذلؾ أضحى مف‬
‫الضروري التصدي ليا تو الجريمة‪ ،‬وبالتالي التوسع في قاعدة المسؤولية الجنائية‪ ،‬وذلؾ‬
‫‪ - 275‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.385‬‬
‫‪َٕ - 276‬ر انس‪ُْ ٍٚ‬سأ٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.106‬‬
‫‪135‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫بإق ارر مسؤولية مسيير المنشأ ة عمى أعماؿ تابعيو‪ ،‬فتكوف المتابعة إذا ارتكبت الجريمة مف‬
‫رب العمؿ أو المسؤوؿ‪ ،‬أو إذا ارتكبت مف التابع‪ ،‬وىو ما يحقؽ حماية جنائية فعالة لمبيئة‬
‫ضد التموث‪.277‬‬
‫ب ‪ -‬شروط تطبيؽ المسؤولية الجنائية لممسيير عف أفعاؿ تابعيو‪.‬‬
‫لتوافر مسؤولية مسيير المنش أة عف أفعاؿ تابعيو في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬البد مف توافر‬
‫الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬ارتكاب الجريمة البيئية بواسطة التابع‪:‬‬
‫يشترط لقياـ المسؤولية الجنائية لمسيير المنشأة عف فعؿ تابعيو بشأف ارتكاب جريمة تمويث‬
‫البيئة‪ ،‬أف تكوف الجريمة مرتكبة مف أحد تابعيو‪ ،‬إال أف ىاتو المسؤولية تختمؼ في ما إذا‬
‫كانت الجريمة التي ارتكبت عمدية أو غير عمدية‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫مسؤولية المسيير عف الجرائـ العمدية‪:‬‬
‫في ىذا النوع مف الجرائـ يتطمب القانوف لقياـ المسؤولية الجنائية‪ ،‬توافر القصد الجنائي لدى‬
‫التابع ‪ ،‬فالمسيير يسأؿ عف الجرائـ العمدية المرتكبة مف التابع في ح التيف في الجرائـ التي ال‬
‫يشترط فييا القانوف القصد الجنائي لدى مرتكبييا‪ ،‬وىي ما تعرؼ بالجرائـ التنظيمية‪ ،‬ففي‬
‫ىذا النوع يسأؿ المسيير عف أفعاؿ تابعيو حتى ولو لـ يتوفر في حقو القصد الجنائي‪ ،‬أما في‬
‫الجرائـ التي ال يشترط فييا المشرع توافر القصد الجنائي‪ ،‬فالمسيير ال يسأؿ عف ج ارئـ تابعيو‬
‫إال إذا توفر لديو القصد الجنائي‪.278‬‬
‫‪-‬‬
‫مسؤولية المسيير عف الجرائـ غير العمدية‪:‬‬
‫يرتب القانوف التزاما عمى عاتؽ المسيير صاحب المنشأة والمتبوع عموما بأف يمتزـ‬
‫ب ضماف واحتراـ النصوص القانونية المتعمقة بحمايػة البيئػ ة‪ ،‬وذلؾ لتفادي عممية التمويث‪ ،‬فيقع‬
‫‪ - 277‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.391‬‬
‫‪ - 278‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ‪.393‬‬
‫‪136‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫عمى عاتؽ المسيير رقابة تابعيو لمحيمولة دوف وقوع مخالفات بيئية‪ ،‬فإذا وقعت مخالفة مف‬
‫التابع نتيجة اإلخالؿ في الرقابة أو اإلشراؼ مف المسيير فإف المسؤولية تترتب عمى ىذا‬
‫األخير‪. 279‬‬
‫‪ - 2‬توفر العالقة السببية بيف خطأ المسيير وفعؿ التابع لو‪:‬‬
‫لتوفر ىذا النوع م ف المسؤولية في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬ينبغي أف يتوفر في حؽ‬
‫المسيير خطأ شخصيا يتمثؿ في إخاللو بواجب اإلشراؼ والرقابة عمى أعماؿ تابعيو‪ ،‬حيث‬
‫أف القانوف يفرض عميو ىذا االلتزاـ‪ ،‬ففي ىذه الصورة يكوف سموؾ المسيير عبارة عف سموؾ‬
‫سمبي وىو االمتناع عف القياـ بواجب يفرضو القانوف‪ ،‬كما يقع عمى عاتؽ المسيير االلتزاـ‬
‫بحسف اختيار تابعيو‪ ،‬وتزويدىـ بالوسائؿ والمعدات الضرورية لتفادي التموث البيئي‪ ،‬كما‬
‫يمتزـ باإلشراؼ عمى المشروع بنفسو أو بتكميؼ مف يقوـ بميامو‪ ،‬إذا فمسؤولية المسيير عف‬
‫سموؾ التمويث الذي يقع مف التابع يتحقؽ بتوافر ال عالقة السببية بيف خطأ المسيير في‬
‫اإلشراؼ والرقابة وسموؾ التابع الذي أدى إلى اإلضرار بالبيئة أو تعريضيا لمخطر‪. 280‬‬
‫‪ - 3‬عدـ تفويض المسيير سمطاتو لمغير‪:‬‬
‫باإلضافة إلى الشرطيف السابقيف يشترط لقياـ مسؤولية المسيير عف أعماؿ تابعيو في‬
‫جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬أالّ يكوف المس يير قد فوض غيره لمقياـ بأعمالو وسمطاتو في الرقابة‬
‫واإلشراؼ عم ى أعماؿ تابعيو‪ ،‬ألف مسؤولية المسيير تقوـ عمى الخطأ الشخصي المتمثؿ في‬
‫التقصير واإلىماؿ في مراعاة القوانيف والموائح‪ ،‬وقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أف‬
‫تفويض المسيير لصالحياتو لغيره يعتبر عذر معفي مف المسؤولية الجنائية عف ارتكاب‬
‫جريمة تمويث البيئة‪ ،‬حيث قضت بإعفاء صاحب منشأة مف المسؤولية الجنائية عف جريمة‬
‫تمويث مجرى مائي‪ ،‬عندما تبيف تفويض سمطتو ألحد موظفيو وتزويده بالسمطة الالزمة‬
‫‪ - 279‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 160‬‬
‫‪ - 280‬ي‪ٛ‬زفج يحًس انببرٔز٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 435‬‬
‫‪137‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫لتسيير المنشأة وفؽ القوانيف والموائح‪ ، 281‬فيشترط في التفويض أف يكوف المسيير قد وضع‬
‫في المصمحة التي ارتكبت عمى مستواىا الجريمة مستخدما يتمتع بالكفاءة الالزمة لتسيير‬
‫المصمحة‪ ،‬كما يشترط تزويده بالوسائؿ التي تمكنو مف ذلؾ‪ ،‬ولممسير أف يثبت التفويض‬
‫بكافة الطرؽ‪ ،‬كما يجب أف يكوف مجاؿ التفويض واضحا‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مسؤولية مسيير المنشأة العامة‬
‫إف تسيير المرافؽ العامة المرتبطة بحماية البيئة‪ ،‬غالبا ما يكوف عف طريؽ‬
‫المؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬أو عف طريؽ التسيير المباشر مف ىيئة عامة‪ ،‬مثاؿ ذلؾ‬
‫ما يتعمؽ بتطيير أو استغالؿ المياه‪ ،‬أو جمع النفايات وفرزىا ونقميا‪ ،‬أو معالجتيا أو‬
‫إزالتيا‪.282‬‬
‫فالبمدية مثال ىي التي تتولى جمع النفايات وازالتيا‪ ،‬وىي تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬فيؿ‬
‫يكوف مسييرىا مسؤوؿ عف جرائـ البيئة التي ترتكب أثناء تأديتيا لياتو المياـ؟‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مسؤولية الناخب المحمي‬
‫إف الناخب المحمي ىو المسيير عمى رأس ىيئة عامة متمثمة في البمدية‪ ،‬وىي مناطة‬
‫ب بعض الوظائؼ المتعمقة بالبيئة‪ ،‬كما أف القانوف يشترط أحيانا لمحصوؿ عمى ترخيص‬
‫استغالؿ المنشأة المصنفة مف الدرجة الثالثة أو الرابعة إلى رخصة مف رئيس المجمس‬
‫الشعبي البمدي‪ ،‬ففي ىذه الحالة إذا لـ يحترـ الناخب المحمي مطابقة التراخيص لمشروط‬
‫القانونية باإلضافة إلى م خالفتو قواعد االحتياط المتعمقة بق اررات تسيير البيئة‪ ،‬أو سوء تسييره‬
‫لمرفؽ عمومي يرتبط نشاطو بحماية البيئة‪ ،‬أو عدـ اتخاذه لمتدابير الالزمة لتفادي حدوث‬
‫التموث‪ ،‬ففي كؿ ىاتو الحاالت يسأ ؿ الناخب المحمي جنائيا عف المخالفات البيئية‪.‬‬
‫أ ‪ -‬مساءلة الناخب المحمي عمى أساس ع دـ مطابقة التراخيص لمشروط القانونية‬
‫‪ - 281‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.295‬‬
‫‪َٔ - 282‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬ا‪ٜ‬ن‪ٛ‬بث انمبََٕ‪ٛ‬ت نحًب‪ٚ‬ت انب‪ٛ‬ئت ف‪ ٙ‬انجشائز‪ ،‬رطبنت زكخٕراِ ف‪ ٙ‬انمبٌَٕ انعبو‪ ،‬جبيعت أبٕبكز ببنمب‪ٚ‬س‪ ،‬حهًظبٌ‪ ،‬جٕ‪ٚ‬ه‪ٛ‬ت ‪،2007‬‬
‫ؽ‪.346‬‬
‫‪138‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫مف مياـ رئيس المجمس الشعبي البمدي قيامو بنشر وتنفيذ القوانيف والتنظيمات‬
‫المتعمقة بالبيئة عمى مستوى البمدية‪ ،‬واتخاذ جميع االحتياطات الضرورية وجميع التدابير‬
‫الوقائية لضماف سالمة األشخاص واألمواؿ في األماكف العمومية والت ي يمكف أف يحصؿ‬
‫فييا أي حادث داىػـ أو حرؽ‪ ، 283‬باإلضافة إلى ميامو المتمثمة فػي سمطة الضبط البيئي‪،‬‬
‫فأساس مسؤولية الناخب المحمي تتمثؿ في عدـ مراعاة الشروط القانونية في منح التراخيص‪،‬‬
‫حيث أف القانوف يمزمو باحتراـ جممة مف اإلجراءات‪ ،‬منيا مثال التحقيؽ العمومي المنصوص‬
‫عميو في المادة ‪ 05‬مف القانوف ‪ 198/06‬المطبؽ عمى المنشأة المصنفة لحماية البيئة‪ ،‬وكذا‬
‫تسمـ دراسة أو موجز التأثير عمى البيئة‪ ،‬باإلضافة إلى اإلجراءات المنصوص عمييا في‬
‫المادة ‪ 06‬مف نفس القانوف‪ ،‬فإذا خالؼ الناخب المحمي ىاتو اإلجراءات يكوف مسؤوال‬
‫مسؤولية شخصية م ف خالؿ عدـ مراعاتو لمقوانيف والتنظيمات المعموؿ بيا في منح‬
‫التراخيص‪. 284‬‬
‫إال أف المتتبع لقانوف حماية البيئة الجزائري أو القانوف المنظـ لممنشأة المصنفة‪ ،‬ال‬
‫يجد أي نص يعاقب الناخب المحمي عمى عدـ احتراـ الشروط المتعمقة بمنح رخص استغالؿ‬
‫المنشأة ‪ ،‬وىو ما نعيبو عمى التشريع الجزائري‪ ،‬لذلؾ وجب عمى المشرع إعادة النظر في ىذه‬
‫المسألة‪ ،‬و إدراج مسؤولية الناخب الجنائية عمى عدـ احتراـ القوانيف والموائح التي يشترطيا‬
‫القانوف لمنح التراخيص‪.‬‬
‫أما في حالة تواطؤ مانح الترخيص مع صاحب المنشأة‪ ،‬ففي ىذه الحالة يمكف أف‬
‫يتعرض الناخب ال محمي إلى العقوبات المنصوص عمييا في المادة ‪ 112‬مف قانوف‬
‫العقوبات‪.‬‬
‫ب ‪ -‬مسؤولية الناخب المحمي عمى أساس عدـ اتخاذ تدابير االحتياط‬
‫‪ - 283‬انًبزة ‪ 71‬يٍ لبٌَٕ انبهس‪ٚ‬ت رلى ‪.08/90‬‬
‫‪َٔ - 284‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.342‬‬
‫‪139‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫لقد سبقت اإلشارة إلى أف التشريع يفرض عمى الناخب المحمي اتخاذ جميع‬
‫االحتياطات الضرورية والتدابير الوقائية لمنع التموث‪ ،‬فيقع عمى عاتؽ الناخب المحمي‬
‫المسؤولية الجنائية عف جرائـ تمويث البيئة عند عدـ اتخاذ التدابير الالزمة لموقاية مف‬
‫األخطار واألضرار التي تمحؽ بالبيئة‪ ،‬وخاصة وأف المشرع الجزائري أقر بمبدأ الحيطة في‬
‫قانوف حماية البيئة رقـ ‪ 10/03‬والذي مف خاللو يمكف لمجيات المعنية بحماية البيئة اتخاذ‬
‫جميع التدابير الالزمة بحيث ال يكوف عدـ توفر التقنيات أو المعارؼ العممية عائقا ألخذ‬
‫التدابير المناسبة لتفادي وقوع التموث‪ ،‬ففي ىذه الحالة البد مف تدخؿ السمطات العمومية قبؿ‬
‫حدوث الضرر المفاجئ والذي كاف مف الممكف حدوثو في حالة ما إذا لـ يتخذ أي إجراء‬
‫لت فاديو‪ ،‬فالبد عمى الناخب اتخاذ التدابير الواجبة عميو بيدؼ الحد مف اإلضرار الواقعة عمى‬
‫البيئة‪ ،‬إال أنو ال توجد تطبيقات قضائية فيما يخص تجريـ اتخاذ الناخب المحمي لمتدابير‬
‫االحتياطية لمنع التموث‪.285‬‬
‫ثانيا‪ :‬مسؤولية الموظؼ العاـ عف جريمة تمويث البيئة‪.‬‬
‫لقد أوكمت لإلدارة مياـ واسعة فيما يخص حماية البيئة‪ ،‬فيي تتولى تسيير المرافؽ‬
‫العامة التي ليا عالقة بحماية البيئة‪ ،‬ومف ذلؾ تس يير المياه الصالحة لمشرب ونقؿ ومعالجة‬
‫النفايات‪ ،‬إال أف المشرع الجزائري لـ يأخذ بمسؤولية األشخاص العامة كالدولة والوالية‬
‫والبمدية والمؤسسا ت العمومية ذات الطابع اإلداري ‪ ،‬لكف ىذا ال يمنع مف مساءلة الموظؼ‬
‫الذي قد يشكؿ خطأه الشخصي خرؽ لألحكاـ والتنظيمات البيئية‪ ،‬ويمكف أف تأسس مسؤولية‬
‫الموظؼ العاـ عف جرائـ البيئة عمى أساس التواطؤ‪ ،‬فيتعرض الموظؼ الذي تواطأ مع‬
‫مرتكب جريمة تمويث البيئة إلى األحكاـ ا لعامة المنصوص عمييا في قانوف العقوبات‪ ،‬وىي‬
‫العقوبات المقررة في المادة ‪ ، 112‬والتي تنص عمى ما يمي‪" :‬إذا ما اتخذت إجراءات مخالفة‬
‫لمقوانيف وكاف تدبيرىا عف طريؽ اجتماع أفراد أو ىيئات عمومية تتولى أي قدر مف السمطة‬
‫‪َٔ - 285‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ‪.344‬‬
‫‪140‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫العمومية أو عف طريؽ رسؿ أو مراسالت‪ ،‬فيعاقب الجناة بالحبس مف شير إلى ستة‬
‫أشير‪."...‬‬
‫فالموظؼ الذي يسيير المرفؽ العمومي الخاص بالبيئة يعاقب عف مخالفتو لمقوانيف‬
