جامعة قاصدي مرباح – ورقمــة- كمية الحقوق و العموم السياسية قسم الحقوق ------------مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق تخصص :قانون جنائي بعنوان : المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة من إعداد الطالب :لقمان بامون تحت إشراف الدكتور :نصر الدين األخضري نوقشت بتا ريخ 4404/42/42 أمام اللجنة المكونة من السادة: الدكتور/محـمـد بـن محـمـد ( أستاذ محاضر -جامعة قاصدي مرباح -ورقلة )- رئيسا الدكتور /نصر الدين األخضري (أستاذ محاضر -جامعة قاصدي مرباح -ورقلة )-مشرفا ومقررا الدكتور /بن مشري عبد الحليـم الدكتور /عـلي قـ صـيــر (أستاذ محاضر -جامعة محمد خيضر -بسكرة )- (أستاذ محاضر – جامعة الحاج لخضر –باتنة )-منـاقشـا السنة الجامعية 4400/4404 مناقشـا بِس ِم ِ الر ِحي ِم الر ْحم ِن َّ اهلل َّ ْ اد فِ ي الْبَـ ِّر َوالْبَ ْح ِر ظَ َه َر الْ َف َس ُ َّاس لِي ِ ت أَي ِ ِ ض ع ـ ب م ه ق ي ذ ن ال ي د َ ُ ُ ْ َْ َ بِ َما َك َسبَ ْ ْ الَّ ِذي َع ِملُوا لَ َعل َُّ م ه ْ ْ ن ( )20 يَـرِج ُعو َ سورة الروم ب ا ْشرح لِ ص ْد ِري ي َ َر ِّ َ ْ وي ِّسر لِ ِ احلُ ْل ُع ْق َد ًة ِم ْن لِ َسانِي و * ي ر َم أ ي َ ْ ْ ََ ْ يَـ ْف َق ُهوا قَـ ْولِي اآليات 42 ،42 ،42 ،42من سورة طه إلى أعز الناس و أغلى الناس ،إلى من بفضلها بعد اهلل عز وجل وصلت إلى ما وصلت إليه ،إلى من كانت لي نورا في طريقي إلى من كان دعاؤها سر نجاحي إلى أمي الغالية حفظها اهلل و جزاها عني خير الجزاء. إلى من زرع في قلبي روح األمل والمثابرة إلى والدي العزيز. إلى أمي الثانية التي كانت لي سندا إلى جدتي حفظها اهلل. إلي أبي الثاني جدي حفظه اهلل. إلى من أعتز بهم وأفخر بهم و أحملهم في قلب ي نقشا أزليا ال يزول إلى إخوتي ( عبد الكريم ،يوسف ،محمد الطاهر ،خديجة ،مراد ،خالد ،عبد الرؤوف ،عبد الرحيم ،إيمان ،عماد). إلى كل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاز هذا البحث. مصداقا لقوله ت عالى (( :والن شكرتم ألزيدنكم )). يتوجب على اإلقرار بالشكر األول و األخير هلل عز وجل أن أعانني ووفقني لكتابة هاته الرسالة. ومن لم يشكر الناس لم يشكر اهلل ،لذلك أتق دم بخالص شكري لمن يستحق الشكر والتقدير إلى األستاذ المشرف الدكتور نصر الدين االخضري لقبوله اإل شراف على هاته الرسالة وعلى ما قدمه لي من نصائح وتوجيهات علمية طيلة مدة إعداد الرسالة. كما أتقدم بج زيل الشكر إلى الدكتور قوي بوحنية عميد كلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة ورقلة ،و األستاذ عمران بوليفة رئيس قسم الحقوق ،وكل أساتذة القسم الذين لم يبخلوا في تقديم العلم و اإلرشاد ،و الذين بفضلهم تمكنت من إعداد هاته الرسالة. كما أتوجه بالشكر إلي صديقي رضوان ش ريفي الذي كان معي يوم بيوم في إعداد هاته الرسالة وشاركني عناها. مـقـدمـة 1 مقدمة إف لكؿ عصر مف العصور قضية تطرح نفسيا وتشغؿ عقوؿ المفكريف ،وال شؾ أف قضية زمننا ىذا ىي قضية التموث البيئي ،والمشاكؿ التي تمس البيئة ،والتي تيدد اإلنساف في حياتو حيت تعتبر البيئة الوسط الحيوي الذي ت عيش فيو المخموقات مف إنساف وحيواف ونبات ،وقد عمؿ البشر عمى االعتداء عمى الموارد الطبيعية لياتو البيئة وتكييؼ وتطويع البيئة لرغباتيـ حتى تجاوزوا الحدود ،وال يوجد اخطر مما يحدث اليوـ مف إتالؼ لمبيئة إلى حد الذي جع ؿ مف الصعب إصالح ما تـ إفساده ،وما مشكمة االحتباس الحراري إال مثاؿ حي لذلؾ ،وىو ما ييدد بأ ف تصبح الحياة قاسية عمى كوكبنا ،فأصبحت ىاتو الظاىرة تشكؿ مشكمة إنسانية وخاصة بعد التقدـ التكنولوجي اليائؿ الذي وصؿ لو اإلنساف والثورة الصناعية التي ساىمت في رقي اإلنساف مف جية ومف جية أخرى انعكست بسمب عمى بيئتو. وموضوع حماية البيئة وضرورة الحفاظ عمييا وكيفية مواجية اآلثار الناجمة عف التموث مف المواضيع التي تناؿ اىتماـ االتفاقيات الدولية وكذا التشريعات الوطنية ،وكذلؾ نالت اىتماـ فقياء القانوف في كافة فروعو حيت حظيت بالعديد مف الدراسا ت المختمفة مف كافة الميتميف بالدراسات القانونية. وازاء تطور ىذه الظاىرة وخطورة المشاكؿ البيئية زادت جيود الدوؿ مف أجؿ الحد مف ىاتو الممارسا ت الضارة واألنشطة المدمرة لمبيئة ،فانعقدت المؤت مرات الدولية الخاصة بالبيئة كمؤتمر ستوكيولـ لسنة ،1972ثػـ مؤتمر ريػو بالب ارزيؿ لسنػة ،1993ومف ثـ عمدت جؿ الدوؿ إلى سف التشريعات الالزمة لممحافظة عمى البيئة وحمايتيا عمى غرار المشرع الج زائري فكاف أوؿ قانوف خاص بحماية البيئة ىو القانوف رقـ 03- 83المتعمػ ؽ بحماية البيئػة، تدرجت بعػده القوانيف وصوال إلي القػانوف رقـ .10- 03 2 وكانت نتيجة لذلؾ أف تضمنت ىاتو التشريعات أحكاما لمتصدي إلى مخالفة االلتزامات والواجبات المتعمقة بحماية البيئة وتستوجب مساءلة المخالؼ ،وىي المسؤولية عف األ ضرار البيئية ومف بيف ىذه المسؤوليات المسؤولية الجنائية. أهمية الموضوع: تكمف أىمية الموضوع فيما يمي: إف البحث ينتمي إلى األبحاث القانونيػة المتعمقة بحمايػة البيئة والمحافظة عمييػا ،وىي مف الموضوعات التي تحظى بأىمية بالغة في عصرنا ،خاصة وبعد ارتفاع التموث في جميع أنحاء العالـ ،وازدياد المخاطر الناجمة عنو ،الوضع الذي فرض عمى المجتمع الدولي التكافؿ لمواجية التحديات البيئية التي أفرزتيا الحضارة الحديثة مف اجؿ سالمة البشرية مف جانب وسالمة البيئة مف جانب أخر. واف األمف البيئي وما يعنيو ىذا المصطمح مف بيئة أكثر أمنا واقؿ تموثا - ،يعد بحؽ -مف أىـ أسس بقاء المجتمع ،إذ أف حياة اإلنساف وبقائو بؿ وحيػاة األجياؿ المقبمػة، مرت بطة ارتباطا وثيقا بسالمة البيئة. ومف ىنا ييتـ المشرع بالقواعد القا نونية التي تكفؿ صيانة البيئة ومكافحة جميع أنواع التعدي عمى التوازف بيف مكونات النظاـ البيئي ،فيحدد األعماؿ التي تؤدي إلى تموث المحيط الحيوي بأجزائ و المائية واليوائية والبرية ،كما يضع الوسائؿ القانونية لرصد تمؾ األعماؿ ومساءلة مرتكبييا ،و فرض العقوبة المناسبة عمى اقترافيا. لذا فقد لوحظ في غياب ونقص فاعمية القوانيف والتشريعات البيئية أكبر األثر في تزايد الدمار البيئي ،وال شؾ أف فاعمية وكفاءة أنظمة حماية البيئة تعتمد بالدرجة األولى عمى إمكانات وطاقات وحدود تطبيؽ وتنفيذ كافة التشري عات البيئية المختمفة بدقة و حزـ. وىو ما جعؿ البعض ينادي بضرورة إقامة منظومة متكاممة ،أحد مكوناتيا إنشاء قاعدة بيانات لمتشريعات البيئية ،بيدؼ الرصد والجمع والتخزيف واالسترجاع ،بما يفيد 3 القائميف عمى شؤوف حماية البيئة في تحديد ومعرفة ال حقوؽ وتوقيػع الجزاء عمى المخالؼ، ومف ثـ يزيد مف احتراـ تمؾ الحماية ،ويشكؿ أخالقيات بيئية ووقائية لمواجية المخاطر البيئية . واف كاف الق انوف الجنائي يقرر مسؤولية كؿ شخص عف مخالفتو إلحكاـ القوانيف البيئية ،فقد يمكف أف يكوف الشخص طبيعيا أو معنويا ،والمالحظ أف األضرار التي يتسبب فييا الشخص الطبيعي في ىذا المجاؿ ضئي مة بالمقارنة مع الشخص االعتباري ،خاصة الدوؿ الصناعية الكبرى وكذا الشركات الصناعية. وأحكاـ ىا تو المسؤولية مف الموضوعات المعقدة والدقيقة التي لـ تستقر وتتضح بشكؿ جمي إذ مازلت يشوبيا الكثير مف الغموض وعدـ التحديد ،واتجيت غالبية السياسات الجنائية المعاصرة إلي إقرار المس ؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية لمواجية التغيرات االجتماعية واالقتصادية وطيور أبعاد جديدة عف سوء استخداـ لألنشطة الصناعية مف قبؿ ىؤالء األشخاص األمر الذي يترتب عميو الكثير مف اإلضرار في صحة الفرد والبيئة وخاصة تمؾ الناتجة عف التموث الصناعي والكيميائي. ولقد كاف ليذا الفكر أساس اجتماعي ىاـ ،ذلؾ الف تقرير المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي ىو الحؿ الحتمي الذي يسد النقص الناتج مف االكتفاء بالمسؤولية الفردية. فالمسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي تمثؿ في عصرنا ىذا نقطة تحوؿ أخرى في تطور القانوف الجنائي ،والمسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي في جرائـ البيئة ىي أيضا وليدة العصر ،لما يشيده ىدا األخير مف تغيرات والتي تسبب بيا العالـ المتطور اليوـ وما يسببو ىؤالء األشخاص مف إضرار عمى البيئ ة وما ترتكبو مف جرائـ ضد البيئة. إشكالية الموضوع: 4 تثير المعالجة القانونية لموضوع المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف جريمة تمويث البيئة اإلشكالية التالية: إلى مف تسند المسؤولية الجنائية عف جريمة تمويث البيئة المرت كبة في إطار تسيير الشخص المعنوي؟ إلى الشخص المعنوي بمعزؿ عف الشخص الطبيعي الذي يمثمو والذي يكوف قد ارتكب الجريمة ؟ أـ تسند إلى الشخص الطبيعي وتتعدى إلى الشخص المعنوي ،أي كمييما معا. ويتفرع عف ىذه اإلشكالية أسئمة فرعية : ىؿ المسؤولية الجنائية لمشخ ص المعنوي عف جريمة تمويث البيئة مطابقة لممسؤولية في غيرىا مف الج رائـ التي يرتكبيا الشخص المعنوي؟ أـ أف ليا خصوصية نظ ار لخصوصية جريمة تمويث البيئة؟ وفي الركف المادي وعف الصورة التي يمكف أف يتخذىا النشاط اإلجرامي في ىذه الجريمة والسموؾ الذي يمكف أف تتحقؽ بو الجريمة ،ىؿ يكتفى بالسموؾ المادي االيجابي فقط أـ مف الممكف أف تقػ ع الجريمة باالمتناع؟ ،وما ىو اإلىماؿ الكافي لتكويف الجريمة؟، وىؿ يجب أف يكوف االمتناع عف واجب قانوني محدد في القانوف أـ انو يكفي أف يكوف ىناؾ امتناع يصمح الف يكوف ركنا ماديا طالما أنو يسبب ضرر؟ كما أف الركف المعنوي في ىده الجريمة صعب إثباتو ألنو ال ينطوي عمى الخطأ بالمعنى المفيوـ في القانوف العاـ. أسباب اختيار الموضوع : 5 ىناؾ أسباب ذاتية و أخرى موضوعية الختيارنا لمموضوع. فأما عف األسباب الذاتية فيعود اختيارنا ليذا الموضوع إلى رغبتنا وميولن ا لمبحث في ىذا الموضوع ودراستو ،وذل ؾ نظ ار لقمة األبحاث القانونية والدراسات األكاديمية التي تناولت ىاتو الدراسة ،و بالتالي المساىمة ولو بالجزء البسيط بإثراء المكتبة القانونية. باإلضافة إلي التعارض الحاصؿ في يومنا ىذا بيف حؽ اإلنساف في أف يعيش في بيئة مالئمة وفي نفس الوقت حقو في استعماؿ ثرواتو البيئية وتقدمو عمى الصعيد الصناعي، وىو ما يالحظ في منطقتنا الصحراوية وباألخص منطقة حاسي مسعود وما تسببو اآلبار النفطية والغازات المنبعثة منيا مف تموث لمبيئة ،حيث تشير معطيات وتقرير أف خط ار بيئيا ييدد ىاتو المنطقة جراء البقع النفطية المترتبة عف اآلبار القديمة حيث توجد في المنطقة أكثر مف 50شركة مف مختمؼ الجنسيات تستثمر في الماليير دوف مراعاة القواعد البيئية عند مغادرتيا النشاط مثؿ ما تسببت بو شركة بيكتاؿ األمريكية مف تمويث حيث أحيؿ الممؼ إلى العدالة واكتشؼ أف الشركة كانت تجمع نفايات مشعة تحت األرض وىو ما ييدد اإلنساف في ىذه المنطقة حيث اكتشفت العديد مف األمراض الجمدية والتنفسية بوالية ورقمة في المناطؽ القريبة مف اآلبار النفطية. إف األسباب الموضوعية الختيار الموضوع ترجع إلى طبيعة مشكمة البيئة التي ىي باألساس مشكمة سموكية وىو ما أفصح عنو القرآف في اآلية 41مف سورة الروـ بقولو تعالى " ظ ير الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذقيـ بعض الذي عمموا لعميـ يرجعوف " ،لذلؾ فاف األمر يقتضي منا تعديؿ السموؾ البشري ،ولف يتـ ذلؾ إال مف خالؿ إبراز مالمح المصالح البيئة وزيادة الوعي البشري ومف ثـ اكتساب قيـ بيئية ايجابية وسموكيا ت تستيدؼ رعاية البيئة و حمايتيا. باإلض افة إلى حيوية الموضوع و حداثتو ،حيث أف ىذا الموضوع لـ يمؽ اىتماما إال في النصؼ الثاني مف القرف العشريف كم ا أف ظاىرة التموث البيئي ظاىرة خ طيرة تيدد حياة اإلنساف في بيئتو. 6 كذلؾ الرغبة لموقوؼ عمى الحماية الجنائية لمب يئة مف خالؿ المسؤولػيػة الجنائيػة، والوقوؼ عمي أىـ ما وصمت لو التشريعات الحديثة وكذا الوقوؼ عمى النقائص التي تعاني منيا ىذه التشريعات. أهداف الدراسة : تيدؼ ىذه الدراسة إلى التعرؼ عمى مفيوـ جريمة التموث البيئي وأصناؼ التموث باإلضافة إل ي األركاف المكونة لياتو الجريمة. وكما تيدؼ إلى تحديد مسؤولية األشخاص المعنوية مف حيث نطاقيا وشروط قياميا، باإلضافة إلى تحديد الجزاءات الجنائية المطبقة عمى الشخص المعنوي ،أي إسقاط المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عمي جريمة تمويث البيئة باإلضافة إلى التعرؼ عمى موانع ىاتو المسؤولية. المنهج المتبع: المنيج األكثر استخداما في ىاتو الدراسة ىو المنيج التحميمي أو االستداللي ،ذلؾ أف االستدالؿ ىو عبارة عف تسمس ؿ منطقي في األفكار ينطمؽ الباحث مف معطيات أولية وبديييات وصوال إلى نتائج ي ستخمصيا عف طريؽ التحميؿ العقمي ،و ما يميز االستدالؿ الدقة ،إذ ال تدخؿ في عممية البرىنة سوى المعطيات التي يمكف تقديـ برىاف عمى صحتيا. لذلؾ تعتمد الدراسة عمى المنيج التحميمي وذلؾ مف خالؿ تحميؿ النصوص القانونية وتبيف مدى كفايتيا مف قصورىا ،و كذلؾ تحميؿ اآلراء الفقيية والتوفيؽ بينيا واعطاء الحموؿ ،باإلضافة إلى جمع المعم ومات المتعمقة بالدراسة وتحميميا. كما تعتمد عمى المنيج المقارف مف خالؿ مقارنة التشريع الجزائري بالتشريعات المقارنة فيما يخص ىاتو الدراسة واستخراج أوجو التشابو وأوجو االختالؼ فيما بينيا. 7 الصعوبات: صعوبة تحديد نطاؽ المصمحة محؿ الحمايػة نظ ار لصعوبة تحديد مػ اىية البيئػة، ف مصطمح البيئة مصطمح مبيـ وغامض وغير واضح النطا ؽ ،وغير واضح بصورة دقيقة تسفر عف تحديد يتوافؽ مع القوانيف والذيف ال يتعامم وف إال مع التحديد الدقيؽ ،وبخاصة القانوف الجنائي. كما توجد صعوبة أخرى تت مثؿ في تحديد مدلوؿ مصطمح التموث ،فال يمكف حتى اآلف الجزـ بالتوصؿ إلى مفيوـ جامع ومانع لمتموث البيئي بكيفية عممية ودقيقة و محددة. حيث أف جرائـ تمويث البيئة أمر ال يخمو مف الصعوبة والدقة الف ىاتو الجرائـ عادة ما تتـ باشتراؾ عدة مصادر ال يربط بينيا رابط مباشر. فتموث اليواء مثال في منطقة معينة قد يكوف ناتج عف انبعاث أدخنة مف مصانع ومنشآت موجودة في منطقة ما ،أو نتيجة انبعاث أدخنة مف وسائؿ المواصالت أو بسبب أجيزة التدفئة الموجودة في المباني ،وىكذا ال يمكف تحديد أسباب التموث بشكؿ قاطع. كذلؾ إف موضوع حماية البيئة مف الموضوعات التي لـ تمقى اىتماـ كبير إال في العقود األخيرة ،و فيما يخص موضوع المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي فاألمر أكثر تعقيدا فالمشرع الجزائري لـ يرتب ىاتو المسؤولية إال بعد تعديؿ قانوف العقوبات في ،2004 لذلؾ مف أىـ الص عوبات التي تواجينا في بحثنا ىذا: نقص الدراسات الحديثة فيما يخص المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف جرائـالتمويث البيئي. الخطة المتبعة: سوؼ نتناوؿ الدراسة وفؽ الخطة التالية: مقدمة. 8 الفصؿ األوؿ :اإلطار القانوني لجريمة تمويث البيئة . وقسـ إلى مبحثيف: المبح ث األوؿ:ماىية جريمة التمويث البيئي . المطمب األوؿ :مفيوـ البيئة و التموث و أنواعو. المطمب الثاني :الطبيعة القانونية لجريمة التمويث البيئي . المبحث الثاني :أركاف جريمة تمويث البيئة . المطمب األوؿ :الركف المادي لمجريمة. المطمب الثاني :الركف المعنوي لمجريمة. الفصؿ الثاني :أحكاـ المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف جريمة تمويث البيئة. المبحث األوؿ :اإلطار القانوني لمسؤولية الشخص المعنوي عف جرائـ تمويث البيئة. المطمب األوؿ :نطاؽ المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي. المطمب الثاني :شروط المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي. المبح ث الثاني :المسؤولية الجنائية لممصنفات المنشأة وممثمييا عف جرائـ تمويث البيئة. المطمب األوؿ :مسؤولية ممثمي المنشأة عف جرائـ البيئة . المطمب الثاني :المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة. الخاتمة. 9 الفصل األول: اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول تمهيد يعتبر موضوع حماية البيئة مف الموضوعات المستجدة في النظـ القانونية العربية وىو أيضا مف الموضوعات التي تعد حديثة التن ظيـ في النظـ القانونية المقارنة والتي القت اىتماما كبي ار مف قبؿ الفقياء و رجاؿ القانوف باعتبار البيئة تراثا مشتركا لإلنسانية. واف دراسة المسؤولية الج نائية لمشخص المعنوي عف جريمة تمويث البيئة كجزء مف الد راسات المتعمقة بالحماية القانونية لمبيئة ,تفرض عمينا الوقوؼ عند ىاتو الجريمة ومعرفتيا بشكؿ دقيؽ مف حيث التعريؼ و كذا أىـ ما يميزىا لذلؾ عنونا ىذا الفصؿ باإلطار القانوني لجريمة تم ويث البيئة وقسمنو إلي مبحثيف. المبحث األوؿ نتطرؽ فيو إلي ماىية جريمة تمويث البيئة ثـ نتعرض ألركاف الجريمة في المبحث الثاني. 11 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول المبحث األول:ماهية جريمة تمويث البيئة. إف دراسة جريمة تمويث البيئة مف الناحية القانونية يتطمب تحديد مفيوـ البيئة وكذا مفيوـ التموث باعتبارىـ وجييف لعممة واحدة ،ولعؿ مف أىـ الصعوبات التي توجو ىذا النوع مف الدراسات تحديد المعنى الدقيؽ لمبيئة وكذا التموث. قسـ ىذا المبحث إلي مطمبيف األوؿ نتناوؿ فيو مفيوـ البيئة والتموث و أنواعو ،في حيف الثاني الطبيعة القانونية لجريمة تمويث البيئة. المطمب األول :مفهوم البيئة و التموث و أنواعه. وقسـ إلي فرعيف ،األوؿ تعريؼ البيئة و الفرع الثاني ،تعريؼ التموث و أنواعو. الفرع األول :تعريف البيئة. نتناوؿ تعريؼ البيئة مف خالؿ التعريؼ المغوي والتعريؼ القانوني ثـ التعريؼ االصطالحي. أوال :المفيوـ المغوي لمبيئة يرجع األصؿ المغوي لكممة بيئة في المغة العربية إلي الجذر "بوأ" ,و الذي اشتؽ منو الفعؿ الماضي "باء" ،كما يقاؿ "بوأ" :بمعنى الحموؿ و النزوؿ و اإلقامة. واالسـ مف ىذا الفعؿ ىو البيئة. فقد ورد في لساف العرب البف منظور ما يأتي: بوأ ىـ منزال :أي نزؿ بيـ إلي سند الجبؿ و أبات في المكاف :أقمت بو. 12 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول و بوأتؾ منزال ،أي اتخذت لؾ بيتا.1 َّ ِ ين وقد ورد المعني المغوي لمبيئة في العديد مف اآليا ت القرآنية مثؿ قولو تعالىَ (( :والذ َ ِ ِ تَب َّوءوا الدَّار وا ِإلميَا َن ِم ن قَ ْبلِ ِه م ُُِيبُّو َن م ن َى ِ اج ًة ِشلَّا أُوتُوا َويُ ْؤثُِرو َن َْ َ ْ ص ُدوِرى ْم َح َ اج َر إلَْي ِه ْم َوال ََي ُدو َن ِِف ُ ْ َ َ َ ُ ِ ِِ ِ ِِ ِ حو َن ،2))...بمعنى اص ٌة َوَم ْن يُ َ وق ُش َّح نَ ْفسو فَأ ُْولَئ َ ك ُى ْم الْ ُم ْفل ُ ص َ َعلَى أَنْ ُفس ِه ْم َولَ ْو َكا َن ِب ْم َخ َ الذيف أقاموا و توطنوا بالمدينة قبؿ ىجرة الرسوؿ صمى اهلل عميو و سمـ ،وقولو تعالى ((وَك َذلِ َّ ِ ِ ف ِِف األ َْر ِ ث يَ َشاءُ ،3))...أي يتخذ منيا منزال. ض يَتَبَ َّوأُ مْن َها َحْي ُ َ َ وس َ ك َمكنَّا ليُ ُ ِ ِ وقولو جؿ و عال ((...وب َّوأَ ُكم ِِف األَر ِ ِ صوراً ،4))...وكذلؾ قولو ض تَتَّخ ُذو َن م ْن ُس ُهوذلَا قُ ُ ْ ََ ْ ِ ِ ِِ ِِ ِ صَر بُيُوتاً.5))... وسى َوأَخيو أَ ْن تَبَ َّوأَا ل َق ْوم ُك َما ِب ْ تعالى (( َوأ َْو َحْي نَا إ ََل ُم َ وجاء في السنة النبوية المعنى المغوي لمبيئة وذلؾ في الحديث الشريؼ الذي رواه مسمـ ،أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ قاؿ (( :من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )) ،أي ينزؿ منزلو مف النار.6 وكذلؾ ما ورد عف عبد اهلل بف عمر رضي اهلل عنيما أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ قاؿ (( :أميا رجل قال ألخيو يا كافر فقد باء ِبا أحدمها )).7 ولمبيئة عدة معاني لغوية أخرى ،منيا الرجوع واالعتراؼ فيقاؿ باء بحقو أي اعترؼ لو بحقو. - 1ابن منظور األنصاري :لسان العرب ،اجمللد األول ،دار الكتب العلمية الطبعة األوَل،2003 ،ص 45وما بعدىا. - 2سورة احلشر ،االية. 9 - 3سورة يوسف ،اآلية .56 - 4سورة األعراف ،اآلية .74 - 5سورة يونس ،االية. 87 - 6يحًس عٛظٗ انخزيذ٘ :طٍُ انخزيذ٘ ،زار انفكز ،بٛزٔث ،نبُبٌ ،انطبعت انثبَٛت ، 1983 ،انحسٚث رلى . 2798 - 7أب ٙعبس هللا يحًس بٍ إطًبعٛم انحبفظ ( :) ِ 256- ِ194ؿحٛح انبربر٘ ،زار انحشو ،بٛزٔث ،نبُبٌ ،انطبعت األٔنٗ. 2003، 13 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول كذلؾ البيئ ة بمعنى الثقؿ :فيقاؿ باء بذنبو أي ثقؿ بو ،كما يعنى بالبيئة أيضا الحالة. ومف خالؿ كؿ ما سبؽ يتبيف أف البيئة في المغة ىي النزوؿ والحموؿ و اإلقامة. أما بالنسبة لمغة االنجميزية فيستعمؿ مصطمح " "environmentلمداللة عمى كافة الظروؼ واألشياء المؤثرة والمحيطة بالحياة واإلنساف ،كما يستعمؿ ىذا المصطمح لمتعبير عف الحالة ،الماء واألرض واليواء والحيواف والنبات وكافة الظروؼ الطبيعية المحيطة باإلنساف ،كما تستعمؿ لتعبي ر عف الظروؼ المؤثرة عمى النمو والتنمية.8 أما في المغة الفرنسية فاف مصطمح " "environnementيستعمؿ لمداللة عمى المحيط أو الوسط الذي يعيش فيو الكائف الحي ،وىي مجموعة العناصر الطبيعية والصناعية التي تكوف إ طار حياة الفرد.9 كما تعرؼ بأنيا مجموعة األحواؿ والظروؼ التي تجد المخموقات نفسيا محاطة بيا خالؿ حياتيا سواء كانت عضوية أو كيمائية أو ثقافية أو اجتماعية والقادرة عمى التأثير عمييا مما ينعكس بصورة فورية عمى أنظمتيا العضوية والفكرية .10 وقد عرؼ مجمس المغة الفرنسية البيئة بأنيا" :مجموعة العوامؿ المادية والكيمائية والبيولوجية والعناصر االجتماعية القابمة في وقت معيف لتأثير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حاليا أو في وقت الحؽ عمي الكائنات الحية والنشاط اإلنساني".11 Longman dictionary of contemporary English, edition 1984, p367. - LE PETITE LAROUSE ,LIBRAIRE LAROUSE,EDITION 1985, PAGE345 - 10زلمد خالد مجال رستم :التنظيم القانوين للبيئة ِف العامل ،منشورات احلليب للحقوق، ،بريوت ،لبنان ،ا لطبعة األوَل ، 2006 ،ص .9 - 11ياسر زلمد فاروق ادلنياوي :ادلسؤولية ادلدنية الناشئة عن تلوث البيئة ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكند رية،طبعة ، 2008ص.15 14 8 9 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وقد استعمؿ ىذا المصطمح ألوؿ مرة في مؤتمر األمـ المتحدة األوؿ لمبيئة المنعقد في مدينة ستكوليـ ،لسنة ،1972إذ كاف ىو البديؿ لمصطمح "الوسط البشري " أو الوسػط اإلنساني ".12"milieu humane ثانيا :المفيوـ االصطالحي لمبيئة. ا لمالحظ في ىذا الشأف اختالؼ الباحثيف في وضػ ع تعريػ ؼ محػدد ودقيؽ لمبيئة ،حيث تعددت التعريفات االصطالحية لمبيئة. فتعرؼ البيئة اصطالحا بأنيا "المحيط الطبيعي أو الصناعي الذي يعيش فيو اإلنساف بما يتضمف مف عناصر مف ماء وى واء وفضاء وتربة وكائنات حية و منشآت".13 ويرى البعض أف البيئة ىي "الوسط أو المجاؿ المكاني الذي يعيش فيو اإلنساف بما يتضمنو مف ظواىر طبيعية وبشرية ،يتأثر بيا ويؤثر فييا بكؿ ما يشممو مف عناصر ومعطيات سوى كانت طبيعية كالصخور بما تضمنو مف معادف ومصادر وطاقة وتربة وموارد مائية ،وعناصر مناخية مف ح اررة وضغط ورياح وأمطار ونباتات طبيعية وحيوانات، أو معطيات بشرية ساىـ اإلنساف في وجودىا مف عمراف وطرؽ نقؿ ومواصالت ومزارع ومصانع وسدود وغيرىا".14 وقد ورد تعريؼ أخر لمبيئة بأنيا" :الوسط الذي يولد فيو اإلنساف وينشا فيو أو يعيش فيو حتى نياية عمره ،وتشمؿ البيئة جمي ع العوامؿ الطبيعية والبيولوجية واالجتماعية والثقافية واالقتصادية ،وكؿ ما يؤثر عمى اإلنساف بطريؽ مباشر أو غير مباشر".15 - 12أمحد زلمد أمحد حشيش :ادلفهوم القانوين للبيئة ِف ضوء أسلمة القانون ادلعاصر ،القاىرة ،2001 ،ص.8 - 13عارف صاحل سل لف :اإلدارة البيئية احلماية اإلدا رية للبيئة ،دار البازوري العلمية ،عمان األردن ، 2007،ص. 30 - 14رائف زلمد لبيب :احلماية اإلجرائية للبيئة من ادلراقبة إَل احملاكمة دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،الطبعة األوَل ،2009 ،ص. 22 15نور الدين محشة :احلماية اجلنائية للبيئة دراسة مقارنة بني الشريعة اإلسالمية و القانون الوضعي ،رسالة ماجستري ،كلية العلوم االجتماعية والعلوم اإلسالمية ،قسم الشريعة ،جامعة احلاج خلضر باتنة ،السنة اجلامعية . 2006/2005 15 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وىناؾ مف عرفيا بأنيا" :كؿ ما يثير سموؾ الفرد أو الجماعة ويؤثر فيو وكذا ىي جممة الموارد المالية واالجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكاف ما إلشباع حاجات اإلنساف وتطمعاتو". ويرى البعض أف ىناؾ فرؽ بيف المفيوـ اال صطالحي لمبيئة في مجاؿ القانوف واالقتصاد ومفيوميا في مجاؿ العموـ االجتماعية ،ففي ىذه األخيرة تعرؼ بأنيا" :مكونات كؿ المصادر والعوامؿ الخارجية التي يستجيب ليا اإلنساف و يكوف ذو حساسية ليا" ،أما في المجاؿ القانوني واالقتصادي فيي" :مجموعة العوامؿ والظروؼ الفيزيائية واالقتصادية والثقافية والجمالية واالجتماعية التي تحيط وتؤثر في رغبة وقيمة الممكية كما تؤثر في نوعية الحياة".16 وقد استخدـ مصطمح البيئة لدى العمماء المسمميف في القرف الثالث لميجري حيث كاف ابف عبد ربو أقدـ مف تناوؿ المفيوـ االصطالحي لمبيئة في كتاب "الحجانة" إشارة إلى "الوسط الطبيعي –الجغرافي و المكاف اإلحيائي – الذي يعيش فيو الكائف ،بما في ذلؾ اإلنساف ،وأيضا لإلشارة إلى المناخ –االجتماعي والسياسي واألخالقي والفكري – المحيط باإلنساف".17 ومف خالؿ كؿ ما أوردناه مف تعاريؼ فإننا نجدىا تتفؽ في تكويف البيئة ،حيث أنيا تتكوف مف عنصريف: أ -عنصر طبيعي :وىو مف صنع الخالؽ ويتمثؿ في العناصر الطبيعية بكؿ ما فييا مف موارد مختمفة حيث يستمزـ المحافظة عمييا الستم اررية الحياة ويشمؿ ىذا العنصر الماء واليواء و التربة والنباتات والحيوانات. 16عادل ماىر األلفي :احلماية اجلنائية للبيئة ،دار اجلامعة اجلديدة ،ا إلسكندرية ،2009 ،ص 109وما بعدىا. - 17زلمد حسني عبد القوي :احلماية اجلنائية للبيئة اذل وائية ،دار النسر الذىيب للطباعة ،مصر ،2002 ،ص. 8 16 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ب -العنصر الصناعي :وىو مف صنع اإلنساف ويشمؿ األدوات والوسائؿ التي صنعيا اإلنساف ،بغيت تمبية حاجاتو ومتطمباتو.18 ثالثا :المفيوـ القانوني لمبيئة ال بد أف نشير قبؿ الوصوؿ إلى المفيوـ القانوني لمبيئة إلى صعوبة وضع ىذا المفيوـ نظ ار لدقة رجؿ القانوف وما يت طمبو ىذا المصطمح مف تحديد وتدقيؽ ،فقد ذىب بعض الفقياء إلى القوؿ بأف اصطالح البيئة صعب حيث ليس مف السيولة بمكاف إعطاء تعريؼ محدد لو".19 ومع ذلؾ سوؼ نحاوؿ الوصوؿ إلى تعريؼ قانوني لمبيئة مف خالؿ التعريفات الواردة في االتفاقيات والمؤتمرات الدولية و كذا التشريعات المختمفة. أ -تعريؼ البيئة في المؤتمرات الدولية عرؼ اإلعالف الصادر عف مؤتمر البيئة البشرية الذي انعقد في ستوكيولـ بالسويد عاـ 1972البيئة بأنيا " :كؿ شيء يحيط باإلنساف سوى كاف طبيعيا أو بشريا ".20 أما مؤتمر بمغراد عاـ ،1975عرفيا بأنيا " :العالقة القائمة في العالـ الطبيعي والبيوفيزيائي بينو وبيف العالـ االجتماعي السياسي الذي ىو مف صنع اإلنساف ".21 أما المؤتمر الدولي لمتربية البيئية الذي عقد بمدينة "تبميس" بجميورية جورجيا في أكتوبر 1977عرؼ البيئة بأنيا " :اإلطار الذي يعيش فيو اإلنساف ويحصؿ منو عمى مقومات حياتو مف غداء وكساء ودواء وماء ويمارس فيو عالقتو مع إخوانو البشر".22 وقد ورد في اقتراح وفد رومانيا بشاف مشروع الميثاؽ العالمي لمطبيعة ،وىو مشروع أعده االتحاد الدولي لصيانة الطبيعة والموارد الطبيعية لعاـ 1979تعريؼ لمبيئة بأنيا : - 18مؤدتر إقليمي حول جرائم البيئة ِف الدول العربية ،بريوت لبنان 18/17 ،مارس 12:07 ،2010 /10/09 ، www.4 shared.com ،2008ص. 7 - 19داود عبد الرزاق :األساس الدستوري حلماية البيئة من التلوث ِف إطار ادلفهوم القانوين للبيئة و التلوث ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكند رية ،طبعة ،2007ص. 34 - 20رائف زلمد لبيب :مرجع سابق ،ص. 23 - 21ابتسام سعيد ادللكاوي :جرمية تلوث البيئة دراسة مقارنة ،دار الثقافة ،عمان األردن ،الطبعة األوَل،2008 ،ص.27 - 22رائف زلمد لبيب :ادلرجع ال سابق ،ص. 23 17 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول "مجموع العوامؿ الطبيعية والعوامؿ التي أوجدتيا أنشطة اإلنساف والتي تؤثر في ترابط وثيؽ عمى التوازف البيئي ،وتحدد الظروؼ التي يعيش فييا اإلنساف ،ويتطور المجتمع".23 ب -تعريؼ البيئة في التشريعات لقد اختمفت التشريعات في وضع تعريؼ لمبيئة ،وانقسم ت إلى قسميف منيما مف أخد بالمفيوـ الضيؽ لمب يئة فيحصرىا في العناصر الطبيعية ،والقسـ األخر يأخذ بالمفيوـ الواسع فيجعميا شاممة لمعناصر الطبيعية واإلنسانية ،أي الطبيعية والحضرية.24 - 1المفيوـ الضي ؽ لمبيئة اتجيت بعض التشريعات إلى األخذ بالمعنى الضي ؽ لمبيئة ،وذلؾ بقصرىا عمى العناصر الطبيعية ،التي ال دخؿ لإلنساف في وجودىا مثؿ الماء ،اليواء والتربة. ومف ىاتو التشريعات : التش ريع الميبي ،حيث تنص المادة األولى مف القانوف الميبي لحماية البيئة رقـ 7لسنة 1982 عمى أف البيئة ىي " :المحيط الذي يعيش فيو اإلنساف وجميع الكائنات الحية وتشمؿ اليواء والماء والتربة والغداء.25"... كذلؾ قانوف البيئة البولندي الصادر عاـ 1980في مادتو األولى جعؿ البيئة تتمثؿ في العناصر الطبيعية مف أرض وتربة وىواء وثروة حيوانية ونباتية ومواقع طبيعية. - 2المفيوـ الموسع لمبيئة : لقد أخذ ت معظـ التشريعات المقارنة بالمفيوـ الموسع لمبيئة ،حيث يشمؿ الوسط الطبيعي ،باإلضافة إلى الوسط االصطناعي المشيد بفعؿ اإلنساف. - 23رفعت رشوان :اإلرىاب البيئي ِف قانون العقوبات دراسة حتليلية نقدية مقارنة ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،طبعة ،2009ص. 19 - 24نور الدين محشة :مرجع سابق ،ص. 23 - 25أمحد صادق اجلهاين :موقف القانون اللييب من مشكالت البيئة ،حبث مقدم للمؤدتر السادس للجمعية ادلصرية للقانون اجلنائي ادلنعقد ِف 28، 25أكتوبر ،1993دار النهضة العربية ،القاىرة ،ص. 229 18 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ومف التشريعات التي أخذت بالمفيوـ الموسع لمبيئة نجد القانوف الفرنسي الصادر في 10يوليو عاـ 1976بشأف حماية الطبيعة ،وكذلؾ القانوف االنجميزي الصادر عاـ 1990 بشأف حماية البيئة كما أخ ذ بنفس المفيوـ كؿ مف القانوف اليوناني رقـ 52لسنة 1986 الصادر بشأف تنظيـ اإلقميـ والقانوف البرتغالي لحماية البيئة .26 كما أخذت معظـ التشريعات العربية بالمفيوـ الموسع. حيث عرؼ المشرع األردني البيئة بأنيا" :المحي ط الذي يشمؿ الكائنات الحية وغير الحية ،وما تحويو مف مواد وما يحيط بو مف ىواء وماء و تربة وتفاعالت أي منيا وما يقيمو اإلنساف مف منشآت".27 وعرؼ المشرع السوري البيئة في المرسوـ التشريعي رقـ 16لعاـ 1994في المادة األولى بأنيا ":الوسط الذي يعيش فيو اإلنساف واألحياء األخرى ،ويستمدوف منو إيرادىـ المادي والغير المادي ،ويؤدوف فيو نشاطيـ". كذلؾ مف التشريعات التي أخذ ت بالمفيوـ الموسع التشريع المبناني رقـ 444لسنة 2002الذي عرؼ البيئة بأنيا ":المحيط الطبيعي أي –الفيزيائي والكيمائي و البيولوجي– واالجتماعي الذي تعيش فيو الكائنات الحية كافة ونظـ التفاعؿ داخؿ المحيط وداخؿ الكائنات وبيف المحيط".28 وجاء في التشريع الكويتي رقـ 21لسنة 1990تعريؼ لمبيئة بأنيا" :المحيط الحيوي الذي يشمؿ الكائنات الحية مف إنساف وحيواف ونبات وكؿ ما يحيط بيا مف ىواء وماء وتربة وما يحتويو مف مواد صمبة و سائمة أو غازية أو إشعاعات طبيعية ،والثابتة والمتحركة التي يقيميا اإلنساف ".29 - 26عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص. 117،118 - 27ابتسام ادللكاوي :مرجع سابق ،ص. 29 - 28زلمد خالد مجال رستم :مرجع سابق ،ص. 13 - 29عا دل ماىر األلفي :مرجع السابق ،ص. 120 19 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول كما عرفت المادة الثانية مف قانوف البيئة التونسي رقـ 91لسنة 1983البيئة أنيا: "العالـ المادي بما فيو األرض واليواء والبحر والمياه الجوفية والسطحية واألودية والبحيرات السائبة والسبخات وما شبو ذلؾ ،وكذلؾ المساحات الطبيعية والمناظر الطبيعية والمواقع المتميزة ومختمؼ أصناؼ الحيوانا ت والنباتات وبصفة عامة كؿ ما يشمؿ التراث الوطني".30 وعرؼ المشرع العماني البيئة في المادة ال رابعة مف القانوف رقـ 10لسنة 1980 المتعمؽ بالبيئة بأنيا" :مجموعة العوامؿ والنظـ والموارد الطبيعية التي يتعامؿ معيا اإلنساف سوى في موقع عممو أو معيشتو أو في األماكف السياحية أو الترفييية ،فيتأثر بيا اإلنساف أو يؤثر فييا كالماء واليواء والمواد الغذائية والكيمائية المختمفة ومصادر الطاقة والعوامؿ االجتماعية المختمفة ".31 أما المشرع السعودي فقد عرؼ البيئة في المادة األولى مف المرسوـ الممكي رقـ ـ34/ بأنيا" :كؿ ما يحيط باإلنساف مف ماء وتربة وىواء و يابسة وفضاء خارجي ،وكؿ ما تحتويو ىاتو األوساط مف جماد ونبات وحيواف وأشكاؿ مختمفة مف طاقة ونظـ وعمميات طبيعية وأنشطة بشرية ".32 وبالرجوع إلى القانوف المصري رقـ 04لسنة 1994المتعمؽ بحماية البيئة نجده يعرؼ البيئة بأنيا" :المحيط الحيوي الذي يشمؿ الكائنات الحية وما يحويو مف موارد ،وما يحيط بيا مف ىواء وماء وتربة وما يقيمو اإلنساف مف منشآت".33 والمشرع الجزائري بدوره تناوؿ تعريؼ البيئة في المادة الرابعة مف القانوف رقـ 10/03 المتعمؽ بحماية البيئة ،البيئة تتكوف مف الموارد الطبيعية الالحيوية والحيوية كاليواء والجو - 30الطيب اللومي :مشكالت ادلسؤولية اجلنائية و اجلزاءات ِف رلال اإلضرار بالبيئة باجلهورية التونسية ،حبث مقدم للمؤدتر السادس للجمعية ادلصرية للقانون اجلنائي ادل نعقد ِف 25،28أكتوبر ،1993دار النهضة العربية ،القاىرة ،ص. 111،112 31 زلمد دلوسخ :احلماية اجلنائية للبيئة ،دراسة مقارنة بني الشريعة اإلسالمية و القانون الوضعي ،أطروحة دكتورا ِف القانون اجلنائي ،جامعة زلمد خيضر بسكرة ،كلية احلقوق و العلوم السياسية ،قسم حقوق ،سنة جامعية ، 2009/2008ص. 52 - 32مجال خالد رستم :مرجع سابق ،ص. 14 - 33القانون ادلصري رقم 04لسنة 1994ادلتعلق حبماية البيئة. 20 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول والماء واألرض وباطف األرض والنبا ت والحيواف بما في ذلؾ التراث الحيواني وأشكاؿ التفاعؿ وكذا األماكف والمناظر و المعالـ الطبيعية ".34 يتضح مف خالؿ ىاتو المادة أف ما ذكره المشرع ال يعتبر مف قبيؿ التعريؼ المانع الجامع ،حيث لـ يعرؼ البيئة وانما ذكر العناصر المكونة لمبيئة. نستخمص مف كؿ ما سبؽ أف مصطمح البيئة ىو مصطمح واسع حيث ال يمكف درجو في تعريؼ جامع ومانع ،وكؿ ما يمكف أف نقولو ىو أف لمبيئة عناصر مكونة ليا إ ا إحداىا طبيعية وأخرى اصطناعية. الفرع الثاني :تعريف التموث و أنواعه. يقتضي الوصوؿ إلى تعريؼ جريم ة تمويث البيئة المرور بتعريؼ التموث و كذا أنواعو بعدما عرفنا معنى البيئة. أوال :تعريؼ التموث يعد التموث البيئي جوىر الدراسات التي تتعمؽ بالبيئة ،وذلؾ باعتبارىا المشكؿ األىـ واألخطر في مجا ؿ حماية البيئة ،حتى رسخ في ذىف الباحثيف أف التموث ىو المشكمة الوحيدة التي تعاني منيا البيئة.35 نتناوؿ التمويث البيئي مف خالؿ المفيوـ المغوي ثـ االصطالحي وصوال إلى المفيوـ القانوني. أ -التعريؼ المغوي لمتموث: التموث في المغة العربية بمعنى التمطخ ،يقاؿ تموث الطيف بالتبف ،ولوث ثيابو بالطيف أي لطخيا. - 34ادلادة رقم 04من القانون رقم 10/03ادلتعلق حبماية البيئة ،اجلريدة الرمسية اجلزائرية ،العدد رقم 43ادلؤرخ ِف 20يوليو . 2003 - 35داود عبد الرزاق :مرجع سابق ،ص. 39 21 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول كما يعني التموث خمط الشيء بما ىو ليس منو ،فيقاؿ لوث الشيء بالشيء ،بمعني خمطو بو ،ولوث الماء أي كدره.36 والتموث في المغة العربية يشمؿ نوعيف : تموث مادي وىو اختالط أي شي غريب عف المادة بالمادة وتموث معنوي وىو ذلؾ التغيير الذي ينتاب النفس ،ي عني التغيير في الحالة النفسية إلى ما ىو أسوءا أو التغيير في الفكر فيفسده. فيقاؿ تموث بفالف رجاء منفعة منو ،وفالف بو لوثة أي جنوف. والتموث بنوع يو المادي و المعنوي ىو فساد الشيء أو التغيير في خواصو.37 أما في الم غة االنجميزية فيعبر عف التموث بمصطمح pollutionوىو إدخاؿ مواد مموثة في الوسط البيئي.38 وفي المغة الفرنسية فقد جاء تعريؼ التموث بأنو مجموعة مف األفعاؿ المرتكبة بوعي أو بغير وعي تضر بواحد أو أكثر مف العناصر الطبيعية التي ثـ تحديدىا أو يمكف تحديدىا، فالتموث ىو إدخاؿ مواد بشكؿ مباشر أو غير مباشر في بيئة معينة ،وقد يحدث ذلؾ بشكؿ طبيعي أو مف نشاط اإلنساف.39 ب -التعريؼ االصطالحي لمتموث : في ىذا الصدد تجدر اإلشارة أنو ثمة صعوبة بالغة لدى الباحثيف والمختصيف في وضع تعريؼ اصطالحي دقيؽ لمتموث نظ ار إلي تعدد أنواع التموث باإلضافة إلى اختالؼ مصادر ا لتموث إال أف ىذا لـ يحؿ دوف الوصوؿ إلي تعريؼ عاـ لمتموث. فيناؾ مف يعرؼ التموث بأنو" :حدوث تغيير أو خمؿ في الحركة التوافقية التي تتـ بيف العناصر المكونة لمنظاـ االيكولوجي بحيث تشؿ فاعمية ىذا النظاـ وتفقده القدرة عمى - 36ابن منظور األنصاري :مرجع سابق ،اجمللد الثاين ،ص. 212 - 37زلمد حسني عبد القوى :مرجع سابق ،ص. 43 Longman dictionnary, op.cit, p291. - Dictionnaire de l’environnement :afnor ,paris,2002,p10. 22 38 39 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول أدى دوره الطبيعي في التخمص الذاتي مف المموثات -وخاصة العضوية منيا -بالعمميات الطبيعية".40 كما يعرؼ أيضا بأنو " :التغيير الكمي أو الكيفي في الصفات الكيمائية أو الفيزيائية أو البيولوجية لمكائنات الحية مف إنساف ونبات و حيواف ".41 وىناؾ تعريؼ أخر لتموث بأنو "تغيير متعمد أو عفوي تمقائي في شكؿ البيئة ناتج عف مخمفات اإلنسػػاف ،أو التغير في الوسط الطبيعي عمى نحو يحمؿ معو نتائج خطيرة لكؿ الكائنات الحية". ويعرؼ أيضا بأنو" إضافة اإلنساف لمواد أو طاقة عمي البيئة بكميات يمكف أف تؤدي إلى إحداث نتائج ضارة ينجـ عنيا إلحاؽ األذى بالمواد الحية وصحة اإلنساف أو تعيؽ بع ض أوج و النشاط االقتصادي أو تؤثر عمى اليواء أو األمطار أو الضباب الطبيعي أو المناطؽ الجمدية".42 ويرى البعض أف التموث ىو" :إدخاؿ م واد مموثة باألنشطة اإلنسانية إلى البيئة فينتج عنو عدد مف التغيرات في اليواء الجو أو الماء أو األرض أو البيئة الصوتية".43 كما يعرؼ التموث بأنو كؿ تغيير في أنظمة البيئة أو أحد عناصرىا ،يؤدي بشكؿ مباشر أو غير مباشر إلى أثار ضارة".44 كما جاء تعريؼ أخر لمتموث بأنو" :الضرر الحاؿ أو المستقبمي الذي يناؿ مف أي عنصر مف عناصر البيئة ،والناجـ ع ف نشاط اإلنساف الطبيعي أو المعنوي أو فعؿ الطبيعة والم تمثؿ في اإلخالؿ بالتوازف البيئي ،سواء كاف صاد ار مف داخؿ البيئة المموثة أو ورد عمييا".45 - 40رائ ف زلمد لبيب :مرجع سابق ،ص . 28 - 41يونس إبراىيم أمحد مزيد :البيئة و التشريعات البيئة ،دار احلامد للنشر و التوزيع ،عم ان ،األردن ،الطبعة األوَل ،2008 ،ص. 21 - 42داود عبد الرزاق:مرجع سابق ،ص. 53،54 - 43عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص132و. 133 - 44عادل ماىر األلفي :ادلرجع السابق ،ص. 133 - 45أمحد زل مود سعد :استقراء لقواعد ادلسؤولية ادلدنية ِف منازعات التلوث البيئي ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،الطبعة األوَل ،1994 ،ص. 74 23 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وجاء تعريؼ التموث في قاموس المصطمحات البيئية بأنو" :كؿ تغيير مباشر أو غير مباشر فيزيائي أو حراري أو بيولوجي أو أي نشاط إشعاعي لخصائص كؿ جزء مف أجزاء البيئة بطريقة ينتج عنيا مخاطر فعالة تؤثر عمى الصحة واألمف والرفاىية لكؿ الكائنات الحية".46 والمالحظ مف خالؿ جميع التعريفات التي أوردناىا اتفاقيا عمى أف التموث ىو إحداث تغيير في عنصر مف عناصر البيئة ينجـ عنو ضرر بيئي. وبالتال ي يمكننا تعريؼ التموث بأنو "كؿ تغيير في عناصر البيئة الطبيعية أو االصطناعية يؤدي إلى اختالؿ التوازف البيئي ويمحؽ ضرر بالبيئة ينتج عنو صعوبة العيش أو استحالتو". ويقصد بالتوازف البيئي ،التوازف بيف اإلنساف والكائنات الحية ،وتأثر اإلنساف مع العناصر الطبيعية المحيطة بو وتأثيره فييا وتعاممو مع غيره مف الكائنات.47 ج-التعريؼ القانوني لمتموث: سوؼ نتناوؿ التعريؼ القانوني لتموث مف خالؿ المعاىدات الدولية باإلضافة إلى التش ريعات المختمفة التي حاولت أف تضع تعريفا قانونيا لمتموث. - 1تعريؼ التموث في االتفاقيات الدولية: جاء في تعريؼ تقرير المجمس االقتصادي واالجتماعي التابع لألمـ المتحدة عاـ1965 تعريؼ لمتموث بأنو" :التغيير ا لذي يحدث بفعؿ التأثير المباشر وغير مباشر لألنشطة األساسية في تكويف أو في حالة الوسط عمى نحو يخؿ ببعض االستعماال ت أو األنشطة التي كاف مف المستطاع القياـ بيا في الحالة الطبيعية لذلؾ الوسط".48 - 46زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص.56 - 47امحد الن كالوي :أساليب محاية البيئة العربية من التلوث ،أكادميية نايف العربية للعلوم األمنية ،الطبعة األوَل ،الرياض،1999 ،ص. 29 - 48أمحد زلمود اجلمل:محاية البيئة البحرية من التلوث ِف ضوء التشريعات الوطنية و االتفاقيات اإلقليمية و ادلعاىدات الدولية ،منشاة ادلعارف ،اإلسكند رية ،ب ت ن ،ص. 29 24 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وقد عرفتو االتفاقية ا لدولية المتعمقة بتموث اليواء المنعقدة في جنيؼ بتاريخ 13 نوفمبر 1979في المادة األولى بأنو" :إدخاؿ اإلنساف بشكؿ مباشر أو غير مباشر لمواد أو لطاقة في الجو أو اليواء يكوف لو مفعوؿ ضار يعرض صحة اإلنساف إلى الخطر ،ويمحؽ الضرر بالموارد الحيوية ونظـ البيئة ،والفساد باألحواؿ الماديػة ،ويمػس أو يضر كؿ مف يتمتع بالبيئة أو باستخداماتيا المشروعة".49 كما عرفت اتفاقية األمـ المتحدة لقانوف البحار لسنة 1982التموث البحري بأنو" :إدخاؿ اإلنساف في البيئة البحرية بما في ذلؾ مصاب األنيار ،بصورة مباشرة أو غيػر مػباشرة ،مواد أو ط اقة تنجـ عنيا أو يحتمؿ أف ين جـ عنيا أثار مؤذية ،مثؿ اإلضرار بالمواد الحية والحياة البحرية ،وتعريض الصحة البشرية لألخطار واعاقة األنشطة البحرية ،بما في ذلؾ صيد األسماؾ وغيره مف أوجو االستخداـ المشروعة لمبحار والحط مف نوعية قابمية مياه البحر لالستعماؿ واإلقالؿ مف الترويح ".50 وتعرفو منظمة التعاوف والتنمية االقتصادية (ocde) 51بأنو" :إدخاؿ اإلنساف فػي البيئػ ة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،مواد أو طاقة مف شأنيا إحداث نتائج ضارة تعرض صحة اإلنساف لمخطر ،أو تضر بالمصادر الحيوية أو النظـ البيئة ،أو تخؿ باالستمتاع بالوسط الطبيعي ،أو تعرقؿ االستعالمات األخرى ليذا الوسط".52 -4تعريؼ التموث في التشريعات: لقد عرفت المادة األولى مف قانوف البيئة المصري لسنة 1994التموث بأنو" :أي تغيير في خواص البيئة مما قد يؤدي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى اإلضرار بالكائنات الحية أو المنشآت أو يؤثر عمى ممارسة اإلنساف لحياتو الطبيعية".53 - 49رائف زلمد لبيب:مرجع سابق ،ص. 30 - 50رائف زلمد لبيب ،نفس ادلرجع،ص. 30 - Organisation de coopération et de développent économique - 52رياض صاحل أبو العطا :محاية البيئة من منظور القانون الدويل،دار اجلامعة اجلديدة،اإلسكندرية ،2009 ،ص 21 - 53قانون مصري رقم 4لسنة 1994ادلتعلق حبماية البيئة. 25 51 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول أما المشرع األردني فقد عرؼ التموث في المادة الثانية مف قانوف حماية البيئة رقـ 12 لسنة 1995بأنو" :وجود ما ي ضر بالبيئة ويؤثر عمى عناصرىا أو يخؿ بالتوازف الطبيعي ليا".54 وعرؼ المشرع الكويتي التموث في المادة األولى مف القانوف رقـ 21لسنة 1990 المتعمؽ بإنشاء الييئة العامة لمبيئة كما يمي" :أف يتواجد في البيئة أي مف المواد أو العوامؿ المموثة بكميات أو صفات لمدة زمنية قد تؤدي بطريؽ مباشر أو غير مباشر وحدىا أو بتفاعؿ مع غيرىا إلى اإلضرار بالصحة العامة أو القياـ بأعماؿ و أنشطة قد تؤدي إلى تدىور النظاـ البيئي الطبيعي أو تعيؽ االستمتاع بالحياة و االستفادة مف المشكالت الخاصة والعامة".55 وانتيج المشرع السعودي نفس المنيج الذي سمكو المشرع الكويتي حيث عرؼ تموث البيئة في المادة األولى الفقرة التاسعة مف النظاـ العاـ لمبيئة الص ادر بالمرسوـ الممكي رقـ ـ 34/في تاريخ 1422/07/28ىجري أنو " :وجود مادة أو أكثر مف المواد أو العوامؿ بكميات أو صفات أو لمدة زمنية تؤدي بطريؽ مباشر أو غير مباشر إلى اإلضرار بالصحة العامة أو باإلحياء أو الموارد الطبيعية أو الممتمكات ،أو تؤثر سمبيا عمى نوعية الحياة ورفاىية اإلنساف".56 أما المشرع الميبي فيو بدوره تناوؿ تعريؼ التموث في المادة األولى مف القانوف رقـ 07لسنة 1982الصادر بشأف حماية البيئة بأنو " :حدوث أية حالة أو ظروؼ ينشأ عنو تعرض صحة اإلنساف أو سالمة البيئة لمخطر نتيجة لتموث اليواء أو مياه البحر أو المصادر المائية أو التربة أو اختالؿ توازف الكائنات الحية ،بما في ذالؾ الضوضاء - 54قانون األردين رقم 12لسنة 1995ادلتعلق حبماية البيئة. - 55مصطفى عبدا ا حلميد عدوى:أضواء على تشريعات محاية البيئة،ادلسؤولية القانونية ،حبث مقدم إَل مؤدتر ضلو دور فاعل للقانون حلماية البيئة و تنميته ا ِف دولة اإلمارات العربية ادلتحدة ،مايو.12:40 ،26/12/2010 ،www.4shared.com . 1999 ، - 56رائف زلمد لبيب :مرجع سابق ،ص.32 26 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول والضجيج واالىت اززات والروائح الكريية وأية مموثات أخرى تكوف ناتجة عف األنشطة واألعماؿ التي يمارسيا الشخص الطبيعي أو المعنوي".57 كما عرؼ المشرع التونسي التموث في المادة الثانية مف القانوف رقـ 91لسنة 1983 المتعمؽ بالبيئة بأنو " :إدخاؿ أية مادة مموثة في المحيط بصفة مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت بيولوجية أو كيميائية أو مادية".58 وقد عرؼ المشرع الجزائري التموث في المادة 04مف قانوف حماية البيئة رقـ 10/03 بأنو" :التموث كؿ تغير مباشر أو غير مباشر لمبيئة يتسبب فيو كؿ فعؿ يحدث أو قد يحدث وضعية مضرة بالصحة أو سالمة اإلنساف والنبات والحيواف واليواء والجو والماء واألرض والممتمكات الجماعية والفردية".59 والمالحظ أف المشرع الجزائري لـ يخرج عف باقي التشريعات العربية المقارنة حيث أنيا تناولت التموث الذي يكوف اإلنساف سبب فيو ولـ تشر إلى التموث الناجـ عف فعؿ الطبيعة مثؿ ما تحدتو البراكيف كما اعتمد المشرع ثالث عناصر أساسية لحدوث التموث وىي: العنصر األوؿ :حدوث تغيير في البيئة ،وىذا ما أشار إليو المشرع صراحة في المادة الرابعة بقوليا" :سوى كاف التغير مباشر أو غير مباشر". العنصر الثاني :أف يكوف التغيير بفعؿ اإلنساف ،حيث يخضع التموث لتجريـ إذا كاف مرتكب مف فعؿ اإلنساف ،وقد سبؽ و أف اشرنا إلى أنو ال يدخؿ التموث الناجـ عف فعؿ الطبيعة ضمف ىذا التعريؼ. العن صر الثالث :حدوث ضرر بالبيئة ،حيث يحدث ىذا التغير ضرر بالصحة العامة لإلنساف والنبات والحيواف ،وعناصر البيئة (اليواء ،الماء ،األرض). - 57عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.138 - 58الطيب اللومي :مرجع سابق ،ص ، 112 وراجع منصور رلاجي :ادلدلول العلمي وادلفهوم القانوين للتلوث البيئي ،رللة ادلفكر ،العدد اخلامس ،كلية احلقوق و العلوم السياسية ،جامعة زلمد خيضر بسكرة ،ص. 103 - 59ادلادة 04ن قانون رقم 10/03ادلتعلق حبماية البيئة. 27 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ثانيا :أنواع التموث البيئي ينقسـ التموث إلى عدة أنواع بالنظر إلى عدة معايير مختمفة منيا نوع المادة المموثة أو طبيعة التموث الحادث ،باإل ضافة إلى مصدر وكذا اآلثار المترتبة عمى التموث. أ -أنواع التموث بالنظر إلي مصدره: وينقسـ التموث بالنظر إلى مصدره إلى نوعيف: - 1التموث الطبيعي :وىو التموث الذي يحدث بفعؿ الطبيعة ،مثؿ ما تحدثو الب راكيف والزالزؿ حيث ال دخؿ لإلنساف فيو ،وىذا النوع مف التموث ال تشممو الحماية القانونية.60 - 2التموث الصناعي :وىو التموث الحادث بفعؿ اإلنساف نتيجة ممارستو ألنشطة حياتو المختمفة وىذا النوع مف التموث ىو الذي تشممو الحماية القانونية.61 ب -أنواع التموث بالنظر إلى نطاقو الجغرافي: ينقسـ التموث بالنظر إلى نطاقو الجغرافي إلى نوعيف ،تموث محدود وتموث غير محدود. - 1التموث المحدود :وىو التموث الذي ال تتجاوز آثاره الحيز اإلقميمي لمكػاف صدوره، بحيث ال تمتد آثاره خارج ىذا المكاف.62 - 2التموث الغير محدود :ىو التموث الذي يكوف مصدره العضوي موجودا كميا أو جزئيا في منطقة تخضع لالختصاص الوطني لدولة وتكوف لو آثار في منطقة خاضعة لالختصاص الوطني لدولة أخرى.63 ج -أنواع التموث بالنظر إلى آثاره: - 60أمحد مدحت سالمة :التلوث مشكلة العصر ،عامل ادلعرفة ،1990 ،ص ، 81وأنظر منصور رلاجي :مرجع سابق ،ص.106 - 61منصور رلاجي ،مرجع سابق ،ص. 107 - 62ياسر زلمد فاروق ادليناوي ،مرجع سابق ،ص. 51 - 63عارف صاحل سللف :مرجع سابق ،ص ..61- 60 28 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول تجدر اإلشارة إلى أف صور التموث ليست عمى درجة واحدة مف الخطورة والتأثير عمى النظاـ البيئي وعمى سالمة اإلنساف ،حيث نفرؽ بيف ثالثة درجات مف التموث: التموث المعقوؿ ،والتموث الخطر ،والتموث المدمر. - 1التموث المعقوؿ: كبير عمى البيئة ،وىو درجة محددة مف درجات ا خطر ا ىذا النوع مف التموث ال يشكؿ التموث ال يؤثر عمى التوازف البيئي ،وىو منتشر في جميع أنحاء العالـ.64 - 2التموث الخطر: وفي ىذا النوع مف التموث تتجػاوز كمية ونوعية المواد المموثة خط األمػاف البيئػ ي ،بحيث يشكؿ خطر عمى عناصر البيئة ال طبيعة والصناعية والبشرية وبالتالي تؤثر عمى التوازف البيئي وىو منتشر في الدوؿ الصناعية.65 - 3التموث المدمر: ىذا يعتبر أخطر أنواع التموث ،حيث يتجاوز خط األمف البيئي ليصؿ إلى الحد المدمر أو القاتؿ ،وينيار النظاـ االيكولوجي ،ويختؿ التوازف البيئي.66 ومف ذلؾ ما تحدث و التسريبات والقنابؿ النووية مف دمار لمطبيعة ولإلنساف. د -أنواع التموث بالنظر إلى البيئة التي يحدث فييا: ينقسـ ىذا التموث حسب البيئة التي يقع فييا إلى ثالثة أقساـ ،تموث ىوائي وتموث مائي وتموث التربة حيث يمثؿ ىذا النوع كافة أنواع التموث ،لذلؾ ىو أكثر التقسيمات شيوعا: - 1التموث اليوائي: - 64منصور رلاجي ،مرجع سابق ،ص. 107 - 65عارف صاحل سللف :مرجع سابق ،ص. 62 - 66عارف صاحل سللف :ادلرجع نفسو ،ص.63 29 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول لقد عرفتو المادة الثانية مف القانوف الفرنسي ،1236/96الصػادر في 30ديسمبر ،1996 المتعمؽ بال جو واالستعماؿ العقالني لمطاقة ،بأنو " :إدخاؿ عف طريؽ اإلنساف بطريقة مباشرة وغير مباشرة في الجو والفضاء المقفؿ المحصور مواد ذات عواقب ضارة مف المحتمؿ أف تعرض لمخطر صحة اإلنساف ،والحاؽ الضرر بالموارد الحية والنظـ االيكولوجية والحاؽ أضرار بالممتمكات أو التسبب باإلزعاج بالرائحة المفرطة مع اليواء."... في فرنسا حظيت الحماية القانونية لمجو بالعناية مف قبؿ المشرع قبؿ كؿ األوساط الطبيعية األخرى ،وذلؾ مف خالؿ قانوف 1932الخاص بالدخاف الصناعي.67 ولـ يختمؼ المشرع الجزائري كثي ار عما أورده المشرع الفرنسي ،حيث أورد تعريؼ التموث اليوائي في المادة الرابعة مف القانوف 10- 03المتعمؽ بحماية البيئة بأنو" :إدخاؿ أية مادة في اليواء أو الجو بسبب انبعاث غازات أو أبخرة أو أدخنة أو جزيئات سائمة أو صمبة مف شأنيا التسبب في أ ضرار و أخطار عمى اإلطار المعيشي". ولقد حدد المشرع بعض النتائج التي تسببيا المواد كي تدخؿ في سياؽ التموث اليوائي وذلؾ مف خالؿ المادة 14مف القانوف رقـ 10/03وتتمثؿ ىذه النتائج في: تشكيؿ خطر عمى اإلنساف. التأثير عمى التغيرات المناخية أو إقفاؿ طبقة األزوف. اإلضرار بالموارد البيولوجية واألنظمة البيئية. تيديد األمف العمومي. إزعاج السكاف. إفراز روائح كريية شديدة. -اإلضرار باإلنتاج الزراعي والمنتجات الزراعية الغذائية. édition, 2001, P514. Emme - Michel Prieur : Droit de l’environnement, Dalloz, Paris, 4 30 67 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وفي اعتقادنا أف المشرع ذكر ىذه النتائج عمى سبيؿ المثاؿ وليس عمى سبيؿ الحصر ،ألنو ال يمكف حصر النتائج التي يسببيا التموث اليوائي ،وحاوؿ اإلحاطة بجميع النتائج التي قد تتسبب فييا ىاتو المواد المموثة. - 2التموث المائي: لقد عرؼ المشرع الجزائري التموث المائي في المادة 04الفقرة العاشرة مف قانوف حماية البيئة رقـ 10/03بأنو " :إدخاؿ أية مادة في الوسط المائي مف شأنيا أف تغير الخصائص الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية لمماء ويمس بجماؿ المواقع أو تعرقؿ أي استعماؿ طبيعي آخر لممياه".68 وقد ورد تعريؼ لتموث الماء مف قبؿ ىيئة الصحة العالمية عاـ 1961أنو " :يعتبر ال مجرى المائي مموثا عندما يتغير تركيب عناصره أو تغير حالتو بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بسبب نشاط اإلنساف بحث تصبح ىذه المياه أقؿ صالحية لالستعماالت الطبيعية المخصصة ليا ،أو بعضيا.69 - 3تموث التربة: ويعرؼ بأنو إدخاؿ مواد أو م ركبات غريبة عف التربة البيئية ومكوناتيا ،تتسبب في تغير الخواص الفيزيائي ػ ة أو البيولوجية أو الكيمائية ليا والتي مف بينيا زيادة نسبة األمالح والتربة عف الحد المعروؼ.70 ولـ يشر المشرع الجزائري إلى تعريؼ تموث التربة ،غير أنو ذكر مقتضيات حماية التربة مف التموث مف خالؿ ما أورده في الفصؿ الرابع مف الباب الثالث مف قانوف رقـ 10/03 وتحديدا في المواد .62- 59 - 68قانون رقم 10- 03ادلتعلق حبماية البيئة ،ا جلريدة الرمسية اجلزائرية عدد 43لسنة .2003 - 69عادل ماىر األلفي :،مرجع سابق ،ص.155 - 70علي زلمد القحطاين :التلوث البيئي الناتج عن زلطات الوقود ِف الدمام ،رسالة ماجستري ،جامعة نايف للعلوم األمنية ،كلية الدراسات ال عليا ،قسم العلوم الشرطية ،الرياض، بدون سنة ن شر ،ص. 27 31 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ومف خالؿ ما ورد حوؿ تعريؼ البيئة و تعريؼ التموث وذكر عناصره يمكف وضع تعريؼ لجريمة تمويث البيئة ،حيث تعرؼ جريمة تمويث البيئة بأنيا كؿ سموؾ إيجابي أو سمبي عمدي أو غير عمدي يصدر مف شخص طبيعي أو معنوي يضر أو يحاوؿ اإلضرار بأحد عناصر البيئة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".71 وتعرؼ جريمة تموث البيئة بأنيا " :ذلؾ السموؾ الذي يخالؼ بو مف يرتكبو تكميفا يحميو المشرع بجزاء جنائي والذي يحدث تغيي ار في خواص البيئة بطريقة إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة ي ؤدي إلى اإلضرار بالكائنات الحية والموارد الحية أو غير الحية مما يؤثر عمى ممارسة اإلنساف لحياتو الطبيعية". المطمب الثاني :الطبيعة القانونية لجريمة تمويث البيئة عند دراستنا لمطبيعة القانونية لجريمة تمويث البيئة وجب التفرقة بيف جرائـ الضرر وجرائـ الخطر مف جية ،واعتبارىا جريمة دولية مف جية أخرى ،لذلؾ سوؼ نقسـ م طمبنا إلى فرعيف: الفرع األول :جريمة تمويث البيئة بين جرائم الضرر وجرائم الخطر. قد يتطمب المشرع في بعض جرائـ تمويث البيئة تحقؽ الضرر لقياـ المسؤولية عف ىا تو الجرائـ ،و أحيانا أخرى يكتفي بمجرد التعريض لمخطر ،فجريمة تمويث البيئة قد تكوف مف جرائـ الضرر كما يمكف أف تكوف مف جرائـ الخطر. أوال :جريمة تمويث البيئة مف جرائـ الضرر نشير في البداية إلى أف جرائـ الضرر ىي التي يتطمب القانوف لقياـ ركنيا المادي حدوث ضرر ،بمعنى تحقؽ نتيجة ضارة. - 71أشرف ىالل :جرائم البيئة بني النظرية و التطبيق ،بدون دار نشر ،2005 ،ص. 36 32 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ويتطمب القانوف لقياـ ىذا النوع مف الجرائـ سموكا إجراميا يتمثؿ في االعتداء عمى مصمحة محمية قانونا ،وينتج عف ىذا السموؾ إزالة أو إنقاص ماؿ قانوني ،سواء كاف ماديا أو معنويا أو مصمحة يحمييا القانوف ،وىي الجرائـ التي تعرؼ بالجرائـ ذات النتيجة. ويتعيف عمى القاضي أف يتحقؽ مف وقوع النتيجة الضارة كي يكتمؿ الركف المادي لمجريمة ،ويستوي أف يكوف الضرر ماديا أو معنويا ،ومف أمثمة الضرر المعنوي المساس بشرؼ اإلنساف أو حقو في الحرية ،ويشترط لقياـ الجريمة أف يكوف الضرر قد تحقؽ فعال، ولػـ يقتصر األمر عمػ ى مجرد الخشية مف حدوثو ،أو ما يعرؼ ب التعريض لمخطر ،فيجب التفرقة بيف الضرر الفعمي والضرر الذي يخشى وقوعو ،وىو ما يعبر عنو الفقياء بخطر الضرر.72 وبالنسبة لمضرر الفعمي ىو تحقيؽ نتيجة معينة وممموسة ،تنتيؾ عف طريقيا المصمحة المحمية مباشرة. وجرائـ الضرر محددة كجرائـ السرقة المادة ،350جرائـ االعتداء عمى سالمة البدف وجرائـ االعتداء عمى الماؿ ،والمتتبع لجرائـ تمويث البيئة يج د الكثير منيا يندرج ضمف جرائـ الضرر. وجريمة تمويث البيئة كنوع خاص مف أنواع الجرائـ فإف جؿ التشريعات تعالجيا في قوانيف خاصة ،حيث تتميز بدخوؿ الضرر في تكويف السموؾ المادي لمجريمة.73 فالمشرع الفرنسي اشترط لقياـ بعض جرائـ تمويث البيئة تحقؽ الضرر ،حيث نص في المادة 232فقرة 02مف القانوف الزراعي المعدؿ في 28أكتوبر 1989عمى تجريـ إلقاء أو صرؼ أو تسريب مواد أي كانت في المجاري المائية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،مف شأنيا ىالؾ األسماؾ أو اإلضرار بتغذيتيا أو تكاثرىا. - 72رمسيس ِبنام :النظرية العامة للقانون اجلنائي،منشأة ادلعارف اإلسكند رية ،ط .1998 ،3ص .567 - 73ابتسام ادللكاوي :مرجع سابق ،ص.72 33 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول كذلؾ وفي نفس السياؽ ربط المشرع األردني توافر الضرر بقياـ بعض الجرائـ البيئية ،نذكر منيا عمى سبيؿ المثاؿ جريمة طرح أو سكب أو تفريغ أو إلقاء مواد مموثة أو مضرة بالبيئة البحرية في المياه اإلقميمية ومنطقة الشا طئ. حيث نصت المادة التاسعة مف قانوف حماية البيئة األردني رقـ 52لسنة 2006عمى ما يمي" :يعاقب بالحبس مدة ال تقؿ عف سنة وال تزيد عف ثالث سنوات أو بغرامة ال تقؿ عف عشرة آالؼ دينار أو بكمتا العقوبتيف رباف السفينة أو النقالة أو المركب الذي طرح أو سكب مف أي منيما مواد مموثة ،أو تفريغيا أو إلقائيا في المياه اإلقميمية لمممكة أو منطقة الشاطئ". وكذلؾ المشرع المصري إذ نص عمى بعض جرائـ الضرر ،ومف ىذا القبيؿ جريمة تمويث البيئة المائية الواردة في المادة ستيف مف القانوف رقـ 04لسنة 1994المتعمؽ بالبيئة، والتي نصت عمى ما يمي " :يحضر عمى ناقالت المواد السائمة الض ارة إلقاء أو تصريؼ أية مواد ضارة أو نفايات أو مخمفات بطريقة إرادية أو غير إرادية ،مباشرة أو غير مباشرة ،ينتج عنيا ضرر بالبيئة المائية أو الصحة العامة أو االستخدامات األخرى المشروعة لمبحر".74 أما التشريع الج زائري فيو بدوره سمؾ مسمؾ المشرع الفرنسي والتشريع ال مصري ،حيث ربط تجريـ الكثير مف جرائـ البيئة بالضرر الفعمي ،فقد عرؼ القانوف رقـ 10/03المتعمؽ بحماية البيئة تمويث البيئة في المادة 04بأنو" :التموث ىو كؿ تغير مباشر أو غير مباشر يتسبب فيو كؿ فعؿ يحدث أو قد يحدث وضعية مضرة بالصحة."... فنالحظ مف خالؿ ىذا التعريؼ ،أف المشرع ربط تموث البيئة بتحقؽ ضرر ،سواء كاف ىذا الضرر متعمؽ بصحة اإلنساف أو النبات أو الحيواف أو العناصر الطبيعية لمبيئة (ىواء ،ماء ،أرض). - 74القانون ادلصري رقم 04سنة .1994 34 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول كما حدد المشرع الجزائري الضرر البيئي الناجـ عمى تمويث البيئة اليوائية في تعريفو ليذا النوع مف التموث في المادة 04الفقرة 09بقولو" :التموث الجوي إدخاؿ أية مادة في اليواء أو الجو يسبب انبعاث غازات أو أبخرة أو أدخنة أو جزيئات سائمة أو صمبة ،مف شئنيا التسبب في أضرار أو أخطار عمى اإلطار المعيشي". ومف جرائـ الضرر التي وردت في التشريع الجزائري ،جريمة إفراغ أو رمي أو ترؾ تسربا في المياه السطحية أو الجوفية أو مياه البحر ،والتي نص عمييا المشرع في المػادة 100مػف القانوف رقـ 10- 03المتعمؽ بحماية البيئة" :يعاقب بالحبس لمػدة سنتيف ،وبغرامة قدرىا خمسمائة ألؼ دينار جزائري ( 500,000دج) كؿ مف رمى أو أفرغ أو ترؾ تسربا في المياه السط حية أو الجوفية أو في مياه البحر الخاضعة لمقضاء الجزائري ،بصفة مباشرة أو غير مباشرة لمادة أو مواد يتسبب مفعوليا أو تفاعميا في اإلضرار ولو مؤقتا بصحة اإلنساف أو النبات أو الحيواف ،أو يؤدي إلى تقميص استعماؿ مناطؽ السباحة. والمالحظ مف خالؿ ىاتو المادة أف المشرع اشترط أف يكوف فعؿ إلقاء المواد في مياه سطحية أو مياه البحر يؤدي إلى إضرار بصحة اإلنساف أو النبات. كما نصت المادة 52مف نفس القانوف عمى أنو " :مع مراعاة األحكاـ التشريعية المعموؿ بيا المتعمقة بحماية البيئة البحرية يمنع داخؿ المياه البحرية الخاضعة لمقضاء ال جزائري ،كؿ صب أو غمر أو ترميد لمواد مف شأنيا: اإلضرار بالصحة العمومية و األنشطة البيئية البحرية. عرقمة األنشطة البحرية بما في ذلؾ المالحة والتربية المائية و الصيد البحري. التقميؿ مف القيمة الترفييية والجمالية لمبحر والمناطؽ السياحية والمساس بقدرتياالسياحية". فالمشرع ال يعػ اقب عمى السموؾ اإلجرامي المتمثؿ في الصب أو الغمر أو الترميد، إال إذا أدى إلى إحداث أضرار بالبيئة البحرية. 35 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول كذلؾ مف جرائـ البيئة التي يتطمب القانوف وقوع الضرر فييا ،جرائـ االعتداء عمى األشجار والغابات المنصوص عمييا في المادة 04/396مف قانوف العقوبات ،بحيث يعاقب بالسجف لمدة تتراوح بيف 10و 20سنة كؿ شخص يتسبب عمدا في إبراـ النار في الغابات و الحقوؿ ،األمر الذي يؤدي إلى تموث البيئة اليوائية. ونستخمص مف كؿ ىذا أف األثر المادي لجرائـ تمويث البيئة التي تتطمب تحقيؽ نتيجة تشكؿ اضطرابا وخط ار عمى الت وازف البيئي ،مما دفع المشرع إلى توفير الحماية القانونية ،مف خالؿ تجريـ السموؾ المادي المؤدي إلى نتائج ضارة ،واكتماؿ أركاف الجريمة بتوافر النتيجة الضارة وقياـ المسؤولية الجنائية عف ىذا السموؾ.75 ثانيا :جريمة تمويث البيئة مف جرائـ التعريض لمخطر إف جريمة التعريض لمخطر ال تتطمب تحقؽ نتيجة ،وانما يكفي فييا التيديد بإىدار مصمحة أو حؽ يحميو القانوف ،مما يدفع المشرع إلى تجريـ التعريض لمخطر ،خشية وقوع ضرر. يعرؼ األستاذ "أرتورو لوكو" » « Arturo Loccoالخطر عمى أنو صالحية ظاىرة معنية أو عوامؿ معينة ألنو ينتج منيا زواؿ أو نقصاف قيمة تشبع حاجة ما. فالخطر يعتبر تعديال في الكوف الخارجي مما ينذر بوقوع ضرر.76 لذلؾ ال بد مف الوصوؿ إلى تعريؼ التعريض لمخطر ،وكذا معرفة أنواعو. أ -تعريؼ وأنواع التعريض لمخطر: - 75عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.228 - 76رمسيس ِبنام :مرجع سابق ،ص .571- 570 36 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول التعريض لمخطر ىو سموؾ إنساني ينشأ عنو خطر والذي قد يؤدي إلى حدوث ضرر بالمصمحة المحمية قانونا.77 ب -أنواع التعريض لمخطر: ينقسـ التعريض لمخطر في جرائـ تمويث البيئة إلى عدة أنواع: - 1التعريض لمخطر القريب والتعريض لمخطر البعيد وىذا التقسيـ يكوف بالنظر إلى مدى احتماؿ وقوع الضرر ،فالتعريض لمخطر القريب ىو الذي يكوف فيو احتماؿ وقوع الضرر ك بير بالمقارنة مع عدـ حدوثو ،أما تعريض لمخطر البعيد يكوف عدـ احتماؿ وقوع الضرر أكثر مف عدـ وقوعو.78 - 2الت عريض لمخطر المباشر و التعريض لمخطر غير المباشر وىذا التقسيـ بالنظر إلى مدى توافر العناصر الداخمة في تكويف العالقة السببية بيف الفعؿ والنتيجة ،فالتعريض لمخطر المباشر (الفعمي) ،ىو الذي تتوفر فيو جميع الظروؼ والعوامؿ التي تؤدي إلى إحداث الضرر بالمصمحة المحمية قانونا ،فيو خطر يؤدي مباشرة إلى نتائج ضارة ،فيكوف الخطر عنصر في السموؾ المكوف لجريمة التعريض لمخطر الفعمي.79 أما التعريض لمخطر غير المباشر (الحكمي) ىو الذي يتوقؼ تحقؽ الضرر عمى حدوث ظرؼ آخر في المستقبؿ. - 3التعريض لمخطر الخاص و التعريض لمخطر العاـ يقسـ التعريض لمخطر بالنظر لممصمحة أو الحؽ الذي ييدده الخطر إلى التعريض لمخطر العاـ و التعريض لمخطر الخاص ،فالتعريض لمخطر العاـ ىو الذي ييدد مجموعة - 77عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.213 - 78عادل ماىر األلفي :مرجع نفسو ،ص .216- 215 - 79حسن زلمدي بوادي :اخلطر اجلنائي و مواجهتو تأثيما وجترميا ،دار ادلطبوعات اجلامعية ،اإلسكندرية ،2008 ،ص.59 37 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول كبيرة م ف المصالح العامة بالضرر ،وال ييدد أشخاص محددة ،أما التعريض لمضرر الخاص فيو الذي ييدد بالضرر أشخاص معينة أو مجموعة محددة.80 ج -التعريض لمخطر المجرد في ىذا النوع مف الجرائـ ال يعد الخطر عنص ار في السموؾ المكوف لمجريمة ،حيث ييتـ المشرع باتخاذ تدابير أولية لحم اية المصالح التي يراىا جديرة بالحماية.81 لقد أخذت جؿ التشريع ات بالتعريض لمخطر كأساس لتجريـ في كثير مف جرائـ البيئة ،وذلؾ لوضع حموؿ لعدة مشاكػؿ قانونية منيػا صعوبػة إثبػات الضػرر البيئي ،باإلضافة إلى صعوبة إثبات العالقة السبب ية بيف السموؾ المادي والنتيجة اإلجرامية. ومف جرائـ تمويث البيئة التي تندرج ضمف جرائـ التعريض لمخطر نجد ما أورده المشرع األردني في المادة 06مف قانوف حماية البيئة ،وىي جريمة إدخاؿ مواد محضورة أو نفايات خطرة أو أي مموثات لمبيئة إلى المممكة األردنية. والركف المادي لياتو الجريمة يتمثؿ في إدخ اؿ مواد محضورة أو نفايات خطرة أو مواد مضرة بالبيئة ،ففعؿ اإلدخاؿ ىو محؿ التجريـ ،بغض النظر عمى تحقؽ نتيجة ضارة أـ ال، بحيث يشكؿ ىذا اإلدخاؿ خطر أو تيديد عمى البيئة ، 82ونشير إلى أنو ال يتصور ارتكاب ىاتو الجريمة بسموؾ سمبي ،فالبد أف يكوف السموؾ إيجابي. كذلؾ مف جرائـ تمويث البيئة التي تقوـ بمجرد التعريض لمخطر في التشريعات العربية ما أورده المشرع المصري في المادة األولى والثانية مف القانوف المصري رقـ 09لسنة 1960 المتعمؽ بتنظيـ العمؿ باإلشعاعات المؤذية والوقاية مف أخطارىا ،حيث تحضر المادة األولى استعماؿ اإلشعاعات المؤذية دوف ترخيص. أما المادة الثانية فتحضر عدـ مراعاة التزامات الوقاية مف اإلشعاعات. - 80حسني زلمدي بوادي :ادلرجع السابق ،ص.60 - 81زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص.133 - 82عادل زلمد الدمريي :احلماية اجلزائية للبيئة ِف التشريعات األردنية ،رسالة ماجستري ِف القانون العام ،جامعة الشرق األوسط ،قسم القانون العام ،كلية احلقوق،2010 ، ص. 30 38 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول كما نصت المادة الثانية مف القانوف المصري رقـ 48لسنة 1982المتعمؽ بحماية نير النيؿ والمجاري المائية مف التموث ،عمى أنو" :يحضر صرؼ أو إلقاء المخمفات الصمبة أو السائمة أو الغازية مف العقارات والمجاؿ والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومف عمميات الصرؼ الصحي وغيرىا في مجاري المياه عمى كامؿ أطواليا ومسطحاتيا إال بعد الحصوؿ عمى ترخيص مف و ازرة الري".83 ففي ىات و الجريمة يتمثؿ السموؾ المجرـ في عممية صرؼ أو إلقاء المخمفات في الم جاري المائية ،فالمشرع المصري لـ يتطمب تحقيؽ النتيجة الضارة لقياـ الجريمة وانما اكتفى بالقياـ بالسموؾ المحضور. كذلؾ ما ورد في المادة 32مف قانوف البيئة المصري لسنة 1994 التي تحضر استيراد النفايات الخطرة والسماح بدخوليا إلى الدولة. كما تجرـ المادة 49 مف نفس القانوف إلقاء الزيت أو المزج الزيتي في البحر اإلقميمي أو المنطقة اإلقميمية الخالصة لجميورية مصر ،كذلؾ المادة 52 مف ذات القانوف التي تحضر عم ى الشركات والييئات الوطنية واألجنبية تصريؼ أية مادة مموثة ناتجة عف عممية الحفر أو االستكشاؼ أو اختبار اآلبار أو إنتاج في البحر اإلقميمي أو المنطقة االقتصادية الخالصة لجميورية مصر.84 وقد سار المشرع الجزائري في نفس المسار الذي سارت عمي و العديد مف التشريعات، وأدخؿ العديد مف جرائـ تمويث البيئة في نطاؽ جرائـ التعريض لمخطر ،حيث نصت المادة 87 مكرر مف قانوف العقوبات عمى تجريـ كؿ فعؿ إرىابي أو تخريبي يكوف الغرض منو االعتداء عمى المحيط أو إدخاؿ مادة أو تسريبيا في الجو أو في باطف األرض أو إلقائيا عمييا أو في الماء بما فييا المياه اإلقميمية والتي مف شئنيا جعؿ صحة اإلنساف أو الحيواف أو البيئة الطبيعية في خطر. - 83عادل ماىر األل في ،مرجع سابق ،ص.240 - 84عادل ماىر األلفي ،نفس ادلرجع ،ص.242 39 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول والمالحظ أف المشرع أدرج ىا تو الجريمة ضمف الجرائـ الموصوفة باألفعاؿ اإلرىابية أو تخريبية ،واكتفى المشرع بالسموؾ المادي المتكوف مف فعؿ االعتداء عمى المحيط أو إدخاؿ مواد في البيئة الطبيعية مف شأنيا تعريض اإلنساف والكائنات الحية لمخطر ،ولـ يتطمب تحقؽ نتيجة ضارة. كما نصت المادة 66مف قانوف 19- 01المتعمؽ بتسيير النفايات ومراقبتيا وازالتيا عمى معاقبة كؿ مف يستورد النفايات الخاصة الخطرة أو تصديرىا ،أو عمؿ عمى عبورىا مخالفا أحكاـ ىذا القانوف بعقوبة السجف الذي يتراوح مدتو ما بيف خمسة و ثمػ انية سنوات، وبغرامة ما بيف مميوف دينار وخمسة مالييف دينار جزائري ،أو بإحدى ىاتيف العقوبتيف فقط. كما تنص المادة 10مف نفس القانوف عمى حضر استعماؿ المنتوجات المرسكمة التي يحتمؿ أف تش كؿ خطر عمى األشخاص في صناعة المخمفات المخصصة الحتواء مواد غذائية مباشرة أو في صناعة األشياء المخصصة لألطفاؿ. كما أورد قانوف حماية البيئة رقـ 10-03المتعمؽ بحماية البيئة ،العديد مف جرائـ التعريض لمخطر. فقد نصت المادة 82عمى أنو" :يعاقب بغرامة مف عشرة آالؼ دينار جزائري إلى مائة ألؼ دينار كؿ مف يشتغؿ دوف الحصوؿ عمى ترخيص المنصوص عميو في المادة ،43 مؤسسة لتربية حيوانات مف أصناؼ غير مألوفة ويقوـ ببيعيا أو عبورىا" ،فالمشرع عاقب عمى ىا تو الجريمة لعدـ الحصوؿ عمى الترخيص وذلؾ الحتماؿ وقوع خطر جراء ىذا االستغالؿ. كما نصت المادة 57مف القانوف 10- 03التي نصت عمى أنو "يتعيف عمى كؿ رباف سفينة تحمؿ بضائع خطيرة أو سامة أو مموثة وتعبر بالقرب مف المياه الخاضعة لمقضاء الجزائري ،أو داخميا أف يبمغ عف كؿ حادث مالحي يقع في مركبو ومف شأنو أف ييدد بتمويث أو فساد الوسط البحري والمياه والسواحؿ الوطنية". 40 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ونستخمص أف المشرع الجزائري عمى غرار باقي التشريعات أخذ بالتعري ض لمخطر كأسس لتجريـ في كثير مف جرائـ البيئة ،وتوسع فييا وذلؾ لموقاية مف حدوث ضرر بيئي يصعب إزالتو أو يشكؿ إضرار كبير بالبيئة ،وحسننا ما فعؿ المشرع الجزائري مف خالؿ نيجو ىذا المنيج الذي يفعؿ حماية البيئة. الفرع الثاني :جريمة تمويث البيئة جريمة دولية قد تكوف جريمة تمويث البيئة وطنية ،إذا ارتكبت في إقميـ معيف ،بحيث تبقى آثارىا محددة في ذلؾ اإلقميـ ،ويسأؿ عنيا األشخاص الذيف ارتكبوىا ،وقد تكوف جريمة دولية تسأؿ عنيا الدولة وذلؾ بانتقاؿ المواد المموثة إلى بيئة دولة أخرى.85 فمثال دولتي السويد والنرويج وجدت درجة تموث ىوائي عالية أكبر مما تسببو المموثات المحمية ،حيث انتقمت إلييا المموثات نتيجة الرياح الغربية القادمة مف بريطانيا والدوؿ األوروبية.86 وتعتبر جريمة تمويث البيئة الطبيعية إحدى أنماط الجرائـ الدولية ،سواء كاف ىذا االعتداء في زمف الحرب أو زمف السمـ ،فقد ينظر إلى الجريمة البيئية عمى أنيا إحدى صور جرائـ الحرب ،عندما يعتدي عمى البيئة نتيجة استعماؿ القنابؿ النووية واألسمحة الكيميائية والبيولوجية واإلشعاعات ،وبالتالي تخضع إلى النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدولية.87 وىذا الرأي قد تبناه مشروع النموذج العربي بشأف الجريمة الدولية ،حيث اعتبر جريمة االعتداء عمى البيئة الطبيعية إحدى صور جرائـ الحرب ،وب التالي فيي تعتبر جريمة دولية، وتأكد ذلؾ في نص المادة 13مف ىذا المشروع ،والمقدـ في إطار مذكرة تفاىـ بيف جامعة الدوؿ العربية والمجنة الدولية لمصمي ب األحمر الموقعة بتاريخ 15نوفمبر 1990في الفقرة "ح" - 85علي سعدان :محاية البيئة من التلوث بادلواد اإلشعاعية والكيميائية ِف القا نون اجلزائري ،دار اخللدونية ،اجلزائر ،ط ،2008 ،1ص.311 - 86داود عبد الرزاق :مرجع سابق ،ص.44 - 87أشرف زلمد الشني ،جرائم البيئة ،مركز اإلعالم األمين ،ص.21:00 ،2010/04/07 ،www.policemc.gov.bh . 02 41 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول حيث اعتبرت إحداث ضرر واس ع النطاؽ وطويؿ األجؿ وشديد بالنسبة لمطبيعة جريمة دولية. ويكوف االعتداء عمى البيئة بشكؿ مباشر أو غير مباشر ،فيكوف غير مباشر إذا كانت البيئة ليست محال لميجوـ المباشر وانما يكوف فييا التعدي بشكؿ عرضي ،ويكوف االعتداء المباشر إذا كاف ب يدؼ اإلضرار بالبيئة كيدـ الجسور واشعاؿ النار و تمويث مياه الشرب. وقد نصت المادة 55مف البروتوكوؿ اإلضافي التفاقية جنيؼ لعاـ 1949عمى تجريـ استخداـ طرؽ ووسائؿ في الحرب تتسبب في دمار واسع بعيد المدى أو شديد عمى البيئة الطبيعة.88 وقد استخدـ األمريكيوف أسمحة كيميائية في حربيـ ضد الفيتناـ مما أدى إلى القضاء عمى أكثر مف % 50مف مساحات الغابات في الفيتناـ الجنوبية والحاؽ العجز الجزئي أو الدائـ بأكثر مف % 20مف مساحة األراضي الزراعية. وفيما يخص االتفاقية الدولية لحماية البيئة أثناء النزاعات المسمحة نجد ما نصت عميو اتفاقيات القانوف الدولي اإلنساني وعمى رأسيا اتفاقية جنيؼ لعاـ ،1907حيث جرمت التدمير المتعمد ومياجمة المنشآت والمباني العامة والغابات والمناطؽ الزراعية ،كذلؾ بروتوكوؿ جنيؼ لعاـ ، 1925الذي حضر استعماؿ الغازات السامة والوسائؿ الجرثومية في الحروب ،وأيضا ما ورد في اتفاقية حضر استخداـ تقني ات التغيير في البيئة ألغراض عسكرية أو ألغراض عدائية لعاـ .1976 ونصت المادة 35فقرة 03مف البروتوكوؿ اإلضافي األوؿ التفاقية جنيؼ لعاـ 1949 الصادر عاـ 1977عمى حضر استخداـ وسائؿ أو أساليب القتاؿ والذي يقصد بيا أو يتوقع منيا أف تمحؽ بالبيئة الطبيعية أضرار واسعة. - 88أشرف زلمد الشني ،ادلرجع ال سابق ،ص.03 42 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وأصدرت الجمعية العػامػ ة لألمـ المتحدة قرار رقـ 37-47في 23ديسمبر ،1991 بشأف حماية البيئة في أوقات النزاع المسمح ،حيث جاء فيو أف تدمير البيئة يعد مخالفا لمقانوف الدولي. كما نصت المادة ()2(08ب) 04مف النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدولية الدائمة لسنة 1998عمى اعتبار جريمة تمويث البيئة جريمة دولية وذلؾ مف خالؿ اعتبار إلحاؽ ضرر واسع النطاؽ و طويؿ األجؿ و شديد بالبيئة الطبيعة إحدى صور جرائـ الحرب. أما في السمـ فجريمة تمويث البيئة تدخؿ تحت مظمة جرائـ ضد األمف و اإلنسانية. فقد عقد مؤتمر مف أجؿ الحماية الجنائية لموسط الطبيعي في ىامبورج في سنة 1979 وخرج بجممة مف التوصيات أىميا تمؾ المتعمقة بالجرائـ عبر الوطنية ،حيث اعتبرت أف االعتداءات الخطرة عمى البيئة ينبغي إدخاليا ضمف الجرائـ الدولية والعقاب عمييا بطريقة مالئمة. كما أف الحماية تعتبر أمر ضروري عندما يكوف فعؿ االعتداء عمى البيئة مرتكب مف دولة ضد دولة أخرى. والمالحظ أنو ال تزاؿ الدوؿ النووية والصناعية الكبرى تشكؿ عبء كبير عمى البيئة ضاربة بعرض الحائط بسالمة البيئة واتفاقياتيا الدولية ،حيث تقوـ بتصدير نفاياتيا الذرية الخطيرة لدفنيا في أراضي الدوؿ الفقيرة مقابؿ مب الغ زىيدة ،كما رفضت الدوؿ الصناعية الكبرى وضع قواعد حازمة لحماية البيئة وذلؾ لتفادي ارتفاع أسعار منتجاتيا الصناعية.89 والمالحظ كذلؾ أف القانوف الدولي ال يزاؿ يفتقد إلى الجزاء ال رادع والى السمطة الدولية المييمنة ألف معظـ أعماؿ المؤتمرات الدولية تأخذ شكؿ توصيات غير ممزمة وترفض الدوؿ الكبرى االلتزاـ بيا لتعارضيا مع مصالحيا االقتصادية ،لذلؾ يجب إعادة - 89ماجد راغب احللو :قانون محاية البيئة ِف ضوء الشريعة ،منشأة ادلعارف ،اإلسكند رية ،مصر ،2002 ،ص.26 43 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول النظر في إدراج جريمة تمويث البيئة كجريمة دولية يعاقب عمييا وفؽ القانوف الدولي الجنائي. والمتتبع لمقانوف األساسي لممحكمة الجنائية الدولية يجد أف المادة 07المتضمنة ا ألفعاؿ التي تدخؿ ضمف جرائـ ضد اإلنسانية ال يجد أي نص يؤكد إدراج االعتداء عمى البيئة ضمف ىتو الجرائـ.90 في عاـ 1986اقترح المقرر الخاص لمجنة القانوف الدولي قائمة الجرائـ ضد اإلنسانية وذلؾ في إطار إ عداد مشروع جرائـ ضد اإلنسانية وظير ذلؾ في التقرير الرابع ليصبح نص المادة " : 12األفعاؿ التي تشكؿ جرائـ ضد اإلنسانية: []..... أي انتياؾ خطير لاللتزاـ دولي ذو أىمية دولية ضرورية لمحماية و الحفاظ عمىالبيئة" . وعمؽ المقرر الخاص عمى مسؤولية الدولة بيذا الشأف. بعدىا عممت لجنة القانوف الدولي في دورتيا السابعة و األربعوف لعاـ 1995عمى إنشاء مجموعة عمؿ تجتمع في بداية الدورة الثامنة و األربعوف ،و تنظر في إمكانية تعامؿ في مدونة جرائـ ضد السالـ و أمف البشرية ،والحاؽ األضرار عمى البيئة ضمف ىاتػو القائمة ،إال أنيا فشمت بعد ذلؾ في إعداد مشاريع المواد التي مف شأنيا أف تضع الضرر البيئ ي ضمف الجرائـ ضد السمـ و أمف البشر.91 وتقود المحامية البريطانية "يولي ىيغين ر" حممة لجعؿ جريمة تمويث البيئة جريمة دولية ال تختمؼ عف الجرائـ ضد اإلنسانية ،حيث دعت األمـ المتحدة إلى إدراج تدمير البيئة ضمف الجرائـ الدولية. 90 -Amissi Melhai de Manirabouna: La responsabilité Pénale des société canadiennes, pour les crimes contre l’environnement, survenu a l’étranger, thèse de doctorat, université de Montréal, Canada, Faculté du droit, 2009, p231 91 - Christian Tomuschat: Document sur les crimes contre l’environnement, ILE(XLV III / DC / CRD), Projet de code des crimes contre la paix de la sécurité de humanité, Par III, Extrait de l’annuaire de la CDI, 1996, Vol III, P21. 