‫البيئية‪ ،‬وذلؾ عف طريؽ تواطئو مع مرتكب الفعؿ وتكوف صورة التواطؤ بارتكاب إجراءات‬
‫مخالفة لمقانوف‪.‬‬
‫ويمكف أف تأسس مسؤولية الموظؼ عمى أساس مساىمتو في الجنايات والجنح البيئية‬
‫التي يتولوف مراقبتيا أو ضبطيا ‪ ،‬وىو ما نص عميو المشرع في الماد ‪ 143‬مف قانوف‬
‫العقوبات‪.‬‬
‫وفي الحقيقة إف األخذ بالمسؤولية الجنائية لمموظؼ العاـ يعد تجريـ لمسموؾ غير‬
‫السميـ لمموظؼ أكثر مف كونيا يعبر عف تجريـ فعؿ التموث الخطير‪ ،‬ولذلؾ يرى األستاذ‬
‫وناس يحيى أنو مف الضروري إعادة النظر في طريقة التجريـ المتعمقة بحماية البيئة مف‬
‫خالؿ تجريـ مسيير المرفؽ العاـ عف اتخاذه لق اررات التػ ي تخالؼ التدابير القانونية لمبيئة‪،‬‬
‫وكذلؾ في حالة تخاذليـ في اتخاذ التدابير التي تفرضيا القوانيف البيئية‪.286‬‬
‫كما يمك ف تأسس مسؤولية الموظؼ عمى أساس عدـ اتخاذ التدابير الالزمة لمنع‬
‫التموث بحيث أف اإلدارة ليا صالحيات واسعة لمنع وقوع التموث‪ ،‬فإذا ما اتخذت ىذه‬
‫اإلجراءات يمكف أف يسأؿ رجؿ اإلدارة عمى إىمالو أو تقصيره في اتخاذ اإلجراءات المناسبة‬
‫التي يفرضيا عميو القانوف‪.‬‬
‫ويرى جانب مف الفقو أنو في حالة التموث يمكف أف يسأؿ الموظؼ المكمؼ بتسيير‬
‫مرفؽ عاـ متعمؽ بحماية البيئة عمى أساس اتخاذ إجراءات مخالفة لمقانوف‪.287‬‬
‫‪َٔ - 286‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬ان ًزجع ان ظببك‪ ،‬ؽ‪. 347‬‬
‫‪َٔ - 287‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬ان ًزجع ان ظببك‪ ،‬ؽ‪.349‬‬
‫‪141‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫المطمب الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة‬
‫لقد وضع المشرع تنظيما خاصا لممنشأة المصنفة‪ ،‬حيث أخضعيا إلى الترخيص‬
‫ا إلداري‪ ،‬قبؿ مزاولتيا لنشاطيا الذي قد يشكؿ خط ار أو يضر بالبيئة‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ ما نصت‬
‫عميو المػادة ‪ 42‬مف القانوف ‪ 19/01‬المتعمػ ؽ بتسيير النفايات ومعالجتيا وازالتيػا‪ ،‬حيث‬
‫نصت عمى ما يمي ‪" :‬تخضع كؿ منشأة لمعالجة النفايات قبؿ الشروع في عمميا إلى ما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫ رخصة مف الوالي المختص إقميميا بالنسبة لمنفايات اإلقميمية وما شابييا‪.‬‬‫ رخصة مف رئيس المجمس الشعبي البمدي المختص إقميميا بالنسبة لمنفايات اليامدة"‪.‬‬‫فمخالفة المنشأة لمقوانيف والموائح البيئية يعرضيا إلى العقوبات المنصوص عمييا في‬
‫ىذه القوانيف‪ ،‬سواء مخالفة عدـ الحصوؿ عمى ترخيص مسبؽ‪ ،‬أو ارتكابيا أحد جرائـ تمويث‬
‫البيئة‪ ،‬كما نص المشرع الجزائري عمى أسباب أو موانع إذا توفرت‪ ،‬تنتفي ىاتو المسؤولية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الجزاءات الجنائية المطبقة عمى الشخص المعنوي‬
‫تنص جؿ التشريعات التي أخذت بمبدأ مساءلة األشخاص المعنوية جزائيا عمى‬
‫الجزاءات ا لجنائية التي تطبؽ عمى الشخص المعنوي‪ ،‬سواء كانت تمؾ الجزاءات في صورة‬
‫عقوبات أو تدابير احت ارزية‪ ،‬إال أف ىذ ه الجزاءات تختمؼ مف تشريع إلى آخر‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬العقوبات المقررة عمى المنشأة المصنفة‬
‫لقد وضع المشرع عقوبات تتالئـ مع طبيعة الشخص المعنوي وقدراتو المالية‪ ،‬كما‬
‫تبنى المشرع أسموبا تدخميا قمعيا مف خالؿ العقوبات المفروضة‪ ،‬فتعتبر الغرامة والمصادرة‬
‫‪142‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫أكثر العقوبات المطبقة عمى الشخص المعنوي‪ ،‬وقد نصت المادة ‪ 18‬مكرر مف قانوف‬
‫العقوبات الجزائري عمى العقوبات التي تطبؽ عمى الشخص المعنوي وىي‪" :‬‬
‫‪ - 1‬الغرامة‪ :‬التي تساوي مرة إلى خمس مرات الحد األقصى لمغرامة المقررة لمشخص‬
‫الطبيعي في القانوف الذي يعاقب عف الجريمة‬
‫‪ - 2‬واحدة أو أكثر مف العقوبات التكميمية اآلتية‪:‬‬
‫ حؿ الشخص المعنوي‪.‬‬‫ غمؽ المؤسسة أو فرع مف فروعيا لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪.‬‬‫ اإلقصاء مف الصفقات العمومية لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪.‬‬‫ الم نع مف مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مينية أو اجتماعية بشكؿ مباشر أو غير‬‫مباشر‪ ،‬نيائيا أو لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪.‬‬
‫ مصادرة الشيء الذي استعمؿ في ارتكاب الجريمة أو نتج عنيا‪.‬‬‫ نشر وتعميؽ حكـ اإلدانة‪.‬‬‫ الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪ ،‬وتنصب الحراسة عمى‬‫ممارسة النشاط الذي أدى إلى الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبتو"‪.288‬‬
‫مف خالؿ ىا تو المادة يتضح أف العقوبات المقررة عمى المنشأة المصنفة تنقسـ إلى‬
‫نوعيف‪ :‬عقوبات أصمية وأخرى تكميمية‪.‬‬
‫أ ‪ -‬العقوبات األصمية‪:‬‬
‫لقد نصت المادة ‪ 18‬مكرر مف قانوف العقوبات الجزائري عمى الغرامة كعقوبة أصمية‬
‫في مواد الجنايات والجنح‪ ،‬والتي تساوي مرة إلى خمس مرات الحد األقصى لمغرامة المقررة‬
‫‪288‬‬
‫‪ -‬انًبزة ‪ 18‬يكزر يٍ لبٌَٕ انعمٕببث انجشائز٘‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫لمشخص الطبيعي والقانوف الذي يعاقب عمى الجريمة‪ ،‬فكمما نصت القوانيف البيئية عمى‬
‫عقوبة الغرامة بالنسبة لمجنايات أو الجنح المرتكبة مف الشخص الطبيعي عمى البيئة‪ ،‬فإف‬
‫العقوبة المقررة لممنشأة المصنفة تساوي مرة إلى خمس مرات الحد األقصى لمغرامة‪ ،‬وىي‬
‫نفس ما نصت عميو المادة ‪ 28/131‬مف قانوف العقوبات الفرنسي التي نصت عمى أف‬
‫الغرامة التي تطبؽ عمى الشخص المعنوي تعادؿ خمس أضعاؼ التي ينص عمييا القانوف‬
‫بالنسبة لمشخص الطبيعي عف ذات الجريمة‪.‬‬
‫فالغرامة مف العقوبات الماسة بالذمة المالية لممنشأة حيث أف الماؿ يعد ىدؼ مف‬
‫أىداؼ المنشأ ة‪ ،‬وأخطر وسائميا الرتكاب الجريمة‪ ،‬وىي الغاية التي تدفعيا إلى مخالفة‬
‫القوانيف‪ ،‬وليذا كاف الماؿ محال لمعقاب أيضا ‪ ،‬فالغرامة ىي مف أىـ العقوبات التي تطبؽ‬
‫عمى الشخص المعنوي و انسبيا لطبيعتو‪.‬‬
‫ويالحظ أف مقدار الغرامة المقررة لممنشأ ة مرتفع جدا إذا ما قرناه بالشخص الطبيعي‪،‬‬
‫وذلؾ بغرض تحقيؽ الردع العاـ‪. 289‬‬
‫ومف أمثمة عقوبة الغرامة في التشريع الجزائري ما نص عميو المشرع في المادة ‪56‬‬
‫مف القانوف رقـ ‪ 19/01‬المتعمؽ بتسيير النفايات و مراقبتيا و إزالتيا حيث نصت عمى ما‬
‫يمي‪ " :‬يعاقب بغرامة مالية مف عشرة آالؼ دج إلى خمسيف ألؼ دينار كؿ شخص طبيعي أو‬
‫معنوي يمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو أي نشاط أخر‪ ،‬قاـ برمي أو إىماؿ‬
‫النفايات المنزلية وما شابييا أو رفض استعماؿ نظاـ جمع النفايات أو فرزىا الموضوع تحت‬
‫تصرفو مف ظرؼ الييئات المعينة في المادة ‪ 32‬مف ىذا القانوف‪.‬‬
‫وفي حالة العود تضاعؼ الغرامة"‪.‬‬
‫وقد اكتفى المشرع الجزائري بذكر نوع العقوبة وىي الغرامة فقط‪ ،‬بينما توسع المشرع‬
‫الفرنسي في مجاؿ وكيفية تطبيقيا‪ ،‬فنجد المشرع الفرنسي أعطى لمقا ضي إمكانية القضاء‬
‫‪ - 289‬ػز‪ٚ‬ف ط‪ٛ‬س كبيم‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.136‬‬
‫‪144‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫بمبمغ أقؿ مف الغرامة المقررة ليا‪ ، 290‬حيث أنو ينطؽ بالغرامة وذلؾ مع مراعاة ظروؼ‬
‫الجريمة وشخصية مرتكبييا‪ ،‬كما يأخذ القاضي بعيف االعتبار دخؿ وأعباء مرتكب الجريمة‪،‬‬
‫وىذا ما نصت عميو المادة ‪ 132‬فقرة ‪ 24‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬كما يمكف لمقاضي وقؼ تنفيذ‬
‫عقوبة الغرامة إذا ثبت أنو لـ يسبؽ الحكـ عمى الشخص المعنوي خالؿ الخمس سنوات‬
‫السابقة عمى ارتكاب الجريمة بعقوبة الغرامة التي ال تزيد عمى أربعمائة ألؼ فرنؾ لجناية أو‬
‫جنحة ينص عمييا القانوف العاـ‪ ،‬وىو ما نصت عميو المادة ‪ 152‬فقرة ‪ 30‬مف قانوف‬
‫العقوبات‪.291‬‬
‫وذىب الم شرع الفرنسي إلى أكثر مف ذلؾ‪ ،‬حيث أقر إمكانية تجزئة الغرامة المحكوـ‬
‫بيا‪ ،‬حيث نص في المادة ‪ 138‬فقرة ‪ 28‬عمى ما يمي‪" :‬في مواد الجنح والمخالفات يجوز‬
‫لممحكمة أف تقرر تنفيذ عقوبة الغرامة بالتقسيط خالؿ مدة ال تزيد عف ثالث سنوات‪ ،‬وذلؾ‬
‫العتبارات طبية أو عائمية أو مينية أو اجتماعية خطيرة‪.‬‬
‫وخالصة القوؿ أف الغرامة ىي العقوبة األنسب لطبيعة الشخص المعنوي واألسيؿ‬
‫تطبيقا‪ ،‬حيث أنو ليس ليا أي ضرر اقتصادي أو اجتماعي‪ ،‬ألنيا تصيب الذمة المالية‬
‫لممنشأة وىي ال تؤثر عمى وجودىا بعكس بعض الجزاءات األخرى‪ ،‬باإلضافة إلى أنيا تحقؽ‬
‫إثراء لمدولة مف خالؿ ما يذىب لمخزينة العامة‪ ،‬كما أنيا مف العقوبات االقتصادية األنسب‬
‫لجرائـ البيئة‪ ،‬ألف أغمب ىا تو الجرائـ يكوف الغرض مف وراء ارتكابيا تحقيؽ فائدة مالية أو‬
‫اقتصادية كاالمتناع عػف تزويد المنشآت بالتجييزات الالزمة لمتنقية ومنع التموث‪ ،‬لكونيا‬
‫مكمفة‪.292‬‬
‫ب ‪ -‬العقوبات التكميمية‪:‬‬
‫لقد نصت المادة ‪ 18‬مكرر عمى جممة مف العقوبات التكميمية‪:‬‬
‫‪ - 290‬ػز‪ٚ‬ف ط‪ٛ‬س كبيم‪ :‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ‪136‬‬
‫‪- Blouc(Bernard) : Op.cit, P679.‬‬
‫‪ - 292‬أحًس يحًس لب‪ٚ‬س يمبم‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.414‬‬
‫‪145‬‬
‫‪291‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫‪ - 1‬المصادرة‪:‬‬
‫تعتبر المصادرة مف العقوبات المالية أيضا‪ ،‬وىي نزع ممكية ماؿ مف صاحبو جبػرا‪،‬‬
‫وا ضافتو إلى ممكية الدولة دوف مقابؿ‪ ، 293‬أو ىي إجراء الغرض منو تمميؾ الدولة أشياء‬
‫مضبوطة ذات صمة بالجريمة قي ار عف صاحبيا ومف غير مقابؿ‪ ،‬و ىي عقوبة تكميمية في‬
‫الجنايات والجنح ال ينطؽ بيا إال إذا حكـ عمى الشخص المعنوي بعقوبة أصمية‪.294‬‬
‫وقد عرفيا المشرع الجزائري في المادة ‪ 15‬مف قانوف العقوبات عمى أنيا‪" :‬األيمولة‬
‫النيائية إلى الدولة لماؿ أو مجموعة أمواؿ معينة أو ما يعادؿ قيمتيا عند االقتضاء"‪.‬‬
‫ونص المشرع البيئي عمى ىذ ه العقوبة في العديد مف النصوص‪ ،‬مثاؿ ذلؾ ما نص‬
‫عميو في المادة ‪ 170‬مف قانوف حماية المياه رقـ ‪ 12/05‬بأنو يمكف مصادرة التجييزات‬
‫والمعدات التي استعممت في انجاز آبار أو حفر آبار جديدة أو تغييرات بداخؿ مناطؽ‬
‫الحماية الكمية‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 89‬مف قانوف الغابات رقـ ‪ 12/84‬عمى أنو‪" :‬يتـ في‬
‫جميع المخالفات مصادرة المنتوجات الغابية محؿ المخالفة"‪.‬‬
‫ونصت المادة ‪ 89‬مف القانوف ‪ 11/01‬المتعمؽ بالصيد البحري عمى أنو‪" :‬في حالة‬
‫استعماؿ مواد متفجرة تحجز سفينة الصيد إذا كاف مالكيا ىو مرتكب المخالفة"‪.‬‬
‫والمصادرة مف العقوبات الفعالة‪ ،‬حيث تمحؽ بالمنشأة خسارة مالية‪ ،‬فيي أكثر فعالية‬
‫في المجاؿ البيئي‪ ،‬ألنيا تثبط الجاني وتستأصؿ أسباب إجرامو‪ ،‬وتكوف المصادرة وجوبية‬
‫بالنسبة لألشياء التي يعتبرىا القانوف خطرة أو ضارة‪ ،‬فيمت زـ القاضي بالنطؽ بيا في حالة‬
‫اإلدانة‪ ، 295‬ومع ذلؾ قد تكوف المصادرة جوازية عندما ينص القانوف عمى ذلؾ ‪ ،‬مثؿ ما ىو‬
‫منصوص عميو في المادة ‪ 18‬مكرر ‪ 1‬مف قانوف العقوبات‪.‬‬
‫‪ - 2‬نشر حكـ اإلدانة‪:‬‬
‫‪ - 293‬عبس انًج‪ٛ‬س يحًس‪ :‬بحث يمسو نًؤحًز حٕل جزائى انب‪ٛ‬ئت ف‪ ٙ‬انسٔل انعزب‪ٛ‬ت‪ ،‬انًُعمس ف‪ ٙ‬ب‪ٛ‬زٔث‪،‬نبُبٌ ف‪ 18/17 ٙ‬يبرص ‪2009‬‬
‫‪ - 294‬أحًس يحًس لب‪ٚ‬س يمبم‪ :‬يزجع اطببك ‪ ،‬ؽ‪. 415‬‬
‫‪ - 295‬جً‪ٛ‬م عبس انببل‪ ٙ‬انـغ ‪ٛ‬ز‪ :‬يزجع طببك‪.63 ،‬‬
‫‪146‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫يعني نشر الحكـ إعالنو بحيث يعممو عدد كبير مف الناس‪ ،‬ويكوف ذلؾ بأية وسيمة‬
‫اتصاؿ ميما كانت وسيمة النشر‪.‬‬
‫ونشر الحكـ كعقوبة ييدؼ إلى المساس بمكانة وثقة المنشأة أماـ الجميور والتأثير عمى‬
‫نشاطيا في المستقبؿ‪.‬‬
‫وقد أ وجب المشرع في المادة ‪ 18‬مكرر نشر الحكـ القاضي بإدانػة الشخص المعنوي‪،‬‬
‫ولممحكمة أف تأمر بنشر الحكـ كمو أو جزء منو‪ ،‬أو أسبابو أو منطوقو‪ ،‬وليا أف تحدد عند‬
‫المزوـ ممخص الحكـ أو العبارات التي تنشر منو‪.‬‬
‫ويمكف القوؿ أف عقوبة نشر الحكـ ىي مف العقوبات الفعالة لردع المنشأة و مكافحة‬
‫الجريمة فييا‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ ما حصؿ في مصنع بوباؿ في اليند في ديسمبر ‪ 1984‬حيث‬
‫تسربت غازات سامة منو‪ ،‬بعدىا أ ذيعت ىذه الكارثة‪ ،‬فأدى نشر الكارثة إلى انخفاض أسعار‬
‫الشركة المحكوـ عمييا‪.296‬‬
‫‪ - 3‬الغمؽ المؤقت لممنشأة‪:‬‬
‫ينص المشرع في القوانيف البيئية عمى غمؽ المنشأة كعقوبة تكميمية يحكـ بيا إلى‬
‫جانب العقوبة األصمية‪ ،‬وىو جزاء عيني يتمثؿ في منع المنشأة مف مزاولة نشاطيا الذي‬
‫ت سبب في تمويث البيئة في المكاف الذي ارتكبت فيو الجريمة البيئية‪ ،‬ويكثر النص عمى ىذه‬
‫العقوبة في الجرائـ االقتصادية والبيئية‪ ،‬وقد نص المشرع عمى ىذه العقوبة في المادة ‪18‬‬
‫مكرر مف قانوف العقوبات وفي عدة مواد في القوانيف البيئية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 18‬مكرر‬
‫عمى الغمؽ ا لمؤقت لممنشأة لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪ ،‬وفي قانوف البيئة نالحظ أف‬
‫المشرع نص عمى عقوبة المنع المؤقت في عدة مواد ‪ ،‬ولكف بألفاظ مختمفة‪ ،‬فتارة يستعمؿ‬
‫لفظ الحضر و تارة لفظ المنع‪ ،‬كما ىو الحاؿ في المادة ‪ 85‬مف القانوف ‪ 10/03‬المتعمؽ‬
‫بحماية البيئة التي نصت عمى ما ي مي‪" :‬وعند االقتضاء يمكنو األمر بمنع استعماؿ المنشأة‬
‫‪ - 296‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.428‬‬
‫‪147‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫أو أي عقار أو منقوؿ آخر يكوف مصدر التموث الجوي‪ ،‬وذلؾ حتى إتماـ إنجاز األشغاؿ‬
‫والترميمات الالزمة"‪.‬‬
‫فالقاضي يمكنو أف يأمر بغمؽ المنشأة التي تتسبب في التموث الجوي حتى إتماـ‬
‫اإلجراءات الالزمة إليقاؼ التموث ‪ ،‬وىو ما عبر عميو المشرع بمنع استعماؿ المنشأة‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 86‬مف نفس القانوف عمى ما يمي‪ ..." :‬كما يمكف أيضا األمر‬
‫بحضر استعماؿ المنشآة المتسببة في التموث إلى حيف إنجاز األشغاؿ أو أعماؿ التييئة أو‬
‫تنفيذ االلتزامات المنصوص عمييا"‪ ،‬والغرض مف ىذه العقوبة ىو إعادة امتثاؿ المنشأة‬
‫المموثة ل مقواعد البيئية في أقرب وقت ممكف‪ ،‬فيذه العقوبة توازف بيف اإلبقاء عمى منافع‬
‫المنشأة المموثة والمحافظة عمى البيئة مف خالؿ ردع المنشأة عف طريؽ الغمؽ‪ ،‬وىناؾ مف‬
‫التش ريعات مف ينص عمى غمؽ المنشأة كعقوبة تكميمية أحياناً وكتدابير احت ارزية أحياناً‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ - 4‬الحؿ النيائي لممنشأة‪:‬‬
‫لقد نص المشرع عمى عقوبة الحؿ النيائي لممنشأة كعقوبة تكميمية‪ ،‬وتعد ىذه العقوبة‬
‫الواردة في المادة ‪ 18‬مكرر أقصى عقوبة يمكػف أف تطبؽ عمى الشخص المعنوي‪ ،‬حيث‬
‫يترتب عمييا زوالو نيائيا‪ ،‬وتحقؽ ىذه العقوبة ردعا عاما لممنش أة‪ ،‬فيي تقابؿ عقوبة اإلعداـ‬
‫بالنسبة لمشخص الطبيعي‪ ،‬لكف المتتبع لألحكاـ الجزائية الواردة في األحكاـ البيئية ال يجدىا‬
‫تنص عمى عقوبة الحؿ‪ ،‬فأغمب العقوبات متمثمة في الغمؽ المؤقت إلى حيف القياـ‬
‫بااللتزامات المفروضة قانونا‪ ،‬فمـ يتضمف قانوف البيئة ىذه العقوبة وال القانوف المتعمؽ بإزالة‬
‫النفايات و معالجتيا‪ ،‬وحتى في حالة استغالؿ المنشأة بدوف ترخيص لـ ينص المشرع عمى‬
‫حميا‪ ،‬وأوكمت صالحية حؿ ا لمنشأة لإلدارة والتي غالبا ما تمجأ إلى منح فرصة لممنشأة‬
‫التخاذ التدابير المفروضة عمييا‪. 297‬‬
‫‪َٔ - 297‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.360‬‬
‫‪148‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫‪ - 5‬الوضع تحت الحراسة القضائية‪:‬‬
‫تتمثؿ ىات و العقوبة في تقييد حرية المنشأة وذلؾ لمنعيا مف العودة الرتكاب الجريمة‪،‬‬
‫وىي عقوبة مؤقتة ال يجوز أف تتجاوز خمس سنوات حسب ما نصت عميو المادة ‪ 18‬مكر‬
‫مف قان وف العقوبات‪ ،‬وفي القانوف الفرنسي عندما توضع المنشأة تحت ال رقابة القضائية يتعيف‬
‫عمى المحكمة تعيف وكيؿ قضائي‪ ،‬تعيف المحكمة ميامو‪ ،‬وتنحصر ىذه المياـ في النشاط‬
‫الذي أدى إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬أو بمناسبتو‪ ،‬كما يجب عمى الوكيؿ أف يرفع تقري ار كؿ ستة‬
‫أشير لممحكمة التي قضت بوضع المنشأة تحت الرقابة القضائية‪.298‬‬
‫‪ - 6‬اإلقصاء مف الصفقات العامة‪:‬‬
‫وىو حرماف المنشأة مف التعامؿ في أي صفقة تكوف الدولة طرفا فييا أو المؤسسات‬
‫العامة أو الجماعات المحمية أو التجمعات‪ ،‬فيذ ه العقوبة تجعؿ المنشأة غير قادرة عمى‬
‫التعاقد بشأف الصفقات العمومية التي تتعمؽ باألشغاؿ العامة أو التوريد أو تقديـ خدمات‬
‫سواء بطريؽ مباشر أو غير مباشر‪ ، 299‬ولقد حدد المشرع مدة ا إلقصاء حيث ال تتجاوز‬
‫خمس سنوات‪ ،‬وتسجؿ ىذه العقوبة في فيرس الشركات‪ ،‬ويبمغ بياف البطاقات الخاصة‬
‫بالشركات إلى النيابة العامة والى قضاة التحقيؽ ووزير الداخمية واإلدارة المالية وكذا‬
‫المصالح العامة التي تتمقى عروض المناقصات والتوريدات العامة‪.300‬‬
‫ثانياً‪ :‬التدابير االحت ارزية‬
‫‪ - 298‬ػز‪ٚ‬ف ط‪ٛ‬س كبيم‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ ‪ ٔ ، 145- 144‬أَظز كذنك أحًس لبئس يمبم يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 421‬‬
‫‪ - 299‬ػز‪ٚ‬ف ط‪ٛ‬س كبيم‪َ :‬فض انًزجع‪ ،‬ؽ‪.146‬‬
‫‪ - 300‬يحًس يشٔان‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.11‬‬
‫‪149‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫تنص القوانيف البيئية عمى جممة مف التدابير االحت ارزية التي تحقؽ ىدفا وقائيا في‬
‫األحواؿ التي يشكؿ فييا نشاط المنشأة خطورة عمى البيئة والسالمة العامة ومف ىاتو التدابير‬
‫ما ىو عاـ و منيا ما ىو خاص‪.‬‬
‫أ ‪ -‬التدابير العامة‪:‬‬
‫تتمثؿ ىاتو التدابير في إيدا ع كفالة أو تقديػـ تأمينػات عينية لضماف حقوؽ الضحايا‪،‬‬
‫أو المنع مف إصدار الشيكات وا صدار بطاقات الدفع مع مراعاة حقوؽ الغير‪ ،‬أو المنع مف‬
‫ممارسة بعض النشاطات المينية المرتبطة بالجريمة‪ ،‬باإلضافة إلى اتخاذ جية التحقيؽ‬
‫بعض أوامر الوضع تحت الرقابة القضائية‪ ،‬وىو ما نصت عميو المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 4‬مف‬
‫قانوف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ - 1‬حضر إصدار الشيكات أو استعماؿ بطاقات الوفاء‪:‬‬
‫يتمثؿ ىذا الجزاء في إلزاـ المنشأة بأف تعيد لمبنؾ ما في حيازتيا أو حيازة وكالئيا مف‬
‫نماذج الشيكات المسممة إلييا‪ ،‬كما يمنع عمى المنشأة استعماؿ بطاقات الوفاء‪ ،‬وىو إجراء‬
‫غالبا ما يكوف مؤقتا‪ ،‬فالمشرع الفرنسي حدده بمدة ال تتجاوز خمس سنوات في المادة ‪131‬‬
‫فقرة ‪ 39‬مف قانوف العقوبات الفرنسي‪ ،‬وىذا الحضر ال يمنع المنشأة مف إمكانية استرداد‬
‫شيكات السحب لدى المسحوب عميو‪ ،‬أو الشيكات المعتمدة‪ ،‬كما ال يمنع المنشأة مف‬
‫استعماؿ األوراؽ التجارية ا ألخرى كالكمبيالة أو سندات األمر‪.301‬‬
‫‪ - 2‬أوامر الوضع تحت الرقابة القضائية‪:‬‬
‫لقد منح قانوف اإلجراءات الجزائية لقاضي التحقيؽ سمطة اتخاذ أوامر الوضع تحت‬
‫الرقابة القضائية‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ السير الحسف لمتحقيؽ‪ ،‬ومف جممة ىاتو األوامر التي تطبؽ‬
‫عمى المنشأة نجد‪:‬‬
‫‪ - 301‬ط‪ٛ‬س ػز ‪ٚ‬ف كبيم‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.148‬‬
‫‪150‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ األمر بتسميـ كافة الوثائؽ المتعمقة بممارسة النشاط الذي يخضع إلى الترخيص إلى‬‫أمانة ضبط المحكمة‪ ،‬أو الجية التي يعينيا قاضي التحقيؽ مقابؿ وصؿ‪ ، 302‬وتشمؿ‬
‫الوثائػ ؽ التي يت طمبيػا التحقيؽ‪ ،‬الدراسات المتعمقػة بمػدى التأثيػر عمػ ى البيئة‪ ،‬ورخصة‬
‫استػغػالؿ المنشأ ة‪ ،‬ورخص االعتماد الخاصة‪ ،‬وكذا الدراسات المتعمقة باألخطار‪ ،‬أو‬
‫األخطار المتعمقة بالوقؼ‪ ،‬أو بتغيير أسموب اإلنتاج‪ ،‬أو اإلخطار باالمتثاؿ إلى‬
‫التدابير التي تفرضيا القوانيف البيئية‪ ،‬واليدؼ مف طمب ىاتو الوثائؽ ىو التحقيؽ في‬
‫المخالفات البيئية ‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ مطابقة ا اللتزامات والتدابير التي يفرضيا القانوف‬
‫عمى المنشأة‪. 303‬‬
‫ وتجسد ىذ ه التدابير مبدأ الحيطة في المجاؿ الجزائي‪ ،‬بحث البد مف اتخاذ اإلجراءات‬‫الالزمة لمنع التموث‪ ،‬و تنص المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 4‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى‬
‫أف الشخص المعنوي الذي يخالؼ التدابير المتخذة ضده بغرامة مالية مف مائة ألؼ‬
‫دينار جزائري إلى خمسمائة ألؼ دينار جزائري بأمر مف قاضي التحقيؽ بعد أخذ رأي‬
‫وكيؿ الجميورية‪.‬‬
‫‪ - 3‬المنع مف ممارسة بعض األنشطة المينية واالجتماعية المرتبطة بالجريمة‪:‬‬
‫لػقػد نصت المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 4‬مػف قانػ وف اإلجراءات الجزائية عمػ ى ىذا التدبير‪،‬‬
‫ومضموف النشاط الذي يتناولو المنع ىو النشاط الميني واالجتماعي الذي ارتكبت الجريمة‬
‫أثناء ممارستو مف طرؼ المنشأة أو بمناسبتو‪ ،‬ولـ يحدد المشرع الجزائري مدة المنع عمى‬
‫عكس المشرع الفرنسي الذي حدد مدة المنع إما بصفة نيائية أو بمدة ال تزيد عف خمس‬
‫سنوات في المادة ‪ 39/131‬فقرة ‪ ،2‬وقد يمجأ إلى ىذا التدبير عندما يخشى مف وقوع جريمة‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪َٔ - 302‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪ٔ ، 358‬أَظز يحًس يشٔان‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.12‬‬
‫‪َٔ - 303‬بص ‪ٚ‬ح‪َ :ٗٛ‬فض انًزجع‪ ،‬ؽ‪ٔ ، 358‬اَظز يحًس يشٔان‪َ :ٙ‬فض انًزجع‪ ،‬ؽ‪.12‬‬
‫‪151‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ب ‪ -‬التدابير الخاصة‪:‬‬
‫مف بيف التدابير الخاصة التي نص عمييا المشرع البيئي ىو إعادة الحاؿ إلى ما كاف‬
‫عميػو قبؿ ارتكاب الفعػ ؿ المجرـ‪ ،‬وقد نصت التشريعات البيئيػ ة عمى ىذا التدبير كجزاء‪،‬‬
‫ويقصد بو أف تحكـ المحكمة عمى المنشأة بإزالة أثر الجريمة ‪ ،‬و يعتبر إزالة أثر الجريمة‬
‫تدبي ار مناسبا إلصالح الضرر بو‪ ،‬و تنص التشريعات عمى ىذا التدبير إال أنو ىناؾ مف‬
‫يعتبر جزاءا إداري وليس جنائي ‪ ،‬فالتشريع الفرنسي اعتبره كجزاء وذلؾ مف خالؿ قانوف‬
‫حماية الغابات الفرنسي ‪ ،‬والذي نص عمى إجبار المحكوـ عميو بإعادة الحاؿ إلى ما كاف‬
‫عميو‪ ،‬كذلؾ ما ورد في القانوف الفرنسي الصادر في ‪ 15‬جويمية ‪ 1975‬المتعمؽ بالنفايات‪،‬‬
‫والذي نص عمى إمكانية أف تأمر المحكمة مرتكب المخالفة بإعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو‬