44 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وقد نقمت صحيفة الغاردياف عف صاحبة الفك رة قوليا" :أف البيئة ىي نقيض لمحياة وحيث يقع مثؿ ىذا التدمير تبعة ألعماؿ اإلنساف فإنو باإلمكاف أف يعد تدمير البيئة جريمة دولية وتطالب ىيغين ر بإدراج جريمة البيئة خامسة عمى قائمة الجرائـ الدولية. وتحظي ىيغينر في حممتيا بتأييد داخؿ أروقة األمـ المتحدة وفي مفوضية األوروبية وبيف عمماء البيئة ومنظمات دولية أخرى.92 ونحف بدورنا نؤيد ىذه الفكرة ،إذ أف جريمة تمويث البيئة تندرج ضمف جرائـ ضد اإلنسانية لما تخمفو ىا تو الجريمة مف ضرر وخطر عمى صحة اإلنساف والمخموقات باإلضافة إلى األضرار التي تمحقيا بالطبيعة. المبحث الثاني :أركان جريمة تمويث البيئة. يتعرض ىذا المبحث إلى أركاف جريمة تمويث البيئة ،وسوؼ يتناوؿ الباحث فيو مطمبيف ،األوؿ الركف المادي والثاني الركف المعنوي ،إذ ال تقوـ الجريمة إال بتوافر ىذيف الركنيف. يضاؼ إلى ىاذيف الركنيف وجود نص تجريمي يجرـ الفعؿ ،حيث ال جريمة وال عقوبة إال بنص وىذا ما يعرؼ بمبدأ الشرعيػة ،لكف اختمؼ الفقو حوؿ النػ ص التجريمي ،فيما إذا كاف يعتبر ركف مف أركاف الجريمة أـ ال. يرى جانب مف الفقػو الفرنسي منيـ الفقيػو " سطيفاني ولوفاسور وبولوؾ وصوبي" ،أف النص القانوني يعد ركنا مف أركاف الجريمة حيث ال تقوـ وال تكتمؿ أ ركانيا إال بتوافر الركف الشرعي. وعمى خالؼ ذلؾ يرى جانب آخر مف الفقياء الفرنسييف ويؤيدىـ في ذلؾ جانب كبير مف الفقو المصري ،أف النص القانوني ليس ركنا لمجريمة ،وانما ىو عامؿ ردع.93 92يُخسٖ انجشا ئزٚت نهمبٌَٕ ٔانحمٕق. 22:25 ،1011/04/ 07، www.forum.law-dz.com ، - 93أحسن بوسقيعة :الوج يز ِف شرح القانون اجلنائي العام ،دار ىومة ،ط ،4اجلزائر ،2007،ص.48 45 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وبرروا ىذا الرأي ب أف اعتبار النص القانوني ركنا يتطمب ىذا عمـ الجاني بالنص القانوني الذي يجرـ الفعؿ ،وىو ما يتعارض مع افتراض العمـ بالقانوف وأف الجيؿ ليس بعذر.94 ونحف نذىب إلى ما ذىب إليو أنصار الرأي الثاني ،إذ أف النص القانوني يعتبر القالب الذي يوضع فيو الشيء وليس جزء مف الشيء وبالتالي ال يدخؿ في أركاف الجريمة، لذلؾ سوؼ نت ناوؿ ىذا المبحث في مطمبيف ،األوؿ نخصو لمركف المادي والثاني لمركف المعنوي. المطمب األول :الركن المادي لمجريمة يعتبر الركف المادي النشاط الخارجي الذي يقوـ بو اإلنساف ،والذي يعاقب عميو القانوف الجنائي. حيث أف قانوف العقوبات ال يع اقب عمى النوايا ميما كانت سيئة إال إذا تجسدت في فعؿ خارجي. ويقوـ الركف المادي عمى ثالث عناصر ىي السموؾ اإلجرامي والنتيجة المترتبة عنو، باإلضافة إلى العالقة السببية بيف ىذا السموؾ والنتيجة. الفرع األول :السموك اإلجرامي السموؾ اإلجرامي ىو كؿ حركة أو عدة حركات عضمية تصدر مف جانب الجاني تؤدي إلى اإلضرار بالمصالح المراد حمايتيا أو تعريضيا لمخطر.95 وفي جرائـ تمويث البيئة يتحقؽ السموؾ اإلجرامي في فعؿ التمويث ،ويكوف ذلؾ بإدخاؿ مواد في وسط بيئي معيف ،وىذا يعني أف التموث يتحقؽ بفعؿ اإلضافة أو إلق اء أو تسريب مواد - 94عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.248 - 95زلمد حسني عبد القوي :مرجع سابق ،ص.180 46 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول مموثة أو امتناع يترتب عميو اإلضرار بأحد عناصر البيئة ،سواء كانت ىاتو المواد موجودة في الوسط الطبيعي أـ ال.96 ويقصد بالتمويث عمى ضوء ما نص عميو قانوف حماية البيئة رقـ 10- 03ىو التغيير المباشر أو غير المباشر لمبيئة يتسبب فيو كؿ فعؿ يحدث أو قد يحدث وضعية مضرة بالصحة وسالمة اإلنساف والنباتات وال حيوانات واليواء والماء واألرض والممتمكات الجماعية أو الفردية.97 والمالحظ أف المشرع توسع في مفيوـ التموث ،وذلؾ مف خالؿ الوصؼ الفضفاض لمصطمح التغيير في البيئة ،كما نالحظ أف المشرع في تعريفو لمتموث حصره في سموؾ إيجابي وىو الفعؿ ،دوف أف ينص عمى التموث باالمتناع ،عمى خالؼ ما ذىب إليو المشرع المصري الذي عرؼ التموث بأنو " :إدخاؿ أو تسريب مواد مموثة أو االمتناع عف إضافة أو إدخاؿ مواد أو عناصر حيوية في وسط بيئي محمي قانونا وىذا مف شأنو اإلضرار بيذا الوسط أو تيديده بالضرر" ،ففعؿ التموث يكوف بإضافة مواد في البيئة تؤدي إلى اإلخالؿ بالتوازف الطبيعي ،أو باالمتناع بإضافة مادة ليذا الوسط ،ومثاؿ ذلؾ منع دخوؿ أو تجديد اليواء في األماكف المغمقة مما يؤدي إلى تموث ىوائي. كما يؤخذ عمى المشرع الجزائري في تعريفو لمتموث الجوي و التموث المائي ،أنو ق صر فعؿ التمويث عمى إدخاؿ المواد المموثة ولـ يشر إلى فعؿ تحريؾ ،ألنو قد يحدث التموث بتحريؾ بعض المواد الموجودة أصال في الوسط البيئي. وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بتحقؽ الركف المادي في جريمة تمويث مياه النير بتحريؾ مواد موجودة في النير رغـ إثبات المتيـ بأنو لـ يمقي مواد ضارة فيو ،إال أنو قاـ بتحريؾ ىا تو المواد الضارة التي ىي موجودة في النير أصال.98 - 96زلمد حسن الكندري :ادلسؤولية اجلنائية عن التلوث البيئي ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،2006 ،ص.62 - 97ادلادة الرابعة من قانون محاية البيئة رقم .10- 03 - Crim,23 Juin 1986, J.C.P.G, II.N020667. 47 98 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وتعد المواد المموثة الموضوع المادي لمسموؾ اإلجرامي في جريمػة تمػ ويث البيئة ،وذلؾ معناه أف الفاعؿ قد أضاؼ أو ألقى أو أدخؿ مواد مموثة أو امتناع عف إضافة أو إدخاؿ مواد إلى الوسط البيئي.99 ولـ يشترط المشرع الجزائري أسوة بالمشرع المصري مواد مموثة ذات طبيعة خاصة أو مف نوع معيف أو ذات مواصفات محددة ،وانما استخدـ النصوص المفتوحة الحتواء كؿ المواد والعناصر التي تؤدي إلى تمويث البيئة. ونالحظ أف المشرع لـ يشترط وسيمة معينة إذ أف فعؿ التمويث يتحقؽ بأي وسيمة ما دامت تؤدي إلى نتيجة إجرامية أو تعريض البيئة لمخطر. ولكي يتحقؽ السموؾ اإلجرامي في جريمة تمويث البيئة يجب أف يحدث فعؿ التمويث في الوسط البيئي وىو محؿ ارتكاب الجريمة. وقد سمؾ المشرع المصري منيجيف لتحديد الوسط البيئي. فالمنيج األوؿ حدد فيو الوسط البيئي محؿ الحم اية تحديد دقيقا بحيث ال تقوـ الجريمة إال إذا ارتكب الفعؿ في وسط معيف دوف غيره مف األوساط البيئية ،وقد سار المشرع الفرنسي في نفس المنيج. والمنيج الثاني ال يحدد فيو المشرع الوسط البيئي محؿ الحماية ،بحيث يكوف النص عاـ دوف تحديد الوسط البيئي ،مثاؿ ما نصت عميو المادة 38مف قانوف حماية البيئة المصري التي حضرت استخداـ مبيدات أو مركبات كيميائية أخرى ،بما يكفؿ عدـ تعرض اإلنساف والحيواف والنباتات وسائر مكونات البيئة إلى ضرر. 100 أما المشرع الجزائري فقد اتبع أسموبا يختمؼ عف باقي التشريعات عندما نص عمى عناصر البيئة و أطم ؽ عمييا مصطمح مقتضيات حماية البيئة ،ونص عمى مقتضيات حماية - 99عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.259 - 100عادل ماىر األلفي :ادلرجع السابق ص .264- 263 48 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول البيئة اليوائية ،ومقتضيات حماي ة المياه ،باإلضافة إلى مقتضيات حماية األرض وبػاطنيا، أي البيئة الترابية.101 ويأخذ ال سموؾ اإلجرامي في جريمة تمويث البيئة إحد ى صورتيف بحيث تتحقؽ الجريمة بنشاط مادي سواء كاف إيجابي أو سمبي. أوال :السموؾ اإليجابي يتحقؽ السموؾ اإليجابي في جرائـ تمويث البيئة بفعؿ إيجابي أي نشاط مادي خارجي يصدر عف الجاني بخرقو لمقانوف. 102 وفي التشريعات البيئية نجد ارتكاب جريمة تمويث البيئة بسموؾ ايجابي ىي السمة الغالبة.103 ومف قبيؿ ىاتو الجرائـ ف ي التشريع الفرنسي جريمة إلغاء أو رمي مواد مف شأنيا اإلضرار باألسماؾ في مياه األنيار.104 ومثاؿ ذلؾ في التشريع الجزائري نجد المادة 51مف قانوف 10- 03التي تمنع صب أو طرح لممياه المستعممة أو رمي النفايات ميما كانت طبيعتيا في المياه المخصصة إلعادة تزويد طبقات المياه الجوفية وفي اآلبار. أما في التشريع األردن ي قد نصت المادة 09مف قانوف حماية البيئة األردني عمى جريمة منع طرح أو سكب أو تفريغ أو إلقاء السفف لمواد مموثة أو مضرة بالبيئة البحرية في المياه اإلقميمية لممممكة األردنية. 105 - 101زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص.123 - 102نور الدين ىنداوي :احلماية اجلنائية للبيئة ،دار ا لنهضة العربية ،القاىرة ،1985 ،ص.86 - 103زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص.64 - 104عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.260 - 105عادل زلمد الدميريي :مرجع سابق ،ص.44 49 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وفي التشريع المصري ما ورد في المادة 49مف القانوف رقـ 04لسنة 1994المتعمؽ بتجريـ إلقاء الزيت والمزيج ال زيتي مف السفف في البحر اإلقميمي لجميورية مصر.106 ثانيا :السموؾ السمبي يتحقؽ السموؾ السمبي في جريمة تمويث البيئة باالمتناع عف القياـ بعمؿ يفرضو القانوف. 107 ففي جرائـ البيئة السمبية ال يت طمب القان وف تحقؽ نتيجة إجرامية ،وانما يكتفي بمجرد االمتناع عف واجب قانوني. ففي التشريع الفرنسي نجد العديد مف جرائـ تمويث البيئة السمبية ونذكر منيا عمى سبيؿ المثاؿ ما نص عميو القانوف رقـ 633لسنة 1975الصادر بشأف النفايات والمعدؿ في 30ديسمبر عاـ ، 1985تجريـ عدـ اال لتزاـ بالتعميمات و الشروط لمحصوؿ عمى تصاريح مسبقة مف الجيات المختصة فيما يخص معالجة أو نقؿ أو تخزيف النفايات والتخمص منيا. ويعد مف جرائـ تمويث البيئة التي ترتكب ب سموؾ سمبي في التشريع الجزائري ما ورد في المادة 102مف قانوف 10- 03المتعمؽ بحماية البيئة بحيث ت عاقب كؿ شخص يستغؿ منشأة دوف أف يحصؿ عمى ترخيص. ويالحظ مف خالؿ ىا تو النصوص أف التشريعات البيئية حرصت عمى حماية البيئة وذلؾ مف خالؿ توسع المشرع البيئي في مجاؿ التجريـ ،حيث فرض عمى األشخاص والمنشآت التزامات يجب القياـ بيا ،باإلضافة إلى اتخاذ تدابير محددة ،وذلؾ لما تقتضيو البيئة مف حماية ضد التموث والوقاية مف المخاطر ال تي تيدد البيئة دوف النظر إلى تحقؽ النتيجة ونحف بدورنا نثمف ىذا المسمؾ لما يوفره مف حماية لمبيئة. الفرع الثاني :النتيجة اإلجرامية - 106ادلادة 49من القانون ادلصري رقم 04لسنة 1994ادلتعلق حبماية البيئة. - 107زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ص.65 50 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول قد يؤدي السموؾ اإلجرامي إلى إحداث نتيجة مادية محددة لكي يكتمؿ الركف المادي لجريمة تمويث البيئة ،فقد يشرط المشرع أف يحدث السموؾ المادي اإلجرامي نتيجة إجرامية محددة ،لذلؾ عنونا ىذا الفرع تحت عنواف النتيجة اإلجرامية ،وقسمنػاه إلى أوال ،النتائج اإلجرامية الضارة والنتائج اإلجرامية الخطرة ،وثانيا النطاؽ المكاني والزمني لمنتيجة اإلجرامية. أوال :النتائج اإلجرامية الضارة والنتائج اإلجرامية الخطرة. كما تقسـ جرائـ تمويث البيئة إلى جرائـ ضرر ،وجرائـ تعريض لمخطر كذلؾ النتيجة اإلجرامية في ىذا النوع مف الجرائـ تقسـ إلى نتيجة ضارة ونتيجة خطرة. أ -النتيجة اإلجرامية الضارة لقد حرص المشرع ا لجنائي في بعض جرائـ البيئة عمى تحديد النتائج الضارة وشرط حصوؿ نتيجة مادية كأثر لمسموؾ اإلجرامي ، 108وىذا ما يعرؼ بجرائـ الضرر. ولقد سعت جؿ التشريعات البيئية إلى تحديد الضرر البيئي ،فقد حدد المشرع المصري الضرر البيئي حيث شمؿ كؿ ما ىو مضر بالكائنات الحية أو المنشآت أو الحياة الطبيعية أو صحة اإلنساف وكؿ ما يستنزؼ موارد البيئة أو يغير مف مواصفات اليواء وخصائصو أو يسبب الضوضاء.109 أما المشرع الميبي فقد عرؼ الضرر البيئي بأنو حالة أو ظرؼ ينشأ عنو تعرض صحة اإلنساف أو سالمة البيئة لمخطر نتيجة تموث مياه البحر أو اليواء.110 وقد تناوؿ المشرع الجزائري الضرر البيئي عند تعريفو لمتموث البيئي وذلؾ مف خالؿ تبيف أضرار التموث ،إذ ىو كؿ تغير مباشر أو غير مباشر لمبيئة يتسب ب فيو كؿ فعؿ يحدث أو قد يحدث وضعيتو مضرة بالصحة والنباتات والحيواف واليواء والجو والماء واألرض - 108نور الدين ىنداوي :مرجع سابق ،ص.93 - 109زلمد حسني عبد القوي :مرجع سابق ،ص. 198 - 110زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص. 126 51 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول والممتمكات الجماعية والفردية وبالتالي ف الضرر البيئي ىو كؿ ما مف شأنو أف يغير في الخواص الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية لمماء أو إحداث وضعية مضرة بصحة اإلنساف أو سالمتو أو يضر بالنباتات والحيوانات أو يمس بجماؿ المواقع أو عرقمة االستعماؿ الطبيعي لممياه أو التسبب في انبعاث ات أبخرة أو غازات أو أدخنة سائمة أو صمبة مف شأنيا التسبب في اإل ضرار اإلطار المعيشي. ومف خالؿ ما ورد يتضح أف الضرر البيئي يمتاز بجممة مف الخصائص وىي: عمومية الضرر بمعنى أنو قد يصيب اإلنساف أو أي كائنات حية أخرى كما يصيبعناصر الطبيعة (الطبيعة االصطناعية). صعوبة تحديد المصدر الحقيقي لمضرر وبالتالي ينتج عنو صعوبة تحديد السبب الذيأدى إلى حدوث النتيجة. 111 الضرر البيئي قد يكوف ضرر مباشر وقد يكوف ضرر غير مباشر ،حيث ال تظيرأثاره فور وقوعو.112 ب -النتيجة اإلجرامية الخطرة لقد اعتبر المشرع الخطر أمر واقعي ووضعو في ميزاف الحسباف ،وذلؾ خشية الوقوع في الضرر. 113 واىتـ المشرع بالنتيجة الخطرة التي مف المحتمؿ أف تحدث في المستقبؿ. 114 وىذا ما يعرؼ بجرائـ التعريض لمخطر فالنتيجة في ىذا النوع مف الجرائـ تتمثؿ في تيديد المصمحة المحمية قانونا. وقد سمؾ المشرع ىذا المسمؾ في جرائـ تمويث البيئة ،وذلؾ لصعوبة إثبات الضرر في بعض الجرائـ البيئية. 115 - 111زلمد دلوسخ :ادلرجع نفسو ،ص. 121 - 112زلمد حسني يعقوب :مرجع سابق ،ص ، 200أنظر زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص. 120 - 113إبتسام ادلكاوي :مرجع سابق ،ص. 72 - 114نور الدين ىنداوي :مرجع سابق ،ص.92 52 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وتظير أىمية األخذ بالنتائج الخطرة في جرائـ تمويث البيئة فيما يمي: سيولة إثبات المسؤولية الجنائية في جرائـ التعريض لمخطر وذلؾ لصعوبة إثباتالضرر. وضع حؿ لمشكمة إثبات العالقة السببي ة بيف السموؾ المادي والنتي جة اإلجرامية فيحالة ما إذا كاف مصدر الضرر البيئي غير محدد بدقة وذلؾ عندما تتعدد المصادر التي تساىـ في تمويث البيئة مثؿ ما ىو الحاؿ في التمويث البعيد المدى.116 إ ف األخذ بيذا النوع مف الجرائـ يوفر أكبر قدر ممكف مف الحماية البيئية خاصة وأفالعديد مف جرائـ البي ئة يصعب إثبات الضرر فييا باإلضافة إلى ما تسببو ىذه الجرائـ مف خسائر ىائمة يصعب عمى اإلنساف تداركيا. لذلؾ دعت العديد مف المؤتمرات الدولية إلى ضرورة تجريـ النتائج الخطرة. مثاؿ ذلؾ القرار ال رابع الصادر عف المؤتمر الثامف لألمـ المتحدة حوؿ منع الجريمة ومعاممة المذنبيف المنعقد في ىافنا سنة 1990والذي قرر التزاـ الدوؿ األعضاء بأف تعزز بموجب قوانيف جنائية وطنية حماية الطبيعة والبيئة مف إلقاء النفايات الخطرة أو غيرىا مف المواد التي تعرض البيئة لمخطر وحماية البيئة مف تشغيؿ المنشآت الخطرة. 117 ولقد أخذت التشريعات بيذا النوع مف النتائج الخطرة ،فنجد أف المشرع الميبي جرـ مجرد إلقاء مواد مشعة أو سامة أو غازات أو مفرقع ات في المواني أو المياه اإلقميمية في المادة 67مف القانوف الميبي رقـ 7لسنة 1982الخاص بحماية البيئة بصرؼ النظر عف تحقؽ نتيجة ضارة . 118 كذلؾ في التشريع المصري نجد العديد مف أمثمة ىذا النوع مف التجريـ. - 115مرفت البارودي :ادلسؤولية اجلنائية لالستخدامات السلمية للطاقة النووية ،رسالة دكتورا ،جامعة القاىرة ،كلية احلقوق ،1993 ،ص.296 - 116زلمد احلسن الكندري :مرجع سابق ،ص.68 - 117زلمد حسن عبد القوي ،مرجع سابق ،ص. 205 - 118زلمد حسني عبد القوي ،ادلرجع نفسو ،نفس الصفحة. 53 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول فنجد المادة 31فقرة 1مف القانوف رقـ 4لسنة 1994الصادر بشأف البيئة والتي تجرـ إقامة منشأة بغرض معالجة النفايات الخطرة بدوف ترخيص مف الجية اإلدارية المختصة. 119 وكذلؾ ما ورد في المادة 32مف نفس القانوف التي تحضر استيراد النفايات الخطرة أو السماح بدخوليا أو مرورىا في أراضي جميورية مصر.120 كما أخذ المشرع الجزائري بالنتيجة اإلجرامية الخطرة وذلؾ مف خالؿ عدة نصوص نذكر منيا ما ورد في المادة 19مف القانوف رقـ 19- 01المتعمؽ بتسيير النفايات ومراقبتيا مف حضر إليداع وطمر النفايات الخا صة الخطرة في غير األماكف المخصصة ليا. كما ألزـ المشرع المنتج والحائز لمواد خطرة بالحصوؿ عمى التصريح مف الجيات اإلدارية المختصة وكذلؾ أخضع نقؿ ىاتو النفايات إلى الحصوؿ عمى ترخيص.121 وكذلؾ المادة 25مف قانوف حماية البيئة رقـ 10/03التي نصت عمى ما يمي" :عندما ت نجـ عف استغالؿ منشأة غير واردة في قائمة المنشآت المنصفة أخطار أو أضرار تمس بالمصالح المذكورة في المادة 18أعاله ،وبناء عمى تقرير مف مصالح البيئة ينذر الوالي المستغؿ ويحدد لو أجال التخاذ التدابير الضرورية إلزالة األخطار أو األضرار البيئية". وكذلؾ ما ورد في المادة 72مف نفس القانوف والتي تنص عمى " :تيدؼ مقتضيات الحماية البيئ ية مف األضرار السمعية إلى الوقاية أو القضاء أو الحد مف انبعاث وانتشار األصوات أو الذبذبات التي قد تشكؿ أخطار وتضر بصحة األشخاص وتسبب ليـ اضطرابا مفرطا أو مف شأنيا أف تمس بالبيئة". ييدؼ المشرع مف خالؿ ىذا النص إلى الوقاية مف األخطار المتوقعة في المستقبؿ التي يسببيا التموث السمعي حتى دوف تحقؽ نتيجة ضارة. - 119ادلادة 31من القانون ادلصري رقم 4لسنة 1994ادلتعلق بالبيئة. - 120ادلادة 32من نفس القانون. - 121ادلادة 21من القانون 19- 01ادلتعلق بتسيري النفايات و مراقبتها. 54 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ونقوؿ أف ما س مكتو التشريعات في ىذا الشأف يعد مسمكا حميدا ،وذلؾ لتوفير أكثر قدر مف الحماية البيئية ،مف خالؿ تجريـ النتائج الخطرة ألنو في كثير مف األحياف يصعب تدارؾ الضرر البيئي. ثانيا :النطاؽ المكاني والزمني لمنتيجة اإلجرامية قػد تختمؼ النتيجػ ة اإلجرامية في جريمة تمويث البيئة عف غيرىا مػف الجرائػـ ،خاصة مف حيث زماف ومكاف وقوعيا ،ففي كثير مف األحياف يتراخى تحقؽ النتيجة ،فتحدث في مكاف وزماف يختم ؼ عف مكاف وزماف ارتكاب السموؾ المادي.122 أ -النتيجة اإلجرامية مف الناحية الزمنية: يقع وأف يرتكب السموؾ اإلجرامي في فترة زمنية محددة ويؤدي ىذا السموؾ إلى نتيجة إجرامية في فترة زمنية الحقة قد تطوؿ بعد ارتكابو. حيث أف الضرر البيئي قد يكوف مباشر يظير بعد فترة زمنية قصيرة مثمما ىو الحاؿ في تموث المياه بمواد سامة إثر إلقاء نفايات. وقد يكوف غير مباشر بحيث ال يظير إال بعد فترة زمنية طويمة كما ىو الحاؿ في التموث اإلشعاعي. 123 ويث ير اإلطار الزماني لمنتيجة اإلجرامية في ىذا النوع مف الجرائـ تساؤال ميما حوؿ طبيعة الركف المادي ،فنكوف بصدد جريمة وقتية عندما يستغرؽ فترة زمنية قصيػرة ،أو جريمة مستمرة عندما يستمر الركف المادي فترة مف الزمف. - 1جرائـ تمويث البيئة مف الجرائـ الوقتية: - 122نور الدين ىنداوي :مرجع سابق ،ص.99 - 123زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص. 134 55 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول إف معظـ جرائـ تموث البيئة تعتبر مف قبيؿ الجرائـ الوقتية حيث تحقؽ الجريمة بمجرد ارتكاب الفعؿ دوف األخذ ب االعتبار ما ينشأ مف أثار تمتد لفترة مف الزمف ،فجؿ التشريعات البيئية ال تيتـ باألث ر بقدر اىتماميا بالسموؾ وخاصة إذا تعذر إثبات النتيجة. 124 فجريمة تمويث البيئة البحرية وكذا جرائـ التموث اليوائي والمائي وتموث األرض كميا جرائـ وقتية رغـ احتماؿ تراخي ظيور ضرر التموث لمدة متفاوتة ،فالسموؾ اإلجرامي المكوف لمجريمة المتمثؿ في فعؿ التمويث ينتيي بارتكابو ،وما ينشأ عف ىذا الفعؿ مف بقاء التموث لفترة زمنية يعتبر أثر مف آثار الجريمة وليس جزء مف الركف المادي فييا.125 ومف جرائـ البيئة التي تعتبر جرائـ وقتية تتـ وتنتيي بمجرد ارتكاب الفعؿ ،جريمة إقامة منشأة بغرض معالجة النفايات الخطرة دوف ترخيص مف الجية اإلدارية المختصة. 126 ومف جرائـ تمويث البيئة الوقتية في التشريع المصري نجد ما ورد في المادة 35مف قانوف رقـ 04لسنة 1994المتعمؽ بالبيئة والتي تنص عمى أنو "تمزـ المنشآت الخاضعة ألحك اـ ىذا القانوف في ممارستيا ألنشطتيا بعدـ انبعاث أو تسريب مموثات لميواء بما يجاوز الحدود القصوى المسموح بيا في القوانيف والق اررات السارية وما تحدده الالئحة التنفيذية ليذا القانوف".127 كذلؾ ما ورد في المادة 69مف نفس القانوف" :يحضر عمى جميع المنشآت بما في ذلؾ المحاؿ العامة والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية و الخدماتية تصريؼ أو إلقاء أية مواد أو نفايات أو سوائؿ غير معالجة مف شأنيا إحداث تموث في الشواطئ المصرية أو المياه المتاخمة ليا سواء تـ ذلؾ بطريقة إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة ،ويعتبر كؿ يوـ مف استمرار التصريؼ المحظور ،مخالفة منفصمة". - 124عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص. 294 - 125زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص.72 - 126أشرف ىالل :مرجع سابق ،ص. 39 - 127ادلادة 35من قانون محاية البيئة ادلصري لسنة . 1994 56 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ومف خالؿ ىذا النص نالحظ أف المشرع المصري لـ يعتبر جريمة إلق اء النفايات في الشاطئ جريمة مستمرة بؿ اعتبر كؿ يوـ يتـ فيو االستمرار في التصريؼ جريمة وقتية منفصمة.128 -4جرائـ تمويث مف الجرائـ المستمرة: ىناؾ مف جرائـ البيئة المستمرة التي تستمر فترة مف الزمف ،سواء اتخاذ السموؾ اإلجرامي صورة إيجابية أو سمبية ،وتتدخؿ إرادة الجاني في ىذا الفعؿ تدخال متتابعا. 129 مثؿ ذلؾ ما ورد في التشريع المصري في المادتيف 30و 85مف القانوف رقـ 04 لسنة 1994والمتعمؽ بتجريـ إدارة النفايات الخطرة بشكؿ مخالؼ لمقواعد واإلجراءات الواردة بالالئحة التنفيذية لقانوف البيئة. وىػو ما أورده المشػرع الجزائري في القانوف رقػـ 19- 01السيما المػواد ،19 ،18 ،17 20،21منو والمتعمقة بتجريـ إدارة النفايات الخطرة بمخالفة األحكاـ الواردة في ىذا القانوف. ب -النتيجة اإلجرامية مف الناحية المكانية: ينتج ع ف السموؾ اإلجرامي المتمثؿ في فعؿ التمويث نتيجة إجرامية قد تتحقؽ في مكاف ارتكاب ىذا الفعؿ ،وقد تتحقؽ في مكاف آخر. ففي كثير مف األحياف يتعدى التموث حدود المكاف الذي ارتكب فيو ،و ي صيب أماكف بعيده عنو. 130 والتساؤؿ في ىذا المجاؿ يث ار عندما تتعدى النتيجة اإلجرامية حدود الدولة وتنتقؿ إلى دولة أخرى ،وىذا ما يعرؼ بعالمية التموث. - 128عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص. 296 - 129علي سعدان ،مرجع سابق ،ص. 313 - 130زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص. 703 57 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول فمثال ما تسرب مف إشعاعات نووية مف المفاعؿ النووي السوفياتي في تشرنبوؿ سنة ،1986حيث عممت الرياح الجنوبية الشرقية عمى نقؿ اإلشعاعات إلى أجواء ألمانيا الغربية والسويد و فمندة والنرويج. 131 فعالمية التمويث تثير إشكاالت عديدة منيا: ما ىو متعمؽ بالقانوف الواجب التطبيؽ عمى الجرائـ وكذا االختصاص القضائي في ىذا النوع مف الجرائـ. ولمواجية ىذا المشكؿ فقد نص المشرع الجزائري في المادة 586مف قانوف العقوبات عمى أنو تعد مرتكبة في اإلقميـ الجزائري كؿ جريمة يكوف عمؿ مف األعماؿ المميزة ألحد أركانيا المكونة ليا قد تـ في الجزائر ،فيتضح مف خالؿ نص المادة أنو إذ تـ ارتكاب السموؾ اإلجرامي في إقميـ الدولة الجزائرية فإف القانوف الجزائري يكوف مختص حتى ولو تحققت النتيجة في بمد آخر ،وكذ لؾ إذا تحققت النتيجة في اإلقميـ الجزائري فإنو أيضا يكوف القانوف الجزائري مختص وفقا لنص المادة حتى ولو كاف السموؾ قد ارتكب خارج إقميـ الدولة الجزائرية. وىذا ما نادت بو العديد مف االتفاقيات الدولية عمى غرار مؤتمر ريو دي جانيرو لسنة 1994 المنعقد مف أجؿ مكافحة الجريمة البيئية ،ف الضرر البيئي أو الخطر الناتج عف جريمة تمويث البيئة ذو الطبيعة العالمية يجب أف يكوف الفاعؿ فيو محؿ مالحقة سواء في الدولة التي ارتكب فييا الفعؿ أو في الدولة التي تحققت فييا النتيجة.132 الفرع الثالث :العالقة السببية في جريمة تمويث البيئة تعتبر العالقة السببية العنصر الثالث الذي يضاؼ إلى السموؾ اإلجرامي والنتيجة اإلجرامية ليكتمؿ الركف المادي لمجريمة. - 131داود عبد الرزاق :مرجع سابق ،ص. 44 - 132زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص. 141 58 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ولكي تقوـ جريمة تمويث البيئة ال بد مف توفر عالقة سببية بيف السموؾ اإلجرامي والنتيجة اإلجرامية ،حيث أف ارتكاب ىذا السموؾ قد يؤدي إلى حدوث نتيجة ،وال وجود لرابطة سببية في الجرائـ ذات السموؾ المحض ،أو ما يعرؼ بالجرائـ الشكمية ،ألف القانوف ال يتطمب فييا حدوث نتيجة. ففي جرائـ التعريض لمخطر تقوـ الجريمة بمجرد تحقؽ السموؾ اإلجرامي المتمثؿ في ال تعريض لمخطر لحؽ محمي قانونا دوف حدوث نتيجة. فالرابطة السببية ف ي جرائـ تمويث البيئة ت جد تطبيقيا في جرائـ الضرر التي يتطمب فييا المشرع تحقيؽ نتيجة ضارة بالبيئة. غير أف اإلشكاؿ الذي يثار في ىذا النوع مف الجرائـ ىو صعوبة تحديد السبب الذي أدى إلى تحقيؽ النتيجة اإلجرامية عندما يتراخى تحقؽ النتيجة اإلجرامية بحيث تتحقؽ في مك اف وزماف مختمؼ عف زماف ومكاف السموؾ اإلجرامي ،مما يؤدي إلى تدخؿ أسباب أخرى في تحقؽ النتيجة.133 وقد اختمؼ الفقو حوؿ تحديد معايير لحؿ ىا تو اإلشكالية وظيرت عدت نظريات. أوال :نظرية السبب الفعاؿ: ويرى أنصار ىاتو النظرية أنو لكي تقوـ العالقة السببية بيف السموؾ والنتيجة يجب أف يكوف السبب ىو الذي قاـ بالدور األساسي لحدوث النتيجة وتعتبر بقية األسباب مجرد ظروؼ سا عدت عمى تحقؽ النتيجة. وانتقدت ىذه النظرية عمى أساس صعوبة تحديد السبب الفعاؿ الذي أدى إلى إحداث النتيجة.134 ثانيا :نظرية تعادؿ األسباب: - 133مريفت زلمد البارودي :مرجع سابق ،ص. 318 - 134زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص.78 59 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول في ىذه النظرية تتعادؿ جميع األسباب المؤدية إلى تحقؽ النتيجة حيث تكوف عمى قدر المساواة في إحداث النتيجة. وانتقدت ىذه النظرية عمى أساس مجاف اتيا لمعدالة وذلؾ لتوسعيا في المسؤولية الجنائية. 135 ثالثا :نظرية السببية المالئمة: تفرؽ ىات و النظرية بيف العوامؿ واألسباب التي تؤدي إلى إحداث النتيجة فالسبب المالئـ ىو الذي يكوف وحده كافيا إلحداث النتيجة اإلجرامية وفقا لمجرى العادي لألمػور، ويجب استبعاد كافة األسباب الشاذة التي ال تؤدي في العادة إلى إحداث النتيجة. وفي جرائـ تمويث البيئة نجد أف نظرية السببي ة المالئمة تتوافؽ مع ىذه الجريمة في تحديد العالقة السببي ة بيف السموؾ والنتيجة ،بحيث يكوف السموؾ اإلجرامي ىو الذي أدى وحده إلى حدوث النتيجة. لذلؾ نجد أف جؿ التشريعات البيئية توسعت في األخذ بجرائـ الخطر ذلؾ لوقوعيا بمجرد إثب ات السموؾ دوف تحقؽ نتيجة ،مما يوفر أكبر قدر مف الحماية لمبيئة ،ويضع حؿ لصعوبة إثبات العالقة السببي ة بيف السموؾ اإلجرامي والنتيجة. المطمب الثاني :الركن المعنوي في جريمة تمويث البيئة ال يكفي لقياـ الجريمة ارتكاب عمؿ مادي يعاقب عميو القانوف بؿ ال بد أف يصدر عف إرادة الجاني وىي العالقة التي تربط بيف العمؿ المادي والفاعؿ وىو ما يعرؼ بالركف المعنوي. 136 فالركف المعنوي أو الفكري لمجريمة ىو الخطأ العمدي الذي يستيمؾ ذنب الفاعؿ الذي ارتكب الفعؿ المادي المجرـ ويبرر قمع الجريمة.137 - 135زلمود صليب حسين ،شرح قانون العقوبات القسم العامة ،دار النهضة العربية القاىرة ،1996 ،ص. 289 - 136أحسن بوسقيعة :مرجع سابق ،ص. 105 137 - Dominique guihal : droit répressif de l’environnement , préface de jaques-henri robert, economica , paris, 2eme édition, p90. 60 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ولمركف المعنوي صورتيف األولى تتمثؿ في القصد الجنائي والثانية في الخطأ غير العمدي. الفرع األول :القصد الجنائي لـ يعرؼ ال مشرع الجزائري القصد الجنائي عمى غرار التشريعات الجزائية التي تركت األمر لالجتيادات الفقيية ،وقد انقسمت إلى مذىبيف: - 1مذىب تقميدي الذي يعرؼ القصد الجنائي بأنو انصراؼ إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العمـ بأركانيا ،كما يتطمبيا القانوف وبالتالي يتكوف القصد الجنائي مف عنصريف: اإلرادة ،باإلضافة إلى العمـ بتوافر أركاف الجريمة كما يتطمبيا القانوف. - 2مذىب واقعي :وىو يربط الركف المعنوي بالباعث أو السبب الذي أدى إلى ارتكاب الفعؿ ،ويرى أنصار ىذا المبدأ أف النية ليست إرادة مجردة ،وانما ىي إرادة محددة بسبب أو باعث. وقد أخذ بيذا المذىب القانوف السويسري لسنة .1937 أوال :العمـ في جرائـ البيئة لتوفر القصد الجنائي في جرائـ تمويث البيئة يجب أف يكوف الجاني محيطا بحقيقة الواقعة اإلجرامية وذلؾ مف حيث الوقائع ومف حيث القانوف. وعنصر العمـ في جريمة تمويث البيئة يثير عدة إشك االت مف حيث إثباتو وذلؾ لمطبيعة الخاصة لياتو الجريمة. أ -العمـ بالوقائع: 61 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول يتطمب القصد الجنائي في جرائـ تمويث البيئة عمـ الجاني بالوقائع التي يحددىا النموذج القانوني لمجريمة ،فالقصد الجنائي يقوـ عمى وجود عالقة بيف الوقائع التي يعمـ بيا الجاني و نصوص التجريـ. 138 -0العمـ بالحؽ المعتدى عميو: يمزـ لت وافر القصد الجنائي إثبات أف الجاني قصد اإلضرار بأحد عناصر البيئة التي يحمييا القانوف ،فينبغي أف يعمـ الجاني بأف سموكو يؤدي إلى التعريض لمخطر أو اإلضرار بالعناصر البيئية ،المحددة في النصوص القانونية. 139 فمثال في المادة 57مف قانوف رقـ 10- 03المتعمؽ بحماية البيئة يسأؿ كؿ رباف سفينة تحمؿ بضائع خطرة أو سامة أو مموثة وتعبر بالقرب مف المياه اإلقميمية. فمقياـ القصد الجنائي في ىاتو الجريمة يجب أف يكوف رباف السفينة عمى عمـ بحممو مواد تشكؿ خطر ومواد سامة أو مموثة ،حيث ينتفى ال قصد إذا اعتقد أف فعمو وقع عمى مواد أخرى غير مموثة. غير أف العمـ ببعض المواد المموثة ال يتوافر في أغمب األحياف لألشخاص العاديػة، ففي ىذه الحالة ت كوف ىناؾ إمكانية قبوؿ الدفع بالجيؿ بموضوع الحؽ المعتدى عميو ،لذلؾ بات مف الضروري أف تتطور فكرة العمـ في جرائـ تمويث البيئة وذلؾ مف خالؿ االعتماد عمى وقائع أخرى كمكا ف وجود المواد المموثة ،أو طريقة الحصوؿ عمييا وكذلؾ صفة الشخص المستخدـ ليذه الم واد ،ما إذا كاف مثال يعمؿ في إحدى المجاالت المرتبطة بيذه المواد ،فيذا يتيح لو العمـ بخصوصية ىاتو المواد. 140 - 4العمـ بعناصر السموؾ اإلجرامي: - 138زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص ، 84وراجع عبد الرؤوف مهدي :ادلسؤولية اجلنائية عن اجلرائم االقتصادية ،منشأة ادلعارف ،اإلسكند رية ،1976 ،ص.273 - 139زلمد حسن الكندري :مرجع نفسو ،ص ، 84وراجع فرج صاحل اذلريش :جرائم تلويث البيئة ،دراسة مقارنة ،ادلؤسسة الفنية للطباعة والنشر ،القاىرة ،ط ،1998 ،1ص. 281 - 140عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص 223وما بعدىا ،راج ع مريفت زلمد البارودي :مرجع سابق ،ص. 344 62 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول في جرائـ تمويث البيئة ،يجب أف يعمـ الجاني بعناصر السموؾ اإلجرامي الذي يصدر عنو باعتباره ركف مف أركاف الجريمة. ف عناصر السموؾ اإلجرامي ىي كؿ ما تتطمبو الجريمة مف أركاف خاصة وما يقترف بيا مػف ظروؼ قػ د تغير وصفيا القانوني فيجب أف يشمميا الجاني وقت مباشرة نشاطو ،فإذا جيؿ الجاني عنصر مف عناصر السموؾ انعدـ القصد الجنائي. 141 وقد يشرط المشرع في بعض جرائـ البيئة أف يتـ بوسيمة معينة حيث تعتبر عنص ار في السموؾ اإلجرامي ،فيتحقؽ القصد متى توفر عمـ الجاني بيذه الوسيمة ،كأف يعمـ أف الوسيمة المستخدمة في إحدا ث الضوضاء مصدرىا محركات أو أدوات المادة أو تجييزات.142 أو أف الوسيمة التي استخدميا في تمويث المياه مضرة بصحة اإلنساف أو النبات أو الحيواف أو مموثة لمبيئة البحرية ،ف إذا اعتقد الجاني أف الوسيمة المستخدمة في ارتكاب فعمو غير مموثة ينتفي القصد الجاني لعدـ العمـ وال يسأؿ مرتكب الفعؿ عف جريمة تمويث بيئة عمدية ،ورغـ ذلؾ ال ينفي فعمو ىذا تعرضو لممسؤولية الجنائية ،لكف ليس عمى أساس العمد إنما عمى أساس الخطأ غير العمدي. - 3العمـ بخطورة الفعؿ: يجب أف يعمـ الجاني ،في جرائـ تمويث البيئة ،أف الفعؿ الذي ارتكبو مف شأنو االعتداء عمى عناصر البيئة أو تعري ضيا لمخطر. فمثال ينتفي القصد في جريمة تداوؿ مواد أو نفايات خطرة بدوف ترخيص إذا كاف الجاني يجيؿ طبيعة المواد الخطرة ،أو يعتقد أف المواد غير مموثة. فمف يمقي مواد سامة في مياه مخصصة لمشرب مخالفة لممادة 151مف قانوف المياه يجب أف يعمـ بأف تصرفو قد يغير مف نوعية المياه أو يفسدىا. - 141زلمد عبد الرحيم الناغي :احلماية اجلنائية ِف رلاالت الطاقة النووية السلمية ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،2009 ،ص. 216 - 142ادلادة 06من ادلرسوم التنفيذي رقم 184- 93مؤرخ ِف 20يوليو 93ادلنظم للضجيج. 63 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول فمثال جرائـ تمويث البيئة السمعية ك جريمة إحداث الضجيج يجب أف يكوف الجاني واعيا بفعؿ اإلقالؽ الذي يسببو لمجيراف ،حتى عندما ال تتوافر عنده أي نية لإل ضرار بيـ. 143 - 4العمـ بمكاف ارتكاب الجريمة: القاعدة العامة في قان وف العقوبات ،عدـ االعتداد بمكاف وقوع الجريمة ،144غير أنو قد يخرج المشرع عف ىاتو القاعدة ،ففي بعض جرائـ البيئة قد يشترط المشرع أف تقترؼ الجريمة في مكاف محدد. فمثال المادة 57مف قانوف حماية البيئة رقـ 10- 03التي تنص عمى ما يمي" :يتعيف عمى رباف كؿ سفينة تحمؿ ب ضائع خطيرة أو سامة أو مموثة ،وتعبر بالقرب مف المياه الخاضعة لمقضاء الجزائري أو داخميا ،أف يبمغ عف كؿ حادث مالحي يقع في مركبو ومف شأنو أف ييدد بتمويث أو إفس اد الوسط البحري والمياه والسواحؿ الوطنية" ،فاشترط المشرع مكاف وقوع الجريمة وىو المياه الخاضعة لمقضاء الجزائري فيجب عمى الجاني أف يعمـ بيذا المكاف المحدد في النموذج القانوني لمجريمة ،لكي يكتمؿ القصد الجاني. ويمجأ المشرع إلى تحديد المكاف التي تقع فيو الجريمة ،إذ رأى أف المكاف جدير بالحماية خاصة في مجاؿ البيئة ألف األوساط البيئية تتطمب ضرورة حمايتيا. - 5العمـ بالعناصر المتعمقة بالجاني: غالبا ما تكوف شخصية الجاني محؿ اعتبار في العديد مف جرائـ تمويث البيئة ،ألنو عادة ما تفرض التشريعات البيئية عمى بعض األشخاص بحكـ وظائفيـ التزامات معينة بيدؼ حماية البيئة مف التمويث ،فصفة الجاني عنصر مفترض في الجريمة البيئية ،لكي يكتمؿ البنياف المادي لمجريمة. - 143مجيل عبد الباق ي الصغري :احلماية اجلنائية ضد التلوث السمعي ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،1998 ،ص. 56 - 144رمسيس ِبنام :مرجع سابق ،ص.876 64 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وال تقوـ جريمة تمويث البيئة العمدية إال إذا توفرت ىذه الصفة ،فيجب عمى الجاني أف يعمـ بأنو الشخص المنوط بو تنفيذ االلتزامات المفروضة عميو بحكـ وظيفتو وذلؾ لحماية البيئة مف التموث. 145 ففي المادة 57مف قانوف حماية البيئة رقـ 10- 03تعتب ر صفة الجاني المتمثمة في رباف السفينة محؿ اعتبار عند تنفيذ الجريمة ،وكذا المادة 58مف نفس القانوف التي تعتبر صفة مالؾ السفينة محؿ اعتبار في المساءلة عف جريمة تمويث البيئة العمدية. أما فيما يتعمؽ بعمـ الجاني بالعناصر المفترضة المتصمة بالمجني عميو ،فاأل صؿ أف المشرع يحمػ ي جميع األشخاص مف الجريمة ،وال تكوف صفة المجني عميو محؿ اعتبػار، رغـ ذلؾ قد يشترط المشرع في جرائـ تمويث البيئة صفة معينة في المجني عميو ،وتكوف ىا تو الصفة عنص ار في الجريمة ،مما يحتـ عمى الجاني عممو بياتو الصفة لتوافر القصد الجنائي. مثاؿ ذلؾ أف يشترط المشرع أف يكوف التيديد واقعا عمى الحيوانات ونباتات ميددة باالنقراض ،وبالتالي يمنع صيدىا أو االتجار بيا ،ومف ذلؾ ما نص عميو المشرع المصري في المادة 24مف القانوف رقـ 04لسنة 1994المتعمؽ بالبيئة عمى صفة البرية في الحيوانات التي يحضر اصطيادىا أو االتجار بيا.146 وىو أيضا ما نصت عميو المادة 40مف القانوف رقـ 10-03المتعمؽ بحماية البيئة التي تتعمؽ بحماية التراث البيولوجي الوطني ،وذلؾ لمحفاظ عمى فصائؿ حيوانية غير أليفة وفصائؿ نباتية غير مزروعة. ب -العمـ بالقانوف: - 145عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ، 327 ،وراجع زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص ، 89فرج صاحل اذلريش :مرجع سابق ،ص. 584 - 146زلمد حسن ا لكندري :مرجع سابق ،ص.90 65 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول عمال بالقاعدة الدستورية" :ال اعتذار بجيؿ القانوف ،"147إذ يفترض عمى جميع األفراد العمـ بو ،ومف ثـ عدـ قبوؿ االعتذار بجيؿ القانوف ،فالجيؿ ال يسقط المسؤولية ،سواء في الجرائـ العمدية أو الجرائـ غير العمدية. واذا ما قسمنا الجرائـ إلى جرائـ طبيعية و جرائـ قانونية والتي منيا جرائـ تمويث البيئة ،نجد اإلشك اؿ يثور حوؿ عمـ األفراد بالجرائـ القانونية. 148 - 1مدى إمكانية استثناء قوانيف حماية البيئة مف قاعدة افتراض العمـ بالقانوف. لكي يؤدي الجيؿ أو الغمط إلى نفي القصد الجنائي ،فإنو يتعيف أف يرد عمى عنصر مف عناصر الواقعة اإلجرامية التي يجب العمـ بيا. ويرى جانب مف الفقو أنو في جرائـ تمويث البيئة يمكف تطيؽ قاعدة الجيؿ والغمط في قانوف غير قانوف العقوبات ،ألنيا جرائـ مستحدثة ،وليست راسخة في ضمير المجتمع ،وىي عادة ما تكوف ذات طابع فني يصعب عمى األشخاص العادييف اإلحاطة بيا ،وخاصة في ظؿ التضخـ الكمي اليائؿ لألحكاـ والموائح التنفيذية الخاصة بالتشريعات البيئية. كما يعتبروف أف الجيؿ أو الغمط في قوانيف حماية البيئة ،ىو خميط مركب بيف الجيؿ بالوقائع وعدـ العمـ بحكـ ليس مف أحكاـ قانوف العقوبات ،وعميو ينتفي القصد الجنائي. وىي قاعدة يسايرىا القضاء ،فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنو يمكف لمجاني أف يتمسؾ بالغمط القانوني الذي لـ يتمكف مف تفاديو.149 ويرى جانبا آخر أنو واف كانت جرائـ تمويث البيئػة مف الجرائـ القانونية المستحدثة ،إال أنو ال يجب القبوؿ بالعذر بالجيؿ أو الغمط في القانوف في ىذا النوع مف الجرائـ وذلؾ ألسباب التالية: مسألة المحافظة عمى البيئة ىي مسألة دينية ،حث عمييا الديف اإلسالمي. الطابع العاـ لجرائـ تمويث البيئة بحيث تؤثر عمى جميع المخموقات دوف استثناء. - 147انًبزة 60يٍ انسطخٕر انجشائز٘ نظُت .1996 - 148زلمد حسن عبد القوي :مرجع سابق ،ص ، 222- 219راجع أيضا زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص.175 - Cass crim, 15 nsv.1995, Bull Letin.n.350. 66 149 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول إف قوانيف البيئة و إف كانت متشعبة ،فإنيا تنبع مف الضمير اإلنساني.150 - 2مدى إمكانية س رياف العمـ بالقانوف عمى مشغمي المنشآت الصن اعية والتجارب والمتعامميف بالمواد الخطرة: يجب التفرقػة بيف األشخاص العػادييف وبيف مشغمػ ي ومديري المنشآ ت وعاممييػا ،فيؤالء يقع عمييـ االلتزاـ بالشروط والواجبات المنصوص عمييا في قوانيف البيئة ،فالعمـ بالقانوف مفترض لدييـ ،كما يكونوف ممزموف بوضع الشروط والواج بات في أماكف العمؿ وبذؿ الجيد لمنع التموث. 151 وخالصة القوؿ أنو يمكف األخذ بالجيؿ أو الغمط في القانوف في جرائـ البيئة باعتبارىا جرائـ مستحدثة يصعب ع مى األشخاص العادييف اإلحاطة بيا ،وبالتالي انتفاء المسؤولية الجنائية في حالة ما إذا أثبت الجاني أف تصرفو إثر غمط في القانوف ليس في وسعو تجنبو ،كما يجب التفرقة بيف األشخاص العادييف ومشغمي و مديرو وموظفي المنشأة، فيؤالء مستثنوف في قاعدة الغمط و الجيؿ في القانوف ألنيـ ىـ المخاطبوف بياتو القواعد القانونية ،فيفترض عمميـ بيا. ثانيا :اإلرادة في جرائـ البيئة اإلرادة ىػ ي نشػاط نفسي يتـ بوسيمة محددة ،وذلؾ بغػرض تحقيؽ غايػة ما ، 152فاإلرادة عنصر جوىري في القصد الجنائي ،وىي التي تميز بيف الجرائـ العمدية والجرائـ غير العمدية ،ففي الجرائـ العمدية تقع اإلرادة عمى السموؾ اإلجرامي والنتيجة المعاقب عمييا ،أما في الجرائـ غير العمدية فتنصرؼ إلى النشاط دوف النتيجة. 