‫قبؿ ارتكاب الفعؿ‪ ، 304‬كذلؾ ما ورد في المادة ‪ 18‬مف القانوف الفرنسي الصادر في ‪13‬‬
‫جويمية ‪ 1976‬المتعمؽ بالمنشآت المصنفة‪ ،‬حيث أف المحكمة تأمر بإعادة الحاؿ إلى ما‬
‫كاف عميو في المدة التي ت حددىا وتركت لمقاضي حرية الحكـ بو‪ ، 305‬كما نص القانوف‬
‫المصري رقـ ‪ 4‬لسنة ‪ 1994‬المتعمؽ بحماية البيئة‪ ،‬عمى أنو في جميع األحواؿ يمزـ‬
‫المخالؼ بإزالة آثار المخالفة في الموعد الذي تحدده الجية المختصة‪.‬‬
‫أما المشرع الجزائري فقد اعتبر إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو جزاءا إدا ريا في بعض‬
‫األحياف‪ ،‬كما نص عمى أنو جزاءا جنائيا في أحيانا أخرى‪ ،‬فمثال القانوف رقـ ‪12/05‬‬
‫المتعمؽ بالمياه ‪ ،‬اعتبره جزاءا إداريا توقعو اإلدارة عمى المخالفة‪ ،‬أما قانوف البيئة رقـ ‪10/03‬‬
‫فقد اعتبره جزاءا جنائيا‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 102‬منو عمى ما يمي‪ " :‬يجوز لممحكمة أف‬
‫تقضي بمنع استعماؿ المنشأة إلى حيف الحصوؿ عمى الترخيص ضمف الشروط المنصوص‬
‫‪ - 304‬يحًس يشٔان‪ :ٙ‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ‪.12‬‬
‫‪ - 305‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 231‬‬
‫‪152‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫عمييا في المادتيف ‪ 19‬و‪ 20‬أعال ه‪ ،‬ويمكنو أيضا األمر بالنفاذ المؤقت لمحضر‪ ،‬كما يجػوز‬
‫لممحكمة األمر بإرجاع األماكف إلى حالتيا األصمية في أجػ ؿ تحدده"‪ ،‬فتكوف السمطة‬
‫التقديرية لممحكمة في تحديد اآلجاؿ الذي يرجع فيو المحكوـ عميو الحالة إلى ما كانت‬
‫عمييا‪ ،‬كما يكوف ليا السمطة باألمر بيذا التدبير‪.‬‬
‫كما نصت المادتيف ‪ 39‬و ‪ 40‬مف القانوف ‪ 03/03‬المؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪2003‬‬
‫المتعمؽ بمناطؽ التوسع والمواقع السياحية إلى إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو في حالة القياـ‬
‫بأشغاؿ البناء داخؿ المناطؽ السياحية‪. 306‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬موانع المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة‬
‫تن ص جؿ التشريعات البيئية عمى موانع المسؤولية الجنائية وىي األسباب التي مف‬
‫شأنيا أف تمنع المسؤولية عف الجاني‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى عدـ تطبيؽ الجزاء عمى الجاني‬
‫رغػـ قيامو بالفعؿ المجرـ‪ ،‬وتتعمػ ؽ موانع المسؤولية بالركف المعنوي لمجريمػة‪ ،‬وحاالت امتنػاع‬
‫المسؤولية الجنائيػة فػ ي التشريعات البيئية تنقسـ إلى قسميف‪ ،‬أوليا موانع تقميدية تتمثؿ في‬
‫حالة الضرورة و القوة القاىرة‪ ،‬وموانع حديثة تتمثؿ في الترخيص اإلداري والجيؿ بالقانوف أو‬
‫الغمط فيو‪.‬‬
‫ال ‪ :‬الموانع التقميدية لممسؤولية الجنائية لممنشأة‬
‫أو ً‬
‫تنص التشريعات البيئية عند معالجتيا لسياستيا الجنائية في مواد التموث عمى حالتيف‬
‫مف موانع المسؤولية حاؿ الضرورة و القوة القاىرة‪ ،‬حيث خصت القوانيف ىاتيف الحالتيف‬
‫بأحكاـ خاصة تختمؼ عف تمؾ المقررة في قانوف العقوبات العاـ‪ ،‬وعمى ذلؾ فإف دراسة‬
‫األحكاـ الخاصة بموانع المسؤولية الجنائية لممنش أة في نطاؽ جرائـ تمويث البيئة تقتضي‬
‫التطرؽ إلى ىاتيف الحالتيف‪ ،‬ألنو في كثير مف األحياف يصعب تطبيؽ موانع المسؤولية عمى‬
‫‪ - 306‬راجع انًٕاز ‪ 40 ٔ 39‬يٍ انمبٌَٕ رلى ‪ 03/03‬انًخعهك بًُبطك انخٕطع ٔ انًٕالع انظ‪ٛ‬بح‪ٛ‬ت ‪ ،‬انًؤرخ ف‪ ، 2003/02/ 17 ٙ‬انجز‪ٚ‬سة انزطً‪ٛ‬ت‬
‫انعسز ‪ 11‬نظُت ‪ ،2003‬انًؤرذت ف‪ 18 ٙ‬فبزا‪ٚ‬ز طُت ‪. 2003‬‬
‫‪153‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫النشاطات المرتكبة مف المنشآت نتيجة الرتباط موانع المسؤولية الجنائية التقميدية بأعماؿ‬
‫شخصية‪.307‬‬
‫أ ‪ -‬حالة الضرورة‪:‬‬
‫وىي الحالة التي يجد الشخص ن فسو أماـ خطر جسيـ وشيؾ الوقوع ال يمكنو دفعو إال‬
‫بارتكاب فعؿ مجرـ قانونا‪.308‬‬
‫وحاال وواقعا عمػ ى النفس‪،‬‬
‫ولقياـ حالة الضرورة البد أف يكوف ىناؾ خط ار جسيما‬
‫ّ‬
‫بحيث ال تكوف إلرادة الفاعؿ دخال في وقوعيا‪ ،‬و يشترط القانوف التناسب بيف الخطر المراد‬
‫تفاديو و الضرر الذي وقع‪ ،‬و تنص جؿ التشريعات البيئية عمى حالة الضرورة كمانع مف‬
‫موانع المسؤولية في جريمة تمويث البيئة‪ ،‬إذ تعتبر مانع رئيسي تجد ليا تطبيؽ واسع في‬
‫مجاؿ تمويث البيئة باعتبارىا وسيمة لدفع المسؤولية كثي ار ما يستند إلييا لتبرير أفعاؿ التموث‪.‬‬
‫فتتضمف التشريعات الفرنسية تطبيقات عديدة لحالة الضرورة‪ ،‬باعتباره مانع مف موانع‬
‫المسؤولية الجنائية في جريمة تمويث البيئة‪ ،‬فتنص المادة الخامسة مف القانوف الفرنسي‬
‫الصادر في ‪ 11‬مايو ‪ 1977‬بشأف التموث البحري‪ ،‬عمى عدـ المساءلة لعدـ تصريؼ المواد‬
‫المموثة بيدؼ ضماف سالمة المنشآت واألجيزة أ و لتفادي خطر جسيـ ييدد سالمة‬
‫األرواح‪.309‬‬
‫ومف التشريعات العربية التي تأخذ بحالة الضرورة كمانع مف موانع المسؤولية في‬
‫جرائـ تمويث البيئة نجد التشريع السوري‪ ،‬حيث تنص المادة الثامنة مف قانوف المياه اإلقميمية‬
‫السوري لعاـ ‪ 1972‬عمى أنو يعفى المسؤوؿ عف المخالفة مف الغرامة في حالة إحداث تموث‬
‫‪َٔ - 307‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.368‬‬
‫‪ - 308‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.443‬‬
‫‪ - 309‬عبزل يبْز األنف‪َ :ٙ‬فض انًزجع‪ ،‬ؽ‪ٔ ، 446‬راجع يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 184‬‬
‫‪154‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫نتيجة دفع خطر ييدد السفينة أو المنشأة أو المصنع أو األجيزة أو سالمة األرواح‪ ،‬واذا‬
‫حدث التموث نتيجة اتخاذ التدابير الالزمة لمحيمولة دوف إصابة شحنة السفينة بضرر جسيـ‪.‬‬
‫وفي القانوف الميبي لحماية البيئة رقـ ‪ 8‬لسنة ‪ ، 1982‬تنص المادة ‪ 24‬منو عمى أنو‬
‫يستثنى مف حضر إلقاء الزيت أو المزيج الزيتي أو غسؿ الصياريج في الموانئ والمياه‬
‫اإلقميمية الميبية‪ ،‬إذا حدث بقصد تأميف السفينة أو إنقاض أرواح الركاب مف الغرؽ‪.310‬‬
‫كما نػص المشرع المصري عمى حالة الضرورة في القانوف رقػـ ‪ 4‬لسنة ‪،1994‬‬
‫بحيث نصت المادة ‪ 54‬منو عمى أنو ال تسري العقوبات المنصوص عمييا في ىذا القانوف‬
‫عمى حاالت التموث التي تنجـ عف تأميف سالمة السفينة وسالمة األرواح والتفريغ الذي ينتج‬
‫عنو عطؿ في السفينة أو أحد أجيزتيا‪ ،‬أو كسر مفاجئ في خط أنابيب يحمؿ زيت أو مزيج‬
‫زيتي‪.‬‬
‫والمشرع الجزائري بدوره نص عمى حالة الضرورة كمنع لممسؤولية في جرائـ تمويث‬
‫البيئة‪ ،‬فنصت المادة ‪ 97‬فقرة ‪ 03‬مف قانوف حماية البيئة رقـ ‪ 10/03‬عمى ما يمػي‪" :‬ال‬
‫يعاقب بمقتضى ىذه المادة عف التدفؽ الذي بررتو تدابير اقتضتيا ضرورة تفادي خطر‬
‫جسيـ و عاجؿ ييدد أمف السفينة أو حياة البشر أو البيئة"‪.‬‬
‫وحالة الضرورة في جرائـ تمويث البيئة ليا مفيوـ آخر‪ ،‬وذلؾ ما يتماشى مع طبيعة‬
‫الجريمة وطبيعة النشاط الذي تقوـ بػ و المنشأة وكذا الظروؼ االقتصادية والتقنيػة‪ ،‬وحالة‬
‫الضرورة بالنسبة لممنشأة ال تقتصر عمى ضرورة إنقاذ النفس أو الغير مف خطر محدؽ‪،‬‬
‫وانما تتع دى إلى الضرورة االقتصادية أو التقنية التي تجبر المنشأة عمى مخالفة النصوص‬
‫البيئية‪ ،‬فالمنشأة غالبا ما تجد نفسيا مطالبة بالمفاضمة بيف أمريف‪ ،‬أف تمتزـ باألحكاـ‬
‫والتنظيمات البيئية وما ترتبو مػ ف أعباء مالية باىضة قد تعرضيػا لمتوقؼ‪ ،‬واما مخالفة‬
‫االلتزامات المعاقب عمييا جنائيا وذلؾ لضماف استمرار اإلنتاج والحيمولة دوف توقؼ المنشأة‪،‬‬
‫‪ - 310‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 183‬‬
‫‪155‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫فيي ترى في مخالفة االلتزامات البيئية حالة مف الضرورة الستمرار المنشأة‪ ،‬و يترتب عميو‬
‫المحافظة عمى اليد العاممة والشغؿ كقيمة اجتماعية والمحافظة عمى اإلنتاج والتقدـ كقيمة‬
‫اقتصادية‪.311‬‬
‫ولتحق ؽ حالة الضرورة في جرائـ تمويث البيئة التي ترتكبيا المنشأة يجب أف يتحقؽ‬
‫عنصريف‪ ،‬المزوـ والتناسب‪ ،‬فبالنسبة لمزوـ يجب أف يكوف النشاط المجرـ الذي ارتكبتو‬
‫المنشأة الزما لتفادي المشكمة االقتصادية ‪ ،‬بحيث ال يمكف أو يستحيؿ حؿ المشكؿ دوف‬
‫ارتكاب النشاط المموث‪ ،‬فتنتفي حالة الضرورة إذا كاف باإلمكاف تفادي الضرر دوف ارتكاب‬
‫النشاط المجرـ‪ ،‬أما بالنسبة لمتناسب فيجب أف تتناسب المزايا المحققة مف التشغيؿ واستمرار‬
‫المنشأة مع الضرر الذي ينتج عف التموث البيئي‪ ،‬وذلؾ بأف تكوف الفائدة التي تحققيا‬
‫استمرار المنشأة أكبر مف الضرر البيئي‪. 312‬‬
‫إال أف القضاء الفرنسي ال يأخذ بالصعوبات التقنية واالقتصادية التي تتعرض ليا‬
‫المنشأة كحالة مف حاالت الضرورة التي تبرر النشاط المموث لمبيئية‪ ،‬بحيث يأخذىا كظرؼ‬
‫مخفؼ فقط‪ ، 313‬كذلؾ القضاء البمجيكي لـ يأخذ بحالة الضرورة في التمويث الذي ترتكبو‬
‫المنشأة‪ ،‬حيث صدر حكـ في ‪ 24‬ديسمبر ‪ 1968‬قضت فيو محكمة "‪ "Verviers‬دفع مدير‬
‫مصنع لألجباف بحالة الضرورة االقتصادية‪ ،‬حيث اتيـ بتمويث مياه النير عف طريؽ‬
‫تصريؼ السوائؿ فيو‪ ،‬وق د جاء في حكـ المحكمة ما يمي‪ " :‬ال توجد ضرورة بإقامة توسيع‬
‫منشأة صناعية تمحؽ الضرر باآلخريف‪ ،‬والضرورة االقتص ادية المشار إلييا ليست أكيدة‪،‬‬
‫وعمى كؿ حاؿ فيي طارئة ‪ ،‬كما لـ يثبت المتيـ بما فيو الكفاية أف التصريؼ المخالؼ‬
‫لمقانوف ىو الوسيمة الوحيدة لدرء الوسائؿ المموثة‪ ،‬ألنو في الواقع ىناؾ طرؽ أخرى يمكف‬
‫‪ - 311‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪ٔ ، 447‬أَظز أ‪ٚ‬ضب أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 376‬‬
‫‪ - 312‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ‪ٔ ، 376‬راجع أ‪ٚ‬ضب عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬ان ًزجع ان ظببك‪ ،‬ؽ‪.447‬‬
‫‪ - 313‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 187‬‬
‫‪156‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫القياـ بيا ‪ ،‬كذلؾ لـ ينجح المتيـ في إثبات أف األفعاؿ التي قاـ بيا مف شأنيا إنقاذ مصالح‬
‫أىـ إذا لـ تتوفر شروط حالة الضرورة"‪. 314‬‬
‫أما في القضاء الجزائري فال نجد تطبيقات قضائية فيما يخص اعتبار حالة الضرورة‬
‫كمانع مف موانع المسؤولية الجنائية لممنشأة‪.‬‬
‫وينتقد بعض الفقو األخذ بحالة الضرورة كمانع مف موانع المسؤولية الجنائية بالنسبة‬
‫لممنشأة عمى أساس أف األرباح االقتصادية لممنشأة ال تشكؿ أىمية بالنسبة لمحفاظ عمى‬
‫البيئة‪ ،‬باإلضافة إلى أنو كيؼ لممشرع أف يقبؿ بمخالفة القانوف في إطار حالة الضرورة مع‬
‫وجود نظاـ الترخيص‪.315‬‬
‫ب ‪ -‬القوة القاىرة‪:‬‬
‫القوة القاىرة ىي قوة طبيعية تستخدـ السموؾ اإلنساني كأداة إلحداث النتيجة‪ ،‬فيي‬
‫تسمب الشخص إرادتو بحيث تدفعو إلى ارتكاب فعؿ لـ يكف يريده وال طاقت لو لدفعو‪. 316‬‬
‫ويشترط العتبػ ار القوة القاىرة مانع مػ ف موانع المسؤولية الجنائية توافػر شروط‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫‪ - 1‬أف تكوف القوة القاىرة غير متوقعة‪ ،‬وعادة ما تكوف مفاجأة بحيث ال يمكف لمجاني‬
‫توقعيا‪.‬‬
‫‪ - 2‬أف ال يكوف الفاعؿ قاد ار عمى مقاومتيا‪ ،‬بحيث ال يمكف لمجاني أف يدفع القوة القاىرة‬
‫إال بارتكاب الفعؿ المجرـ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أف ال يكوف لمجاني دخؿ في وقوع القوة القاىرة‪ ،‬فالبد أف يكوف وقوعيا بسبب أو‬