153 - 150زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص 72وما بعدىا. - 151زلمد ح سن الكندري،ادلرجع نفسو ،ص 92وما بعدىا. - 152زلمود صليب حسين :مرجع سابق ،ص.68 - 153عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص . 336وراجع أمحد شوقي عمر ابوخطوة :شرح األحكام العامة لقانون العقوبات ،القسم العام ،دار النهضة العربية ،القاىرة، 2003، ص . 286- 285 67 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول والقاعدة العامة في تحقؽ الجريمة ب توافر القصد الجنائي وذلؾ بمجرد توافر اإلرادة لمقياـ بعمؿ غير شرعي مما يستوجب تسميط العقوبة دوف النظر في الباعث أو السبب الذي أدى إلى ارتكاب الجريمة ،فالباعث ىو الذي يدفع الجاني إلى ارتكاب السموؾ ،فيو قوة نفسية تدفع اإلرادة إلى االتجاه نحو ارتكاب السموؾ المجرـ ،ىو الحب أو الحقد أو الكراىية، يختمؼ مف جريمة إلى أخرى ،ويختمؼ مف شخص إلى آخر ،وقد فصؿ المشرع الجزائري اإلرادة عف الباعث عمى غرار المشرع الفرنسي ،فالمشرع الجزائري يأخذ باإلرادة دوف النظر في الباعث. غير أنو ىنػاؾ حاالت استثنائية أخذىا المشػرع بالباعث كعنصر لقيػ اـ الجريمة ،وذلؾ فيما يتعمؽ بالجرائـ ضد أمف الدولة و الج رائـ اإلرىابية (المادة 87مكرر) ،وكذلؾ جريمة القذؼ الموجو إلى شخص ينتمي إل ى مجموعة دينية أو مذىبية أو عرقية ،إذا كاف الغرض منو التحريض عمى الكراىية (المادة 298مكرر). كما اعتبر المشرع الباعث عذ ار مخففا لمعقوبة عمى سبيؿ االستثناء وذلؾ مف خالؿ المادة 279مف قانوف العقوبات ،وذلؾ في جريمة القتؿ أو الجرح إذا ارتكب ت مف أحد الزوجيف عمى اآلخر في المحظة الذي يفاجئو بيا في حالة التمبس بالزنا ،وقد خص المشرع البيئي أيضا الباعث في جرائـ تمويث البيئة بأحكاـ خاصة أيضا مف حيث اعتباره عنصر في تكويف الركف المعنوي لمجريمة باإلضافة إلى اعتباره عذ ار مخففا لمعقوبة. أ -دور الباعث كعنصر مف عناصر الركف المعنوي: في بعض األحياف يشترط المشرع في جرائـ تمويث البيئة أف يكوف ارتكابيا لغاية معينة ،أو أف يكوف الدافع بيا باعث خاص.154 نصت المادة 63مف قانوف رقـ 19- 01المتعمؽ بتسيير النفايات ومعالجتيا عمى انو: "يعاقب بالحبس مف ثمانية ( ) 8أشير إلى ثالث ( ) 3سنوات وبغرامة مالية مف خمسمائة ألؼ - 154زلمد حسني عبد ال قوي :مرجع سابق ،ص ، 223عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص ، 337زلمد أمحد ادلنشاوي :احلماية اجلنائية للبيئة البحرية ،دراسة مقا رنة ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،2005 ،ص. 245 68 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول دينار ( 500.000دج) إلى تسعمائة ألؼ دينار ( 900.000دج) أو بإحدى ىاتيف العقوبتيف فقط كؿ مف استغؿ منشأة لمعالجة النفايات دوف التقيد بأحكاـ ىذا القانوف". مف خالؿ قراءة ىذه المادة يتضح أف المشرع لـ يكتفي لقياـ الجريمة ىنا ب إقامة منشأة بدوف ترخيص فقط ،وانما اشترط أف يكوف إقامة المنشأة بقصد معالجة النفايات. ب -دور الباعث كعذر مبيح في جرائـ تمويث البيئة: لقػ د جعمت جؿ القوانيف البيئية الباعث عذ ار مبيحا في بعض جرائـ تمػ ويث البيئة، وأخذت ب الباعث كسبب لتجريد الواقعة مف صفتيا اإلجرامية ،مما يترتب عميو انتفاء المسؤولية الجنائية عف كؿ المساىميف في الجريمة سواء ب صفتيـ فاعميف أو شركاء.155 فال مشرع الجزائري بدوره جعؿ الباعث سببا مف أسباب اإلباحة في بعض جرائـ تمويث البيئة ،مثاؿ ذلؾ ما ورد في المادة 97فقرة 03مف القانوف رقـ 10- 03المتعمؽ بحماية البيئة والتي نصت عمى ما يمي " :يعاقب بغرامة مالية مف مائة ألؼ دينار ( 100.000دج) إلى مميوف دينار ( 1.000.000دج) كؿ رباف تسبب سوء تصرفو أو رعونتو أو غفمتو أو إخاللو بالقوانيف واألنظمة ،في وقوع حادث مالحي ولـ يتحكـ فيو أو يتفاداه ونجـ عنو تدفؽ مواد تموث المياه الخاضعة لمقضاء الجزائري... ...ال يعاقب بمقتضى ىذه المادة عند التدفؽ الذي بررتو تدابير اقتضتيا ضرورة تفادي خطر جسيـ وعاجؿ ييدد أمف السفف أو حياة البشر أو البيئة". فالمشرع جرـ فعؿ تمويث المياه بإلقاء مواد مموثة في المياه الخاضعة لمقضاء الجزائري ،إال أنو أباح ىذا الفعؿ إذا اقتضت ضرورة المحافظة عمى سالمة اإلنساف أو تأميف سالمة الس فينة أو الحفاظ عمى البيئة. ومما ال شؾ فيو أف المشرع الجزائري قد وفؽ في تغميب المنفعة العامة والمصالح األولى بالحماية عند ما اعتبر الباعث عمى ارتكاب جرائـ تمويث البيئة سببا مف أسباب - 155زلمد حسن عبد القوي :مرجع سابق ص ، 223وراجع فرج صاحل اذلريش :مرجع سابق ،ص ،293وراجع زلمد أ محد ادلنشاوي :مرجع سابق ،ص ، 246وراجع زلمد دلوسخ: مرجع سابق ،ص.178 69 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول اإلباحة ،لكف ىػذا ال يمنع مػف حصوؿ المتضرر عمى التعويض عما لحقػو مػف ضرر، وكذلؾ تحمؿ المتسبب في التموث إزالة اآلثار الناجمة عف التموث. ثالث ًا :صور القصد الجنائي في جرائـ تمويث البيئة جريمة تمويث البيئة كغيرىا مف الجرائـ ،يتخذ القصد الجنائي فييا صو ار متعددة: - 1القصد العاـ و القصد الخاص: القصد العاـ يعني توجيو اإلرادة نحو ارتكاب الجريمة مع العمـ بعناصرىا القانونية ،بغض النظر عف الغاية التي يبغي الجاني تحقيقيا. أما القصد الجنائي الخاص ،فيو الذي يعتد بو المشرع بغاية معينة يتطمبيا الكتماؿ الركف المعنوي. ومثاؿ عف القصد الخاص في جرائـ تمويث البيئة المادة 87مف قانوف العقوبات الجزائري ،حيث يتطمب المشرع الرتكاب الجريمة اإلرىابية أو التخريبية ،باإلضافة – إلى إلحاؽ ضرر بالبيئة باالعتداء عمى المحيط أو إدخاؿ مادة تسربية في الجو أو إلقاء مود سامة في المياه اإلقميمية – أف تتحقؽ غاية أبعد مف النتيجة اإلجرامية ،أي أف تنصرؼ إرادة الجاني إلى المساس بأف الدولة والوحدة الوطنية والسالمة الترابية لموطف وتعريضو لمخطر، حيث يعد ىذا الباعث قصدا جنائيا خاصا لقياـ ىا تو الجريمة ،وىو األمر الذي نصت عميو المادة 86مف قانوف العقوبات المصري. أما القصد العاـ فيو الصورة التي يتطمبيا القانوف في الجرائـ العمدية ،فجميع جرائـ تمويث البيئة العمدية تتطمب توفر القصد الجنائي العاـ ،بحيث يكتفي بعمـ الجاني بتوفر أركاف الجريمة واتجاه إرادتو إلى ارتكاب الفعؿ و تحقيؽ النتيجة ،دوف الحاجة إلى توافر غاية ما. 70 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول فنية اإلضرار بالبيئة ىي اإلرادة المتجية إلى إحداث التموث.156 - 2القصد المحدد والقصد غير المحدد: القصد المحدد ىو الذي يتعمد فيو الجاني تحقيؽ نتيجة معينة و معروفة ،أما القصد غير المحدد فيو اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعؿ إجرامي غير مبالي بشتى النتائج التي قد تنتج عف فعمو وغير مبالي بيوية الضحية.157 وفي مجاؿ اإلجراـ البيئي قد يكوف القصد الجنائي محػدد وقػد يكوف غيػر محدد ،لكف نالحظ أف معظـ جرائـ تمويث البيئة العمدية غير محددة القصد ،وذلؾ يرجع إلى الطابع االنتشاري لمجريمة ،والتي تنصب عمى العناص ر البيئية التي تتميز بالمرونة والحركة ،األمر الذي يساعد عمى امتداد آثارىا لتشمؿ قطاع واسع مف المجني عمييـ الذيف قد يصعب تحديدىـ بدقة. 158 ومثاؿ ذالؾ جرائـ تمويث البيئة البحرية ،حيث غالبا ما يكوف القصد فييا غير محدد، حيث تشمؿ الجريمة العديد مف الدوؿ وىو ما يعرؼ بعالمية التموث. - 3القصد المباشر والقصد االحتمالي: يكوف ىذا التقسيـ بالنظر إلى االتجاه المباشر إل رادة الجاني نحو النتيجة المحققة. فالقصد المباشر ىو اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع عممو بتوافر أركانيا التي يتطمبيا القانوف وىو يرغب في إحداثيا و يتوقعيا. أما القصد االحتمالي فيو الذي تتجو فيو إرادة الجاني إلى الفعؿ مع عدـ إمكانية توقع نتائج أخرى. كما ىو الحاؿ في جريمة التمويث النفطي التي تتـ في عرض البحر ،مما يؤدي إلى ىالؾ الثروة السمكية بالبقع النفطية ،كما يؤدي أيضا إلى ىالؾ األحياء المائية ،وىالؾ - 156عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.342 - 157أحسن بوسقيعة :مرجع سابق ،ص.110 - 158عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.343 71 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول الطيور التي تتغذى عمى ىا تو األحياء المائية ،كذلؾ في حالة ارتكاب جريمة تخريب المنشآ ت النووية ،بحي ث ال يمكف التح كـ في المواد المشعة التي تؤدي إلى ىالؾ اإلنساف والعناصر البيئية األخرى. ففكرة القصد االحتمالي في جرائـ تمويث البيئة ليا أىمية كبرى ،وذلؾ نظ ار لمطبيعة الخاصة لتمؾ الجرائـ ،وما ترتبو مف أضرار يصعب تفادييا أو تداركيا ،ألنو قد يرتكب الجاني سموؾ مضر بالبيئة و تتحقؽ نتائج أخرى لـ يكف يسعى إلييا ،غير أف تحققيا محتمؿ بالنظر إلى ظروؼ ارتكاب الفعؿ. فاألخذ بالقصد االحتمالي في نطاؽ جرائـ البيئة يكفؿ حماية فعالة لمبيئة ،ذلؾ ألف األخذ بو يعيد التوازف الذي يمكف معو مساء لة الجاني مسؤولية عمدية في الحاالت التي يت وقع فييا الضرر البيئي كأثر محتمؿ ،ومع ذلؾ يتخذ موقفا إيجابيا إزاء النتيجة ،ىذا يفترض قبولو بالنتيجة المحتممة. فالجرائـ البيئية التي ترتكب مف قبؿ المختصيف في المنشآة و كذا األشخاص المرخص ليـ باستخداـ المواد الخطرة ،تجعؿ مف ىؤالء األشخاص يتوقعوف النتيجة المحتممة الضارة ،ومع ذلؾ ال يعبئوف بيا ،فيستوي عندىـ حدوثيا أو عدـ حدوثيا. فيتعيف عمى القاضي البحث في الحاالت المختمفة قصد الكشؼ عف التوقع الفعمي لمجريمة بتحقؽ النتائج ،وذلؾ وفؽ معيار الشخص العادي ،وفي المجرى العادي لألمور ،لكف مع مراعاة درجة ثقافتو و مينتو و مدى تعاممو مع المواد و المعدات المموثة. 159 - 4القصد البسيط والقصد مع سبؽ اإلصرار والترصد: مناط ىذا التقسيـ ىو مدى اقتراف إرادة الجاني بعنصرّ إضافي يكشؼ الحالة النفسية لمجاني ،ومدى ىدوءه قبؿ تنفيذ الجريمة. 160 - 159فرج صاحل اذلريش :مرجع سابق ،ص ،. 299عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص. 348 - 160زلمد عبد الرحيم الناغي :مرجع سابق ،ص.235 72 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول فالقصد البسيط ىو الذي يقوـ فيو الجاني بمباشرة النشاط اإلجرامي بصورة فورية دوف أي تفكير وتدبير مسبؽ.161 أما القصد مع سبؽ اإلصرار فيو الذي يسبؽ تفكير ىادئ في الجريمة ،فيتخذ الجاني ق ارره بعد تفكير وتدبير. ولقد عرؼ المشرع الجزائري القصد مع سبؽ اإلصرار والترصد في المادة 256مف قانوف العقوبات بقولو" :عقد العزـ قبؿ ارتكاب فعؿ االعتداء عمى شخص معيف أو حتى عمى شخص يتصادؼ وجوده أو مقابمتو ،حتى ولو كانت ىذه النية متوقفة عمى أي ظرؼ أو شرط كاف". وقد جعؿ المشرع سبؽ اإلصرار والترصد ظرفا مشددا لمعقوبة في جرائـ االعتداء عمى الحؽ في الحياة ،والحؽ في سالمة الجسـ ،وىي الحقوؽ المت عمقة بجرائـ القتؿ والجرح واعطاء مواد ضارة ،وىي جميعيا الحقوؽ المتصور أف يناليا االعتداء في جرائـ تمويث البيئة ،فيي تكشؼ عف شخصية إجرامية خطيرة لدى الجاني ،ومف ثـ يجب تشديد العقوبة عميو. الفرع الثاني :الخطأ غير العمدي الخطأ غير العمدي ىو صورة الركف المعنوي في الجرائـ الغير عمدية ،162وىو عدـ مراعاة القواعد العامة أو الخاصة لمسموؾ والتي مف شأف مراعاتيا تجنب وقوع النتائج غير المشروعة الض ارة بمصالح وحقوؽ اآلخريف المحمية جنائيا ،أو تجنب الوقوع في غمط يؤدي إلى تحقيؽ النتيجة طالما يمكف توقع تمؾ النتيجة وتجنبيا في الوقت ذاتو. 163 كما يعرؼ أنو المسمؾ الذىني لمجاني الذي يؤدي إلى نتائج إجرامية لـ يردىا وكاف بوسعوّ أف يتوقعيا. 164 - 161زلمد حسني عبد القوي :مرجع سابق ،ص.232 - 162أمحد شوقي أبو خطوة :مرجع سابق ،ص.324 - 163عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.301 - 164زلمد حسني عبد القوي :مرجع سابق ،ص.234 73 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وىناؾ مف يعرفو بأنو " إخالؿ الشخص عند تصرفو بواجبات الحيطة و الحذر التي يفرضيا القانوف ،مما يؤدي إلى إحداث نتيجة إجرامية لـ يتوقعيا ،وكاف باستطاعتو ومف واجبو توقعيا أو تجنبيا".165 أوال :صور الخطأ غير العمدي: عدـ االحتياط والرعونة وعدـ احتراـ األنظمة والموائح ،ىي صور لمخطأ غير العمدي.166 أ -الرعونة: يراد بيا سوء التقدير ،أو سوء تصرؼ ،وتعرؼ أيضا بأنيا نقص في العناية واالحتياط نتيجة لعدـ تبصر الفاعؿ رغـ االلتزاـ المفروض عميو بالحراسة والعناية.167 والرعونة إما تصرؼ بسموؾ م ادي ينطوي عمى خفة وسوء تصرؼ ،مثاؿ ذلؾ صياد يطمؽ النار عمى طائر في مكاف آىؿ فيصي ب أحد المارة ،وقد تطير في واقعة معنوية تنطوي عمى جيؿ وعدـ كفاءة ،كالخطأ الذي يرتكبو الميندس المعماري عند ت صميمو بناء فيتسبب في سقوط البناء وموت األشخاص.168 ومف أمثمة الرعونة في المجاؿ البيئي تداوؿ المواد والنفايات الخطرة بدوف ترخيص مف الجية اإلدارية.169 ب -عدـ االحتياط: يقصد بعدـ االحتياط عدـ التبصر بالعواقب ،وفي ىذه الصورة يدرؾ الفاعؿ خطورة ما قاـ بو و اآلثار الضارة الت ي تنجـ عنو مع ذلؾ يقدـ عمى نشاطو. 170 - 165زلمد صليب حسين :مرجع سابق ،ص.637 - Dominique guihal ,préface de jaques-henri robert,op.cit., p94. - 167نور الدين محشة :مرجع سابق ،ص.131 - 168أحسن بوسقيعة :مرجع سابق ،ص.114 - 169ادلادة 15من القانون رقم 19- 01ادلتعلق بتسيري النفايات و مراقبتها. - 170أحسن بوسقيعة :ادلرجع السابق ،ص.114 74 166 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول مثاؿ ذلؾ مف يقوـ برش و استخداـ مبيدات أو مواد كيميائية أل غراض زراعية دوف مراعاة الشروط والضوابط التي ت حددىا الموائح التنفيذية البيئية . ج -اإلىماؿ وعدـ االنتباه: ويقصد بياتيف الصورتاف اتخاذ الجاني موقعا سمبيا مف القياـ باإلجراءات واالحتياطات الالزمة لتفادي وقوع الجريمة. ومف أمثمة ذلؾ الشخص ال ذي يحدث حفرة في طريؽ عاـ ثـ يتركيػ ا دوف تغطيتيا ،أو وضع ما يدؿ عمى وجودىا أو الممرضة التي تحقف المريض دوف أف تجري لو خبرة الحساسية ،أو الطبيب الذي ينسى آلة في بطف المريض إثر عممية جراحية. وفي مثاؿ ذلؾ في التشريع البيئي عدـ التزاـ الجيات و األفراد عند قياميـ بأعماؿ التنقيب أو الحفر أو البناء أو اليدـ أو نقؿ ما ينتج عنيا مف مخالفات أو تربة وكذلؾ عدـ اتخاذ االحتياطات لمتخزيف أو النقؿ مما يؤد ي إلى حدوث ضرر بيئي.171 د -عدـ مراعاة األنظمة: وى و خطأ خاص ينص عميو القانوف سواء كاف سموؾ الجاني ايجابي أو سمبي يترتب عنو مسؤولية جنائية. وعبارة األنظمة ت أخذ بمفيوميا الواسع ،سواء كانت قوانيف أو لوائح تنظيمية وحتى أنظمة بعض الميف والحرؼ المنظمة ،ويتمثؿ الخطأ في ىاتو الصورة في سموؾ الفاعؿ سموكاً ال شرعيا ،بحيث ال ينطبؽ مع ال مسمؾ المقرر في القواعد و التعميمات الصادرة عف السمطات المختصة و ذلؾ لتنظيـ أمور معمومة ،ومثاؿ ذلؾ مخالفة االلتزامات التي تفرضيا قوانيف األمف العاـ و األنظمة الصحية.172 - 171نور الدين محشة :مرجع سابق ،ص.133 - 172أحسن بوسقيعة :مرجع سابق ،ص.116 75 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وفي مجاؿ البيئة يدخؿ في ىذه الصورة ع دـ االلتزاـ أو مخالفة الموائح والتنظيمات البيئية التي تصدر مف الجيات اإلدارية المختصة في مجاؿ البيئة ،ويسمى ىذا النوع مف الجرائـ بالجرائـ الشكمية. 173 ومثاؿ ذلؾ نجد المادة رقـ 21مف القانوف 19- 01والتي تمزـ المنتج الحائز لمنفايات الخاصة الخطرة بالتصريح لموزير المكمؼ بالبيئة بكؿ المعمومات المتعمقة بيا ،والمخالؼ لذلؾ يعاقب بغرامة مالية تتراوح بيف خمسيف ألؼ إلى مائة ألؼ دينار و تضاعؼ العقوبة في حالة العود. وكذلؾ ما ورد في المادة 60مف نفس القانوف التي تعاقب كؿ مف أخؿ بأحكاـ المادة 09التي تحضر استعماؿ مخمفات المواد الكيميائية الحتواء مواد غذائية مباشرة بالحبس مف تتروح ما بيف ألؼ دينار جزائري إلى أربعمائة ألؼ دينار شيريف إلى سنة و بغرامة مالية ا جزائري و تضاعؼ العقوبة في حاؿ العود. كذلؾ المادة 102مف القانوف رقـ 10-03المتعمؽ بحماية البيئة التي تنص عمى انو: "يعاقب بالح بس مف شيريف إلى سنة وبغرامة قدرىا خمسمائة ألؼ دينار 500.000كؿ مف استغؿ منشأة دوف الحصوؿ عمى الترخيص المنصوص عميو في المادة 19أعاله" ،كذلؾ ما ورد في المادة 108ا لتي تعاقب كؿ مف مارس نشاط صاخب دوف الحصوؿ عمى ترخيص المنصوص عميو في المادة 73أعاله. ثانيا :نطاؽ الخطأ غير العمدي في جرائـ تمويث البيئة قد ينص المشرع في بعض جرائـ تمويث البيئة صراحة عمى صورة الركف المعنوي الذي تتطمبو الجريمة ،سوى كانت تتطمب قصد جنائي أـ تكتفي باإلىماؿ. - 173زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص.190 76 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول ولكف في الكثير مف األحياف نجد نصوص خالية مف تحديد صورة الركف المعنوي الالزـ توافرىا لقياـ الجريمة ،وىنا طرح التساؤؿ بصدد طبيعة الجريمة وما إذا كانت عمدية أـ أنيا غير عمديو يكتفي فييا توافر الخطأ الغير عمدي. - 1موقؼ الفقو: فقد اختمؼ الفقياء حوؿ ىا تو المسألة وانقسموا إلى قسميف. االتجاه األوؿ :قياـ الجريمة عمى أساس القصد. يرى أنصار ىذا االتجاه ،تطبيؽ القواعد العامة في حالة سكوت المشرع عف تحديد صورة الركف المعنوي في جريمة تمويث البيئة فالجاني ال يعاقب إال إذا تعمد ارتكاب الفعؿ فالقاعدة ىي ضرورة توافر العمد واالستثناء ىو العقوبة عمى الخطأ الغير عمدي إذا نص القانوف صراحة عمى ذلؾ. االتجاه الثاني :المساواة بيف القصد والخطأ الغير عمدي. يرى أنصار ىذا االتجاه أف القاعدة السابقة ال يمكف تطبيقيا في جرائـ تمويث البيئة ،ألنو غالبا ما تخموا التشريعات البيئية مف تحديد صورة الركف المعنوي ،وىذا معناه المساواة بيف العمد واإلىماؿ في قياـ الركف المعنوي ،فالمشرع البيئي يميؿ إلى تقرير جزاء واحد عف مخالفة القواعد البيئية سواء وقعت عمدا أو عف طريؽ اإلىماؿ. 174 - 2موقؼ القضاء: بالرجوع إلى ا لقضاء الجزائري ال نجد أحكاـ قضائية تفصؿ في المسألة ،وذلؾ لقمة القضايا البيئية الم طروحة أمامو ،لذلؾ نتناوؿ ما وصؿ إلي و القضاء الفرنسي في ىاتو المسألة. فقد أكدت محكمة النقض الفرنسية أف جريمة تمويث مجاري المياه المنصوص عمييا في المادة 434فقرة 01مف القانوف الزراعي ىي جريمة عمدية إال أنيا كانت ال تشترط توافر - 174زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص ،108وانظر عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص. 360 77 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول نية اإلض رار بالثروة السمكية أو النباتية بؿ تكتفي أف يكوف مرتكب الفعؿ مدركا لمطبيعة ال مموثة لممواد المستعممة ،وتدرج القضاء الفرنسي بعد ذلؾ ولـ يشرط القصد واكتفى بالخطأ الغير عمدي ،خاصة بالنسبة لألفعاؿ المرتكبة في مجاؿ األنشطة الصناعية. بعدىا اكتفت المحكمة بأف الجاني قد سمح بإلق اء مواد مموثة مف شأنيا اإلضرار بال بيئة المائية ،حتى ولو كاف يجيؿ طبيعة المواد المموثة. 175 كما قضت محكمة النقض الفرنسية بعدـ اشتراط توفر القصد الجنائي مكتفي ًة بثبوت قياـ الفعؿ عف طريؽ الخطأ ،وقضت بمسؤولية رب العمؿ الذي تسبب مصنعو في تمويث الماء الناتج عف سكب أحد العماؿ لمواد ضارة في الماء. 176 ثالث ًا :خصائص الخطأ غير العمدي في جرائـ تمويث البيئة: يتميز الخطأ في جرائـ تمويث البيئة بجممة مف الخصائص ىي: - 1وحدة الخطأ الجنائي و الخطأ المدني: لقد طرح التساؤؿ حوؿ صمة الخطأ المدني الذي يرتب التعويض عمى أساسو المادة 124مف القانوف المدني ،والخطأ الجزائي المرتب لممسؤولية الجزائية. وقد أخذ القضاء الفرنسي ب وحدة الخطأيف الجزائي والمدني وذلؾ في حكـ محكمة النقض الف رنسية الصادر في 18ديسمبر ، 1771992وبعد ذلؾ كرست ىذا المبدأ الغرفة الجزائية في 6يوليو . 1781934 وقد اختمؼ الفقو المصري حوؿ ىا تو المسألة ،فذىب فريؽ إلى فصؿ الخطأ الجزائي عف الخ طأ المدني ،وفريؽ آخر أخذ بوحد ة الخطأيف الجزائي والمدني ،غير أف الرأي السائد ىو وحدة الخطأ المدني و الخطأ الجزائي. - 175زلمد حسن الكندري :ادلرجع ال سابق ،ص.108 - 176زلمد دلوسخ :مرجع سابق ،ص.194 - Civ.19.12 1912 S, 1914 I, 249, 177 نقال عن أحسن ب وس قيعة ،مرجع سابق ،ص ، 117وراجع زلمد حسني عبد القوي ،مرجع سابق ،ص. 238 - Crim 6-7, 1934, D.H, 1939, 446. نقال عن أحسن بوس قيعة ،مرجع نفسو ،ص. 117 78 178 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول وقد أخذ القضاء المصري بيذا الرأي األخير ،فقضت محكمة النقض المصرية في قرارىا الصادر في 08مارس ،1943والتي قضت ببراءة المتيـ مف الدعوى الجنائية لعدـ ثبوت الخطأ ،األمر الذي يستمزـ رفض الدعوى المدنية المؤسسة عمى ىذا الخطأ. وقد أخذ القضاء الجزائري بيا تو القاعدة ،إذ أنو مف يثبت في حقو الخطأ الجزائي يمزـ بػ التعويض المدني ،ومف جية أخرى فإف براءة المتيـ مػ ف الدعوى الجزائية لعػدـ ثبوت الخطأ يمزـ الحكـ برفض طمب التعويض لعدـ التأسيس.179 - 2وجوب توفر األىمية الجنائية في الجاني: فيجب أف يكوف الجاني الذي يرتكب الخطأ متمتعا بالتمييز واإلرادة. - 3عدـ مساءلة المكره عف ارتكاب الخطأ في جرائـ تمويث البيئة أو في حالة توفر القوة القاىرة: مثاؿ ذلؾ ما نصت عميو المادة 97فقرة 03مف القانوف رقـ 10-03المتعمؽ بالبيئة: "ال يعاقب بمقتضى ىا تو المادة عف التدفؽ الذي بررتو تدابير اقتضتيا ضرورة تفادي خطر جسيـ وعاجؿ ييدد أمف السفينة أو حياة البشر أو البيئة. - 4ال شروع في جرائـ الخطأ: فالشروع يتطمب انصراؼ نية الجاني لتحق يؽ نتيجة معينة جرميا القانوف ،وبدأ الجاني في تن فيذ الجريمة ثـ خاب أثرىا أو أوقؼ تنفيذىا بسبب ال دخؿ إلرادة الجاني فيو.180 - 5ال اشتراؾ في جرائـ الخطأ: ألف االشتراؾ يتطمػ ب المساىمة بإحدى صورىا كالمساعدة أو التحريض أو االتفاؽ، ف يجب أف يكوف في الجريمة فاعؿ أصمي ،وىذا ما يستمزـ توفر العمد في الجريمة. 181 - 179أحسن بوسقيعة ،ادلرجع السابق ،ص.117 - 180زلمد حسن عبد القوي ،مرجع سابق ،ص ،239وانظر زلمد دلوسخ ،مرجع سابق ،ص.192 - 181زلمد حسني عبد القوي ،نفس ادلرجع ،ص . 239 79 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول رابع ًا :درجات الخطأ يفرؽ الفقو بيف الخطأ الجسيـ و الخطأ اليسير ،فالخطأ اليسير تقوـ بو المسؤولية المدنية ،حيث يمكف أف يقاس التعويض بقدر الضرر ،وقد واجو الغالبية مف الفقو ىذا الرأي بالقوؿ أف التفرقة بيف درجات الخطأ ال تستند ألسباب مقبولة ،ألنو ال أىمية لياتو التفرقة في القانوف الجنائي الذي ال يعترؼ سوى بمعيار واحد لمخطأ غير العمدي. إال أنو في جرائـ تمويث البيئة يمكف التفرقة بيف ما يعد خطأ جسيـ و ما يعد خطأ يسير ،وأساس ىذه التفرقة يرجع إلى اختالؼ طبيعة األضرار واألخطار في مجاؿ التموث البيئي مقارنة بما سواه مف أضرار وأخطار في مجاالت أخرى. ففي الغالب الخطأ في مجاؿ تمويث البيئة يصدر مف شخص ذو ميارات و خبرات ودراية بخطورة المواد المموثة ،وليػ س مجرد شخص عادي الذي يسمؾ المسمؾ المعتػاد، فإىماؿ الجاني قد يصادؼ ظرفا مشددا إذا عد إىماؿ جسيـ وكاف يمثؿ إىماؿ جسيـ بما تفرضو عميو أصوؿ وظيفتو ،إذ يترتب عميو نتائج أكثر خطورة كوفاة األشخاص نتيجة التموث وىو ما يستمزـ تشديد العقوبة ، 182ألنو قد َيشترط المشرع أحيانا لتكويف الركف المعنوي أف يبمغ الخطأ درجة مف الجسامة ،و تقدير جسامة الخطأ مسألة موضوعية يختص بيا قاضي الموضوع تبعا لظروؼ ومالبسات كؿ قضية. كما يفرؽ الفقو الحديث في المجاؿ البيئي بيف الخطأ غير العمدي والخطػأ التنظيمي، حيث يشكؿ ىذا األخير أقؿ درجة في تدرج األخطاء ،ومعنى الخطأ التنظيمي أف مسؤولية المخالؼ لمتنظيمات البيئية تثبت بمجرد إسناد الفعؿ المادي لمجريمة دوف عبء إثبات خطئو ،ودوف الحاجة إلى افتراضو ،حيث أف القانوف يمزـ األفراد باالمتثاؿ إلى القوانيف البيئية - 182زلمد عبد الرحيم الناغي ،مرجع سابق ،ص.248 80 اإلطار القانوني لجريمة تلويث البيئة الفصل األول واتخاذ الحيطة والحذر ،باإلضافة إلى بذؿ أقصى جيد لتفادي مخالفة أوامره ،فيذا النوع مف الخطأ يعتبر صورة مف صور الركف المعنوي في جرائـ تمويث البيئة ،وىو ال يتقرر إال في ظؿ عدـ وجود القصد الجنائي وىو يختمؼ عف الخطأ العمدي.183 - 183يحًس نًٕطد :يزجع طببك ،ؽ.164 81 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة الفصل الثاني :األحكام الموضوعية لممسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عن جريمة تمويث البيئة عنصر ميما ورئيسيا في ا لقد أصبح الشخص المعنوي في ال مجتمعات الحديثة يمثؿ الحياة اليومية ،سواء في البيئة االقتصادية أو الصناعية أو االجتماعية ،وكاف ليذا الدخوؿ القوي في الحياة االجتماعية ب شكؿ تمقائي أثار ونتائج حتى في المجاؿ اإلجرامي مثمو مثؿ الشخص الطبيعي ، 184كما َشكؿ الشخص المعنوي خطورة إجرامية وخاصة في مجاؿ التموث البيئي والمالحظ أف ما يرتكبو الشخص المعنوي مف جرائـ بيئية أخطر وأكبر بكثير مف مػا يرتكبو الشخص الطبيعي سوى كػاف ذلؾ عمي الصعيد الوطني أو الػدولي ،فجرائـ تمويث البيئة ،خاصة التموث اليوائي وتمويث المياه والتموث اإلشعاعي بالنفايات النووية يمكف أف يرتكبيا أي فرد عادي إال أف ارتكابيا مف أشخاص معنوية يتسـ بخطورة خاصة ،وذلؾ لتزايد اإلضرار التي تنجـ عنو والتي تمس بقطاع كبير مف المجني عمييـ. فكاف لزاما عمى التشريعات المختمفة أف تواكب ىذا 185 التطور و تدرج المسؤولية الجنائية ليتو األشخاص في قوانينيا الع قابية ألنيا أصبحت حقيقة قانونية ،لذلؾ يجب تحديد ىاتو المسؤولية ،وىذا ما سوؼ نتناولو مف خالؿ دراستنا لمفصؿ الثاني والذي قسمناه إلي مبحثيف :المبحث األوؿ اإلطار القانوني لممسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي ،والمبحث الثاني مسؤولية المصنفات المنشأة وممثمييا. 184 - Geeroms Sofie. La responsabilité pénale de la personne morale : une étude comparative. In: Revue international de droit compare. Vol. 48 N°3, Juillet-septembre 1996. Pp. 535 - 185أحًس يحًس لبئس يمبم :انًظؤٔنٛت انجُبئٛت نهؼرؾ انًعُٕ٘ زراطت يمبرَت ،زار انُٓضت انعزبٛت ،انمبْزة ،يـز ،انطبعت األٔنٗ، 2005، ؽ .96 84 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة المبحث األول :اإلطار القانوني لممسؤولية الجنائية لم شخص المعنوي عن جرائم تمويث البيئة لقد سبقت اإلشارة إلى أف الم سؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عرفت جدال فقيي كبير ،فانقسـ الفقياء بيف مؤيد و معارض مما أدى إلى تأثر التشريعات المقارنة بيذا الجدؿ ا و انقسمت ىي أيضا بدورىا فمنيا مف اقرىا ومنيا مف استبعدىا ،وحتى ب النسبة لتشريعات التي أقرتيا طرح إشكاؿ ،مف ىو الشخص المعنوي المسؤوؿ جنائيا ىؿ ىو الشخص المعنوي العاـ أـ الخاص ،كما أف القانوف وضع شروطا محددة لياتو المسؤولية وىذا ما سوؼ نناقشو مف خالؿ ىذا المبحث الذي قسمناه إلى مطمبيف: المطمب األوؿ نطاؽ الم سؤولية الجنائية لمشخص المعنوي والمطمب الثاني شروط المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي. المطمب األول :نطاق المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي سوؼ نتطرؽ مف خالؿ ىذا المبحث إلى إقرار ىاتو المسؤولية في التشريعات المختمفة بعدىا نتطرؽ إلى تحديد األشخاص المسؤولة جنائيا. الفرع األول :إقرار المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عن جرائم البيئة في التشريعات أوال :إقرار المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي في التشريعات االنجموسكسونية - 1في التشريع البريطاني: يعتبر التشريع البريطاني مف أقدـ التشريعات التي أخدت بالم سؤولية الجنائية لمشخص المعنوي وكاف ذلؾ ناتج عف اتجاه قضائي اقر بيا تو المسؤولية حيث تعتبر المسؤولية الجنائية لمشخص المع نوي في انجمت ار مف صنع القضاء وكاف بداية األمر حوؿ جرائـ 85 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة االمتناع ، 186حيث صدر حكـ في 1715أدا ف أشخاص معنوية عامة بالفساد في االنتخابات بعدىا بدأت تتدرج المسؤولية حيث صدر حكـ في 1842ضد شركة إلىماليا في إصالح جسر بعدىا صدر حكـ سنة 1846ضد شركة أخرى عػف جريمة ايجابية،187 بعد ذلؾ استقر القضاء عمى مساءلة الشخص المعنوي عف جرائـ اإلزعاج واألمف العاـ وىي جرائـ مادية ال يتطمب القانوف لوجودىا فكرة القصد الجنائي ،ومف أمثمة ذلؾ قياـ شركة بسد مجرى احد األنيار ،وكذا جرائـ التعريض لمخطر ، 188ثـ تقررت المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جرائـ تمويث البيئة والضارة بصحة العػامػة ،فقرر القانوف االنجميزي لحماية البيئة لسنة 1981بشأف حماية البيئة البحرية مف التموث بالزيت مساءلة األشخاص المعنوية جنائي ا في المادة الثالثة منو.189 - 2في التشريع األمريكي: عمى غرار القضاء االنجميزي ،كاف لمقضاء األمريكي دو ار كبي ار في إرساء قواعد المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي حيث صدرت عدة أحكاـ تقرر ىاتو المسؤولية منيا حكـ محكمة والية نيوجرسي في سنة 1852والتي أصدرت حكـ بالغ ارمة عمى شركة أقامت طريقا فوؽ نير مالحي والذي أدى إلى تعطيؿ المالحة كذلؾ ما قضت بو محكمة نيويورؾ في 18ماي 1928ضد شركة candien fertrappersوأدينت ىاتو الشركة بتيمة الخيانة.190 بعد ذلؾ تبنى المشرع ىاتو الفكرة و أ صدر عدة تشريعات تقرر صراحة المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي ،كالقانوف الخاص بحماية المستيمؾ ،والتشريع المتعمؽ بتنظيـ إنتاج وتداوؿ المواد الخطرة. - Geeroms Sofie :op.cit.,p536. - 187أمحد زل مد قائد مقبل :مرجع سابق ،ص. 274 - 188سليم صمودي :ادلسؤولية اجلنائية للشخص ادلعنوي دراسة مقارنة بني التشريع اجلزائري و التشريع الفرنسي ،دار اذلدى ،اجلزائر ، 2006 ،ص. 20 - 189عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص. 423 - 190سليم صمودي :ادلرجع السابق ،ص. 21 86 186 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة وأقر المشرع األمريكي المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جرائـ تمويث البيئة وذلؾ في قوانيف خاصة منيا القان وف الخاص بحماية الماء مف التموث ،والقانوف الخاص بحماية اليواء مف التموث وقرر الجمع بيف مسؤولية األشخاص المعنوية واألشخاص الطبيعية في ارتكاب جريمة تمويث البيئة إذ ارتكبت الجريمة باسـ ولحساب الشخص المعنوي . 191 ثانيا :إقرار المسؤولية الجناية ألشخاص المعنوية في التشريعات الالتينية. لقد اختمؼ األمر في التشريعات الال تينية عف نظيرتيا االنجموسكسونية ،فمـ تقرر المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي إال في العصر الحديث وعمى سبيؿ االستثناء وبنصوص خاصة وفي جرائـ معينة .192 - 1التش ريع الفرنسي: لـ ينص المشرع الفرنس ي في قانوف العقوبات لسنة 1811عف المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي ،193إال انو كانت ىناؾ نصوص خاصة تقرر المسؤولية الجنائية األ شخاص المعنوية عمى سيؿ االستثناء ،194كالقانوف الخاص بالجرائـ الضريبية الصادر في 12نوفمبر 1938والذي اقر مبدأ مسؤولية الشخص المعنوي في المادة الثامنة منو كذلؾ القان وف الخاص بالرقابة عمى النقد الصادر في سبتمبر 1939حيث نص في المادة الرابعة منو عمى مسؤولية الشخص المعنوي في حالة إخفاء ممتمكات خارج التراب الفرنسي ممموكة لمشخص المعنوي ،كما نص المرسوـ 1484- 45الصادر في 31جواف 1945الخاص بالجرائـ االقتصادية الممغى بموجب المرسوـ الصادر في 1986/11/11في المادة التاسعة واألربعوف الفقرة الثانية وفي المادة السادسة والخمسوف الفقرة الثالثة عمى عقوبة المنع المؤقت - 191عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص 432 أمحد زلمد قائد مقبل :مرجع سابق ،ص 286 - 192عبد الرؤوف مهدي :ادلسؤولية اجلنائية عن اجل رائم االقتصادية ِف القانون ادلقارن ،منشأة ادلعارف ،اإلسكندرية ، 1976،ص.433 193 - Bouloc Bernard. La responsabilité pénale des entreprises en droit français. In: Revue internationale de droit comparé. Vol. 46 N°2, Avril-juin 1994. pp. 669. Geeroms Sofie :op.cit.,p538. 87 194 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة والنيائي لألشخاص المعنوية مف ممارسة ال نشاط عندما ترتكب جرائـ تدخؿ في إ طار ىذا القانوف. كذلؾ المرسوـ الصادر في 15ماي 1945المتعمؽ بالمؤسسات الصحفية لمطباعة واإلعالـ والنشر حي ث قررت المادة األولى مساءلة الشخص المعنوي ،ونص القانوف الصادر في 11جانفي 1991المتعمؽ بمكافحة التدخيف ومكافحة الكحوؿ عمي المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي. 195 أما فيما يخص جرائـ تمويث البيئة فقد نص المشرع الفرنسي عمى مسؤولية الشخص المعنوي في قوانيف خاصة ،منيا القانوف الخاص بمكافحة التموث الجوي الصادر في 12 أوت 1961في المادة السابعة ،كذلؾ القانوف الصادر في 15جويمية 1975الخاص بطرح النفايات في المادة الرابعة و العشروف منو. والقانوف الصادر في 13جانفي 1992المتعمؽ بالماء وذلؾ في المادة الثانية والعشروف الفقرة الرابعة 196 . وقد تضمف المشروع التمييدي لقانوف العقوبات لسنة 1983في المادة 31المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي وكذا مشروع قانوف العقوبات لسنة 1986الذي عرض عمى الب رلماف سنة 1989الذي كاف محؿ جذؿ في البرلماف حوؿ مساءلة األشخاص المعنوية، ونظ ار لتأثير األشخاص المعنوية عمى الحياة اليومية وظيور الحاجة الممحة لألخذ بمبدأ مساءلتيا ،أ قر المشرع الفرنسي صراحة بيا تو المسؤولية في قانوف العقوبات الجديد الصادر في 16ديسمبر 1992و الذي دخؿ حيز النفاد في األوؿ مف مارس لسنة . 1971994 وقد أورد ىذا القانوف ال عديد مف الجرائـ التي يسأؿ عنيا الشخص المعنوي منيا الجرائـ ضد اإلنسانية ،كجرائـ اإلبادة وجرائـ والتعذيب (المادة 211الفقرة األولى و212 - 195بشوش عائشة :ادلسؤولية اجلنائية لألشخاص ادلعنوية ،رسالة ماجستري ِف القانون اجلن ائي ،كلية احلقوق ،جامعة اجلزائر ،السنة اجلامعية ،2002/2001ص 50وما بعدىا. - Dominique guihal ,préface de jaques-henri robert,op.cit.,p113 - Bouloc Bernard :op.cit.,p671. 88 196 197 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة الفقرة األولى) ،و جرائـ القتؿ العمدية والغير العمدية (المادة 221و )222وكذلؾ جرائـ تعريض حياة اإلنساف وسالمتو لمخطر (ـ 223ؼ ) 2وكذلؾ جرائـ السرقة (ـ 311ؼ)16 وجرائـ النصب وخيانة األمانة وجرائـ االبتزاز ،وجرائـ اإلرىاب (ـ 422ؼ. 198)5 كما يعاقب الشخص المعنوي وفقا لمبدأ العينية في القانوف الفرنسي عف الجنايات والجنح المرتكبة في الخارج ،والتي تشكؿ اعتداء عمى المصالح األساسية لمدولة ،مثؿ تزيؼ أو تزوير عممة دولة أو ختميا . 199 وبعد إقرار المشرع الفرنسي المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية في قانوف العقوبات أصدر عدة قوانيف خاصة لتأكيد ىذا المبدأ فصدرت عدة قوانيف تقرر المسؤولية الجنائية لياتو األشخاص عف جرائـ تمويت البيئة نذكر منيا: القانوف الصادر في 26ديسمبر 1996المتعمؽ بجمع واستعماؿ جثت الحيوانات وبقايا المسالخ. القانوف الصادر في 31ديسمبر 1996المتعمؽ بالجو واالستعماؿ العقالني لمطاقة وكذلؾ القانوف رقـ 111- 95الصادر في 2فيفري 1995المتعمؽ بتعزيز حماية البيئة في مادتو الواحد والثمانيف الت ي وسعت مف المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي كذلؾ قانوف التوجيو الزراعي رقـ 574- 99الصادر في 19جويمية . 2001999 - 2التش ريع السويسري: لـ ينص قانوف العقوبات السويسري عمى مسؤولية األشخاص المعنوية ،إال انو وردت في بعض القوانيف الخاصة نصوص تقرر المسؤولية الجنائية مني ا القانوف الصادر في 17 - 198زلمد أبو العال عقيدة :االجتاىات احلديثة ِف قانون العقوبات الفرنسي اجلديد ،دار النهضة العربية ،القاىرة ، 2004ص. 54 - Delmas martym : personnes morales étranges et françaises, revue des sociétés,1993,p256. - Dominique guihal , préface de jaques-henri robert,op.cit.,p113 89 199 200 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة أكتوبر سنة 1983المتعمؽ بحماية البيئة ،فجرائـ البيئة التي ترتكب مف الشخص المعنوي يسأؿ عنيا جنائيا وفؽ ىذا القانوف . 201 - 3التش ريع االيطالي: لـ يخرج المشرع االيطالي عف معظـ التشريعات الالتينية ،فمـ يقرر المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية كأصؿ عػاـ ،وانمػا أخد بيػ ا في قوانيف خاصػة كاستثناء، فاألمر رقـ 231الصادر في 18جواف 2111أدخؿ في القانوف االيطالي شكؿ خاص لممسؤولية اإلدارية المباشرة لألشخاص المعنوية (الشركات والجمعيات) عمى الجرائـ المرتكبة مف ممثمييا.202 وتقرر المادة 219مف قانوف اإلجراءات الجزائية أخد القضاء بعض التدابير الوقائية والرادعة ضد المشاريع و شركات المساىمة وخاصة في مجاؿ تمويث البيئة . 203 - 4بع ض التشريعات العربية أ -التشريع الميبي: لقد أقر المشرع الميبي المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جرائـ البيئة في القانوف رقـ 7لسنة 1982المتعمؽ بالبيئة ،وكذا القانوف رقـ 22لسنة 1989المتعمؽ بالتنظيـ الصناعي رغـ أف المشرع الميبي لـ يقرر مسؤولية األشخاص المعنوية جنائيا كأصؿ عاـ ،حيث نص في قانوف العقوبات في المادة التاسعة منو عمى أنو" :ال يسأؿ جنائيا إال مف لو قوة شعور وارادة" ،مما يستدؿ منو عدـ مساءلة األشخاص المعنوية .204 201 شريف سيد كامل :ادلسؤولية اجلنائية لألشخاص ادلعنوية دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،الطبعة األوَل ،1997،ص. 83 202 - Alessandro bernasconi :le droit pénale de l’environnement en Italie, revue pénitentiaire de droit pénale ,2005,p367. - 203أمحد زلمد قائد مقبل :مرجع سابق ،ص. 162 - 204أمحد زلمد قائد مقبل :مرجع نفسو ،ص .224 90 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ب -التشريع التونسي: لـ يختمؼ المشرع التونسي عف جؿ التشريعات الالتينية ،حيث لـ يقرر المساءلة الجنائية ل ألشخاص المعنوية كأصؿ عاـ ،أما فيما يتعمؽ بجرائـ البيئة ،فقد نص المشرع التونسي عمى إمكانية مساءلة األشخاص المعنوية عن د ارتكابيـ لجرائـ ماسة بالبيئة ،وقد أقر المسؤولية المزدوجة لألشخاص الطبيعية والمعنوية معا. 205 ج -التشريع المصري: األصؿ أف المشرع المصري لـ يأخذ بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،غير أنو نص عمى ىاتو المسؤولية في نصوص خاصة . 206 وقد تبنى المشرع المصري مبدأ مساء لة الشخص المعنوي عف جراـ تمويث البيئػة، وذلؾ مف خالؿ القانوف رقـ 4لسنة 1994المتعمؽ بالبيئة ،وذلؾ في العديد مف المواد35 : و .97 ،93، 87،41 د -في التشريع الجزائري: تطور موقؼ المشرع الجزائري في مساءلة األشخاص المعنوية و مر بمراحؿ: - 1مرحمة عدـ اإلقرار بال مسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية: تأثر المشرع الجنائي الجزائري بنظيره الفرنسي ،حيث لـ ينص عمى مسؤولية األشخاص المعنوية في قانوف العقوبات الصادر سنة 1966أسوة بالقانوف الفرنسي لسنة ( 1811قانوف نابوليوف ) ،إال أف التشريع الجزائري لـ يخمو مف ىاتو المساءلة ،وذلؾ في قوانيف خاصة فأقر المشرع مسؤولية األشخاص المعنوية عمى سبيؿ االستثناء. - 205الطيب اللومي :مرجع سابق ،ص 118وما بعدىا . - 206عبد الرؤوف مهدي :مرجع سابق ،ص . 