‫قوى خارجية ال يد لمجاني فييا‪.‬‬
‫وبالنسبة لجرائـ تمويث الب يئة تعتبر القوة القاىرة مانعا مف موانع المسؤولية الجنائية‪،‬‬
‫بحيث كثي ار ما يمجأ إلييا الجنات لتبرير أفعاليـ‪ ،‬فالقوة القاىرة تسمب مف الشخص حرية‬
‫‪ - 314‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ ،‬انًزجع َفظّ‪ ،‬ؽ‪. 188‬‬
‫‪ - 315‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ‪.189‬‬
‫‪ - 316‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.451‬‬
‫‪157‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫اإلرادة واالختيار‪ ،‬فإذا ما تعرضت المنشأة والقائموف عمييا إلى إكراه مادي أو معنوي‪ ،‬فال‬
‫يسأؿ ال الشخص الطبيعي وال الش خص المعنوي‪ ،‬وال يمكف لممنشأة أف تدفع بالقوة القاىرة‬
‫كمانع مف موانع المسؤولية إال إذا وضعت خطة لإلنقاذ والوقاية ضد األخطار التي يمكف أف‬
‫تسببيا المنشاة أي جميع التدابير القانونية المتطمبة‪ ،‬وبعدىا تثبت بأف التموث كاف بفعؿ‬
‫خارج عف إرادتيا وال يمكف رده كالزالزؿ والبراكيف‪.‬‬
‫فقد أوجب المشرع أف يتضمف ممؼ طمب ترخيص المنشأة دراسة الخطر‪ ،‬بحيث‬
‫تيدؼ إلى تحديد المخاطر المباشرة وغير المباشرة التي تعرض األشخاص لمخطر مف جراء‬
‫نشاط المنشأة‪ ،‬سواء كاف السبب داخميا أو خارجيا أو قوة قاىرة‪. 317‬‬
‫فيجب أف تسمح دراسة الخطر بضبط الت دابير التقنية لمتقميص مف احتماؿ وقوع‬
‫الحوادث لتخفيؼ آثارىا‪ ،‬وكذا تدابير التنظيـ لموقاية مف الحوادث وتسييرىا‪ ،‬وحتى عند وقوع‬
‫التموث نتيجة لمحادث التي تتسبب فييا القوة القاىرة ‪ ،‬فقد أوجب المشرع عمى المنشأة اتخاذ‬
‫تدابير لتفادي أي واقعة أو حادث مماثؿ والتخفيؼ مف آثارىا‪ ،‬وذلؾ عمى المستوى المتوسط‬
‫والبعيد‪.318‬‬
‫ولقد أقرت معظـ التشريعات باعتبار القوة القاىرة مانع مف موانع المسؤولية الجنائية‬
‫في جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬فإذا كاف التموث واقع بفعؿ الطبيعة في إطار القوة القاىرة‪ ،‬فال تسأؿ‬
‫المنشأة لكف بشرط أف تتخذ كؿ االحتياطات الالزمة التي أوجبيا القانوف لمنع التموث‪.319‬‬
‫ونجد المادة ‪ 54‬مف قانوف حماية البيئة الجزائري تنص عمى ما يمي‪ ":‬ال تطبؽ أحكاـ‬
‫المادة ‪ 53‬أعاله في حاالت القوة القاىرة الناجمة عف التقمبات الجوية أو عف كؿ العوامؿ‬
‫األخرى‪ ،‬أو عندما تتعرض لمخطر حياة البشر أو أمف السفينة أو الطائرة"‪.‬‬
‫‪ - 317‬انًبزة ‪ 12‬يٍ انًزطٕو انخُف‪ٛ‬ذ٘ رلى ‪ 198/06‬انًخعهك بضبظ انخُظ‪ٛ‬ى انًطبك ع هٗ انًؤطظبث انًـُفت‪.‬‬
‫‪ - 318‬انًبزة ‪ 37‬يٍ َفض انًزطٕو‪.‬‬
‫‪ - 319‬فزج ؿبنح انٓز‪ٚ‬غ‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.451‬‬
‫‪158‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ونجد عدة تطبيقات قضائية لمقوة القاىرة كمانع مف موانع المسؤولية خاصة في‬
‫القضاء الفرنسي‪ ،‬ففي فرنسا في قضية كولمار‪ ،‬برأت محكمة االستئناؼ مصنع لمورؽ مف‬
‫أفعاؿ تمويث مياه النير وبررت قرارىا بأف المصنع ارتكب النشاط المموث نتيجة لمقوة القاىرة‬
‫باإلضافة إلى أنو اتخذ جميع االحتياطات المنصوص عمييا قانونا لتفادي التموث‪. 320‬‬
‫وفي العديد مف حاالت تموث األنيار أخذ القانوف الفرنسي بالقوة القاىرة كمانع مف‬
‫موانع المسؤولية الجنائية‪.321‬‬
‫ويرى العديد مف الفقياء أف المحاكـ الفرنسية في تفسيرىا لمقوة القاىرة في حاالت‬
‫تمويث المياه التي تتسبب فييا المنشأة الصناعية تميز بيف إىماؿ المنشأة في اتخاذ التدابير‬
‫الالزمة مف صيانة آالت وشبكات الصرؼ‪ ،‬بحي ث ال قوة قاىرة إذا لـ تتخذ المنشأة ىذه‬
‫التدابير‪ ،‬وبيف ما يحدث مف تموث نتيجة القوة القاىرة رغـ بذؿ المنشأة العناية الكبيرة وكؿ‬
‫اإلجراءات الالزمة لتفادي التموث‪.322‬‬
‫وبالنسبة لمقضاء الجزائري ال نجد تطبيقات عمى اعتبار القوة القاىرة مانع مف موانع‬
‫المسؤولية الجنائية لممنشأة في جرائـ تمويث البيئة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الموانع المستحدثة لممسؤولية الجنائية لممنشأة‬
‫يأخذ الفقو الحديث بأنظمة جديدة يمكف إدراجيا في موانع المسؤولية الجنائية في‬
‫جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬فيي تعتبر أسباب خاصة أخذت بيا بعض التشريعات‪ ،‬ومف ىاتو‬
‫األنظمة نجد نظاـ الترخيص اإلداري والجيؿ بالقانوف‪.‬‬
‫أ‪-‬‬
‫الترخيص اإلداري‪:‬‬
‫‪ - 320‬يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪. 192‬‬
‫‪ - 321‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.375‬‬
‫‪ - 322‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪َ :‬فض انًزجع‪ ،‬ؽ‪.375‬‬
‫‪159‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫ىو قرار إداري بسيط ذو كياف مستقؿ‪ ،‬وىو قرار منشأ آلثار قانونية جديدة في مجاؿ‬
‫العالقات القانونية‪ ،‬تبدأ مف يوـ صدوره وتنتيي بتنفيذه‪. 323‬‬
‫والترخيص ذو طبيعة مؤقتة بحيث ال يرتب أي حؽ مكتسب حيث أف اإلدارة يمكف‬
‫أف تتدخؿ في كؿ وقت مف أجؿ تنظيمو وذلؾ استنادا إلى سمطاتيا العامة أو تحقيقا ألىداؼ‬
‫ىذه السمطة التي تتمتع في ذلؾ بام تياز و سيادة تنفي معيا أي طابع تعاقدي‪. 324‬‬
‫ويستمد الترخيص في جرائـ تمويث البيئة مف القانوف‪ ،‬حيث ينص القانوف عمى وجوب‬
‫الحصوؿ عميو قبؿ البدء في استغالؿ المنشأة‪ ،‬وذلؾ لتتمكف اإلدارة مف فرض ما تراه الزما‬
‫مف احتياطات وقائية‪ ،‬وكذا مراقبة نشاط المنشأة‪ ،‬وفي التشريع الجزائري تنقسـ المنشآت إلى‬
‫أربع فئات‪ ،‬تخضع الفئة األولى إلى ترخيص مف وزير البيئة‪ ،‬أما الثانية فتخضع لترخيص‬
‫مف الوالي المختص إقميميا‪ ،‬وفئة ثالثة تخضع لترخيص مف رئيس المجمس الشعبي البمدي‬
‫المختص إقميميا‪ ،‬أما الفئة الرابعة فتخضع لنظاـ التصريح لدى المجمس الشعبي البمدي‬
‫المختص إقميميا‪. 325‬‬
‫وييدؼ الترخيص إلى تحديد تبعات النشاطات االقتصادية عمى البيئة والتكفؿ بيا‪،‬‬
‫ويعتبر الترخيص مف موانع المسؤولية الجنائية في جرائـ البيئة‪ ،‬حيث كثي ار ما تستند إليو‬
‫المنشأة في تبرير النشاطات المموثة التي تقوـ بيا‪ ،‬وتشترط جؿ التشريع ات الحصوؿ عمى‬
‫تراخيص إدارية مف الجيات المختصة قبؿ ممارسة أي نشاط قد ينجـ عنو أضرار مموثة‬
‫لمبيئة‪ ،‬وتعتبر مزاولة النشاط بدوف رخصة جريمة في ذاتيا يعاقب عمييا‪ ،‬فنص المشرع‬
‫الفرنسي عمى ضرورة حصوؿ صاحب المؤسسة عمى تراخيص لمزاولة نشاطو في القانوف‬
‫‪ - 323‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪ٔ ،456‬اَظز كذنك يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬انًزجع ان ظببك‪ ،‬ؽ‪.194‬‬
‫‪ - 324‬يحًس نً ٕطد‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪ ٔ ، 262‬راجع أ‪ٚ‬ضب يحًس حظٍ انكُسر٘‪ :‬انًزجع انظببك‪ ،‬ؽ‪.194‬‬
‫‪ - 325‬انًبزة ‪ 03‬يٍ انًزطٕو انخُف‪ٛ‬ذ٘ رلى ‪ 198/06‬انًخعهك ببنخُظ‪ٛ‬ى انًطبك عهٗ انًؤطظبث انًـُفت‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫رقـ ‪ 663‬لسنة ‪ 1976‬الصادر بشأف تصنيؼ المنشأة‪ ،‬وبمخالفة ىذا النص يعد صاحب‬
‫المنشأة مرتكب لجريمة مزاولة نشاط دوف ترخيص‪.326‬‬
‫أما التشريع الجزائري فقد توسع في األخذ بنظاـ التراخيص وخاصة في جرائـ البيئة‬
‫البحرية‪ ،‬ومف النصوص القانونية التي نصت عمى ضرورة الحصوؿ عمى ترخيص نجد‬
‫المادة ‪ 15‬مف القانوف رقـ ‪ 19/01‬المتعمؽ بتسيير النفايات ومعالجتيا حيث تنص عمى ما‬
‫يمي‪ " :‬ال يمكف معالجة النفايات الخاصة إال في المنشآت المرخص ليا مف قبؿ الوزير‬
‫المكمؼ بالبيئة وذلؾ وفقا لألحكاـ التنظيمية المعموؿ بيا"‪ ،‬وكذلؾ المادة ‪ 05‬مف القانوف رقـ‬
‫‪ 09/03‬المتعمؽ بقمع مخالفة أحكاـ اتفاقية حضر استحداث وانتاج تخزيف واستعماؿ‬
‫األسمحة ال كيميائية وتدميرىا‪ ،‬حيث نصت عمى ما يمي‪" :‬يمنع إنتاج المواد الكيمائية‬
‫المنصوص عمييا في الجدوليف ‪ 1‬و ‪ 2‬مف ممحؽ االتفاقية المتعمقة بالمواد الكيميائية دوف‬
‫ترخيص الدولة"‪ ،‬كما نصت المادة رقـ ‪ 07‬مف المرسوـ الرئاسي رقـ ‪ 119/05‬المتعمؽ‬
‫بتسيير النفايات المشعة عمى ما يمي‪ " :‬يخضع كؿ رمي ميما كاف شكمو لمواد مشعة في‬
‫البيئة لرخصة مسبقة مف محا فظة الطاقة الذرية"‪ ،‬كما نص قانوف حماية البيئة رقـ ‪10/03‬‬
‫في المادة ‪ 55‬عمى ما يمي‪ " :‬يشترط في عمميات الشحف أو تحميؿ كؿ المواد أو النفايات‬
‫الموجية لمرمي في البحر الحصوؿ عمى ترخيص يسممو الوزير المكمؼ بالبيئة‪ ،‬كما نصت‬
‫المادة ‪ 53‬مف نفس القانوف عمى ما يمي‪ " :‬يجوز لموزير المكمؼ وبعد تحقيؽ عمومي أف‬
‫يقترح تنظيمات ويرخص بالصب أو الغمر في البحر ضمف شروط تضمف بموجبيا ىذه‬
‫العممية انعداـ الخطر أو عدـ اإلضرار"‪ .‬ففي ىذه الحالة نالحظ أف المشرع اعتبر الترخيص‬
‫الممنوح مف وزير البيئة مانع مف موانع المسؤولية الجنائية عف جريمة غمر مواد مموثة في‬
‫البحر‪ ،‬غير أف ىذا التصريؼ والغمر يجب أف يكػوف بشروط محددة‪ ،‬فالترخيص في‬
‫استعماؿ المنشأة ينتج آثاره اإلعفا ئية مف المسؤولية الجنائية مف يوـ صدوره إلى انتياء‬
‫‪ - 326‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.457‬‬
‫‪161‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫صالحيتو‪ ،‬حيث الرخص ال تكوف مؤبدة‪ ،‬بحيث تنقضي إما بصدور نص جديد يمغي‬
‫التراخيص القديمة أو عف طريؽ سحب اإلدارة لمترخيص‪.327‬‬
‫وقد استقر القضاء عمى اعتبار الترخيص مانع مف موانع المسؤولية في العديد مف‬
‫القضايا‪ ،‬حيث ح ضرت المحكمة الدستورية العميا في مصر إلقاء المخمفات الصمبة والمواد‬
‫المموثة في مجاري المياه‪ ،‬واستثنت مف ذلؾ حاالت يقدرىا الوزير المختص وفقا لرخصة‬
‫تصدر بشروط‪ ،‬كما قضت محكمة النقض الفرنسية بمسؤولية صاحب منشأة عف جريمة‬
‫تمويث البيئة‪ ،‬لقيامو بدفف مخمفات مضرة بالب يئة في مركز مخصص لمتخمص مف النفايات‬
‫دوف الحصوؿ عمى ذلؾ‪ ،‬كما قضت باعتبار الترخيص مانع مف موانع المسؤولية في الحكـ‬
‫الصادر في ‪ 1986/02/13‬في قضية تمويث مياه البحر‪ ، 328‬ففي الحالة األولى قامت‬
‫مسؤولية صاحب المنشأة عمى أساس عدـ الحصوؿ عمى ترخيص‪ ،‬فالترخيص يعد فاصال‬
‫ب يف المشروعية وعدـ المشروعية‪ ،‬فإذا وقع الفعؿ استنادا إلى الترخيص اإلداري فإف‬
‫الترخيص يكوف مشروعا ويخرج عف دائرة التجريـ‪ ،‬أما إذا وقع الفعؿ دوف ترخيص فيعد‬
‫الفعؿ غير مشروع وبالتالي تقوـ المسؤولية الجنائية عف فعؿ التمويث‪. 329‬‬
‫وفي األخير نقوؿ أف الترخيص اإلداري م انع مف موانع المسؤولية اإلدارية لممنشأة إذا‬
‫ورد نص يستثني الفعؿ بناءا عمى ترخيص‪ ،‬كما ىو الحاؿ في المادة ‪ 53‬مف قانوف حماية‬
‫البيئة رقـ ‪.10/03‬‬
‫ب ‪ -‬الغمط في القانوف أو الجيؿ بو‬
‫مف المعروؼ في القانوف الجنائي كقاعدة عامة عدـ االعتذار بالجيؿ أو الغمط في‬
‫القانوف وى ي قاعدة دستورية نص عمييا المشرع الجزائري في الماد ‪ 60‬مف الدستور‪ ،‬كما‬
‫تنص جؿ التشريعات عمى ىذ ه القاعدة‪ ،‬فال يجوز االعتذار بالجي ؿ أو الغمط في أحكاـ‬
‫‪َٔ - 327‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.380‬‬
‫‪ - 328‬أحًس يحًس لبئس يمبم‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.378‬‬
‫‪ - 329‬عبزل يبْز األنف‪ :ٙ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.461‬‬
‫‪162‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫قانوف العقوبات‪ ،‬وىذا ما تقتضيو المصمحة العامة‪ ،‬والتي تتطمب المساواة بيف العمـ الفعمي‬
‫بالقانوف والعمـ المفترض ب و‪ ،‬وذلؾ لغمؽ الباب أماـ كؿ تذرع بالجعؿ بالقانوف لإلفالت مف‬
‫العقاب‪ ،‬إال أف كثرت القوانيف والتنظيمات وتشعبيا خمؽ اتجاه تشريعي و قضائي جديد‬
‫يعترؼ بالغمط أو الجيؿ بالقانوف كمانع لممسؤولية الجنائية‪ ،‬فالتشريعات والتنظيمات البيئية‬
‫متشعبة جدا بحيث يصعب اإلحاطة بيا في ظؿ ىذا التضخـ اليائؿ في أحكاـ ىذه‬
‫التش ريعات والموائح التنفيذية‪ ،‬ففي ىذه الحالة يمكف قبوؿ الغمط أو الجيؿ بالقانوف وخاصة‬
‫عندما يكوف ذلؾ غيػ ر راجع لتقصير المتيـ بػ ؿ إلى غمط حتمي تقدر عميو عػدـ تفاديو‪،‬‬
‫ويمكننا إجماؿ األسباب التي تؤدي إلى اعتبار الغمط أو الجيؿ في القانوف كمانع مف‬
‫المسؤولية الجنائية في جرائـ تمويث البيئة ما يمي‪:‬‬
‫‪ - 1‬كثرة القوانيف البيئية باإلضافة إلى حركيتيا‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ التعديالت التي ترد‬
‫عمييا بيف الفينة و األخرى‪.‬‬
‫‪ - 2‬الطبيعة التنظيمية لجرائـ البيئة‪ ،‬بحيث أنيا ليست جرائـ تقميدية ييتدي إلييا اإلنساف‬
‫بضميره كالقتؿ والسرقة‪ ،‬وانما يكوف تجريميا بتدخؿ المشرع‪ ،‬وكذلؾ غالبا ما تصػدر‬
‫التش ريعات البيئيػة عػ ف تفويض تشريعي باألوامر والمراسيػـ‪ ،‬باإلضافة إلى اإلحالة إلى‬
‫االتفاقيات الدولية‪ ،‬مما يؤدي إلى اتساع نطاؽ التشريع البيئي‪.330‬‬
‫‪ - 3‬غالبا مػا تتضمف التشريعات البيئية قياسات ومعايير وجداوؿ يصعب اإللماـ بيػا‪،‬‬
‫فيي ذات طبيعية فنية يصعب عمى اإلنساف العادي فيميا واإلحاطة بيا‪.‬‬
‫ويذىب بعض الفقياء إلى قبوؿ الغمط في القانوف كمانع مف موانع المسؤولية الجنائية‬
‫بشرط أف تقوـ المنشأة المصنفة بجميع التدابير التي يحددىا مدير البيئة أ و لجنة المنشآة‬
‫المصنفة‪ ،‬كما يمكف أف يتصور حاؿ الغمط في القانوف في حالة عدـ استكماؿ نشر‬
‫النصوص التنظيمية الخاصة ببعض األحكاـ القانونية وىذا ما يجعميا غامضة وتحتمؿ عدة‬
‫‪ - 330‬يحًس نًٕطد‪ :‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪.269‬‬
‫‪163‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث‬
‫البيئة‬
‫تأويالت‪ ،‬وىو األمر الشائع في المنظومة البيئية الوطنية‪ ،‬وقد قبؿ القضاء الفرنسي بعدـ‬
‫مسؤولية الشركة و ذلؾ عند وقوعيا ف ي الغمط بالقانوف‪ ،‬وذلؾ بعد امتثاليا لمفتش العمؿ‪،331‬‬
‫كما قد تقع المنشأة في الغمط في المواد أو المعدات أو طرؽ اإلنتاج أو المواد المنتجة مف‬
‫حيث آثارىا عمى البيئة‪ ،‬إال أف التشريعات البيئية أصبحت تفرض عمى المنشأة إيداع‬
‫دراسات وموجز التأث ير عمى البيئة مما يقمؿ مف فرص المنشأة بالتمسؾ بيذا الدفع‪.332‬‬
‫ونحف بدورنا ال نؤيد اعتبار الجيؿ والغمط بالقانوف كمانع مف موانع المسؤولية‬
‫الجنائية بالنسبة لممنشأة المصنفة وممثمييا ألف التشريعات البيئية عادة ما تفرض عمى‬
‫المنشأة وأصحابيا االلتزاـ بوضع خطط وتجييز المنشأة و تدريب العماؿ عمى التعامؿ مع‬
‫المواد المموثة‪ ،‬فضال عمى أنيـ المخاطبوف بالقوانيف البيئية‪ ،‬وفي نفس الوقت يمكف أف نقترح‬
‫وضع القوانيف البيئية في مداون ة موحدة وذلؾ ليسيؿ االطالع عمييا مما يحؿ مشكمة تشعب‬
‫القوانيف البيئية واستحالة االطالع عمييا كميا‪.‬‬
‫‪َٔ - 331‬بص ‪ٚ‬ح‪ :ٗٛ‬يزجع طببك‪ ،‬ؽ‪370‬‬
‫‪ - 332‬المواد ‪ 05‬و ‪ 06‬و ‪ 07‬و ‪ 08‬مف المرسوـ رقـ ‪ 145/07‬الذي يحدد مجاؿ تطبيؽ ومحتوى كيفيات المصادقة عمى الدراسة و موجز التأثير‬
‫عمى البيئة‪.‬‬
‫‪164‬‬
‫خـاتـمـة‬
‫الخاتمة‬
‫لقد تناوؿ الباحث في ىذ ه الدراسة موضوع المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‬
‫عف جريمة تمويث البيئة‪ ،‬حيث أف مشكمة تمويث البيئة مف أخطر المشاكؿ التي أصبحت‬
‫تيدد أمف و سالمة البشرية في وقتنا ىذا‪ ،‬وذلؾ نتيجة لمتطور اليائؿ الذي وصؿ إليو‬
‫اإلنساف‪ ،‬مما انعكس عمى بيئتو‪ ،‬وبما أف جؿ جرائـ تمويث البيئة تقع مف الشخص المعنوي‪،‬‬
‫لذلؾ ركزنا دراستنا عمى ىذا الجانب‪ ،‬وفي الحقيقة ىذا الموضوع حديث‪ ،‬إذ يعتبر مف أىـ‬
‫المواضيع المتعمقة بحماية البيئة‪.‬‬
‫مف خالؿ كؿ ما ورد في ىذا البحث خمصنا إلى النتائج التالية‪:‬‬
‫ صعوبة وضع تعريؼ دقيؽ لمبيئة‪ ،‬إال أف الشيء المتفؽ عميو ىو تحديد عناصر‬‫البيئة‪ ،‬حيث تتكوف مف عنصريف‪ ،‬إحداىما طبيعي واآلخر اصطناعي‪.‬‬
‫ في وضع مفيوـ لمتموث يركز الباحثوف عمى التموث الحادث بفعؿ اإلنساف وىو محؿ‬‫الحماية القانونية‪ ،‬أما التموث الحاصؿ بفعؿ الطبيعة ال ذي ال دخؿ لإلنساف فيو مستبعد‬
‫مف الدراسة‪.‬‬
‫ جريمة تمويث البيئة مف جرائـ الضرر‪ ،‬وكذا جرائـ التعريض لمخطر‪ ،‬حيث أنو أحيانا‬‫قد يشترط المشرع تحقؽ نتيجة ضػ ارة بعناصر البيئة العتبار الفعؿ المجػرـ‪ ،‬وأحيانا‬
‫يجرـ المشرع السموؾ فقط ‪ ،‬ألنو في كثير مف األحياف يصعب تحديد ال ضرر في جرائـ‬
‫تمويث البيئة‪ ،‬باإلضافة إلى تحقيؽ أكبر حماية لمبيئة‪ ،‬ألنو غالبا ما تحدث جرائـ‬
‫التمويث نتائج يصعب تداركيا‪.‬‬
‫ صعوبة تحديد الضرر البيئي‪ ،‬مما ينتج عنو صعوبة تحديد السبب الذي أدى إلى‬‫النتيجة لذلؾ أخد المشرع بتجريـ النتائج الخطرة‪.‬‬
‫‪165‬‬
‫ اختالؼ جريمة تمويث ال بيئة عف غيرىا مف الجرائـ مف حيث زماف و مكاف وقوع‬‫الجريمة‪.‬‬
‫ قصور النصوص القانونية في تحديد الركف المعنوي لمكثير مف جرائـ البيئة مما يطرح‬‫التساؤؿ حوؿ طبيعة الجريمة ما إذا كانت عمديو أو غير عمديو‪.‬‬
‫ الشخص المعنوي المخاطب بقوانيف البيئة ىي المنشأة المصنفة‪.‬‬‫ أخذت جؿ التشريعات بمسؤولية األشخاص المعنوية عف جرائـ تمويث البيئة عمى‬‫غرار المشرع الجزائري ‪ ،‬إال انو اقتصر عمى مسؤولية األشخاص المعنوية الخاصة‬
‫دوف العامة كالدولة و الوالية والجماعات المحمية‪.‬‬
‫ أخد المشرع بازدواجية المساءلة الجنائية لألشخاص المعنوية و األشخاص الطبيعية‬‫عف جرائـ تمويث البيئة‪ ،‬فمساء لة الشخص المعنوي جزائيا ال تعفي األشخاص‬
‫الطبيعييف القائميف عمى اإلدارة مف المسؤولية الجزائية عندما يرتكبوف أفعاال إجرامية‬
‫باسـ ولحساب الشخص المعنوي‪ ،‬فيعاقب مسير المنشأة أو المدير بصفتو فاعؿ‬
‫أصمي أو شريؾ في الجريمة كما يسأؿ مسؤولية مفترضة عف الجرائـ التي ترتكب مف‬
‫التابع سوى ارتكبت الجريمة عف طريؽ العمد أو اإلىماؿ ألنو يقع عمى عاتؽ المسير‬
‫التزاـ بمراقبة و اإلشراؼ عمى التابعيف‪.‬‬
‫ عدـ اختالؼ شروط المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية في جرائـ البيئة عف‬‫غيرىا مف الجرائـ‪ ،‬فيجب أف ترتك ب الجريمة باسـ و لحساب الشخص المعنوي‪.‬‬
‫ تقصير المشرع الجزائري في معالجة مساءلة العامميف في المنشأ ة في حالة ارتكابيـ‬‫لجريمة بيئية باسـ و لحساب الشخص المعنوي‪ ،‬باإلضافة إلى عدـ إدراج مساءلة‬
‫الموظؼ ع ف جرائـ البيئة في النصوص البيئة‪.‬‬
‫ حاوؿ المشرع الجزائري سموؾ مسم ؾ وقائي أكثر منو عقابي بالنسبة لممنشأة وذلؾ‬‫بالنص عمى جممة مف القواعد التي يتعيف احتراميا مسبقا مثؿ دراسة ال خطر‪.‬‬
‫‪166‬‬
‫ عقوبة الغرامة مف أىـ العقوبات المقررة لممنشأة في جرائـ تمويث البيئة لذلؾ يجب أف‬‫تكوف رادعة مف حيث قيمتيا إال أنيا مازلت ال تشكؿ عمؿ ردعي الف المنشأة غالبا‬
‫ما ترتكب الجريمة تيربا مف االلتزامات البيئية الباىظة‪.‬‬
‫ المصادرة مف العقوبات الفعالة التي نص عمييا المشرع الجزائري‪.‬‬‫ جؿ األ حكاـ الواردة في قانوف البيئة تنص عمى عقوبة الغمؽ المؤقت و ال تنص عمى‬‫عقوبة الحؿ‪.‬‬
‫ تعد التدابير االحت ارزية المقررة في مجاؿ الب يئة عمى أقصى قدر مف األىمية في ردع‬‫جريمة تمويث البيئة وذلؾ لدورىا الوقائي مف خطورة ونشاط المنشأة‪.‬‬
‫ أخد المشرع الجزائري بتدبير إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو كجزاء جنائي‪.‬‬‫ حاالت اإلعفاء مف المسؤولية المقررة لمشخص المعنوي في جرائـ البيئة ىي ذاتيا‬‫المقررة بالنسبة لجرائـ القانوف العاـ مع بعض االختالفات الناتجة عف الطبيعة‬
‫الخاصة لجريمة تمويث البيئة كاألخذ بترخيص اإلداري كمانع مف المسؤولية إذا كاف‬
‫ىناؾ نص يستثني الفعؿ بناء عمى ترخيص‪.‬‬
‫ ال تتوفر لدى المنشأ ة التي تقوـ بالتنفيذ قدرات كافية لممراقبة و التفتيش إلنفاذ القوانيف‪.‬‬‫ رغـ الترسانة الكبيرة لمقوانيف البيئية إال أنيا ال تشكؿ ردعا حقيقيا لممنشأة عف ارتكاب‬‫ج ريمة تمويث البيئة فالمشكؿ‪ ،‬يكمف في غياب الوعي البيئي و ضعؼ االستيجاف‬
‫االجتماعي ألفعاؿ التموث وذلؾ مف خالؿ عدـ فاعمية ومردودية األداء الجمعوي‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫ ضرورة تفعيؿ آليات التوعية اإلعالمية ألخطار التموث عمى البيئة وحياة اإلنساف كميا‬‫‪ ،‬وادخاؿ التوعية البيئية ضمف البرامج التعميمية و التريوية‪.‬‬
‫‪ -‬تفعيؿ دور اإلدارة في مجاؿ حماية البيئة‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫ توحيد القوانيف البيئة وجعميا في مدونة قانونية واحدة األمر الذي يسيؿ اإلطالع عمييا‬‫مما يجع منا نتفادى حجة الذيف يحتجوف بكثرة القوانيف البيئة لدفع المسؤولية بالجيؿ‬
‫في القانوف‪.‬‬
‫ إنشاء محكمة مختصة بالنظر في جرائـ البيئة وجعؿ النظر في قضاياىا عمى سبيؿ‬‫االستعجاؿ‪.‬‬
‫ ضرورة إدراج جرائـ البيئة في قائمة الجرائـ الدولية المعاقب عمييا وفؽ القانوف الدولي‬‫الجنا ئي‪ ،‬وخضوع الدوؿ المتسببة في التموث إلى المسؤولية الجنائية الدولية‪.‬‬
‫ إدراج المسؤولية الجنائية ل ألشخاص المعنوية العامة‪ ،‬و خاصة المحمية في جرائـ‬‫تمويث البيئة وذلؾ عند قيمييا بأعماؿ يمكف تفويضيا ألشخاص معنوية خاصة مثؿ‬
‫ما يتعمؽ بتسيير النفايات‪.‬‬
‫ ضرورة الن ص عمى مساء لة األشخاص المعنوية عف جرائـ تمويث البيئة إذا ارتكبت‬‫مف طرؼ العامميف لحساب الشخص المعنوي‪ ،‬وال تقتصر عمى المسير فقط‪.‬‬
‫ تدارؾ القصور التشريعي و النص عمى عقوبة حؿ المنشاة في القوانيف البيئة مما‬‫يشكؿ ردعا عاما لممنشآت‪.‬‬
‫ ضرورة تفعيؿ عقوبة نشر الحكـ باإلد انة‪ ،‬لما ليا مف فعالية وتأثير عمى سمعة‬‫الشخص المعنوي‪ ،‬األمر الذي ي حقؽ ردعا عاما‪ ،‬الف الشخص المعنوي يخاؼ مف‬
‫تشويو سمعتو و اإلضرار بمصالحو‪.‬‬
‫ ضرورة وضع سياسة عامة و شاممة لمدولة‪ ،‬عف طريؽ خطط طوارئ و تدابير وقائية‬‫لممكافحة والحد مف خطر التموث البيئي‪.‬‬
‫‪168‬‬
‫قائمة‬
‫المراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ - I‬المصادر‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الكتب السماوية‪:‬‬
‫القرآف الك ريـ‬
‫ثانيا‪ :‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الدساتير‪:‬‬
‫دستور ‪ 1996‬الصادر بمرسوـ ‪ 438/96‬بتاريخ ‪ 07‬ديسمبر ‪ ،1996‬الجريدة‬
‫الرسمية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ، 76‬بتاريخ ‪ 08‬ديسمبر ‪.1996‬‬
‫ب‪-‬‬
‫القوانيف‪:‬‬
‫‪ - 1‬قانوف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الصادر باألمر ‪ 155/66‬بتاريخ ‪ 08‬جواف‬
‫‪ ،1966‬المعدؿ والمتمـ بالقانوف رقـ ‪ 02/05‬بتاريخ ‪ 20‬ديسمبر ‪.2005‬‬
‫‪ - 2‬قانوف العقوبات الصادر بموجب األمر رقـ ‪ 156/66‬المؤرخ في ‪ 08‬جواف‬
‫‪ ،1966‬الجريػ دة الرسمية الجزائرية المؤرخة في ‪ 11‬جواف ‪ ،1966‬المعدؿ‬
‫والمتمـ‪.‬‬
‫‪ - 3‬األمر رقـ ‪ 37/75‬المؤرخ في ‪ 29‬أفريؿ ‪ ،1975‬الخاص باألسعار وقمع‬
‫المخالفات الخاصة بتنظيميا‪ ،‬الجريدة الرسمية الجزائرية عدد ‪ 38‬لسنة‬
‫‪.1975‬‬
‫‪ - 4‬األمر رقـ ‪ 58/75‬المؤرخ في سبتمبر سنة ‪ 1975‬والمتضمف القانوف‬