477 وراجع عادل ماىر األلفي :مرجع سابق ،ص.432 91 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فقد كرس قانوف العقوبات االقتصادي ،207مسؤولية األشخاص المعنوية في العديد مف النصوص نذكر منيا: األمر رقـ 37-75المؤرخ في 29ابريؿ سنة 1975المتعمؽ باألسعار وقمعالمخالفات الخاصة بتنظيـ األسعار الممغى بموجب األمر رقـ 12/89المؤرخ في جويمية 1989المتعمؽ باألسعار ،حيث نص في المادة 61منو عمى ما يمي" :عندما تكوف المخالفة المتعمقة بأحكاـ ىذا األمر مرتكبة مف القائميف بإدارة الشخص المعنوي أو مسيره أو مديره ...باسـ ول حساب الشخص المعنوي ،يالحؽ ىذا األخير بذاتو وتصدر بحقو العقوبات المالية المنصوص عمييا في ىذا األمر فضال عف الممحقات التي تجري بحؽ ىؤالء في حالة ارتكابيـ خطأً عمدي ًا".208 كما نص قانوف الضرائب رقـ 36- 91المؤرخ في 1991/12/ 31عمى المسؤوليةالجزائية لمشخص المعنوي في المادة 313فقرة 19التي نصت عمى ما يمي" :يصدر بالغرما ت الجزائية المستحقة ضد المتصرفيف أو الممثميف الشرعييف ،وضد ا الحكػـ بالغرمات الجبائية المنصوص ا الشخص المعنوي دوف اإلخالؿ فيما يخص ىذا األخير عمى تطبيقيا". 209 كما أف القانوف رقـ 22- 96المؤرخ في 1996/17/19المتعمؽ بقمع مخالفة التشريعوالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ المعدؿ والمتمـ باألمر رقـ 11- 13المؤرخ في 19فبراير سنة 2113فنصت المادة 15عمى ما يمي" :يعتبر الشخ ص المعنوي الخاضع لمقػانوف الخاص ،دوف المسػاس بالمس ؤولية الجزائية لممثميػو الشرعييف ،مسئوال عف - 207قانون العقوبات االقتصاد :ليس واردا ِف مدونة واحدة حيث يعرف بأنو رلموعة القواعد العقابية ادلتعلقة بكافة اجلرائم االقتصادية سوء وردت نصوصها ِف قانون العقوبات أو ِف قوانني خاص ة مثل قوانني ادلالية ادلنظمة للبنوك و ادلؤسسات ادلالية ،أو قانون ا جلمارك أو الضرائب،انظر بشوش عائشة :مرجع سابق ،ص .80 - 208األمر رقم 37- 75ادلؤرخ ِف 29ابريل سنة 1975ادلتعلق باألسعار وقمع ادلخالفات اخلاصة بتنظيم األسعار ،جريدة رمسية عدد 38لسنة .1975الغي بالقانون رقم 12- 89الذي الغي بدوره ِبوجب األمر رقم 06- 95ادلؤرخ ِف 1995 /01/25ادلتضمن قانون ادلنافسة و ألغى ىذا األخري ِبوجب األمر رقم 03- 03ادلؤرخ ِف 2003/07/19ادلتعلق بادلنافس ة - 209القانون رقم 36- 90ادلتعلق بالضرائب ادلباشرة ،اجلريدة الرمسية اجلزائرية ،العدد 57سنة . 1990 92 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة المخالفات المنصوص عمييا في المادتيف األولى والثانية مف ىذا األمر والمرتكبة لحسابو مف قبؿ أجيزتو أو ممثميو الشرعييف". 210 فالمشرع في ى ذا النص أخد بالمسؤولية المزدوجة ،حيث يسأؿ الشخص المعنوي عف الجرائـ المرتكبة لحسابو ،باإلضافة إلى مسؤولية ممثميو. أما عف جرائـ تمويث البيئة فقد نصت عدة قوانيف خاصة عمى مسؤولية الشخص المعنوي عنيا ،منيا : القانوف رقـ 19- 11المؤرخ في 12ديسمبر 2111المتعمؽ بتسيير النفاياتومراقبتيا ،حيث نصت المادة السادسة والخمسوف منو عمى " :يعاقب بغرامة مالية مف عشرة أالؼ دينار ( 11111دج ) إلى خمسيف ألؼ دينار ( 51111دج ) كؿ شخص طبي عي أو معنوي يمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو أي نشاط أخر ،قاـ برمي أو بإىماؿ النفايات المنزلية وما شابييا أو رفض استعماؿ نظاـ جمع النفايات وفرزىا الموض وع تحت تصرفو مف طرؼ الييئات المعنية في المادة 32مف ىذا القانوف . 211"... كذلؾ ما ورد في القانوف رقـ 19- 13المؤرخ في 2113/17/19المتضمف قمع جرائـمخالفة أحكاـ اتفاقية حظر استحداث وانتاج وتخزيف األسمحة الكيمائية ،حيث نصت المادة الثامنة عشر عمى ما يمي" :يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة المنصوص عمييا في المادة التاسعة أعاله بغرامة مف 511111إلى 15111111 دج". - 210أمر رقم ، 22- 96ادلؤرخ ِف 1996/09/ 07ادلتعلق بقمع سلالفات التشريع و التنظيم اخلاصني بالصرف ،اجل ريدة رمسية العدد 43سنة. 1996 - 211قانون رقم 19- 01ادلؤرخ ِف ، 2001/12/12ادلتعلق بتسيري النفايات و إزالتها ،جريدة رمسية العدد 77لسنة . 2001 93 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة يعاقب الشخص الذي يرتكب جريمة أو أكثر مف الجرائـ المنصوص عمييا في المواد11و11و12و13و14و15و 17مف ىذا القانوف بغرامة مالية تعادؿ خمس مرات الغرامة المقررة لشخص المعنوي". 212 بعدىا صدر القانوف رقـ 11- 13المتعمؽ بحماية البيئة حيث كرس مسؤولية الشخصالمعنوي عف جراـ تمويث البيئة ،حيث نصت المادة الثامنة منو عمى أنو تخضع ليذا القانوف كؿ المصانع والورشات والمشاغؿ والمقالع والمناجـ وبصفة عامة المنشأة التي يستغميا أو يممكيا كؿ شخص طبيعي أو معنوي ،عمومي أو خاص والتي قد تتسبب في أخطار عمى الصحة العمومية والنظافة واألمف والفالحة واألنظمة البيئة والموارد الطبيعية والمواقع والمعالـ والمناطؽ السياحية ،أو قد تسبب في المساس براحة الجوار، كما نصت المادة الثانية والتسعوف فقرة الثالثة مف نفس القانوف عمى مسؤولية الشخص المعنوي. - 2إقرار المشرع الجزائري المسؤولية الجنائية ألشخاص المعنوية صراحة: بعد تعديؿ المشرع لقانوف العقوبات بموجب القانوف رقـ 15-14المؤرخ في 11 نوفمبر ،2114أقر صراحة مسؤولية األشخاص المعنوية وذلؾ ف ي المادة الواحد والخمسيف منو ،والتي ن صت عمى ما يمي" :باستثناء الدولة والجماعات المحمية واألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانوف العاـ ،يكوف الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عف الجرائـ التي ترتكب لحسابو مف طرؼ أجيزتو وممثميو الشرعييف عندما ينص القانوف عمى ذلؾ. إف المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي ال تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعؿ أصمي أو شريؾ في نفس األفعاؿ". - 212قانون رقم 09- 03ادلؤرخ ِف 2003/07/19ادلتعلق بقمع سلالفة أحكام اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وختزين واستعمال األسلحة الكيمائية وتدبري تلك األسلحة، اجلريدة الرمسية العدد 43لسنة . 2003 94 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فيتضح مف خالؿ ىاتو الماد ة أف المشرع اقر بمسؤولية األشخاص المعنوية التي ال تخضع لمقانوف العاـ كما أخد بالمسؤولية المزدوجة لمشخص الطبيعي و المعنوي. فشكمت ىاتو المادة األساس القانوني لمسؤولية الشخص المعنوي في التشريع الجزائري كم ا صدرت قوانيف أخرى تكرس ىا تو المسؤولية منيا قانوف رقـ 12- 15المؤرخ في 2115/18/14والمتعمؽ بالمياه وقرر المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية مف خالؿ المادة 175منو. والواقع أف التشريعات البيئة عرفت ىاتو المسؤولية بنطاؽ واسع إذا ما قارنيا بالقوانيف العادية ،ذلؾ أل ف عدد كبير مف جرائـ تمويث البيئة تتـ عف طريؽ األشخاص المعنوية أثناء ممارستيا ألنشطتيا الصناعية أو الخدماتية أو الزراعية. 213 والمالحظ مف خالؿ كؿ ما أوردنو مف موقؼ التشريعات المقارنة حوؿ المسؤولية الجنائية ألشخاص المعنوية سواء التي أخذت بيا كأصؿ أو التي أخذت بيا كاستثناء إقرارىا بالمسؤولية الجنائية في جرائـ تمويث البيئة ،وذلؾ ما يتالءـ مع السياسة الجنائية الفعالة لحماية البيئة مف التموث ،وقد أدرؾ المشرع ما ترتبو األشخاص المعنوية مف أفعاؿ خ طيرة وضارة بالبيئة ما دفعو إلى إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية حوؿ جرائـ البيئة في التشريعات البيئة المختمفة. الفرع الثاني :تحديد األشخاص المعنوية المسؤولة جنائيا تنقسـ األشخاص المعنوية إلى قسميف: أشخاص معنوية عامة تخضع لمقانوف العاـ ،وأشخاص معنوية خاصة تخضع لمقانوف الخاص.214 - 213زلمود امحد طو :احلماية اجلنائية للبيئة من التلوث ،منشاة ادلعارف ،اإلسكند رية ،2006،ص. 145 214 -Gridel Jean-Pierre. La personne morale en droit français. In: Revue internationale de droit comparé. Vol. 42 N°2, Avriljuin 1990,p500. 95 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة وتنقسـ األشخاص المعنوية العامة بدورىا إلى قسميف: أشخاص معنوية عامة إقميمية عمى رأسيا الد ولة والوحدات اإلدارية والمديريات والبمديات وأشخاص معنوية مرفقيو كالمؤسسات العامة والييئات.215 لـ يثر أي خالؼ بالنسبة لألشخاص المعنوي الخاصة ،فجؿ التشريعات الجنائية أقرت بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية الخاصة. 216 عمى خالؼ ذلؾ فقد اختمؼ الفقو وكذا التشريعا ت المختمفة حوؿ إخضاع األشخاص المعنوية العامة لممسؤولية الجنائية بيف مؤيد ومعارض ،وىذا ما سوؼ نتناولو مف خالؿ ىذا الفرع. أوالً :األشخاص المعنوية العامة المسئولة جنائيا يعتبر موضوع مساءلة األشخاص المعنوية العامة مف أىـ الموا ضيع التي أثارت ير وطرحت إشكالية مدى خضوع األشخاص المعنوية العامة لممساءلة الجنائية. جدال كب ا سوؼ نناقش ذلؾ مف خالؿ موقؼ الفقو والقانوف مف مساءلة األشخاص المعنوية العامة. -0موقؼ الفقو مف المساءلة الجنائية لألشخاص المعنوية العامة : يعارض بعض الفقو فكرة إخضاع األشخاص المعنوية العامة إلى المساءلة الجنائية ويقدموف مجموعة مف الحجج المؤيدة لمعارضتيـ منيا: - 215زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص 176وما بعدىا. 216 - Geeroms Sofie : op.cit.,p557. 96 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة منافاة مساء لة األشخاص المعنوية العامة لمبادئ القانوف العاـ و مبادئ العدالةالجنائية مف جية ،ومف جية أخرى يرى أصحاب ىذا االتجاه أف توقيع الجزاء عمى األشخاص المعنوية العامة ي ؤدي إلى المساس بحقوقو وسمطاتو ،ألف األشخاص المعنوية العامة ت ضطمع بواحدة أو أكثر مف مياـ المرفؽ العاـ والذي لو دور كبير في تمبية الحاجات العام ة التي تقتضييا المصمحة العامة والمنفعة االجتماعية. فالمرفؽ العاـ يكفؿ مجموعة مف الحقوؽ األساسية ،كالحؽ في التعميـ والحؽ في الصحػة واألمف ،فالمساس بالمرفؽ العػاـ يؤدي إلػى المساس واإلخالؿ بياتػو الحقوؽ، وبالتالي المساس بالمنفعة االجتماعية العامة . كذلؾ يخضع المرفؽ العاـ إلى مبدأ آخر وىو ضرورة استم ارره. فتسميط عقوبة الحؿ أو المنع عمى األشخاص المعنوية العامة يؤدي إلى عدـ استم اررية عمؿ المرفؽ العاـ ،ومف ثـ تتأثر تمبية الحاجات العامة ،فيذاف المبدآف يشكالف مبدآف دستورياف ،وت وقيع العقوبة عمى الشخص المعنوي يتنافى مع ىذاف المبدآف ،فمثال الغ رامة الموقعة عمى الشخص المعنوي ت ؤدي إلى زيادة األعباء عمى المرفؽ العاـ ،مما يؤدي إلى التأثير عمى تمبية الحاجات العامة. 217 الحجة الثانية التي أوردىا أنصار عمى ىذا االتجاه تتمثؿ في تنافي مسؤوليةاألشخاص المعنوية العامة مع العدالة . فمعاقبة الشخص المعنوي العاـ يؤدي إلى معاقبة أشخاص أبرياء ،ألف عقوبة الشخص المعنوي ستؤدي إلى الحد مف قدرتو عمى القياـ بميامو ،و تؤدي بطريؽ مباشر إلى زيادة نفقاتو ،فتزداد أسعار الخدمة التي يقدميا ،مما يؤدي إلى زيادة الضرائب التي سوؼ يتحمميا المواطنوف. - 217أمحد زلمد ق ائد مقبل :مرجع سابق ،ص 32وما بعدىا ،وراجع شريف سيد كامل :مرجع سابق ،ص. 98 97 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ويضيؼ أنصار ىذا االتجاه أف مبدأ المساواة أماـ القانوف الذي استند ت إليو التش ريعات فػي إقرار المسؤولية الجنائية ليس مبر ار لمساءلة األشخاص المعنوية العامػة، فيناؾ فرؽ حقيقي وفعمي بيف األشخاص المعنوية العامة واألشخاص المعنوية الخاصة ،إذ ال يمكف المساواة بينيما ،وذلؾ ألف األشخاص المعنوية العامة تيد ؼ إلى تحقيؽ المنفعة العامة ،أما الثانية تقوـ بأنشطتيا قصد تحقيؽ المنفعة الخاصة. 218 يضيؼ أيضا أنصار ىذا االتج اه حجة أخرى تتمثؿ في صعوبة تطبيؽ بعض العقوبات عمى الشخص المعنوي. أل ف بعض العقوبات التي تطبؽ عمى األشخاص المعنوية الخاصة ،ال يمكف تطبيقيا عمى األشخاص المعنوية العامة ،مثؿ عقوبة الحؿ أو المنع أو الوضع تحت الرقابة القضائية. أما باقي العقوبات مثؿ الغرامة فقد ت ؤدي إلى تخفيض كمي أو جزئي لحقوؽ وسمطات الشخص العاـ. أ -تقييـ ىذا الرأي :فيمػ ا يخص منافاة المسؤولية الجنائية لممبادئ األساسية لمقانػوف ،نرى أنو ال يوجد أي مبدأ دستوري يبرر عدـ مساءلة األشخاص المعنوي العامة ،بؿ بالعكس وجود عدة مبادئ دستورية أساسية تبرر المسؤولي ة الجنائية لألشخاص المعنوية العامة ،منيا مبدأ المساواة أماـ القانوف ،وكذلؾ مبدأ سيادة القانوف ،فعدـ إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية العامة يتعارض مع ىذاف المبدآف . ويظير في األعماؿ التحضيرية لمقانوف الفرنسي مف خالؿ موقؼ المجنة المشتركة مف المجمسي ف التشريعيف أف إقرار المسؤولي ة الجنائية لألشخاص المعنوية ال تتعارض مع أي مبدأ دستوري ،وقد سبؽ ذلؾ القض اء والتشريع األنجموأمريكي. - 218شريف سيد كامل :ادلرجع السابق ،ص.99 98 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فالبد أف يحقؽ القانوف أىدافو في حماية المجتمع بوسيمة ردع فعالة ،أال وىي الجزاء الجنائي ،فالجزاءات غير الجنائية ليست فعالة ،خاصة في الجرائـ البيئية. أما فيما يخص مسألة تنافي المساء لة الجنائية لألشخاص المعنوية العامة مع مبادئ العدالة نرى عكس ذلؾ ،فالعدالة ىي التي تفرض عمييا المساواة بيف األشخاص المعنوية العامة واألشخاص المعنوية الخاصة ،فما تممكو ىاتو األولى مف وسائؿ وامكانات ضخمػة، تت سبب بو في أضرار ومخاطر كبيرة عمى الصحة العامة والبيئة ،فكثي ار ما يتسبب التخمص مف ال مواد المموثة في أضرار بالبيئة والمجتمع ،فكيؼ ال تسأؿ ىاتو األشخاص المعنوية العامة ؟ األمر الذي يدفعنا إلى التساؤؿ :أيف العدالة. فالعدالة الجنائية ال تتعارض مع مساءلة األشخا ص المعنوية ،فالمساواة بيف األشخاص المعنوية العامة واألشخاص المعنوية الخاصة ىو األقرب لروح القانوف. أمػ ا فيما يخص صعوبػ ة تطبيؽ بعض العقوبات عمى األشخاص المعنوية العامػة، فيجب وضع عقوبات تتالءـ مع طبيعة الشخص المعنوي العاـ ،كالمنع مف مزاولة النشاط الذي أدى إلى جريمة تموي ث البيئة فيجب تنظيـ المسألة بالشكؿ الذي يكافح الجريمة بالقدر الضروري والمناسب وبالتالي حماية المجتمع. وخالصة القوؿ أف الفقو الحديث يتجو إلى تحميؿ األشخاص المعنوية العامة ا لمسؤولية الجنائية في جرائـ البيئة ،أل ف معظـ حاالت التموث تتـ بسبب أنشطة األشخاص المعنوية العامة ،سوى كانت أنشطة صناعية أو خدماتية أو زراعية ،فيي تتـ بواسطة منشأة تابعة ألشخاص معنوية عامة ،فقد ساىمت الكثير مف المدف برصيد وفير مف التموث العاـ. 219 فميس مف العدؿ أف تتـ المتابعة الجزائية لمشخص المعنوي الخاص عف جريمة مف جرائـ تمويث البيئة وال يتابع الشخص المعنوي العاـ عف نفس الجريمة الم رتكبة. - 219أمحد زلمد قائد مقبل :مرجع سابق ،ص.309 99 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ب -االعتراضات عمى المساءلة الجنائية لمدولة: يعارض الفقياء المساء لة الجنائية لمدوؿ منطمقيف مف فكرة مفادىا أف الدولة ال يمكف أف تتحمؿ المسؤولية الجنائية وأسانيد ىذا الرأي يمكف حصرىا فيما يمي: - 1سيادة الدولة: يقوؿ أنصار ىذا االتجاه أف سيادة الدولة تجعميا ال تخضع ألي دولة ،وبالتالي ال يمكف أف يتصور في ظؿ ىا تو السيادة أف تسأؿ الدولة جنائيا أو أف تكوف محؿ لمعقوبة الجنائية. - 2شخصية العقوبة: إف توقيع العقوبة الجنائية عمى الدولة إذا ت صور إمكانية توقيعيا يتنافى مع فكرة شخصية العقوبة إذ سيتأثر الكثير مف مواطني ىذه الدولة بعقابيا ،والذيف ىـ بشخصيـ لـ يرتكبوا أي جريمة. -3الدولة ىي التي تممؾ سمطة العقاب: ت ستبعد الدولة مف نطاؽ المسؤولية الجنائية باعتبارىا ىي الجية الوحيدة التي تحتكر حؽ العقاب فيي تتولى حماية مصالح األفراد مف خالؿ مالحقة المجرميف ومكافحة اإلجراـ، فمف غير المتصور منطقيا أف توقع الدولة العقاب عمى نفسيا. 220 -4اختالؼ الوظائؼ و االختصاصات عمى أساس مساءلة الدولة جنائيا: 220 -أحًس يحًس لبئس يمبم :انًزجع انظببك ؽ . 311،312 100 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة يرى أنصار ىذا االتجاه أف ىناؾ خالفا بيف الدولة و األشخاص المعنوية األخرى ف إذا قمنا بالمساواة بينيا في توقيع الجزاء قد ي ؤدي إلى اإلخالؿ بالمصالح العامة المختمفة التي ىي مف اختصاص الدولة والتي تسعى لممحافظة عمييا. ج -تقييـ ىذا االتجاه: بالنسبة لمفكرة السياد ة واعتبارىا مانع مف خضوع الدولة لسمطة أعمى منيا ،ىذه الفكرة مردودة ألف السي ادة ال يجب أف تتعارض مع تطبيؽ القانوف ولكف البد أف تخضع لو. أما فيما يخص فكرة شخصية العقوبة ،فإف تطبيؽ عقوبة مثالية أمر يكاد يكوف مستحيؿ فحتى في القانوف الداخمي كثي ار ما تناؿ العقوبة ممف يحيطوف بمرتكب الجريمة فتأثر عمييـ ماديا بغياب مف يعموىـ إذا كاف الجان ي ىو رب األسرة ،أو أدبيا مما يصبيـ مف وصمة عار وتموث لسمعتيـ .ونفس المثاؿ ينطبؽ عمى الدولة وشعبيا الذي يتحمؿ ضرورة آثار العقوبة الموقعة عمى الدولة. وبالنسبة لفكرة عدـ وجود سمطة عميا توقع الجزاء ،فطبيعة الجزاء و أوضاع تقريره ومدى فعاليتو تختمؼ في القانوف الدولي الجنائي عنو في القانوف الداخمي. إذا باعتبار جرائـ تمويث البيئة جريمة دولية تسأؿ عنيا الدولة التي ترتكبيا فال بد مف الخضوع إلى المساء لة الجنائية لمدولة وفؽ قواعد القانوف الدولي الجنائي ولقد سبقت اإلشارة إلى أف الدوؿ الصناعية الكبرى تجاوزت الحدود في مس ألة تموث البيئة ولـ يعد كافي انعقاد المؤتمرات و االتفاقيات في ىذا المجاؿ بؿ البد مف وجود جزاء رادع فعاؿ. وفي الحقيقة نصطدـ بمشكؿ سياسي وىو ما تمعبو الدوؿ الصناعية الكبرى مف دور في األمـ المتحدة وخضوع الدوؿ الضعيفة ليا لكف ىذا ال يمنع مف السعي نحو حماية البيئة عمى المستوى الدولي عف طريؽ المسؤولية الجنائية الدولية عف جرائـ تمويث البيئة. 101 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ويؤيد المساء لة الجنائية لمدوؿ الكثير مف الفقياء البارزيف عمى رأسيـ األستاذ األلماني أوغست و البمجيكي (جاف درف اف) والفرنسي (دونريوي فايرا). 221 كما توجد بعض المؤتمرات القانونية الدولية تنادي بمساءلة الدولة جنائيا ،مف ذلؾ ما ذىب إليو مؤتمر الجمعية الدولية لمقانوف الجنائي المنعقد في بروكسؿ 1926والمؤتمر الدولي لمقانوف الجنائي المنعقد في بوخارست .1929 كذلؾ المؤتمر السادس ل مجمعية المصرية لمقانوف الجنائي المنعقد في أكتوبر 1993 الذي أوصى بامتداد المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية العامة. وكذلؾ ما ورد مف توصيات في المؤتمر الخامس لمجمعية الدولية لمقانوف العقوبات المنعقدة في 1994في ريوديجانيرو ب الب ارزيؿ الذي أوصى بما يمي: " عندما يباشر شخص معنوي عاـ أو خاص نشاط ينطوي عمى خطر كبير عمى البيئة فإف السمطات اإلدارية فيو يقػ ع عمى عاتقيا التزاـ بالمراقبة والتوجيو بكيفية تمنع وقوع الضرر، ويجب تحمميا المسؤولية الجنائية إذا نتج ضرر جدي عف تقصيرىا في القياـ بواجباتيا في المراقبة والتوجيو". وعندما تتسبب ىيئة عامة ،أثناء قياميا بواجباتيا في إلحاؽ ضرر جدي لمبيئة أو اإلنساف أو عندما تتسبب في حالة النص عمى ذلؾ في خطر حقيقي وشيؾ الوقوع بالبيئة واإلنساف ،ينبغي أف يكوف ممكنا مالحقة الشخص المعنوي العاـ جنائيا عف جريمة االعتداء عمى البيئة. -4موقؼ التشريع مف مساءلة األشخاص المعنوية العامة: نصت بعض التشريعات صراحة عمى عدـ جواز مساءلة األشخاص المعنوية واتجيت تشريعات أخرى إلى االعتراؼ بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية العامة. -221أحًس يحًس لبئس يمبم :انًزجع انظببك ،ؽ. 310 102 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فمف التشريعات التي استبعدت صراحة المساءلة الجن ائية لألشخاص المعنوية العامة نجد القانوف العراقي الصادر سنة 1929حيث نصت المادة 80مف عمى أف "األشخاص المعنوية فيما عدا مصالح الحكومة ودوائرىا الرسمية وشبو الرسمية مسؤولة جزائيا". فيتضح مف خالؿ ىات و المادة أف المشرع العراقي قصر المسؤولية الجزائية عمى األشخ اص المعنوية الخاصة فقط دوف العامة . كما اتجو المشرع اإلماراتي إلى عدـ مساءلة األشخاص المعنوية العامة و ذلؾ مف خالؿ المادة 65مف قانوف العقوبات اإلماراتي رقـ 03لسنة . 2221987 أما التشريعات التي أقرت صراحة بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية العامة نجد: القانوف السوري وذلؾ طبقا لممادة 209مف قانوف العقوبات ،والتي تنص عمى أف الييئات االعتبارية مسؤولة جزائيا عف أعماؿ مديرييا و أعضاء إدارتيا و عماليا عندما يؤتوف ىذه األعماؿ باسـ الييئات المذكورة أو بإحدى وسائميا ،وال يمكف الحكـ عمييا إال بالغرامة والمصادرة و نشر الحكـ. 223 ويتضح مف خالؿ نص المادة أف المشرع السوري ذكر األشخاص المعنوية بصفة عامة دوف تحديد ،فيو لـ يستثني صراحة األشخاص المعنوية العامة مما يدؿ عمى أخذه بمسؤوليتيـ. وفي فرنسا أقر المشرع الفرنسي في قانوف العقوبات الجديد بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانوف العاـ باستثناء الدولة. 224 - 222شري ف سيد كامل :مرجع سابق ،ص.91 - 223بؼٕع عبئؼت :يزجع طببك ،ؽ .93 - Dominique guihal , op.cit.,p111 103 224 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فنصت المادة 121فقرة 02مف قانوف العقوبات الجديد عمى أف جميع األشخاص المعنوية العامة مسؤولة جزائيا ،حتى اإلقميمية منيا ،مثؿ المحافظات واألقاليـ والمقاطعات وتجمعاتيا باستثناء الدولة. فيتضح مف خالؿ ىاتو المادة أف المشرع الفرنسي أخضع جميع األشخاص المعنوية العامة لممسؤولية الجنائية ميما كاف شكميا القانوني ،إال أنو استبعد بعض األنشطة التي تقوـ بيا ىا تو األشخاص مف المسؤولية ،وىي األنشطة التي تنطوي عمى امتيازات السمطة العامة، فقصر المسؤولية الجنائية عمى الجرائـ التي تقع أثناء ممارستيا لنشاطيا التفاقيات تفويض الخدمة العامة ،بمعنى األنشطة التي يفوض فييا الشخص المعنوي المحمي غيره مف أشخاص القانوف العاـ أو الخاص لمقياـ بيا.225 وبالتالي يجب توفر شرطيف لألخذ بمسؤولية األشخاص المعنوية العامة جنائيا في القانوف الفرنسي: أف يكوف النشاط الذي تسأؿ عنو جنائيا نشاطا مرفقيا عاما. أف يكوف النشاط مما يقبؿ التفويض بو لمغير وذلؾ عف طريؽ االتفاؽ ،ألنو ىناؾنشاطات ال يمكف تفويض الغير فييا مثؿ حفظ النظاـ العاـ ،أما النشاطات األخرى مثؿ جمع النفايات و إزالتيا فيجوز فييا التفويض. وما يالحظ أف ا لمشرع الفرنسي أخضع األشخاص المعنوية العامة لممساءلة الجنائية المخففة ،حيث أنو ال يجوز أف يوقع عمييا عقوبة الحؿ وال عقوبة الوضع تحت الرقابة القضائية. - 225زلمد أبو العالء عقيدة :مرجع سابق ،ص .96وزلمد أمحد قائد مقبل :مرجع سابق.318 : 104 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة وفيما يخص جرائـ تمويث البيئة نجد المادة 434فقرة 10مف القانوف الزراعي الفرنسي ال تعفي المقاطعات مف اتخاذ ت دابير الزمة لتفادي تمويث البيئة ،وتنعقد المسؤولية الجنائية لمسمطات العامة مع مسؤولية أصحاب المنشآت.226 أما المشرع الجزائري فقد خالؼ المشرع الفرنسي واستبعد األشخاص المعنوية الخاضعة لمقانوف العاـ مف المساء لة الجنائية ،وذلؾ مف خالؿ نص المادة 51مكرر مف قانوف العقوبات ،والتي نصت عمى ما يمي" :باستثناء الدولة والجماعات المحمية واألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانوف العاـ ،يكوف الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عف الجرائـ التي ترتكب لحسابو مف طرؼ أجيزتو أو ممثميو عندما ينص القانوف عمى ذلؾ". فقد نص القانوف صراحة عمى عدـ مساءلة الدولة ،و يقصد بيا اإلدارة المركزيػة، رئاسة الحكومة والو ازرات ومصالحيا الخارجية. كما اس تثنى المشرع الجماعات المحمية ،وىي الوالية والبمدية ،واستثنى كذلؾ األشخاص المعنوية العامة الخاضعة لمقانوف العاـ ،وىي المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري ،و المؤسسا ت ال عمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ،والمؤسس ات العمومية ذات الطابع العممي والثقافي والميني. أما المشرع البيئي فقد أورد المادة 18مف قانوف حماية البيئة التي تنص عمى ما يمي " :يخضع ألحكاـ ىذا القانوف المصالح والورشات والمشاغؿ ومقالع الحجارة والمنازؿ وبصفة عامة المنشآت التي يستغميا أو يممكيا كؿ شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص ،والتي قد تتسبب في أخطار عمى الصحة العمومية والنظافة واألمف والفالحة واألنظمة البيئية والموارد الطبيعية والمواقع والمعالـ والمناطؽ السياحية ،أو قد تتسبب في المساس براحة الجوار". - 226زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص.176 105 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فالمشرع أخضع المنشآت التي يستغميا الشخص المعنوي العمومي والتي قد ترتكب جرائـ منصوص عمييا في قانوف حماية البيئة إلى المساءلة الجنائية. كما يتضح مف خالؿ ما أوردناه أف المشرع استبعد األشخاص المعنوية العامة مف نطاؽ المسؤولية الجنائية مثؿ الدولة والجماعات المحمية واألشخاص المعنوية التابعة لمقانوف العاـ ،وأماـ ىذا الوضع نتساءؿ عف األسباب التي دفعت المشرع إلى استبعاد الجماعات المحمية واألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانوف العاـ مف المساءلة ،وىو ما يخالؼ مبدأ المساواة أماـ العدالة ،ألنو قد يحدث أف ترتكب ىذه األشخاص جرائـ ماسة بالبيئة ،فمف غير المعقوؿ أال تسأؿ جنائيا عف أفعاؿ التمويث ،بينما تسأؿ األشخاص المعنوية الخاصة عف نفس األفعاؿ. ونستخمص في األخير أف جؿ التشريعات استبعدت المسؤولية الجنائية لمدولة ،بينما اختمفت في مساءلة األشخاص المعنوية األخرى بيف مؤيد ومعارض. ونح ف بدورنا نؤيد فكرة مساءلة األشخاص المعنوية العامة في مجاؿ جرائـ تمويث البيئة لما يوفره مف حماية لمبيئة ،لذلؾ البد عمى المشرع الجزائري أف يعيد النظر في مسألة استبعاد األشخاص المعنوية العامة مف نطاؽ المسؤولية الجنائية. ثانياً :المساءلة الجنائية لألشخاص المعنوية الخاصة ال خالؼ في إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوي الخاصة ،فجؿ التشريعات قد أقرت بيذا المبدأ ،وذلؾ أيا كاف الشكؿ الذي تتخذه ىذه األشخاص ،و أيا كاف الغرض مف إنشاءىا ،سواء كانت تيدؼ إلى الربح كالشركات التجارية و المدنية ،أو ال تسعى إلى تحقيؽ الربح كالجمعيات. 106 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة وقد حدد ت المادة 49مف القانوف المدني األشخاص المعنوية الخاصة ، 227حيث أوردىا المشرع عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر ،ووفقا لممادة 51مكرر مف قانوف العقوبات الجزائري فإف جميع األشخاص المعنوية الخاصة تسأؿ جنائيا عف الجرائـ المرتبكة في الحاالت التي ينص عمييا القانوف. فتكس ب الشركات المدنية الشخصية المعنوية مف تاريخ استكماؿ إجراءات الشير بالنسبة لمغير ،ومػ ف تاريخ تكوينيا بالنسبة لألطراؼ وفقا لممادة 417مف القانوف المػدني ،أما الشركات التجارية ،فإف المادة 549مف القانوف التجاري تنص عمى أنو تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية مف تاريخ قيدىا في السجؿ التجاري. وانطالقا مف ذلؾ فال مسؤولية جزائية عمى األشخاص التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية وىو ما يثير خالؼ حوؿ إمكانية خضوع التجمعات أو الشركات التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية لممساءلة الجنائية ،وكذا ما مدى مسؤولية األشخاص المعنوية في مرحمة التأسيس و مرحمة التصفية؟. بالنسبة إلمكانية خضوع التجمعات التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية لممساءلة الجنائية ،اختمفت التشريعات في ىذا الشأف و انقسم ت إلى ثالث اتجاىات. اتجاه أوؿ وىو ما قرره المشرع االنجميزي عف إمكانية مساءلة ىاتو التجمعات في بعض الجرائـ ا لمنصوص عمييا في القانوف المكتوب ،بينما ال تخضع لممسؤولية الجنائية في القانوف العاـ. 228 واتجاه ثاني يقر بالمسؤولية الجنائية ليا تو التجمعات ،مثاؿ ذلؾ ما ذىب إليو قانوف العقوبات اليولنػدي في المػادة .51 - 227راجع انًبزة 49يٍ انمبٌَٕ انًسَ ٙانجشائز٘ رلى 05/07انًؤرخ ف 13 ٙيب ، 2007 ٕٚجزٚسة رطًٛت رلى 31يؤرذت ف 13 ٙيب.2007 ٕٚ انًعسل ٔ انًخًى نأليز رلى 58/ 75انًؤرخ ف 26 ٙطبخًبز 1975انًخضًٍ انمبٌَٕ انًسَ ،ٙانجزٚسة انزطًٛت رلى 78انًؤرذت ف 30 ٙطبخًبز .1975 - 228شريف سيد كامل :مرجع سابق ،ص.89 107 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة واتجاه ثالث وىو السائد ،حيث ال يقر بالمسؤولية الجنائية إال إذا كانت ىاتو التجمعات تتمتع بالشخصية المعنوية ،وبالتالي إذا وقع ت منيا الجريمة فال يسأؿ سوى األشخاص الطبيعييف ،وىو ما ذىب إليو المشرع الفرنسي و المشرع الجزائري ،وىو أمر منطقي ،إذ ال يعقؿ األخذ بالمسؤولية الجنائية ألشخاص تفتقد لموجود القانوني ،إذ ليس ليا ذ مة مالية مستقمة ،فعمى ماذا تنصب العقوبة. أما في ما يخص مسؤولية الشركة في مرحمة التأسيس ،فيسأؿ عف الجرائـ المرتكبة في ىاتو المرحمة األشخاص الطبيعيوف المؤسسوف ألف الشركة لـ تكتسب بعد الشخصية القانونية ومناط المسؤولية ىو توفر الشخصية المعنوية. أما بالنسبة لمرحم ة التصفية فإف الشركة تبقى متمتعة بالشخصية المعنوية حسب ما نصت عميو المادة 766فقرة 02مف القانوف التجاري ،وبالتالي تسأؿ الشركة عف الجرائـ البيئية وغيرىا مف الجرائـ التي تقع في ىاتو المرحمة. بالرجوع إلى نص المادة 18مف القانوف 10- 03المتعمؽ بحماية البيئة نجد أف المشرع قد حدد األشخاص المعنوية الخاصة التي تسأؿ عف الجرائـ المنصوص عمييا في ىذا القانوف ،وىي المؤسسات والمصانع والورشات والمشاغؿ ومقالع الحجارة والمناجـ وبصفة عامة كؿ المنشآ ت التي يممكيا الشخص الطبيعي أو المعنوي الخاص ،والتي تسبب أضرار أو أخطار عمى البيئة ،والمشرع الجزائري قسـ المنشآت إلى درجتيف :منشآت خاضعة لمترخيص ،و منشآت خاضعة لمتصريح.229 المطمب الثاني :شروط قيام المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية - 229زلمد مزوايل :ادلسؤولية اجلنائية لألشخاص ادلعنوية عن جرائم البيئة ،أعمال ادللتقى الوطين الثاين بيئة و حقوق اإلنسانِ ،ف 26و 27يناير ، 2009ادلركز اجلامعي الوادي، غري منشور ،ص. 05 108 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة لقياـ المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جرائـ البيئة ،يجب توفر ثالثة شروط نص عمييا المشرع الج ازئري في المادة 51مكرر مف قانوف العقوبات ،ونص المشرع الفرنسي أيضا في المادة 121فقرة 02مف قانوف العقوبات الفرنسي الجديد عمى شرطيف لقياـ ىاتو المسؤولية.230 وتطالب المادة 09مف االتفاقية األوروبية لحماية البيئة مف خالؿ القانوف الجنائي الدوؿ األعضاء بالتصديؽ عمى المقاييس واإلجراءات الالزمة لوضع عقوبات جنائية وادارية لألشخاص المعنوية المدانيف بارتكاب جرائـ تمويث البيئة. 231 الفرع األول :ارتكاب إحدى جرائم البيئة المنصوص عميها في التشريع البيئي يتضح مف خالؿ نص المادة 51مكرر مف قانوف العقوبات الجزائري أف المشرع حدد ال مسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف الجرائـ المنصوص عمييا في قانوف العقوبات أو القوانيف الخاصة عمى سبيؿ الحصر ،ومنيا قانوف حماية البيئة وقانوف تسيير ومراقبة و إزالة النفايات وقانوف المياه ...الخ. فيجب أف يكوف النص الجنائي المجرـ لالعتداء عمى البيئة واضح ودقيؽ ،بحيث تكوف ميمة القاضي سيمة في تحديد نوع الجريمة البيئية و العقوبة المقررة ليا. 232 والمالحظ أف النصوص الردعية البيئية متفرقة بيف عدة قوانيف و لوائح تنظيمية ،مما يصعب اإلحاطة بيا جميعا ،ألف المشرع وسع مف مبدأ شرعية التجريـ وذلؾ مف خالؿ إق ارره بمبدأ الحيط ة ،والذي مفاده توفير الحماية الجنائية لمبيئة بصفة مسبقة وذلؾ بالرغـ مف غياب النص الجزائي ،خاصة عند وجود احتماؿ الخطر أو عند وقوع ضرر بيئي ،الذي غالبا ما 230 - Jean.(P), Philippe.(C), françoi (L( La responsabilité Pénale des cadres et des dirigeants dans le monde des affaires, Dalloz, Paris, 1996, P25. - 231زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص.172 - 232زلمد مزوايل :ادلرجع ال سابق ،ص.06 109 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة يكوف ضر ار مستمرا ،بحيث يجعؿ مف النص العقابي البيئي الصادر في المستقبؿ ساريا بأثر رجعي بغرض قمع االعتداء عمى البيئة وعدـ تمكيف الجاني مف اإلفالت مف العقاب. 233 وقد ظير ىذا المبدأ عندما عرؼ القانوف الدولي لمبيئة تطو ار ممحوظا منذ السبعينات، لمسايرة مختمؼ األخطار التي تمحؽ بالبيئة ،فبعدما كاف ىذا القانوف يتخذ في حاالت االستعجاؿ في مواجية الكوارث ،أصبح بعد ذلؾ قانونا موجيا نحو المستقبؿ في إطار التنمية المستدامة. بموجب ىذا المبدأ يجب عمى الدولة أف تتخذ جميع اإلجراءات والتدابير الالزمة لمحد مف تدىور البيئة ،حتى في حالة غياب اليقيف العممي القاطع حوؿ اآلثار الضارة الناجمة عف األنشطة المزمع القياـ بيا ،فيذا المبدأ موجو نحو المستقبؿ. فيجب العمؿ بو قبؿ الحصوؿ عمى أي دليؿ حوؿ احتماؿ تحقؽ الضرر ،فيذا المبدأ وفقا لما سبؽ قادر عمى تحسيف األمف البيئي مف جية ،فيو يعتبر أساسا ىاما لمتنمية المستدامة ،وىو حاجز لمتجاوزات التي قد تحدث وتسبب مستقبال أضرار بيئية يصعب تداركيا في المستقبؿ ،وبالمقابؿ يواجو ىذا المبدأ انتقادات عمى أساس أنو حاجز لمتطور ومعطؿ لنشاط المؤسسات. 234 وقد لقي ىذا المبدأ اىتماـ كبير ضمف أغمب الممتقيات الدولية وكرستو العديد مف االتفاقيات ،منيا: اتفاقية جنيؼ المنعقدة بتاريخ 13نوفمبر 1979حوؿ التموث الجوي ،التي عقدت مف طرؼ المجنة االقتصادية لألمـ المتحدة ألوروبا. كما نصت عميو اتفاقية قانوف البحار المؤرخة في 10ديسمبر 1982حوؿ الحماية والحفاظ عمى الوسط البحري ،حيث نصت المادة 206منيا عمى أنو" :عندما تكوف لدى - 233زلمد مزوايل :ادلرجع السابق ،ص.07 - 234فريدة تكاريل :مبدأ احليطة ِف القانون الدويل للبيئة ،مذكرة لنيل شهادة ما جستري ِف القانون الدويل ،جامعة اجلزائر ،كلية احلقوق،بن عكنون ،جانفي ،2005ص. 12 110 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة الدوؿ أسباب معقولة لالعتقاد بأف أنشطة يعتزـ القياـ بيا تحت واليتيا أو رقابتيا قد تسبب تموثا كبي ار لمبيئة البحرية أو تغييرات ىامة و ضارة فييا ،تعتمد ىذه الدولة إلى أقصى حد ممكنا عمميا ،إلى تقييـ اآلثار المحتممة لمثؿ ىذه األنشطة عمى البيئة البحرية". كذلؾ المؤتمر الدولي الثاني حوؿ حماية بحر الشماؿ المنظـ بمندف يومي 24و25 نوفمبر ، 1987حيث أقر بضرورة اتخاذ تدابير لمراقبة تصريؼ المواد السامة حتى في حالة غياب اليقيف العممي القاطع حوؿ العالقة السببية بيف تصريؼ المواد الخطيرة وبيف اآلثار الضارة التي قد تتسبب فييا لبحر الشماؿ ،والوقاية مف التموث بسبب البواخر والمواد الخطرة. كذلؾ اتفاقية باماكو المنعقدة في 20جانفي ، 1991فيي اتفاقية متعمقة بمنع استيراد النفايات الخطيرة و مراقبة حركتيا العابرة لمحدود اإلفريقية. وأخي ار جاء إعالف ريو المؤرخ في 13جواف ، 1992الذي نص في مبدأه الخامس عشر عمى ما يمي " :مف أجؿ حماية البيئة تتخذ الدوؿ عمى نط اؽ واسع تدابير احتياطية حسب قدرتيا ،وفي حالت ظيور أخطار ضرر جسيـ أو أخطار ضرر ال سبيؿ إلى عكس اتجاىو ،ال يستخدـ االفتقار لميقيف العممي الكامؿ سببا لتأجيؿ اتخاذ تدابير تتسـ بفعالية لمنع تدىور البيئة".235 وقد تجسد ىذا المبدأ في التشريع البيئي الجزائري مف خالؿ إدراجو في المادة 03مف قانوف حماية البيئة رقـ ،10- 03إال أنو يجب تحديد درجة معينة مف الخطر لتفادي امتداد وتوسع مبدأ الحيطة عمى عدد كبير مف األنشطة أكثر مما ىو محدد ،لذلؾ يجب أف يتعمؽ المبدأ باألخطار التي تؤدي إلى أضرار ىامة و جسيمة ،وفي أرينا أف ىذا المبدأ الذي يوسع مف نطاؽ الشرعية الجنائية يعتبر حماية لمبيئة مف األخطار الجسيمة التي يصعب إصالحيا عند وقوعيا ،لذلؾ كاف البد مف وضع ىذه اآللية لمحد مف األخطار و األضرار البيئية ،رغـ - 235فريدة تكاريل :ادلرجع السابق ،ص. 23 111 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة كوف وجود النص البيئي المجرـ لمفعؿ شرط ضروري لقياـ المسؤولية الجنائية عف جرائـ تمويث البيئة. الفرع الثاني :ارتكاب الجريمة من شخص طبيعي له حق التعبير عن إرادة الشخص المعنوي تعتبر المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي مسؤولية غير مباشرة ،ألف الجريمة ال يمكف أف ترتكب إال مف الشخص الطبيعي باعتبار أف الشخص المعنوي كائف غير مجسػـ، وليس لو إرادة حرة ،كما أف ىا تو المسؤولية ىي مسؤولية مشروطة ال يمكف حدوثيا إال بتوفر شروط. وقد اختمفت التشريعات في تحديد األشخاص الطبيعييف الذيف يسأؿ الشخص المعنوي عف سموكيـ اإلجرامي ،فاقتصر البعض منيا عمى تصرفات أعضاء وممثمي الشخص المعنوي ،في حيف ذىبت تشريعات أخرى إلى مساء لتو عف جميع تصرفات صغار موظفيو وتابعيو. أوالً :االتجاه المضيؽ وىذا االتجاه يضيؽ مف نطاؽ األشخاص الطبيعية التي يسأؿ عف أفعاليا الشخص المعنوي. ومف التشريعات التي أخذت بمسؤولية الشخص المعنوي عف ارتكاب جريمة التعدي عمى البيئة مف قبؿ ممثميو وأعضاءه نجد: - 1التش ريع اإلنجميزي: لقد حدد القانوف اإلنجميزي األشخاص الذيف تسند سموكاتيـ اإلجرامية إلى الشخص المعنوي ،وىـ األشخاص المنوط بيـ اتخاذ الق اررات باسـ الشخص المعنوي ،وىذا الرأي أكده 112 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة القضاء اإلنجميزي في عدة أحكاـ نذكر منيا حكـ المورد باكر في قضية ورد فييا أنو يتعيف التفرقة بيف أشخاص يمثموف عقؿ الشركة ،مثؿ المدير و بيف غيرىـ ممف يعدوف مجرد تابعيف. 236 وكذلؾ حكـ صادر في سنة 1964حيث قضى أنو تصح مساءلة األشخاص المعنوية جنائيا إذا كانت السمطة التي استند إلييا األمر محؿ المساءلة صادر مف سمطة عميا والتي تصدر ق اررات خاصة بالش خص المعنوي ،دوف الحاجة لمرجوع إلى سمطات أعمى. 237 كذلؾ مف أبرز األحكاـ التي كرست ىذا الشرط ما صدر في قضية « Weatherf » " : Andreusأنو ليس كؿ مسؤوؿ سواء كاف وكيال أو مف الفئة العميا لممديريف أو مف ال وكالء الذيف يعمموف لحساب الشركة تترتب عف أفعاليـ مسؤولية الشركة ،بؿ أنو يمزـ أيضا أف تنعقد ليـ الصفة بحسب الموائح األساسية لمشركة واالختصاصات التي تسمح باعتبار الفعؿ وكأنو صادر عف الشركة ذاتيا". وبالتالي يترتب عف ذلؾ أف لكؿ مؤسسة شخص طبيعي أو عدة أشخاص طبيعييف فاألفعاؿ التي ترتكب مف محددوف يتولوف اإلدارة واإلشراؼ عمى نشاط المؤسسة أو المنشأةّ ، قبؿ ىؤالء األشخاص وتسبب أضرار أو أخطار عف البيئة تعتبر أفعاؿ صادرة عف الشخص ال معنوي ،واشترط المشرع اإلنجميزي لتوفر ىذا الشرط أف يقع الفعؿ بصورة إيجابية فال مجاؿ إلعماؿ ىذا الشرط في جرائـ االمتناع ،ألف جرائـ الترؾ تعتبر صادرة مف شخص معنوي يستوي في ذلؾ إذا ارتكبت مف أعضاءه أو ممثميو أو غيرىـ مف العماؿ و الموظفيف ،وىذا ما جسده الحكـ الصادر مف محكمة » « Queens Benchفي .2381988/05/28 - 2التش ريع الفرنسي: - 236أمحد زلمد قائد مقبل :مرجع سابق ،ص 347وما بعدىا. - 237أمحد زلمد قائد مقبل :ادلرجع نفسو ،ص.347 - 238أمحد زلمد قائد مقبل :ادلرجع السابق ،ص.348 113 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة لقد نصت المادة 121فقرة 02مف قانوف العقوبات الفرنسي الجديد عمى أنو يكوف الشخص المعن وي مسؤوال جزائيا عندما ينص القانوف أو التنظيـ عمى ذلؾ ،عند ارتكاب جرائـ لحسابو مف طرؼ أجيزتو وممثميو.239 فالقانوف الفرنسي حصر األشخاص الطبيعية الذيف يسأؿ عف أعماليـ الشخص المعنوي في طائفتيف: الطائفة األولى ىي أعضاء الشخص المعنوي ،الطائفة الثانية ىي ممثمي الشخص المعنوي. فأعضاء الشخص المعنوي ىـ األشخاص المؤىموف قانونا ووفقا لمقانوف األساسي لمتصرؼ أو التعاقد باسمو ،وممكف لألعضاء أف يكونوا مجموعة كييئة مجمس اإلدارة أو جمعية المساىميف أو مكتب الجماعي إلدارة المجمس البمدي ،وقد يكوف العضو شخص وحيد مثؿ المسيير أو المدير العاـ.240 أما ممثؿ الشخص المعنوي فيو الذي يممؾ سمطة ممارسة نشاط ىذا الشخص باسمو كممثؿ القضاء ،أو المصفي أو المعيف قانونا مف أجؿ تصفية الشركة. ونشير إلى أف الفصؿ بيف الممثميف واألعضاء غير مطمؽ ،ألنو قد يختمطوف أحيانا ألف أعضاء مجمس اإلدارة ىـ ممثموف أيضا. ويترتب عمى ىذا الشرط أف الجريمة التي ترتكب مف الشخص العادي الذي يكوف موظؼ أو عامؿ لدى الشخص المعنوي ،ال يسأؿ جنائيا عنيا ىذا األخير ،إال استثناءا عندما يكوف ىؤالء األشخاص مفوضوف مف قبؿ الشخص المعنوي ،لمتصرؼ باسمو ولحسابو. - Bernard Bouloc, Op.cit, P672. - 240سليم صمودي :مرجع سابق ،ص.42 114 239 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة وقد صدرت عدة أحكاـ قضائية جسدت ىذا الشرط منيا حكـ نقض فرنسي في ، 2000/01/18حيث نقضت المحكمة الحكـ ألنو لـ يبيف أف ا رتكاب الجريمة تـ مف قبؿ أعضاء وممثمي الشركة ،فالحكـ أشار إلى ارتكاب الجريمة مف قبؿ ميندسيف ومسؤوليف محمييف دوف تحديد صفتيـ أعضاء أو ممثميف. كما رفضت محكمة النقض الطعف ضد حكمي ف صادريف مف محكمة استئناؼ "جرونوبؿ" و"باريس" ،المذاف حكما بالمسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي نتيجة لجرائـ ارتكبت بواسطة المستفيديف مف التفويض. 