‫المدني‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 78‬المؤرخة في ‪ 1975/09/30‬المعدؿ‬
‫والمتمـ بقانوف رقـ ‪ 05/07‬المؤرخ في ‪ 13‬مايو سنة ‪ 2007‬جريدة رسمية‬
‫رقـ ‪ 31‬مؤرخة في ‪ 13‬مايو ‪.2007‬‬
‫‪170‬‬
‫قانوف الغابات رقـ ‪ 12/84‬المؤرخ في ‪ 23‬جواف ‪ ، 1984‬المتضمف النظاـ‬
‫‪-5‬‬
‫العاـ لمغابات‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 26‬الصادرة في ‪ 26‬جويمية ‪.1984‬‬
‫‪ - 6‬األمر رقـ ‪ 37/75‬المؤرخ في ‪ 29‬أفريؿ ‪ ، 1975‬الخاص باألسعار وقمع‬
‫المخالفات الخاصة بتنظيميا‪ ،‬الجريدة الرسمية الجزائرية عدد ‪ 38‬لسنة‬
‫‪.1975‬‬
‫‪ - 7‬القانوف رقـ ‪ 07/88‬الصادر بتاريخ ‪ 26‬جانفي ‪ ،1988‬المتعمؽ بالوقاية‬
‫الصحية واألمف وطب العمؿ‪ ،‬الجريدة الرسمية الج زائرية عدد ‪ 04‬بتاريخ ‪27‬‬
‫يناير ‪.1988‬‬
‫‪ - 8‬القانوف رقـ ‪ 08/90‬المؤرخ في ‪ 07‬أفريؿ ‪ ،1990‬المتضمف قانوف البمدية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية الج زائ رية عدد ‪ 15‬الصادرة ‪ 11‬أفريؿ ‪.1990‬‬
‫‪ - 9‬القانوف رقـ ‪ 36/90‬المؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1990‬المتعمؽ بقانوف الضرائب‬
‫المباشرة‪ ،‬الجريدة الرسمية الج زائرية عدد ‪ 57‬لسنة ‪.1990‬‬
‫‪- 10‬‬
‫القانوف رقـ ‪ 22/96‬المؤرخ في ‪ 06‬جويمية ‪ 1996‬الخاص بقمع‬
‫مخالفات التشريػ ع والتنظيػـ الخاصيف بالصرؼ وحركة رؤوس األمػ واؿ‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية الجزائرية رقـ ‪ 43‬لسنة ‪ ، 1996‬المعدؿ والمتمـ‪.‬‬
‫‪ - 11‬القانوف رقـ ‪ 11/01‬المتعمؽ بالصيد البحري وتربية المائيات المؤرخ في‬
‫‪ 03‬جويمية ‪ ، 2001‬الجريدة الرسمية الجزائرية عدد ‪ 36‬لسنة ‪.2001‬‬
‫‪ - 12‬القانوف رقـ ‪ 19/01‬المؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر ‪ 2001‬المتعمؽ بتسيير‬
‫النفايات ومراقبتيا وازالتيا‪ ،‬الجريدة الرسمية الجزائرية رقـ ‪ 75‬الصادرة في ‪15‬‬
‫ديسمبر ‪.2001‬‬
‫‪ - 13‬القانوف رقـ ‪ 03/03‬المؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪ 2003‬المتعمؽ بمناطؽ التوسع‬
‫والمواقع السياحية‪ ،‬الجريدة الرسمية الجزائرية عدد ‪ 11‬لسنة ‪.2003‬‬
‫‪171‬‬
‫‪ - 14‬القانوف ‪ 09/03‬المؤرخ في ‪ 20‬جويمية ‪ 2003‬المتضمف قمع الجرائـ‬
‫مخالفة أحكاـ اتفاقية حضر استحداث وانتاج وتخزيف واستعماؿ األسمحة‬
‫الكيميائية وتدميرىا‪ ،‬الجريدة الرسمية الجزائرية عدد ‪ 43‬الصادر بتاريخ ‪20‬‬
‫جويمية ‪.2003‬‬
‫‪ - 15‬القانػوف ‪ 10/03‬المؤرخ في ‪ 19‬جويمية ‪ ، 2003‬المتعمؽ بحماية البيئػة‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية الج زائ رية عدد ‪ 43‬الصادرة في ‪ 20‬جويمية ‪.2003‬‬
‫‪ - 16‬القانوف رقـ ‪ 12/05‬المؤرخ في ‪ 04‬أوت ‪ 2005‬المتضمف قانػوف المياه‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية الج زائ رية عدد ‪ 60‬لسنة ‪.2005‬‬
‫ج‪ -‬المراسيـ‪:‬‬
‫‪ - 1‬المراسيـ الرئاسية‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫المرسوـ الرئاسي رقـ ‪ 119/05‬المؤرخ في ‪ 11‬أفريؿ ‪ 2005‬المتعمؽ بتسيير‬
‫النفايات المشعة‪ ،‬الجريدة الرسمية الج زائرية عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪ 13‬أفريؿ ‪.2005‬‬
‫‪ - 2‬المراسيـ التنفيذية‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 184/93‬المؤرخ في ‪ 27‬جويمية ‪ 1993‬المنظـ لمضجيػج‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية الج زائ رية عدد ‪ 50‬المؤرخة في ‪ 28‬جويمية ‪.1993‬‬
‫‪-‬‬
‫المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 198/06‬المؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ 2006‬المتعمؽ بضبط التنظيـ‬
‫المطبؽ عمى المؤسسات المصنفة لحماية البيئة‪ ،‬الجريدة الرسمية الج زائرية عدد ‪37‬‬
‫المؤرخة في ‪ 04‬جويمية ‪.2006‬‬
‫‪-‬‬
‫المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 145/07‬المؤرخ في ‪ 19‬ماي ‪ 2007‬الذي يحدد مجاؿ‬
‫تطبيؽ ومحتوى وكيفية المصادقة عمى دراسة وموجز التأثير عمى البيئة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية الجزائرية عدد ‪ 34‬المؤرخة بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪.2007‬‬
‫‪ - II‬المراجع‪:‬‬
‫‪172‬‬
‫أ ‪ -‬الكتب بالمغة العربية‪:‬‬
‫‪ - 1‬الكتب العامة‪:‬‬
‫ الترمذي‪" :‬سنف الترمذي"‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪.1983 ،2‬‬‫ أبو عبػ د اهلل محمد بف إسماعيؿ الحافظ‪ 194" :‬ىػ – ‪ 259‬ىػ"‪" ،‬صحيح البخاري"‪ ،‬دار‬‫إبف حزـ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪.2003 ،1‬‬
‫ إبف منظور األنصاري‪" :‬لسػاف العػرب"‪ ،‬المجػمد األوؿ والثانػ ي‪ ،‬دار الكتػاب‪ ،‬بيروت‪،‬‬‫لبناف‪.2003 ،‬‬
‫ أحمد شوقي أبو خطوة‪" :‬شرح األحكاـ العامة لقانوف العقوبات"‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬دار‬‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2003 ،‬‬
‫ أحسف بوس قيعة‪" :‬الوجيز في شرح القانوف الجنائي العػ اـ"‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪،4‬‬‫‪.2007‬‬
‫ أحسف محمدي بوادي‪" :‬الخطر الجنائي ومواجيتو تأثيما وتجريما"‪ ،‬دار المطبوعات‬‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2008 ،‬‬
‫ رمسيس بيناـ‪" :‬النظرية العا مة لمقانوف الجنائي"‪ ،‬منشػ اة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ط‪،3‬‬‫‪.1998‬‬
‫ محمود نجيب حسني‪" :‬شرح قانػوف العقوبات"‪ ،‬القسـ العػ اـ‪ ،‬دار النيضة العربيػة‪،‬‬‫القاىرة‪ ،‬مصر‪.1996 ،‬‬
‫ محمد أبو العال عقيدة‪" :‬االتجاىات الحديثة في قانوف العقوبات الفرنسي الجديد"‪ ،‬دار‬‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2004 ،‬‬
‫‪ - 2‬الكتب الخاصة‪:‬‬
‫ أحمد مدحت سالمة‪" :‬التموث مشكمة العصر"‪ ،‬عالـ المعارؼ‪ ،‬الكويت‪.1990 ،‬‬‫ أحمد محمود سعد‪" :‬استقراء لقواعد المسؤولية المدنية في منازعات التموث البيئػي"‪،‬‬‫دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.1994 ،1‬‬
‫‪173‬‬
‫ أحمد النكالوي‪" :‬أساليب حماية البيئة العربية مف التموث"‪ ،‬أكاديمية نايؼ العربية‬‫لمعموـ األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬
‫ أحمد محمد حشيش‪" :‬المفيوـ القانوف لمبيئية في ضوء أسممة القانوف المعاصر"‪ ،‬دار‬‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.2001 ،‬‬
‫ أحمد محمد قائد مقبؿ‪" :‬المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.2005 ،1‬‬
‫ أشرؼ ىالؿ‪" :‬جرائـ البيئة بيف النظرية والتطبيؽ"‪ ،‬بدوف دار نشر‪ ،‬ط‪.2005 ،1‬‬‫ إبتساـ سعيد الممكاوي‪" :‬جريمة تمويث البيئة"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عماف‪،‬‬‫األردف‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫ أحمد محمد الجمؿ‪" :‬حماية البيئة مف التموث في ضوء التشريعات الوطنية واالتفاقيات‬‫اإلقميمية والمعاىدات الدولية"‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدوف تاريخ نشر‪.‬‬
‫ جميؿ عبد الباقي الصغير‪" :‬الحماية الجنائية ضػد التموث السمعي"‪ ،‬دراسة مقارنػة‪،‬‬‫دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.1998 ،‬‬
‫ داود عبد الرزاؽ‪" :‬األساس الدستوري ل حماية البيئة مف التموث في إطار المفيوـ‬‫القانوني لمبيئة والتموث"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬
‫ رائؼ محمد لبيب‪" :‬الحماية اإلجرائية لمبيئة مف المراقبة إلى المحاكمة"‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬‬‫دار النيضة العربية‪ ،‬ط‪.2009 ،1‬‬
‫ رفعت رشواف‪" :‬اإلرىاب البيئي في قانوف العق وبات"‪ ،‬دراسػ ة تحميمية نقدية مقارنػة‪ ،‬دار‬‫الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2009 ،‬‬
‫ رياض صالح أبو العطاء‪" :‬حماية البيئة مف منظور القانوف الدولي"‪ ،‬دار الجامعة‬‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2009 ،‬‬
‫ سميـ صمودي‪" :‬المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي"‪ ،‬دراسة مقارنة بيف التشريع‬‫الجزائ ري والتشريع الفرنسي‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪174‬‬
‫ شريؼ سيد كامؿ‪" :‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.1997 ،1‬‬
‫ عبد الرؤوؼ ميدي‪ :‬المسؤولية الجنائية عف الجرائـ االقتصادية"‪ ،‬منشاة المعػارؼ‪،‬‬‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1976 ،‬‬
‫ عبد الرزاؽ الموافي عبد المطيؼ‪" :‬المسؤولية الجنائية لممنشػ أة االقتصادية الخاصة"‪،‬‬‫دراسة مقارنة‪ ،‬دار النيؿ لمطباعة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.1991 ،1‬‬
‫ عارؼ صالح مخمؼ‪" :‬اإلدارة البيئة‪ ،‬الحماية اإلدارية لمبيئة"‪ ،‬دار اليازوري العممية‪،‬‬‫عماف‪ ،‬األردف‪.2007 ،‬‬
‫ عمي سعيداف‪" :‬حماية البيئة مف البيئة مف التموث بالمواد اإلشعاعية والكيميائية في‬‫القانوف الجزائري"‪ ،‬دار الخمدونية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫ عادؿ ماىر األلفي‪" :‬الحماية الجنائية لمبيئة"‪ ،‬دار الجامعػة الجديدة‪ ،‬اإلسكندريػة‪،‬‬‫مصر‪.2009 ،‬‬
‫ فرج صالح اليريش‪" :‬جرائـ تمويث البيئة"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الفنية لمطباعة‬‫والنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.1998 ،1‬‬
‫ ماجد راغب الحمػ و‪" :‬قانوف حماية البيئػة في ضوء الشريعػة"‪ ،‬منشػأة المعارؼ‪،‬‬‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫ محمد أحمد المنشاوي‪" :‬الحماية الجنائية لمبيئة البحرية"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النيضة‬‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.2005 ،‬‬
‫ محمد ح سف الكندري‪" :‬المسؤولية الجنائية عف التموث البيئي"‪ ،‬دار النيضة العربيػة‪،‬‬‫القاىرة‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬
‫ محمود احمد طو‪" :‬الحماية الجنائية لمبيئة مف التموث"‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬‫مصر‪.2006 ،‬‬
‫‪175‬‬
‫ محمد خالد رستـ‪ " :‬التنظيـ القانوني لمبيئة في العالػـ "‪ ،‬منشورات الحمبي لمحقػوؽ‪،‬‬‫بيروت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬
‫ محمد عبد الرحيـ الناغي‪" :‬الحماية الجنائية في مجاالت الطاقة النووية السممية"‪ ،‬دار‬‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫ نور الديف ىنداوي‪" :‬الحماية الجنائية لمبيئة اليوائية"‪ ،‬دار النيضة الع ربية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬‫مصر‪.1985 ،‬‬
‫ يونس إبراىيـ أح مد مزيد‪" :‬البيئة والتشريعات البيئية"‪ ،‬دار الحامد لمنشر والتوزيػع‪،‬‬‫عماف‪ ،‬األردف‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫ ياسر محمد فاروؽ الميناوي‪" :‬المسؤولية المدنية الناشئة عف تموث البيئة"‪ ،‬دار‬‫الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2008 ،‬‬
‫‪‬‬
‫األطروحات والرسائؿ العممية‪:‬‬
‫‪ - 1‬األطروحات‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫ميرفت محمد ا لبارودي‪" :‬المسؤولية الجنائية لالستخدامات السممية لمطاقة النوويػة"‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،‬كمية الحقوؽ‪.1993 ،‬‬