241 - 3التش ريع الجزائري: لقد نصت المادة 51مكرر مف قانوف العقوبات عمى أنو" :يكوف الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عف الجرائـ التػ ي ترتكب لحسابو مػ ف طرؼ أجيزتو أو ممثميو الشرعييف ،عندما ينص القانوف عمى ذلؾ". يتبيف مف خالؿ ىا تو المادة أف المشرع الجزائري أخذ بالتحديد الضيؽ لألشخاص الطبيعية الذيف يسأؿ عنيـ الشخص المعنوي ،فال تقوـ مسؤولية المنشأة إال عف طريؽ األشخاص الطبيعييف المحدد يف قانونا ،وىـ األشخاص الذيف يمثموف أىمية كبيرة في المنشأة، حيث يكوف منوط إلييـ ال تسيير واإلشراؼ عمى المنشأة ،بحيث يتوقؼ استمرار نشاط المنشأة عمى إدارتيـ ،فالسموؾ المادي الذي يقوـ بو الشخص الطبيعي الذي يعتبر عضو أو ممثؿ لمشخص المعنوي ،يعد ركنا مف أركاف الجريمة البيئية المسندة لمشخص المعنوي ،واذا قاـ الشخص المعنوي بتوكيؿ شخص طبيعي لمقياـ بعمؿ ما وارتكب الوكيؿ جريمة تمويث البيئة لحساب ىذا الشخص المعنوي ،فإف ىذا األخير يسأؿ عف ىاتو الجريمة ألف ىذا الوكيؿ يعد بمثابة الممثؿ القانوني لمشخص المعنوي.242 - 241أمحد زلمد قائد مقبل :مرجع سابق ،ص.349 - 242زلمد حسن الكندري :مرجع سابق ،ص.174 115 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ثانياً :االتجاه الموسع يوسع ىذا االتجاه مف نطاؽ األشخاص الطبيعييف الذيف يسأؿ الشخص المعنوي جنائيا عف أنشطتيـ ،بحيث ال تقتصر عمى األعضاء والممثميف ،بؿ تمتد لتشمؿ الموظفيف والعماؿ التابعيف ليـ ،ومف أمثمت التشريعات التي أخذت بيذا االتجاه نجد: - 1القانوف اليولندي: لـ يحدد ال مشرع اليولندي في المادة 51مف قانوف العقوبات األشخاص الطبيعييف الذيف يسأؿ جنائيا الشخص المعنوي عف أفعاليـ ،ألف النص جاء عاما ،إال أف القضاء اليولندي أخذ بمسؤولية الشخص المعنوي عف الجرائـ التي ترتكب مف موظفيو أو أحد العامميف لديو ،وذلؾ عمى أساس معيار السمطة والقبوؿ ،ومعنى ذلؾ أنو ماداـ لمشخص المعنوي سمطة عمى الموظؼ وخاصة عندما يرتكب الموظؼ سموؾ يدخؿ ضمف األعماؿ التي يمارسيا الموظؼ لدى الشخص المعنوي ،فيسأؿ ىذا األخير عف ىذا السموؾ. 243 - 2القانوف المبناني: نصت المادة 210مف قانوف العقوبات المبناني عمى ما يمي " :إف الييئات المعنوية مسؤولة جزائيا عف أعماؿ مديرييا وأعضاء إدارتيا وممثمييا وعماليا ،عندما يأتوف ىذه األعماؿ باسـ الييئات المذكورة أو بإحدى وسائميا". 244 فالقانوف المبناني يشترط لقياـ المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية أف تكوف الجريمة مرتكبة مف أعضاء إدارة الشخص المعنوي أو ممثميو أو العماؿ الذيف يعمموف لديو، فقد وسع مف نطاؽ األشخاص الطبيعييف الذيف يسأؿ عف أعماليـ الشخص المعنوي. - 3القانوف السوري: - 243شريف السيد كامل :مرجع سابق ،ص.118 - 244أمحد زلمد قائد مقبل :مرجع سابق ،ص ،350وانظر بشوش عائشة :مرجع سابق ،ص.107 116 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة تنص المادة 209مف قانوف العقوبات السوري ما يمي " :إف الييئات االعتبارية مسؤولة جزائيا عف أعماؿ مديرييا وأعضاء إدارتيا وم مثمييا وعماليا ،عندما يأتوف ىذه األعماؿ باسـ الييئات المذكورة أو بإحدى وسائميا". وىي نفس صياغة المادة 201مف القانوف المبناني ،فالمشرع السوري بدوره أخذ بمسؤولية الشخص المعنوي ولو ارتكب الجريمة عامؿ بسيط. ومف أحكاـ القضاء السوري التي كرست ىذه النصوص ،حكـ محكمة النقض السورية الصادر في ، 1965حيث جاء فيو ما يمي " :أف الشارع أقر بمبدأ أىمية الشخصية االعتبارية لممسؤولية الجنائية عف الجرائـ التي يقوـ بيا مديرييا أو أعضاء إدارتيا وممثموىا أو عماليا باسميا أو بإحدى وسائميا ،...فاقتضى األمر مآخذتيا زيادة عف مآخذة مديرييا وأعضاء إدارتيا وممثمييا الذيف يرتكبوف عمال إجراميا".245 ونحف بدورنا نؤيد االتجاه الموسع لنطاؽ المسؤولية الجنائية لألشخاص الطبيعية الذيف يرتكبوف الجرائـ باسـ ولحساب الشخص المعنوي ،فميس ىناؾ مانع مف مساءلة الشخص المعنوي عف جرائـ تمويث البيئة مف طرؼ العماؿ أو موظفيف باسـ أو لحساب الشخص المعنوي أو بإحدى وسائمو ،ألف مف شأف ىذا األمر أف يوفر حماية أكبر لمبيئة. فتسند الجريمة البيئية لمشخص المعنوي عندما ترتكب الجريمة عف طريؽ أعضاء أو ممثمي الشخص المعنوي ،لكف ىذا الشرط يثير عديد مف اإلشكاالت: أ -مدى إمكانية مساءلة األ شخاص المعنوية عف أعماؿ المسيير الفعمي. قد يكوف تعييف أحد المديريف أو دعوة الجمعية العمومية باطال لسبب أو آلخر ،ومع ذلؾ يتصرؼ لحساب الشخص المعنوي ويرتكب جريمة مف جرائـ تمويث البيئة ،فيؿ يسأؿ الشخص المعنوي عف األفعاؿ المرتكبة مف طرؼ العضو أو الممثؿ الواقعي؟ - 245أمحد زلمد قائد مقبل :ادلرجع السابق ،ص. 251 117 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة بالعودة إلى القوانيف البيئية وكذلؾ قانوف العقوبات في المادة 51مكرر منو ،ال نجد إشارة ليا تو المسألة ،وبالرجوع إلى الفقو نجده قد اختمؼ حوؿ مساءلة الشخص المعنوي عف جرائـ العضو أو الممثؿ الفعمي. و انقسموا إلى اتجاىيف: االتجاه األوؿ يرفض مساءلة األشخاص المعن وية جنائيا عف الجرائـ التي ترتكب بواسطػ ة المسير أو العضو الفعمي ،فيذا األخير ليست لػو أي سمطػة تأسيسية أو قانونية، فالشخص الم عنوي في ىذه الحالة يعتبر ضحية وليس المتيـ ،كما أنو ال يجوز مساءلة األشخاص المعنوية إال بالشروط وفي الحاالت المنصوص عمييا قانونا ،والمشرع لـ ينص عمى ىاتو الحالة. وبالتالي ال يمكف قياس حالة المسيير الفعمي بالمسير القانوني ،تطبيقا لمقاعدة الجنائية التي تحضر القياس في المواد الجنائية.246 واتجاه ثاني يأخذ بالمساء لة الجنائية لألشخاص المعنوية عف الجرائـ التي ترتكب مف المسيير الفعمي ،فإذا كاف ىذا األخير يعبر فعال عف إرادة الجماعة وبالتالي عف إرادة الشخص المعنوي فال مانع عف مساء لتو جنائيا ،و يؤيد ىذا االتجاه القضاء الفرنسي ،كما يأخذ القانوف اإلنجميزي أيضا بيذا االتجاه. ونحف بدورنا نؤيد ىذا االتجاه فإذا كاف العضو الممثؿ الفعمي يقوـ بميامو في وضع شبو رسمي ومعموـ مف طرؼ المسيريف القانونييف وكاف يعبر عف إرادة الشخص المعنوي فيسأؿ جنائيا ىذا األخير عف األفعاؿ التي يرتكبيا المسيير الفعمي ،ويمكف لمقاضي أف يقدر تصرؼ عضو الواقع مف خالؿ الوسائؿ التي استخدميا في الجريمة. - 246أمحد زلمد قائد مقبل :ادلرجع السابق ،ص ، 353وراجع بشوش عائشة :مرجع سابق ،ص. 113 118 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ب -مدى إمكانية مساءلة الشخص المعنوي عف تجاوز ممثمو حدود اختصاصو. قد يتجاوز العضو الممثؿ حدود اختصاصو و يتسبب بفعمػو ىذا في ارتكاب جريمػة بيئية، فيؿ يترتب عمى ىذا التصرؼ المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي؟ ال نجد جواب عمى ىذا التساؤؿ في قانوف العقوبات وال في منظومة القوانيف البيئية، أما في الفقو فقد ذىب اتجاه إلى عدـ مساء لة األشخاص المعنوية عند تجاوز ممثمييا أو أعضاءىا حدود اختصاصاتيـ ،فالشخص الطبيعي الممثؿ لمشخص المعنوي رسـ لو القانوف حدود معينة ،فإذا تجاوزت الحدود المرسومة لو ،فإنو ال يمكف إسناد ىذه األفعاؿ إلى الشخص المعنوي الذي ال يسأؿ جنائيا إال عف تصرؼ ممثميو التي تعتبر صحيحة ،وذلؾ في إطار القانوف األساسي المنظـ لو ،وىو االتجاه الذي أخذ بو القانوف اإلنجميزي ،حيث نصت عمى ىذا الحكـ المادة 30مف مشروع قانوف العقوبات اإلنجميزي لعاـ .2471939 ويؤيد جانب كبير مف الفقو مسؤولية الشخص المعنوي الجنائية عند تجاوز أعضائو أو ممثميو حدود اختصاصاتو ،ويستندوف في ذلؾ إلى أف حصر مساءلة الشخص المعنوي الجنائية في مجاؿ اختصاص أعضاءه مف شأ نو أف يشكؿ مجاال واسعا لعدـ المساءلة الجنائية بدوف مبرر ،كما يبرروف ىذا الموقؼ بعدـ وجود أي نص قانوني صريح يستبعد مسؤولية الشخص ال معنوي في حالة تجاوز ممثميو لحدود اختصاصيـ. فنص المادة 131فقرة 39مػ ف قانوف العقوبات الفرنسي الجديد يدعـ ىذا االتجػاه، حيث تنص عمى توسيع عقوبة الحؿ لمشخص المعنوي إذا وقعت الجريمة نتيجة لخروجو عف الغرض الذي أنشئ ألجمو ،حيث يتضمف ىذا النص خروج عف نطاؽ االخت صاص مف قبؿ أعضاء أو ممثمي الشخص المعنوي.248 247 -أمحد زلمد قائد مقبل :ادلرجع السابق ،ص. 354 - 248يحًس أبٕ انعالء عمٛسة :يزجع طببك ،ؽ.55 119 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة كما أيدت التوصية الصادرة عف المجمس الوزاري لمدوؿ األعضاء في االتحاد األوروبي رقـ 88/18لسنة 1988ىذا الرأي ،حيث تبنت فكرة مساءلة الشخص المعنوي عند تجاوز أعضاءه و ممثميو حدود اختصاصاتيـ. 249 ونحف بدورنا نرى أف ىذا ال أري ىو األجدر بالتأييد ،فعندما يرتكب الشخص الطبيعي الممثؿ لمشخص المعنوي أفعاؿ -تتسبب في أضرار عمى البيئة أو تعريضيا لمخطر -خارج عف حدود اختصاصو ال يمنع ىذا مف مساءل ة الشخص المعنوي ،فيجب عدـ حصر مسؤولية الشخص المعنوي في حدود اختصاص الشخص الطبيعي ،ألنو عادة ما يتعدى ىذا األخير حدود اختصاصو ،وبالتالي وجود مساحة واسعة مف عدـ مسؤولية األشخاص المعنوييف. ج -ما ىو أثر قياـ مسؤولية الشخص المعنوي عمى الشخص الطبيعي. بما أف القانوف يشترط لقياـ مسؤولية ال شخص المعنوي أف تكوف الجريمة مرتكبة مف طرؼ الشخص الطبيعي الممثؿ لمشخص المعنوي ،فينا يطرح التساؤؿ حوؿ أثر قياـ مسؤولية الشخص المعنوي عف ذات الجريمة. تأخذ أغمبية التشريعات بازدواجية المسؤولية الجزائية لألشخاص الطبيعية واألشخاص المعنوية ،مف ىتو التشريعات التشريع الفرنسي ،حيث نصت المادة 121فقرة 2مف قانوف العقوبات الفرنسي الجديد ،عمى أنو" :المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ال تنفي المسؤولية الجنائية لألشخاص الطبيعييف ،الفاعميف أو الشركاء المتعمقة بنفس الوقائع". وقد تناوؿ القضاء الفرنسي بدوره العديد مف قضايا تمويث البيئة التي أخذ فييا بازدواجية المساءلة الجنائية ،و نذكر عمى س بيؿ المثاؿ قضية تمويث أحد فروع نير السيف، حيث اكتشفت الشرطة وجود ترسبات زيتية في أحد فروع نير السيف تسبب فييا أحد 249 - Geeroms (sofie) op.cit, p550. 120 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة المصانع ،وقد حكمت المحكمة في ىتو القضية بإغالؽ المصنع و تغريـ صاحبو بمبمغ 20 ألؼ فرنؾ ،و 250فرنؾ لممدير الفني لممصنع. 250 وفي إنجمت ار تنص الماد ة الثالثة مف قانوف حماية البيئة البحرية مف التموث بالزيت لعاـ 1971عمى أف المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف فعؿ إلقاء الزيت في البحر ال يمنع مف معاقبة كبار موظفي الشركة. كما أخذ التشريع اليولندي والتش ريع األمريكي بازدواجية المسؤولية الجنائية لألشخاص الطب يعية والمعنوية ،ومف التشريعات العربية التي أخذت باالزدواجية التشريع اليمني والتشريع المصري. وأخذ المشرع الجزائري بدوره بازدواجية المساء لة الجنائية وذلؾ مف خالؿ نص المادة 51مكرر 2مف قانوف العقوبات ،حيث نصت عمى ما يمي" :إف المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي ال تمنع مساء لة الشخص الطبيعي كفاعؿ أصمي أو شريؾ في نفس األفعاؿ". وىذا ينطبؽ عمى جرائـ تمويث البيئة أيضا ،حيث نص المشرع البيئي صراحة عمى ازد واجية المسؤولية الجنائية ،فقد نصت المادة 92مف قانوف حماية البيئة رقـ 10/03عمى أنو " :عندما يكوف المالؾ أو المستغؿ شخ صا معنويا تمقى المسؤولية المنصوص عمييا في الفقرتيف أعاله عمى عاتؽ الشخص أو األشخاص الطبيعييف مف الممثميف الشرعييف أو المسييريف الفعمييف الذيف يتولوف اإلشراؼ واإلدارة أو كؿ شخص آخر مفوض مف طرفيـ". وفي رأينا أف ما ذىب إليو المشرع الجنائي بخصوص الجمع بيف مسؤولية الشخص الطبيعي والمعنوي يوفر حماية أكبر لمبيئة ألنو إذا اكتفينا بمسؤولية الشخص المعنوي لوحده دوف األشخاص الطبيعية في جرائـ تمويث البيئة ،األمر الذي يؤدي إلى إفالت الجنات الحقيقييف مف العقاب وىـ الذيف ارتكبوا الجريمة. - 250يحًس حظٍ انكُسر٘ :يزجع طببك ،ؽ .149- 148 121 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة الفرع الثالث :ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي لكي يسأؿ الشخص المعنوي عف الجرائـ التي يرتكبيا ممثموه أو أعضاءه البد مف توافر شرط آخر وىو أف تكوف الجريمة التي ارتكبت مف طرؼ األعضاء أو الممثميف قد وقعت لحساب الشخص المعنوي ،وبطبيعة الحاؿ ىذا معناه أنو تستبعد الجرائـ التي يرتكبيا الشخص الطبيعي لحسابو الخاص ،سواء كاف مسي ار أو عامؿ عادي.251 ويقصد بأف ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي أف يستفيد ىذا األخير مف النشاط الذي قاـ بو الشخص الطبيعي ، 252أي أف الجريمة ارتكبت بيدؼ تحقيؽ مصمحة لو، كتحقيؽ ربح أو تجنب إلحاؽ ضرر بو ،و يستوي أف تكوف المصمحة مادية أو معنوية مباشرة أو غير مباشرة.253 وىناؾ مف يضيؼ أف الجريمة تقع عمى حساب الشخص المعنوي عندما ترتكب األفعاؿ بغرض ضماف سير أعماؿ الش خص المعنوي وتحقيؽ أغراضو ،حتى ولو لـ تحصؿ أي فائدة. 254 وتطبيؽ ىذا الشرط ينجر عنو أنو حتى إذا توفي الشخص الطبيعي أو زال ت أجيزت الشخص المعنوي ال تحوؿ دوف متابعة الشخص المعنوي عف الجريمة التي ارتكبيا الشخص الطبيعي لحساب الشخص المعنوي ،وقد صدر قرار الغرفة الجنائية بتاريخ 1997/12/02 لمحكمة النقض الفرنسية ،أيف تمت متابعة الشخص المعنوي لوحده.255 واذا استحاؿ التعرؼ عمى الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي وخاصة في جرائـ االمتناع واإلىماؿ ،وفي الجرائـ المادية التي ال تتطمب توفر 251 - Jean.(P), Philippe.(C), françoi (L), Op.cit, P26. - Brigitte.Henry : la responsabilité pénal des personne moral,www.chear.defense.gouv.fr, le10/07/2011 a1 :5 p289. 252 - Brigitte.Henry: Op.cit, p289 - 253طٛس ػزٚف كبيم :يزجع طببكّ ،ؽ.130 254 - Blouc(Bernard) : Op.cit, P674. 255 - Cass crime 02/12/1997. 122 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة النية ،فتقوـ المسؤولية الجماعية ألعضاء الشخص المعنوي ،ولقد أخذت جؿ التشريعات التي أقرت بمسؤولية الشخص المعنوي بيذا الشرط ،ومف ىتو التشريعات نجد التشريع الفرنسي، حيث نصت المادة 121فقرة 02مف قانوف العقوبات الجديد عمى أف" :يسأؿ الشخص المعنوي في الحاالت التي حددىا القانوف أو الالئحة عف الجرائـ التي ترتكب لحسابو.256 وأقرت الجمعية الوطنية الفرنسية استبعاد المساءلة الجنائية لمشخص المعنوي في حالة ارتكاب الجريمة لحس اب العضو الممثؿ ،حيث في ىذه الحالة تنصرؼ المسؤولية إلى الشخص الفاعؿ. كمػ ا نص القانوف األمريكي عمػ ى ىذا الشرط في المادة 15مف قانوف العقوبػات ،حيث نصت عمى أف المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي ال تقوـ إال إذا ارتكبت الجريمة مف طرؼ ممثميو ،أو موظفيو أو عامميو في إطار مباشرة ميامو ولحساب الشخص المعنوي. 257 ويأخذ القضاء اليولندي بشرط أف ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي ،رغـ أف القانوف اليولندي لـ ينص صراحة عمى ىذا الشرط. 258 ومف التشريعات العربية التي أخذت بيذا الشرط نجد كؿ مف التشريع المصري وكذا التش ريع العراقي في المادة 06مكرر ، 01وقد أخذ المشرع الج زائري أيضا بيذا الشرط بنصو في المادة 51مكرر عمى ما يمي" :يكوف الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عف الجرائـ التي ترتكب لحسابو مف طرؼ أجيزتو وممثميو الشرعييف عندما ينص القانوف عمى ذلؾ". فقد اشترط المشرع صراحة أف ترتكب الجريمة ل حساب الشخص المعنوي ،و ىو أمر منطقي ،إذ ال يسأؿ الشخص المعنوي إذا ارتكبت الجريمة لحساب الشخص الطبيعي. وتطبيؽ ىذا الشرط يطرح تساؤؿ فيما إذا كانت المنشأة و المؤسسة مكونة مف عدة فروع ومؤسسة أـ ،و ارتكبت الجريمة لحساب أحد الفروع ،فيؿ يسأؿ الفرع أو المنشأة األـ؟ - Blouc(Bernard) : Op.cit, P673. - 257أحًس يحًس لبئس يمبم :يزجع طببك ،ؽ.356 - 258أحًس يحًس لبئس يمبم :انًزجع َفظّ ،ؽ. 357 123 256 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ىنا البد مف التمييز بيف حالتيف: الحالة األولى :إذا كانت المنشأة األـ ال تمارس أي نوع مف السيطرة أو تأثير عمى الفػرع، فإف المسؤولية الجزائية تقع عمى ىذا األخير. أما في الحالة الثانية وىي :إذا كانت المؤسسة األـ ىي التي تسيطر و ترسـ اإلطار العاـ لجميػ ع الفروع ،بحيث تعتبر ىذه األخيرة مجرد أدوات تنفيذية إلستراتيجية الشركػة األـ، فالمسؤولية الجزائية تقع عمى المؤسسة األـ. 259 المبحث الثاني :مسؤولية المصنفات المنشأة وممثميها عن جرائم البيئة بعد أف تناولنا في المبحث المنصرـ إقرار المسؤولية الجزائية عف جرائـ تمويث البيئة وشروط ىذه المسؤولية ،نعرج في ىذا المبحث عمى مسؤولية المصنفات المنشأة وممثمييا عف جرائـ البيئة بأكثر تفصيؿ ،وذلؾ ألف قانوف حماية البيئة حدد مف ىو الشخص المعنوي الذي يخضع ألحكاـ ىذا القانوف ،حيث جاء في المادة 18مف القانوف رقـ 10/03المتعمؽ بحماية البيئة ما يمي " :تخضع ألحكاـ ىذا القانوف المصانع والورشات والمصانع ومقالع الحجارة والمناجـ ،وبصفة عامة كؿ شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص والذي قد ي تسبب في أخطار عمى الصحة العمومية كالنظافة واألمف والفالحة واألنظمة البيئية والموارد الطبيعية والمواقع والمعالـ والم ناطؽ السياحية التي تتسبب في المساس براحة الجوار". المشرع الج زائري حدد الشخص المعنوي الخاضع لقانوف البيئة بكؿ منشأة صناعية أو تجارية ،لذلؾ سوؼ نتناوؿ في ىذا المبحث مسؤولية المصنفة المنشأة وممثمييا عف جرائـ البيئة ،حيث قسمناه إلى مطمبيف ،األوؿ نعرج فيو عمى مسؤولية ممثمي المنشأة المصنفة ،أما الثاني فعنوناه بمسؤولية المصنفة المنشأة عف جرائـ تمويث البيئة. - 259يحًس حظٍ انكُسر٘ :يزجع طببك ،ؽ ٔ .173- 172اَظز كذنك طهٛى ؿًٕز٘ :يزجع طببك ،ؽ. 41 124 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة المطمب األول :مسؤولية ممثمي المصنفة المنشأة عن جرائم تمويث البيئة لقد أشار المشرع في المادة 18مف قانوف حماية البيئة إلى األشخاص المعنوية المعنية بيذا القانوف ،وىي المصنفات المنشأة ،فإذا ارتكبت جرائـ منصوص عمييا في قانوف البيئة والقوانيف البيئة األخرى ،تسأؿ جنائيا ،وفقا ألحكاـ ىاتو القوانيف ،وأضافت المادة أنو قػد يممؾ المنشأة شخص عػ اـ أو خاص ،لذلؾ قسمنا ىذا المطمب إلػ ى فرعيف ،نتناوؿ في األوؿ مسؤولية الشخص المعن وي الخاص ،والثاني مسؤولية ممثؿ الشخص المعنوي العاـ. الفرع األول :مسؤولية مسيير المنشأة الخاصة نجد في كثير مف األحياف أف القانوف البيئي يخاطب مسيير المنشأة باعتباره المناط بتسيير المؤسسة التي تسبب أو قد تتسبب في أضرار بيئية ،إذ أنو يقع عمى عاتقو ضماف احتراـ وتنفيذ القوانيف والم وائح البيئية. لـ يعرؼ المشرع الج زائري المسيير ،فالمسيير قانونا قد يكوف ىو رئيس المؤسسة أو المنشأة ،أو أحد القائميف باإلدارة (رئيس مجمس اإلدارة) ،أو المدير العػ اـ أو المصفػي، فالمسيير ىو الشخص الطبيعي الذي يقوـ بتسيير أعماؿ وشؤوف الشخص المعنوي، ومسؤولية المسيير تنقسـ إلى قسميف ،مسؤولية شخصية وىي مسؤولية عف الخطأ الشخصي، وأخرى مسؤولية غير مباشرة ،و ىي مسؤولية عف أعماؿ تابعيو. أوال :مسؤولية المسيير عف خطأه الشخصي نتناوؿ في ىذا البند المسؤولية الجنائية لمسيير المنشأة عف خطأه الفردي المستقؿ وىو الخطأ الذي يرتكبو الجاني وحده دوف مساىمة غيره ،فيو يرتكب الركف المادي المكوف لمجريمة ،وبالتالي يعتبر فاعال لمجريمة ،فالمشرع يحدد األفعاؿ واألعماؿ التي تعتبر جريمة، سواء كانت جناية أو جنحة ،أو مخالفة ،ويحدد العقوبات المقررة ليا ،وقد يشترط المشرع لقياـ الجريمة صفة معينة في الفاعؿ ،فال تقع الجريمة إال إذا توافرت ىذه الصفة ،مثاؿ ذلؾ 125 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة صفة المدير ،أو رباف السفينة في تمويث المياه اإلقميمية ،وفقا لممادة 94مف قانوف حماية البيئة رقـ ، 10/03أو مثال صفة مالؾ السفينة أو مستغؿ السفينة وفقا لممادة 92مف نفس القانوف ،وقػد يحدد القانػ وف المسؤوؿ دوف اشتراط صفة معينة فيػو ،ولذلؾ يطبؽ النص عمى المسيير وغير المسيير. وبالرجوع إلى نص المادة 51مكرر فقرة 02مف قانوف العقوبات الجزائري نجدىا تنص عمى ما يمي " :إف المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي ال تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعؿ أصمي أو شريؾ في نفس الجريمة". فالمسيير وفقا لمقواعد العامة المنصوص عمييا في ىا تو المادة يسأؿ عف جرائـ البيئة بصفتو فاعؿ أصمي أو شريؾ في الجريمة. أ -المسيير كفاعؿ أصمي: لقد عرؼ المشرع الجزائري الفاعؿ في المادة 41مف قانوف العقوبات بأنو " :كؿ مف ساىـ مساىمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض عمى ارتكاب الفعؿ باليبة أو الوعد أو التيديد ،أو إساءة استعماؿ السمطة أو الوالية أو التحايؿ أو التدليس اإلجرامي".260 يعتبر فاعال كؿ مف قاـ شخصيا باألفعاؿ المادية التي تدخؿ في تكويف الجريمة أو حرض عمى القياـ بتمؾ األفعاؿ ،فالمسيي ر يكوف فاعؿ أصمي في ارتكابو إحدى جرائـ البيئة وفقا لممادة 92مف قانوف البيئة التي تنص عمى أنو في حالة ما إذا كاف المالؾ أو المستغؿ شخصا معنويا فإف المسؤولية الجنائية تمقى عمى عاتؽ المسيير أو الممثؿ الذي يتولى اإلشراؼ واإلدارة ،ففي ىذه الحالة تكوف مسؤولية المسيير بصفتو فاعؿ أصمي ويسأؿ مسؤولية شخصية عف المخالفات المرتكبة إض ار ار بالبيئة ،ذلؾ ألف المسيير أو المدير ناد ار ما يكوف جاىال بالجرائـ التي ترتكب في المنشأة ،وذلؾ بالنظر إلى سمطاتو الواسعة في الرقابة واإلشراؼ العاـ عمى المنشأة. 260 -انًبزة 41يٍ لبٌَٕ انعمٕببث انجشائز٘ 126 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فيسأؿ المسيير عمى ارتكاب فع ؿ التمويث إذا ثبت اقترافو لمنشاط اإلجرامي ،أو إىمالو في اتخاذ التدابير التي تتطمبيا القوانيف والموائح البيئية ،فتعاقب المواد 03و 04و 05و38 مف القانوف رقـ 07/88المتعمؽ بالوقاية الصحية واألمف وطب العمؿ في حالة مخالفة المسيير لقواعد النظافة وشروط الوقاية ال صحية الضرورية لصحة العماؿ وأمنيػـ ،السيما حمايتيـ مف الغبار وتصريؼ المياه القذ رة والفضالت والدخاف واألبخرة الخطيرة ،والغازات السامة و الضجيج.261 وقد تسيير المنشأة بشكؿ فردي مف طرؼ المدير مثال ،أو تسيير بشكؿ جماعي مثؿ أعضاء مجمس اإلدارة في بعض شركات األشخاص ،فتعمؿ ىاتو األ جيزة بشكؿ جماعي مف خالؿ مناقشات ومداوالت ،فعندما يرتكب ىؤالء الجماعة جريمة تمويث البيئة فيؿ يسأؿ الجياز الجماعي أـ يسأؿ كؿ عضو عمى حدا ألنو قد يحدث وأف يتخذ القرار بشكؿ إجماع أو أغمبية األعضاء دوف موافقة أعضاء آخريف ،وفي ىذا تطبيؽ لنظرية المساىمة في جرائـ تمويث البيئة ،فتقوـ المساىمة عمى ركنيف تعدد الفاعميف ووحدة الجريمة ،فتقوـ مسؤولية جميع المديريف أو المسييريف الذيف يساىموف بالتساوي في ارتكاب الجريمة ،ويعاقبوف بذات العقوبة كمبدأ عاـ ،كذلؾ عندما تتوفر ظروؼ شخصية خاصة بأحد الفاعميف فإف العقوبة تختمؼ بالنسبة لمشخص الذي يتوفر لديو الظرؼ الخاص. 262 ويشترط لتحقيؽ المساىمة توفر الرابطة السببية بيف فعؿ كؿ مساىـ والجريمة المرتكبة ،لكف بالنسبة لجرائـ تمويث البيئة ىناؾ اختالؼ في تطبيؽ عنصر الوحدة المعنوية عنو في القواعد العامة بحسب ما إذا كاف ىناؾ اتفا ؽ بيف ال مساىميف مف األعضاء أو المسييريف ،أو حالة عدـ اتفاقيـ. - 1حالة االتفاؽ: - 261راجع انًٕاز 38 ،05 ،04 ،03يٍ انمبٌَٕ رلى 07/88انًخعهك ببنٕلبٚت انـحٛت ٔ األيٍ ٔ طب انعًم ،انـبزر ف 26 ٙجبَف،1988 ٙ انجزٚسة انزطًٛت عسز 04بخبرٚد ُٚ 27بٚز . 1988 - 262عبس انزساق انًٕ اف ٙعبس انهطٛف :انًظؤٔنٛت انجُبئٛت نًسٚز انًُؼأة االلخـبزٚت انربؿت ،زراطت يمبرَت ،زار انُٛم نهطببعت ،ط،1991 ،1 انمبْزة ،يـز ،ؽ .90- 89 127 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة إذا حدث إجماع بيف المسييريف وتوافرت الوحدة المادية والمعنوية بيف المساىميف في الجريمة ،فإنو يسأؿ كؿ واحد منيـ بصفتو فاعؿ أصمي ،فكؿ منيـ يكوف فاعال مع غيره بتوافر الركف المادي والركف المعنوي في حقو. 263 - 2حالة عدـ االتفاؽ بيف المساىميف: يرى البعض قياـ مسؤولية جميع المسييريف في حالة تعددىـ حتى ولو رفض بعضيـ ىذا السموؾ ،ويبرروف ىذا الموقؼ بأف التركيز ينصب عمى النشاط المجرـ وليس عمى دور كؿ مسيير في إحداث الجريمة ، 264ونحف بدورنا ال نميؿ إلى ىذا الرأي ،حيث أف المسيير أو العضو الذي اعترض عمى القرار الذي انطوى عمى الجريمة ال تتوفر في حقو صفة الفاعؿ وال حتى صفة الش ريؾ ،فالمسيير أو العضو المعترض يجب أف يعفى مف المسؤولية، فإذا ارتكبت جريمة التمويث داخؿ المنشأة ،ولـ يحدث اتفاؽ بيف المسييريف عمى ارتكا ب ىذا الفعؿ فال مساىمة بينيـ وينفرد كؿ منيـ بالمسؤولية عف جريمة مستقمػة ،وقد أقر القضاء الفرنسي بالمساىمة الجنائية لممسييريف ،وذلؾ في حالة اعتياد مالؾ بعض العوامات والسفف إلقاء المواد التي تسبب تموث في ضفاؼ النير وكذا في المياه الجارية. 265 ب -المسيير شريؾ في الجريمة: االشتراؾ ىو شكؿ مف أشكاؿ المساىمة الجزائية ،وقد نصت المادة 42مف قانوف العقوبات عمى تعريؼ الشريؾ بأنو " :يعتبر شريكا في الجريمة مف لـ يشترؾ اشتراكا مباش ار ولكنو ساعد بكؿ الطرؽ وعاوف الفاعؿ أو الفاعميف عمى ارتكاب األفعاؿ التحضيرية أو المسيمة أو المنفذة ليا مع عممو بذلؾ". - 263عبس انزساق انًٕاف ٙعبس انهطٛف :ان ًزجع َفظّ ،ؽ .140 - 264عبس انزساق انًٕاف ٙعبس انهطٛف :ان ًزجع َفظّ ،ؽ . 157- 156 َٕ - 265ر انسُْ ٍٚسأ٘ :يزجع طببك ،ؽ.110 128 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فالشريؾ ال يساىـ مساىمة مباشرة و إنما يكوف دوره ثانوي أو عرضي في ارتكاب الجريمة. 266 وبالنسبة لمسيير المنشأة تطبؽ عميو القواعد العامة في المساىمة الجنائية بصفتو شريؾ الف النصوص البيئية التي تنظـ مسؤوليتو لـ تتعرض ليذا ،فنعتمد في ىذا عمى نص المادة 42مف قانوف العقوبات الجزائري ،وكذا ما ورد في المادة 121فقرة 07مف قانوف العقوبات الفرنسي الجديد ،فالمشرع الجزائري اشترط أربع شروط لقياـ مسؤولية الشريؾ ،وىي ارتباط نشاط الشركة بفعؿ أصمي معاقب عميو ،والثاني صدور نشاط الشريؾ في صورة مف الصور المنص وص عمييا في القانوف ،والثالث وجود نية المساىمة في الفعؿ األصمي ،و أخي ار توافر رابطة سببية بيف فعؿ االشتراؾ وبيف وقوع الفعؿ األصمي ،وىي الشروط التي يجب أف تتوفر العتبار مسيير المنشأة شريكا في جريمة تمويث البيئة. - 1صدور فعؿ االشتراؾ مف المسيير اشترط المشرع لق ياـ مسؤولية المسيير أف يكوف الفعؿ الذي يصدر منو في إطار ما حدده المشرع في المادة 42مف قانوف العقوبات ويتمثؿ ىذا العمؿ في المساعدة أو المعاونة عمى ارتكاب أفعاؿ تحضيرية ،أو المسيمة أو المنفذة ليا ،أما المشرع الفرنسي فنالحظ أنو أضاؼ فعؿ التحريض الذي يعتبر مف أعماؿ الفاعؿ األصمي في التشريع الجزائري، والمساعدة أو المعاونة ىما عبارتاف قريبتاف في المعنى ،إال أف المعاونة تكوف أقوى مف المساعدة ،فيقصد بالمساعدة ت وفير الوسائؿ الرتكاب الجريمة ،وتكوف عموما مادية أو معنوية ،كتقديـ معمومات تساعد عمى ارتكاب الجريمة ،أما المعاونة فيقصد بيا التواجد عمى مسرح الجريمة.267 - 266أحظٍ بٕطم ٛعت :يزجع طببك ،ؽ. 159 - 267أحظٍ بٕطمٛعت :انًزجع انظببك ،ؽ .167- 166 129 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فيكفي توافر إحدى الصورتيف لقياـ حالة االشتراؾ ،وال يشترط القانوف توافرىما معا، فإذا لـ يتوافر فعؿ االشتراؾ بالصورتيف المذكورتيف ،فإف حالة االشتراؾ ال تقوـ وال يعتبر المسيير شريكػ ا حتى لو كاف يعمـ بالجريمة ،وكال ىاتيف الصورتيف عمػ ؿ إيجابي ،حيث قضت محكمة النقض الفرنسية بأف االشتراؾ ال يكوف إال باألعماؿ اإليجابية ،وىو األمر الذي ذىبت إليو محكمة النقض المصرية أيضا ،إال أف المشرع الجزائري نص عمى صورة سمبية لالشتراؾ ،وذلؾ في المادة 92فقرة 02مف قانوف حماية البيئية رقـ 10/03حيث جاء فييا ما يمي" :إذ لـ يعطي ىذا المالؾ أو المستغؿ أم ار كتابيا لرباف السفينة أو قائد الطائرة أو الشخص المشرؼ عمى عمميات الغمر مف اآللية أو القاعدة العامة لالمتثاؿ ألحكاـ ىذا القانوف المتعمقة بحماية البحر ،يتابع بصفتو شريكا في ارتكاب المخالفات المنصوص عمييا". يتضح مف خالؿ نص ىا تو المادة ،أف القانوف يفرض عمى المالؾ أو المستغؿ الذي يعتبر ىو المسيير التزاـ بضرورة تبميغ رباف السفينة أو قائد الطائرة أو المشرؼ عمى عمميات الغمر تبميغا كتابيا باالمتثاؿ ألحكاـ القانوف ،وفي حالة االمتناع عف القياـ بيذا االلتزاـ يتابع بصفتو شريكا في الجريمة ،فنستخمص مف المثاؿ السابؽ أف االمتناع الذي يكوف مقترنا بالتزاـ قانوني يفرض عمى الممتنع أف يقوـ بو يعد اشتراكا. - 2ارتباط فعؿ االشتراؾ بفعؿ أصمي معاقب عميو ال تتوفر صفة االشتراؾ مف جانب مسيير المنشأة إال إذا ارتكب فعؿ أصمي يعاقب عميو القانوف ،فالقانوف يشترط أف يكوف الفعؿ األصمي يعاقب عميو بصرؼ النظر عف الفاعؿ األصمي الذي قد ال يعاقب النعداـ القصد لديو أو لتوافر مانع مف موانع المسؤوليػة، فيي ال تؤثر عمى مسؤولية المسيير كشريؾ ،ألف الفاعؿ األصمي ال تزوؿ عنو الصفة اإلجرامية ،أما إذ ا كاف المانع متوفر في المسيير الشريؾ فإنو ال يعاقب. 130 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة - 3توفر قصد االشتراؾ لدى المسيير يقتضي ىذا الشرط أف يتوفر لدى المسيير قصد المساىمة في الفعؿ األصمي ،وىذا معناه أف يكوف المسيير عمى عمـ بعناصر جريمة التموث ،وأف تتجو إرادتو لممساىمة في التمويث وتحقيؽ النتيجة ،فاالشتراؾ في جريمة تمويث البيئة ىو فعؿ عمدي ،وال يتصور اشتراؾ بدوف عمد ،وىذا األمر ال يروؽ لبعض الفقياء ،ألنو ال يسمح بتحقيؽ قدر كبير مف الوقاية مف مخاطر المنشأة البيئية. - 4توفر الرابطة السببية بيف سموؾ المسيير والفعؿ األصمي كذلؾ يمزـ لقياـ مسؤولية المسيير عف جرائـ البيئة بصفتو شريؾ توافر الرابطة السببية بيف سموؾ المسيير وبيف الجريمة التي وقعت مف الفاعؿ األصمي ،بمعنى أف سموؾ المسيير أدى إلى تحقؽ النتيجة.268 ولكي تتوافر العالقة السببية يجب أف يسبؽ نشاط الشريؾ نشاط الفاعؿ ،فإذا كاف سموؾ الشريؾ متأخر عف سموؾ الف اعؿ لـ يكف سببا لو. فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأف االشتراؾ في الجريمة ال يتحقؽ إال إذا كاف سابقا عمى وقوعيا. 269 وخالصة القوؿ بأف المسيير أو العضو يسأؿ عف الجريمة التي يرتكبيا في المجاؿ البيئي ،وذلؾ إذا ارتكبت باسـ ولحساب المنشأة ،حيث يسأؿ عف فعمو الشخصي ب صفتو فاعؿ أصمي ،ألف الكثير مف جرائـ التمويث تتـ بسبب عدـ قياـ المسيير بالواجبات التي تممييا عميو القوانيف البيئية ،كواجب تجييز المن شأة بالوسائؿ الالزمة لمسالمة ،وأجيزة تنقية اليواء واستخداـ وسائؿ تكنولوجية حديثة لتفادي األخطار البيئية ،وىذا كمو يكمؼ صاحب المنشأة أمواؿ باىضة ،لذا عادة ما يتماطؿ في اتخاذ ىا تو التدابير ،كما قد تكوف مسؤولية - 268عبس انزساق انًٕاف ٙعبس انهطٛف :يزجع طببك ،ؽ.111 - 269عبس انزساق انًٕاف ٙعبس انهطٛف :انًزجع َفظّ ،ؽ 112 131 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة المسيير بصفتو شريؾ في ارتكاب الجريمة ،وذلؾ بتوافر مجموعة مػف الشروط ،وىي الشروط التي تستمزميا القواعد العامة في قانوف العقوبات ،لعدـ نص القوانيف البيئية التي تنظـ مسؤولية ال مسيير عمى قواعد خاصة. ثانيا :مسؤولية المسيير عمى أعماؿ تابعيو لقد تناولنا مسؤولية المسيير عف خطأه الشخصي وقد أرينا أنو يمكف أف يكوف فاعال أصميا أو شريكا في ارتكاب الجريمة البيئية ،وفي ىذه النقطة سوؼ نبحث في المسؤولية الجنائية لمسيير المنشأة عف أعماؿ تابعيو ،ففي ىذه الحالة ال يرتكب المسيير جريمة بصفتو الشخصية ،وانما يرتكبيا أحد العامميف في المنشأة ،فيؿ نكوف بصدد مسؤولية عف فعؿ الغير؟. نشأت المسؤولية الجنائية عف فعؿ الغير في إطار المنشأة الصناعية التي تنظـ أنشطتيا نصوص قانونية والئحية تيدؼ إلى ضماف األمف والسالمة فييا ،وكذا المحافظة عمى الصحة العامة ،فتقوـ مسؤولية المسيير أو صاحب المنشأة أو المدير عف أية مخالفة ألحكاـ النصوص القانونية سواء ارتكبت المخالفة منػ و أو بفعؿ أحد العامميف التابعيف لػو، وتتجو القوانيف الجنائية إلى التوسع في األخذ بالمسؤولية الجنائية عف فعؿ الغير في مجاؿ تمويث البيئة ،وبصفة خاصة في التشريعات التي تأخذ بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،واألمر نفسو بالنسبة لمقضاء ،ففي فرنسا بالرغـ مف غياب مدير المؤسسة في فترة العطمػ ة الصيفية ،إال أنو اعتبػ ر المسؤوؿ عف تموث المسطح المائػ ي ،وذلؾ عمػى أساس تقصيره فػ ي أداء واجبو كمدير مؤسسة اتجػ اه المستخدميف ،وبالخصوص اطالعو عمى المعمومات.270 270 )- Jean François Carolt : La responsabilité des entreprises du fait des risque biologiques (www.Jurisques.com 23/01/2001 a 10h26.p21. 132 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة كما أكدت محكمة النقض الفرنسية ىذا األمر ،حيث حممت المسيير المسؤولية الجنائية الناجمة عف فعؿ تابعيو وذلؾ عمى أساس االلتزاـ الذي يقع عمى عاتؽ المسيير باحتراـ الشروط والموائح واألنظمة. 271 كما قضت بمسؤولية رئيس مجمس اإلدارة إلحدى الشركات عف جريمة تمويث مياه البحر نتيجة إىماؿ مرؤوسيو العناية بمخرج المياه المموثة ،رغـ أف ىذا األمر حدث في غيابو ،وكاف أساس ىا تو المسؤولية ىو إىمالو في الرقابة وعدـ قيامو باتخاذ التدابير الالزمة لمحيمولة دوف وقوع التموث.272 كما أقرت محكمة النقض في قضية أخرى ب مسؤولية مدير مصنع بارتكاب جريمة تمويث المياه في محمية طبيعية ،حيث أضر بحيوانات المحمية ،وأدى إلى موت األسمػاؾ، وذلؾ بإلقاء المصنع بمواد ضارة في إحدى المجاري المائية العذبة ،إذ اعتبر المدير مسؤوؿ عف تصرفات العامميف في المصنع ،وقد أسست ىذه المسؤولية عمى سوء اختيار المدير لفريؽ العمؿ الذي تولى عممية التخمص مف النفايات.273 أما في التشريع فقد نصت المادة 24مف القانوف الفرنسي الصادر في 15يوليو 1975والمتعمؽ بالنفايات ،عمى تطبيؽ العقوبات المقررة في القانوف عمى مدير المنشأة الذي يترؾ عمدا أحد العامميف لديو يخالؼ النصوص القانونية المقررة في ىذا القانوف ،أما القانوف المصري رقـ 04لسنة 1994المتعمؽ بالبيئة ،فقد نص في المادة 72منو عمى مسؤولية المسيير أو ممثؿ الشخص المعنوي عف ما يقع مف مخالفة مف العامميف ألحكاـ قانوف البيئة. أما بالنسبة لمتشريع السويسري ،فقد نص عمى مسؤولية المسيير عف فعؿ الغير في المادة 59أ مف الجزء الرابع مف قانوف البيئة الصادر في ، 1995/12/21وذلؾ عند قياـ أحد العامميف بالمنشأة بتيديد أو اإلضرار بالبيئة ،وكذلؾ المشرع اإلنجميزي ،حيث ورد في - 271عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽ.385 - 272يحًس حظٍ انكُسر٘ :يزجع طببك ،ؽ. 155 - 273يحًس حظٍ انكُسر٘ :ان ًزجع َفظّ ،ؽ.115 133 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة القانوف الخاص بحماية مصادر المياه ،أف صاحب المنشأة مسؤوؿ جنائيا إذا قاـ أحد عمالو بتمويث المياه العذبة أو الجوفية. 274 وفي التشريع الجزائري نجد المادة 100مف قانوف حماية البيئة تعاقب كؿ مف تسبب في عممية تمويث المياه السطحية أو الجوفية أو مياه البحر بصفة مباشرة أو غير مباشرة، وىذا ما يدؿ عمى إمكانية مساء لة مسيير المنشأة عندما يرتكب جرائـ بصفة غير مباشرة ،أي ترتكب الجريمة عف طريؽ تابعيو ،كذلؾ نص المادة 92مف نفس القانوف التي تحمؿ مسؤولية تمويث مياه البحر إلى المسيير أو مف يتولى اإلشراؼ. ويتضح مف خالؿ ىذه النصوص أف المشرع الجزائري أدرج مساءلة مسيير المنشأة عف أفعاؿ تابعيو في األحكاـ البيئية في إطار قاعدة شخصية العقوبة ،ألف النصوص الجزائية الخاصة بالتمويث جاءت في صورة مرنة ،و باستخداـ عبارات واسعة تسمح بالعقاب عمى أي شكؿ مف أشكاؿ التموث البيئي ألف القانوف يفرض عمى المسيير االلتزاـ بالمراقبة واإلشراؼ عمى أعماؿ تابعيو ،فاألخذ بالمسؤولية الجنائية لممسيير عف أعماؿ تابعيو تكتسي أىمية كبيرة في المجاؿ البيئي ،ولعؿ ما يبرر األخذ بيذا النوع مف المسؤولية ىو ضماف تنفيذ القوانيف البيئية فضال عف اتساع نطاؽ التجريـ في مجاؿ التموث البيئي ،باإلضافة إلى جسامة اآلثار الناجمة عف جرائـ تمويث البيئة. أ -مبررات مسؤولية مسيير المنشأة عف أفعاؿ تابعيو. لقد شكؿ تمويث البيئة خط ار متزايد حيث شمؿ الكرة األرضية وأصبحت البشرية بأكمميا ضحية لو ،األمر الذي استدعى تقرير مسؤولية األشخاص المعنوية ومسيريو عف ج ار ئـ التمويث ،وذلؾ قصد توفير حماية جنائية فعالة بالبيئة ،ومف مبررات األخذ بمسؤولية المسيير عف أفعاؿ تابعيو نذكر: - 274يحًس حظٍ انكُسر٘ :انًزجع انظببك ،ؽ.159 134 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة - 1ضماف تنفيذ آليات القوانيف البيئية: إف التوسع في قاعدة المسؤولية الجنائية في المجاؿ البيئي يضمف أكبر تنفيذ ألحكاـ النصوص القانونية والموائح البيئية ،وذلؾ مف خالؿ التوسيع في دائرة األشخاص المسؤوليف جنائيا ،فصاحب المنشأة أو المسيير أو المدير ىو المستفيد مف عدـ تنفيذ القوانيف والموائح البيئية التي تفرض عميو الت زامات ترىؽ كاىمو المالي ،حيث أف إتباع ىاتو االلتزامات مف توفير وسائؿ األمف وآالت تنقية اليواء يكمفو أمواؿ طائمة مما يجعمو يتيرب مف ىاتو االلتزامات ،كما أف الغرامات في المجاؿ البيئي باىضة يصعب عمى العامؿ أف يتحمميا، لذلؾ يتحمميا المسيير باعتباره ىو المستفيد غالبا مف ارتكاب المخالفات البيئية. 