‫‪-‬‬
‫محمد لموسخ‪" :‬الحماية الجنائية لمبيئة"‪ ،‬دراسة مقارنة بيف الشريعة اإلسالمية‬
‫والقانوف الوضعي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانوف الجنائػي‪ ،‬جامعة محمػد خيضػر‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪.2009- 2008 ،‬‬
‫‪-‬‬
‫وناس يحيى‪" :‬اآلليات القانونية لحماية البيئة في الجزائر"‪ ،‬أطروحة دكتوراه في‬
‫القانوف العاـ‪ ،‬جامعة أبو بكر بالقايد‪ ،‬تممساف‪ ،‬جويمية ‪.2007‬‬
‫‪ - 2‬رسائؿ ماجستير‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫بشوش عائشة‪" :‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية"‪ ،‬رسالة ماجستير في‬
‫القانوف الجنائي‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كمية الحقوؽ‪.2002- 2001 ،‬‬
‫‪176‬‬
‫عادؿ محمد الدميري‪" :‬الحماية الجزائية لمبيئة في التشريعات األردنية"‪ ،‬رسالة‬
‫‪-‬‬
‫ماجستير في القانوف العاـ‪ ،‬جامعة الشرؽ األوسط‪ ،‬قسـ القانوف العاـ‪ ،‬كميػة الحقوؽ‪،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪-‬‬
‫عمي محمد القحطاني‪" :‬التم وث الناتج عف محطات الوقود في الدماـ"‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة نايؼ لمعموـ األمنية‪ ،‬كمية الدراسات العميا‪ ،‬قسػـ العموـ الشرطيػة‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬بدوف سنة نشر‪.‬‬
‫فريدة تكارلي‪" :‬مبدأ الحيطة في القانوف الدولي لمبيئة"‪ ،‬رسالة ماجستير في القانوف‬
‫‪-‬‬
‫الدولي‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كمية الحقوؽ بف عكنوف‪ ،‬جانفي ‪.2005‬‬
‫نور الديف حمشة‪" :‬الحماية الجنائية لمبيئة"‪ ،‬دراسة مقارنة بيف الشريعة اإلسالمية و‬
‫‪-‬‬
‫القانوف الوضعػي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كمية العمػ وـ االجتماعية والعموـ اإلسالميػة‪ ،‬قسـ‬
‫الشريعة‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬السنة الجامعية‪.2006-2005 ،‬‬
‫‪‬‬
‫األبحاث والمقاالت‪:‬‬
‫‪ - 1‬أحمد صادؽ الجياني‪ " :‬موقؼ القانوف الميبي مف مشكالت البيئة"‪ ،‬بحث مقدـ‬
‫لممؤتمر السادس لمجمعية المصرية لمقانوف الجنائي‪ ،‬المنعقد في ‪ 28- 25‬أكتوبر‬
‫‪ ، 1993‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.1993 ،‬‬
‫‪ - 2‬أشرؼ محمد الشيف‪" :‬جرائـ البيئة"‪ ،‬مقاؿ منشور في موقع مركز اإلعالـ‬
‫األمني‪ ،www.policemc.gov.bh ،‬في ‪ 2111/14/17‬عمى ‪.21h00‬‬
‫‪ - 3‬الطيب المومي‪" :‬مشكالت المسؤولية الجنائية في مجاؿ اإلضرار بالبيئة‬
‫بالجميورية التونسية‪ ،‬بحث مقدـ لممؤتمر السادس لمجمعية المصرية لمقانوف‬
‫‪177‬‬
‫الجنائي‪ ،‬المنعقد فػي ‪ 28-25‬أكتوبر ‪ ، 1993‬دار النيضة العربيػة‪ ،‬القاىػرة‪،‬‬
‫مصر‪.1993 ،‬‬
‫‪ - 4‬عبد المجيد محمود‪" :‬المواجية الجنائيػة لتموث البيئة فػي التشريع المصري"‪،‬‬
‫بحث مقدـ ألعماؿ الندوة اإلقميمية حوؿ جرائـ البيئة في الدوؿ العربية المنعقد في‬
‫بيروت‪،‬‬
‫لبناف‪،‬‬
‫‪18-17‬‬
‫مارس‬
‫‪،www.4shard.com ،2009‬‬
‫في‬
‫‪.12h42 2111/19/14‬‬
‫‪ - 5‬مصطفى عبد الحميد عدوة‪" :‬أضواء عمى تشريعات البيئة"‪ ،‬المسؤولية القانونية‪،‬‬
‫بحث مقدـ إلى مؤتمر "نحو دور فاعؿ لقانوف حماية البيئة" في دولة اإلمارات‬
‫العربية المتحدة‪ ،‬ماي ‪ ،www.4shard.com ،1999‬في ‪2111/12/26‬‬
‫‪.12h40‬‬
‫‪ - 6‬محمد مزوالػي‪ " :‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جرائػـ البيئة"‪،‬‬
‫أعماؿ الممتقى الوطني الثاني لمبيئة وحقوؽ اإلنساف‪ ،‬في ‪ 27- 26‬جانفي‬
‫‪ ، 2009‬المركز الجامعي الوادي‪ ،‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 7‬منصور مجاجي‪" :‬المدلوؿ العممي والمفيوـ القانوني لمتموث البيئي"‪ ،‬مجمة‬
‫الفكر‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية جامعة محمد خيضر بسكرة‪.‬‬
‫‪‬‬
‫المؤتمرات والندوات‪:‬‬
‫‪ - 1‬المؤتمر السادس لمجمعية المصرية لمقانوف الجنائي‪ ،‬المنعقد في ‪28- 25‬‬
‫أكتوبر ‪.1993‬‬
‫‪ - 2‬مؤتمر نحو دور فاعؿ لقانوف حماية البيئة في د ولة اإلمارات العربية المتحدة‪،‬‬
‫ماي ‪.1999‬‬
‫‪ - 3‬مؤتمر إقميمي حوؿ جرائـ البيئة لمدوؿ العربية‪ ،‬بيروت لبناف‪ 18- 17 ،‬مارس‬
‫‪.2008‬‬
‫‪178‬‬
،‫ مارس‬18- 17 ‫ في‬،‫ الندوة اإلقميمية حػوؿ جرائػـ البيئة في الدوؿ العربيػة‬- 4
.2009 ،‫ لبناف‬،‫بيروت‬
،2009 ‫ جانفػي‬28- 26 ‫ في‬،‫ الممتقى الوطنػ ي الثاني لمبيئػة وحقوؽ اإلنساف‬- 5
.‫المركز الجامعي بالوادي‬
:‫ المراجع بالمغات األجنبية‬- ‫ب‬
:‫ مراجع بالمغة اإلنجميزية‬- 1
-
Longman dictionary of contemporary English, edition 1984.
:‫ مراجع بالمغة الفرنسية‬- 2
-
-
-
-
A- Les ouvrages :
Dictionnaire de l’environnement : afnor, paris, 2002.
Dictionnaire de La petite l’arouse, libraire l’arouse, Paris,
édition 1985.
Dominique Guihal : driot répressif de l’environnement, préface
de Jacque Henri Robert, economica, Paris, edition 2000.
Jean Paul Antona, Philippe Colin, François Lenglart : La
responsabilité pénale des cadres et des dirigeants dans le monde
des affaires, dalloz, Paris, édition 1996.
Michel Prieur : droit de l’environnement, dalloz, Paris, 4 eme
édition, 2001.
B- Les thèses :
Amissi Melchialde Manirabona : La responsabilité Pénale des
société canadiennes pour les crimes contre l’environnement
survenus à l’étranger, thèse présentée à la faculté des études
supérieures en vue de l’obtention du garde de doctorat en droit,
université de Montréal, faculté de droit, aout 2009.
C- Les articles et les documents :
Allessandro bernasconi : le droit pénale de l’environnement en
Italie, revue pénitentiaire de droit pénale, 2005.
179
-
-
-
-
Bernard Bouloc : La responsabilité pénale des entreprises en
droit Français, in : revue internationale de droit comparé, vol 46,
n°2, Avril-Juin 1994.
Brigitte Henri : La responsabilité pénale des personnes morales,
16 juin 2005, www.chear.defense.gov.fr, 10/07/2011 à 13h05.
Christian tomuschat : document sur les crimes contre
l’environement, ile (XLV III / DC / CRD) projet de code des
crimes contre la paix de la sécurité de humanité par III extrait de
l’annuaire de CDI 1996, Vol III.
Delmas Martym : personnes morales étranger et Française,
revue des sociétés 1993.
Jean pierre gridel : la personne morale en droit français, revue
internationale de droit comparé, vol 42 n°2, avril-juin 1990.
Jean françois carlot : la responsabilité des entreprises du fait des
risques biologiques www.jurisque.com, 07/02/2011 à 19h08.
Sofie geermos :la responsabilité pénale de la personne morale,
une étude comparative, in revue internationale de droit comparé,
vol 48 n°3, juillet-septembre 1996.
Les jugements :
Crim 23 juin 1986, jcpg,III n° 20667.
Cass crim 15 nsv, 1995, bull letin n° 350.
Civ 19,12 1921 s 1914,249
Crim6,7 1934,d,h,1939.446.
:‫ت‬َٛٔ‫ يٕالع إنكخز‬- ‫ج‬
- www.chear.defense.gove.fr
- www.forum.law-dz.com
- www.jurisque.com
- www.policemc.gov.bh
- www.presse.fr
- www.4shared.com
180
‫فهرس‬
‫المحتويات‬
‫فـهرس المحتويات‪:‬‬
‫الصفحة‬
‫العنوان‬
‫آية قرآنية‬
‫ـــ‬
‫دعاء‬
‫ـــ‬
‫إىداء‬
‫ـــ‬
‫شكر وتقدير‬
‫ـــ‬
‫مقولة‬
‫ـــ‬
‫المقدمة‬
‫‪- 2- 3- 4- 0‬‬
‫‪9- 8- 2- 2- 2‬‬
‫الفصؿ األوؿ‪ :‬اإلطار القانوني لجريمة تمويث البيئة‬
‫‪10‬‬
‫المبح ث األوؿ‪ :‬ماىية جريمة التمويث البيئي‬
‫‪12‬‬
‫المطمب األوؿ‪ :‬مفيوـ البيئة و التموث و أنواعو‬
‫‪12‬‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬تعريؼ البيئة‬
‫‪12‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تعريؼ التموث وأنواعو‬
‫‪21‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لجريمة التمويث البيئي‬
‫‪32‬‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬جريمة تمويث البيئة بيف جرائـ الضرر وجرائـ الخطر‬
‫‪32‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬جريمة تمويث البيئة جريمة دولية‬
‫‪41‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أركاف جريمة تمويث البيئة‬
‫‪45‬‬
‫المطمب األوؿ‪ :‬الركف المادي لمجريمة‬
‫‪46‬‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬السموؾ اإلجرامي‬
‫‪47‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬النتيجة اإلجرامية‬
‫‪51‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬العالقة السببية في جريمة تمويث البيئة‬
‫‪59‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الركف المعنوي لمجريمة‬
‫‪61‬‬
‫‪183‬‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬القصد الجنائي‬
‫‪61‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الخطأ غير العمدي‬
‫‪74‬‬
‫الفصؿ الثاني‪ :‬األحكاـ الموضوعية لممسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف‬
‫جريمة تمويث البيئة‬
‫المبح ث األوؿ‪ :‬اإلطار القانوني لمسؤولية الشخص المعنوي عف جرائـ تمويث‬
‫البيئة‪.‬‬
‫المطمب األوؿ‪ :‬نطاؽ المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬إقرار المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف جرائـ البيئة في‬
‫التش ريعات‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫‪85‬‬
‫‪85‬‬
‫‪85‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تحديد األشخاص المعنوية المسولة جنائيا‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫المطمب ال ثاني‪ :‬شروط المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي‬
‫‪108‬‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬ارتكاب إحدى جرائـ البيئة المنصوص عمييا في التشريع البيئي‬
‫‪108‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ارتكاب الجريمة مف شخص طبيعي لو حؽ التعبير عف إرادة‬
‫الشخص المعنوي‬
‫الفرع الثالث‪ :‬ارتكاب جريمة لحساب الشخص المعنوي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية لممصنفات‬
‫المنشأة وممثمييا عف جرائـ‬
‫‪111‬‬
‫‪121‬‬
‫‪123‬‬
‫تمويث البيئة‬
‫المطم ب األوؿ‪ :‬مسؤولية ممثمي المنشأة عف جرائـ البيئة‬
‫‪124‬‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬مسؤولية مسير المنشأة الخاصة‬
‫‪124‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مسؤولية مسيير المنشأة العامة‬
‫‪137‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة‬
‫‪141‬‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬الجزاءات الجنائية المطبقة عمى الشخص المعنوي‬
‫‪141‬‬
‫‪184‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬موانع المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة‬
‫‪152‬‬
‫الخاتمة‬
‫‪164‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪169‬‬
‫فيرس المحتويات‬
‫‪182‬‬
‫‪185‬‬
Download