275 - 2اتساع مفيوـ النشاط المادي لمجريمة البيئية. لقد تبنى الم شرع الصياغة المرنة لنصوص التجريـ في المجاؿ البيئي ،والتي تسمع بتجريـ كؿ صور االعتداء عمى البيئة ،وذلؾ مف خالؿ التوسع في مفيوـ السموؾ المػادي، وقد ساير القضاء ىذا االتجاه حيث توسع في تفسير النصوص القانونية بالشكؿ الذي يؤدي إلى تجريـ كؿ سموؾ مادي يمثؿ اعتداء عمى البيئة وىو ما نجـ عنو اتساع دائرة األشخاص المسؤوليف جنائيا ، 276فاتساع نطاؽ التجريـ في المجاؿ البيئي مف أىـ مبررات األخذ بمسؤولية المسيير عف أفعاؿ تابعيو في جرائـ تمويث البيئة ،وىو األمر الذي يوفر قدر كبير مف الحماية لمبيئة. - 3جسامة اآلثار الناجمة عف جريمة تمويث البيئة. لقد سبقت اإلشارة إلى أف جريمة تمويث البيئة ىي جريمة دولية ،بمعنى أف آثارىا تتعدى حدود الدولة لتشمؿ العالـ بأسره ،فيي جريمة تيدد البشرية جمعاء ،لذلؾ أضحى مف الضروري التصدي ليا تو الجريمة ،وبالتالي التوسع في قاعدة المسؤولية الجنائية ،وذلؾ - 275عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽ.385 َٕ - 276ر انسُْ ٍٚسأ٘ :يزجع طببك ،ؽ.106 135 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة بإق ارر مسؤولية مسيير المنشأ ة عمى أعماؿ تابعيو ،فتكوف المتابعة إذا ارتكبت الجريمة مف رب العمؿ أو المسؤوؿ ،أو إذا ارتكبت مف التابع ،وىو ما يحقؽ حماية جنائية فعالة لمبيئة ضد التموث.277 ب -شروط تطبيؽ المسؤولية الجنائية لممسيير عف أفعاؿ تابعيو. لتوافر مسؤولية مسيير المنش أة عف أفعاؿ تابعيو في جرائـ تمويث البيئة ،البد مف توافر الشروط التالية: - 1ارتكاب الجريمة البيئية بواسطة التابع: يشترط لقياـ المسؤولية الجنائية لمسيير المنشأة عف فعؿ تابعيو بشأف ارتكاب جريمة تمويث البيئة ،أف تكوف الجريمة مرتكبة مف أحد تابعيو ،إال أف ىاتو المسؤولية تختمؼ في ما إذا كانت الجريمة التي ارتكبت عمدية أو غير عمدية. - مسؤولية المسيير عف الجرائـ العمدية: في ىذا النوع مف الجرائـ يتطمب القانوف لقياـ المسؤولية الجنائية ،توافر القصد الجنائي لدى التابع ،فالمسيير يسأؿ عف الجرائـ العمدية المرتكبة مف التابع في ح التيف في الجرائـ التي ال يشترط فييا القانوف القصد الجنائي لدى مرتكبييا ،وىي ما تعرؼ بالجرائـ التنظيمية ،ففي ىذا النوع يسأؿ المسيير عف أفعاؿ تابعيو حتى ولو لـ يتوفر في حقو القصد الجنائي ،أما في الجرائـ التي ال يشترط فييا المشرع توافر القصد الجنائي ،فالمسيير ال يسأؿ عف ج ارئـ تابعيو إال إذا توفر لديو القصد الجنائي.278 - مسؤولية المسيير عف الجرائـ غير العمدية: يرتب القانوف التزاما عمى عاتؽ المسيير صاحب المنشأة والمتبوع عموما بأف يمتزـ ب ضماف واحتراـ النصوص القانونية المتعمقة بحمايػة البيئػ ة ،وذلؾ لتفادي عممية التمويث ،فيقع - 277عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽ.391 - 278عبزل يبْز األنف :ٙانًزجع انظببك ،ؽ.393 136 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة عمى عاتؽ المسيير رقابة تابعيو لمحيمولة دوف وقوع مخالفات بيئية ،فإذا وقعت مخالفة مف التابع نتيجة اإلخالؿ في الرقابة أو اإلشراؼ مف المسيير فإف المسؤولية تترتب عمى ىذا األخير. 279 - 2توفر العالقة السببية بيف خطأ المسيير وفعؿ التابع لو: لتوفر ىذا النوع م ف المسؤولية في جرائـ تمويث البيئة ،ينبغي أف يتوفر في حؽ المسيير خطأ شخصيا يتمثؿ في إخاللو بواجب اإلشراؼ والرقابة عمى أعماؿ تابعيو ،حيث أف القانوف يفرض عميو ىذا االلتزاـ ،ففي ىذه الصورة يكوف سموؾ المسيير عبارة عف سموؾ سمبي وىو االمتناع عف القياـ بواجب يفرضو القانوف ،كما يقع عمى عاتؽ المسيير االلتزاـ بحسف اختيار تابعيو ،وتزويدىـ بالوسائؿ والمعدات الضرورية لتفادي التموث البيئي ،كما يمتزـ باإلشراؼ عمى المشروع بنفسو أو بتكميؼ مف يقوـ بميامو ،إذا فمسؤولية المسيير عف سموؾ التمويث الذي يقع مف التابع يتحقؽ بتوافر ال عالقة السببية بيف خطأ المسيير في اإلشراؼ والرقابة وسموؾ التابع الذي أدى إلى اإلضرار بالبيئة أو تعريضيا لمخطر. 280 - 3عدـ تفويض المسيير سمطاتو لمغير: باإلضافة إلى الشرطيف السابقيف يشترط لقياـ مسؤولية المسيير عف أعماؿ تابعيو في جرائـ تمويث البيئة ،أالّ يكوف المس يير قد فوض غيره لمقياـ بأعمالو وسمطاتو في الرقابة واإلشراؼ عم ى أعماؿ تابعيو ،ألف مسؤولية المسيير تقوـ عمى الخطأ الشخصي المتمثؿ في التقصير واإلىماؿ في مراعاة القوانيف والموائح ،وقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أف تفويض المسيير لصالحياتو لغيره يعتبر عذر معفي مف المسؤولية الجنائية عف ارتكاب جريمة تمويث البيئة ،حيث قضت بإعفاء صاحب منشأة مف المسؤولية الجنائية عف جريمة تمويث مجرى مائي ،عندما تبيف تفويض سمطتو ألحد موظفيو وتزويده بالسمطة الالزمة - 279يحًس حظٍ انكُسر٘ :يزجع طببك ،ؽ. 160 - 280يٛزفج يحًس انببرٔز٘ :يزجع طببك ،ؽ. 435 137 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة لتسيير المنشأة وفؽ القوانيف والموائح ، 281فيشترط في التفويض أف يكوف المسيير قد وضع في المصمحة التي ارتكبت عمى مستواىا الجريمة مستخدما يتمتع بالكفاءة الالزمة لتسيير المصمحة ،كما يشترط تزويده بالوسائؿ التي تمكنو مف ذلؾ ،ولممسير أف يثبت التفويض بكافة الطرؽ ،كما يجب أف يكوف مجاؿ التفويض واضحا. الفرع الثاني :مسؤولية مسيير المنشأة العامة إف تسيير المرافؽ العامة المرتبطة بحماية البيئة ،غالبا ما يكوف عف طريؽ المؤسسات العمومية االقتصادية ،أو عف طريؽ التسيير المباشر مف ىيئة عامة ،مثاؿ ذلؾ ما يتعمؽ بتطيير أو استغالؿ المياه ،أو جمع النفايات وفرزىا ونقميا ،أو معالجتيا أو إزالتيا.282 فالبمدية مثال ىي التي تتولى جمع النفايات وازالتيا ،وىي تتمتع بالشخصية المعنوية ،فيؿ يكوف مسييرىا مسؤوؿ عف جرائـ البيئة التي ترتكب أثناء تأديتيا لياتو المياـ؟. أوال :مسؤولية الناخب المحمي إف الناخب المحمي ىو المسيير عمى رأس ىيئة عامة متمثمة في البمدية ،وىي مناطة ب بعض الوظائؼ المتعمقة بالبيئة ،كما أف القانوف يشترط أحيانا لمحصوؿ عمى ترخيص استغالؿ المنشأة المصنفة مف الدرجة الثالثة أو الرابعة إلى رخصة مف رئيس المجمس الشعبي البمدي ،ففي ىذه الحالة إذا لـ يحترـ الناخب المحمي مطابقة التراخيص لمشروط القانونية باإلضافة إلى م خالفتو قواعد االحتياط المتعمقة بق اررات تسيير البيئة ،أو سوء تسييره لمرفؽ عمومي يرتبط نشاطو بحماية البيئة ،أو عدـ اتخاذه لمتدابير الالزمة لتفادي حدوث التموث ،ففي كؿ ىاتو الحاالت يسأ ؿ الناخب المحمي جنائيا عف المخالفات البيئية. أ -مساءلة الناخب المحمي عمى أساس ع دـ مطابقة التراخيص لمشروط القانونية - 281عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽ.295 َٔ - 282بص ٚح :ٗٛاٜنٛبث انمبََٕٛت نحًبٚت انبٛئت ف ٙانجشائز ،رطبنت زكخٕراِ ف ٙانمبٌَٕ انعبو ،جبيعت أبٕبكز ببنمبٚس ،حهًظبٌ ،جٕٚهٛت ،2007 ؽ.346 138 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة مف مياـ رئيس المجمس الشعبي البمدي قيامو بنشر وتنفيذ القوانيف والتنظيمات المتعمقة بالبيئة عمى مستوى البمدية ،واتخاذ جميع االحتياطات الضرورية وجميع التدابير الوقائية لضماف سالمة األشخاص واألمواؿ في األماكف العمومية والت ي يمكف أف يحصؿ فييا أي حادث داىػـ أو حرؽ ، 283باإلضافة إلى ميامو المتمثمة فػي سمطة الضبط البيئي، فأساس مسؤولية الناخب المحمي تتمثؿ في عدـ مراعاة الشروط القانونية في منح التراخيص، حيث أف القانوف يمزمو باحتراـ جممة مف اإلجراءات ،منيا مثال التحقيؽ العمومي المنصوص عميو في المادة 05مف القانوف 198/06المطبؽ عمى المنشأة المصنفة لحماية البيئة ،وكذا تسمـ دراسة أو موجز التأثير عمى البيئة ،باإلضافة إلى اإلجراءات المنصوص عمييا في المادة 06مف نفس القانوف ،فإذا خالؼ الناخب المحمي ىاتو اإلجراءات يكوف مسؤوال مسؤولية شخصية م ف خالؿ عدـ مراعاتو لمقوانيف والتنظيمات المعموؿ بيا في منح التراخيص. 284 إال أف المتتبع لقانوف حماية البيئة الجزائري أو القانوف المنظـ لممنشأة المصنفة ،ال يجد أي نص يعاقب الناخب المحمي عمى عدـ احتراـ الشروط المتعمقة بمنح رخص استغالؿ المنشأة ،وىو ما نعيبو عمى التشريع الجزائري ،لذلؾ وجب عمى المشرع إعادة النظر في ىذه المسألة ،و إدراج مسؤولية الناخب الجنائية عمى عدـ احتراـ القوانيف والموائح التي يشترطيا القانوف لمنح التراخيص. أما في حالة تواطؤ مانح الترخيص مع صاحب المنشأة ،ففي ىذه الحالة يمكف أف يتعرض الناخب ال محمي إلى العقوبات المنصوص عمييا في المادة 112مف قانوف العقوبات. ب -مسؤولية الناخب المحمي عمى أساس عدـ اتخاذ تدابير االحتياط - 283انًبزة 71يٍ لبٌَٕ انبهسٚت رلى .08/90 َٔ - 284بص ٚح :ٗٛيزجع طببك ،ؽ.342 139 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة لقد سبقت اإلشارة إلى أف التشريع يفرض عمى الناخب المحمي اتخاذ جميع االحتياطات الضرورية والتدابير الوقائية لمنع التموث ،فيقع عمى عاتؽ الناخب المحمي المسؤولية الجنائية عف جرائـ تمويث البيئة عند عدـ اتخاذ التدابير الالزمة لموقاية مف األخطار واألضرار التي تمحؽ بالبيئة ،وخاصة وأف المشرع الجزائري أقر بمبدأ الحيطة في قانوف حماية البيئة رقـ 10/03والذي مف خاللو يمكف لمجيات المعنية بحماية البيئة اتخاذ جميع التدابير الالزمة بحيث ال يكوف عدـ توفر التقنيات أو المعارؼ العممية عائقا ألخذ التدابير المناسبة لتفادي وقوع التموث ،ففي ىذه الحالة البد مف تدخؿ السمطات العمومية قبؿ حدوث الضرر المفاجئ والذي كاف مف الممكف حدوثو في حالة ما إذا لـ يتخذ أي إجراء لت فاديو ،فالبد عمى الناخب اتخاذ التدابير الواجبة عميو بيدؼ الحد مف اإلضرار الواقعة عمى البيئة ،إال أنو ال توجد تطبيقات قضائية فيما يخص تجريـ اتخاذ الناخب المحمي لمتدابير االحتياطية لمنع التموث.285 ثانيا :مسؤولية الموظؼ العاـ عف جريمة تمويث البيئة. لقد أوكمت لإلدارة مياـ واسعة فيما يخص حماية البيئة ،فيي تتولى تسيير المرافؽ العامة التي ليا عالقة بحماية البيئة ،ومف ذلؾ تس يير المياه الصالحة لمشرب ونقؿ ومعالجة النفايات ،إال أف المشرع الجزائري لـ يأخذ بمسؤولية األشخاص العامة كالدولة والوالية والبمدية والمؤسسا ت العمومية ذات الطابع اإلداري ،لكف ىذا ال يمنع مف مساءلة الموظؼ الذي قد يشكؿ خطأه الشخصي خرؽ لألحكاـ والتنظيمات البيئية ،ويمكف أف تأسس مسؤولية الموظؼ العاـ عف جرائـ البيئة عمى أساس التواطؤ ،فيتعرض الموظؼ الذي تواطأ مع مرتكب جريمة تمويث البيئة إلى األحكاـ ا لعامة المنصوص عمييا في قانوف العقوبات ،وىي العقوبات المقررة في المادة ، 112والتي تنص عمى ما يمي" :إذا ما اتخذت إجراءات مخالفة لمقوانيف وكاف تدبيرىا عف طريؽ اجتماع أفراد أو ىيئات عمومية تتولى أي قدر مف السمطة َٔ - 285بص ٚح :ٗٛانًزجع انظببك ،ؽ.344 140 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة العمومية أو عف طريؽ رسؿ أو مراسالت ،فيعاقب الجناة بالحبس مف شير إلى ستة أشير."... فالموظؼ الذي يسيير المرفؽ العمومي الخاص بالبيئة يعاقب عف مخالفتو لمقوانيف البيئية ،وذلؾ عف طريؽ تواطئو مع مرتكب الفعؿ وتكوف صورة التواطؤ بارتكاب إجراءات مخالفة لمقانوف. ويمكف أف تأسس مسؤولية الموظؼ عمى أساس مساىمتو في الجنايات والجنح البيئية التي يتولوف مراقبتيا أو ضبطيا ،وىو ما نص عميو المشرع في الماد 143مف قانوف العقوبات. وفي الحقيقة إف األخذ بالمسؤولية الجنائية لمموظؼ العاـ يعد تجريـ لمسموؾ غير السميـ لمموظؼ أكثر مف كونيا يعبر عف تجريـ فعؿ التموث الخطير ،ولذلؾ يرى األستاذ وناس يحيى أنو مف الضروري إعادة النظر في طريقة التجريـ المتعمقة بحماية البيئة مف خالؿ تجريـ مسيير المرفؽ العاـ عف اتخاذه لق اررات التػ ي تخالؼ التدابير القانونية لمبيئة، وكذلؾ في حالة تخاذليـ في اتخاذ التدابير التي تفرضيا القوانيف البيئية.286 كما يمك ف تأسس مسؤولية الموظؼ عمى أساس عدـ اتخاذ التدابير الالزمة لمنع التموث بحيث أف اإلدارة ليا صالحيات واسعة لمنع وقوع التموث ،فإذا ما اتخذت ىذه اإلجراءات يمكف أف يسأؿ رجؿ اإلدارة عمى إىمالو أو تقصيره في اتخاذ اإلجراءات المناسبة التي يفرضيا عميو القانوف. ويرى جانب مف الفقو أنو في حالة التموث يمكف أف يسأؿ الموظؼ المكمؼ بتسيير مرفؽ عاـ متعمؽ بحماية البيئة عمى أساس اتخاذ إجراءات مخالفة لمقانوف.287 َٔ - 286بص ٚح :ٗٛان ًزجع ان ظببك ،ؽ. 347 َٔ - 287بص ٚح :ٗٛان ًزجع ان ظببك ،ؽ.349 141 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة المطمب الثاني :المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة لقد وضع المشرع تنظيما خاصا لممنشأة المصنفة ،حيث أخضعيا إلى الترخيص ا إلداري ،قبؿ مزاولتيا لنشاطيا الذي قد يشكؿ خط ار أو يضر بالبيئة ،ومثاؿ ذلؾ ما نصت عميو المػادة 42مف القانوف 19/01المتعمػ ؽ بتسيير النفايات ومعالجتيا وازالتيػا ،حيث نصت عمى ما يمي " :تخضع كؿ منشأة لمعالجة النفايات قبؿ الشروع في عمميا إلى ما يأتي: رخصة مف الوالي المختص إقميميا بالنسبة لمنفايات اإلقميمية وما شابييا. رخصة مف رئيس المجمس الشعبي البمدي المختص إقميميا بالنسبة لمنفايات اليامدة".فمخالفة المنشأة لمقوانيف والموائح البيئية يعرضيا إلى العقوبات المنصوص عمييا في ىذه القوانيف ،سواء مخالفة عدـ الحصوؿ عمى ترخيص مسبؽ ،أو ارتكابيا أحد جرائـ تمويث البيئة ،كما نص المشرع الجزائري عمى أسباب أو موانع إذا توفرت ،تنتفي ىاتو المسؤولية. الفرع األول :الجزاءات الجنائية المطبقة عمى الشخص المعنوي تنص جؿ التشريعات التي أخذت بمبدأ مساءلة األشخاص المعنوية جزائيا عمى الجزاءات ا لجنائية التي تطبؽ عمى الشخص المعنوي ،سواء كانت تمؾ الجزاءات في صورة عقوبات أو تدابير احت ارزية ،إال أف ىذ ه الجزاءات تختمؼ مف تشريع إلى آخر. أوالً :العقوبات المقررة عمى المنشأة المصنفة لقد وضع المشرع عقوبات تتالئـ مع طبيعة الشخص المعنوي وقدراتو المالية ،كما تبنى المشرع أسموبا تدخميا قمعيا مف خالؿ العقوبات المفروضة ،فتعتبر الغرامة والمصادرة 142 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة أكثر العقوبات المطبقة عمى الشخص المعنوي ،وقد نصت المادة 18مكرر مف قانوف العقوبات الجزائري عمى العقوبات التي تطبؽ عمى الشخص المعنوي وىي" : - 1الغرامة :التي تساوي مرة إلى خمس مرات الحد األقصى لمغرامة المقررة لمشخص الطبيعي في القانوف الذي يعاقب عف الجريمة - 2واحدة أو أكثر مف العقوبات التكميمية اآلتية: حؿ الشخص المعنوي. غمؽ المؤسسة أو فرع مف فروعيا لمدة ال تتجاوز خمس سنوات. اإلقصاء مف الصفقات العمومية لمدة ال تتجاوز خمس سنوات. الم نع مف مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مينية أو اجتماعية بشكؿ مباشر أو غيرمباشر ،نيائيا أو لمدة ال تتجاوز خمس سنوات. مصادرة الشيء الذي استعمؿ في ارتكاب الجريمة أو نتج عنيا. نشر وتعميؽ حكـ اإلدانة. الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة ال تتجاوز خمس سنوات ،وتنصب الحراسة عمىممارسة النشاط الذي أدى إلى الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبتو".288 مف خالؿ ىا تو المادة يتضح أف العقوبات المقررة عمى المنشأة المصنفة تنقسـ إلى نوعيف :عقوبات أصمية وأخرى تكميمية. أ -العقوبات األصمية: لقد نصت المادة 18مكرر مف قانوف العقوبات الجزائري عمى الغرامة كعقوبة أصمية في مواد الجنايات والجنح ،والتي تساوي مرة إلى خمس مرات الحد األقصى لمغرامة المقررة 288 -انًبزة 18يكزر يٍ لبٌَٕ انعمٕببث انجشائز٘. 143 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة لمشخص الطبيعي والقانوف الذي يعاقب عمى الجريمة ،فكمما نصت القوانيف البيئية عمى عقوبة الغرامة بالنسبة لمجنايات أو الجنح المرتكبة مف الشخص الطبيعي عمى البيئة ،فإف العقوبة المقررة لممنشأة المصنفة تساوي مرة إلى خمس مرات الحد األقصى لمغرامة ،وىي نفس ما نصت عميو المادة 28/131مف قانوف العقوبات الفرنسي التي نصت عمى أف الغرامة التي تطبؽ عمى الشخص المعنوي تعادؿ خمس أضعاؼ التي ينص عمييا القانوف بالنسبة لمشخص الطبيعي عف ذات الجريمة. فالغرامة مف العقوبات الماسة بالذمة المالية لممنشأة حيث أف الماؿ يعد ىدؼ مف أىداؼ المنشأ ة ،وأخطر وسائميا الرتكاب الجريمة ،وىي الغاية التي تدفعيا إلى مخالفة القوانيف ،وليذا كاف الماؿ محال لمعقاب أيضا ،فالغرامة ىي مف أىـ العقوبات التي تطبؽ عمى الشخص المعنوي و انسبيا لطبيعتو. ويالحظ أف مقدار الغرامة المقررة لممنشأ ة مرتفع جدا إذا ما قرناه بالشخص الطبيعي، وذلؾ بغرض تحقيؽ الردع العاـ. 289 ومف أمثمة عقوبة الغرامة في التشريع الجزائري ما نص عميو المشرع في المادة 56 مف القانوف رقـ 19/01المتعمؽ بتسيير النفايات و مراقبتيا و إزالتيا حيث نصت عمى ما يمي " :يعاقب بغرامة مالية مف عشرة آالؼ دج إلى خمسيف ألؼ دينار كؿ شخص طبيعي أو معنوي يمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو أي نشاط أخر ،قاـ برمي أو إىماؿ النفايات المنزلية وما شابييا أو رفض استعماؿ نظاـ جمع النفايات أو فرزىا الموضوع تحت تصرفو مف ظرؼ الييئات المعينة في المادة 32مف ىذا القانوف. وفي حالة العود تضاعؼ الغرامة". وقد اكتفى المشرع الجزائري بذكر نوع العقوبة وىي الغرامة فقط ،بينما توسع المشرع الفرنسي في مجاؿ وكيفية تطبيقيا ،فنجد المشرع الفرنسي أعطى لمقا ضي إمكانية القضاء - 289ػزٚف طٛس كبيم :يزجع طببك ،ؽ.136 144 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة بمبمغ أقؿ مف الغرامة المقررة ليا ، 290حيث أنو ينطؽ بالغرامة وذلؾ مع مراعاة ظروؼ الجريمة وشخصية مرتكبييا ،كما يأخذ القاضي بعيف االعتبار دخؿ وأعباء مرتكب الجريمة، وىذا ما نصت عميو المادة 132فقرة 24مف قانوف العقوبات ،كما يمكف لمقاضي وقؼ تنفيذ عقوبة الغرامة إذا ثبت أنو لـ يسبؽ الحكـ عمى الشخص المعنوي خالؿ الخمس سنوات السابقة عمى ارتكاب الجريمة بعقوبة الغرامة التي ال تزيد عمى أربعمائة ألؼ فرنؾ لجناية أو جنحة ينص عمييا القانوف العاـ ،وىو ما نصت عميو المادة 152فقرة 30مف قانوف العقوبات.291 وذىب الم شرع الفرنسي إلى أكثر مف ذلؾ ،حيث أقر إمكانية تجزئة الغرامة المحكوـ بيا ،حيث نص في المادة 138فقرة 28عمى ما يمي" :في مواد الجنح والمخالفات يجوز لممحكمة أف تقرر تنفيذ عقوبة الغرامة بالتقسيط خالؿ مدة ال تزيد عف ثالث سنوات ،وذلؾ العتبارات طبية أو عائمية أو مينية أو اجتماعية خطيرة. وخالصة القوؿ أف الغرامة ىي العقوبة األنسب لطبيعة الشخص المعنوي واألسيؿ تطبيقا ،حيث أنو ليس ليا أي ضرر اقتصادي أو اجتماعي ،ألنيا تصيب الذمة المالية لممنشأة وىي ال تؤثر عمى وجودىا بعكس بعض الجزاءات األخرى ،باإلضافة إلى أنيا تحقؽ إثراء لمدولة مف خالؿ ما يذىب لمخزينة العامة ،كما أنيا مف العقوبات االقتصادية األنسب لجرائـ البيئة ،ألف أغمب ىا تو الجرائـ يكوف الغرض مف وراء ارتكابيا تحقيؽ فائدة مالية أو اقتصادية كاالمتناع عػف تزويد المنشآت بالتجييزات الالزمة لمتنقية ومنع التموث ،لكونيا مكمفة.292 ب -العقوبات التكميمية: لقد نصت المادة 18مكرر عمى جممة مف العقوبات التكميمية: - 290ػزٚف طٛس كبيم :انًزجع انظببك ،ؽ136 - Blouc(Bernard) : Op.cit, P679. - 292أحًس يحًس لبٚس يمبم :يزجع طببك ،ؽ.414 145 291 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة - 1المصادرة: تعتبر المصادرة مف العقوبات المالية أيضا ،وىي نزع ممكية ماؿ مف صاحبو جبػرا، وا ضافتو إلى ممكية الدولة دوف مقابؿ ، 293أو ىي إجراء الغرض منو تمميؾ الدولة أشياء مضبوطة ذات صمة بالجريمة قي ار عف صاحبيا ومف غير مقابؿ ،و ىي عقوبة تكميمية في الجنايات والجنح ال ينطؽ بيا إال إذا حكـ عمى الشخص المعنوي بعقوبة أصمية.294 وقد عرفيا المشرع الجزائري في المادة 15مف قانوف العقوبات عمى أنيا" :األيمولة النيائية إلى الدولة لماؿ أو مجموعة أمواؿ معينة أو ما يعادؿ قيمتيا عند االقتضاء". ونص المشرع البيئي عمى ىذ ه العقوبة في العديد مف النصوص ،مثاؿ ذلؾ ما نص عميو في المادة 170مف قانوف حماية المياه رقـ 12/05بأنو يمكف مصادرة التجييزات والمعدات التي استعممت في انجاز آبار أو حفر آبار جديدة أو تغييرات بداخؿ مناطؽ الحماية الكمية ،كما تنص المادة 89مف قانوف الغابات رقـ 12/84عمى أنو" :يتـ في جميع المخالفات مصادرة المنتوجات الغابية محؿ المخالفة". ونصت المادة 89مف القانوف 11/01المتعمؽ بالصيد البحري عمى أنو" :في حالة استعماؿ مواد متفجرة تحجز سفينة الصيد إذا كاف مالكيا ىو مرتكب المخالفة". والمصادرة مف العقوبات الفعالة ،حيث تمحؽ بالمنشأة خسارة مالية ،فيي أكثر فعالية في المجاؿ البيئي ،ألنيا تثبط الجاني وتستأصؿ أسباب إجرامو ،وتكوف المصادرة وجوبية بالنسبة لألشياء التي يعتبرىا القانوف خطرة أو ضارة ،فيمت زـ القاضي بالنطؽ بيا في حالة اإلدانة ، 295ومع ذلؾ قد تكوف المصادرة جوازية عندما ينص القانوف عمى ذلؾ ،مثؿ ما ىو منصوص عميو في المادة 18مكرر 1مف قانوف العقوبات. - 2نشر حكـ اإلدانة: - 293عبس انًجٛس يحًس :بحث يمسو نًؤحًز حٕل جزائى انبٛئت ف ٙانسٔل انعزبٛت ،انًُعمس ف ٙبٛزٔث،نبُبٌ ف 18/17 ٙيبرص 2009 - 294أحًس يحًس لبٚس يمبم :يزجع اطببك ،ؽ. 415 - 295جًٛم عبس انببل ٙانـغ ٛز :يزجع طببك.63 ، 146 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة يعني نشر الحكـ إعالنو بحيث يعممو عدد كبير مف الناس ،ويكوف ذلؾ بأية وسيمة اتصاؿ ميما كانت وسيمة النشر. ونشر الحكـ كعقوبة ييدؼ إلى المساس بمكانة وثقة المنشأة أماـ الجميور والتأثير عمى نشاطيا في المستقبؿ. وقد أ وجب المشرع في المادة 18مكرر نشر الحكـ القاضي بإدانػة الشخص المعنوي، ولممحكمة أف تأمر بنشر الحكـ كمو أو جزء منو ،أو أسبابو أو منطوقو ،وليا أف تحدد عند المزوـ ممخص الحكـ أو العبارات التي تنشر منو. ويمكف القوؿ أف عقوبة نشر الحكـ ىي مف العقوبات الفعالة لردع المنشأة و مكافحة الجريمة فييا ،ومثاؿ ذلؾ ما حصؿ في مصنع بوباؿ في اليند في ديسمبر 1984حيث تسربت غازات سامة منو ،بعدىا أ ذيعت ىذه الكارثة ،فأدى نشر الكارثة إلى انخفاض أسعار الشركة المحكوـ عمييا.296 - 3الغمؽ المؤقت لممنشأة: ينص المشرع في القوانيف البيئية عمى غمؽ المنشأة كعقوبة تكميمية يحكـ بيا إلى جانب العقوبة األصمية ،وىو جزاء عيني يتمثؿ في منع المنشأة مف مزاولة نشاطيا الذي ت سبب في تمويث البيئة في المكاف الذي ارتكبت فيو الجريمة البيئية ،ويكثر النص عمى ىذه العقوبة في الجرائـ االقتصادية والبيئية ،وقد نص المشرع عمى ىذه العقوبة في المادة 18 مكرر مف قانوف العقوبات وفي عدة مواد في القوانيف البيئية ،حيث نصت المادة 18مكرر عمى الغمؽ ا لمؤقت لممنشأة لمدة ال تتجاوز خمس سنوات ،وفي قانوف البيئة نالحظ أف المشرع نص عمى عقوبة المنع المؤقت في عدة مواد ،ولكف بألفاظ مختمفة ،فتارة يستعمؿ لفظ الحضر و تارة لفظ المنع ،كما ىو الحاؿ في المادة 85مف القانوف 10/03المتعمؽ بحماية البيئة التي نصت عمى ما ي مي" :وعند االقتضاء يمكنو األمر بمنع استعماؿ المنشأة - 296أحًس يحًس لبئس يمبم :يزجع طببك ،ؽ.428 147 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة أو أي عقار أو منقوؿ آخر يكوف مصدر التموث الجوي ،وذلؾ حتى إتماـ إنجاز األشغاؿ والترميمات الالزمة". فالقاضي يمكنو أف يأمر بغمؽ المنشأة التي تتسبب في التموث الجوي حتى إتماـ اإلجراءات الالزمة إليقاؼ التموث ،وىو ما عبر عميو المشرع بمنع استعماؿ المنشأة. كما نصت المادة 86مف نفس القانوف عمى ما يمي ..." :كما يمكف أيضا األمر بحضر استعماؿ المنشآة المتسببة في التموث إلى حيف إنجاز األشغاؿ أو أعماؿ التييئة أو تنفيذ االلتزامات المنصوص عمييا" ،والغرض مف ىذه العقوبة ىو إعادة امتثاؿ المنشأة المموثة ل مقواعد البيئية في أقرب وقت ممكف ،فيذه العقوبة توازف بيف اإلبقاء عمى منافع المنشأة المموثة والمحافظة عمى البيئة مف خالؿ ردع المنشأة عف طريؽ الغمؽ ،وىناؾ مف التش ريعات مف ينص عمى غمؽ المنشأة كعقوبة تكميمية أحياناً وكتدابير احت ارزية أحياناً أخرى. - 4الحؿ النيائي لممنشأة: لقد نص المشرع عمى عقوبة الحؿ النيائي لممنشأة كعقوبة تكميمية ،وتعد ىذه العقوبة الواردة في المادة 18مكرر أقصى عقوبة يمكػف أف تطبؽ عمى الشخص المعنوي ،حيث يترتب عمييا زوالو نيائيا ،وتحقؽ ىذه العقوبة ردعا عاما لممنش أة ،فيي تقابؿ عقوبة اإلعداـ بالنسبة لمشخص الطبيعي ،لكف المتتبع لألحكاـ الجزائية الواردة في األحكاـ البيئية ال يجدىا تنص عمى عقوبة الحؿ ،فأغمب العقوبات متمثمة في الغمؽ المؤقت إلى حيف القياـ بااللتزامات المفروضة قانونا ،فمـ يتضمف قانوف البيئة ىذه العقوبة وال القانوف المتعمؽ بإزالة النفايات و معالجتيا ،وحتى في حالة استغالؿ المنشأة بدوف ترخيص لـ ينص المشرع عمى حميا ،وأوكمت صالحية حؿ ا لمنشأة لإلدارة والتي غالبا ما تمجأ إلى منح فرصة لممنشأة التخاذ التدابير المفروضة عمييا. 297 َٔ - 297بص ٚح :ٗٛيزجع طببك ،ؽ.360 148 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة - 5الوضع تحت الحراسة القضائية: تتمثؿ ىات و العقوبة في تقييد حرية المنشأة وذلؾ لمنعيا مف العودة الرتكاب الجريمة، وىي عقوبة مؤقتة ال يجوز أف تتجاوز خمس سنوات حسب ما نصت عميو المادة 18مكر مف قان وف العقوبات ،وفي القانوف الفرنسي عندما توضع المنشأة تحت ال رقابة القضائية يتعيف عمى المحكمة تعيف وكيؿ قضائي ،تعيف المحكمة ميامو ،وتنحصر ىذه المياـ في النشاط الذي أدى إلى ارتكاب الجريمة ،أو بمناسبتو ،كما يجب عمى الوكيؿ أف يرفع تقري ار كؿ ستة أشير لممحكمة التي قضت بوضع المنشأة تحت الرقابة القضائية.298 - 6اإلقصاء مف الصفقات العامة: وىو حرماف المنشأة مف التعامؿ في أي صفقة تكوف الدولة طرفا فييا أو المؤسسات العامة أو الجماعات المحمية أو التجمعات ،فيذ ه العقوبة تجعؿ المنشأة غير قادرة عمى التعاقد بشأف الصفقات العمومية التي تتعمؽ باألشغاؿ العامة أو التوريد أو تقديـ خدمات سواء بطريؽ مباشر أو غير مباشر ، 299ولقد حدد المشرع مدة ا إلقصاء حيث ال تتجاوز خمس سنوات ،وتسجؿ ىذه العقوبة في فيرس الشركات ،ويبمغ بياف البطاقات الخاصة بالشركات إلى النيابة العامة والى قضاة التحقيؽ ووزير الداخمية واإلدارة المالية وكذا المصالح العامة التي تتمقى عروض المناقصات والتوريدات العامة.300 ثانياً :التدابير االحت ارزية - 298ػزٚف طٛس كبيم :يزجع طببك ،ؽ ٔ ، 145- 144أَظز كذنك أحًس لبئس يمبم يزجع طببك ،ؽ. 421 - 299ػزٚف طٛس كبيمَ :فض انًزجع ،ؽ.146 - 300يحًس يشٔان :ٙيزجع طببك ،ؽ.11 149 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة تنص القوانيف البيئية عمى جممة مف التدابير االحت ارزية التي تحقؽ ىدفا وقائيا في األحواؿ التي يشكؿ فييا نشاط المنشأة خطورة عمى البيئة والسالمة العامة ومف ىاتو التدابير ما ىو عاـ و منيا ما ىو خاص. أ -التدابير العامة: تتمثؿ ىاتو التدابير في إيدا ع كفالة أو تقديػـ تأمينػات عينية لضماف حقوؽ الضحايا، أو المنع مف إصدار الشيكات وا صدار بطاقات الدفع مع مراعاة حقوؽ الغير ،أو المنع مف ممارسة بعض النشاطات المينية المرتبطة بالجريمة ،باإلضافة إلى اتخاذ جية التحقيؽ بعض أوامر الوضع تحت الرقابة القضائية ،وىو ما نصت عميو المادة 65مكرر 4مف قانوف اإلجراءات الجزائية. - 1حضر إصدار الشيكات أو استعماؿ بطاقات الوفاء: يتمثؿ ىذا الجزاء في إلزاـ المنشأة بأف تعيد لمبنؾ ما في حيازتيا أو حيازة وكالئيا مف نماذج الشيكات المسممة إلييا ،كما يمنع عمى المنشأة استعماؿ بطاقات الوفاء ،وىو إجراء غالبا ما يكوف مؤقتا ،فالمشرع الفرنسي حدده بمدة ال تتجاوز خمس سنوات في المادة 131 فقرة 39مف قانوف العقوبات الفرنسي ،وىذا الحضر ال يمنع المنشأة مف إمكانية استرداد شيكات السحب لدى المسحوب عميو ،أو الشيكات المعتمدة ،كما ال يمنع المنشأة مف استعماؿ األوراؽ التجارية ا ألخرى كالكمبيالة أو سندات األمر.301 - 2أوامر الوضع تحت الرقابة القضائية: لقد منح قانوف اإلجراءات الجزائية لقاضي التحقيؽ سمطة اتخاذ أوامر الوضع تحت الرقابة القضائية ،وذلؾ مف أجؿ السير الحسف لمتحقيؽ ،ومف جممة ىاتو األوامر التي تطبؽ عمى المنشأة نجد: - 301طٛس ػز ٚف كبيم :يزجع طببك ،ؽ.148 150 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة األمر بتسميـ كافة الوثائؽ المتعمقة بممارسة النشاط الذي يخضع إلى الترخيص إلىأمانة ضبط المحكمة ،أو الجية التي يعينيا قاضي التحقيؽ مقابؿ وصؿ ، 302وتشمؿ الوثائػ ؽ التي يت طمبيػا التحقيؽ ،الدراسات المتعمقػة بمػدى التأثيػر عمػ ى البيئة ،ورخصة استػغػالؿ المنشأ ة ،ورخص االعتماد الخاصة ،وكذا الدراسات المتعمقة باألخطار ،أو األخطار المتعمقة بالوقؼ ،أو بتغيير أسموب اإلنتاج ،أو اإلخطار باالمتثاؿ إلى التدابير التي تفرضيا القوانيف البيئية ،واليدؼ مف طمب ىاتو الوثائؽ ىو التحقيؽ في المخالفات البيئية ،وذلؾ مف خالؿ مطابقة ا اللتزامات والتدابير التي يفرضيا القانوف عمى المنشأة. 303 وتجسد ىذ ه التدابير مبدأ الحيطة في المجاؿ الجزائي ،بحث البد مف اتخاذ اإلجراءاتالالزمة لمنع التموث ،و تنص المادة 65مكرر 4مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى أف الشخص المعنوي الذي يخالؼ التدابير المتخذة ضده بغرامة مالية مف مائة ألؼ دينار جزائري إلى خمسمائة ألؼ دينار جزائري بأمر مف قاضي التحقيؽ بعد أخذ رأي وكيؿ الجميورية. - 3المنع مف ممارسة بعض األنشطة المينية واالجتماعية المرتبطة بالجريمة: لػقػد نصت المادة 65مكرر 4مػف قانػ وف اإلجراءات الجزائية عمػ ى ىذا التدبير، ومضموف النشاط الذي يتناولو المنع ىو النشاط الميني واالجتماعي الذي ارتكبت الجريمة أثناء ممارستو مف طرؼ المنشأة أو بمناسبتو ،ولـ يحدد المشرع الجزائري مدة المنع عمى عكس المشرع الفرنسي الذي حدد مدة المنع إما بصفة نيائية أو بمدة ال تزيد عف خمس سنوات في المادة 39/131فقرة ،2وقد يمجأ إلى ىذا التدبير عندما يخشى مف وقوع جريمة جديدة. َٔ - 302بص ٚح :ٗٛيزجع طببك ،ؽٔ ، 358أَظز يحًس يشٔان :ٙيزجع طببك ،ؽ.12 َٔ - 303بص ٚحَ :ٗٛفض انًزجع ،ؽٔ ، 358اَظز يحًس يشٔانَ :ٙفض انًزجع ،ؽ.12 151 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ب -التدابير الخاصة: مف بيف التدابير الخاصة التي نص عمييا المشرع البيئي ىو إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميػو قبؿ ارتكاب الفعػ ؿ المجرـ ،وقد نصت التشريعات البيئيػ ة عمى ىذا التدبير كجزاء، ويقصد بو أف تحكـ المحكمة عمى المنشأة بإزالة أثر الجريمة ،و يعتبر إزالة أثر الجريمة تدبي ار مناسبا إلصالح الضرر بو ،و تنص التشريعات عمى ىذا التدبير إال أنو ىناؾ مف يعتبر جزاءا إداري وليس جنائي ،فالتشريع الفرنسي اعتبره كجزاء وذلؾ مف خالؿ قانوف حماية الغابات الفرنسي ،والذي نص عمى إجبار المحكوـ عميو بإعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو ،كذلؾ ما ورد في القانوف الفرنسي الصادر في 15جويمية 1975المتعمؽ بالنفايات، والذي نص عمى إمكانية أف تأمر المحكمة مرتكب المخالفة بإعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو قبؿ ارتكاب الفعؿ ، 304كذلؾ ما ورد في المادة 18مف القانوف الفرنسي الصادر في 13 جويمية 1976المتعمؽ بالمنشآت المصنفة ،حيث أف المحكمة تأمر بإعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو في المدة التي ت حددىا وتركت لمقاضي حرية الحكـ بو ، 305كما نص القانوف المصري رقـ 4لسنة 1994المتعمؽ بحماية البيئة ،عمى أنو في جميع األحواؿ يمزـ المخالؼ بإزالة آثار المخالفة في الموعد الذي تحدده الجية المختصة. أما المشرع الجزائري فقد اعتبر إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو جزاءا إدا ريا في بعض األحياف ،كما نص عمى أنو جزاءا جنائيا في أحيانا أخرى ،فمثال القانوف رقـ 12/05 المتعمؽ بالمياه ،اعتبره جزاءا إداريا توقعو اإلدارة عمى المخالفة ،أما قانوف البيئة رقـ 10/03 فقد اعتبره جزاءا جنائيا ،حيث نصت المادة 102منو عمى ما يمي " :يجوز لممحكمة أف تقضي بمنع استعماؿ المنشأة إلى حيف الحصوؿ عمى الترخيص ضمف الشروط المنصوص - 304يحًس يشٔان :ٙانًزجع انظببك ،ؽ.12 - 305يحًس حظٍ انكُسر٘ :يزجع طببك ،ؽ. 231 152 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة عمييا في المادتيف 19و 20أعال ه ،ويمكنو أيضا األمر بالنفاذ المؤقت لمحضر ،كما يجػوز لممحكمة األمر بإرجاع األماكف إلى حالتيا األصمية في أجػ ؿ تحدده" ،فتكوف السمطة التقديرية لممحكمة في تحديد اآلجاؿ الذي يرجع فيو المحكوـ عميو الحالة إلى ما كانت عمييا ،كما يكوف ليا السمطة باألمر بيذا التدبير. كما نصت المادتيف 39و 40مف القانوف 03/03المؤرخ في 17فيفري 2003 المتعمؽ بمناطؽ التوسع والمواقع السياحية إلى إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو في حالة القياـ بأشغاؿ البناء داخؿ المناطؽ السياحية. 306 الفرع الثاني :موانع المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة تن ص جؿ التشريعات البيئية عمى موانع المسؤولية الجنائية وىي األسباب التي مف شأنيا أف تمنع المسؤولية عف الجاني ،األمر الذي يؤدي إلى عدـ تطبيؽ الجزاء عمى الجاني رغػـ قيامو بالفعؿ المجرـ ،وتتعمػ ؽ موانع المسؤولية بالركف المعنوي لمجريمػة ،وحاالت امتنػاع المسؤولية الجنائيػة فػ ي التشريعات البيئية تنقسـ إلى قسميف ،أوليا موانع تقميدية تتمثؿ في حالة الضرورة و القوة القاىرة ،وموانع حديثة تتمثؿ في الترخيص اإلداري والجيؿ بالقانوف أو الغمط فيو. ال :الموانع التقميدية لممسؤولية الجنائية لممنشأة أو ً تنص التشريعات البيئية عند معالجتيا لسياستيا الجنائية في مواد التموث عمى حالتيف مف موانع المسؤولية حاؿ الضرورة و القوة القاىرة ،حيث خصت القوانيف ىاتيف الحالتيف بأحكاـ خاصة تختمؼ عف تمؾ المقررة في قانوف العقوبات العاـ ،وعمى ذلؾ فإف دراسة األحكاـ الخاصة بموانع المسؤولية الجنائية لممنش أة في نطاؽ جرائـ تمويث البيئة تقتضي التطرؽ إلى ىاتيف الحالتيف ،ألنو في كثير مف األحياف يصعب تطبيؽ موانع المسؤولية عمى - 306راجع انًٕاز 40 ٔ 39يٍ انمبٌَٕ رلى 03/03انًخعهك بًُبطك انخٕطع ٔ انًٕالع انظٛبحٛت ،انًؤرخ ف ، 2003/02/ 17 ٙانجزٚسة انزطًٛت انعسز 11نظُت ،2003انًؤرذت ف 18 ٙفبزاٚز طُت . 2003 153 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة النشاطات المرتكبة مف المنشآت نتيجة الرتباط موانع المسؤولية الجنائية التقميدية بأعماؿ شخصية.307 أ -حالة الضرورة: وىي الحالة التي يجد الشخص ن فسو أماـ خطر جسيـ وشيؾ الوقوع ال يمكنو دفعو إال بارتكاب فعؿ مجرـ قانونا.308 وحاال وواقعا عمػ ى النفس، ولقياـ حالة الضرورة البد أف يكوف ىناؾ خط ار جسيما ّ بحيث ال تكوف إلرادة الفاعؿ دخال في وقوعيا ،و يشترط القانوف التناسب بيف الخطر المراد تفاديو و الضرر الذي وقع ،و تنص جؿ التشريعات البيئية عمى حالة الضرورة كمانع مف موانع المسؤولية في جريمة تمويث البيئة ،إذ تعتبر مانع رئيسي تجد ليا تطبيؽ واسع في مجاؿ تمويث البيئة باعتبارىا وسيمة لدفع المسؤولية كثي ار ما يستند إلييا لتبرير أفعاؿ التموث. فتتضمف التشريعات الفرنسية تطبيقات عديدة لحالة الضرورة ،باعتباره مانع مف موانع المسؤولية الجنائية في جريمة تمويث البيئة ،فتنص المادة الخامسة مف القانوف الفرنسي الصادر في 11مايو 1977بشأف التموث البحري ،عمى عدـ المساءلة لعدـ تصريؼ المواد المموثة بيدؼ ضماف سالمة المنشآت واألجيزة أ و لتفادي خطر جسيـ ييدد سالمة األرواح.309 ومف التشريعات العربية التي تأخذ بحالة الضرورة كمانع مف موانع المسؤولية في جرائـ تمويث البيئة نجد التشريع السوري ،حيث تنص المادة الثامنة مف قانوف المياه اإلقميمية السوري لعاـ 1972عمى أنو يعفى المسؤوؿ عف المخالفة مف الغرامة في حالة إحداث تموث َٔ - 307بص ٚح :ٗٛيزجع طببك ،ؽ.368 - 308عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽ.443 - 309عبزل يبْز األنفَ :ٙفض انًزجع ،ؽٔ ، 446راجع يحًس حظٍ انكُسر٘ :يزجع طببك ،ؽ. 184 154 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة نتيجة دفع خطر ييدد السفينة أو المنشأة أو المصنع أو األجيزة أو سالمة األرواح ،واذا حدث التموث نتيجة اتخاذ التدابير الالزمة لمحيمولة دوف إصابة شحنة السفينة بضرر جسيـ. وفي القانوف الميبي لحماية البيئة رقـ 8لسنة ، 1982تنص المادة 24منو عمى أنو يستثنى مف حضر إلقاء الزيت أو المزيج الزيتي أو غسؿ الصياريج في الموانئ والمياه اإلقميمية الميبية ،إذا حدث بقصد تأميف السفينة أو إنقاض أرواح الركاب مف الغرؽ.310 كما نػص المشرع المصري عمى حالة الضرورة في القانوف رقػـ 4لسنة ،1994 بحيث نصت المادة 54منو عمى أنو ال تسري العقوبات المنصوص عمييا في ىذا القانوف عمى حاالت التموث التي تنجـ عف تأميف سالمة السفينة وسالمة األرواح والتفريغ الذي ينتج عنو عطؿ في السفينة أو أحد أجيزتيا ،أو كسر مفاجئ في خط أنابيب يحمؿ زيت أو مزيج زيتي. والمشرع الجزائري بدوره نص عمى حالة الضرورة كمنع لممسؤولية في جرائـ تمويث البيئة ،فنصت المادة 97فقرة 03مف قانوف حماية البيئة رقـ 10/03عمى ما يمػي" :ال يعاقب بمقتضى ىذه المادة عف التدفؽ الذي بررتو تدابير اقتضتيا ضرورة تفادي خطر جسيـ و عاجؿ ييدد أمف السفينة أو حياة البشر أو البيئة". وحالة الضرورة في جرائـ تمويث البيئة ليا مفيوـ آخر ،وذلؾ ما يتماشى مع طبيعة الجريمة وطبيعة النشاط الذي تقوـ بػ و المنشأة وكذا الظروؼ االقتصادية والتقنيػة ،وحالة الضرورة بالنسبة لممنشأة ال تقتصر عمى ضرورة إنقاذ النفس أو الغير مف خطر محدؽ، وانما تتع دى إلى الضرورة االقتصادية أو التقنية التي تجبر المنشأة عمى مخالفة النصوص البيئية ،فالمنشأة غالبا ما تجد نفسيا مطالبة بالمفاضمة بيف أمريف ،أف تمتزـ باألحكاـ والتنظيمات البيئية وما ترتبو مػ ف أعباء مالية باىضة قد تعرضيػا لمتوقؼ ،واما مخالفة االلتزامات المعاقب عمييا جنائيا وذلؾ لضماف استمرار اإلنتاج والحيمولة دوف توقؼ المنشأة، - 310يحًس حظٍ انكُسر٘ :يزجع طببك ،ؽ. 183 155 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة فيي ترى في مخالفة االلتزامات البيئية حالة مف الضرورة الستمرار المنشأة ،و يترتب عميو المحافظة عمى اليد العاممة والشغؿ كقيمة اجتماعية والمحافظة عمى اإلنتاج والتقدـ كقيمة اقتصادية.311 ولتحق ؽ حالة الضرورة في جرائـ تمويث البيئة التي ترتكبيا المنشأة يجب أف يتحقؽ عنصريف ،المزوـ والتناسب ،فبالنسبة لمزوـ يجب أف يكوف النشاط المجرـ الذي ارتكبتو المنشأة الزما لتفادي المشكمة االقتصادية ،بحيث ال يمكف أو يستحيؿ حؿ المشكؿ دوف ارتكاب النشاط المموث ،فتنتفي حالة الضرورة إذا كاف باإلمكاف تفادي الضرر دوف ارتكاب النشاط المجرـ ،أما بالنسبة لمتناسب فيجب أف تتناسب المزايا المحققة مف التشغيؿ واستمرار المنشأة مع الضرر الذي ينتج عف التموث البيئي ،وذلؾ بأف تكوف الفائدة التي تحققيا استمرار المنشأة أكبر مف الضرر البيئي. 312 إال أف القضاء الفرنسي ال يأخذ بالصعوبات التقنية واالقتصادية التي تتعرض ليا المنشأة كحالة مف حاالت الضرورة التي تبرر النشاط المموث لمبيئية ،بحيث يأخذىا كظرؼ مخفؼ فقط ، 313كذلؾ القضاء البمجيكي لـ يأخذ بحالة الضرورة في التمويث الذي ترتكبو المنشأة ،حيث صدر حكـ في 24ديسمبر 1968قضت فيو محكمة " "Verviersدفع مدير مصنع لألجباف بحالة الضرورة االقتصادية ،حيث اتيـ بتمويث مياه النير عف طريؽ تصريؼ السوائؿ فيو ،وق د جاء في حكـ المحكمة ما يمي " :ال توجد ضرورة بإقامة توسيع منشأة صناعية تمحؽ الضرر باآلخريف ،والضرورة االقتص ادية المشار إلييا ليست أكيدة، وعمى كؿ حاؿ فيي طارئة ،كما لـ يثبت المتيـ بما فيو الكفاية أف التصريؼ المخالؼ لمقانوف ىو الوسيمة الوحيدة لدرء الوسائؿ المموثة ،ألنو في الواقع ىناؾ طرؽ أخرى يمكف - 311عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽٔ ، 447أَظز أٚضب أحًس يحًس لبئس يمبم :يزجع طببك ،ؽ. 376 - 312أحًس يحًس لبئس يمبم :انًزجع انظببك ،ؽٔ ، 376راجع أٚضب عبزل يبْز األنف :ٙان ًزجع ان ظببك ،ؽ.447 - 313يحًس حظٍ انكُسر٘ :يزجع طببك ،ؽ. 187 156 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة القياـ بيا ،كذلؾ لـ ينجح المتيـ في إثبات أف األفعاؿ التي قاـ بيا مف شأنيا إنقاذ مصالح أىـ إذا لـ تتوفر شروط حالة الضرورة". 314 أما في القضاء الجزائري فال نجد تطبيقات قضائية فيما يخص اعتبار حالة الضرورة كمانع مف موانع المسؤولية الجنائية لممنشأة. وينتقد بعض الفقو األخذ بحالة الضرورة كمانع مف موانع المسؤولية الجنائية بالنسبة لممنشأة عمى أساس أف األرباح االقتصادية لممنشأة ال تشكؿ أىمية بالنسبة لمحفاظ عمى البيئة ،باإلضافة إلى أنو كيؼ لممشرع أف يقبؿ بمخالفة القانوف في إطار حالة الضرورة مع وجود نظاـ الترخيص.315 ب -القوة القاىرة: القوة القاىرة ىي قوة طبيعية تستخدـ السموؾ اإلنساني كأداة إلحداث النتيجة ،فيي تسمب الشخص إرادتو بحيث تدفعو إلى ارتكاب فعؿ لـ يكف يريده وال طاقت لو لدفعو. 316 ويشترط العتبػ ار القوة القاىرة مانع مػ ف موانع المسؤولية الجنائية توافػر شروط ،وىي: - 1أف تكوف القوة القاىرة غير متوقعة ،وعادة ما تكوف مفاجأة بحيث ال يمكف لمجاني توقعيا. - 2أف ال يكوف الفاعؿ قاد ار عمى مقاومتيا ،بحيث ال يمكف لمجاني أف يدفع القوة القاىرة إال بارتكاب الفعؿ المجرـ. - 3أف ال يكوف لمجاني دخؿ في وقوع القوة القاىرة ،فالبد أف يكوف وقوعيا بسبب أو قوى خارجية ال يد لمجاني فييا. وبالنسبة لجرائـ تمويث الب يئة تعتبر القوة القاىرة مانعا مف موانع المسؤولية الجنائية، بحيث كثي ار ما يمجأ إلييا الجنات لتبرير أفعاليـ ،فالقوة القاىرة تسمب مف الشخص حرية - 314يحًس حظٍ انكُسر٘ ،انًزجع َفظّ ،ؽ. 188 - 315يحًس حظٍ انكُسر٘ :انًزجع انظببك ،ؽ.189 - 316عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽ.451 157 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة اإلرادة واالختيار ،فإذا ما تعرضت المنشأة والقائموف عمييا إلى إكراه مادي أو معنوي ،فال يسأؿ ال الشخص الطبيعي وال الش خص المعنوي ،وال يمكف لممنشأة أف تدفع بالقوة القاىرة كمانع مف موانع المسؤولية إال إذا وضعت خطة لإلنقاذ والوقاية ضد األخطار التي يمكف أف تسببيا المنشاة أي جميع التدابير القانونية المتطمبة ،وبعدىا تثبت بأف التموث كاف بفعؿ خارج عف إرادتيا وال يمكف رده كالزالزؿ والبراكيف. فقد أوجب المشرع أف يتضمف ممؼ طمب ترخيص المنشأة دراسة الخطر ،بحيث تيدؼ إلى تحديد المخاطر المباشرة وغير المباشرة التي تعرض األشخاص لمخطر مف جراء نشاط المنشأة ،سواء كاف السبب داخميا أو خارجيا أو قوة قاىرة. 317 فيجب أف تسمح دراسة الخطر بضبط الت دابير التقنية لمتقميص مف احتماؿ وقوع الحوادث لتخفيؼ آثارىا ،وكذا تدابير التنظيـ لموقاية مف الحوادث وتسييرىا ،وحتى عند وقوع التموث نتيجة لمحادث التي تتسبب فييا القوة القاىرة ،فقد أوجب المشرع عمى المنشأة اتخاذ تدابير لتفادي أي واقعة أو حادث مماثؿ والتخفيؼ مف آثارىا ،وذلؾ عمى المستوى المتوسط والبعيد.318 ولقد أقرت معظـ التشريعات باعتبار القوة القاىرة مانع مف موانع المسؤولية الجنائية في جرائـ تمويث البيئة ،فإذا كاف التموث واقع بفعؿ الطبيعة في إطار القوة القاىرة ،فال تسأؿ المنشأة لكف بشرط أف تتخذ كؿ االحتياطات الالزمة التي أوجبيا القانوف لمنع التموث.319 ونجد المادة 54مف قانوف حماية البيئة الجزائري تنص عمى ما يمي ":ال تطبؽ أحكاـ المادة 53أعاله في حاالت القوة القاىرة الناجمة عف التقمبات الجوية أو عف كؿ العوامؿ األخرى ،أو عندما تتعرض لمخطر حياة البشر أو أمف السفينة أو الطائرة". - 317انًبزة 12يٍ انًزطٕو انخُفٛذ٘ رلى 198/06انًخعهك بضبظ انخُظٛى انًطبك ع هٗ انًؤطظبث انًـُفت. - 318انًبزة 37يٍ َفض انًزطٕو. - 319فزج ؿبنح انٓزٚغ :يزجع طببك ،ؽ.451 158 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ونجد عدة تطبيقات قضائية لمقوة القاىرة كمانع مف موانع المسؤولية خاصة في القضاء الفرنسي ،ففي فرنسا في قضية كولمار ،برأت محكمة االستئناؼ مصنع لمورؽ مف أفعاؿ تمويث مياه النير وبررت قرارىا بأف المصنع ارتكب النشاط المموث نتيجة لمقوة القاىرة باإلضافة إلى أنو اتخذ جميع االحتياطات المنصوص عمييا قانونا لتفادي التموث. 320 وفي العديد مف حاالت تموث األنيار أخذ القانوف الفرنسي بالقوة القاىرة كمانع مف موانع المسؤولية الجنائية.321 ويرى العديد مف الفقياء أف المحاكـ الفرنسية في تفسيرىا لمقوة القاىرة في حاالت تمويث المياه التي تتسبب فييا المنشأة الصناعية تميز بيف إىماؿ المنشأة في اتخاذ التدابير الالزمة مف صيانة آالت وشبكات الصرؼ ،بحي ث ال قوة قاىرة إذا لـ تتخذ المنشأة ىذه التدابير ،وبيف ما يحدث مف تموث نتيجة القوة القاىرة رغـ بذؿ المنشأة العناية الكبيرة وكؿ اإلجراءات الالزمة لتفادي التموث.322 وبالنسبة لمقضاء الجزائري ال نجد تطبيقات عمى اعتبار القوة القاىرة مانع مف موانع المسؤولية الجنائية لممنشأة في جرائـ تمويث البيئة. ثانياً :الموانع المستحدثة لممسؤولية الجنائية لممنشأة يأخذ الفقو الحديث بأنظمة جديدة يمكف إدراجيا في موانع المسؤولية الجنائية في جرائـ تمويث البيئة ،فيي تعتبر أسباب خاصة أخذت بيا بعض التشريعات ،ومف ىاتو األنظمة نجد نظاـ الترخيص اإلداري والجيؿ بالقانوف. أ- الترخيص اإلداري: - 320يحًس حظٍ انكُسر٘ :يزجع طببك ،ؽ. 192 - 321أحًس يحًس لبئس يمبم :يزجع طببك ،ؽ.375 - 322أحًس يحًس لبئس يمبمَ :فض انًزجع ،ؽ.375 159 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة ىو قرار إداري بسيط ذو كياف مستقؿ ،وىو قرار منشأ آلثار قانونية جديدة في مجاؿ العالقات القانونية ،تبدأ مف يوـ صدوره وتنتيي بتنفيذه. 323 والترخيص ذو طبيعة مؤقتة بحيث ال يرتب أي حؽ مكتسب حيث أف اإلدارة يمكف أف تتدخؿ في كؿ وقت مف أجؿ تنظيمو وذلؾ استنادا إلى سمطاتيا العامة أو تحقيقا ألىداؼ ىذه السمطة التي تتمتع في ذلؾ بام تياز و سيادة تنفي معيا أي طابع تعاقدي. 324 ويستمد الترخيص في جرائـ تمويث البيئة مف القانوف ،حيث ينص القانوف عمى وجوب الحصوؿ عميو قبؿ البدء في استغالؿ المنشأة ،وذلؾ لتتمكف اإلدارة مف فرض ما تراه الزما مف احتياطات وقائية ،وكذا مراقبة نشاط المنشأة ،وفي التشريع الجزائري تنقسـ المنشآت إلى أربع فئات ،تخضع الفئة األولى إلى ترخيص مف وزير البيئة ،أما الثانية فتخضع لترخيص مف الوالي المختص إقميميا ،وفئة ثالثة تخضع لترخيص مف رئيس المجمس الشعبي البمدي المختص إقميميا ،أما الفئة الرابعة فتخضع لنظاـ التصريح لدى المجمس الشعبي البمدي المختص إقميميا. 325 وييدؼ الترخيص إلى تحديد تبعات النشاطات االقتصادية عمى البيئة والتكفؿ بيا، ويعتبر الترخيص مف موانع المسؤولية الجنائية في جرائـ البيئة ،حيث كثي ار ما تستند إليو المنشأة في تبرير النشاطات المموثة التي تقوـ بيا ،وتشترط جؿ التشريع ات الحصوؿ عمى تراخيص إدارية مف الجيات المختصة قبؿ ممارسة أي نشاط قد ينجـ عنو أضرار مموثة لمبيئة ،وتعتبر مزاولة النشاط بدوف رخصة جريمة في ذاتيا يعاقب عمييا ،فنص المشرع الفرنسي عمى ضرورة حصوؿ صاحب المؤسسة عمى تراخيص لمزاولة نشاطو في القانوف - 323عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽٔ ،456اَظز كذنك يحًس حظٍ انكُسر٘ :انًزجع ان ظببك ،ؽ.194 - 324يحًس نً ٕطد :يزجع طببك ،ؽ ٔ ، 262راجع أٚضب يحًس حظٍ انكُسر٘ :انًزجع انظببك ،ؽ.194 - 325انًبزة 03يٍ انًزطٕو انخُفٛذ٘ رلى 198/06انًخعهك ببنخُظٛى انًطبك عهٗ انًؤطظبث انًـُفت. 160 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة رقـ 663لسنة 1976الصادر بشأف تصنيؼ المنشأة ،وبمخالفة ىذا النص يعد صاحب المنشأة مرتكب لجريمة مزاولة نشاط دوف ترخيص.326 أما التشريع الجزائري فقد توسع في األخذ بنظاـ التراخيص وخاصة في جرائـ البيئة البحرية ،ومف النصوص القانونية التي نصت عمى ضرورة الحصوؿ عمى ترخيص نجد المادة 15مف القانوف رقـ 19/01المتعمؽ بتسيير النفايات ومعالجتيا حيث تنص عمى ما يمي " :ال يمكف معالجة النفايات الخاصة إال في المنشآت المرخص ليا مف قبؿ الوزير المكمؼ بالبيئة وذلؾ وفقا لألحكاـ التنظيمية المعموؿ بيا" ،وكذلؾ المادة 05مف القانوف رقـ 09/03المتعمؽ بقمع مخالفة أحكاـ اتفاقية حضر استحداث وانتاج تخزيف واستعماؿ األسمحة ال كيميائية وتدميرىا ،حيث نصت عمى ما يمي" :يمنع إنتاج المواد الكيمائية المنصوص عمييا في الجدوليف 1و 2مف ممحؽ االتفاقية المتعمقة بالمواد الكيميائية دوف ترخيص الدولة" ،كما نصت المادة رقـ 07مف المرسوـ الرئاسي رقـ 119/05المتعمؽ بتسيير النفايات المشعة عمى ما يمي " :يخضع كؿ رمي ميما كاف شكمو لمواد مشعة في البيئة لرخصة مسبقة مف محا فظة الطاقة الذرية" ،كما نص قانوف حماية البيئة رقـ 10/03 في المادة 55عمى ما يمي " :يشترط في عمميات الشحف أو تحميؿ كؿ المواد أو النفايات الموجية لمرمي في البحر الحصوؿ عمى ترخيص يسممو الوزير المكمؼ بالبيئة ،كما نصت المادة 53مف نفس القانوف عمى ما يمي " :يجوز لموزير المكمؼ وبعد تحقيؽ عمومي أف يقترح تنظيمات ويرخص بالصب أو الغمر في البحر ضمف شروط تضمف بموجبيا ىذه العممية انعداـ الخطر أو عدـ اإلضرار" .ففي ىذه الحالة نالحظ أف المشرع اعتبر الترخيص الممنوح مف وزير البيئة مانع مف موانع المسؤولية الجنائية عف جريمة غمر مواد مموثة في البحر ،غير أف ىذا التصريؼ والغمر يجب أف يكػوف بشروط محددة ،فالترخيص في استعماؿ المنشأة ينتج آثاره اإلعفا ئية مف المسؤولية الجنائية مف يوـ صدوره إلى انتياء - 326عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽ.457 161 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة صالحيتو ،حيث الرخص ال تكوف مؤبدة ،بحيث تنقضي إما بصدور نص جديد يمغي التراخيص القديمة أو عف طريؽ سحب اإلدارة لمترخيص.327 وقد استقر القضاء عمى اعتبار الترخيص مانع مف موانع المسؤولية في العديد مف القضايا ،حيث ح ضرت المحكمة الدستورية العميا في مصر إلقاء المخمفات الصمبة والمواد المموثة في مجاري المياه ،واستثنت مف ذلؾ حاالت يقدرىا الوزير المختص وفقا لرخصة تصدر بشروط ،كما قضت محكمة النقض الفرنسية بمسؤولية صاحب منشأة عف جريمة تمويث البيئة ،لقيامو بدفف مخمفات مضرة بالب يئة في مركز مخصص لمتخمص مف النفايات دوف الحصوؿ عمى ذلؾ ،كما قضت باعتبار الترخيص مانع مف موانع المسؤولية في الحكـ الصادر في 1986/02/13في قضية تمويث مياه البحر ، 328ففي الحالة األولى قامت مسؤولية صاحب المنشأة عمى أساس عدـ الحصوؿ عمى ترخيص ،فالترخيص يعد فاصال ب يف المشروعية وعدـ المشروعية ،فإذا وقع الفعؿ استنادا إلى الترخيص اإلداري فإف الترخيص يكوف مشروعا ويخرج عف دائرة التجريـ ،أما إذا وقع الفعؿ دوف ترخيص فيعد الفعؿ غير مشروع وبالتالي تقوـ المسؤولية الجنائية عف فعؿ التمويث. 329 وفي األخير نقوؿ أف الترخيص اإلداري م انع مف موانع المسؤولية اإلدارية لممنشأة إذا ورد نص يستثني الفعؿ بناءا عمى ترخيص ،كما ىو الحاؿ في المادة 53مف قانوف حماية البيئة رقـ .10/03 ب -الغمط في القانوف أو الجيؿ بو مف المعروؼ في القانوف الجنائي كقاعدة عامة عدـ االعتذار بالجيؿ أو الغمط في القانوف وى ي قاعدة دستورية نص عمييا المشرع الجزائري في الماد 60مف الدستور ،كما تنص جؿ التشريعات عمى ىذ ه القاعدة ،فال يجوز االعتذار بالجي ؿ أو الغمط في أحكاـ َٔ - 327بص ٚح :ٗٛيزجع طببك ،ؽ.380 - 328أحًس يحًس لبئس يمبم :يزجع طببك ،ؽ.378 - 329عبزل يبْز األنف :ٙيزجع طببك ،ؽ.461 162 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة قانوف العقوبات ،وىذا ما تقتضيو المصمحة العامة ،والتي تتطمب المساواة بيف العمـ الفعمي بالقانوف والعمـ المفترض ب و ،وذلؾ لغمؽ الباب أماـ كؿ تذرع بالجعؿ بالقانوف لإلفالت مف العقاب ،إال أف كثرت القوانيف والتنظيمات وتشعبيا خمؽ اتجاه تشريعي و قضائي جديد يعترؼ بالغمط أو الجيؿ بالقانوف كمانع لممسؤولية الجنائية ،فالتشريعات والتنظيمات البيئية متشعبة جدا بحيث يصعب اإلحاطة بيا في ظؿ ىذا التضخـ اليائؿ في أحكاـ ىذه التش ريعات والموائح التنفيذية ،ففي ىذه الحالة يمكف قبوؿ الغمط أو الجيؿ بالقانوف وخاصة عندما يكوف ذلؾ غيػ ر راجع لتقصير المتيـ بػ ؿ إلى غمط حتمي تقدر عميو عػدـ تفاديو، ويمكننا إجماؿ األسباب التي تؤدي إلى اعتبار الغمط أو الجيؿ في القانوف كمانع مف المسؤولية الجنائية في جرائـ تمويث البيئة ما يمي: - 1كثرة القوانيف البيئية باإلضافة إلى حركيتيا ،وذلؾ مف خالؿ التعديالت التي ترد عمييا بيف الفينة و األخرى. - 2الطبيعة التنظيمية لجرائـ البيئة ،بحيث أنيا ليست جرائـ تقميدية ييتدي إلييا اإلنساف بضميره كالقتؿ والسرقة ،وانما يكوف تجريميا بتدخؿ المشرع ،وكذلؾ غالبا ما تصػدر التش ريعات البيئيػة عػ ف تفويض تشريعي باألوامر والمراسيػـ ،باإلضافة إلى اإلحالة إلى االتفاقيات الدولية ،مما يؤدي إلى اتساع نطاؽ التشريع البيئي.330 - 3غالبا مػا تتضمف التشريعات البيئية قياسات ومعايير وجداوؿ يصعب اإللماـ بيػا، فيي ذات طبيعية فنية يصعب عمى اإلنساف العادي فيميا واإلحاطة بيا. ويذىب بعض الفقياء إلى قبوؿ الغمط في القانوف كمانع مف موانع المسؤولية الجنائية بشرط أف تقوـ المنشأة المصنفة بجميع التدابير التي يحددىا مدير البيئة أ و لجنة المنشآة المصنفة ،كما يمكف أف يتصور حاؿ الغمط في القانوف في حالة عدـ استكماؿ نشر النصوص التنظيمية الخاصة ببعض األحكاـ القانونية وىذا ما يجعميا غامضة وتحتمؿ عدة - 330يحًس نًٕطد :يزجع طببك ،ؽ.269 163 الفصل الثاني: األحكام الموضوعية للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة تأويالت ،وىو األمر الشائع في المنظومة البيئية الوطنية ،وقد قبؿ القضاء الفرنسي بعدـ مسؤولية الشركة و ذلؾ عند وقوعيا ف ي الغمط بالقانوف ،وذلؾ بعد امتثاليا لمفتش العمؿ،331 كما قد تقع المنشأة في الغمط في المواد أو المعدات أو طرؽ اإلنتاج أو المواد المنتجة مف حيث آثارىا عمى البيئة ،إال أف التشريعات البيئية أصبحت تفرض عمى المنشأة إيداع دراسات وموجز التأث ير عمى البيئة مما يقمؿ مف فرص المنشأة بالتمسؾ بيذا الدفع.332 ونحف بدورنا ال نؤيد اعتبار الجيؿ والغمط بالقانوف كمانع مف موانع المسؤولية الجنائية بالنسبة لممنشأة المصنفة وممثمييا ألف التشريعات البيئية عادة ما تفرض عمى المنشأة وأصحابيا االلتزاـ بوضع خطط وتجييز المنشأة و تدريب العماؿ عمى التعامؿ مع المواد المموثة ،فضال عمى أنيـ المخاطبوف بالقوانيف البيئية ،وفي نفس الوقت يمكف أف نقترح وضع القوانيف البيئية في مداون ة موحدة وذلؾ ليسيؿ االطالع عمييا مما يحؿ مشكمة تشعب القوانيف البيئية واستحالة االطالع عمييا كميا. َٔ - 331بص ٚح :ٗٛيزجع طببك ،ؽ370 - 332المواد 05و 06و 07و 08مف المرسوـ رقـ 145/07الذي يحدد مجاؿ تطبيؽ ومحتوى كيفيات المصادقة عمى الدراسة و موجز التأثير عمى البيئة. 164 خـاتـمـة الخاتمة لقد تناوؿ الباحث في ىذ ه الدراسة موضوع المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جريمة تمويث البيئة ،حيث أف مشكمة تمويث البيئة مف أخطر المشاكؿ التي أصبحت تيدد أمف و سالمة البشرية في وقتنا ىذا ،وذلؾ نتيجة لمتطور اليائؿ الذي وصؿ إليو اإلنساف ،مما انعكس عمى بيئتو ،وبما أف جؿ جرائـ تمويث البيئة تقع مف الشخص المعنوي، لذلؾ ركزنا دراستنا عمى ىذا الجانب ،وفي الحقيقة ىذا الموضوع حديث ،إذ يعتبر مف أىـ المواضيع المتعمقة بحماية البيئة. مف خالؿ كؿ ما ورد في ىذا البحث خمصنا إلى النتائج التالية: صعوبة وضع تعريؼ دقيؽ لمبيئة ،إال أف الشيء المتفؽ عميو ىو تحديد عناصرالبيئة ،حيث تتكوف مف عنصريف ،إحداىما طبيعي واآلخر اصطناعي. في وضع مفيوـ لمتموث يركز الباحثوف عمى التموث الحادث بفعؿ اإلنساف وىو محؿالحماية القانونية ،أما التموث الحاصؿ بفعؿ الطبيعة ال ذي ال دخؿ لإلنساف فيو مستبعد مف الدراسة. جريمة تمويث البيئة مف جرائـ الضرر ،وكذا جرائـ التعريض لمخطر ،حيث أنو أحياناقد يشترط المشرع تحقؽ نتيجة ضػ ارة بعناصر البيئة العتبار الفعؿ المجػرـ ،وأحيانا يجرـ المشرع السموؾ فقط ،ألنو في كثير مف األحياف يصعب تحديد ال ضرر في جرائـ تمويث البيئة ،باإلضافة إلى تحقيؽ أكبر حماية لمبيئة ،ألنو غالبا ما تحدث جرائـ التمويث نتائج يصعب تداركيا. صعوبة تحديد الضرر البيئي ،مما ينتج عنو صعوبة تحديد السبب الذي أدى إلىالنتيجة لذلؾ أخد المشرع بتجريـ النتائج الخطرة. 165 اختالؼ جريمة تمويث ال بيئة عف غيرىا مف الجرائـ مف حيث زماف و مكاف وقوعالجريمة. قصور النصوص القانونية في تحديد الركف المعنوي لمكثير مف جرائـ البيئة مما يطرحالتساؤؿ حوؿ طبيعة الجريمة ما إذا كانت عمديو أو غير عمديو. الشخص المعنوي المخاطب بقوانيف البيئة ىي المنشأة المصنفة. أخذت جؿ التشريعات بمسؤولية األشخاص المعنوية عف جرائـ تمويث البيئة عمىغرار المشرع الجزائري ،إال انو اقتصر عمى مسؤولية األشخاص المعنوية الخاصة دوف العامة كالدولة و الوالية والجماعات المحمية. أخد المشرع بازدواجية المساءلة الجنائية لألشخاص المعنوية و األشخاص الطبيعيةعف جرائـ تمويث البيئة ،فمساء لة الشخص المعنوي جزائيا ال تعفي األشخاص الطبيعييف القائميف عمى اإلدارة مف المسؤولية الجزائية عندما يرتكبوف أفعاال إجرامية باسـ ولحساب الشخص المعنوي ،فيعاقب مسير المنشأة أو المدير بصفتو فاعؿ أصمي أو شريؾ في الجريمة كما يسأؿ مسؤولية مفترضة عف الجرائـ التي ترتكب مف التابع سوى ارتكبت الجريمة عف طريؽ العمد أو اإلىماؿ ألنو يقع عمى عاتؽ المسير التزاـ بمراقبة و اإلشراؼ عمى التابعيف. عدـ اختالؼ شروط المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية في جرائـ البيئة عفغيرىا مف الجرائـ ،فيجب أف ترتك ب الجريمة باسـ و لحساب الشخص المعنوي. تقصير المشرع الجزائري في معالجة مساءلة العامميف في المنشأ ة في حالة ارتكابيـلجريمة بيئية باسـ و لحساب الشخص المعنوي ،باإلضافة إلى عدـ إدراج مساءلة الموظؼ ع ف جرائـ البيئة في النصوص البيئة. حاوؿ المشرع الجزائري سموؾ مسم ؾ وقائي أكثر منو عقابي بالنسبة لممنشأة وذلؾبالنص عمى جممة مف القواعد التي يتعيف احتراميا مسبقا مثؿ دراسة ال خطر. 166 عقوبة الغرامة مف أىـ العقوبات المقررة لممنشأة في جرائـ تمويث البيئة لذلؾ يجب أفتكوف رادعة مف حيث قيمتيا إال أنيا مازلت ال تشكؿ عمؿ ردعي الف المنشأة غالبا ما ترتكب الجريمة تيربا مف االلتزامات البيئية الباىظة. المصادرة مف العقوبات الفعالة التي نص عمييا المشرع الجزائري. جؿ األ حكاـ الواردة في قانوف البيئة تنص عمى عقوبة الغمؽ المؤقت و ال تنص عمىعقوبة الحؿ. تعد التدابير االحت ارزية المقررة في مجاؿ الب يئة عمى أقصى قدر مف األىمية في ردعجريمة تمويث البيئة وذلؾ لدورىا الوقائي مف خطورة ونشاط المنشأة. أخد المشرع الجزائري بتدبير إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو كجزاء جنائي. حاالت اإلعفاء مف المسؤولية المقررة لمشخص المعنوي في جرائـ البيئة ىي ذاتياالمقررة بالنسبة لجرائـ القانوف العاـ مع بعض االختالفات الناتجة عف الطبيعة الخاصة لجريمة تمويث البيئة كاألخذ بترخيص اإلداري كمانع مف المسؤولية إذا كاف ىناؾ نص يستثني الفعؿ بناء عمى ترخيص. ال تتوفر لدى المنشأ ة التي تقوـ بالتنفيذ قدرات كافية لممراقبة و التفتيش إلنفاذ القوانيف. رغـ الترسانة الكبيرة لمقوانيف البيئية إال أنيا ال تشكؿ ردعا حقيقيا لممنشأة عف ارتكابج ريمة تمويث البيئة فالمشكؿ ،يكمف في غياب الوعي البيئي و ضعؼ االستيجاف االجتماعي ألفعاؿ التموث وذلؾ مف خالؿ عدـ فاعمية ومردودية األداء الجمعوي. التوصيات: ضرورة تفعيؿ آليات التوعية اإلعالمية ألخطار التموث عمى البيئة وحياة اإلنساف كميا ،وادخاؿ التوعية البيئية ضمف البرامج التعميمية و التريوية. -تفعيؿ دور اإلدارة في مجاؿ حماية البيئة. 167 توحيد القوانيف البيئة وجعميا في مدونة قانونية واحدة األمر الذي يسيؿ اإلطالع عمييامما يجع منا نتفادى حجة الذيف يحتجوف بكثرة القوانيف البيئة لدفع المسؤولية بالجيؿ في القانوف. إنشاء محكمة مختصة بالنظر في جرائـ البيئة وجعؿ النظر في قضاياىا عمى سبيؿاالستعجاؿ. ضرورة إدراج جرائـ البيئة في قائمة الجرائـ الدولية المعاقب عمييا وفؽ القانوف الدوليالجنا ئي ،وخضوع الدوؿ المتسببة في التموث إلى المسؤولية الجنائية الدولية. إدراج المسؤولية الجنائية ل ألشخاص المعنوية العامة ،و خاصة المحمية في جرائـتمويث البيئة وذلؾ عند قيمييا بأعماؿ يمكف تفويضيا ألشخاص معنوية خاصة مثؿ ما يتعمؽ بتسيير النفايات. ضرورة الن ص عمى مساء لة األشخاص المعنوية عف جرائـ تمويث البيئة إذا ارتكبتمف طرؼ العامميف لحساب الشخص المعنوي ،وال تقتصر عمى المسير فقط. تدارؾ القصور التشريعي و النص عمى عقوبة حؿ المنشاة في القوانيف البيئة ممايشكؿ ردعا عاما لممنشآت. ضرورة تفعيؿ عقوبة نشر الحكـ باإلد انة ،لما ليا مف فعالية وتأثير عمى سمعةالشخص المعنوي ،األمر الذي ي حقؽ ردعا عاما ،الف الشخص المعنوي يخاؼ مف تشويو سمعتو و اإلضرار بمصالحو. ضرورة وضع سياسة عامة و شاممة لمدولة ،عف طريؽ خطط طوارئ و تدابير وقائيةلممكافحة والحد مف خطر التموث البيئي. 168 قائمة المراجع قائمة المصادر والمراجع: - Iالمصادر: أوالً :الكتب السماوية: القرآف الك ريـ ثانيا :النصوص القانونية: أ -الدساتير: دستور 1996الصادر بمرسوـ 438/96بتاريخ 07ديسمبر ،1996الجريدة الرسمية الجزائرية ،العدد ، 76بتاريخ 08ديسمبر .1996 ب- القوانيف: - 1قانوف اإلجراءات الجزائية ،الصادر باألمر 155/66بتاريخ 08جواف ،1966المعدؿ والمتمـ بالقانوف رقـ 02/05بتاريخ 20ديسمبر .2005 - 2قانوف العقوبات الصادر بموجب األمر رقـ 156/66المؤرخ في 08جواف ،1966الجريػ دة الرسمية الجزائرية المؤرخة في 11جواف ،1966المعدؿ والمتمـ. - 3األمر رقـ 37/75المؤرخ في 29أفريؿ ،1975الخاص باألسعار وقمع المخالفات الخاصة بتنظيميا ،الجريدة الرسمية الجزائرية عدد 38لسنة .1975 - 4األمر رقـ 58/75المؤرخ في سبتمبر سنة 1975والمتضمف القانوف المدني ،الجريدة الرسمية العدد 78المؤرخة في 1975/09/30المعدؿ والمتمـ بقانوف رقـ 05/07المؤرخ في 13مايو سنة 2007جريدة رسمية رقـ 31مؤرخة في 13مايو .2007 170 قانوف الغابات رقـ 12/84المؤرخ في 23جواف ، 1984المتضمف النظاـ -5 العاـ لمغابات ،الجريدة الرسمية العدد 26الصادرة في 26جويمية .1984 - 6األمر رقـ 37/75المؤرخ في 29أفريؿ ، 1975الخاص باألسعار وقمع المخالفات الخاصة بتنظيميا ،الجريدة الرسمية الجزائرية عدد 38لسنة .1975 - 7القانوف رقـ 07/88الصادر بتاريخ 26جانفي ،1988المتعمؽ بالوقاية الصحية واألمف وطب العمؿ ،الجريدة الرسمية الج زائرية عدد 04بتاريخ 27 يناير .1988 - 8القانوف رقـ 08/90المؤرخ في 07أفريؿ ،1990المتضمف قانوف البمدية، الجريدة الرسمية الج زائ رية عدد 15الصادرة 11أفريؿ .1990 - 9القانوف رقـ 36/90المؤرخ في 31ديسمبر 1990المتعمؽ بقانوف الضرائب المباشرة ،الجريدة الرسمية الج زائرية عدد 57لسنة .1990 - 10 القانوف رقـ 22/96المؤرخ في 06جويمية 1996الخاص بقمع مخالفات التشريػ ع والتنظيػـ الخاصيف بالصرؼ وحركة رؤوس األمػ واؿ ،الجريدة الرسمية الجزائرية رقـ 43لسنة ، 1996المعدؿ والمتمـ. - 11القانوف رقـ 11/01المتعمؽ بالصيد البحري وتربية المائيات المؤرخ في 03جويمية ، 2001الجريدة الرسمية الجزائرية عدد 36لسنة .2001 - 12القانوف رقـ 19/01المؤرخ في 12ديسمبر 2001المتعمؽ بتسيير النفايات ومراقبتيا وازالتيا ،الجريدة الرسمية الجزائرية رقـ 75الصادرة في 15 ديسمبر .2001 - 13القانوف رقـ 03/03المؤرخ في 17فيفري 2003المتعمؽ بمناطؽ التوسع والمواقع السياحية ،الجريدة الرسمية الجزائرية عدد 11لسنة .2003 171 - 14القانوف 09/03المؤرخ في 20جويمية 2003المتضمف قمع الجرائـ مخالفة أحكاـ اتفاقية حضر استحداث وانتاج وتخزيف واستعماؿ األسمحة الكيميائية وتدميرىا ،الجريدة الرسمية الجزائرية عدد 43الصادر بتاريخ 20 جويمية .2003 - 15القانػوف 10/03المؤرخ في 19جويمية ، 2003المتعمؽ بحماية البيئػة، الجريدة الرسمية الج زائ رية عدد 43الصادرة في 20جويمية .2003 - 16القانوف رقـ 12/05المؤرخ في 04أوت 2005المتضمف قانػوف المياه، الجريدة الرسمية الج زائ رية عدد 60لسنة .2005 ج -المراسيـ: - 1المراسيـ الرئاسية: - المرسوـ الرئاسي رقـ 119/05المؤرخ في 11أفريؿ 2005المتعمؽ بتسيير النفايات المشعة ،الجريدة الرسمية الج زائرية عدد 28بتاريخ 13أفريؿ .2005 - 2المراسيـ التنفيذية: - المرسوـ التنفيذي رقـ 184/93المؤرخ في 27جويمية 1993المنظـ لمضجيػج، الجريدة الرسمية الج زائ رية عدد 50المؤرخة في 28جويمية .1993 - المرسوـ التنفيذي رقـ 198/06المؤرخ في 23ماي 2006المتعمؽ بضبط التنظيـ المطبؽ عمى المؤسسات المصنفة لحماية البيئة ،الجريدة الرسمية الج زائرية عدد 37 المؤرخة في 04جويمية .2006 - المرسوـ التنفيذي رقـ 145/07المؤرخ في 19ماي 2007الذي يحدد مجاؿ تطبيؽ ومحتوى وكيفية المصادقة عمى دراسة وموجز التأثير عمى البيئة ،الجريدة الرسمية الجزائرية عدد 34المؤرخة بتاريخ 22ماي .2007 - IIالمراجع: 172 أ -الكتب بالمغة العربية: - 1الكتب العامة: الترمذي" :سنف الترمذي" ،دار الفكر ،لبناف ،ط.1983 ،2 أبو عبػ د اهلل محمد بف إسماعيؿ الحافظ 194" :ىػ – 259ىػ"" ،صحيح البخاري" ،دارإبف حزـ ،بيروت ،لبناف ،ط.2003 ،1 إبف منظور األنصاري" :لسػاف العػرب" ،المجػمد األوؿ والثانػ ي ،دار الكتػاب ،بيروت،لبناف.2003 ، أحمد شوقي أبو خطوة" :شرح األحكاـ العامة لقانوف العقوبات" ،القسـ العاـ ،دارالنيضة العربية ،القاىرة.2003 ، أحسف بوس قيعة" :الوجيز في شرح القانوف الجنائي العػ اـ" ،دار ىومة ،الجزائر ،ط،4.2007 أحسف محمدي بوادي" :الخطر الجنائي ومواجيتو تأثيما وتجريما" ،دار المطبوعاتالجامعية ،اإلسكندرية.2008 ، رمسيس بيناـ" :النظرية العا مة لمقانوف الجنائي" ،منشػ اة المعارؼ ،اإلسكندرية ،ط،3.1998 محمود نجيب حسني" :شرح قانػوف العقوبات" ،القسـ العػ اـ ،دار النيضة العربيػة،القاىرة ،مصر.1996 ، محمد أبو العال عقيدة" :االتجاىات الحديثة في قانوف العقوبات الفرنسي الجديد" ،دارالنيضة العربية ،القاىرة.2004 ، - 2الكتب الخاصة: أحمد مدحت سالمة" :التموث مشكمة العصر" ،عالـ المعارؼ ،الكويت.1990 ، أحمد محمود سعد" :استقراء لقواعد المسؤولية المدنية في منازعات التموث البيئػي"،دار النيضة العربية ،القاىرة ،مصر ،ط.1994 ،1 173 أحمد النكالوي" :أساليب حماية البيئة العربية مف التموث" ،أكاديمية نايؼ العربيةلمعموـ األمنية ،الرياض ،ط.1999 ،1 أحمد محمد حشيش" :المفيوـ القانوف لمبيئية في ضوء أسممة القانوف المعاصر" ،دارالنيضة العربية ،القاىرة ،مصر.2001 ، أحمد محمد قائد مقبؿ" :المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي" ،دراسة مقارنة ،دارالنيضة العربية ،القاىرة ،مصر ،ط.2005 ،1 أشرؼ ىالؿ" :جرائـ البيئة بيف النظرية والتطبيؽ" ،بدوف دار نشر ،ط.2005 ،1 إبتساـ سعيد الممكاوي" :جريمة تمويث البيئة" ،دراسة مقارنة ،دار الثقافة ،عماف،األردف ،ط.2008 ،1 أحمد محمد الجمؿ" :حماية البيئة مف التموث في ضوء التشريعات الوطنية واالتفاقياتاإلقميمية والمعاىدات الدولية" ،منشأة المعارؼ ،اإلسكندرية ،بدوف تاريخ نشر. جميؿ عبد الباقي الصغير" :الحماية الجنائية ضػد التموث السمعي" ،دراسة مقارنػة،دار النيضة العربية ،القاىرة ،مصر.1998 ، داود عبد الرزاؽ" :األساس الدستوري ل حماية البيئة مف التموث في إطار المفيوـالقانوني لمبيئة والتموث" ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية.2007 ، رائؼ محمد لبيب" :الحماية اإلجرائية لمبيئة مف المراقبة إلى المحاكمة" ،دراسة مقارنة،دار النيضة العربية ،ط.2009 ،1 رفعت رشواف" :اإلرىاب البيئي في قانوف العق وبات" ،دراسػ ة تحميمية نقدية مقارنػة ،دارالجامعة الجديدة ،اإلسكندرية.2009 ، رياض صالح أبو العطاء" :حماية البيئة مف منظور القانوف الدولي" ،دار الجامعةالجديدة ،اإلسكندرية.2009 ، سميـ صمودي" :المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي" ،دراسة مقارنة بيف التشريعالجزائ ري والتشريع الفرنسي ،دار اليدى ،الجزائر.2008 ، 174 شريؼ سيد كامؿ" :المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية" ،دراسة مقارنة ،دارالنيضة العربية ،القاىرة ،مصر ،ط.1997 ،1 عبد الرؤوؼ ميدي :المسؤولية الجنائية عف الجرائـ االقتصادية" ،منشاة المعػارؼ،اإلسكندرية ،مصر.1976 ، عبد الرزاؽ الموافي عبد المطيؼ" :المسؤولية الجنائية لممنشػ أة االقتصادية الخاصة"،دراسة مقارنة ،دار النيؿ لمطباعة ،مصر ،ط.1991 ،1 عارؼ صالح مخمؼ" :اإلدارة البيئة ،الحماية اإلدارية لمبيئة" ،دار اليازوري العممية،عماف ،األردف.2007 ، عمي سعيداف" :حماية البيئة مف البيئة مف التموث بالمواد اإلشعاعية والكيميائية فيالقانوف الجزائري" ،دار الخمدونية ،الجزائر ،ط.2008 ،1 عادؿ ماىر األلفي" :الحماية الجنائية لمبيئة" ،دار الجامعػة الجديدة ،اإلسكندريػة،مصر.2009 ، فرج صالح اليريش" :جرائـ تمويث البيئة" ،دراسة مقارنة ،المؤسسة الفنية لمطباعةوالنشر ،القاىرة ،مصر ،ط.1998 ،1 ماجد راغب الحمػ و" :قانوف حماية البيئػة في ضوء الشريعػة" ،منشػأة المعارؼ،اإلسكندرية ،مصر.2002 ، محمد أحمد المنشاوي" :الحماية الجنائية لمبيئة البحرية" ،دراسة مقارنة ،دار النيضةالعربية ،القاىرة.2005 ، محمد ح سف الكندري" :المسؤولية الجنائية عف التموث البيئي" ،دار النيضة العربيػة،القاىرة ،مصر.2006 ، محمود احمد طو" :الحماية الجنائية لمبيئة مف التموث" ،منشأة المعارؼ ،اإلسكندرية،مصر.2006 ، 175 محمد خالد رستـ " :التنظيـ القانوني لمبيئة في العالػـ " ،منشورات الحمبي لمحقػوؽ،بيروت ،لبناف ،ط.2006 ،1 محمد عبد الرحيـ الناغي" :الحماية الجنائية في مجاالت الطاقة النووية السممية" ،دارالنيضة العربية ،القاىرة ،مصر.2009 ، نور الديف ىنداوي" :الحماية الجنائية لمبيئة اليوائية" ،دار النيضة الع ربية ،القاىرة،مصر.1985 ، يونس إبراىيـ أح مد مزيد" :البيئة والتشريعات البيئية" ،دار الحامد لمنشر والتوزيػع،عماف ،األردف ،ط.2008 ،1 ياسر محمد فاروؽ الميناوي" :المسؤولية المدنية الناشئة عف تموث البيئة" ،دارالجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،مصر.2008 ، األطروحات والرسائؿ العممية: - 1األطروحات: - ميرفت محمد ا لبارودي" :المسؤولية الجنائية لالستخدامات السممية لمطاقة النوويػة"، رسالة دكتوراه ،جامعة القاىرة ،كمية الحقوؽ.1993 ، - محمد لموسخ" :الحماية الجنائية لمبيئة" ،دراسة مقارنة بيف الشريعة اإلسالمية والقانوف الوضعي ،أطروحة دكتوراه في القانوف الجنائػي ،جامعة محمػد خيضػر، بسكرة ،كمية الحقوؽ والعموـ السياسية.2009- 2008 ، - وناس يحيى" :اآلليات القانونية لحماية البيئة في الجزائر" ،أطروحة دكتوراه في القانوف العاـ ،جامعة أبو بكر بالقايد ،تممساف ،جويمية .2007 - 2رسائؿ ماجستير: - بشوش عائشة" :المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية" ،رسالة ماجستير في القانوف الجنائي ،جامعة الجزائر ،كمية الحقوؽ.2002- 2001 ، 176 عادؿ محمد الدميري" :الحماية الجزائية لمبيئة في التشريعات األردنية" ،رسالة - ماجستير في القانوف العاـ ،جامعة الشرؽ األوسط ،قسـ القانوف العاـ ،كميػة الحقوؽ، .2010 - عمي محمد القحطاني" :التم وث الناتج عف محطات الوقود في الدماـ" ،رسالة ماجستير ،جامعة نايؼ لمعموـ األمنية ،كمية الدراسات العميا ،قسػـ العموـ الشرطيػة، الرياض ،بدوف سنة نشر. فريدة تكارلي" :مبدأ الحيطة في القانوف الدولي لمبيئة" ،رسالة ماجستير في القانوف - الدولي ،جامعة الجزائر ،كمية الحقوؽ بف عكنوف ،جانفي .2005 نور الديف حمشة" :الحماية الجنائية لمبيئة" ،دراسة مقارنة بيف الشريعة اإلسالمية و - القانوف الوضعػي ،رسالة ماجستير ،كمية العمػ وـ االجتماعية والعموـ اإلسالميػة ،قسـ الشريعة ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،السنة الجامعية.2006-2005 ، األبحاث والمقاالت: - 1أحمد صادؽ الجياني " :موقؼ القانوف الميبي مف مشكالت البيئة" ،بحث مقدـ لممؤتمر السادس لمجمعية المصرية لمقانوف الجنائي ،المنعقد في 28- 25أكتوبر ، 1993دار النيضة العربية ،القاىرة ،مصر.1993 ، - 2أشرؼ محمد الشيف" :جرائـ البيئة" ،مقاؿ منشور في موقع مركز اإلعالـ األمني ،www.policemc.gov.bh ،في 2111/14/17عمى .21h00 - 3الطيب المومي" :مشكالت المسؤولية الجنائية في مجاؿ اإلضرار بالبيئة بالجميورية التونسية ،بحث مقدـ لممؤتمر السادس لمجمعية المصرية لمقانوف 177 الجنائي ،المنعقد فػي 28-25أكتوبر ، 1993دار النيضة العربيػة ،القاىػرة، مصر.1993 ، - 4عبد المجيد محمود" :المواجية الجنائيػة لتموث البيئة فػي التشريع المصري"، بحث مقدـ ألعماؿ الندوة اإلقميمية حوؿ جرائـ البيئة في الدوؿ العربية المنعقد في بيروت، لبناف، 18-17 مارس ،www.4shard.com ،2009 في .12h42 2111/19/14 - 5مصطفى عبد الحميد عدوة" :أضواء عمى تشريعات البيئة" ،المسؤولية القانونية، بحث مقدـ إلى مؤتمر "نحو دور فاعؿ لقانوف حماية البيئة" في دولة اإلمارات العربية المتحدة ،ماي ،www.4shard.com ،1999في 2111/12/26 .12h40 - 6محمد مزوالػي " :المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عف جرائػـ البيئة"، أعماؿ الممتقى الوطني الثاني لمبيئة وحقوؽ اإلنساف ،في 27- 26جانفي ، 2009المركز الجامعي الوادي ،غير منشور. - 7منصور مجاجي" :المدلوؿ العممي والمفيوـ القانوني لمتموث البيئي" ،مجمة الفكر ،العدد الخامس ،كمية الحقوؽ والعموـ السياسية جامعة محمد خيضر بسكرة. المؤتمرات والندوات: - 1المؤتمر السادس لمجمعية المصرية لمقانوف الجنائي ،المنعقد في 28- 25 أكتوبر .1993 - 2مؤتمر نحو دور فاعؿ لقانوف حماية البيئة في د ولة اإلمارات العربية المتحدة، ماي .1999 - 3مؤتمر إقميمي حوؿ جرائـ البيئة لمدوؿ العربية ،بيروت لبناف 18- 17 ،مارس .2008 178 ، مارس18- 17 في، الندوة اإلقميمية حػوؿ جرائػـ البيئة في الدوؿ العربيػة- 4 .2009 ، لبناف،بيروت ،2009 جانفػي28- 26 في، الممتقى الوطنػ ي الثاني لمبيئػة وحقوؽ اإلنساف- 5 .المركز الجامعي بالوادي : المراجع بالمغات األجنبية- ب : مراجع بالمغة اإلنجميزية- 1 - Longman dictionary of contemporary English, edition 1984. : مراجع بالمغة الفرنسية- 2 - - - - A- Les ouvrages : Dictionnaire de l’environnement : afnor, paris, 2002. Dictionnaire de La petite l’arouse, libraire l’arouse, Paris, édition 1985. Dominique Guihal : driot répressif de l’environnement, préface de Jacque Henri Robert, economica, Paris, edition 2000. Jean Paul Antona, Philippe Colin, François Lenglart : La responsabilité pénale des cadres et des dirigeants dans le monde des affaires, dalloz, Paris, édition 1996. Michel Prieur : droit de l’environnement, dalloz, Paris, 4 eme édition, 2001. B- Les thèses : Amissi Melchialde Manirabona : La responsabilité Pénale des société canadiennes pour les crimes contre l’environnement survenus à l’étranger, thèse présentée à la faculté des études supérieures en vue de l’obtention du garde de doctorat en droit, université de Montréal, faculté de droit, aout 2009. C- Les articles et les documents : Allessandro bernasconi : le droit pénale de l’environnement en Italie, revue pénitentiaire de droit pénale, 2005. 179 - - - - Bernard Bouloc : La responsabilité pénale des entreprises en droit Français, in : revue internationale de droit comparé, vol 46, n°2, Avril-Juin 1994. Brigitte Henri : La responsabilité pénale des personnes morales, 16 juin 2005, www.chear.defense.gov.fr, 10/07/2011 à 13h05. Christian tomuschat : document sur les crimes contre l’environement, ile (XLV III / DC / CRD) projet de code des crimes contre la paix de la sécurité de humanité par III extrait de l’annuaire de CDI 1996, Vol III. Delmas Martym : personnes morales étranger et Française, revue des sociétés 1993. Jean pierre gridel : la personne morale en droit français, revue internationale de droit comparé, vol 42 n°2, avril-juin 1990. Jean françois carlot : la responsabilité des entreprises du fait des risques biologiques www.jurisque.com, 07/02/2011 à 19h08. Sofie geermos :la responsabilité pénale de la personne morale, une étude comparative, in revue internationale de droit comparé, vol 48 n°3, juillet-septembre 1996. Les jugements : Crim 23 juin 1986, jcpg,III n° 20667. Cass crim 15 nsv, 1995, bull letin n° 350. Civ 19,12 1921 s 1914,249 Crim6,7 1934,d,h,1939.446. :تَٛٔ يٕالع إنكخز- ج - www.chear.defense.gove.fr - www.forum.law-dz.com - www.jurisque.com - www.policemc.gov.bh - www.presse.fr - www.4shared.com 180 فهرس المحتويات فـهرس المحتويات: الصفحة العنوان آية قرآنية ـــ دعاء ـــ إىداء ـــ شكر وتقدير ـــ مقولة ـــ المقدمة - 2- 3- 4- 0 9- 8- 2- 2- 2 الفصؿ األوؿ :اإلطار القانوني لجريمة تمويث البيئة 10 المبح ث األوؿ :ماىية جريمة التمويث البيئي 12 المطمب األوؿ :مفيوـ البيئة و التموث و أنواعو 12 الفرع األوؿ :تعريؼ البيئة 12 الفرع الثاني :تعريؼ التموث وأنواعو 21 المطمب الثاني :الطبيعة القانونية لجريمة التمويث البيئي 32 الفرع األوؿ :جريمة تمويث البيئة بيف جرائـ الضرر وجرائـ الخطر 32 الفرع الثاني :جريمة تمويث البيئة جريمة دولية 41 المبحث الثاني :أركاف جريمة تمويث البيئة 45 المطمب األوؿ :الركف المادي لمجريمة 46 الفرع األوؿ :السموؾ اإلجرامي 47 الفرع الثاني :النتيجة اإلجرامية 51 الفرع الثالث :العالقة السببية في جريمة تمويث البيئة 59 المطمب الثاني :الركف المعنوي لمجريمة 61 183 الفرع األوؿ :القصد الجنائي 61 الفرع الثاني :الخطأ غير العمدي 74 الفصؿ الثاني :األحكاـ الموضوعية لممسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف جريمة تمويث البيئة المبح ث األوؿ :اإلطار القانوني لمسؤولية الشخص المعنوي عف جرائـ تمويث البيئة. المطمب األوؿ :نطاؽ المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي الفرع األوؿ :إقرار المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي عف جرائـ البيئة في التش ريعات. 83 85 85 85 الفرع الثاني :تحديد األشخاص المعنوية المسولة جنائيا. 95 المطمب ال ثاني :شروط المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي 108 الفرع األوؿ :ارتكاب إحدى جرائـ البيئة المنصوص عمييا في التشريع البيئي 108 الفرع الثاني :ارتكاب الجريمة مف شخص طبيعي لو حؽ التعبير عف إرادة الشخص المعنوي الفرع الثالث :ارتكاب جريمة لحساب الشخص المعنوي المبحث الثاني :المسؤولية الجنائية لممصنفات المنشأة وممثمييا عف جرائـ 111 121 123 تمويث البيئة المطم ب األوؿ :مسؤولية ممثمي المنشأة عف جرائـ البيئة 124 الفرع األوؿ :مسؤولية مسير المنشأة الخاصة 124 الفرع الثاني :مسؤولية مسيير المنشأة العامة 137 المطمب الثاني :المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة 141 الفرع األوؿ :الجزاءات الجنائية المطبقة عمى الشخص المعنوي 141 184 الفرع الثاني :موانع المسؤولية الجنائية لممنشأة المصنفة 152 الخاتمة 164 قائمة المراجع 169 فيرس المحتويات 182 185